مِنْ خِلالِ اتِّباعِ مَنْهَجيَّةٍ مُنْتَظَمَةٍ مُسْتَنِدَةٍ إلى الدَّليلِ. السَّلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللَّهِ لا يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ المُشاهَداتِ قابِلَةٌ في ذَاتِهَا لِهَذا الِاسْتِخْدامِ، وَلا أَنَّهَا مُحايِدَةٌ، هل العِلْمُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنفِي وُجودَ اللَّهِ؟ [-لا تستطيع أن تقول إن هناك (بالإنجليزية) إلهًا -أصلًا - (بالإنجليزية) علميًّا رصديًّا من ناحية العلوم التي بنيناها نحن البشر طوال الـ ٤٠٠ أو الـ ٥٠٠ سنة الماضية أو حتى ما قبلها، والتي تقوم على التجارب، وتقوم على الحاجات التي سبق وأن رأيناها. بناء على هذا، لا نقدر أن نثبت وجود الله.] [والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، العلم الذي يعني العلم التجريبي (بالإنجليزية) العلم الرصدي التجريبي المجرّد لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ.] تَعالوا نَتَناوَلْ المَوْضوعَ بِدِقَّةٍ... السَّيَنْسْ "science" هُوَ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ الرَّصْدُ يَشْتَمِلُ عَلَى دِراسَةِ الظَّواهِرِ، رَصْدِ آلِيَّاتِها، سَبْرِ عالَمِ الخَليَّةِ وَعالَمِ الذَّرَّةِ إلى الكَواكِبِ وَالمَجَرّاتِ، وَاستِكشافِ القَوانينِ. وَالتَّجْرِيبُ يَشْتَمِلُ عَلَى صِياغَةِ الفَرَضِيَّاتِ، وَإِجْراءِ التَّجارِبِ وِفْقَ مَنْهَجيّاتٍ عِلْميَّةٍ. لِذَلِكَ عِندَما نَقولُ: (سَيَنْسْ) في هذه الحلقةِ، فَنَحنُ نَعنِي النَّوعَينِ: التَّجْريبيَّ وَالرَّصْدِيَّ، مَعَ التَّرْكيزِ عَلَى الرَصْدي الَّذِي هُوَ أَصْلُ التَّجْرِيبِ. فَأَنْتَ تَرْصُدُ الظَّواهِرَ وَالعَلاقاتِ، فَتَصوغُ عَلَى أَسَاسِهَا الفَرَضِيَّاتِ، وَتُجَرِّبُ لِتَتَحَقَّقَ مِنْهَا. إذن، هَلْ العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ بِهذا التَّعْريفِ يُثْبِتُ أَوْ يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ؟ بِدايَةً، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ تَجْريبيًّا؟ الجَوابُ لا، لَكِنَّ التَّجْرِيبَ لَيسَ كُلَّ شَيءٍ في السَّيَنْسْ. فَالسَّيَنْسْ يَشْمَلُ رَصْدَ الظَّواهِرِ وَالمُشاهِداتِ وَاشْتِقاقَ القَوانينِ كَمَا ذَكَرْنَا. إذن، هَلْ يُمْكِنُ إِثْباتُ وُجودِ اللَّهِ رَصْدِيًّا؟ أَمَّا رَصْدُ ذاتِهِ سُبْحَانَهُ فَلا. حسنًا، في المُحَصِّلَةِ إِذَنْ، هَلْ يَعْنِي هذا أَنَّ العِلْمَ الرَصْدِيَّ التَّجْريبيَّ لا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ؟ الجَوابُ: بَلْ يَدُلُّ عَلَيهِ قَطْعًا، بِلا شَكٍّ وَلا رَيْبٍ، لا عَلَى ذاتِهِ فَحَسْبُ، بَلْ وَعَلَى صِفاتِهِ كَذَلِكَ. كَيْفَ؟! نَقولُ -يَا كِرام!-: أَثبَتْنَا في الحَلَقاتِ السّابِقَةِ أَنَّ السَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) يَقومُ عَلَى مَنْظومَةٍ مِنْ أَرْبَعَةِ مَصادِرَ تُوَلِّدُ السَّيَنْسْ بِمَجْمُوعِهَا وَتَفاعُلِها فِيمَا بَينَها. فَالسَّيَنْسْ لَيسَ مَحْصُورًا في المُدْخَلَاتِ الحِسِّيَّةِ، الإِنسانُ لَيسَ مُجَرَّدَ كَامِيرَا تَلتَقِطُ صورَةً فَيُصْبِحُ اسْمُ الصّورَةِ سَيَنْسْ، أَوْ يُسَجِّلُ صَوْتًا فَيُصْبِحُ هذا التَّسْجيلُ سَيَنْسْ، الحِسُّ وَحْدَهُ -يَا كِرام- لا يَعْمَلُ شَيْئًا؛ فَاسْتِخْدامُ العَقْلِ وَالمُسَلَّماتِ وَأَخْبارِ البَاحِثِينَ الَّتِي دَلَّتْ الأَدِلَّةُ عَلَى صِدقِها جُزءٌ لا يَتجزَّأُ مِن تَعْريفِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ كَمَا بَيَّنَا بِالتَّفصِيلِ. والمَجلِسُ العِلْميُّ البَريطانيُّ حِينَ عَرَّفَ السَّيَنْسْ، بِمَا قَالَ إِنَّهُ أَوَّلُ تَعريفٍ رَسميٍّ، عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ: مُتابَعَةُ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ لِلْعَالَمِ الطَّبيعيِّ وَالاجتِماعيِّ، مَعْرِفَةٌ، فَهْمٌ، مَنْهَجيَّةٌ، دَليلٌ، هَذِهِ كُلُّها مُصْطَلَحاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى اسْتِخْدامِ العَقْلِ، فَالسَّيَنْسْ (العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ) يَعْتَمِدُ عَلَى العَقْلِ، وَاسْمَحوا لِي هُنَا أَنْ أُعيدَ بِناءَ الرَّسْمِ، بِمَا يُبْرِزُ دَوْرَ العَقْلِ وَيُبَيِّنُ عَلاقَتَهُ بِمَصادِرِ العِلْمِ الأُخْرَى مِنْ جِهَةٍ وَبِالسَّيَنْسْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. العَقْلُ يَنْطَلِقُ مِنْ مُسَلَّماتٍ (ضَروراتٍ عَقْليَّةٍ كالسَبَبيَّةِ)، وَمِن القَناعَةِ بِوُجُودِ انْتِظامٍ في الكَوْنِ، فَيَبْني عَلَى الأَخْبارِ العِلْميَّةِ لِلْبَاحِثِينَ، وَيُحَلِّلُ مُدْخَلاتِ الحِسِّ وَيَرْبِطُ فِيمَا بَيْنَها، وَيوَظِّفُ هذا كُلَّهُ لِإِنْتَاجِ السَّيَنْسْ. فَالْعَقْلُ لَهُ دَوْرٌ مَرْكَزيٌّ في هَذِهِ المَنْظومَةِ، وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكالِ العِلْمِ المُعْتَمِدَةِ عَلَى العَقْلِ. العِلْمُ لَيْسَ سَيَنْسْ فَقَطْ، هُنَاكَ أُمورٌ أُخْرَى يَتَّفِقُ العُقَلاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ العِلْمِ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ داخِلَةً في تَعْريفِ السَّيَنْسْ. بَلْ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ كَثيرٌ مِنَ العُلُومِ التَّجْريبيَّةِ الرَصْدِيَّةِ. مِثْلَ: عِلْمِ الرِّيَاضِيَّاتِ، فَالرياضيّاتُ عِلْمٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى العَقْلِ، وَلَيْسَ تَجْريبيًّا وَلا رَصْدِيًّا، أَخْبارُ التّاريخِ المُتَضافِرَةُ مِنَ العِلْمِ كَوُجودِ حَضارَةِ الفَراعِنَةِ وَالفُرْسِ وَالرّومِ الَّذِينَ دَلَّتْ عَلَيْهِمْ آثارُهُمْ، وَتَضافُرُ أَخْبارِهِمْ وَمَلاحِمِهِم، وَاتِّفاقُ الكُتُبِ عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنْ سيَرِهِمْ فَضْلًا عَنْ وُجودِهِمْ. فَالقَوْلُ بِوُجُودِ هَذِهِ الحَضَارَاتِ في المَاضِي عِلْمٌ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ في تَعْريفِ السَّيَنْسْ، بَلْ وَفي حَياتِكَ اليَوْميَّةِ تَعْلَمُ عِلْمًا يَقينيًّا بِوُجُودِ أَشْياءَ لَمْ تَرْصُدْها وَلَمْ تُجَرِّبْها، لَكِنْ تَضَافَرَتْ أَخْبارُ الآخَرِينَ عَنْهَا بِمَا لا يَدَعُ مَجَالًا لِلشَّكِّ في التَّزْويرِ أَوْ الخَطَأِ فِيهَا. فَالعِلْمُ دائِرَةٌ أَوْسَعُ، وَالسَّيَنْسْ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الأَشْكَالِ مِنَ العِلْمِ مَبْنيَّةٌ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، فَالرياضيّاتُ عَقْليَّةٌ، وَقَبولُ الأَخْبارِ بِناءً عَلَى التَّحَقُّقِ مِنْ أَدِلَّتِها عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ، وَالسَّيَنْسْ مَبْنيٌّ عَلَى عَمَليّاتٍ عَقْليَّةٍ، وَمَا خارِجَ دائِرَةِ العِلْمِ فَالجَهْلُ، وَالوَهْمُ، وَالظَّنُّ، وَالمَعْلومَةُ الخاطِئَةُ. حسنًا، هذا العَقْلُ الَّذِي هُوَ أَساسُ العِلْمِ، إِذَا أَعْمَلْناهُ في مُشاهَداتِ السَّيَنْسْ، إلى مَاذَا سَيُؤَدِّي؟ تَعالوا أُذَكِّرْكُمْ -يَا كِرام- بِمُشاهَداتٍ فَصَّلْنَا فِيهَا في الحَلَقاتِ الماضيَةِ، وَأَنَا هُنَا لَسْتُ بِصَدَدِ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ هَذِهِ المُشاهَداتِ، فَقَدْ فَصَّلْنَا فِيهَا في حَلَقاتٍ كامِلَةٍ، وَإِنَّمَا نَشَدُّ خُيوطَها لنَسْتَدْعِيَها مِنْ ذاكِرَتِكُمْ، وَنَسْتَدْعِيَ مَعَهَا مَا بَسَطْناهُ مِنْ جَمالٍ وَرَوْعَةٍ وَإِحْكامٍ وَنُجيبَ السُّؤالَ الَّذِي كُنَّا نُثيرُهُ في كُلِّ مَرَّةٍ هَلْ هَذِهِ المُشاهَداتُ دالَّةٌ عَلَى العَبَثيَّةِ وَالعَدَميَّةِ وَالعَشْوائيَّةِ وَالعَمايَةِ وَالصُّدَفيَةِ؟ أَمْ عَلَى إِرادَةٍ وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَتَقْديرٍ؟ طُولُ المادَّةِ الوِراثيَّةِ، الَّتِي إِذَا مُدَّتْ مِن جِسمِ إِنسانٍ واحِدٍ يَصِلُ إلى مِلْياراتِ الكِيلُومِتْرَاتِ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ نَشِطَةٌ تَتَعَرَّضُ لِلنَّسْخِ عَلَى مَدارِ السّاعَةِ. التَّشْفيرُ الوِراثيُّ، حَيْثُ تَحْتَوِي نَواةُ كُلِّ خَليَّةٍ عَلَى كَمٍّ هائِلٍ مِنَ المَعْلوماتيَّةِ الَّتِي تَتَحَوَّلُ إلى بُروتيناتٍ؛ يَعْنِي مادَّةٌ مَحْسوسَةٌ. تَصْنيعُ مِلْياراتِ أَشْكالِ البُروتيناتِ المُخْتَلِفَةِ في الإِنْسانِ، مِنْ ٢٠ إلى ٢٥ أَلف جِينٍ فَقَطْ بِفَضْلِ عَمَليّاتٍ كالقَطْعِ التَبادُليِّ وَتَعْديلاتِ مَا بَعْدَ التَّرْجَمَةِ. وُجودُ مِلْياراتِ الأَشْكَالِ مِنَ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ، كُلُّ كائِنٍ مِنْهَا مُحْكَمٌ مُتَناسِقٌ وَيَعْتَمِدُ بَعْضُها عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ بَيْنَها آثارٌ لِعَشْوائيَّةٍ عَمِيَّةٍ لاقَصْديَّةٍ. مُقاوَمَةُ البَكْتيرْيا للمُضَادَّاتِ الحَيَوِيَّةِ، عَنْ طَريقِ إِنْتاجِها لِبرُوتيناتٍ مُكَوَّنَةٍ مِنْ مِئاتِ الأَحْماضِ الأَمِينِيَّةِ المُرَتَّبَةِ بِدِقَّةٍ. مَا يَتَطَلَّبُهُ طُولُ عُنُقِ الزَّرافَةِ، مِنْ حَجْمٍ لِقَلْبِها وَسُمْكِ جُدْرانِهِ، وَصَماماتِ أَوْعيَتِها الدَّمَويَّةِ، وَالشَبَكَةِ الرّائِعَةِ (ريتي ميرابِلي "rete mirabile")، وغلظ جِلْدِ أَرْجُلِها، وَالتَشْفيرِ الوِراثيِّ المُنْتِجِ لِهَذا كُلِّهِ. التَّشابُهُ الكَبيرُ بَيْنَ الكَائِنَاتِ المَشيِميَّةِ وَالجِّرابيَّةِ، مَعَ الِاخْتِلافِ الكَبيرِ في تَشْفيرِها الوِراثيِّ. هذا وَنَحْنُ لَمْ نَتَكَلَّمْ عَنِ الأَرْضِ وَطَبَقاتِها وَغِلافِها وَعَناصِرِها، وَالفَلَكِ وَالمَجَرّاتِ. العَيْنُ وَتَرْكيبُها وَوَضْعُ شَبَكيَّتِها. البِطْريقُ وَتَرْكيبُ أَجْنِحَتِهِ وَغَيرُها... وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ قَليلَةٌ مِنْ عالَمِ الأَحْيَاءِ فَقَطْ، الَّذِي، كَمَا قُلْنَا، كُلُّ نُقْطَةٍ فِيه مَشْحونَةٌ بِأَمْثِلَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ. أترى أَيَّ عَقْلٍ صَحيحٍ مُتَجَرِّدٍ مِن العَوائِقِ وَالمُؤَثِّراتِ النَّفْسيَّةِ، يَحْكُمُ بِأَنَّ هذا كُلَّهُ دَليلُ صُدْفَةٍ وَعَشْوائيَّةٍ وَعَمايَةٍ أَمْ بأنه دَليلُ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَتَقْديرٍ؟ هَلْ سَيَسْتَنْتِجُ العَقْلُ أَنَّ هذا كُلَّهُ عَمَلُ العَدَمِ (اللَّاشَيء)؟ أَمْ أَنَّهُ فِعْلُ فاعِلٍ؟ هذا الفاعِلُ المُتَّصِفُ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مُشاهَداتُ السَّيَنْسْ مِن عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَعَظَمَةٍ هُوَ ما اسْمُهُ في المَنْظومَةِ الإِسْلاميَّةِ "اللَّهُ" -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-. فَنَحْنُ لا نَفْتَرِضُ وُجودَ اللَّهِ، بَلْ العَقْلُ الَّذِي استَخدَمناه في العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ هوَ ذاتُهُ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِهذا العِلْمِ، عَلَى شَكْلٍ آخَرٍ مِنَ العِلْمِ، عَلَى العِلْمِ بِالخَالِقِ وَصِفاتِهِ. إِذَا أَسْقَطْنا العَقْلَ سَقَطَ مَعَهُ السَّيَنْسْ، وَإِذَا اسْتَخْدَمْناه دَلَّنَا أَعْظَمَ مَا دَلَّنا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. فَإِمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالعَقْلِ وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تُسْقِطَهُ وَتُسْقِطَ مَا يَنْتُجُ عَنْهُ. فَالعَلَاقَةُ تَلازُميَّةٌ، وَلَيْسَ مَوْقِفًا عِلْمِيًّا وَلا عَقْلِيًّا أَنْ تَسْتَخْدِمَ العَقْلَ في إِنْتاجِ العِلْمِ الرَصْدِيِّ التَّجْريبيِّ، ثُمَّ تَمْنَعَ العَقْلَ مِنْ أَنْ يَسيرَ بِكَ خُطْوَةً إِضافيَّةً ليَسْتَدِلَّ لَكَ بِهذا العِلْمِ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ هَذِهِ انْتِقائيَّةٌ لا مُبَرِّرَ لَهَا مِنْ عَقْلٍ أَوْ عِلْمٍ. لَسْتَ مُطالَبًا بأن تَسْتَدِلَ عَلَى اللَّهِ بِمَصْدَرٍ إِضَافِيٍّ لِلعِلْمِ لَمْ تَسْتَخْدِمْهُ في بِناءِ السَّيَنْسْ، بَلْ هُوَ ذاتُهُ عَقْلُكَ. كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ هُوَ أَنْ لا تَحْجُرَ عَلَيْهِ أَنْ يَسيرَ خُطْوَةً إلى الأَمَامِ في اسْتِنْتاجِ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. كُلُّ المَطْلوبِ مِنْكَ أَنْ لا تَكونَ مُنْغَلِقًا ضَيِّقَ الأُفُقِ. السَّيَنْسْ لَيْسَ صُوَرًا مُلْتَقَطَةً وَلا أَصْوَاتًا ولا أَرْقَامًا مُجَرَّدَةً، وَالإِنْسانُ لَيْسَ آلَةً صَمّاءَ تَلْتَقِطُ صورَةً، ثُمَّ لا عَقْلَ وَلا تَحْليلَ وَلا اسْتِنْتاجَ. السَّيَنْسْ عِلْمٌ، وَمَا دَامَ قُلْنَا كَلِمَةَ (عِلْمٍ)، فَهُنَاكَ عَمَليّاتٌ عَقْليَّةٌ، وَمَا دَامَ العقل دَخَلَ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ بِوُجُودِ خالِقٍ. حسنًا، مَا الَّذِي فَعَلَتْهُ المادّيَّةُ تَحْدِيدًا؟ أَوَّلًا: مَنَعَت المادّيَّةُ العَقْلَ مِن أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالسَّيَنْسْ عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ بِدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لا يَدْخُلُ في العِلْمِ المادّيِّ المَحْسوسِ، وَتَلَاعَبَتْ بِالأَلْفَاظِ فَجَعَلَت العِلْمَ مَحْصُورًا في السَّيَنْسْ، ثُمَّ عدَّتْ كُلَّ مَا خارِجَ السَّيَنْسْ: لاعِلْمَ: جَهْلًا، إِيمَانًا اعْتِباطيًّا، تَخاريفَ. وَبَعْدَ مَا حَصَرَتْ المادّيَّةُ العِلْمَ في السَّيَنْسْ، اسْتَخْدَمَتِ المُغالَطَةَ المُسَمّاةَ (بالإنجليزية) مغالطةَ التقسيمِ الخاطئِ إِمَّا السَّيَنْسْ -الَّذِي حُصِرَ فِيهِ العِلْمُ- وَإِمَّا الجَهْلُ فَإِذَا أَرَادَ العالِمُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الحُدودِ الَّتِي افْتَعَلتْهَا المادّيَّةُ لِلسَّيَنْسْ، فَإِنَّ المادّيّينَ يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ بَدَأَ يَتْرُكُ التَّفْكيرَ العِلْميَّ وَيَنْتَقِلُ إلى العَوَاطِفِ وَالتَّخاريفِ... يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ (بالإنجليزية) لا عِلميٌّ، وَاسْتَثْنَت المادّيَّةُ مِنْ هَذِهِ القِسْمَةِ الثُّنائيَّةِ عُلُومًا تَعْتَرِفُ هِيَ بِهَا عَمَلِيًّا، مَعَ أَنَّهَا لا تَدْخُلُ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ الموَثَّقِ الَّذِي يَصوْغُ لَهُ المَادِّيُّونَ الوَثائِقيّاتِ وَيَهْتَمُّونَ بِهِ أَيَّما اهتِمامٍ. وَلَنَا أَنْ نَتَساءَلَ: مَا المُبَرِّرُ لِهَذِهِ الِانْتِقائيَّةِ؟ لِمَاذَا تَعامَلَتْ المادّيَّةُ مَعَ وُجودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ بِغَيْرِ مَا تَعامَلَتْ بِهِ مَعَ أُمورٍ أُخْرَى ثَبَتَتْ بِالعَقْلِ لا بِالسَّيَنْسْ كالرِّيَاضِيَّاتِ وَالتّاريخِ مَثَلًا؟ وَلَمّا ألَحَّ العَقْلُ وَالفِطْرَةُ بِالسُّؤَالِ عَن تَفسيرِ نَشْأَةِ الكَوْنِ وَالحَياةِ، وَتَفْسيرِ حالَةِ الإِتْقانِ وَالإِحْكامِ وَالاِنْتِظامِ، افْتَرَضَتِ المادّيَّةُ تَفْسيراتٍ كالتَّطَوُّرِ الصُّدَفي، وَكَوْنٍ أَوْجَدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ وَأكوانٍ لانِهائيَّةٍ، وَذَكاءِ المَيكْروباتِ، وَأَقحَمَتْ هَذِهِ التَّفْسيراتِ في دائِرَةِ السَّيَنْسْ، مع أَنَّهَا لا هِيَ حِسّيَّةٌ وَلا يَدُلُّ عَلَيْهَا العَقْلُ، بَلْ تُصادِمُهُ. فَلَيْسَتْ مِنَ العِلْمِ في شَيْءٍ وَلا تَقَعُ في دائِرَتِهِ، بَلْ هِيَ مِنَ الجَهْلِ وَالتَّخاريفِ، وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَت المادّيَّةُ هَذِهِ التَّفْسيراتِ بَديلَةً عَنْ وُجودِ الخالِقِ الَّذِي هُوَ عِلْمٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ العَقْلُ. هذا -إِخوانِي- عَدَا عَنْ مَا بَيَّنَّاهُ مِن أَنَّ المادّيَّةَ تُلغي كُلَّ مَصادِرِ العِلْمِ الَّتِي يَقومُ عَلَيهَا السَّيَنْسْ. لِذَلِكَ لا تعجبوا -إِخوانِي!- عِندَمَا أُصِرُّ عِندَ الِاختِصارِ عَلَى ذِكْرِ كَلِمَةِ سَيَنْسْ؛ فَإِمَّا أَنْ أَقولَ: العِلْمُ الرَصَدِيُّ التَّجْريبيُّ، أَو إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَختَصِرَ قُلت: السَّيَنْسْ وَلا أَقولُ العِلْمَ؛ فَإِنَّ بِدايَةَ الوُقوعِ في فَخِّ المادّيَّةِ هُوَ حَصْرُ العِلْمِ في (السَّيَنْسْ). عِنْدَمَا نَفْهَمُ أَنَّ مَدارَ الأَمْرِ عَلَى هَذِهِ المَنْظومَةِ وَمَرْكَزيَّةِ العَقْلِ فِيهَا؛ فَإِنَّنَا نُدْرِكُ أَنَّ الدَّلالَةَ عَلَى الخالِقِ عِلْمٌ... عِلْمٌ مَدْعومٌ بِالأَدِلَّةِ، وَمِنْهَا السَّيَنْسْ. فَالَّذِي يَسْتَنْتِجُ مِنَ السَّيَنْسْ وُجودَ الخالِقِ هُوَ شَخْصٌ رَفَضَ الحُدودَ الوَهْمِيَّةَ الَّتِي افتَعَلتْها المادّيَّةُ، وَأَطْلَقَ العِنانَ لِعَقْلِهِ أَنْ يَرْتَقِيَ بِهِ رُتْبَةً أَعْلَى في العِلْمِ، أَعْلَى مِنْ حَصْرِ النَّفْسِ في المَحْسوساتِ. فَالمَسْأَلَةُ لَيسَتْ (بالإنجليزية) قفزةً إيمانيّةً، إِيمَانًا غَيْرَ مَدْعومٍ بِالدَّلِيلِ، بَلْ (بالإنجليزية) قفزةٌ ذهنيّةٌ، عَمَليَّةٌ عَقْليَّةٌ عِلْميَّةٌ بُرْهانيَّةٌ استِدْلاليَّةٌ هذا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَا لَكَ أَنَّ مَصادِرَ العِلْمِ أَصْلًا، وَمِنْهَا العِلْمُ الرَصْدِيُّ التَّجْريبيُّ، لا مَوْثوقيَّةَ لَهَا إِلَّا في مَنْهَجِ الإِيمَانِ بالخلق. وَلاحِظوا -يَا كِرام!- أَنَّنَا هُنَا نَتَكَلَّمُ عَن أَحَدِ أَدِلَّةِ وُجودِ اللَّهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّيَنْسْ تَحْدِيدًا وَهُوَ: دَليلُ الإِتْقانِ وَالإِحْكَامِ، وَإِلَّا فَقَدْ فَصَّلْنَا في دَليلِ الخَلْقِ وَالإيجادِ وَهُوَ دَليلٌ عَقْليٌّ، وَفَصَّلْنَا كَذَلِكَ سَابِقًا في الأَدِلَّةِ الفِطْريَّةِ عَلَى وُجودِ اللَّهِ. وَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ تَيْميَّةَ إِذْ قَالَ: "كُلَّمَا كَانَ النّاسُ إلى الشَّيْءِ أَحْوَجَ كَانَ الرَّبُّ بِهِ أَجْوَدَ". فَاَلْعِبادُ في أَشَدِّ الحاجَةِ إلى التَّعَرُّفِ عَلَى خالِقِهِمْ وَصِفاتِهِ؛ فَجَعَلَ الأَدِلَّةَ عَلَيْهِ في الآيَاتِ الكَوْنيَّةِ وَالعُقولِ وَالفِطَرِ. حسنًا، إِذَا كَانَ السَّيَنْسْ يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى اللَّهِ وَصِفاتِهِ، فَلِمَاذَا لَمْ يُؤْمِنْ كَثيرٌ مِنْ عُلَماءِ السَّيَنْسْ؟ هَلْ كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: [هوكينْجْ "Stephen Hawking" عالِمٌ فَذٌّ عالِمٌ اسْتِثْنائيٌّ، لَكِنَّهُ لَيْسَ فَيْلَسوفًا، أَنَا أَعْرِفُ مَاذَا أَقولُ، وَلَيْسَ لَاهوتيًّا عَظِيمًا. والعلم بحد ذاته -يا إخواني- يعني المجرد، (بالإنجليزية) العلمُ بالمجرّد يَعني، لا يُثْبِتُ وُجودَ اللَّهِ وَلا يَنفي وُجودَ اللَّهِ. تَعْرِفُونَ لِمَاذَا؟! لِأَنَّ العِلْمَ لَيْسَ الماورائيَّة العِلْمُ لا يَهْتَمُّ بِمَا وَراء الطَّبيعَةِ إِنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهِ أَصْلًا، العِلْمُ يَهْتَمُّ بِعالَمِ الشَّهادَةِ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ كُلُّ الحَقائِقِ العِلْميَّةِ يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَخْدَمَ مُقَدِّماتٍ (بالإنجليزية) مُقدّماتٍ منطقيّةٍ يَعْني في قِيَاسَاتٍ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- في (بِالإِنْجِليزِيَّةِ) تَفْكيرٍ، في اسْتِدْلالاتٍ تُثْبِتُ ماذا؟ أَشْياءَ... وَرُبَّمَا تُثْبِتُ نَقائِضَها... حَسَبَ مَاذَا؟ حَسَبَ الفَلْسَفَةِ العِلْميَّةِ أَوْ اللّاهوتيَّةِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ قَصْدِ قائِلِ هذا الكَلامِ أَوْ المَوْقِفِ الماورائيِّ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ العالِمُ.] فَقَدْ يَفْهَمُ البَعْضُ هذا الكَلامَ وَكَأَنَّ المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ بِحَدِّ ذَاتِهَا لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، حِياديَّةٌ وَإِنَّمَا تَتَشَكَّلُ وَتَتَقَوْلَبُ حَسَبَ فَلْسَفَةِ العالَمِ، لِأَنَّ الحَقيقَةَ العِلْميَّةَ نَفْسَها قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ فَلْسَفيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَالمُؤْمِنُ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إيمانِهِ وَالمُلْحِدِ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى إِلْحادِهِ، وَكَأَنَّ المُؤْمِنَ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى وُجُودِ اللَّهِ بَيْنَمَا المُلْحِدُ قَادَهُ عَقْلُهُ إلى نَفْيِ وُجُودِ اللَّهِ. فَنَقُولُ -إِخوانِي: لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَقودَ إلى الشَّيءِ وَنَقيضِهِ، لا يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّيءِ وَضِدِّهِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ هذا الكَوْنَ أَثَرٌ عَنْ حِكْمَةٍ وَعِلْمٍ وَعَظَمَةٍ، وَأَنْ يَحْكُمَ العقل فِي الوَقْتِ ذاتِهِ أَنَّ الكَوْنَ عَمَلُ عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ. فَالَّذِي يَصِلُ لِنَفْيِ الخالِقِ لا تُسَمَّى فَلْسَفَتُهُ عِلْميَّةً وَلَيْسَ العَقْلُ هُوَ الَّذِي أَوْصَلَهُ لِهَذِهِ النَّتيجَةِ، بَلْ هَذِهِ النَّتيجَةُ تُلْغي العَقْلَ. حسنًا، هَؤُلَاءِ العُلَماءُ الظّاهِرُ أَنَّهُمْ عُقَلاءُ، لَيْسُوا بِمَجانينَ، بَلْ وَأَذْكياءُ. فَمَا الَّذِي أَوْصَلَهُمْ إلى مَا وَصَلوا إِلَيْهِ؟! مَا الَّذِي عَطَّلَ عَمَلَ عُقولِهِمْ أَنْ تَصِلَ بِهِم إلى الخالِقِ وَصِفاتِهِ؟ أَسْبابٌ كَثيرَةٌ أَثْبَتْناها في الحَلَقاتِ الماضيَةِ: عُقَدٌ نَفْسيَّةٌ مِنْ سُلوكِ الكَنيسَةِ، الوُقوعُ في الثُّنائيَّةِ المَشْؤومَةِ إِمَّا دِينٌ مُحَرَّفٌ وإما مادِّيَّةٌ وَإِلْحادٌ، دُونَ البَحْثِ عَن مَنْظومَةٍ دينيَّةٍ تُخاطِبُ العَقْلَ وَالفِطْرَةَ. الكِبْرُ وَالغُرورُ وَإيثارُ الدُّنْيَا الخَوْفُ مِنْ سَطْوَةِ العصابة الداروينيّة أَوْ الطَّمَعُ في إِغْراءاتِهِ كَمَا بَيِّنَا وُقوعٌ في المُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةِ وَالحِيَلِ النَّفْسيَّةِ كالـ ١٥ مُغالَطَةً وَحيلَةً الَّتِي أَثْبَتْناها عَلَيْهِمْ أَنْ يَكونَ الشَّخْصُ عالِمًا فِي مَجالِهِ لا يَعْنِي بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مُحايِدٌ وَلا أَنَّهُ أَمينٌ وَلا يَعْنِينَا أَنْ نُحَلِّلَ أَسْبابَ إِلْحادِ مَنْ أَلْحَدَ المُهِمُّ أَلّا نُؤَجِّرَ عُقولَنا لِأَحَدٍ انْبِهارًا بِأَلْقابِهِ وَإِنْجَازَاتِهِ وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّ اسْتِدْلالَهُمْ بِمُشاهَداتِ السَّيَنْسْ عَلَى إِلْحادِهِمْ بَلْ هِيَ تَدُلُّ العاقِلُ الَّذِي تَجَرَّدَ عَنِ المَوَانِعِ تَدُلُّهُ قَطْعًا عَلَى الخالِقِ وَصِفاتِهِ. لِذَا فَقَدْ كَانَ عَمَلُنا فِي رِحْلَةِ اليَقينِ أَنْ نُبَيِّنَ لَكُمْ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ مُجَرَّدَةً واضِحَةً كَيْ لا تُؤَجِّرَ عَقْلَك لَنَا وَلا لِلْمُلْحَدِينَ، وَلا تُقَلِّدَنا وَلا تُقَلِّدَهُمْ بَلْ تَرَكْنا الحُكْمَ لِعُقولِكُمْ. هَلْ تَدُلُّ هَذِهِ الحَقائِقُ وَالمُشاهَداتُ الطَّبيعيَّةُ عَلَى عَشْوائيَّةٍ وَصُدَفِيَّةٍ وَعَمايَةٍ وَعَدَميَّةٍ؟ أَمْ عَلَى خَلْقِ قَيُّومٍ حَكيمٍ قَدِيرٍ عَليمٍ عَظيمٍ؟ شَرَحْنا لَكَ مَا قَامَتْ بِهِ بَكْتِيرْيا إيشريش إيكولاي "Escherichia Coli" مِنْ عَمَليَّةِ نَسْخِها لِلْجِينِ الَّذِي تَحْتَاجُهُ، وَوَضْعِ النُّسْخَةِ في المَكانِ المُناسِبِ مِنْ مادَّتِها الوِراثيَّةِ، لِتَتَمَكَّنَ مِن التِقاطِ وَهَضْمِ السّيتْرات ْ "Citrate" فِي خُطُواتٍ شَديدَةِ الدِّقَّةِ أَشْبَهَ بِالهَنْدَسَةِ الوِراثيَّةِ. شَرَحْنَا لَكَ كَيْفَ عَكَسُوا دَلالَتَها تَمَامًا وَجَعَلُوهَا مِثَالًا عَلَى عَشْوائيَّةٍ مُفيدَةٍ، وَكَيْفَ جَعَلُوا أَمْثِلَةَ عَظَمَةِ الخَلْقِ في شَبَكِيَّةِ العَيْنِ وَأَجْنِحَةِ البِطْريقِ وَعِظامِ الحُوتِ الخَلْفيَّةِ أَمْثِلَةً عَلَى أَخْطاء في التَّصْميمِ وَأَعْضاء بِلا فائِدَةٍ وَكَيْفَ رَدُّوا عَلَى كُلِّ مَا في الخَليَّةِ مِن رَوْعَةٍ وَإِتْقانٍ بِأَنَّهُ لَعَلَّ كَائِنَاتٍ فَضائيَّةً بَذَرَتْ بَذْرَةَ الحَياةِ عَلَى الأَرْضِ، وَالمُغالَطاتِ المَنْطِقيَّةَ وَالتَّزْوِيرَ الَّذِي يَسْتَخْدِمُونَهُ في هذا كُلِّهِ؛ فَهَلْ سُلوكُهُمْ هذا يُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ قابِلَةٌ لِتَفْسيراتٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ أَمْ هذا كُلُّهُ يُثْبِتُ أَنَّهُ وَكَمَا قالَ اللَّهُ تَعالَى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [القرآن 101:10] سَتَقُولُ لِي: أَنْتَ تَسْتَدِلُ بِآياتٍ قُرْآنِيَّةٍ، افْتَرِضْ أَنِّي لا أومن بِالقُرآنِ. فَأَقولُ لَكَ: بَلْ أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ، أَسْتَشْهِدُ لَكَ بِالوَاقِعِ عَلَى صِدْقِ القُرْآنِ. جَلَّيْتُ لَكَ في الحَلَقاتِ الماضيَةِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ لِنَقُولَ لَكَ: أما وَقَدْ رَأَيْتَ رَوْعَةَ هَذِهِ المُشاهَداتِ، فَما الوَصْفُ لِمَنْ يَتَّخِذُها دَلالَةً عَلَى إِنْكارِ الخالِقِ إِلَّا مَا وَصَفَهُ بِهِ القُرْآنُ إِذْ قالَ: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ [القرآن 49:29] فَالوَاقِعُ يَشْهَدُ لِصِدْقِ آياتِ القُرْآنِ في وَصْفِ هَؤلاءِ وَبِقَدْرِ مَا تَفْهَمُ الحَقائِقَ العِلْمِيَّةَ تُدْرِكُ صِدْقَ وَصْفِ القُرْآنِ لِمَنْ أَنْكَرَها بِأَنَّهُ كافِرٌ يَعْنِي غَطَّى عَلَى الحَقائقِ. وَضَّحْنا لَكَ الحَقائِقَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مَنْ يُنْكِرُ دَلالَتَها عَلَى الخالِقِ، بَلْ وَيَتَّخِذُها دَلِيلًا عَلَى إِلْحادِهِ، عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَّابٌ وَخائِنٌ لِأَمانَةِ العِلْمِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ [القرآن 32:31] أي غَدّارٍ جاحِدٍ لِلنِّعْمَةِ. فَتَنْهَضُ هِمَّتُكَ أَنْ لا تَتْرُكَ العِلْمَ الطَّبيعيَّ لِهَؤُلَاءِ، بَلْ تَتَعَلَّمُهُ لِتَكُونَ أَمِينًا عَلَيْهِ. بَعْدَ هذا الخِطابِ إلى عُمُومِ النّاسِ بِالأَدِلَّةِ العَقْليَّةِ نَتَوَجَّهُ خِتامًا لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَعَلَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ لَوْثَةُ أَنَّ العِلْمَ الطَّبيعيَّ مُحايِدٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَلا يَنْفِي وُجودَ اللَّهِ، وَهُمْ في الوَقْتِ ذاتِهِ لا يُدْرِكُونَ حَجْمَ تَعارُضِ ظَنِّهِمْ هذا مَعَ القُرْآنِ الَّذِي بِهِ يُؤْمِنُونَ فَنَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ القُرْآنُ في البَرْهَنَةِ وَالتَّدْليلِ عَلَى حَقائِقِ الإِيمَانِ هُوَ المُشاهَداتُ الكَوْنيَّةُ الظّاهِرَةُ وَهذا سَيَنْسْ، عِلْمٌ رَصْدِيٌّ. العِلْمُ الرَصْدِيُّ الحَديثُ هُوَ دُخولٌ في تَفاصيلِ هَذِهِ المُشاهَداتِ الظّاهِرَةِ بِمَا يَكْشِفُ المَزيدَ مِنْ جَمالِها وَرَوْعَتِها وَإِبْهارِها. فَإِذَا قُلْتَ: مُشاهَداتُ العِلْمِ الحَديثِ لا تَدُلُّ عَلَى الخالِقِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [القرآن 17:88] لا تَدُلُّ عَلَى شَيءٍ، وَكُلُّ مَا يَقُولُهُ القُرْآنُ فِيهِ مِنَ المُشاهَداتِ: "إِنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ..." لَيْسَ بِآياتٍ. تَأَمَّلْ مَثَلًا خَواتيمَ الآياتِ في سورَةِ الرّومِ بَعْدَ الحَديثِ عَنْ مُشاهَداتٍ عِلْميَّةٍ في الأَنْفُسِ وَالآفاقِ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [القرآن 21:30] ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [القرآن 22:30] ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [القرآن 24:30] دَلالَةُ المُشاهَداتِ العِلْميَّةِ الظّاهِرَةِ وَالتَّفْصيليَّةِ الَّتِي فَصَّلَها العِلْمُ الطَّبيعيُّ، دَلالَتُها عَلَى الخالِقِ هِيَ كُبْرَى الحَقائِقِ الكَوْنيَّةِ وَأُوْلَى البَديهيّاتِ وَالضَّروراتِ العَقْليَّةِ، الِاسْتِدْلالُ هُوَ عَلَى هَذِهِ الأَشْياءِ وَهُوَ اسْتِدْلالٌ قَطْعيٌّ، وَالقُرْآنُ يَسْتَدِلُّ بِالمُشاهَداتِ الكَوْنيَّةِ لا عَلَى وُجودِ الخالِقِ فَحَسْبُ، بَلْ وَعَلَى وَحْدانيِّتِهِ مِنَ انْتِظامِ مَلَكوتِهِ، وَعَلَى عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَقَيّوميَّتِهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى البَعْثِ وَالنُشورِ. فَتَصَوَّرْ حين يَجْعَلُ واحِد المُشاهَداتِ العِلْميَّةَ غير دالَّةٍ حَتَّى عَلَى وُجودِ الخالِقِ ذاتِهِ... تَصَوَّرْ ضَياعَ وَضَلالَ مَنْ يَقُولُ: "لا تُدْخِلوا الإِيمَانَ في السَّيَنْسْ!" أَنْتَ يا أَخِي مَأْمورٌ شَرْعًا أَنْ تَتَأَمَّلَ السَّيَنْسْ الرَصْدِي -آياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ- لِتُقَوّيَ إيمانَكَ، وَيَجِبُ عَلَيْكَ بصفتك مُسْلِمًا أَنْ لا تَنْجَرَّ إلى التَّأْطِيرِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللَّهِ، وَأَلَّا تَحْجُرَ عَقْلَكَ عِنْدَ الحُدودِ الوَهْميَّةِ الَّتِي وَضَعَتْهَا المادّيَّةُ فَتُحْرَمَ مِنَ الِانْتِفاعِ بِآياتِ اللَّهِ الكَوْنيَّةِ وَكَذَلِكَ مِنْ آياتِ القُرْآنِ الَّتِي تُحيلُكَ إلَى الِانْتِفاعِ بِهَذِهِ الآياتِ الكَوْنيَّةِ، بَلْ لَعَلَّ مِنْ تَمامِ عَدْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ أَنَّهُ كُلَّمَا تَقَدَّمَ الزَّمانُ وَابْتَعَدَ النّاسُ عَنْ عَهْدِ النُّبوَّةِ تَضَاعَفَتْ هَذِهِ الأَدِلَّةُ العِلْميَّةُ لِتَكُونَ حُجَجًا جَديدَةً عَلَيْنَا، حَظِيْنَا بِهَا نَحْنُ وَلَمْ يَحْظَ بِهَا الأَوَّلُونَ الَّذِينَ شَاهَدُوا النَّبيَّ أَوْ كَانُوا قَريبي عَهْدٍ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [القرآن 149:6] فَالمُشْكِلَةُ لَيْسَتْ نَقْصًا في الحُجَجِ وَالبَيِّناتِ، بَلْ هِيَ مُقْنِعَةٌ مُخْضِعَةٌ لِسَليمِ العَقْلِ، سَليمِ القَلْبِ. لِذَلِكَ إِذَا رَأَيْنا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ عُلَماءِ الطَّبيعَةِ مادِّيّونَ فلا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكِّكَنا هذا في قوَّةِ الأَدِلَّةِ الَّتِي أَقَامَهَا اللَّهُ تَعَالَى. هَؤُلَاءِ بَعْضُهُمْ عُلَماءُ أَذْكياءُ في مَجالاتِهِمْ، لَكِنْ هذا لا عَلاقَةَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ القَلْبيَّةِ وَالَّتِي إِذَا انْعَدَمَتْ تَعَطَّلَتْ مَعَهَا قُدْرَةُ هذا العالِمِ عَلَى الِاسْتِفادَةِ مِنْ قُدُرَاتِهِ العَقْليَّةِ، وَأَصْبَحَ يَسْتَثْني تَمَامًا الِاعْتِرافَ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ بَدِيلًا عَنْ ذَلِكَ بِنَظَرِياتٍ غايَةٍ في التَّفاهَةِ، ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] مَنْ يَجْحَدُونَ الخالِقَ فَهُمْ حَسْبَ الوَصْفِ القُرْآنيِّ لا يَعْقِلُونَ حَتَّى وَإِنْ أَعْمَلوا عُقولَهُمْ في السَّيَنْسْ وَبَرَعوا فِيهِ؛ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ لِأَنَّهُمْ عَطَّلوا عُقولَهُمْ عَنِ الِانْتِفاعِ بِالسَّيَنْسْ وَالِاسْتِدْلالِ بِهِ عَلَى العِلْمِ الأَعْظَمِ بِوُجُودِ الخالِقِ وَصِفاتِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 7:26-8] إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً... تَوْكيدٌ تِلْوَ تَوْكيدٍ... إِنَّ... لَآيَةً... هذا عِلْمٌ رَصْدِيٌّ، وَالعُلُومُ الرَصْدِيَّةُ الحَديثَةُ كَشَفَتْ لَنَا مَزِيدًا مِنْ تَفاصيلِهِ وَرَوْعَتِهِ. إِذَنْ السَّيَنْسْ فِيهِ دَلالَةٌ بِلَا شَكٍّ. حسنًا، أَيْنَ المُشْكِلَةُ إِذَنْ؟ تُتابِعُ الآيَةَ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [القرآن 26 :7-8] لَيْسَ عِنْدَهُمْ اسْتِعْدادٌ لِلإِيمَانِ. إِذَا قِيلَ لواحِدٍ أَعْمَى: مَا رَأْيُكَ بِهَذا المَنْظَرِ الطَّبيعيِّ الجَميلِ؟ فَقَالَ لَكَ: لا أرى الجَمالَ الَّذِي تَتَكَلَّمونَ عَنْهُ. فَهَلْ هذا لِمُشْكِلَةٍ في المَنْظَرِ أَمْ لِمُشْكِلَةٍ في الأَعْمَى؟ هَلْ نَقولُ: الأمر فِعْلًا نِسْبيٌّ، فَالمَنْظَرُ الطَّبيعيُّ مَوْجودٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ وَجَميلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْصِرِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَوْجودٍ وَلا جَميل بِالنِّسْبَةِ لِلأَعْمَى؟ لا، بَلْ هُوَ مَوْجودٌ يَقِينًا وَجَميلٌ يَقِينًا، لَكِنَّ المُشْكِلَةَ فِيمَنْ لا يَرَاهُ وَلا يُدْرِكُ جَمالَهُ فَلا عَجَبَ أَنْ يُكْثِرَ القُرْآنُ مِنْ وَصْفِ هَؤُلَاءِ بِالعَمَى وَأَنْ يَكونَ عَماهُمْ عَمَى القُلوبِ وَالبَصائِرِ، فَإِنَّ أَعْمَى البَصَرِ قَدْ يَجْبُرُ فَقْدَ بَصَرِهِ بِسَمْعِهِ وَعَقْلِهِ وَفِطْرَتِهِ وَيُؤْجَرُ عَلَى صَبْرِهِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ: ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [القرآن 26:46] خِتامًا، إِذَا قِيلَ لَنَا: هَلْ السَّيَنْسْ يَدُلُّ عَلَى وُجودِ اللَّهِ؟ فَالجَوَابُ: لا يَدُلُّ السَّيَنْسْ الإِنْسانَ العاقِلَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَدُلُّهُ عَلَى وُجودِ اللَّهِ وَصِفاتِ اللَّهِ. فَإِنَّ أَفْرادَ السَّيَنْسْ وَمُشاهَداتِهِ المُتَنَوِّعَةِ يَدُلُّ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى جُزْئيّاتٍ مِنَ الحَقائِقِ مُتَفَرِّقَةً، وَتَدُلُّ كُلُّها مُجْتَمِعَةً عَلَى خالِقٍ عَظيمٍ حَكيمٍ قَيُّومٍ عَليمٍ أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ، ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚإِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [القرآن 88:27] وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللَّهِ.