الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله واصحابه اجمعين اما بعد فينعقدوا هذا المجلس في العاشر من الشهر الرابع من سنة اربع واربعين واربعمائة والف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها رسول الله الصلاة والسلام في المسجد النبوي الشريف مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في شرح كتاب الاشارة للعلامة الفقيه ابي الوليد الباجي رحمه الله في اصول الفقه وكنا انتهينا من كلام المصنف في مسألة شرع من قبلنا وذكر انها مسألة مقتصدة ولها ادلة معينة وهي تشبه مسألة النسخ من هذا الوجه وما يذكر فيها هي اعيان من الادلة ينظر امرها بهذا الاعتبار ولا يتمحض فيها عند التحقيق وجه مطرد الا ما يكون من باب الاستدلال المفصل الا ما يكون من باب الاستدلال المفصل ولكنها مسألة معروفة متقدمة وليست مما ذكره المتأخرون بل هي مسألة معروفة متقدمة نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين قال الامام الباجي رحمه الله تعالى في كتابه الاشارة في معرفة الاصول. باب الاجماع واحكامه اجماع قال العلامة ابو الوليد الباجي باب الاجماع واحكامه الاجماع من اشرف اصول اهل الاسلام ومن اصول قواعد السنة والجماعة وهو من اجل الاصول الشرعية المعظمة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهو من الاصول الدالة على العلم والدالة على الاتفاق على الحق والدالة على ثبوت الحق وهو من الاصول التي عظمها ائمة السنة قاطبة من الفقهاء والمحدثين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وائمة القرون الثلاثة المفضلة وعلى ذلك درج الفقهاء قاطبة من اصحاب الامام احمد ومالك وابي حنيفة والشافعي واهل الظاهر وغيرهم فان جميع الفقهاء يعظمون هذا الاصل وهو عند السلف اصل شريف عظيم بالغ القدر وتعظيمه كثير في كلام الله سبحانه وتعالى فان الله جل وعلا لما ذكر ما اوجبه على عباده ومن خالف ذلك قال الله سبحانه ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولاه ونصله جهنم وساءت مصيرا وبين الله سبحانه ان الاتباع لغير سبيل المؤمنين ومن المشاقة للرسول صلى الله عليه واله وسلم وامر الله بالاعتصام بدين الله وهو الاجتماع عليه وقال سبحان كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وكل ما قرره علماء الشريعة في احكامها واجمعوا عليه فهو من هذا الباب وكذلك ما جاء في قول الرب سبحانه وتعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واثنى الله سبحانه وتعالى على المهاجرين والانصار به بل واثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين الى قيام الساعة بهذا الاصل الشريف والعمل به ورعايته وتعظيمه ومنه قوله سبحانه وتعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ومن رضي الله عنه فانه قد حقق العلم والعمل فانه سبحانه وتعالى لا يرضى عن من خالف اصول العلم او اصول العمل وانما الاية شاهدة ودالة دلالة دالة دلالة بينة على تعظيم هذا الاصل حتى وجب فعلى الناس بعد الصحابة رضي الله تعالى عنهم من يقتدوا بهم فيه. ولهذا قال سبحانه والذين اتبعوهم باحسان وهذا كثير في كلام الله سبحانه وتعالى وهو ما يدل على تعظيم هذا الاصل وكذلك ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم. في لزوم السنة والجماعة ولزوم قواعد ذلك ولزوم ما يوجب ذلك والنهي عن الاسباب الداعية الى التفرقة بين المؤمنين والى الشقاق بين المؤمنين ولهذا وجب عليهم ان يردوا ما تنازعوا فيه الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله سبحانه وتعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فانهم اذا اخلصوا الدين مع الفقه بالرجوع الى الكتاب والسنة لم يختلفوا عليه ولكن اذا عرظ لهم نزاع في ذلك وجب عليهم رده الى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله فان تنازعتم في شيء فردوه الى فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وكذلك تواتر عن نبينا صلى الله عليه وسلم كما في الصحاح والسنن والمسانيت. من الاحاديث المتواترة من رواية جماعة من الصحابة يا عائشة بنت ابي بكر وعسماء بنت ابي بكر وجابر بن سمرة وابي هريرة والبراء ابن عازب وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وكمعاوية بن ابي سفيان وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة وفي وجه من الرواية حتى يأتي امر الله وهذا الحديث حديث مستفيض متفق عليه بين اهل الحديث في جملته واخرج الشيخان جملة من اوجهه وتفرد الامام البخاري ومسلم ببعض ذلك وهو مخرج في كتب السنة بجملته عند المحدثين بالاجماع والقبول وهو دليل على تعظيم هذا الاصل وهو اجتماع هذه الطائفة على الكتاب والسنة ما المقصود ان هذا الاصل هو من الاصول الشريفة المعظمة وليس هو من احاد الاصول التي ينزع الى القول فيها باوجه من الاجتهاد المقول عند علماء الاصول كبعض الادلة الفرعية كالقول في دليل الاستحسان او نحو ذلك بل هذا اصل عظيم ولهذا انما يعلم الحق بهذا الاصل وامثاله. وهي الاصول الاولى لدين الاسلام وهي الاصول التي يعلم بها هدي النبي صلى الله عليه وسلم. فان مدار سنته صلى الله عليه وسلم وما جاء به. وما شرعه الله الله له هو على الكتاب والسنة والاجماع وكل من قال بالكتاب والسنة والاجماع فهو على سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا فان من خالف الاجماع فقد خالف الكتاب والسنة قلنا ولابد ولا يقع في مسألة من المسائل ان احدا يخالف الاجماع الصريح ثم لا يخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ولهذا هذه الاصول الثلاث هي اصول متلازمة عند ائمة السلف واجمعوا عليها ولهذا اصولهم التي ذكروها عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به وما نزل به كتاب الله وهي اصول السنة والجماعة من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر اخر والقدر خيره وشره ومن توحيد الله سبحانه وافراده بالعبادة وتوحيده في معرفته وربوبيته واسمائه وصفاته واخلاص الدين له الى غير ذلك من الاصول الايمانية والقواعد الشرعية في ابواب الدين والشرائع والعقائد والاخلاق والاحكام والعقود وانواع التصرفات فان اصول ذلك كله محكوم ومنوط بهذا الاجماع الشريف ولهذا ما تنازع فيه ائمة الاسلام من الصحابة ومن بعدهم من فقهاء المسلمين. فانه في الجملة فيه قدر من السعة وان كان يجب الاتباع لكلام الله ورسوله في مفصل ذلك كله ولكنه يحتمل قدرا من السعة لما اختلف فيه اولئك الائمة واما مسائل الاجماع فانه لا يجوز لاحد ان ينظر فيها برأي او قول او اجتهاد ينازع هذا الاجماع وي جماعات معلومة محفوظة ذكرها ائمة السنة رحمهم الله وذكرها الفقهاء والمحدثون وهي الاصول التي بني عليها اصول الدين وهي في كتاب الله بينة وفي سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بينة. ولهذا فان جميع المسائل في العقيدة وفي الشريعة وفي تفصيل ذلك التي ذكر فيها الاجماع فان ادلتها من الكتاب والسنة مستفيضة وكلما كان الاصل اقرب الى الاصول الاولى وهي اصول التوحيد والايمان فان الادلة عليه تكون اكثر تواترا واكثر انتفاضة ولهذا اعظم المسائل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم باستفاضة من جهة الادلة هو توحيد الله. فهذا الاصل هو اعظم الادلة هو هم الاصول واوسع الادلة في القرآن والسنة وفي بيان حق الله سبحانه وتعالى واخلاص الدين له ومعرفته جل وعلا حق باسمائه وصفاته وذلك مفصل في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم الاصول الايمانية بعد ذلك من الايمان بالملائكة والايمان بالكتب والايمان بالرسل والايمان باليوم الاخر والايمان بالقدر خيره وشره وما يتصل بذلك من الاصول الكبار في مسمى الايمان ومسائل الاسماء والاحكام. ولهذا كان السلف رحمهم الله من الصحابة التابعين والائمة المتبوعين يجعلون من خالف هذا الاجماع وهذه الاصول الشرعية التي بنيت على الادلة من الكتاب السنة والاجماع يجعلون من خالفها صاحب بدعة واول من بدأ هذه البدع في دين الاسلام هم الخوارج الذين خرجوا على اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخالفوا السنة والجماعة وخالفوا كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله واجماع الصحابة المهديين وكفروا المسلمين بكبائر والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين وهذا علمه وهذا علم الدين ولا تتفرقوا فيه وهو الاجتماع عليه فانت ترى ان الله لما ذكر اصول دين الانبياء ذنوب وهؤلاء قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم امرهم وتواتر عنه عليه الصلاة والسلام خبرهم كما جاء ذلك في الصحيحين وغيرهما من الوجوه وقد جاء في صحيح الامام مسلم من عشرة اوجه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث ابي سعيد الخدري لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فاعطى رجالا فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الازار. وقال عدل يا محمد وفي ان هذه قسمة لم يرد بها وجه الله وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ويلك اولست احق اهل الارض ان يتقي الله ثم نظر اليه رسول الله. وقد ولى الرجل وادبر ظهره. وقال النبي صلى الله عليه وسلم انه يخرج من ضئضي هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وقراءتكم مع قراءتهم. يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وفي رواية ينظر اي الرامي الى نصره فلا يجد فيه شيء ثم ينظر الى لصافه فلا يجد فيه شيء ثم ينظر الى قدده فلا يجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم وهؤلاء هم الذين خرجوا بخلافة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. وانما كان شعار اولئك ومخالفة اجماع الصحابة. وهم اول من خرم هذا الاجماع وتعظيمه ما هو هم اول من خرم هذا الاجماع وتعظيمه فخالفوا اجماع الصحابة واعتبروا بالرأي الذي قالوه وبالضلال الذي ظنوه انما ظلوا في فهم كلام الله وتأولوا كتاب الله على غير تأويله ونزلوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم على منزلة مبتدعة وجعلوا السنة مردودة مطلقا الى القرآن مع خطأهم في كتاب الله والا فان السنة حتى اذا ردت الى قال فانها توافقه ولا يقع في السنة ما يخالف القرآن فاتوا بهذه الاصول المحدثة وكان من اخص ما احدثوه من الاصول وبالاخص ما ابتدعوه في الدين انهم لم يعتبروا بالاجماع والا فان بدعتهم معروفة وهي التكفير لمرتكب الكبيرة من المسلمين. ولكن من اخص الاصول التي نقضوها وضلوا بها ثم ولى بها من بعدهم فان كل من ضل عن هدي الصحابة رضي الله عنهم وعن هدي سلف هذه الامة فانهم يشتركون في هذا الاصل وهو مخالفة الاجماع وما من بدعة خالفت السنة والجماعة وخالف اصحابها كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام الا وهي بدعة قالبة للاجماع. ولهذا صار تلازم ان البدعة تكون مقابلة للسنة وهذا ما ذكره الرسول صلى الله عليه واله وسلم. وبينه في سنته وكان يذكره عليه الصلاة والسلام في خطبه وجاء في الصحيح وغيره من حديث جابر ابن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب يقول اما بعد فان خير بكتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة فان بدعة في الدين زيادة واثار واغلال وضلال او ضلال عن المعرفة والحق والصواب. الى اقوال من الباطل او انقاص الحق او تأويله او الخروج به عن قصده وبيانه الذي شرعه الله لعباده في اقوالهم وافعالهم التي له من يعبدوه بها. ولهذا فان كل بدعة ضلالة كما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا اعتنى الائمة الفقهاء الحنفاء الكبار وهم صحابة رسول الله. ومن بعدهم من ائمة المسلمين كابي حنيفة ومالك واحمد والشافعي وامثال هؤلاء من الكبار بتعظيم السنة. والحث عليها والاجتماع عليها والدعوة اليها وهي اصول الجامعة لدين المسلمين التي ذكرها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وانما المقصود ان يعلم بين يدي هذا الاصل الذي يذكره علماء الاصول وهو الاجماع الى ان هذا الاجماع الذي هو الاجماع الصريح في الاصول وفي القواعد وهو اخص ابواب الاجماع وارفع درجات الاجماع هو الاجماع المنضبط الذي بنيت عليه الاصول الشرعية وهو مبنى اصول الدين عند ائمة السنة والجماعة. وانما خالف ونقض هذا الاجماع اهل البدع الذين ابتدعوا في دين المسلمين بمسائل الالهيات او مسائل القدر او مسائل الاسماء والاحكام الى غير ذلك. ولهذا انما كان يميز صاحب السنة عن غيره بموافقة الاجماع او مخالفته واما ما قصر عن مسائل الاجماع فان كلا يؤخذ من قوله ويرد كما قال الامام مالك رحمه الله ويعني بذلك مسائل الاجتهاد كل يؤخذ من قوله ويترك. واما اذا اعجب الصحابة والائمة فانهم لا يجمعون الا على مسائل بينة في الكتاب والسنة في الاصول الالهية واصول الدين واصول العلم واصول العمل وبينة مستفيضة عند ائمة الاسلام. وبينوها وكتبوا فيها من سائر المذاهب. ولهذا صاروا يستدركون حتى على من فاته وشيء من ذلك من اعيان الفقهاء كما استدركوا على حماد وعلى بعض اصحاب الكوفة الكبار مع فضلهم في العلم والدين الا انهم لما خالفوا الاجماع القديم استدرك ما استدرك عليهم بما هو معروف في كلامهم في بدعة مرجعة الفقهاء. فان هذا المقام الذي كانوا عليه من العناية بالسنة في الجملة لم يوجب سقوط ان يكون ما قالوه بدعة لانه خالف الاجماع وكل ما خالف الاجماع المحفوظ فانه لا يكون صوابا بل يكون من الخطأ المحض ولهذا كان الامام مالك في اصوله في الفقه فضلا عن اصوله في مسائل اصول الدين يعظم هذا العصر وهذا شأن ذكره اصحابه. حتى انه عمل بجملة من مسائل الاجماع الذي تحصل عنده اولا لذلك بعض الرواية بما لا يكون من التأويل المذموم. وانما هو بما هو من التأويل المعتبر المحتمل لحفظ مقام معي وعلو رتبته عند الامام ما لك. وتكلموا في من خالف الاجماع من القول بما لم يتكلموا فيه بما خالف احد رواية الذي قد يشتبه ثبوتها او دلالتها على من يشتبه عليه ومسألة الاجماع هذه مسألة نقلية محضة مسألة الاجماع وهذا الاصل الذي يقدم به هذه المقدمة هي مسألة نقلية محضاة ويعنى بالاجماع الاجماع على رتبته الذي ذكر انفا واما ما يفصله علماء الاصول في درجات الاجماع فهذا باب اوسع وسيأتي بكلام المصنف ذكره ان شاء الله. انما الاجماع الذي هو الاجماع المنضبط وهو الذي مخالفته محرمة ويعد من اصول الحق الصريحة فان هذا مناطه النقل وليس مما يحصل بالفهم ويعرف نقله بالاستفاضة وبنقل الائمة له وباجماعهم عليه ولكن المقصود ان يقال انه اصل نقلي ولا يقال بالفهم. ولهذا جميع الاصول الشرعية عند اهل السنة والجماعة هي اصول معتبرة بالنقل ولم يحصل عندهم اصل من الاصول بالاجتهاد والفهم الذي يدخله الاحتمال او يلحقه الاحتمال فالاجماع من الاصول النقلية ولا يصح ان يحصل مذهب السلف بالفهم بل مذهبهم يحصن بالنقل المستفيض من ادلة الكتاب والسنة وما تحصل عليها من الاحكام التي سموها الاجماع. فان الاجماع في حقيقته حكم فان الاجماع في حقيقته حكم. وهذه هي المسألة الثالثة في هذه المقدمة المسألة الاولى في هذه المقدمة تعظيم هذا الاصل المسألة الثانية ان الاجماع نقل المسألة الثالثة ان الاجماع حكم واذا قيل ان الاجماع حكم فان الحكم لابد له من دليل والمقصود ان الاجماع كاشف لثبوت الدليل بجهتيه ثبوتا تاما فان الدليل يكون له جهتان اتفق اهل العلم والفقه والنظر عليهما وهما جهة الثبوت وجهة الدلالة. فاذا انعقد الاجماع الصريح علم ان دليل الشريعة من جهة الثبوت وان دليل الى الشريعة من جهة الدلالة قد استقر واستحكم فكل مسألة عليها اجماع صريح فانه يعلم ان دليل الشريعة عليها ودليل الشريعة انما هو الكتاب والسنة وحسب فان دليل الشريعة عليها قد استحكم وانتظم في جهتيه في جهة الثبوت وجهة الدلالة ولهذا يمتنع ويتعذر عند الائمة المتقدمين قاطبة ان ينعقد الاجماع دون ان يكون له دليل معتبر من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وان كانت هذه المسألة فرضها المتأخرون من اهل الاصول. وتكلموا فيها وذكروا فيها للفقهاء واهل الاصول والكلام والنظر اقوالا معروفة ولكنها عند السلف غير واردة اصلا على الاجماع الذي عظموه وانتصروا به على غيرهم وجعلوه هو مناط الاستدلال الاعلى في مسائل تمييز السنة عن البدعة ويتعذر مع هذا ان يكون الاجماع الا وله مستند وعليه فان الاجماع باعتبار وهذي يمكن ان تسمى المسألة الخامسة بهذه المقدمة ويقال ان الاجماع باعتبار يسمى دليلا وباعتبار اخر هو حكم اما انه دليل فانه يجب اتباعه والعمل به والرجوع اليه واما انه حكم فانه حكم في حقيقته. فانك اذا قلت ان الصحابة اتفقوا على كذا. او ان ائمة السنة والجماعة اتفقوا على كذا بمسائل اصول الدين ونحو ذلك. فان هذا الاتفاق هو حكم اجمعوا عليه. وهذا الحكم انما يحصل من الدليل والدليل انما هو الكتاب والسنة وعلى هذا فكل اجماع صحيح وكله اجماع صحيح يجب ان يكون له مستند يجب ان يكون له مستند من الكتاب والسنة. وهذا لا السلف فيه البتة. ولكن لما توسع المتأخرون من اهل الفقه والاصول في مسائل الاجماع وتجوزوا في كثير من ذلك صاروا يبحثون في مسألة انعقاد الاجماع دون مستند ولكن هذا متكلف والتحقيق انه حتى في مسائل الاجماع القاصرة دون الاجماع الاول لا يتصور الاجماع الا وله مستند لانه من حيث الحقائق العقلية والقواعد الشرعية فان الاجماع انما هو قول التابعين للشريعة فان الاجماع انما هو قول التابعين للشريعة وهم الصحابة ومن بعدهم من العلماء والفقهاء واهل الاجتهاد وهؤلاء التابعون للشريعة انما ينقلون احكامها واذا كان كذلك تعذر ان ينعقد الاجماع الا ان يكون له مستند فان المحرك للاجماع فان المحرك للاجماع هو المستند وانت تعلم ان الصحابة والتابعين والائمة المتبوعين والفقهاء من بعدهم اتفقوا واختلفوا بالمسائل اي هنالك مسائل اجمعوا عليها وهنالك مسائل من الشريعة مع انهم اجمعوا على انها من مسائل الشريعة ان قولهم اختلف فيها وهذا شأن معروف مستفيض فاذا كان كذلك فمع كون هذه المسائل فمع كون هذه المسائل كلها من الشريعة فكيف اجمع على نوع واختلفوا في النوع الاخر يقال انما اجمعوا وانما اختلفوا على ما يوجبه المستند فان فانهم اذا اجمعوا انما قالوا الحكم ونقلوه. واذا اختلفوا فانما قالوا الحكم ونقلوه ولكنهم اختلفوا في تعيينه وصار بعضهم يعين هذا وبعضهم يعين هذا والحق في نفس الامر يكون واحدا عند اختلافهم ولكن هذا الاختلاف او هذا الاتفاق له مستند. واذا كان يعلم باجماع اهل العلم من المتقدمين والمتأخرين بل وباتفاق اهل الاسلام قاطبة ان فروع الشريعة لابد لها من مستند فكيف يتصور ان يكون الحكم الذي قضي به باجماع يمكن ان يقع ولا يكون له مستند هذا بالغ التعذر في العقل والنقل والقول في دفع هذا له اوجه اوسع من ذلك ولكن ربما هذه الاشارة تشير الى المقصود والا فانك اذا تعمدت فانهم قد اجمعوا على ان فروع الشريعة والمسائل النازلة منها وغير ذلك بل اخص احاد الفروع لا يتصور فيه حكم الا وله مستنده. واذا كان كذلك فالاجماع كذلك وهذا لا يعطل ان يكون الاجماع دليلا هذا لا يعطل ان يكون الاجماع دليلا فانه حافظ لثبوت الدليل ثبوت الدليل وحافظ لدلالته. ولهذا الاجماع كاشف الاجماع كاشف وهو دليل باعتبار وعلى هذا درج الائمة والسلف فانهم نصبوه دليلا ولكن هذا الدليل هو حكم في ذاته والمقصود من هذه الكلمة ليس البحث في التسمية اي يسمى حكما او يسمى دليلا فانه دليل بلا خلاف بين الائمة وانما المقصود المعنى وهو ان الاجماع لابد له من مستند وانه يمتنع ان يجمع الصحابة او التابعون او الائمة المتبوعون على حكم ولا يكون عليه دليل بين من الكتاب والسنة. هذا فرض ممتنع بل انه عند التحقيق كما هو ممتنع بالشرع فانه ممتنع في العقل فانه يمتنع في العقل ان يتواطأ الناس من اهل الملة ثم يضيفون حكما الى الشريعة دون ان تكون هذه الشريعة التي اضافوا لها الحكم هي التي حركتهم الى هذا الاتفاق هذا مما يمتنع ولهذا يمتنع في اهل الصناعات واهل التجارات واهل الزراعة وغير ذلك يمتنع ان يقع عندهم اجماع على ما يقولونه كالتلقيح مثلا او التعبير للنخل او نحو ذلك لا يجتمعون على شيء الا ان يكون فرعا عن او عن زراعتهم او غير ذلك. هذا مما يمنعه العقل فظلا عن الشرع في مسألة الاجماع الى غير ذلك من المعاني المقصود ان هذا الاصل اصل كان يعظمه السلف قاطبة من اهل الفقه والحديث عظموه واكثروا من تعظيمه. وكلامهم فيه عظيم وبليغ. وهو قبل ذلك معظم في كتاب الله ولهذا لما شرع الله سبحانه الدين لنبيه صلى الله عليه وسلم. وقال الله فيه ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. قال الله له شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا وبخاصة اولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام ذكر الله ان ما شرعه لهم ولسائر الانبياء هو اقامة الدين وهو العلم به ومعرفته وتطبيقه ثم قال الله سبحانه وتعالى وان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ولهذا هذه الاية من اعظم الادلة الدالة على فضل الاجماع وشرفه ووجوبه وعلو رتبته وكل من عظم السنة والجماعة فانه يعظم الاجماع. وكل من حاد عنها وخالفها وتأول الشريعة على غير تأويلها فانه لا يعظم هذا الاجماع الذي عظمه الله سبحانه وتعالى وامر باتباعه. واصل الاجماع هم الصحابة المهديون رضي الله تعالى عنهم وهذا هو الذي شرعه الله لعباده بقوله والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين تبعوهم باحسان فجعل الله اتباعهم شريعة قائمة الى قيام الساعة والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وذكر الله جل وعلا في الخبر ما هو اعظم مقامات الفضل عنده وهو الرضا فان رضا الله هو اكبر المقامات. هم. كما قال الله سبحانه ورضوان من الله اكبر ليعلم تعظيم هذا الاصل ليعلم التعظيم للشريعة لهذا الاصل. ولهذا يجب على المسلم ان يلزم اجماع الصحابة واجماع الائمة وما عليه ائمة هذه الامة وهم فقهاؤها وائمتها وعلماؤها ودرجة على هذا الاجماع من جاء بعدهم بحمد الله ولا يزال ذلك باقيا بفضل الله وقدره وفضله وما بينه من الدين ولكن مضى به قدر الرب سبحانه تعالى فيما اخبر به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيما تواتر عنه لا تزال طائفة من امتي على الحق فان هذا الدين يكون بينا في سنته ويكون بينا في هديه ولو تأوله من تأوله فزاد فيه اما افراطا او تفريطا او ولا احكامه او اصوله على غير تأويلها فانه لا يزال في هذه الامة ولله الحمد كما هو قائم في هذه الامة ولا لا يزال الى يوم القيامة بفضل الله ومنته على عباده وموجب ذلك ما تفضل الله به على العباد واكرم نبيه صلى الله عليه وسلم باعظم الايات ما تفضل الله به على العباد واكرم به نبيه صلى الله عليه وسلم باعظم الايات التي اوتيها الانبياء فانه ما من نبي بعثه الله الا اتاه الله الايات الدالة على نبوته ثم ان نبينا صلى الله عليه وسلم كغيره من الانبياء اتاه الله جملة من الايات ولكن اعظم ما اتى الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم هو القرآن وهو اعظم اياته وما اوحى الله اليه مما يبين ما بكتاب الله سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ما من الانبياء من نبي الا قد اوتي من الايات ما مثله امن عليه البشر وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحى الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة ما المقصود بين يدي هذه المقدمة ان الاجماع الذي تكلم فيه ائمة السنة والجماعة وهو المذكور في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اصل عظيم من اعظم اصول دين الاسلام واعتنى به علماء الاصول رحمهم الله بعد ذلك ولكن لما كان علماء الاصول انما يتكلمون بما يقررونه في فروع الشريعة بعد ذلك توسعوا فيما اما من صور الاجماع ودرجاته فذكروا الاجماع الصريح وذكروا ما دون ذلك. ولهذا يذكرونه تارة انواعا او يذكرونه اقساما او يذكرون لاجماع العصر ثم يذكرون بعده على سبيل التبع ويبحثون اي يعتد به او لا يعتد به كاجماع الخلفاء الراشدين او اهل المدينة او نحو ذلك فان هذه الفروع من فروع الاجماع ليست هي المقصودة عند السلف الاول مع فظلها وعلو رتبتها وصحة كثير منها في مسائل الشريعة والاجتهاد. ولكن الاصل المعظم الذي جعلوه من المعلوم من الدين بالضرورة وجعلوه اصلا فرضا على المسلمين ان يتبعوه هو الاجماع الاول وهو الاجماع على اصول الديانة التي هي الايمان بالله وتوحيد الله وهو الاجماع على الصلوات الخمس وهو الاجماع على صيام رمضان وهو الاجماع على قبلة المسلمين وهو الاجماع على قواعد الدين الى غير ذلك فهذا هو مقام الاجماع الاصل واما ما بعد فانه درجات ولاهل الاصول فيه كلام ويأتيه ان شاء الله الاشارة الى بعض هذه الدرجات. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى باب الاجماع واحكامه اجماع الامة على حكم الحادثة دليل شرعي فيجب المصير الى ما اجمعت عليه والقطع بصحته. خلافا للامامية نعم الاجماع دليل كما اشار المصنف وسبق الاشارة الى ان الاجماع الصريح الاجماع الصريح كما يلقبه كثير من اهل الاصول يميز بينه وبين الاجماع الذي دونه في الرتبة وهو الاجماع الصريح وهو اتفاق الائمة كاتفاق الصحابة او اتفاق التابعين او اتفاق تابع التابعين فمثل هذا الاجماع على مسألة من مسائل للشريعة فانه يعد حجة لازمة قاطعة. لان الاجماع صار كاشفا وان كنا نسميه دليلا يعتبر دليلا ولكنه دال على ان دليل الشريعة الذي هو الكتاب والسنة بين في هذا الحكم من جهة ثبوته ومن جهة دلالته فانما يقع الاختلاف وانما يقع الاختلاف فرأى عن وانما يقع الاختلاف فرعا عن احد هاتين الجهتين فان الاختلاف اما ان يكون السبب فيه الاختلاف في الثبوت او يكون الاختلاف فرعا عن الاختلاف في الدلالة او يكون مركبا منهما لكنه لا يخلو عن هذين السببين. فكل اختلاف بين الفقهاء فانه يتبرأ عن الاختلاف في الثبوت او الاختلاف في الدلالة او الاختلاف بالدلالة قد يقول قائل اليس قد يختلفون في القياس وهم لم يختلفوا في عين اية او عين حديث اي عن اية معينة او حديث معين. قيل الاختلاف في القياس هو راجع الى الثبوت والدلالة فانه اذا خالف فيه ابن حزم فانما خالف فيه لانه لم يره ثابتا بموجب دليل الكتاب والسنة ثم من اثبت القياس انما اثبتوه لانهم رأوا انه من حيث كونه دليلا في جملته قد دل عليه الكتاب والسنة. فرجع الى الثبوت والدلالة ثم المثبتون له قد يختلفون فيعمل به بعضهم ولا يرى البعض منهم ان هذه الدرجة من القياس معتبرة او لا يرى ان القياس قد قام في هذا الفرع فهذا راجع الى الدلالة. هذا راجع الى الدلالة وان كان الاصل عندهم يكون بينا. ولهذا خالف الحنابلة كثيرا من قول الحنفية الذي بنوه على القياس معانا الحنابلة مثلا او المالكية او الشافعية يقولون بدليل القياس لمثل هذا السبب فلا ينفك الاختلاف عن احد هاتين الجهتين. والاجماع قد عصم والاجماع قد عصم هاتين الجهتين. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والدليل على ذلك قوله تعالى فما بمعنى منع كما تعلم عصمت قد يقول كيف يوضع في العصمة للاجماع؟ لا عصم بمعنى ها منع ولهذا العرب لما سمت الدواب سمت التي تتحيز بالجبال ان سمتها ما داءت سمتها العصي ومنه قول امرئ القيس لما وصف المطر قال ومر على القنان من نفيانه فانزل منه العصم من كل منزل الدواب التي تكون على الارض ما يسمونها عصما وانما سموا التي تتحيز بالجبال كالوعول ونحو ذلك سموها العصم. فالقصد ان الاجماع اعصم بمعنى يمنع الخطأ في جهة الثبوت او جهة الدلالة وان كان قد يرد على ذلك سؤال وهو ان يقول قائل نرى في بعض مسائل الاجماع انه قد يستدل لهذا الحكم الذي هو اجماع بدليل يختلف في ثبوته او يختلف في دلالته. فيقال هو كذلك ولكن لا يكون هذا الدليل الذي اختلف في ثبوته كبعض الرواية او اختلف في دلالته لا يكون هو المناط او المستند للاجماع وان كان من شواهد مسألة الاجماع وليس اذا احتج فقيه او امام على مسألة من مسائل الاجماع بجملة ادلة وجب ان تكون جميع هذه الادلة قد انتظم فيها او ان عصم فيها جهة الثبوت وجهة الدلالة. ولكن جملة الدليل من الكتاب والسنة على المسألة المجمع عليها لابد ان تكون كذلك. نعم قال والدليل على ذلك قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوليه به ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. الاية فيها دلالة بينة على الاجماع. واكثر علماء الاصول من ذكرها فاكثر الاصوليين اذا ذكروا الاجماع استدلوا بها ولكن الادلة على ذلك كثيرة كما سبق الاشارة الى بعضها من القرآن. وهي كثيرة متواترة بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه فاما ما ينفرد الحكام والفقهاء بمعرفته من احكام الطلاق والنكاح والبيوع والعتق والتدبير والكتابة والجنايات والرهون غير ذلك من الاحكام التي لا علم للعامة بها فلا اعتبار فيها بخلاف العامة سلم هذا متواتر الاستدلال على الاجماع بالكتاب والسنة متواتر وبين وقوله سبحانه ويتبع غير سبيل المؤمنين وسبيل المؤمنين هو هديهم. سبيل المؤمنين هو هديهم وطريقهم. والسبيل هو الطريق اي ما قالوه في العلم واجمعوا عليه وهو ما يكون منقولا مستفيظا محكما عندهم. نعم. قال توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين فكان ذلك امرا باتباع سبيلهم. نعم لما بين الله تحريم العمل بغير سبيل تحريم العمل او تحريم الترك لسبيل المؤمنين لما بين الله تحريم الترك لسبيل المؤمنين فترك سبيل المؤمنين من المحرمات بنص في الاية وبنص القرآن علم ان اتباع سبيل المؤمنين هو من اعظم الواجبات فان الوعيد في ذلك شديد فان الله قال في وعيده نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. وهذا بين في قوله سبحانه نوله ما تولى بين في انه قد ضل عن المعرفة الحق ولهذا يعلم ان الاجماع معرف بالحق الاجماع هو دليل كما سبق ولكني اعلم ايضا علما تاما ان الاجماع المنضبط والاجماع الصريح المعروف عند الائمة والفقهاء المتقدمين يعلم ان هذا الاجماع معرف بالحق ومن الدليل على انه معرف بالحق ماذا من الدليل كما انك تقول السنة والاتباع لهدي النبي معرف بالحق وتستدل ذلك بمثل قول الله سبحانه فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم هذا في باب السنة والشريعة واذا ذكر الاجماع قيل كذلك والدليل على انه معرف بالحق وان من خالف الاجماع الصحيح المحفوظ ولابد ان نؤكد على هذه الاوصاف من خالف هذا الاجماع العالي فانه قد فاته امر المعرفة كما انه فاته امر الشريعة فان الله قال نوله ما تولاه فدل على انه لم يذهب الى علم ومعرفة ودل على ان الاجماع مستنده ودل ذلك ايضا على ان الاجماع مستنده الكتاب والسنة ولهذا الاصول العظيمة في دين الاسلام تواترت ادلتها من الكتاب والسنة. وقد اجمع عليها كما سلف الاشارة له نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى فصل فاذا ثبت ذلك فالامة على ضربين خاصة وعامة. هذا التقسيم للخاصة والعامة ذكره غير واحد وقد اشار له الامام الشافعي رحمه الله في كلامه ويقصدون بالخاصة هنا المعنى اللغوي ويقصدون بالعامة المعنى اللغوي كذلك والخاصة هم اولو العلم وائمة العلم والعامة من ليس كذلك وهذا الخاصة والعامة هي من الاسماء الاضافية فان كل من تكلم بهذا الاسم وما قابله يضيفه الى مقصوده ولهذا قد يقول الاطباء الخاصة والعامة فمن لم يكن طبيبا صار من العامة امام نسبة الاطباء اليس كذلك؟ وهلم جراء في غيرها من الاعمال والصناعات او غير ذلك ولهذا لما قالوا الخاصة لا يريدون ان بدين الاسلام طبقة خاصة لها اختصاص عن بقية المسلمين. فان الله لما شرع الدين شرعه لجميع عباده شرعه لجميع عباده وفرائض الاسلام الاصل انها على عموم المسلمين الا ما خفف فانه خفف عن المرأة الحائض احكام فانه خفف عن المرأة في حال حيضها كما هو معلوم احكام وخفف عن العاجز احكام ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج فهذه التخفيفات او الرخص مستفيضة في كتاب الله وسنة نبيه لكن الاصل في الدين انه لعموم المسلمين والاصل ان الاسلام دين لجميع المسلمين يتساوون في احكامه يتساوون في احكامه وهذا من كمال الدين وهذا من كمال الدين ولهذا ما يجب على العلماء والفقهاء من الصلاة هي الصلاة التي تجب على عموم المسلمين وما يجب عليهم من الصيام كذلك وما يجب عليهم من الحج كذلك وهلم جرا. ولهذا فروظ الدين واحدة في تشريعها على عموم المسلمين. انما اراد الشيخ ابو الوليد رحمه الله بكلمة خاصة هم اولوا العلم والعامة من لم يكن كذلك وان كان اولئك العامة قد يكونون في ابواب اخرى لهم علوم وقد يكونوا علماء في علوم اخرى. فان هذا لا يعني الذم او ان العامي من لا يعرف شيئا هذا ليس مرادا لها وانما العامة من قابل من هو من اهل العلم والمعرفة بفقه الشريعة واحكامها. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فيجب اعتبار اقوال الخاصة والعامة فيما كلفت الخاصة والعامة معرفة معرفة الحكم فيه واما ما ينفرد فاما ما ينفرد الحكام والفقهاء بمعرفته من احكام الطلاق والنكاح والبيوع والعتق والتدبير والكتابة والجنايات والرهون وغير ذلك من الاحكام التي لا علم للعامة بها. فلا اعتبار فيها بخلاف العامة وبذلك قال جمهور الفقهاء وقال القاضي ابو بكر يعتبر باقوال العامة في ذلك كله. نعم. المصنف رحمه الله جعل هذا المدخل في كلامه عن مسألة الاجماع وهو ما سماه العامة والخاصة وذلكم او السبب في هذا ان بعض مسائل الاجماع تتصل بالخاصة وحدهم وهم الفقهاء في مسائل فقه الشريعة والعلماء المجتهدون فيها او يتصل ذلك ببعض الخاصة وهم ولاة الامر والحكام فان ولي الامر وولاة الامر لهم اختصاص في هذا الشأن كما ذكره الله بقوله يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله او اطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان اولي الامر بالاية هم الحكام وهو السلطان الذي تجب طاعته فان الله جعل السلطان تجب طاعته في غير معصية الله وهذه الطاعة شرعها الله سبحانه وتعالى في كتابه وبينها الرسول عليه الصلاة والسلام وبينها الرسول وذكرها ائمة السنة في اصولهم وهي طاعة ولي الامر وذلك لان هذه الطاعة فيها حفظ لمصلحة المسلمين وفيها جمع لكلمتهم وفيها استقامة لامنهم ولهذا اذا حصل خروج على ولي الامر صار هذا الخروج مدعاة الى الى المفاسد المستطيرة الى الى المفاسد المستطيرة والمقصود بالمفاسد المستطيرة هي التي يتبعها ويكثر معها الهرج والقتل والفتك بين الناس وضياع الاموال وضياع الاعراض وعصمة ذلك بحفظ الله سبحانه وتعالى وما جعل الله من الاسباب الشرعية التي شرع لهم ان يقوموا بها ومن هذه الاسباب الشرعية التي شرع الله لعباده ان يقوموا بها هي الطاعة لولي الامر. فان ولي الامر له حرمة في الشريعة من جهة طاعته وعدم الافتيات عليه وعدم الخروج عليه وعدم مناصبته العداء لا بالاقوال ولا بالافعال بل انما يطاع وان كانت طاعته كما هو معلوم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الله قبل ذلك واجماع اهل العلم هي الطاعة بالمعروف. يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. وامر النبي كما هو معروف بذلك فيما تواتر رسول الله وذكر ذلك الائمة بالاصول اي في اصول الدين. ونص على ذلك كبارهم كالامام مالك والامام احمد والامام الشافعي امثال هؤلاء من الائمة فان هذا معروف في كلامهم. المقصود بذلك ان الخاصة قد يكون الخاصة من اولي الامر في ما هو من خاصة امرهم وقد يكون الخاصة هم العلماء في مسائل فقه الشريعة التي يرجع فيها الى الاجتهاد والاستدلال فيكون الاجماع كذلك فان قيل فلما ذكر المصنف العامة مع ان الجمهور لا يعتبرون بامر العامة بل الاجماع القديم عند السلف لا يعتبرون بالعامة في مسائل الاجماع. هذا اجماع قديم عند السلف انهم لا يعتبرون بالعامة لكن يستثنى من ذلك مادة يستثنى من ذلك ايش؟ يستثنى من ذلك مادة سواء قدر هذا استثناء او قدر هذا بيانا وانما المقصود معرفته اما تسميته فهو استثناء او بيان هذا امر واسع وهو انهم يرون ان ما ينقله عامة الناس وهم خاصة فيه فهم فهم في حكم الخاصة فيه. ولذلك مثلا في نقل المد والصاع يلتفت الى العامة او لا يلتفت الى العامة يلتفت الى العامة لانهم لابد ان يتواطؤوا على هذا النقل بانه نقل ليس اجتهادا في فهم اية او حديث ولهذا اذا بني ان الصاء كما في طريقة الامام مالك لما ذكر عمل اهل المدينة في الصاع والمد انما عمل اهل المدينة هو في الاصل عمل العامة الذي يشترك فيه العامة والخاصة لكنه لا يختص قول صاحب علم دون غيره ولو ان جمهور العامة من اهل المدينة خالفوا فقيها في ان هذا ليس هو الصاع عندهم لصار هذا من الشأن الذي يقدر له الاعتبار في النظر اليس كذلك؟ فكانوا يتقون او لعل المصنف رحمه الله ولا سيما انه سيذكر بعد ذلك المصنف اعني ابا الوليد سيذكر بعد ذلك جماعة للمدينة وكثير من المالكية يقولون ان عمل اهل المدينة الذي كان يرعاه ما لك رحمه الله هو النقلي كالمد والصاع والمد والصاع هذا يشترك في امره العامة الذي لانهم يكيلون ويزنون ويشتركون في امر المكيال والميزان يشتركون في امن المكيال والميزان. وان كان الذي يحصله ويضبطه بعد ذلك وينتظم به الاجماع الفقهي هم العلماء هم العلماء لكن لا يتصور لا يتصور في العقل وقوع الاجماع منفكا عنه في هذه التطبيقات النقلية كالمد والصاعي ونحو ذلك. او ان هذا هو قرن المنازل او ان هذا هو ذو الحليفة او ان هذا هو الجحفة او ما الى ذلك. اليس كذلك؟ فان هذا لا يختص بمعرفته الفقيه. وانما هذا يعرفه الناس ولهذا اجمعوا على ان ذي الحليفة هو المكان المعروف بالمدينة النبوية المنورة اليوم لانه تواطأ المسلمون عليه منذ احرظ منه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فانه لما وقت المواقيت سمى ما يعرفه الناس عامة وخاصة اليس كذلك؟ كما جاء في الصحيح حديث ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة يعني الشام الجحفة ولاهل نجد قرن هل لاهل نجد اي العلماء نجد ها او لنجد قاطبة لا لنجد قاطبة سواء من كان منهم من اهل العلم او العامة فهم الذين يحفظون هذه النقولات. ولهذا تواترت هذه النقولات ولم يختلف عليها لم يختلف على المواقيت اين هي مواقيت الحج والعمرة معلومة باجماع المسلمين ومستفيضة ليتواطأ عليها العلماء والعامة فلعل ابا الوليد رحمه الله اشار مثل هذه الاشارة الى مثل هذا المعنى حيث جعلها مقدمة وان كان قرر ان الاجماع الذي هو البحث في الادلة وتحصيل الاحكام لا يعتبر فيه قول العامة. لا يعتبر فيه العامة ونسب ذلك للجمهور والصحيح انه مجمع عليه عند المتقدمين فيما ليس من المادة التي استثنيت او نبه اليها لما ليس من المادة التي نبه اليها وهي القول المحض في الادلة فان القول المحض بالادلة لا يدخل فيه العامة لا يدخل فيه العامة. والمصنف يقول هذا قول الجمهور من الفقهاء. والصحيح انه اجماع قديم في هذه الدرجة من النظر في الاجماع وهو القول في الادلة ومعرفة الثبوت ومعرفة الدلالة. فان العامي من المسلمين لا ينظر في جهة الثبوت ولا في جهة الدلالة نعم قال رحمه الله تعالى والدليل على ما نقوله قال القاضي قال وقال القاضي ابو بكر يعتبر باقوال العامة في ذلك كله. لا يعتبر في اقوال عامة في كل ذلك كما اطلق القاضي. وان انما اقوال العامة تؤثر في مسائل النقليات كما سبق الاشارة له وان كان الاجماع اذا حكي فيها كالاجماع على قرن المنازل وعلى ذي الحليفة ونحو ذلك سيقال فيه اجمع العلماء سيقال فيه اجمع الفقهاء. هذا صحيح لكنه مبني على هذه الاستفاضة التي يعرفها المسلمون عامة وخاصة والا بالاجماع اذا سمي سمي اجماع العلماء القاضي ابو بكر ابن الطيب الباقلاني يقول بان العامة يعتبرون في كل ذلك هذا قول ان لا يصح البتة ولكن يشار الى ان القاضي ابا بكر بناه على اصل من الاصول الكلامية بناه على اصل من الاصول الكلامية بمسألة الحق في نفس الامر تتعلق بمسألة الحق في نفس الامر وكثيرا ما يقع او وكثيرا ما يكون لبعض اهل الاصول من المتكلمين من المتكلمين خاصة انهم يقولوا ببعض الاقوال المستغربة من من باب طرد من باب طرد ما يرونه من الاصول التي التزموها او صححوها ثم يكون الجواب عن ذلك من جهتين. الجهة الاولى ان الاصل الذي التزموه لا يكون صحيحا ثم لو قدر انه اصل صحيح فيكون هذا الالتزام ليس بلازم. نعم قال رحمه الله والدليل على ما نقوله ان العامة يلزمهم اتباع العلماء فيما ذهبوا اليه ولا يجوز لهم مخالفتهم فهم في ذلك بمنزلة اهل العصر الثاني مع من تقدموا. بل حال بل حال اهل عصري الثاني افضل لانهم من اهل العلم والاجتهاد ثم ثبت انه لا اعتبار باقوال اهل العصر الثاني مع اتفاق اقوال اهل العصر الاول فبال لا يعتبر باقوال العامة مع اتفاق اقوال العلماء اولى واحرى الله اكبر الله اكبر ابو الوليد رحمه الله لذلك بهذا الدليل المركب كما ترى وهو ان اهل العصر الثاني ولو كانوا من العلماء لا يستصحبون في اجماع اهل العصر الاول قال فمن باب اولى الا يستصحب في العامة ولكن هذا استدلال صحيح ولكنه يوجد من الاستدلال ما هو ارفع منه فان العامة قد فرظ الله في امرهم من جهة العلم هو سؤال اهل الذكر. كما في قوله جل وعلا اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولان العامة ليسوا اهل علم بالشريعة فلا يصح لهم فيها قول فيكون امرهم او قولهم عدما والعدم لا يصح ان يكون معتبرا لانه عدم محض والقول الذي يقال عن غير علم هو باطل بالشريعة لان الله في كتابه نهى عن القول عليه بغير علم. والقول في الشريعة هو من القول على الله. ولا تطفو ما ليس لك به علم فلما علم ان القول من العامة في مسائل البحث العالي في مسائل الشريعة التي يبحثها او انما يبحثها المجتهدون بالشريعة علم انهم لا يتكلمون في هذه مسائل من البحث بالدليل والدلالة. علم ان هذا القول يكون عدما والعدم ليس بشيء فلا يكون منوطا به ان الاجماع فهذا كله متعذر ولكن المتأخرين ذكروا هذه المسألة او بعض المتأخرين بعبارة اصدق ذكر هذه المسألة والا كثير من المتأخرين اعرض عن ذكرها لعدم استصحابها ولكن ذكرها بعض متأخرين ثم يذكرون عن بعض اصحابهم من اهل النظر بخاصة واهل الكلام بخاصة بعض القول في ذلك وفي الجملة ان من ذكرها هذا وشرطه او طلبه في مسألة الاجماع من اهل النظر والكلام بل ومن اهل الاصول والفقه فانه انما هو فرع بعض الاصول الكلامية ويكون من قاله من اهل الفقه المحظ والاصول المحضة الذين لم يعرفوا بعلم الكلام انما نقله او تقلده عن بعض اصحاب الذين يشاركونه في المذهب الفقهي وهم في الاصل على الاصول الكلامية نقف على هذا الفصل هذا ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يوفقنا لما يرضيه وان يجنبنا اسباب سخطه ومناعيه اللهم انا نسألك العفو والعافية في الدنيا والاخرة. اللهم لك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده لا الثناء والمجد احق ما قال عبد وكلنا لك عبد. اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع وذا الجد منك الجد اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعل بلادنا امنة مطمئنة رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولي امرنا خادم الحرمين وولي عهده لهداك. واجعل عملهم في رضاك. اللهم سددهم في اقوالهم واعمالهم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلهم نصوة لدينك وشرعك. اللهم اعنهم على امور دينهم ودنياهم اللهم متعنا واياهم باسماعنا وابصارنا وقواتنا ما احييتنا اللهم اغفر لموتى المسلمين اللهم اغفر لهم وارحمهم اللهم يا ذا الجلال والاكرام اشفي مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم يسر لعبادك المسلمين امورهم. اللهم اجمع كلمتهم على الحق. اللهم احفظ على عبادك المسلمين اجمعين في كل مكان يا ذا الجلال والاكرام دينهم واعراضهم ودماءهم واموالهم. اللهم اصلح قلوبهم ما لهم وادهم سبل الرشاد ويسر لهم امور دينهم ودنياهم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين