ومن المعصية بل حتى قبل نبوتهم لم يقعوا في ظلالة ولذلك ما جاء في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام في قصته مع امرأة العزيز في قول الله جل وعلا ولقد همت به ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكما في قوله محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم فذكر اسمه عليه الصلاة والسلام في مقام الخبر وهذا من تشريف الله له الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فينعقد هذا المجلس في الثلاثين من شهر محرم من سنة تسع وثلاثين واربع مئة والف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها رسول الله الصلاة والسلام في المسجد النبوي الشريف مسجد النبي صلى الله عليه واله وسلم بشرح رسالة الامام محمد ابن ادريس الشافعي اتينا على الباب الذي ذكر فيه الشافعي رحمه الله مستتما فيه مسائل الاتباع لسنة النبي عليه الصلاة والسلام نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ففي هذا اليوم الثلاثين من شهر الله المحرم لعام تسع وثلاثين واربع مئة والف ينعقد هذا المجلس التاسع في شرح كتاب الرسالة للامام الشافعي رحمه الله تعالى لمعالي الشيخ يوسف بن محمد الغفيص عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء سابقا طنط قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى وهو يشبه ما قال والله اعلم لان كل من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف امارة وان وكانت تألف ان يعطي بعضها بعضا طاعة الامارة فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول الله فامروا ان يطيعوا اولي الامر الذين امرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فامروا فامروا ان يطيعوا اولي الامر الذين تأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاعة مطلقة بل طاعة مستثناة فيما لهم وعليهم فقال تنازعتم في شيء فردوه الى الله يعني ان اختلفتم في شيء وهذا ان شاء الله كما قال في اولي الامر الا انه يقول فان تنازعتم يعني والله اعلم هم وامراؤهم الذين امروا بطاعتهم فردوه الى الله والرسول يعني والله اعلم الى ما قال الله والرسول صلى الله عليه وسلم ان عرفتموه فان لم تعرفوه سألتم الرسول عنه اذا وصلتم او من وصل منكم اليه. لان ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه لقول الله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. ومن تنازع ممن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رد الامر الى قضاء الله ثم قضاء رسوله. فان لم يكن في فيما تنازعوا في قضاء فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسا على احدهما كما وصفت في ذكر القبلة والعدل والمثل مع اما قال الله في غير اية مثل هذا المعنى وقال ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وقال يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله ورسوله. نعم هذه الايات التي ذكرها الشافعي رحمه الله وقد ترى في تبويبه هذا وفي الايات التي ذكرها آآ من اتفاق المعاني وهذا متحقق ولكن لا يقع النظر عندك بان هذه المعاني على وجه متطابق لا يتعدى الحكم في الباب الاخر اعن المعنى الذي ذكر في الباب الاول فان هذه الابواب التي سماها الشافعي وسمى تحتها او ذكر تحتها جملة من الايات من كتاب الله سبحانه وتعالى هي متطابقة في دلالتها ولكن كل اية وكل باب ذكره فانه يتضمن قدرا من الاختصاص والمعنى والتحقيق لهذا الاصل الشريف وهو الاتباع للنبي صلى الله عليه واله وسلم وان هذا من تحقيق عبادة الله ومن تحقيق الايمان بالله واذا نظرت في هذه التبويبات التي ذكرها الشافعي بان لك ان من طريقة الفقهاء المتقدمين وهدي الائمة انهم يعنون بمحكم العلم وهذا المحكم من العلم كمسائل طاعة الله ورسوله واتباع هدي النبي صلى الله عليه واله وسلم وغير ذلك من الاصول والجوامع العلمية التي ذكرت في الكتاب والسنة ومما يعرض لبعض الناظرين في علم الشريعة انه يتوهم ان هذه بينة بيانا مطلقا ثم هذا البيان الذي يتحصل وهو في حقيقته كذلك انها بينة بيانا مطلقا هي كذلك على هذه الدرجة من البيان لكن يحصل التوهم من جهة قلة التفقه فيها يحصل التوهم من جهة قلة التفقه فيها والتحقيق هو العناية بهذه البينات وان الفقه فيها هو الذي يحقق الفقه في موارد النزاع ويحقق الفقه في المشتبهات فانه ما من مسألة مشتبهة الا وفقهها وحكمها في المحكم وما من مسألة متنازع عليها الا وفي المتفق عليه من الاصول ما يكون هاديا الى حكمها وهذا بين في كتاب الله في مثل قول الله جل وعلا هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فهذا المحكم والمتشابه يرد المتشابه الى المحكم وهكذا في اصول الاحكام وقواعد الاحكام تجد ان علماء اصول الفقه ذكروا القياس والقياس حقيقته رد المتشابه الى المحكم فان الفرع الذي اشتبه حكمه او تردد حكمه رد الى محكم ولهذا قالوا الحاق فرع باصل. وذكروا الاستحسان وهو كذلك. وذكروا دليل وقل مثل ذلك في بقية المحكمات سواء في القواعد او في الادلة او في الاحكام يعني ما يقال في علم القواعد يصح ان يقال في الادلة ويقال في الاحكام بل ويصح ان يقال في العمل استصحاب وهو كذلك فاذا تأملت في الادلة المتفرعة عن دليل الكتاب والسنة وهي التي يذكرها علماء اصول الفقه وجدت ان جمهورها من هذا الوجه اذا تأملت في الادلة التي يذكرها الاصوليون بعد الكتاب والسنة فيقولون الاصل الثالث او الدليل الثالث الاجماع. فان الاجماع هو على هذا ولكنه حصل فيه اتفاق. فلما حصل فيه اتفاق علم ان الحكم المتفق عليه يكون دليله بينا في كلام الله ورسوله وما قصر عن الاتفاق فانه يرد الى ما يشبه ذلك. مما ورد فيه نص او بينه نص او قضى به نص ولو تقدير اجتهاد مجتهد في اتباع هذا النص فاذا صح عنده صار اصلا عنده ولهذا الاصل في القياس هو اصل اضافي وليس الاصل بمعناه الكلي في الشريعة بل الفرع اذا دل عليه دليل ولو كان ظنيا من الاحاد قيل هو اصله في باب القياس باعتبار ما يضاف اليه وهكذا ترى في بقية الادلة في دليل الاستحسان ودليل الاستصحاب بل ودليل المصلحة المرسلة عند التحقيق فتجد ان جمهور هذه الادلة يرجع الى الالحاق وتجد ان القواعد الفقهية كذلك ترجع الى الالحاق من جهة مقاصدها وقظائها الكلي كقاعدة اليقين لا يزول بالشك وقاعدة الامور في مقاصدها وهكذا ولذلك فان العناية بالمحكم العناية بالمحكم من العلم من جهة الفقه فيه هو برهان التحقيق ولهذا لا عجب ان الشافعية هنا يورد هذه الابواب الذي قد يراها بعض المبتدئين في النظر انها اشبه ما تكون بالتكرار وهو يذكر فرض اتباع السنة ثم يذكر وجوب اتباع السنة ثم يذكر ما ذكره الله في سنة نبيه فقد يرى البعض ان هذا اشبه ما يكون في التكرار بكلامه هو الامر ليس كذلك وفوق كلام الشافعي ما ذكره غيره من اهل العلم وقبل ذلك كله ما هو مذكور في القرآن فانك اذا تدبرت كتاب الله وجدت ان هذه المحكمات ذكرت في كتاب الله كثيرا ولا يقع في كتاب الله التكرار المحض الذي لا يكون فيه معنى يختص بسياقه لا في قصصه ولا في اخباره ولا في تشريعاته وامره ولهذا فان التأمل في هذا العلم والتدبر فيه من جهة التشريع او من جهة الاحكام او من جهة الادلة او من جهة تزكية النفس الذي ذكره الله في مقاصد نبوة الانبياء يحصل به التحقيق في العلم وليس التحقيق بالعلم بكثرة النظر في فروع العلم ورد الفروع الى الفروع فهذا نوع ووجه من العلم ولكنه طرف فيه ولهذا حتى ما عرف عند العلماء بالتخريج الفقهي فان اصله هو من تخريج هذا الباب على هذا الباب. لان التخريج ما ذكروه ليصلوا به الى الاحكام الشرعية من من حيث الادلة حتى لا يقع لقائل القول بانهم يذكرون تخريج الفروع على الفروع ولربما قال قائل اخر بان تخريج الفروع على الفروع هو الاصل فهذا فيه نظر لانهم يذكرون تخريج الفروع على الاصول كما يذكرون تخريج الفروع على الفروع واصل هذه المادة من التخريج لم يقصد بها استسلام الاستدلال. لان التخريج هنا لفرع عندهم وانما قصدوا بذلك استتمام المذاهب الفقهية والا اذا اردت ان تتكلم عن مسائل الحكم من جهة الدليل فلا شك ان تخريج الفرع على الاصل اقوى من تخريج الفرع على الفرع وان كان الفرع كما ذكر في القياس قد يسمى اصلا بهذا الاعتبار ولهذا الفقه حقيقته الفقه في دين الله الذي قال فيه النبي من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين مقامات ومنه الفقه الخاص عند اهل الاصطلاح بتسمية فروع الشريعة بالفقه فهذا الفقه جوهره هو الالحاق الصحيح هو الالحاق الصحيح فمن عرف قواعد الالحاق في الادلة وعرفوا قواعد الالحاق في القواعد الفقهية فهذا هو الفقيه حقا لان البعض اذا نظر لهذه الكليات ظن ان القواعد الفقهية مثلا الغاية منها ان يعرف عموم المقصود بالقاعدة وان يعرف لها بعض الامثلة فيتوهم هنا الناظر ان علم القواعد من العلوم الظاهرة المستقرة الذي لا يحتاج الى تطوير لان العلم بقاعدة لا ظع ولا ظرار. وذكر جملة من الامثلة عليها او عددا من الامثلة عليها العدد من الامثلة عليها وذكر بعض الادلة عليها هذا سهل. اليس كذلك؟ وقد ينتهي في مجلس ومجلسين او يكرهه الناظر في صفحات يسيرة ومثله مثل قاعدة اليقين لا يزول بالشك مثل قاعدة لا ضرر ولا ضرار مثل قاعدة المشقة تجي بالتيسير هذه الدرجة هي الدرجة المبتدئة في علم القواعد ويصح ان يقال في العمل اعامل ان تصبر نفوسكم على التأمل في هذا المعنى لانه لما استطالت العلوم وكثر ما يعرف بملح العلم صار التحقيق في نظر البعض هو يقع على الملح العلمية التي في الاخير مسائلها لا تقدم كثيرا ولا تؤخر كثيرا وصارت هذه المحكمات انما تفقه فقها مجملا انما تفقه فقها مجملا يتوهم اصحابه انه انتهى فقهها فاذا جاءته قاعدة العذراء ولا ضرار او قاعدة المشقة تجب التيسير وهم بها لولا ان رأى برهان ربه فان الراجح فيه وهو متجه عند التحقيق من جهة اللغة انه لم يقع من يوسف عليه الصلاة والسلام الهم لم يقع من يوسف لا ما لا يرى معنى لفقهها اكثر من المعرفة بمدلولها العام وبادلتها التي قضت بها من الشريعة ببعض امثلتها وشواهدها ولكن قد يقولك علم فاذا ما هو التحقيق نقول التحقيق وجوه ولكن منه ان هذه القواعد الكلية في الشريعة كقاعدة اليقين لا يزول بالشك ولا ضرر ولا ضرار والمشقة تجد التيسير ونظائر هذه القواعد جميع فروع الشريعة تعود اليها وجميع النوازل التي لم تسمى تعود اليها فجميع فروع الشريعة التي سميت في كتاب الله وجميع فروع الشريعة التي سماها الفقهاء مما حدث من الصور التي طرأت في زمن الفقهاء وجميع الفروع التي لا تزال تطرأ الى يوم القيامة. الى قيام الساعة فانها تتصل بهذه القواعد فالفقيه حقا في علم القواعد هو الذي يستطيع ان يعيد كل فرع لا اقول الى قاعدة بل الى جملة من قواعد الشريعة الكلية ويجعل قواعد الشريعة الكلية معرفة له في موارد الاشتباه والاختلاف في مقام الترجيح وعن الترجيح يقتضي هذه القاعدة او يقتضي هذه القاعدة وكذلك في مسائل النوازل وكذلك في مسائل النوازل لان كل فروع الشريعة تعود الى هذه القواعد الكلية المحكمة من الشريعة فكل القواعد الكلية هي قواعد محكمة باعتبار ادلتها فليس ثمة قاعدة كلية الا ودليلها صريح في الكتاب والسنة ولهذا لو قيل هذه القواعد اهي احكام ام هي ادلة لو قيل هذه القواعد اهي احكام ام هي ادلة؟ قيل هي احكام باعتبار وادلة بايش وادلة باعتبار فهي احكام باعتبار نتائجها الكلية فانك اذا قلت اليقين لا يزول بالشك هذا حكم واذا قلت المشقة تجلب التيسير فهذا حكم. اليس كذلك فهي باعتبار نتائجها الكلية وقضائها الكلي هي احكام شرعية وهي مسماة في القرآن والسنة ولكن اختار اهل الفقهة بعض التركيب الاصطلاحي وربما وقعت بعض القواعد الكلية على نص الشريعة بل عند التحقيق لا يقال ذلك بل عند التحقيق لا يقال ذلك ما هو الذي لا يقال لا يقال ربما وقعت بعض القواعد على مطابق نص الشريعة. بل ان بعض القواعد هو نص الشريعة تماما فانك لا تقصر القواعد الفقهية على هذه التي سميت بل تقول ان قول الله جل وعلا لا يكلف الله نفسا الا وسعها هذه قاعدة كلية وان قوله سبحانه فاتقوا الله ما استطعتم قاعدة كلية وان قوله وما جعل عليكم في الدين من حرج هذي قاعدة كلية فيكون التحقيق في معرفة اتصال الفروع فروع الشريعة بهذه القواعد وعند الاختلاف يكون من طرق الترجيح تكون من طرق الترجيح مناسبتي القولين للقواعد فما ناسب القواعد وكان ملائما لقضاء القواعد الكلية فهو الذي تقتضيه الشريعة فيكون هذا احد الطرق من الترجيح فان قيل فلماذا قيل انه طريق من الترجيح؟ ولم لم يقل بان ما لائم القواعد؟ لا بد ان يكون صحيحا نقول لان الملائمة اجتهاد ونظر فقد يخطئ الناظر في ان هذا الفرع يلائم هذه القاعدة والا لو صدق انه ملائم لهذه القاعدة لاخذ حكمها في الاصل الا ان يأتي به نص من الاستثناء قل مثل ذلك في مسائل الادلة وفقها وقل مثل ذلك في مسائل العمل اعنيه فيما يتعلق بالعناية بالمحكمات فكذلك في مقام العمل العناية بمحكم العمل ومحكم العمل هو ما ذكره النبي في قوله بني الاسلام على خمس والعناية بالصلاة بعد التوحيد العناية بالصلاة والزكاة والصيام والمناسك وبوصول الاخلاق وباصول الاعمال. هذه المحكمات هي الاصل. ولذلك اذا قصر في فعلها او قصر في ظهر في الناس كثير من الاختلاف والاضطراب والتنازع وكلما عنوا بالمحكمات من الادلة والاحكام والاعمال والمقاصد الشرعية اهتدوا الى ما اراده الله سبحانه وتعالى منهم. نعم قال رحمه الله باب ما امر الله من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله جل ثناؤه ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما. وقال من يطع الرسول فقد اطاع الله. فاعلمهم ان رسوله ببيعته وكذلك اعلمهم ان طاعتهم طاعته. وقال فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر وهذا من تشريف الله له لان دينه باقي او باق الى قيام الساعة وقد نادى الله الانبياء وامر الانبياء باسمائهم يا نوح انه ليس من اهلك يا ابراهيم اعرض عن هذا الا في مقام نبينا انهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. نزلت هذه الاية فيما بلغنا