واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون هذا المشهد العجيب جرى في العالم العلوي في الملأ الاعلى حيث لا تدركه اوهامنا وتصوراتنا خطاب من الله سبحانه وتعالى الى النخبة المصطفاة من خلقه الى الملائكة الكرام الذي وصفهم بانهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور خاطبهم الله تعالى بهذا الخبر اني جاعل في الارض خليفة وقد اختلف المفسرون في المراد بمعنى خليفة. فقال بعضهم اي خليفة عن الله في امره وتطبيق شرعه في خلقه وقال بعضهم بل المراد خليفة يخلف بعضهم بعضا كما اخبر سبحانه في غير موضع من كتابه فجعلناكم وجعلناكم خلائف الارض وهذا المعنى لعله هو اقرب لتوافر الايات على الدلالة عليه على انه لا يتعارض مع المعنى الاول فان الله تعالى لا يزال يقيم في خلقه من يقوم بامره ويقيم حجته على عباده وقد كان جواب الملائكة ليس على سبيل الاعتراض والامتناع فهم اكثر ادبا مع الله وانما كان استخبارا وحمية طاعة ربهم فقالوا اتجعل فيها من يفسد فيها؟ ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك وسر ذلك والله اعلم ان الملائكة الكرام علموا من طبيعة هذا المخلوق