وجميع ما في القرآن جمع في الفاتحة وجميع ما في الفاتحة جمع في قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين وما بلغت هذه السورة هذه المنزلة الا لما اشتملت عليه من الالهيات واثبات النبوة والتوحيد والمعاد وخاصية على خلقه واسم الله الراجح انه مشتق وهو مأخوذ من التأله اي التعبد والتنسك واسم الله علم على الرب سبحانه وتعالى ولا يسمى به الا هو سبحانه وتعالى. وكذلك الرحمن سورة الفاتحة والسلام على رسول الله واله وصحبه اجمعين. اما بعد فان سورة الفاتحة اعظم سور القرآن وقد ورد في فضلها احاديث كثيرة. ولهذه السورة العظيمة اسماء منها الحمد والصلاة وذلك لما جاء في الحديث القدسي ان الله تعالى يقول قسمت الصلاة بيني ان عبدي نصفين ولعبدي ما سألت. فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين. قال الله تعالى حمدني عبدي واذا قال الرحمن الرحيم قال الله تعالى اثنى علي عبدي. واذا قال ما لك يوم الدين. قال مجدني عبدي وقال مرة فوض الي عبدي. فاذا قال اياك نعبد واياك نستعين. قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سألت. فاذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هذا لعبدي ولعبدي ما سألت. فسماها صلاة بانها ركن في الصلاة لابد منه. فلو اقتصر عليها في الصلاة صحت صلاته بخلاف غيرها. وتسمى ام القرآن وام الكتاب. فالعرب تسمي الشيء الذي له اصل وله توابع اما فكذلك الفاتحة تسمى ام القرآن لان معاني القرآن ترجع اليها وتسمى ايضا السبع المثاني والشفاء والرقية والواقية والكافية وغيرها. وتعدد الاسماء يدل على عظمة مسمى لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور مثلها. فجميع ما في الكتب المنزلة من المعاني دمعت في القرآن اخلاص العبادة لله عز وجل. والرد على اهل البدع وتقسيم الناس الى الذين انعم الله عليهم والمغضوب عليهم ولا الضالين. وهي سورة مكية كما جاء في الصحيح انها نزلت. والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة وقراءة الفاتحة ركن في كل ركعة في الصلاة فرضا كانت او نافلة. وسواء اكان المصلي منفردا او وهي على المأموم واجب مخفف يسقط مع الجهل والنسيان ونحو ذلك. ولا تصح صلاة لا تقرأ فيها فاتحة الكتاب والاستعاذة هي طلب العود والالتجاء الى الله تعالى مما يخافه الانسان. وقد ورد الامر بالاستعاذة بعدة ايات في القرآن وهي مستحبة كما عليه جمهور العلماء عند كل قراءة في الصلاة وخارجها. الا ان في تكفي ان يستعيذ في الركعة الاولى والصواب ان البسملة اية مستقلة في اول كل سورة فليست من الفاتحة ولا من غيرها وهي بعض ايات من سورة النبل بالاجماع. وذلك قوله انه من سليمان وانه باسمه الله الرحمن الرحيم. ويشرع ذكر البسملة في بداية كل قول وعمل. حيث اشتملت على ذكر اسم الله الذي لا معبود حق سواه واشتملت ايضا على ذكر بعض صفاته الحسنى. فهو الرحمن الرحيم الذي يفيض بالنعم الجليلة عامها الرحمن الرحيم من اسماء الله تعالى الحسنى وهما اسمان مشتقان يدلان على الرحمة والرحمن اسم قاص بالله تعالى لا يطلق على غيره. واما الرحيم فهو اسم مشترك يطلق على الله وعلى غيره. وقد جاء في حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين يقطع قراءته اية اية. تعني انه صلى الله عليه وسلم فكان يقي على رؤوس الاية بل اولى القطع ولا بأس بالوصل وفق الله الجميع لطاعته. ورزق الله الجميع العلم والعمل الصالح صلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين