كبير التابعين محمد بن شهاب الزهري تلميذ صحابي انس بن مالك رضي الله عنه فكتب الزهري فرائض في علم الحديث وكان اول من جمع الاحاديث والاثار ثم اقتفى المحدثون اثره ونهجوا نهجا حتى كان العصر الذهبي لخدمة الحديث النبوي جلس الامام الكبير اسحاق بن راهويه شيخ المشرق وسيد الحفاظ جلس مجلس التحديث ذات يوم فقلب النظر في وجوه طلابه وقال لهم حديث النور والصدق هو الداعي الى الحق يجمعه البخاري تجمعنا لخير كلام سمائك للبخاري مخلدة على الايام. حديث جوامع الكلم الشهد عند فمي سنفهمها ونحفظها وننقلها الى الامم لتنظر هذه الدنيا الى اخلاقنا العليا الى الاسلام منصفة وتصفو عندها الرؤيا تنظر هذه الدنيا الى اخلاقنا العليا. الى الاسلام منصفا اتاني وتصفو عندها الرؤيا سبائك للبخاري ان التاريخ حفظ رجالا من اهل الاسلام لا يمكن زوال ذكرهم الا بزوال الاسلام. ولن يزول الاسلام الى قيام الساعة. انهم حملة هذا الدين ناقلوه الى الناس عبر هذه القرون الطوال. دروسنا في هذه الحلقات مع احد علماء القرن الثالث الهجري ذاق اليتم وعاش في كنف امه وكانت الكتاتيب بوابة بروزه وشهرته وامامته. سيرته ومن اعجب العجب في ذكائه وحفظه وفقهه وفي عبادته وزهده وورعه. ذلكم هو امير المؤمنين في الحديث ابو عبدالله محمد بن اسماعيل الجعفي البخاري الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد في القرن الثالث الهجري ازدهرت العلوم الاسلامية. واصبح لها مراكز متعددة بمكة والمدينة. والبصرة خراسان والكوفة والشام اضافة الى بغداد. عاصمة الخلافة ومركز العلوم والحضارة في ذلك العصر نمت فيه المذاهب الفقهية وتطورت علوم القرآن. والفت الكتب المتعددة في السيرة والطبقات وضعت علوم العربية لخدمة القرآن الكريم. اما علوم الحديث فقد بلغت في هذا قمة مجدها. وبرز فيه اعلام السنة وكبار محدثيها. منهم احمد بن حنبل ويحيى ابن معين، وعلي ابن المديني. محمد البخاري، ومسلم ابن الحجاج، والترمذي، وابن ماجة، وابو داوود والدارمي وغيرهم كثير. كل هؤلاء ظهروا في هذا العصر الذهبي للعلوم الاسلامية المسانيد وصنفوا المجاميع وجمعوا تراثا اسلاميا ضخما. في الحديث وعلومه ولم يكن هذا العصر عصر بداية الحديث وتدوينه. كما وهم البعض وانما كان عصر تطور الحديث وازدهاره اما بداية تدوين الحديث فقد كان في القرن الاول الهجري في عصر الصحابة رضوان الله عليهم فقد جاءت اثار صحيحة تدل على انه قد وقع كتابة شيء من السنة من قبل بعض الصحابة فقد كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كصحيفة علي ابن ابي طالب وكذلك الصحيفة الصادقة التي كانت لعبدالله بن عمرو بن العاص وكانت عند جابر ابن عبدالله الانصاري صحيفة. اضافة الى كتب ابن عباس وكتب ابن عمر. رضي الله عنهم اجمعين ولكن هذا التدوين والكتابة كان بصفة خاصة وبصورة محدودة ولم يكن عاما بحيث يتم تداول هذه الكتب بين الناس فقد كره الصحابة ان يتخذها الناس مصاحف يظاعون بها صحف القرآن وقتئذ فتختلط صحف الاحاديث بصحف القرآن وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يدون من السنة الا القليل حتى جاء القرن الثاني الهجري حين امر الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله بجمع الحديث النبوي بدواع اقترض ذلك بعد حفظ الامة لكتاب ربها. وامنها عليه ان بغيره من السنن فكان اول من استجاب لهذه الدعوة امام المحدثين في ذلك العصر لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة النبي عليه الصلاة والسلام كلمة هذه الكلمة رغم قصرها صنعت مشروعا. هذي الكلمة قدمت للبشرية عظم انتاج بشري. هذه الكلمة عرفت طريقها الى قلب طالب اعجمي جاء من بلاد ما وراء النهر. لما سمعها قال فوقع ذلك في قلبي فاخذت في جمع الجامع الصحيح. هنا تتجلى قوة الكلمة. الكلمة التي صنعت مشروعا ضم بين دفتيه اصح ما ورد من امور النبي عليه الصلاة والسلام وسننه وايامه. هذه الكلمة اشعلت نشاط هذا الطالب لاكثر من ست عشرة سنة. بعثته للعمل على جمع كتاب الصحيح بهمة لا تفتر وعمل لا يتوقف. ذلكم الطالب ومحمد بن اسماعيل البخاري فمن هو البخاري؟ هو محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة ابن بردزبة ابو عبدالله البخاري الحافظ الامام امير المحدثين ولد في بخارى في شوال سنة اربع وتسعين بعد المئة ببلدة بخارى احدى مدن اوزباكستان حاليا ولد من اسرة كريمة فوالده اسماعيل كان من ثقات المحدثين. سمع من الامام ما لك وصحب ابن المبارك وكان محدثا ورعا صالحا تقيا مات الاب وترك ابنه البخاري صغيرا فنشأ يتيما في حجر امه وكانت صالحة تقية واحسن التربية فنشأ نشأة علمية صالحة فقد بصره في صغره فاخذت امه تتضرع الى الله تعالى وتبتهل اليه فرأت في المنام ابراهيم عليه السلام. قال قال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ولكثرة دعائك فاصبح وقد رد الله على البخاري بصره. اسلمته امه الى الكتاب. فحفظ فيه القرآن الكريم وظهرت عليه اثار النجابة ورزقه الله تعالى قلبا واعيا وحافظة قوية والهمه حفظا والحديث فاخذ منه بحظ وافر تردد على العلماء لتلقي العلم واخذ الحديث فزار اكثر البلدان والامصار الاسلامية في ذلك الزمان بدأ من بلده بخارى بعد خروجه من الكتاب فسمع من شيوخ بلده ثم توسع ورحل الى الاقاليم المجاورة. ليسمع من شيوخها فرحل الى بلخ ومرو والري وهرات ثم ارتحل الى الحجاز حيث بدأ رحلته الخارجية. خرج للحج برفقة امه واخيه احمد الذي كان اكبر سنا منه ودخل مكة ثم رحل الى المدينة المنورة فاستقر بها مدة وفي الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الف البخاري اول كتابه وهو التاريخ الكبير وقال رحمه الله قل اسم في التاريخ الا وله عندي قصة ثم انطلق في مختلف الامصار حتى شملت رحلاته اغلب الحواضر العلمية في العالم الاسلامي انذاك رحل الى العراق ودخل بغداد ثماني مرات. وكان يجتمع فيها كل مرة بالامام احمد بن حنبل ورحل الى واسط والكوفة والبصرة ودخل مصر والشام وعسقلان لم يترك البخاري عالما سمع حلمه الا رحل اليه وحرص على اللقيا به كان واسع الطموح قوي الرغبة في طلب العلم. امضى عمره كله في رحلاته العلمية البحثية طويلة بين عواصم الاسلام للالتقاء بالمحدثين والسماع منهم. قال البخاري كتبت عن من الف وثمانين شيخا ليس منهم الا صاحب حديث. وقد كان البخاري رحمه الله في نادرة زمانه واعجوبة دهره. ولم يكن له نظير في عصره. روي عنه انه كان ينظر في الكتاب في حفظه من نظرة واحدة. قال البخاري عن نفسه احفظ مائة الف حديث صحيح ومئتي الف حديث غير صحيح واقرأوا عن اختبار اهل بغداد له فسترون العجب الف البخاري رحمه الله عدة مصنفات ومن ابرزها الجامع الصحيح المعروف بصحيح البخاري وكتاب الادب المفرد. وقد بوبه البخاري في عدة مواضيع تعنى بتهذيب الاخلاق وتقويم السلوك وكتاب بر الوالدين والقراءة خلف الامام ورفع اليدين في الصلاة وخلق افعال العباد وكتاب الهبة وكتاب الفوائد وكتاب الضعفاء وكتابة التفسير الكبير والمسند الكبير والتاريخ الكبير والتاريخ الاوسط والتاريخ الصغير كتب كثيرة وصلتنا بعض كتبه وللاسف لا يزال كثير منها مفقودا قال القسط اللاني سارت مؤلفات البخاري مسير الشمس ودارت الدنيا فما جحد فضلها الا يتخبطه الشيطان من المس. واشهر مصنفات الامام البخاري. بل اشهر كتب النبوي على الاطلاق وصحيح البخاري واسمه التام الجامع المسند الصحيح المختصر من امور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وايامه نعم سماه جامعا لانه جمع فيه مختلف الفنون والعلوم العقائد والاحكام والمعاملات والحدود والاخلاق والفضائل جنن والسير والطب والادب والرقاق والاعتصام بالكتاب والسنة وسماه مسندا لانه اورد فيه احاديث متصلة السند الى النبي عليه الصلاة والسلام وسماه صحيحا لانه التزم الا يورد فيه الا حديثا صحيحا قال البخاري ما ادخلت فيه حديثا الا بعد ما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته وسماه مختصرا لانه خرجه من ستمائة الف حديث. واختصره منها وقصد البخاري من تصنيف هذا الجامع الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والدفاع عن حديثه والرد على الجهمية والمعطلة وبعض الطرق المنحرفة يقول البخاري رحمه الله رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام وكاني واقف بين يديه وبيدي مروحة اذب بها عنه. فسألت بعض المعبرين فقال لي انت ستذب عنه الكذب. يقول البخاري هذا الذي حملني على اخراج الجامع الصحيح وقد مكث البخاري في تصنيف الصحيح وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاما وقد جمع فيه البخاري حوالي سبعة الاف وخمسمية وثلاثة وتسعين حديثا اختارها الامام البخاري من بين ست مئة الف حديث وقد كان مدققا متشددا في قبول الرواية. وكان يشترط المعاصرة وتحقق اللقاء بين الراوي وشيخه اذا روى عنه بالعنعنة هذا الى جانب وجوب اتصاف الراوي بالثقة والعدالة والظبط والاتقان البخاري لما فرغ من تصنيف كتابه الصحيح عرضه على عدد من اكابر علماء عصره تمت مراجعته وتمحيصه مثل احمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين. هؤلاء الثلاثة عمالة ثقة اساتذة الحديث وعباقرة العلماء امتحنوه في صحيحه ناقشوه في احاديثه فاستحسنوه وشهدوا له بصحة ما في كتابه وتلقته الامة بالقبول باعتباره اصح كتاب بعد القرآن واقبل العلماء على الجامع الصحيح عبر العصور واعتنوا به عناية فائقة في مصنفات كثيرة جدا ما بين شرح وتعليق وتحقيق وتلخيص واختصار وتهذيب وترتيب وتأليف اطرافه وشرح تراجمه رجاله وبيان غريبه ووصل مرسله وتعليقاته ام همه اضافة الى ابراز فوائده ولطائفه حديثا وفقها وعربية وبلاغة ووضعا وترتيبا وتوزيعا وتبويبا حتى في تعديد حروفه وكلماته وما الى ذلك امر في غاية العجب هل تعلمون يا احبة ان صحيح البخاري جرى تقليبه وتفتيشه حرفا حرفا ولفظا لفظا عبر اجيال المحدثين في كل عصر حوكم محاكمة دقيقة قاسية حتى استحق بحق وصفة اصح كتاب بعد القرآن واصبح كتاب جمعه انسان. ان مستوى المحاكمة التي نصبت للبخاري من المحدثين مذهل قيل لا نعرف كتابا اخر تعرظ لمثله. فقد جرى فحص الرواة في هذا الكتاب واحدا واحدا شخصا شخصا اسما اسما ثم فحص الفاظ الحديث لفظا لفظا ثم مقارنة من حديثه حديثا حديثا ومناقشة منهج البخاري في ايراد الرواية والترجمة لها. ودراسة منهج البخاري في اختيار شيوخه وتعدد طرقه واسباب اختياراته وتنبيهاته وترجيحاته. انه بحق بناء شامخ ومن نافية القول بان القواعد التي وضعها المحدثون والذين من بينهم البخاري قبول الرواية كانت من الشدة والدقة بمكان بحيث لو طبقت على التاريخ لما بقي لنا تاريخ ان مجموع المعارف الانسانية لا تصمد اذا دخلت على الة المحدثين التصحيحية والتي شهد لها علماء الغرب والمنصفون من المستشرقين. انصفوا البخاري هذه الاية الحديثية هي نفسها دليل ساطع على ان الله تعالى قد حفظ دينه من لم يعاني علم الحديث سيظن ان كلامي هذا من المبالغات وساعذره فهذا امر لا يعرفه الا من درس علم الحديث وفهم وعاينه انا في كل مرة اقرأ فيه صحيح البخاري او اطلع على الجهود العلمية المنبثقة عن هذا الكتاب يشملني شعور عارم بالفخر والزهو. فخر باني ابن الاسلام. وزهو باني ابن هذه الحضارة عريقة. رحلتي مع صحيح البخاري بدأت مع والدي الشيخ المحدث المقرئ محمد سعيد الحسيني رحمه الله شيخ قراء البحرين قبل اكثر من ثلاثين سنة عندما كان يعقد مجلسا مباركا بعد صلاة الفجر ونحن صغار وحتى شروق الشمس يفتح الكتاب فيشرح صحيح البخاري. فر تبطب هذا السفر العظيم منذ ذلك الوقت. ولقد كانت امنية عمري ان يمن الله تعالى علي بخدمة صحيح البخاري حتى وتتني الفرصة وتحقق الامل. فوفقني الله تعالى الى جمع هذا المختصر من صحيح البخاري انتقيت منه خمسمئة حديث واسميته سبائك البخاري هي والله انقى من احجار الياقوت والزمرد. وارقى من عقود اللآلئ والمرجان. واغلى من عواقي الفضة وسبائك الذهب. وما احسن ما قاله ابو عامر الفضل الجرجاني يقول اساني مثل نجوم السماء امام متون كمثل الشهب. به قام ميزان دين الرسول انا به العجم بعد العرب. صحيح البخاري لو انصفوه لما خط الا بماء الذهب. كم هو شرف عظيم ان نأخذ جولة مع صحيح البخاري. فكثيرا ما سمعتم عن هذا الكتاب واغلبكم لم يقرأه يوما ولم يدري ما فيه. لكننا في هذه المجالس الحديثية سنفتح معا هذا الكنز النفيس. ونقلب سبائكه واحدة تلو الاخرى. ننتقل ما بين الاخلاص والايمان ونتفقه في العبادات والمعاملات. ونسمع المواعظ والرقاق ونصحح السلوك والاخلاق ونعرف الحقوق والاداب وندخل البيوت والمساجد والسوق والمحاكم. ونخوض غمار المعارك والغزوات ونتداوى بطب الابدان والارواح في هذه الرحلة الماتعة ستظهر لنا عدالة الاحكام. وعظمة الاسلام وصيانته للانسان تشريفه للنساء ورأفته بالصبيان ورفقه بالحيوان. سنسافر معا من خلاله الى مكة وطيبة ونتعرف على الصحابة والقرابة ونعرف الشمائل والسنن لنزداد حبا لهم وشوقا واقتداء انها حياة كاملة. حياة مع صحيح البخاري. اخي اني افتح لك الباب لتنضم الى مجلسنا المبارك. فجهز محابرك واوراقك. واحضر قلبك وفكرك هلم بينام الى دقائق معدودة من العلم والفقه والمتعة والفكر. دقائق معدودة تنفع بها قلبك وسمعك ومن حولك ان قلت او فعلت او احييت سنة او دفعت بدعة. هلم الينا. فحيثما اكنت تأتيك الملائكة وتغشاك الرحمة ويكرمك الله بمغفرته وفضله. صحيحه كان مكتملا لكل الدين مشتملا احاط العلم اجمعه وضم القول والعمل الا اليك سبائك الذهب حديثا ليس بالكاذبين. كلام نبينا الغالي لشفيع الخلق خير نبي اليك سمائك النهبي حديدا ليس بالكذب امن بينا الغالي شفيع الخلق خير نبيه. سبائك للبخاري