ثمَّ ما لبثت المواقع الإخباريَّة -قطعناه... ما هو إلا قناعٌ للإلحاد. وذكرنا أقوال "علماء" أصنافٌ كثيرةٌ من الناس: هل اعترفوا بسقوط (طرزان)؟ لا! بل قالوا: "السيلكانث" حيَّة؟! لا بدَّ لـ(طرزان) من أن يبقى معلقًا في الهواء لكنَّ الحبال التي يتعلَّق بها تتقطَّع تباعًا وفُنَّدت كلُّ مزاعمهم، لذلك علينا أن نمُدَّ له المزيد من الحبال على مدار السّاعة ليبقى مُعلَّقًا في الهواء وهكذا هي خُرافة (التَّطوُّر الصُّدَفيِّ): حبالٌ قُطِّعت، وأدلَّةٌ أُبطِلت، وتزويراتٌ كُشِفت، لكن بعدما أبقت الخرافةَ مُعَلَّقة وما زال أتباعها يَمُدُّون لها الحبال؛ لئلَّا تسقُط من يَدعَمُ نظريَّة التطوُّر لئلَّا تسقُط؟ وما مصلحته؟ ما قصة قولهم: حتى لو ظهر أنَّ هذا الدَّليل من أدلَّة النَّظريَّة غير صحيحٍ؛ فلا يضرّ؟ فالأدلَّة عليها كثيرةٌ جدًّا، ما المشكلة ما دام العِلْم يَكشف بُطلان الأدلَّة المُزوَّرة ألا يدلُّ هذا على نزاهة العِلْم الغربيِّ الذي ننتقده؟ هذا ما سنتعرَّف عليه في هذه الحلقة، فتابعونا... وُلِدت نظريَّة التطوُّر قبل (160) عامًا. لو نَظَرت إلى أدلَّتها المزعومة، وآليَّاتها المُفترَضة في ذلك الزمان لعَلِمت أنَّ أتباعها الآن مُقرُّون بعدم صحَّة كثيرٍ منها، ومع ذلك فهم يؤكِّدون صحَّة النَّظريَّة. لماذا؟ لأنَّ هناك الكثير من الأدلَّة التي ظهرَت فيما بعد -حسب زعمهم-. فالنظريَّة خرجتْ من عُنق الزُّجاجة في لحظةٍ من اللحظات وأصبحت (بالانجليزية) لا نزاع فيها: غير قابلةٍ للمساءلة والشكِّ فأعطى أتباعُها بعد ذلك الحقَّ لأنفسهم أن يَلبَسوا نظَّاراتٍ (داروينيَّة) ينظرون بها إلى كلِّ شيءٍ في الدُّنيا. فإذا تبيَّن بُطلان دليلٍ ممَّا تمسَّكوا به لسنوات، فإنَّهم يردِّدون عبارتهم المعروفة: حتى ولَوْ، لا يضرُّ، فالأدلّة على نظريَّة التطوُّر كثيرةٌ جدًّا تعالوا نستعرض شريط الزمن، سيكون هناك تكرارٌ في بعض العناوين -إخواني- لكن، سنأتي تحت هذه العناوين بمعلوماتٍ جديدةٍ تخدُم موضوع حلقتنا. في حياة (داروين)، مُدَّت لخرافته مجموعة حِبَال قالوا: وجدنا أحفورةً لسمكة السيلكانث (Coelacanth) واضح أنها كائنٌ تطوَّر قبل (400) مليون سنة وانقرضت قبل (66) مليون سنة فهي الحلقة الانتقاليَّة بين الأسماك والبرمائيَّات وواضحٌ أنَّها كانت تعيش قُرب سطح البحر وكان لها رئتان. أترى؟ ها هما تانِ الرئتان أتعرف لماذا لها رئتان؟ حتى يؤهِّلاها للتحوُّل إلى البرمائيَّات التي ستكوّن جنس كائنات اليابسة كلها بعد ذلك وزعانفها الممتلئة هي بدايات أقدام ثمَّ إذا بـ (السيلكانث) تُكتَشف حيَّةً عام (1938)، وبكثرة! فليست منقرضة من ملايين السنين، ولا شيء. وفي أعماق المحيطات؛ ليس قرب سطح البحر! ولديها كيسان هوائيَّان لا رئتان! وظهر بُطْلان هذه الحلقة الانتقاليَّة المزعومة تمامًا حتَّى نشرت (نيتشر) هذا المقال والذي جاء فيه: نصف قرنٍ من الأبحاث يبيِّن أنَّها -أي "السيلكانث"- ليست الحلقة المفقودة المأمولة، بين الأسماك وفقاريَّات اليابسة انقطع إذن حبل الكائن الانتقاليِّ بين الأسماك والبرمائيَّات كما انقطع حبل الانتقاليِّ بين الزواحف والطيور إذن، فهذا دليلٌ على أنَّها توقَّفت عن التطوُّر منذ ملايين السنين، نسيها الزمن، وبهذا فـ (السيلكانث) أحفورةٌ حيَّة أي دليلٌ حيٌّ بين أظهُرنا على التطوُّر وعلى صحَّة نظريَّتنا. "سمكة (السيلكانث) هذه هذه السمكة أحفورة حيَّة توصف هكذا: بأنَّها أحفورةٌ حيَّةٌ، مستحاثَّةٌ حيَّة، تعيش من مئات ملايين السنين كما هي، هذه السمكة كانت فتحًا كبيرًا في عالم العِلْم، وفي عالم نظريَّة التطوُّر فإذا كانت (السيلكانث) منقرضةً فهي دليلٌ على التطوُّر وإذا لم تكن منقرضة، فهي أيضًا دليلٌ على التطوُّر! وإذا كانت تعيش قرب سطح البحر، فهذا دليلٌ على التطوُّر! وإذا ظهر العكس؛ بأنَّها في الأعماق فهذا أيضًا دليلٌ على التطوُّر! وإذا كان لديها رئتان، فهذا يدلُّ على التطوُّر! وإذا لم تكونا رئتين، فهو أيضًا دليلٌ على التطوُّر! نعم، من حقّنا أن نفسِّر الأمور بهذا الشكل؛ فالأدلَّة على التطوُّر، كثيرة جدًّا! قبل الإقرار بأن (السيلكانث) ليست انتقالية، كان حبلٌ آخر قد مُدَّ لـ (طرزان) رسومات هيكل "Haeckel" للأجنَّة، والتي تُظهِر وجود تشابهٍ كبيرٍ بين أجنَّة الكائنات المختلفة، ففرح بها (داروين) كثيرًا مُدَّ هذا الحبل لـ (طرزان) التطور عام 1868 أجنّة الكائنات متشابهة في المراحل المبكرة، وهذا يعني أنَّها من أصلٍ مشتَرك! منطق أعوج، حتَّى لو صحَّت دعوى التَّشابه، ومع ذلك لم تصحَّ الدعوى؛ فمع كثرة الاتهامات من علماء الأجنَّة (لهيكل) بتزوير رسوماته، اضطُرَّ عام 1909 للاعتراف في مقالٍ نشرته مجلَّة: مونشن ألجتمايني تزايتونغ "München Allgemeine Zeitung" بأنَّ نسبة (6-8%) من الرسومات مزوَّرة! وحاول (هيكل) تبرير هذا التَّزوير! أرتنا المَجَاهِرُ يا (هيكل) شيئًا مختلفًا عن (6-8%) كما تلاحظون... بالمناسبة، ما أدراني أنَّ (هيكل) اعترف بالفعل؟ هل أقلّد في ذلك أحدًا، كما يحلو لمن أفلسوا تماما من الحجج وفشلوا في الرد على ما نطرحه فأصبحوا يردِّدون: أنت تكرِّر كلام (الخلقيِّين النَّصارى) لا يا أعزَّائي... ابحثوا لكم عن لغوٍ آخر تغالبون به طرْحنا؛ فإنِّي -والحمد لله- أحرِص على التوثُّق لأبعد حدّ، ولا أقلِّد كببَّغاوات الخرافة. أكثر من (500) بحثٍ ومذكِّرة حتَّى إنِّي طلبت من إخوةٍ في ألمانيا أن يأتوا بمقال (هيكل) الأصليِّ بالألمانيَّة، ففعلوا مشكورين، وذهبوا إلى مكتبة "ميونيخ" ثمَّ حصّلوا الرابط الإلكترونيِّ للمقال وترجموه لي، وسنضع لكم الرّوابط في التَّعليقات للتأكُّد نَعود؛ اعترف (هيكل) اعترافًا مراوغًا، - المهمُّ اعترف! لماذا أنت مستاء؟ ها هو ذا العِلْم يُصحِّح نفسه، وينفي خَبَثه، ويكشف الحقائق، فأين المشكلة؟ لا أبدًا، لا مشكلة إلَّا أنَّ الكتب "العِلميَّة" في المدارس والجامعات بقيَتْ تستدلُّ برسومات (هيكل) المزوَّرة هذه (100) عامٍ. (100) عام! (100) عامٍ بعد الاعتراف المراوغ، والأبحاث تنشر ما يكذب رسومات (هيكل) تماما. كما في هذه الورقة العلمية والمعنونة بعنوان: "ليس هناك مراحلُ جنينيَّةٌ محفوظة". أي متشابهة "تطوُّريًّا" بشكلٍ كبيرٍ بين الفقاريَّات. والتي استعرضَت الكثير من الأبحاث المبذولة في المجال بالتَّفصيل ووصلَت إلى الاستنتاج التالي: "بحثُنا يطعن بشكلٍ جادٍّ في مصداقيَّة رسومات هيكل". والكتب العِلميَّة في سباتٍ عميقٍ، وتبقى تنشر الرُّسومات المزوَّرة بعدها وهذه قائمةٌ بـ (13) كتابًا مختلفًا منها، ظلت تنشرُها إلى عهدٍ قريب. في السنوات الأخيرة فقط، بدأت هذه الرسوم تختفي من الكتب؛ ليضعوا مكانها حبلًا جديدًا لـ(طرازان) يسدّون به فراغ الأدلَّة الجنينيَّة على التطوُّر؛ فقالوا: هناك تشابهٌ بين أقواسٍ موجودة في جنين السمك وجنين الإنسان؛ ممَّا يدلُّ على أصلهما المشتَرَك فقط للعلم -إخواني، هذه الأقواس هي التي تتحوَّل في السمك بعد ذلك إلى الخياشيم، التي تَلزَمها للتنفُّس تحت الماء، بينما تتحوُّل في الإنسان إلى تراكيبَ في الأذن، تَلزَم للسمع، وإلى الغدَّة جارة الدَّرقيَّة التي تنظِّم (كالسيوم) الدَّم تراكيبُ لا علاقة لبعضها ببعض لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، في الوظيفة بين السمك والإنسان. ومع ذلك، فتشابهها الخارجيُّ دليلٌ -عندهم- على الأصل المشترَك نعم، فلا بدَّ من سدِّ فراغ الأدلَّة الجنينيَّة على التطور ولا أن يُترك فارغًا. والله أعلم كم سينامون على هذه النُّكتة، قبل أن يزيلوها هي الأخرى من الكتب. -لم أنت مستاء؟ أين المشكلة؟ -أبدًا، لا مشكلة... إلا أنَّك عندما تواجه أتباع الخرافة بهذه الحقيقة عن رسومات (هِيكل) فإنهم يردُّون بمثل ما ردت به المديرة التنفيذية للمعهد القوميِّ لتعليم العلوم في حينه: الدكتورة يوجيني سكوت "Eugenie Scot" حيث قالت: من الواضح أن هيكل قد يكون زور الرسومات بعض الشيء لتبدو أقرب إلى فكرته الآن، هل يصرفنا هذا عما نعرفه من علاق علم الأجنة بالتطور؟ ولا بأدنى حد إذن تقول: هل يصرفنا هذا عمَّا نعرفه من علاقة عِلْم الأجنَّة بالتطوُّر؟ -ولا بأدنى حدٍّ. -لماذا؟ لأن المفاهيم الأساسية لرسومات هيكل مدعومة بالأبحاث المعاصرة وما قبلها إذن تقول لك: لأنَّ المفاهيم الأساسيَّة لرسومات (هيكل) مدعومة بالأبحاث المعاصرة وما قبلها. أي أنه حتَّى لو لم يصحّ هذا الدليل، فالأدلَّة على التطوُّر كثيرةٌ جدًّا. التطوُّر حقيقة؛ غير قابل للشك؛ الأدلَّة كثيرةٌ، واضح ولذلك تتمسَّكون بما أبطَلَه العِلْم لنُصرة خرافتكم هذه المدَّة كلَّها مات (داروين) وهو مطمئنٌّ إلى أنَّ لـ (طرزانه) حبالًا ثم جاء بعده عالم التشريح الألمانيُّ أيضًا: روبرت وايدرزهايم "Robert Wiedersheim" ليمدَّ حبلًا آخر فنشر عام (1893) قائمةً بـ (86) عضوًا ضامرًا لا فائدة منها في رأيه. وطبعًا، تهاوت هذه القائمة تِباعًا كما بينَّا سابقًا -طيِّب، لماذا أنت مستاء؟ وأين المشكلة؟ العِلْم أبطل قائمة (وايدرزهايم) -أبدًا، لا مشكلة... إلَّا أنَّه في هذه السَّنوات الطَّويلة قبل إبطال قائمة (وايدرزهايم)، ورسومات (هيكل)، وانتقاليّة (الأركيوبتريكس) وكلُّها في ألمانيا كما تلاحظون كان هؤلاء "العلماء" يدورون بأدلَّتهم هذه في (ألمانيا) يروِّجون بها خرافة (داروين)؛ حتَّى ابتلعها كثيرٌ من الألمان ممَّا هيَّأ الأرضيَّة لـ (هتلر) أن يبُثَّ من خلال كتابه: ماين كامف "Mein Kampf"(كفاحي) فكرة: (تفوُّق العرق الآريِّ). فخاض حروبًا راح ضحيَّتها الملايين وأطلق حمَلات اليوجينيكس "Eugenics": (تحسين التَّكوين الجينيِّ)، التي قَتل فيها كثيرين؛ مأساةٌ تلخِّصها عَيْنَا هذا الضحية المسكين الأقلَّ تطوُّرًا في نظر مخابيل التَّطوُّر وقد بيَّن بروفيسور التَّاريخ في جامعة ولاية كاليفورنيا "California state university" ريتشارد ويكارت "Richard Weikart" بالأدلَّة في كتابه: (دين هتلر) تشجيع النازيَّة ودعْمها خرافة التَّطوُّر في المدارس والجامعات نعم،... يَقطع العِلْم حبال (طرزان) المُصطنَعَ منها كأجنَّة (هيكل)، أو المبنيَّ على جهلٍ كقائمة (وايدرزهايم) لكن، بعد كم مِن تسخير هذه الحبال لخدمة الخرافة ودمار الإنسانيَّة؟! جمجمة إنسان بلداون "Piltdown Man" حبلٌ مُدَّ إلى (طرزان) الخرافة عام (1912)، وانقطع عام (1953) بعدما تبيَّن للمجتمع العلمي أنّها مُزوَّرة طيِّب، في هذه الأعوام الـ (41) قبل كشف تزويرها كم بحثًا ومذكِّرةً نُشرت عن جمجمة (بلداون) هذه حسب موقع نيتشر "Nature"؟ اادخل على هذا الرابط، وتأمَّل عناوين الأبحاث: "تحليل فكِّ جمجمة بلداون"، "تحليل الضرس الأوَّل والثاني السفليَّين لجمجمة بلداون"، والواحد فيهم يكتب البحث ويحيل عليه (105) من الأبحاث الأخرى، لعبةٌ يا جماعة... لعبة أطفال بمعنى الكلمة! أكثر من (500) بحثٍ ومذكِّرةٍ على جمجمةٍ مزوَّرة. ولا بدَّ من أن نبقى نذكِّر -إخواني- بأنَّ فكرة الحفريَّات الانتقاليَّة -من أساسها- فكرةٌ هزلية للغاية كما بينَّا بالتَّفصيل في حلقَتَي: (خاطبهم كأطفال)، و(من سرق المليون) حين بينَّا أنَّه: مع التَّساهل الشَّديد فإنَّ الخرافة تتطلَّب توفُّر عددٍ لا حصر له من الكائنات الانتقاليَّة فوق الأرض وتحت الأرض. فكيف عندما تعلم أن فكرة الكائنات الانتقاليَّة: تتعامل مع الكائنات بطريقةٍ فوتوشوبيَّةٍ (منسوبة إلى photoshop) معجونيَّةٍ مضحكة، تتجاهل التَّشفير الوراثيَّ والفروقات في الأجهزة الداخليَّة وتراكيب الخلايا والأهمُّ من ذلك أنَّها تتجاهل إنكارهم القصديَّةَ في الانتقال من كائنٍ إلى كائن. أي أنه ليس هناك من يقصد تحويل كائنٍ لآخر؛ كما تُوهِم خطوطهم التدرُّجيَّة بل يسير الكائن "خبط عشواء" في كلِّ اتجاه، فلك أن تتصوَّر بعد ذلك كم هو هزلي أن يمسكوا جمجمة كـ (بلداون)، أو حفريَّات كـ (الأركيوبتريكس) فيَفْلُوها تَفْلِيَة وكأنَّها تدلُّ على صحَّة خرافتهم أثناء حبل (بلداون)، كان حبل شبه إنسان (نبراسكا) قد مُدّ للخرافة عام (1922) بناءً على ضرس، إلى أن تبيَّن أنَّه ضرس خنزير عام (1927)، فانقطع الحبل لكن بعد ماذا؟ بعدما ساعد هذا الضِّرس على بدء تدريس خرافة (داروين) في مدارس العديد من الولايات الأمريكيَّة. هل عندما كُشِفت مهزلة أنّه سنُّ خنزير سُحِبت الخرافة من الكتب؟ لا طبعًا... - لماذا؟ لأنَّه حتَّى وإن سقط هذا الدَّليل، فهناك أدلَّة كثيرة جدًّا، تعالوا نر أحدها... بعد انقطاع حبلَيْ (بلداون) و (نبراسكا) وجدوا فكًّا، فافترضوا أنَّه لحلقة انتقاليَّة بين الإنسان وأسلافٍ حيوانيَّة، وسمَّوه رامابيثيكس "Ramapithecus"، ورسموا على أساس هذا الفكِّ صورةً كاملة، وبقي (طرزان) متعلِّقًا بهذا الحبل حتَّى بدايات الثَّمانينات، بعدما كثُرت الأبحاث النَّافية لعلاقة هذا الكائن بالإنسان، فما عادوا يذكرونه... لكن عام (1974) أي قبل انقطاع حبل (الرامابيثيكس)، كانوا قد مَدُّوا حبل حفريَّة لوسي "Lucy"، والتي ادَّعوا أنَّها لشبه إنسان، وأعطوها اسمًا عِلْميًّا رنَّانًا أوسترالوبيثيكاس أفارانسيس "Australopithecus afarensis" أوسترالوبيثيكاس أفارانسيس وبعد أكثر من (30) عامًا بدأ هذا الحبل يتقطَّع بمثل هذا البحث الذي قام به دكاترةٌ من أتباع الخرافة والذين قالوا إنَّ بحثهم يثير شكوكًا حول دور (لوسي) سلفًا للإنسان وهذا المقال المميَّز لإخواننا في (الباحثون المسلمون) بعنوان: (جوجل وحفريَّة لوسي) يبيِّن لك بالتَّفصيل مدى التزوير والمخادعة في الاستدلال بهذه الحفريَّة بعد مدِّ حبل (لوسي) بعام، أي عام (1975) بدأ البروفسور في علم أصل الإنسان الألمانيّ راينر فون زايتن "Reiner von Zieten" يمدُّ حبالًا لـ (طرزان) عبر (30) عامًا وذلك بكثيرٍ من الجماجم التي ادَّعى أنها تعود إلى مراحل انتقاليَّة بين الإنسان وأسلافٍ حيوانية. وامتلأت الكتب بنتاجه قبل أن يُكْشَف؛ إذ أصدرت لجنة من جامعة (فرانكفورت) قرارًا يُدينه بالتَّزوير في هذه الأدلة المزعومة عبر (30) عامًا، وانتشر خبر (راينر) في المواقع العالميَّة، ولم يكن (راينر) قد نسي أن يستفيد لنفسه من خدمة الخرافة؛ إذ اتَّفق مع من يشتري منه جماجم شمبانزياتِ "أدلَّةِ التَّطوُّر المزعوم"، وكأنَّه يقول للناس: تعالوا اشتروا جماجم آبائكم الأوَّلين! تمامًا كما كان رجال الكنيسة يستفيدون من إيمان الناس بخرافة، (صكوك الغفران). أثناء تدلِّي حبال (راينر) مُدَّ حبل طائر الآركيورابتور "Archaeoraptor" لـ (طرزان) عام (1999)، ووضعته ناشيونال جيوغرافيك "National Geographic" صورةَ غلاف وبيعت الحفريَّة بـ (80) ألف دولار ثمَّ انقطع الحبل عام (2001)، ونشرت نيتشر "Nature" أنَّها حفريَّة مزيَّفة! بعد انقطاع حبال (رينر) و(لوسي)، تعلَّق (طرزان) بحبل إيدا "Ida"، التي اشتراها الدكتور النرويجيُّ جورن هوروم "Jorn Hurum" بمليون دولار، وروَّج إعلاميًّا أنَّها من أسلاف الإنسان الأولى، عاشت قبل (47) مليون سنة، وأُعطِيت اسمًا عِلميًّا رنَّانًا: داروينيوس ماسيلاي "Darwinius masillae" تخليدًا لذكرى (داروين)، حتى قالت عنها وسائل إعلامٍ: إنَّها عجيبة الدنيا الثامنة وتحمَّست جوجل "Google" وغيَّرت اللوجو الخاصَّ بها لـ (إيدا) وأصدرت الـبي بي سي "BBC" البريطانيَّة و هيستوري تشانل"History Chennel" الأمريكيَّة أفلامًا وثائقيَّةً عنها بعنوان: الحلقة "The link". ثمَّ إذا بمجلَّة (نيتشر) تنشر مقالًا ينفي صلة هذه الحفريَّة بالإنسان، وتقول أنَّها أقرب لأن تكون سلفًا لحيوان (اللَّيمور) أي أنه -يا إخواننا- العَظْمة التي قد يأتي لك بها طفلك فتقول له: اذهب يا بُنيّ، ارمها واغسل يديك جيّدًا. هي نفسها التي يعمل عليها أتباع (طرزان)؛ طنّةً ورنَّةً واكتشافات ووثائقيَّات. أن اتهمت الدكتور (هوروم) بأنَّه تعمَّد بَهْرَجَة حفريَّته ليَستردَّ المال الذي دفعه عليها شبه إنسان أورس "Orce man" حبلٌ مُدَّ لـ(طرزان) عام (1984)؛ بناءً على جزءٍ من جمجمة وانقطع الحبل عام (1997) بعدما تبيَّن أنَّها جمجمةُ حمارٍ صغير! موقع توك أوريجينز "Talk Origins" وتعليقًا على كوميديا (إنسان أورس) قال: مهما يكن وضع الأحافير؛ فإنَّه لا يؤثِّر على صحَّة باقي أدلَّة تطوُّر الإنسان أي أن الأدلَّة كثيرة جدًّا... كالعادة! قبل انقطاع حبل (شبه إنسان أورس) كان حبل العظام الخلفيَّة للحوت قد مُدَّ لـ(طرزان) عام (1989)، إلى أن انقطع عام (2014) وقد بينَّا تفاصيل هذه الفضيحة في حلقة: (صحَّ النُّوم) لا تقلقوا، حبلٌ آخرُ مُدَّ في العام نفسه الدُّكتور كارل جيبرسون "Karl Giberson" نائب رئيس بيولوجوس فاوندايشن "Biologos Foundation" سابقًا يعرض في محاضرةٍ له صورة طفلٍ بِذَيْل: (إنجليزية): لكنَّ بعض الأطفال يملكون ذلك يصل بعض الأطفال إلى عالم الأمومة وهم يملكون ذيولًا لدينا جينات لبناء الذيول إذن (جيبرسون) يعتبر هذه الصورة دليلًا على تطوُّر الإنسان من أصولٍ حيوانيَّةٍ، ويقول أنَّنا معاشر البشر لدينا جيناتٌ للذَّيل، لكنَّها لا تعمل إلا في البعض. لكن، وُوجه (جيبرسون) بأنَّ هذه صورة مزوَّرة! فوتوشوب "Photoshop" أصلها من موقعٍ فكاهيٍّ اسمه: كراكد دوت كوم "cracked.com" وبأنَّ ما يعتبره جينًا للذَّيل لا يعمل إلا في البعض، مخلَّفات أصولٍ حيوانيَّة... هو في حقيقته جينٌ منظِّمٌ لنموِّ الخلايا، يحتاجه كلُّ إنسان. أليس عيبا يا (جيبريسون)؟! أقصد... صور فوتوشوب، وكذب في الحقائق، وخلط لكلّ شيء، أليس عيبا عليك؟! بماذا ردَّ دكتور "جيبريسون"؟ ردَّ بأنَّه خُدع بهذه الصورة، لكنَّ المبدأ الذي فيها مُثْبَتٌ بصورٍ أخرى صحيحة أي حتَّى إن لم يصحَّ هذا، فالأدلَّة كثيرة جدًّا. أين هي هذه الأدلَّة الأخرى؟ تذهبُ إليها فإذا هي سراب، سراب... الحَمض النووي "DNA" كثيرٌ منه "junk" خردة لا فائدة منه، حبلٌ غبيٌّ آخر مُدَّ وانقطع بعد نشْر مشروع المادة الوراثية "Genome Project" عام (2012)، وما عادوا يذكرونه. - حسنًا، لم أنت مستاء؟! صُحِّح الخطأ أها... صُحِّح الخطأ بعد ماذا؟ بعدما استدلَّ كينيث ميلر "Kenneth Miller" أستاذ البيولوجيا بجامعة براون "Brown University" بدعوى الـ (DNA) -الخردة هذه- في أوَّل يومٍ من محاكمة دوفر "Dover" أتذكرون إخواني؟ أتذكرون ما ذكرناه في الحلقة الماضية، عن المحْكمة التي أُقيمت ضدَّ المَدْرسة التي أرادتْ تدريس الطلَّاب: أن الحياة قد تكون جاءت بالتَّصميم (فعل فاعل)، وليس بالصُّدف العشوائيِّة؟ وكيف أُدِين مجلس الأهالي الذي فعل ذلك، وحُكِم ضدَّهم، وكانوا عِبرةً لمن يفكِّر في الخروج على آلهة التطوُّر! ذكر (ميلر) أثناءها في شهادته للتطوُّر وضدَّ التصميم أن أجزاءً من الـ (DNA): "Broken" تالفة، وفيها أخطاء، و"non-functional" بلا وظيفة و"just a mess" محض فوضى أبطل (مشروع المادة الوراثية) هذه المزاعم بعد تسع سنوات من صدور القرار ضدَّ المَدْرسة. هل سُمح بعدها للمَدْرسة بتدريس أنَّ هناك تصميمًا في الكون من جديد وأنَّ التطوُّر مشكوكٌ في أمره على الأقلِّ؟ لا طبعًا... لماذا؟ لأنَّه حتَّى وإن سَقطت دعوى الـ (DNA) الخردة؛ فالأدلَّة على التطّور كثيرةٌ جدًا. أين هي هذه الأدلَّة؟ نأتيها فإذا هي سرابٌ في سراب، يكشفها العِلْم، لكن بعد ماذا؟ بعد أن تعيش عليها الخرافة عشرات السنوات، وتُكرَّس في عقول ضحايا جديدةٍ من الأجيال، وتؤدِّي دورها وتنتهي صلاحيَتُها. قد تقول لي: يا أخي هناك علومٌ كان بها أخطاءٌ وصُحِّحت واستفاد الناس منها فأقول لك: علوم نافعة، تقوم على ما لا يعارض العقل والفطرة والحسَّ. أمَّا خرافة التطوُّر فقد بينَّا لك في حلقات سابقة أنَّها وُلِدت مناقضةً لهذا كله، وبقيت عديمة الفائدة تمامًا ضع نفسك -أخي- مكان الشابِّ الذي كان يعيش قبل (100) عامٍ أو أكثر أو أقلَّ، كان يُقال له مثل ما يُقال لك الآن أيضًا: الأدلَّة على التطوُّر كثيرةٌ جدًّا. انظر فيها الآن! حبالٌ تقطَّعت، حتَّى باعتراف أتباع (طرزان) أنفُسِهم. قد تقول لي: حسنًا، لماذا تتكلَّم عن هذه الأدلة التي تركها أتباع النظريِّة أنفسُهم؟ تكلَّم عن الأدلَّة التي ما زالوا يستشهدون بها. أنا هنا أثبت لك مبدأ (الطَّرزانيَّة)، الذي يستخدمه أتباع الخرافة. كلَّما انقطع حبلٌ، مدُّوا حبلًا... وإلَّا فقد تناولنا الحبال التي يتعلَّق بها (طرزان) الخرافة حاليًّا، وقطَّعناها لك في الحلقات السابقة. قد لا تجدها في كتبهم بعد (10) أعوام، أو (20) عامًا بالفعل. لكن بعد أن تكون حبالٌ جديدة قد مُدَّت لـ(طرزان)، وهكذا... نعم، قطَّعنا لك في الحلقات الماضية الحبال، ومن أبحاثٍ كثيرٌ منها لأتباع (طرزان) أنفسهم. -حبل (أخطاء التَّصميم في شبكيَّة العين). -قطعناه... -(الزّائدة الدوديَّة). -(الطُّيور التي لها أجنحةٌ بلا فائدة). قطعناه... -(العظام الخلفيَّة في الأفعى). -قطعناه... -حبل (إنسان نياندرتال "Neanderthal"). -قطعناه... -(التَّشابه في الكائنات). قطعناه... -(٪99 تشابه بين جينوم الإنسان والشمبانزي). - قطعناه... -(٪99 من العلماء يؤمنون بالتطوُّر). - قطعناه... -النظرية مفيدة، لا غنى عنها، وعالجت الناس، وجائزة نوبل للكيمياء: -قطعناه... -حبل مقاومة البكتيريا للمضادَّات. -قطعناه... -(تجربة لينسكي "Lenski" والبكتيريا الهاضمة للسيترات). - قطعناه، وقطعنا غيرها... وإخواننا في (الباحثون المسلمون) قطعوا مئات الحبال الأخرى في مئات المقالات المدعومة بالأدلَّة العلميَّة الحديثة. بعد ذلك: ﴿هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [القرآن 6:148] أين دليلكم الصَّلب الذي لا يُفَشُّ عند تعريضه لإبرة العقل الصحيح والبحث العِلميِّ المحترَم؟ أين دليلكم المُحكَم المتماسك؟ هل هو في الإبهار الفارغ؟! أم في خَلْط الحقائق بالخرافة؟! أم في الاستدلال بالجهل؟! أم في التسميات الفارغة؟! أم في مخاطبة الناس كأطفال؟! أم في الأخذ بالشُّبَه والاشتباه؟! أم في (الخُنفشاريَّة) والإحالة على مجهول؟! أم في قائمة المغالطات المنطقية والحيل النفسيَّة الـ(14) التي تكلّمنا عنها حتى الآن؟! وها نحن اليوم نضيف الحيلة الـ (15): (الطَّرزانيَّة)... ﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [القرآن 6:148] نريد عِلمًا حقيقيًّا، لا (بالإنجليزية):علما زائفا "Pseudo-Science"، ولا (فوتوشوب) ولا أفلامكم الهوليووديَّة التي تخدعون بها السُّذَّج من النَّاس بدأنا سلسلة الحلقات بـ: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين﴾ [القرآن 1:111] وقاربنا ختامها بـ: ﴿هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [القرآن 6:148] هذا هو المنهج القرآنيُّ: منهج العِلْم والبرهان، لا الخيالات والخرافات. فديننا -بحمد الله- قائمٌ على مُحْكَمَات وأدلَّة صلبة متماسكة مستقلَّة. على ضوئها نفسِّر المتشابهات فتنسجم المنظومة أين نجد في دينكم (الدارويني) مُحكمةً واحدة؟ أو دليلًا صلبًا مستقلًّا واحدًا؟ ألستم يا أتباع الخرافة، تتَّبِعون متشابهات ديننا ابتغاء الفتنة لتُضلُّوا النَّاس عنه؟ ألستم تحجبونهم عن المُحْكَمات؟ فماذا لديكم لتقدِّموه للنَّاس؟ إلَّا المتشابهات والأوهام والخرافات... ﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [القرآن 6:148] لعلماء الحديث مقولةٌ جميلة: أنَّه إذا كان الحديث الواحد في كلِّ طُرُقه وضَّاعون وكذَّابون ومتَّهمون بالفسق، فإنَّ كثرة طُرُق هذا الحديث لا تزيده إلا ضعفًا و رَدًّا، ولا يَجْبُر أحدها الآخر. واحدٌ يضع الحديث، الآخر يسرقه منه، الثالث تعجبه الكذبة، ويرى فيها تميُّزًا، فيخرج به على الناس... وهكذا (طرزان) الخرافة، عندما تجد أتباعه يمدُّون له الحبال الواهية، فإنَّك تعلم أنَّهم ما فعلوا ذلك إلا لفقدهم الأدلَّة المستقيمة المُحْكَمة المتماسكة، فلجؤوا إلى الإغراق في الأكاذيب، كما لجأ أسلافهم إذ قالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [القرآن 41:26] تذكَّروا -إخواني- أنَّنا قطعنا هذه الحبال كلَّها، لكن ليس ذلك فقط، بل بيَّنَّا أنَّ ما ليس مزوَّرًا منها هو في الحقيقة دليلٌ على عظمة الخَلْق، وعلى تجلِّيات القدرة والحكمة والإتقان، كما في حلقة: (تجربة البكتيريا الهاضمة للسيترات)، و(أجنحة البطريق)، و(تصميم العين)، و(تنويع الكائنات مع تشابه المادة الوراثية) وغيرها الكثير... نحن في حلقاتنا هذه -إخواني- تزوَّدنا بالمفاتيح التي تُقَطِّع حبال مبادئ هذه الأدلَّة المزعومة من أساسها أي أن كلُّ فكرة (أعضاء بلا فائدة)، بينَّا لك بطلانها، وكيف تردُّ عليهم فيها بأنَّهم يمارسون مغالطة الاستدلال بالجهل، وبأنَّ عبء الدليل يقع عليهم هُم. كلُّ فكرة (الاستدلال بالحفريَّات) بينَّا لك هزليتها، وكيف تردُّ عليهم بإلزامهم بتَبِعات نظريَّتهم، كما في حلقة: (من سرق المليون؟). كلُّ مبدأ: (قدرة الطفرات العشوائيَّة على عمل شيء) بينَّا هزليته حين عرَّفناك بمعناه في حلقة: (خاطبهم كأطفال). مبدأ (الشَّبه)، مبدأ (الإحالة على مجهول)، وغيرها... وغيرها... قطعنا هذه المبادئ من أصولها حتى إذا سمعت عن أيِّ حبلٍ جديد فإنَّك تضعه في الخانة المناسبة -ممَّا سبق من مبادئ التَّضليل- فلا تكلِّف نفسك أن تُعَدِّل جلستك، ولا تقوم من مكانك. بل تقطِّع حبالهم وتُفُشُّ بلالينهم التي يحجِبون بها نور الشمس، وتفعل ذلك بأسلوبٍ عِلميّ، وأنت مُسترخٍ في مكانك. فإذا جاءك من يخادعونك فقل لهم: ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّـهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ [التوبة:94] فقد رأينا ضلالكم فيما مضى، ورأينا كيف حذَّر القرآن من عامَّة مغالطاتكم المنطقيَّة. قال رسول الله ﷺ: «تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ كالحَصِير: عُودًا عُودًا فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها؛ نُكِتَ فيه نُكتةٌ سَوداء، وأيُّ قلبٍ أنْكَرَها نُكِتَ فيه نُكتةٌ بيضاء، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ: علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا، فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْض والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ» (صحيح مسلم) فأسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكم بِيض القلوب؛ أتباع عِلْمٍ وهدى، لا خرافاتٍ وهوى؛ فلا تضرُّنا فتنةٌ ولا شبهة ولا عِلْمٌ زائف ما دامت السماوات والأرض. بل ويُتوقَّع منك -أخي- بعد هذه الحلقات أن لا تكتفي بموقف الرادِّ على ما يورِدُونه من نفاخات وحِبال، بل تنبَّه الناس إلى هؤلاء البائعين الغشَّاشين، الذين يبيعون الناس معلَّبات العِلْم الزائف الفاسدة. إذن -إخواني- فخلاصة ما ذكرناه من مشاكل (طرزانيَّة) الخرافة هي: أنَّه حتَّى بعد انقطاع الحبل بالأبحاث العِلميَّة، فإنَّ الكتب الدِّراسيَّة والإعلام المُسَيَّس تبقى تتعلَّق بالحبل زمنًا طويلًا وأنَّ أتباع (طرزان) لا يُقِرُّون بسقوطه بعد ظهور انقطاع حباله تِباعًا بل يكرِّرون العبارة الببغاويَّة: حتَّى ولو... فالأدلَّة كثيرة جدًّا والصحيح أنَّها أكاذيب كثيرة جدًّا ما زالت تُختلق، وأنَّ الحبل ينقطع بعد توظيفه مرحليًّا، في تلويث عقول الأجيال وعقائدها وأخلاقها، والإجرام في حقِّ البشريَّة. (مؤثرات صوتية) يبقى سؤال: من يمدُّ هذه الحبال لـ(طرزان)؟ ولماذا؟ دعوى أنَّ (99٪) من العلماء يؤمنون بخرافة التطوُّر هذه الدَّعوى رددنا عليها بالتَّفصيل في الحلقة الماضية. لكنْ سؤالنا اليوم: من يدعمها حقيقةً؟ من يمدُّ الحبال لـ(طرزان) كي لا يسقط؟ أوَّلا: من تتوقَّف حياتهم المهنيَّة عليها؛ فطرزانيَّة الخرافة أنتجت كثيرًا من الأكاديميِّين المعتمدين عليها؛ الذين تتوقَّف ألقابهم العِلميَّة، شهاداتهم الأكاديميَّة، حياتهم المهنيَّة، ورواتبهم، مناصبهم، على بقاء (طرزان) معلَّقًا في الهواء! تصوَّر أن تقول لمتخصِّص في (بالانجليزية) "عِلْم الأحياء التَّطوري": أثبتنا أنَّ الاسم الحقيقيَّ لتخصُّصك هو: (دكتورٌ في عِلْم الأحياء الخرافيِّ) ماذا ستكون ردَّة فعله؟ ثانيًا: كلُّ عاجز عن أن يُنتِج عِلْمًا نافعًا، لكن عنده خيالٌ في الرسم ليُخرِج شبه إنسان من فكٍّ، أو ضرس، أو قحف جمجمةٍ، أو ضلع، سيمدُّ لـ(طرزان) حبلًا. كلُّ عاجز عن أن ينتج عِلْمًا نافعًا، لكن يستطيع بخياله الهزلي الواسع أن يرسم لك سيناريو كيف نشأت الحواسّ أو الميول النفسيَّة، بالطفرات العشوائيَّة والانتخاب الأعمى، سيَمدُّ لـ(طرازان) حبلًا... وستجد آلاف الأبحاث من هذا النوع، لا تساوي الورق الذي كُتبت عليه. ثالثًا: كلِّ مصمِّمي ومنتجي ومخرجي الصور الفوتوشوبيَّة والأفلام الهوليووديَّة المكرِّسة للخرافة في العقول، سيمدُّون لـ(طرزان) حبلًا. رابعًا: كلُّ انتهازيٍّ سمع بانتشار الخرافات بأرض قومٍ، فأتى يلمُّ العظام ويُلْصِقها بعضها ببعض، ويبيعها لهم، كما فعل البروفيسور (رينر) وغيره من بائعي العظام، سيمدُّ لـ(طرازان) حبلًا. فالمسألة أصبحت تجارة؛ كما رأينا مع (هوروم) ومع (الآركيورابتور) وغيرهما. خامسًا: كلُّ مشعبذ من كهنة العِلْم الزائف، تُطبَع الآلاف أو الملايين من النُّسخ من كتبه التي تقول: الإله وَهْمٌ، الكون أوجد نفسه من لا شيء ويزوِّر العِلْم في سبيل ذلك مُستغلًّا جهل الناس فيبيعهم كذبه وتخاريفه، ويكسِب الأموال والشهرة، سيمُدُّ لـ(طرازان) حبلًا. نعم، لقد أنتجت طرزانيَّة الخرافة عبر (160) عامًا مجموعة من الناس المنتفعين المتعلِّقين بها، كما هي متعلِّقةٌ بهم. جنودٌ متفانون في خدمتها، سيمدُّون لها حبالا ولن يسمحوا لها بالسقوط؛ لأنَّ سقوطها سقوطٌ لهم؛ فكثيرٌ منهم لا يحسنون إلَّا خدمة وثن الخرافة، ولا يأكلون الخبز إلا من خدمته. العلاقة بين هؤلاء و(طرزان)، علاقة حبلٍ متدلٍّ على طرفيِّ نقطة ارتكاز؛ فـ(طرزان) الخرافة معتمدٌ عليهم، وهم معتمدون عليه وسقوط أحدهما يعني سقوط الآخر. بالنسبة لبعض هؤلاء إسقاط (طرزان) يعني في ذهنه المبيت في الشارع ورفع لافتات : "homeless" طيِّب، تعالوا نقنعه أنَّ هذا أشرف له من تزييف العِلْم ومن تضليل الناس، تعالوا نقنعه بأن يتوكلَّ على الله، وبإيثار الحقِّ على الخَلْق، والتزام الأمانة العِلميَّة أنسيتم؟ هذه المعاني -إخواني- لا تعني شيئًا (للتطوريِّ)؛ لأنَّها مشاعرٌ صُدَفيَّةٌ، جاءت بها الطَّفرات العشوائيَّة؛ لهذا الحثالة الكيميائيَّة المسمَّى بالإنسان. ومن المضحك أن ترى شبابًا يشمئزُّون من تُجَّار الدين -وهم موجودون بالفعل- ثمَّ يثقون في تجَّار الخرافة وكأنَّهم سيتحلَّوْن بالأمانة العِلميَّة، ويعرضون لك الحقائق لوجه الله تعالى. بالنسبة للمعتمدين على الخرافة في حياتهم فإنَّهم يقعون في حالةٍ نفسيَّة لا تسمح لعقولهم أن تخرج عن مساراتٍ محدَّدة؛ فالتَّفكير في بُطلان نظريَّة التَّطوُّر -مجرَّد التفكير بذلك- ممنوع! الصُّور المظلمة لمستقبلهم دون (طرزان) تقف في طريق تحرير عقولهم من الخرافة هي عبوديَّةٌ، مثل باقي العبوديَّات الجاهليَّة. من جاء قبلهم صنع لهم وثن الخرافة، ساروا على الطريق فوجدوا أنفسهم معتمدين على هذا الوثن في معيشتهم، ولا يستطيعون، أو لا يريدون، أن يتخلَّصوا من هذه العبوديَّة. لقد أصبح هؤلاء سَدَنَةً جُددًا لِوَثن الخرافة؛ لا بدَّ للوَثن من أن يبقى، وأن تُضفى عليه الإنجازات وخوارق العادات مع أنه من الذين: ﴿لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [القرآن 22:73] لكن لا بدَّ من أن يبقى، ليبقى الناس يُلْقُون في صحنه الأموال التي يلتقطها السَّدَنة. العالَم بعد صدمة نيكسون "Nixon shock" حين فكَّ الارتباط بين الذَّهب والدولار أصبح بنفس الشكل؛ حبالهم ممدودةٌ لأمريكا لأنَّ سقوطها يعني سقوطهم اقتصاديًّا، وسقوطُهم يعني سقوطها. فكلٌّ يُدلِي الحبل للآخر حاشية الرُّؤساء الفاسدين يتَفانَون في الدِّفاع عن فخامة الرئيس؛ لأنَّ وجودَه مسألةٌ مصيريَّةٌ لهم؛ فسقوطه يعني سقوطهم، كما أنَّ سقوطهم يعني سقوطه، فيمدُّ كلٌّ منهم حبلًا للآخر. هكذا الجاهليَّات القديمة والحديثة عمومًا. وهذا يُفرِّقها من الإيمان بالله، حيث الحبل ممدودٌ من الله للنَّاس، وهو غير محتاجٍ إليهم ولا معتمدٍ عليهم؛ بل الخَلْق كلُّهم محتاجون إلى حبله سبحانه، فاقرأ وأنت تتأمَّل هذا المعنى، قول الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [القرآن 3:103] هل يعني هذا أنَّه لا يدعم خرافةَ التطوُّر إلَّا المنتفعون والعاجزون؟ لا...؛ بل هناك أصنافٌ أخرى من مُدلِي الحبال. سادسًا: كلُّ من لديه مشكلةٌ مع الكنيسة، ولا يريد أن يبحث عن دينٍ آخر صحيح؛ فالقسمة عنده ثنائيَّة: إمَّا الكنيسة وإمَّا التَّطوُّر كذلك كلُّ من لديه مشكلةٌ نفسية مع الإيمان، أو يريد أن يتَّخذ إلهه هواه ويريد في الوقت ذاته أن يبدو منسجمًا مع نفسه منطلقًا من أسسٍ علميَّة، لا شهوانيَّة بهيميَّة سيمدُّ لـ(طرزان) حبلًا. بينَّا بالتفصيل -إخواني- في حلقة: (عَبَدَةُ الميكروبات) أن كلمة: "Evolution" (بالإنجليزية): التَّطوُّر أصبحت تساوي بالضبط عبارة: لا خَلْق عن قصدٍ وإرادة وأنَّها أُفرِغت من محتواها تمامًا، ومن العشوائيَّة والعَمَايَة، واختلف أتباعها فيها غاية الاختلاف، لكنَّهم يتَّفقون على شيءٍ واحد: (إنكار الخَلْق) ثمَّ بيَّنَّا في حَلَقَتَيْ: (إله فجوات الملحدين) و(المخطوف) أنَّ فيروس المادِّيَّة -الذي هو أساس خرافة التَّطوُّر الصُّدفيِّ- أكَّدوا أنَّه مهما بدت تفاسيرهم سخيفةً ومضادَّةً للعقل والمنطق فلا بدَّ من قبولها حتَّى لا يتدخَّل الدين من جديد؛ فـ "نظريَّة التَّطوُّر" هي دينٌ إلحاديٌّ، دينٌ بمعنى الكلمة، وأتباعه يدافعون عنه، ويمدُّون له الحبال، كما يدافع المرء عن دينه. انضمَّ إلى هذا كلّه دعم الدولة لـ(طرزان)؛ إذ مُنحت منظَّمة دراسة المناهج العِلميَّة البيولوجيَّة "BSCS" في أمريكا -مثلًا- منحةً ماليّة استخدمتها بدءًا من عام (1963) في ملء الكتب الدراسيَّة بمفاهيم خرافة التطوُّر، وتضاعفت المساحات المخصَّصة لها من الكتب أكثر من عشرة أضعاف؛ بدعوى توافقِ ذلك مع دستور الدولة العلماني، وحسبان الخَلْق دينًا، والتطوُّر عِلْمًا هذا على الرغم من نشاط حركة: "Teach the Controversy" ( تعليم الجدل) التي طالبت بأن يُطْلَع الطلَّاب في المناهج على الطعون على نظريَّة التطوُّر؛ ليفكروا بأنفسهم، ويخرجوا بقناعاتهم الخاصة؛ توافقًا مع حريَّة البحث العِلميِّ، التي يكفلها الدُّستور الأمريكيُّ أيضًا. وجاءت استفتاءاتٌ شعبيَّةٌ بتأييد هذه المطالبة بنسبةٍ كاسحة، ومع ذلك ما زالت الغلَبَة لأتباع (طرزان)! وأصبحت هناك منظَّمات مثل منظَّمة (ملحدي أمريكا ) "American Atheists" التي أسَّستها الإباحيَّة (مادلين أوهاير) "Madalyn O'Hair" عام (1963) أيضًا. تطارِد قضائيًّا كلَّ من يثور على آلهة التطوُّر من الأكاديميِّين، وكذلك (الأكاديميَّة الأمريكيَّة القوميَّة للعلوم) ذات الأغلبيَّة الملحدة، والتي رأينا نماذج من تزويرها للحقائق؛ خدمةً للخرافة. مؤسَّسات بأكملها تدعم الخرافة! لكن... لحظة! هل هذا كلُّه يفسِّر انتشار الخرافة بهذا الشكل؟ جوابي عن سؤالك هو: هل يُعقَل للفايروس -الذي لا يُرى إلا بالمجاهر الإلكترونيَّة- أن ينتشر في جسد إنسان، ويقضي عليه؟ والجواب: نعم؛ إذا كان الإنسان ضعيف المناعة. وهكذا فيروس الخرافة... انتشر في جسد الغرب الذي كان منهَكًا بخرافات الكنيسة، نافرًا منها، مرهَقًا من تسلُّطها فبنى (طرزان) الخرافة مجده الموهوم على فشل خصمه، على مقولة: "إنَّ البُغاث بأرضنا يسْتَنسِر" تمامًا كما تَستمدُّ الأنظمة الفاسدة الحياة من تخويف شعوبها من خصومٍ توهم الناس أنَّهم شرٌّ منها. وهذا كان واضحًا جدًّا في حلقة: (إله فجوات الملحدين). بعد هذا كلِّه -إخواني- بقي أن نجيب عن السؤال الذي ألحَّ به كثيرون منذ بدء سلسلة الحلقات هذه، وأخَّرت الإجابة عنه عمدًا، ما هو السؤال؟ لماذا تفترض تَعارُض نظريَّة التَّطوُّر مع الإسلام؟ لماذا لا نصالح بينها وبين ديننا، كما صالح بعض الغربيِّين بينها وبين دينهم؟ هذا ما سنجيب عنه جوابًا شافيًا كافيًا -بإذن الله- في الحلقة القادمة، فتابعونا... والسلام عليكم