معشر الصائمين والصائمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته طيب الله اوقاتكم بالمسرات وتقبل منا ومنكم صالح العمل تحدثنا في حلقة مضت عن اسباب حسن العبادة ونتم في هذه الحلقة ما بدأنا به فمن اسباب حسن العبادة الخشوع والاخبات وانشراح الصدر وهذا حال خاص بمنزلة الثمرة لما قبله من الاوصاف من الاخلاص والمتابعة والخوف والرجاء يصطبغ به المؤمن ظاهرا وباطنا فيسكن قلبه ويظهر على اساريره وجوارحه في جميع عباداته قال سبحانه في الصلاة قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون وقال في الدعاء انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين وقال سبحانه ادعوا ربكم تضرعا وخفية. انه لا يحب المعتدين. ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها خوفا وطمعا. ان رحمة الله قريب من المحسنين وقال في الزكاة والنفقات ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ووقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا وقال ايضا ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الاخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول الا انها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته. ان الله غفور رحيم وعلى النقيض من ذلك حاب المنافقين وابطل اعمالهم. فقال وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله. ولا يأتون الصلاة الا وهم كسالى. ولا ينفقون الا وهم كارهون قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله انه ينبغي للعبد الا يأتي الصلاة الا وهو نشيط البدن والقلب اليها ولا ينفق الا وهو منشرح الصدر. ثابت القلب. يرجو ذخرها وثوابها من الله وحده. ولا يتشبه بالمنافق ومن الاداب التي ينبغي ان يتحلى بها المتعبد المداومة وهذه خصلة من اخص خصال المتعبدين الموفقين. الذين اثنى الله عليهم بقوله الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون وكثير من الناس تدركه رقة او تأخذه سره فيقبل ثم يمل فينقطع. حتى ان الله تعالى على السابقين الاولين. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال ما كان بين اسلامنا وبين ان عاتبنا الله بهذه الاية يعني قوله تعالى الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق الا اربع سنين رواه مسلم وقد تضمنت الاية ان نعي على اهل الكتاب الذين طال عليهم الامد ففتروا عن العمل فقست قلوبهم فهان عليهم الوقوع في الفسق وقال سبحانه واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. اي الموت وقال صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم فترك قيام الليل وعن عائشة رضي الله عنها قالت وكان احب الدين اليه ما دام عليه صاحبه متفق عليه وعنها رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا عمل عملا اثبته. وكان اذا نام من الليل او صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لشداد ابن اوس اذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد الحديث ومن عميق فقه السلف قول الحسن البصري رحمه الله اذا نظر اليك الشيطان فرآك مداوما في طاعة الله عز وجل فبغاك وبغاك. فرآك مداوما ورفضك واذا رآك مرة هكذا ومرة هكذا طمع فيك ايها المستمعون الكرام ايتها المستمعات الكريمات وكثير من الناس يقبل على الله في رمضان ويلازم العبادة حتى اذا ما ولى رمظان عاد الى سيرته الاولى وهذا خلل عظيم وفهم خاطئ يقع فيه كثير من المسلمين العبادة الحسنة المقبولة عند الله هي ما اورثت مداومة وملازمة ومن الاسباب التي تحصل بها حسن العبادة الاستعانة بالله تعالى نعم معاذ بن جبل رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ بيده يوما ثم قال يا معاذ والله اني لاحبك. فقال له معاذ بابي انت وامي يا رسول الله. وانا والله احبك. قال اوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك واوصى بذلك معاذ الصنابحية واوصى بها الصنابحي ابا عبدالرحمن واوصى بها عبدالرحمن عقبة بن مسلم وقد قرن الله بين العبادة والاستعانة فقال الحمدلله رب العالمين وقد قيل اذا لم يكن عون من الله للفتى فاكثر ما يجني عليه اجتهاده ومن الاسباب التي يحصل بها حسن العبادة اليوسف وترك التكلف والعنت فقد وصف الله كتابه باليسر فقال ولقد يسرنا القرآن للذكر وامتنا على نبيه باليسر فقال ونيسرك لليسرى. ولهذا ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين امرين الا اخذ ايسرهما ما لم يكن اثما فان كان تم اثم كان ابعد الناس منه متفق عليه وجعل دينه وشريعته عنوان اليسر والسماحة وقد عقد الحافظ الرباني ابن رجب رحمه الله فصلا في رسالته الماتعة المحجة في سير الدلجة. جمع فيه جملة حسنة من النصوص وقال ان احب الاعمال الى الله ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد تعسير كما قال سبحانه يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج. وقال وما جعل عليكم في الدين من حرج. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول يسروا ولا تعسروا. متفق عليه وقال انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين رواه البخاري وفي المسند عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم اي الاديان احب الى الله؟ قال حنيفية السمحة وفيه ايضا عن محجن بن الادرع ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل الى المسجد فرأى رجلا قائما يصلي فقال اتراه صادقا؟ فقيل يا نبي الله هذا فلان وهذا من احسن اهل المدينة او قال اكثر اهل المدينة صلاة قال لا تسمعه فتهلكه مرتين او ثلاثة. انكم امة اريد بها اليسر رواه احمد وفي رواية اخرى له قال ان خير دينكم ايسره وفي رواية اخرى له قال انكم لن تنالوا هذا الامر بالمغالبة وخرجه حميد بن زنجويه وزاد فيه من العمل ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا. وعليكم بالغدوة والروحة وشيء من الدنيا الى اخر كلامه رحمه الله فينبغي للمتعبد المحسن ان يدرك هذا المعنى وان يسوس نفسه سياسة السائس لجواده فان وجد من نفسه اقبالا ونشاطا زاد في العمل. وان رأى في نفسه انقباضا وازورارا وفي بدنه خمولا ارخى لها الزمام قليلا حتى تستجم ما رواه ابو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبة فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. رواه البخاري اللهم اهدنا لاحسن الاخلاق واحسن الاعمال. فانه لا يهدي لاحسنها الا انت. واصرف عنا سيء الاقوال وسيء الاعمال وسيء الاخلاق فانه لا يصرف سيئها الا انت. والحمدلله رب العالمين