ايها الصائمون الكرام ايتها الصائمات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته طبتم وطاب صيامكم وقيامكم وتبوأتم من الجنة منزلا نفسا وقروا عينا بطاعة الله عما قليل تلقون عنكم العناء وتصيرون الى رحمة الله ورضوانه فاصبروا واحتسبوا تحدثنا في الحلقة الماضية عن حكم الصيام اجمالا ونتحدث في هذه الحلقة عن من يجب عليه الصوم اداء. فاعلموا رحمني الله واياكم ان الصوم لا يجب اداء الا في حق من اجتمعت فيه اربعة الشرط الاول الاسلام لان الله طيب لا يقبل الا طيبا والكافر خبيث لا يقبل منه عمل في الدنيا ولا في الاخرة قال الله تعالى وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله وقال سبحانه وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا كما انه لا يصح منه لان الكافر ليس اهلا للعبادة فاذا اسلم الكافر في اثناء شهر رمضان لم يلزمه قضاء الايام الماضية لقوله تعالى قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وان اسلم في اثناء يوم منه كما يحصل للكثير من المهتدين في مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات لزمه امساك بقية اليوم لانه صار من اهل الوجوب حين اسلامه ولا يلزمه قضاؤه لانه لم يكن من اهل الوجوب حين وقت وجوب الامساك الشرط الثاني البلوغ فلا يجب الصيام على الصغير حتى يبلغ في قول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يفيق رواه الامام احمد وابو داود والنسائي وصححه الحاكم لكن ينبغي ان يأمره وليه بالصوم اذا طاقه تمرينا له على الطاعة ليألفها بعد بلوغه اقتداء بالسلف الصالح رضي الله عنهم فقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يصومون اولادهم وهم صغار ويذهبون الى المسجد فيجعلون لهم اللعبة من العهن يعني الصوف فاذا بكوا من فقد الطعام اعطوهم اللعبة يتلهون بها ولا ينبغي للولي ان تغلبه الشفقة على صغيره فيهمل تربيته على الصيام وهو مطيق له فضلا عن ان يمنعه من ذلك الاحسان اليه ان يشجعه على ما فيه صلاح امره في العاجل والاجل ويحصل بلوغ الذكر باحدى ثلاث علامات. العلامة الاولى انزال المني دفقا بلذة باحتلام او استمناء لقوله تعالى واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ولقوله صلى الله عليه وسلم غسل الجمعة واجب على كل محتلم متفق عليه العلامة الثانية نبات شعر العانة وهو الشعر الخشن ينبت حول القبل. لقول عطية القرضي رضي الله عنه عرضنا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فمن كان محتلما او انبتت قتل ومن لا ترك رواه احمد والنسائي وهو حديث صحيح العلامة الثالثة بلوغ تمام خمس عشرة سنة لقول عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد وانا ابن اربع عشرة سنة فلم يجزني اي لم يجزه في القتال زاد البيهقي وابن حبان في صحيحه بسند صحيح ولم يرني بلغت وعرضت عليه يوم الخندق وانا ابن خمس عشرة سنة فاجازني زاد البيهقي وابن حبان في صحيحه بسند صحيح ورآني بلغت. رواه الجماعة قال ابن نافع وقدمت على عمر ابن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته الحديث فقال ان هذا الحد بين الصغير والكبير وكتب لعماله ان يفرضوا يعني من العطاء لمن بلغ خمس عشرة سنة رواه البخاري وتزيد الانثى بعلامة رابعة وهي الحي فمتى حاضت الانثى فقد بلغت ما يجري عليها قلم التكليف وان لم تبلغ عشر سنين واذا حصل البلوغ اثناء نهار رمضان فان كان من بلغ صائم اتم صومه ولا شيء عليه وان كان مفطرا لزمه امساك بقية يومه لانه صار من اهل الوجوب ولا يلزمه قضاؤه لانه لم يكن من اهل الوجوب حين وجوب الامساك من الفجر واما الشرط الثالث بوجوب الصوم اداء فهو العقل لان العقل مناط التكليف المجنون وهو فاقد العقل لا يجب عليه الصيام فيما سبق من قول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة الحديث ولا يصح منه الصيام لانه ليس له عقل يعقل به العبادة وينويها والعبادة لا تصح الا بنية لقول النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فلو قدر انه يجن احيانا ويفيق احيانا لزمه الصوم حال افاقته دون حال جنونه واذا افاق المجنون اثناء نهار رمضان لزمه امساك بقية يومه لانه صار من اهل الوجوب ولا يلزمه قضاؤه الصبي اذا بلغ والكافر اذا اسلم ويدخل في شرط العقل الشيخ المهاجري والعجوز المهذرية اللذان بلغا حد الهذيان وسقط تمييزهما فلا يجب عليهم الصيام ولا الاطعام لسقوط التكليف عنهما فان كان يميز احيانا ويهذي احيانا وجب عليه الصوم حال تمييزه دون حال هذيانه وعم النائم فصومه صحيح ولو نام جميع النهار لانه في حكم المنتبه فلو نبه لانتبه كما انه يحس بالالم وبالحرارة وبالبرودة بخلاف مغمى عليه فمن اغني عليه جميع النهار لم يصح صومه فان افاق المغمى عليه جزءا من النهار صح صومه الشرط الرابع من شروط وجوب الصوم اداء الاطاقة وهي القدرة البدنية على الصوم اما العاجز عن الصيام عجزا مستمرا لا يرجى زواله الكبير والمريض مرضا لا يرجى برؤه. فلا يجب عليه الصيام. لانه لا يستطيعه وقد قال الله سبحانه فاتقوا الله ما استطعتم وقال لا يكلف الله نفسا الا وسعها لكن يجب عليه ان يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكينا لان الله سبحانه جعل الاطعام معادلا للصيام حين كان التخيير بينهما اول ما فرض الصيام فتعين ان يكون بدلا عن الصيام عند العجز عنه لانه معادله قال الله تعالى وعلى الذين يطيقون فدية طعام مسكين ويخير في الاطعام بين ان يفرقه حبا على المساكين لكل واحد مد من البر ربع الصاع النبوي ووزنه هاي المد نصف كيلو وعشر غرامات بالبر الرزين الجيد المقصود بالمد ما يملأ الرجل المعتدل الخلقة او ان يصلح طعاما فيدعو اليه مساكين بقدر الايام التي عليه قال الامام البخاري رحمه الله واما الشيخ الكبير اذا لم يطق الصيام فقد اطعم انس بعدما كبر عاما او عامين كل يوم مسكينا خبزا ولحما وافطر. وقال ابن عباس رضي الله عنهما في الشيخ الكبير والمرأة كبيرة لا يستطيعان ان يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا رواه البخاري. هذا وللحديث صلة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته