والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف رحمه الله تعالى وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله متفق عليه وعن ابي هريرة وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأتم فابدأوا بميامنكم اخرجه الاربعة وصححه ابن خزيمة هذان الحديثان الحديث الاول متفق عليه وهو في تقديم النبي صلى الله عليه وسلم لليمين والحديث الآخر صححه ابن خزيمة ورواه الاربعة والمراد بالاربعة الترمذي وابو داوود والنسائي وابن ماجه امر اذا توضأتم نبدأ بميامكم والحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه يعجبه يعني يسره ويرضيه ويحبه حتى التيمن البدء باليمين بتنعله يعني في لبسه علي وترجله تسريحه لشعره عليه الصلاة والسلام شعر الرأس وشعر اللحية وطهوره يعني وضوءه اذا توضأ يغسل اليد اليمنى قبل اليسرى والرجل اليمنى قبل اليسرى وفي شأنه كله هذا تعميم بعد التخصيص اول خصص ام عمهم وهذا التعميم مرادا به ما كان حسنا بخلاف ما كان من باب ازالة الوسخ او من باب التنظيف او الشيء المفضول فانه لا يقدم اليمين فيه في شأنه كله مما هو فاضل لانه جاء انه اذا دخل مكان قضاء الحاجة رجله اليسرى واذا خرج من المسجد يقدم رجله اليسرى واذا دخل يقدم رجله اليمنى واذا خرج من البيت الى السوق يقدم رجله اليسرى فالمراد بشأنه كله يعني مما هو مرغوب فيه مما هو دون المفضول وحديث ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأتم فابدأوا هذا امر والامر يقتضي الوجوه وله صارف عن الوجوه ما هو هذا الصارف ما الذي صرفه عن الوجوب الحديث الاول المتفق عليه يعجبه ايعجبه صرف الامر في قوله اذا توضأتم فابدأوا لانه لو كان على سبيل الوجوب ما قالت عائشة رضي الله عنها يعجبه لان الاعجاب في تقديم شيء على شيء لا على سبيل الوجوه والتأكيد وانما على سبيل الاستحباب ابدأوا بميامنكم. والمراد اليدين تبدأ باليد اليمنى وبالرجلين ابدأ بالرجل اليمنى وهكذا في الامور الاخرى عليها كالاكل والشرب تقديم اليمين على الشمال واخذ من الحديثين البداءة هو بتقديم اليمين استحبابا مؤكدا وليس بواجب ويقول الامام النووي رحمه الله الاجماع على انه ليس بواجب البدء باليمين. وانما هو مستحب فمعناه انه لو لا والله وغسل يده اليسرى الى المرفق قبل اليد اليمنى فالوضوء صحيح وانما الافضل ان يبدأ باليمين وكذا عند لبس القميص وكذا عند تسريح الشعر وكذا عند حلق الشعر ويبدأ باليمين بالشق الايمني قبل الايسر كل هذا استحبابا مؤكدا وليس بواجب قال الامام النووي رحمه الله اجمع العلماء على ان تقديم اليمنى في الوضوء سنة من خالفها فاته الفضل وتم وضوءه الوضوء صحيح لكن فاته الفضل والافضل تقديم اليمين ويحسن الانسان في جميع اموره الفاضلة ان يبدأ اليمين استشعارا السنة واخذا بها فيحرص على هذا لتكون عاداته عبادات ومع الغفلة والذهول تكون العبادات بمنزلة العادات يعني ما يفكر في هذا ولا يخطر على باله الاخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنقلب العبادة كأنها عادة وعند استحضار النية تنقلب العادات الى عبادات مثلا عند الاكل انوي بهذا التقوي على الطاعة عند لبس الثوب المناسب ينوي بهذا الظهور في المظهر اللائق امام اخوانه عند كل ما ياتي ويذهب يحتسب هذا عند الله جل وعلا وتتفاوت الاعمال بالنيات قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وقد يأكل الثلاثة من اناء واحد واحد يؤجر والثاني يأثم والثالث لا له ولا عليه الاول يؤجر لانه نوى باكله هذا التقوي على طاعة الله يؤجر باكله كما جاء عن عائشة رضي الله عنها اني لاحتسب نومتي كما احتسب قومتي يعني تنام محتسبة ذلك تتقوى بهذا النوم على العبادة والاخر من الثلاثة يأكل ليتقوى بهذا الاكل على ما يريد ان يعمله من المعصية وهو يأكل ليتقوى على يأتي بمعصية من المعاصي فاكل ليتقوى عليها فهذا اثم والاخر لا هذا ولا هذا اكل رغبة في الاكل دون ان ينوي خيرا او ينوي شرا لا له ولا عليه لان الاكل مباح الاصل فيه الاباحة ويحسن بالمؤمن ان يستشعر النية الحسنة فيما يأتي ويذر يؤجر على جميع افعاله وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن تقديم الايمن في تنعله في لبس نعله وترجله بالجيم اي مشط مشط شعره وطهوره وفي شأنه كله تعميم بعد التخسيس متفق عليه قال ابن دقيق العيد رحمه الله هو عام مخصوص اذا لبس النعل يلبس اليمين اول واذا خلع يخلع اليسار اول واذا لبس الثوب يقدم اليمين اول واذا خلع يخلع اليسار اول. وهكذا اذا دخل مكان قضاء الحاجة يقدم اليسار واذا خرج نقدم اليمين واذا دخل المسجد يقدم اليمين واذا خرج يقدم اليسار قال ابن دقيق العيد رحمه الله هو عام مخصوص يعني قوله كله هذا عام لكنه يقول مخصوص بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقديم اليمين في الشيء الفاضل ليس في كل الامور لانه مثلا عند النظافة او عند الاستنجاء او نحو ذلك ما يقدم اليمين وانما يقدم اليسار هو عام مخصوص يعني قوله كله بدخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما فانه يبدأ فيهما باليسار والتأكيد بكله يدل على بقاء التعميم ودفع التجاوز عن البعض ويحتمل ان يقال حقيقة الشأن ما كان فعلا مقصودا وما يستحب فيه التياسر ليس من الافعال المقصودة. بل هي اما طرق واما غير مقصودة والحديث دليل على استحباب البداءة بشق الرأس الايمن في الترجل والغسل والحلق وبالميامن في الوضوء والغسل والاكل والشرب وغير ذلك قال النووي رحمه الله تعالى قاعدة الشرع المستمرة البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين وما كان بضدها استحب فيه التياسر ويأتي الحديث في الوضوء قريبا وهذه الدلالة للحديث مبينة على ان لفظ يعجبه يدل يدل على استحباب ذلك شرعا وقد ذكرنا قال وقد ذكرنا تحقيقه في حواشي شرح العمدة عند الكلام على هذا الحديث قوله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأتم فابدأوا بميامنكم اخرجه الاربعة وصححه ابن خزيمة واخرجه احمد وابن حبان والبيهقي وزاد فيه واذا لبستم هذا واضح في الامر والامر الاصل للوجوب لكن صرفه عن الهجوم الحديث السابق يعجبه قال ابن دقيق العيد رحمه الله هو حقيق بأي صحة والحديث دليل على البداءة بالميامن عند الوضوء في غسل اليدين والرجلين واما غيرهما كالوجه والرأس فظاهر ايضا شمولهما الا انه لم يقل احد به فيهما ولا ورد في احاديث التعليم بخلاف اليدين والرجلين واحاديث التعليم وردت بتقديم اليمنى فيهما على اليسرى في حديث عثمان رضي الله عنه الذي مضى وغيره والاية مجملة الاحاديث التي نقلت وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كلها نقلت انه بدأ باليمين صلى الله عليه وسلم والاية مجملة بينتها السنة واختلف في وجوب ذلك ولا كلام في انه الاولى عند الهداوية يجب لحديث الكتاب وهو بلفظ الامر وهو للوجوب في اصله. وباستمرار فعله صلى الله عليه وسلم له فانه ما روي انه توضأ مرة واحدة بخلافه الا ما ياتي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولانه فعله بيانا للواجب فيجب ولحديث ابن عمر وزيد ابن ثابت وابي هريرة رضي الله عنهم انه صلى الله عليه وسلم توضأ على الولاء ثم قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به وله طرق يشد بعضها بعضا وقالت الحنفية وجماعة لا يجب الترتيب بين اعضاء الوضوء ولا بين اليمنى واليسرى هؤلاء قالوا لا يجب الترتيب بين الاعضاء يعني لو غسلت الرجلين قبل اليدين او غسلت اليدين قبل الوجه صح عندهم. وهذا خلاف الصحيح لان الاية رتبت رتبت وادخلت الاية الكريمة الممسوحة بين المغسولات وادخال الممسوح بين المغسولات دليل على الترتيب. وان كانت الواو لا تقتضي ترتيبا. لان الواو الاصل انها لا تقتضي الترتيب لكن ادخال الممسوح بين المغسولات دليل على ان هذا مقصود وقالت الحنفية وجماعة لا يجب الترتيب بين اعضاء الوضوء ولا بين اليمنى واليسرى من اليدين والرجلين قالوا الواو في الاية لا تقتضي الترتيب وبانه قد روي عن علي رضي الله عنه انه بدأ بمياسره وبانه قال ما ابالي بشمالي بدأت ام بيميني اذا اتممت الوضوء واجيب عنه بانهما اثران غير ثابتين فلا تقوم بهما حجة ولا يقاومان ما سلف وان كانت دار قطني رحمه الله قد اخرج حديث علي ولم يضعفه. واخرجه من طرق بالفاظ ولكنها موقوفة كلها والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين