ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار عباد الله هل جزاء الاحسان الا الاحسان هذا في الخير وكذلك في الشر فقد قال الله تعالى جزاء الوفاق ومن مكر مكر الله به ومن ضار ضار الله به ومن شق على عباد الله شق الله عليه وهكذا من اكل بمسلم اكلة او غدر به رفع له لواء الغدر يوم القيامة واهل المعروف في الدنيا هم اهل المعروف في الاخرة واهل المنكر في الدنيا هم اهل المنكر في الاخرة والله سبحانه وتعالى حكم عدل يجزي عباده على اعمالهم فكما ان من وسع على مسلم وسع الله عليه ومن نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن رد عن اخيه الغيبة في غيبته رد الله النار عن وجهه يوم القيامة وهكذا سبحانه وتعالى لا يزال يخلف على الصالحين يا ابن ادم انفق انفق عليك ولا تزال نعم الله تترى على عباده بحسب اعمالهم عباد الله ان ربنا سبحانه وتعالى قال اذا قيل لكم افسحوا فافسحوا افسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وهذا الفسح في الصدر وهذا الفسح في الرزق وهذا الفسح في القبر وهذا الفسح في جنة المأوى وكذلك فان العبد اذا مات ولده فحمد الله واسترجع وقال الحمد لله بنى الله له بيتا في الجنة يسمى بيت الحمد لماذا لانه حمده فيقول الله للملائكة قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول ابنوا لعبدي بيتا وسموه بيت الحمد وهكذا من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة وترى ان الجزاء يكون في الدنيا والاخرة كبر الوالدين فيقيض الله له من اولاده من يبره وكما ان من اعطى لله اعطاه الله فعلى حسب العطية تكون المكافأة ولذلك كان بعض السلف كعبد الله ابن المبارك ينكر على مملوكه ان يعد الدراهم قبل اعطائها للفقراء ويقول احثوا لهم حثيا يعني اقبض واعط ولا تعد والله سبحانه وتعالى يعطي بلا عدد فاذا اعطى سبحانه فلا راد لعطائه ولا ممسك لرحمته سبحانه وتعالى عباد الله هذا المعنى الذي ينبغي ان نربي عليه اولادنا وان نبشرهم بعطاء الله سبحانه وتعالى والخير لا يثمر الا خيرا والجزاء من جنس العمل وكذلك ان نحذرهم بان من خذل مسلما خذله الله ومن تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته كما ان من ستر مسلما ستره الله ومن يسر على معسر يسر الله عليه ومن عفا عن عباد الله عفا الله عنه والراحمون يرحمهم من في السماء فكما رحموا عباده رحمهم سبحانه وتعالى وتأمل في حال سليمان عليه السلام لما ترك لله ماذا اعطاه الله لما شغلته خيل الجهاد عن صلاة العصر حتى توارت بالحجاب فطفق مسحا بالسوق والاعناق ماذا فعل الله له سخر الله له الريح تجري بامره رخاء حيث اراد والشياطين مقرنين في الاصفاد يعملون له ما يشاء وكذلك تأمل في امر يوسف عليه السلام لما اثر السجن والضيق على الشهوة المحرمة قال السجن احب الي مما يدعونني اليه. يعني من الحرم عوضه الله سبحانه وتعالى الوزارة والمنصب فصار له الامر والنهي يقضي ويعطي مكن الله له في الارض واصابه برحمته وتأمل ايضا في المقابل لما ترك المهاجرون في سبيل الله بيوتهم لله وذهبوا الى المدينة تاركين اموالهم ودورهم في مكة عوضهم الله سبحانه وتعالى بالفتوحات فصارت لهم اموال الدنيا من فارس والروم وسكنوا قصورهم واورثهم ارضهم وديارهم واموالهم فمن جاد لله جاد الله عليه واعطاه ولو بعد حين الرب كريم ان تصدق الله يصدقك كما قال عليه الصلاة والسلام لذلك الاعرابي وفعلا حصل ربنا سبحانه قال فاذكروني اذكركم فتأمل كيف جعل جزاءهم بذكره انه يذكرهم في ملأ خير من اولئك الملأ من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي فعطاء الله اعظم عطاء الله اكبر والله عز وجل يجازي ويحسن وهل جزاء الاحسان الا الاحسان عباد الله عندما كان ذلك الرجل له بستان يخرج ثلثه صدقة والثلث يعيده فيه من بذر واجرة عمل وثلث لاهله فثلث للفقراء وثلث يرده فيها وثلث لاهله جعل الله تلك السحابة تمطر ويسوق الماء الى تلك الحديقة وذلك البستان من دون سائر حدائق الناس وبساتينهم ايها المسلمون هذا القرض من يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعاف مضاعفة ويجزيه وقد يأتي الخلف مباشرة وقد يتأخر الخلف لامر يريده سبحانه قالت امرأة جائتني فقيرة فاعطيتها اربعة جنيهات وكان عندي كيس من السكر لا يوجد غير في مطبخي فاردت ان اعطيها اياه فقالت نفسي انت تحتاجين واولادك وليس لك غيره ثم عزمت فاعطيتها فما لبث ان جاء والد زوجي بعشرين كيسا من السكر وقال هذا زاد وفاض عندنا فاعطانا اياه والامام ابن عقيل رحمه الله كان في الحج فعثر على عقد من اللؤلؤ في خيط احمر منظوما في خيط الاحمر فاذا رجل مسن يقول من وجد عقدي وله مئة دينار من الذهب فلما وصفه قال اعطيته اياه ولم يأخذ مقابله شيئا وبعد الحج ذهب في رحلة علمية طويلة كعادة العلماء فدخل بغداد ثم قصد الشام ودخل بيت المقدس ثم دمشق حتى وصل الى حلب وهو فقير قد نفذ ما له مسكين ليس له من يؤويه فاوى الى مسجد فغاب امامهم مرة فقدموه فاعجبهم صوته ثم ان هذا المسجد كان له امام قد توفي فقالوا له ام بنا بدلا منه وبعد مدة قالوا له لما رأوا صلاحه ان لامامنا بنتا انت اهل لها تزوجوه اياها فبنى بها فوجدها بنتا صالحة من تربية حسنة فتأمل يوما من الايام في عنقها فوجد عقد الذهب عقد اللؤلؤ بخيط بخيط الحرير الاحمر فتعجب من ذلك واخبرها عن قصته فقالت انت هو كان ابي رحمه الله يذكر الذي رد العقد ويبكي ويقول قيد لبنتي زوجا مثله قال فما لبثت بعد ذلك ان مرضت فماتت وورث وورث العقد ورجع الى بلده عباد الله ايها المسلمون ان الله سبحانه وتعالى كريم فعلينا ان نجود لله ويجود الله علينا اللهم انا نسألك ان تجعلنا من اهل الجود والاحسان يا رحيم يا رحمن اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله اشهد ان لا اله الا هو ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا واشهد ان محمدا عبد الله دعا الى الله ولم يشرك به احدا فصلوات ربي وسلامه عليه سيدنا وقدوتنا وامامنا ونبينا محمد بن عبدالله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ازواجه وذريته الطيبين واله واصحابه وخلفائه الميامين والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين عباد الله قد اظلكم شهر عظيم من اشهر الله وهو ذو القعدة قيل انه سمي بذلك لان العرب كانت تقعد فيه عن الغارات انتظارا لموسم الحج هذا الشهر من الاشهر الحرم الثلاثة المتوالية وهي اربع قال عليه الصلاة والسلام ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورابعها رجب الفرد رجب مضر قال الله تعالى ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها اربعة حرم فهي هذه. قال تعالى موصيا عباده فلا تظلموا فيهن انفسكم قال قتادة رحمه الله ان الخير يضاعف فيها وكذلك السيئات ذلك الدين القيم اذا فلا تظلموا فيهن انفسكم فان السيئات فيها تعظم قدرا لا كم من لان السيئات السيئة بواحدة لا تضاعف في العدد ولكن اذا اقترنت بشهر بزمن فاضل او مكان فاضل كالحرم تعظم فلا تظلموا فيهن انفسكم باي معصية من المعاصي وهذا الشهر ذو القعدة من اشهر الحج فاذا ينعقد الحج فيه بمن احرم بالحج باي نوع من انواع النسك الثلاثة وكذلك فان العلماء قد ذكروا بان العمرة فيه مستحبة لان النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في عمره اربع عمر كلهن في ذي القعدة كما ثبت ذلك فالعمرة فيه مستحبة قال بعض العلماء لا تفضوا العمرة ذي القعدة الا عمرة رمضان وبعضهم تردد ايهما افضل؟ حتى قال ابن القيم رحمه الله وهذا مما استخير الله فيه ومن اعتمر فيه ثم رجع الى بلده ثم حج فلا يكون متمتعا للانقطاع الذي حصل برجوعه الى بلده لكن ان بقي في الحرم كان متمتعا عليه هدي التمتع وهذا التمتع هو النسك العظيم عباد الله وقد ذكر بعض اهل العلم ان من لم يتمكن من صيام الست من شوال كامرأة طال عذرها من حمل ورضاع ونحو ذلك فلما قضت في شوال استوفت الشهر ولم تنتهي قال يكمل الستة في ذي القعدة ايها المسلمون يا عباد الله اذكروا نعمة الله عليكم واخشوا ربكم فان الله سبحانه وتعالى كما يكافئ على الانعام بالزيادة لئن شكرتم لازيدنكم كذلك يكافئ على الكفران بالنقص ومن رأى البطر والترف ورمي النعمة يخاف والله يخاف والله فقد كانت بلدان فيها رخاء ذكروا في بعض بلدان القرن الافريقي من كثرة النعمة ووفور الخير ان بعض الناس كان يذبح الخروف ولا يأخذ الا الكبد ويرمي الباقي فانظر ماذا ال الامر اليه في الف وثلاث مئة وسبعة وعشرين الف وتسع مئة وتسعة سنة الجوع في الجزيرة ماذا كان حال الناس كانوا يرقبون الفطيسة لاكلها وعلى التمرة ويخبطون ورق الشجر ويطحنونه ويغلون الماء يغلونه بالماء ليشربوا مالهم الا هذا وجدت امرأة ميتة وعلى ثديها طفلها من الجوع مات يدور الاولاد بالليل على البلدان يطرقون الابواب ليعطوا شيئا فلا يوجد شيء فاذا فتح اصحاب البيوت ابوابهم في الصباح وجدوا هؤلاء موتى من الجوع على الابواب تأتي المرأة الى قريبها في مجمع من الرجال تقول له تملك علي على سنة الله ورسوله فيطرق برأسه قد اهمته نفسه من الجوع فتكون للرجال اما فيكم احد يرغب في بالزواج يا ايها الاجواد فكلهم يطرقون برؤوسهم يلحقون الجراد لو وجدوا جرادا يا عباد الله اذكروا نعمة الله عليكم وحدوا ربكم واشكروا على النعمة تعملوها في طاعته لا ترموا النعم لا للبطر والترف والاشر والكبر فان ربكم لبالمرصاد اللهم اتمم نعمتك علينا وزدنا من فضلك يا رب العالمين اعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا واثرنا ولا تؤثر علينا اللهم لا تحرمنا فضلك بذنوبنا يا رب العالمين وسع علينا في ارزاقنا وفي دورنا واقض ديوننا واشف مرضانا وارحم موتانا واغفر ذنوبنا واجمع على الحق كلمتنا امنا في الاوطان الطاني والدور واصلح الائمة وولاة الامور واغفر لنا يا عزيز يا غفور. واجعل بلدنا هذا امنا مطمئنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم ارفع الفتن عنها. ما ظهر منها وما بطن. اللهم ارحم حال اخواننا المستضعفين اللهم امددهم بمدد من عندك يا رب العالمين نعوذ بك من تحول عافيتك وزوال نعمتك فجأة نقمتك وجميع سخطك اللهم لا تفرق جمعنا هذا الا بذنب مغفور وعمل مبرور وسعي متقبل مشكور ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم علكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون