السلام عليكم ورحمة الله. سئلت مرارا من بعض الاخوة لماذا اصرارك هذا على رفض نظرية التطور؟ اليست مشكلتنا معها هي في الصدفة والعشوائية الذين يناقضان العقل والدين طيب بامكاننا ببساطة عدم الاعتراف بالصدفة والعشوائية وان نقبل من النظرية ما لا يعارض ديننا. بدلا من الاصطدام معها ومع مؤيديها. ثم ماذا اذا ثبت في المستقبل ان الكائنات نشأت من اصل مشترك؟ لماذا نغامر ونضع الدين في صراع مع شيء قد يثبت لاحقا فيفقد الناس ثقتهم في الدين مع انه قد لا يكون هناك تعارض اساسا. حلقة اليوم هي بمثابة التلخيص. فلا مجال فيها للتفصيل. لذا ساضع لكم اثناء كلامي احلات على حلقات فصلنا فيها في النقاط التي اذكرها. فنقول وبالله التوفيق. اولا الموقف العلمي يتطلب ان نحتكم الى مصادر العلمية المعتبرة في الاجابة عن اي سؤال وعليه فمشكلتنا الاولى مع نظرية التطور هي انها تقحم الساينس في غير مجاله. يعني تستخدم الاداة الخطأ للاجابة عن سؤال كيف نشأ الخلق فهي بالتالي مشكلة معرفية قبل اي شيء. يعني مشكلة في مخالفة قواعد نظرية المعرفة. في الساينس هو بطبيعة العلم الرصدي التجريبي وان تقول بان الكائنات نشأت بكيفية معينة فهذا ليس شيئا يمكن ان يعلم. بالرصد ولا بالتجريب. بل هو خارج اختصاص الذي يختص حصرا والتجريب. ثانيا سؤال ماذا اذا ثبت في المستقبل ان الكائنات نشأت من اصل مشترك هو سؤال خاطئ لان ما حدث في الخلق الاول له اكثر من احتمال ممكن عقلا في طريقة ايجابه. فالنتيجة الواحدة وهي نشوء الكائنات لها اكثر من طريقة ممكنة. وبالتالي لا يمكننا الجزم بما حدث على ارض الواقع. ولا يمكن للساينس ان ينتقل عبر الزمن ليثبت ان الكائنات نشأت تحديدا من اصل مشترك. دعونا نضرب مثالا بالتوضيح. لو افترضنا ان هناك مركبا كيميائيا يمكن ان ينتج بعدة طرق. وانتجت انت هذا المركب بطريقة معينة من تفاعل مادتين. ثم وجدت المركب نفسه في يدي فلن تستطيع حينئذ الجزم باني اجريت نفس تفاعلك ما دام يمكن ان ينتج بطريقة اخرى. وبالتالي لو كان هناك كائنات متدرجة لا في السجل الاحفوري فحسب بل حتى بيننا على ظهر الارض. بل حتى لو استطعنا مخبريا تحويل كائن لاخر فلا ابدا القول بان هذا هو ما كان في الخلق في الخلق الاول الذي لم نشهده. لان امكان حصوله بطريقة ما لا يعني ان هذا هو ما حصل في الواقع. فما بالك والحقيقة اننا لا نستطيع عمل هذا التحويل مخبريا بل والتدرج بين الكائنات ليس موجودا بيننا بل وليس موجودا في السجل الاحفوري. يعني ليس هناك كائنات انتقالية او حلقات وسيطة لا حصر ومرة اخرى لا حصر لها كما نص دار على ان هذا ما تتطلبه نظريته حتى نتجاوز خلافنا معهم على الاحافير المحدودة التي دلونا بها. وعليه فنشأة الكائنات من اصل مشترك لا يمكن اثباتها في يوم من الايام. لا الان ولا في المستقبل ادلة القائمة هي على خلافها. وهذا كله بشكل مجرد قبل الحديث عن الحاجة لخالق وعن الصدفة من عدمها. ثالثا ياتي هنا سؤال هل نفهم منك انك تقول ان نظرية التطور غير قابلة للنفي ولا للاثبات فقد تكون صوابا وقد تكون خطأ ولن نستطيع الجزم بهذا ولا ذاك فالجواب ابدا ليس هذا ما قلته. في البداية دعونا نفرق بين مسألتين. الاصل المشترك ونظرية التطور. ما ذكرت ان لا يستطيع نفيه ولا اثباته هو ان الكائنات نشأت من اصل مشترك. لكن نظرية التطور ليست محصورة في ادعاء اصل المشترك بل هي تقول بان هذا الاصل المشترك ظهرت منه الكائنات الحية؟ عبر التغيرات العشوائية والانتخاب الاعمى دون قصد ولا ارادة. ونظرية التطور بهذا التعريف هي ساقطة قبل ان تكون مكذبة بكل المشاهدات العلمية كما بينا في حلقات كثيرة من رحلة اليقين نضع لكم هنا بعضها فنظرية التطور امرها محسوب. وانا اتعمد ان اقول نظرية التطور واشير بعلامات التنصيص لانها ليست نظرية علمية اصلا بل خرافة واسخف واغبى فكرة في التاريخ كما بينا مرارا. وقد بينا ان الحاجة لخالق هي ضرورة عقلية علمية لا موقف مبني على التسليم ولا التقليد الاعمى. رابعا نظرية التطور عمرها الان حوالي القرن والنصف خلال هذه الفترة جاءت كل المشاهدات بما يكذب افتراضات وتنبؤات دارون. وفي حلقتين من رحلة اليقين بعنوان كل الطرق تؤدي الى الخرافة وعبدة الميكروبات بينت بتفصيل مهم ومقنع فيما ازعم ان اتباع هذه النظرية اختلفوا على كل شيء فيها. كل شيء حرفيا ولا يزالون مختلفين. وانهم وان اختلفوا فقد اتفقوا على شيء واحد. ان لا خلق عن قصد وارادة. نعم منهم من لا ينكر وجود اله لكنه اله عطلوا عنه صفات الخلق والربوبية والقيومية فيؤمن بعضهم بوجوده وفي الوقت ذاته يقول ان الكائنات نشأت بلا قصد ولا ارادة بل بصدف وتغيرات عشوائية وانتخاب اعمى وبينت كيف انه كلما ظهرت ظواهر تكذب نسخهم المحدثة من النظرية اضافوا وصفا لكلمة ايبولوشن. ليتظاهروا بانهم استوعبوا هذه الظاهرة بينما حقيقة الامر انهم اعطوا الهتهم المزعومة اسما جديدا كالوثنيين الاولين. التطور المتوازي المتقارب المتباعد تدريجي القافز الممتد الكمي المتقطع السريع المتزامن وغيرها من ونسبوا الاختيار والعلم والخلق والارادة والذكاء الى الميكروبات. وفعلوا كل شيء. وارتكبوا كل حماقة وسفاهة ان يعترفوا بخالق خلق الكائنات عن حكمة وارادة. وبهذا فالتطور ليس نظرية علمية بل الايدولوجيا عمياء. ايديولوجيا عمياء. وبينا ان نظرية التطور تعرض على انها التفسير المادي لنشوء الكائنات من اصل مشترك بلا حاجة للايمان بغيبيات بينما في الحقيقة انتهت بافتراض ما نسميه غيبيات غبية نشوء الكائنات دون حاجة الى خالق وعليهم فنظرية التطور تبلورت عبر السنين لتساوي تحديدا لا خلق لا قصد ولا ارادة في ظهور الكائنات. هذا هو القاسم المشترك الذي يتفقون عليه وان اختلفوا على ما سواه. ومن ادل الادلة على ذلك طريقة تعامل اتباع خرافة التطور مع علماء الاندلجن ديزاين. التصميم الذكي. وهم مجموعة من العلماء الغربيين الذين تحاولوا المصالحة بين الخالقية ونظرية التطور. فقالوا بان الكائنات نشأت من اصل مشترك. لكن التغيرات التي ادت الى نشوء ببعضها من بعض هي تغيرات مقصودة كما يدل تصميمها. اتباع خرافة التطور يتعاملون مع توجه التصميم الذكي باحتقار ويسمون محاولتهم هذه سود ساينس علما زائفا ويقصونهم ويتعاقبونهم ليطردوا من المؤسسات الاكاديمية كما بينت. حتى ان عامة المجلات لا تقبل ان تنشر اي بحث فيه اشارة الى التصميم والقصد والارادة. فالقاسم المشترك الذي يجمع كل اتباع نظرية التطور في المجتمع العلمي الغربي هو انكار الخالقية. والقضية المفصلية واساس الخلاف بيننا وبينهم هو في انكار الخالقية. وما يتطلبه ذلك من مصادمة العقل والساينس والدين معا. لذلك فعندما تقول لماذا لا نزيل من نظرية التطور ما يتعارض مع ديننا ونقبل ما تبقى؟ فكانك تقول لماذا لا نزيل من نظري تطور نفي الخالقية ماذا سيتبقى بعد ذلك؟ لا شيء يتفق عليه اتباعها الاصل المشترك رأينا انه ليس علما ولا يمكن اثباته وليست له اية فائدة علمية. خامسا هل يعني هذا استحالة نشأة الكائنات من اصل مشترك من ناحية عقلية؟ الجواب لا. لا يخرج ذلك عن قدرة الله تعالى طيب ما الذي يتطلبه ذلك من ناحية الكيمياء الحيوية يمكن تصور سيناريو انه احدثت مجموعة تغيرات كبيرة متزامنة مقصودة في المادة الوراثية للخلايا التناسلية لكائن ما في الذكر والانثى بحيث ينتج عن تلقيح البويضة كائن من نوع اخر قابل للحياة في رحم الانثى. وبهذه الطريقة انجبت الديناصورات طيورا مثلا. ونحن نقول تغيرات كبيرة متزامنة مقصودة لان هذا ما يتطلبه انتاج كائن مختلف جينيا وتركيبيا وفسيولوجيا والا فاذا كانت تغيرات عشوائية فلن ينتج الا مسخ شائك غير قابل للحياة اصلا. وهنا ملاحظتان. الاولى ان هذا الافتراض يبدو متكلفا. نعم هو متكلف وغريب. لكننا لسنا معنيين ان ننكره ولا ان نثبته ولا نتعامل معه على انه مناقض للعقل والساينس والدين كما نتعامل مع خرافة التطور. ما دمنا تجاوزنا العشوائية والعماية واللا قصدية المناقضة لهذا كله. الملاحظة الثانية هي مفاجأة وهي ان افتراض التغيرات الكثيرة الموجهة دفعة واحدة كان مطروحا ايام دارو وسمي بالسالتيشن سالتيشن ورفضه داروين. رفضه في كتابه اصل الانواع وكان يقول ناتورا ننفس يعني ليست هناك قفزات في الطبيعة. ليست هناك قفزات في الطبيعة. رفضه قائلا ان التغيرات المفاجئة لا تختلف عن اعتقاد القديم بخلق الانواع من طين الارض. واصر على افتراض ان ما حصل هو تغيرات طفيفة تدريجية غير مقصودة ودون خطة خلق على الرغم من توافر الادلة المكذبة لافتراضه هذا في زمانه. كظاهرة الانفجار امري وعدم ظهور اي بوادر لاحافير وسيطة لا حصر لها. بل ووفرت الحفريات لكائنات ظهرت فجأة في طبقات الارض بدون تدرج بنفس هياكلها كما هي بيننا الان. ومع ذلك اصر دار على ان دليله موجود في الكائنات التي وجدت قديما. سواء عرفناها ام لم نعرفها على طريقته الخنفشارية التي تكلمنا عنها. لذلك فهذا السيناريو الذي تكلمنا عنه من التغيرات الكثيرة المقصودة والممكن عقلا ان تكون الكائنات قد نشأت به من اصل مشترك. هذا لا يسمى نظرية التطور. هذا شيء مختلف تماما. تطور يعني لا ولا ارادة ولذلك ستجدوا من التطورين المعاصرين من اضطر تحت ضغطة السجل الاحفوري الذي خيب توقعات داروين عبر قرن ونصف بعده اضطر للعودة لفكرة التغييرات الكثيرة دفعة واحدة. لكن مرة اخرى دون قصد ولا ارادة. وسموا نظريتهم التطور القفزي. تغيرات عشوائية متزامنة متناسقة دون قصد ولا ارادة تنتج كائنا من كائن. وقد تحدثنا عن سخافة هذه الفكرة من قبل لذلك يا كرام، فاستنتاجا مما سبق نقول ان مشكلتنا او مشاكلنا مع نظرية التطور هي انها في اصلها تناقض معرفي واستخدام للاداة الخطأ في اجابة سؤال نشأة الكائنات. وانها بنفي القصد والارادة ساقطة عقلا قبل كل شيء واتباعها اتخذوا موقفا مؤدلجا واضحا بحيث حاولوا جاهدين المحافظة عليها مع تراكم الادلة على بطلانها ها واصبح واضحا انها يراد لها ان تكون البديل عن الحاجة الى الخالق وليس لها اية فائدة من اي نوع مطلق بخلاف ما يروج له بل ادت الى افساد العقل والعلم والايمان وهدر الكثير من الاموال العامة واعمار وجهود الباحثين واذا قيل لنا بل نحن نقصد الاصل المشترك تحديدا دون نفي الخالقية فهذا ليس نظرية التطور عدا عن انه لا سبيل لنفي الاصل المشترك ولا اثباته بالساينس ولا فائدة في نقاشه هذه مشاكلنا مع خرافة التطور. ولاحظ اننا في نقاشنا هذا كله لم نتطرق لمعارضة خرافة التطور لنصوص القرآن والسنة فيما يتعلق بالخلق عن قصد وارادة واحكام. وفيما يتعلق بخلق الانسان خلقا مستقلا. مع اننا نرفض الخرافة ايضا لمخالفتها لنصوص الوحي. والدليل العقلي العلمي ينسجم مع الموقف الشرعي. ولو اكتفينا برفضها لمخالفة الوحي لكان موقفنا علميا ايضا لان ايماننا بالوحي مبني على ادلة صحته اليقينية تؤمن بما ذكره عن الخلق الاول ايمانا لا يتطرق اليه شك ولا تأويل متكلف فالوحي احد اسس المعرفة اليقينية وهو من مصادر العلم كما بينا. ومن هنا اصلا يبدأ افتراقنا عن المنظومة الغربية بعد هذا كله تصبح محاولة اسلمة الخرافة انقاذا لها من ورطاتها. اكرر. خرافة ساقطة كن حسا وعلما وعقلا. محاولة التوفيق بينها وبين نصوص القرآن والسنة انقاذ لها من ورطاتها وكأننا نمد حبل النجاة. خرافة داروين اشبه بالهذيان. فلا يليق ابدا لا يليق ابدا بالوحي ان توفق بينه وبين الهذيان. فتقول اذا عدلنا هذا جزء وحذفنا هذا الجزء من الهذيان اصبح للقرآن. فما بالك عندما يطالبنا مروجوا الخرافة العرب باعادة تفسير القرآن وبالاصح تحريف معانيه ليوافق هذا الهذيان. دين الله اجل. انه لقول فصل وما هو بالهزل. والله تعالى اعلى واعلم والسلام عليكم ورحمة الله