والله اعلم في رجل خاصم الزبير في ارض فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بها للزبير. وهذا القضاء سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حكم منصوص في القرآن والقرآن يدل والله اعلم على ما وصفت. لانه لو كان قضاء بالقرآن كان حكما منصوصا بكتاب الله واشبه ان يكونوا اذا لم يسلموا لحكم كتاب الله نصا غير مشكل غير مشكل الامر انهم ليسوا بمؤمنين اذا ردوا حكم التنزيل اذا لم يسلموا له. وقال تبارك وتعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لوذا فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. نعم اراد رحمه الله ان الطاعة التي فرضها الله لنبيه طاعة مطلقة ليس فيها مقام من التقييد او الاستثناء بخلاف ما يقع لغير النبي صلى الله عليه وسلم فانه على مقام التقييد. ولهذا كان الامام مالك رحمه الله يقول كل يؤخذ من قوله الا صاحب هذا القبر فاذا قامت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لاحد من الناس ان يتعدى هدي النبي عليه الصلاة والسلام ولكن هذا مقام يحتاج الى فقه من جهة تحقيق السنة ما هي فانه اذا تحقق العلم بالسنة وجب هذا الحكم واما قبل ذلك فقد يختلف اهل النظر والعلم والفقه في تحقيق المناط من جهة الاستدلال ما هو الذي يقال انه سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد يختلفون اما في ثبوت ذلك او يختلفون في دلالته فانك تعلم ان الدليل فيه وجهان اما جهة الثبوت واما جهة الدلالة لانه كما يقع لبعض المتجاوزين للسنة انه يقصر في اتباعها اما عنادا واما بدعة واما غير ذلك فيقع لبعض الناظرين في العلم انه في ابتداء اجتهاده او نظره الفقهي او العلمي يجعل هذا النظر مضافا الى السنة ويجعل من يتجاوز هذا النظر الذي هو اجتهاد لا يزال تجعله تجاوزا للسنة. فاذا اظاف اجتهاده الى السنة جعل اجتهاده من حيث لا يشعر هو السنة والامر ليس كذلك ان السنة هي ما بان من سنة النبي عليه الصلاة والسلام. ولهذا لم يكن احد من الائمة ينصب قوله على انه السنة اللازمة بل كانوا يقولون ما قال مالك ولهم في ذلك جمل معروفة فلهم في ذلك جمل معروفة انما المقصود ان طاعة النبي طاعة مطلقة وليست طاعة مقيدة ثم جاء بقول الله او ذكر قول الله جل وعلا لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ودعاء النبي عليه الصلاة والسلام هو امره وخطابه لهم وبيانه لهم ثم قال الله جل وعلا فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبه فتنة فمن لم يحكم هذا الاصل دينا وعلما وعملا فانه معرض للفتنة ومن نقص هذا المقام دخل عليه مقام من مقام الفتنة اما في علمه واما في عمله ولهذا قال الامام احمد رحمه الله اتدري ما الفتنة الفتنة الشرك لعله اذا رد بعض قول النبي صلى الله عليه وسلم يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك نعم قال رحمه الله وقال تعالى واذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا واليه مدعنين. افي قلوبهم مرض ام ارتابوا ام يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله. بل اولئك هم الظالمون انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون. ومن يطع الله فدخل ثم خرج مثل هذه الحال لا تقع له في كل الاحوال قال فدخل ثم خرج ثم صعد المنبر ثم قال تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره ورسوله ويخشى الله ويتقيه فاولئك هم الفائزون. فاعلم الله الناس في هذه الاية ان دعاءهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم دعاء الى حكم الله. لان الحاكم بينهم رسول الله. واذا سلموا لحكم رسول الله فانما سلموا لحكمه بفرض الله وانه اعلمهم ان حكمه حكمه على معنى افتراضه حكمه وما سبق في علمه جل ثناؤه من اسعاده بعصمته وتوفيقه وما شهد له به من هدايته واتباعه امره. فاحكم فرضه بالزام خلقه طاعة رسوله واعلامهم انها طاعته. فجمع لهم ان اعلمهم ان الفوضى عليهم اتباع امره وامر رسوله صلى الله عليه وسلم. وان طاعة طاعته ثم اعلمهم انه فرض على رسوله اتباع امره جل ثناؤه. انه فرض ثم اعلمهم انه فرض على رسوله اتباع امره جل ثناؤه. نعم وكل هذا في كتاب الله هو بيان لحقيقة النبوة فهذه الايات المفصلة بمقام اتباع النبي صلى الله عليه وسلم هي متضمنة لحقيقة نبوة الانبياء. فان هذا هو حقيقة النبوة ان كونه نبيا من عند الله ورسولا من عند الله يعني ذلك انه لا ينطق عن الهوى لان الله جل وعلا اهو الذي بعثه واصطفاه نبيا رسولا. نعم قال رحمه الله باب ما ابانا الله لخلقه من فرضه على رسوله صلى الله عليه وسلم اتباع ما اوحى اليه وما شهد له به من اتباع ما امر به ومن هداه وانه هاد لمن اتبعه. قال الشافعي رحمه الله قال الله جل ثناؤه لنبيه يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما. واتبع ما يوحى اليك من ربك ان الله كان بما تعملون خبيرا وقال اتبع ما اوحي اليك من ربك لا اله الا هو واعرض عن المشركين. وقال ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون. نعم هذا الباب فيه بيان ان الله امر نبيه باتباع امر ربه جل وعلا وهذا الامر من الله لنبيه ان يتبع ما امره الله به هو بيان لعبودية النبي عليه الصلاة والسلام هذا الامر من الله في كتابه في مواضع كثيرة من كتاب الله يأمر الله نبيه بطاعته سبحانه فهذا فيه بيان حقيقة النبوة من جهة وان النبي عبد من عباد الله ولكنه اشرف خلق الله عليه الصلاة والسلام ولكنه من عباد الله من المؤمنين بالله كما قال الله جل وعلا سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله فكما سماه الله نبيه سماه الله عبده ولذلك كل الانبياء عبيد لله وكما قال الله جل وعلا لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ومن استنكف عن عبادة الله فهو من المشركين قال الله جل وعلا لن يستنكف المسيح وهو عيسى عليه الصلاة والسلام ان يكون عبدا لله ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا فنبينا وغيره من الانبياء هم من عباد الله ولكنهم اخص عباد الله وهم الانبياء وهم صفوة خلق الله هم الملائكة هم خير خلق الله فهذا في مقام النبي عليه الصلاة والسلام يبين الله له وجوب الطاعة لربه سبحانه وتعالى يا ايها النبي اتق الله وقال الله يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك لكن هذا الامر من الله يقع منه جل وعلا ليس على مقام ان محمدا قد يعصي ربه فانه معصوم عليه الصلاة والسلام عن ذلك ولهذا يخاطب في مقام الاستجابة باسم النبوة وباسم الرسالة والنبي لا يعصي ربه والرسول لا يعصي ربه فهو تحقيق لعبوديته لربه وتحقيق لان ما جاء به وما هو عليه فانه هدي كله ولهذا اقواله وافعاله واقراره عليه الصلاة والسلام كل ذلك من سنته وتوسع بعض المتأخرين من اهل الاصول وكثر ذلك في بعض الباحثين من الاصوليين ومن الناظرين في علم الاصول من المعاصرين توسعوا في تقسيم اجتهاد النبي وتكلموا عن افعال النبي وعما سموه اجتهاد النبي عليه الصلاة والسلام وجمهور ذلك فيه تكلف والاصل ان يقال ان جميع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو هدي واما المحض المحض من العادة فهذا مستقر لا يحتاج الى فصل من العلم والمعارف حتى يقال فيه ما يقال فان هذا يوجب شتاتا واذا فتح هذا الباب تشتت فيه البحث كما حصل من بعض البحوث المتأخرة ولهذا الرسول عليه الصلاة والسلام هو صاحب النبوة والرسالة والله جل وعلا جعله على هذا المقام ولذلك اذا امر بالطاعة من ربه فانه يؤمر وهو نبي ويؤمر وهو رسول وما امره الله بذلك باسم باسمه المعين ولا تجد ان الله امر نبيه باسمه المعين وهو محمد لم يذكر محمد هذا الاسم في مقامه الطلب جميع مقام الطلب في القرآن انما يذكر باسم النبوة وباسم الرسالة او نقول بعبارة احق تحقيقا مقام الامر جميع مقام الامر ومقام النهي الذي يخاطب الله به رسوله لا يذكره الله باسمه محمدا وانما يذكره بصفته نبيا رسولا. يا ايها النبي اتق الله. ما قال يا محمد قال يا ايها النبي اتق الله يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وما ذكر محمد في القرآن الا خبرا مثل قول الله جل وعلا ما كان محمد ابا احد من رجالكم فانه اذا نودي فانه ينادى باسم النبوة والرسالة وكأن من مقاصد هذا ولله الحكمة البالغة انه خاتم الانبياء وان دينه لا يدخله نسخ بعد ذلك. نعم قال رحمه الله فاعلم الله رسوله منه عليه بما سبق في علمه من عصمته اياه من خلقه فقال يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته. والله يعصمك من الناس. نعم سمى الله الدين الذي جاء به نبيه شريعة كما في قوله ثم جعلناك على شريعة من الامر ومعنى انها شريعة انها باقية مستقيمة انها باقية مستقيمة لان الشريعة في كلام العرب لها معاني ويجمعها اثنان لها معاني يجمعها اثنان المعنى الاول هو الماء العد الذي يرده الناس ولا يكل ممن يرد بخلاف الماء الذي يعرض من المطر ثم يزول فهذا لا تسميه العرب شريعة اما اذا كان الماء جاريا ومستقرا يرده الناس سموا هذا المورد سموه ماذا سموه شريعة وكذلك الطريق المستقيم يسمونه شريعة ولهذا جاء في مثل قول امرؤ القيس ولما رأت ان الشريعة وردها وان البياض من فرائسها دامي تيممت الماء الذي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمطها طامي. فشريعة الله والشريعة التي بعث بها الرسول عليه الصلاة والسلام مستقيمة وهي الطريق المستقيم وهي الصراط المستقيم الذي قال الله فيه اهدنا الصراط المستقيم وهي لا تزال صالحة لكل زمان ومكان وهذا معنى انها شريعة فيردها الناظرون والفقهاء والبصراء والعلماء وما من واقعة تقع الا وفي كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاؤها وحكمها وبيانها وما هو المصلحة فيها وما هو الحكم الشرعي فيها ولهذا كل ما يقع للناس من اقضية او خصومات او نوازل في امور في امور دنياهم ويردون ذلك الى السنة والى الكتاب فانه كما قال الله جل وعلا فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ولهذا وقعت وقائع لم تقع زمن النبي عليه الصلاة والسلام فقضى بها الصحابة بكتاب الله وسنة رسوله ولم يزل ذلك شأن المسلمين الى اليوم بحمد الله ينظر العلماء والفقهاء واصحاب العلم والاجتهاد من علماء المسلمين في هذه البقاع النوازل ولهذا وقع في هذا العصر مثلا ما يعرف بالتبرع بالاعضاء في الطب فهذه الواقعة ما سميت في كلام الفقهاء لانها لم تكن موجودة زمنهم ولكن لما وقعت بما وصل اليه علم الطب في هذا العصر بحث فقهاء المسلمين في مجامعهم وهيئاتهم وبحوثهم واصلوا هذه المسألة على قواعد الشريعة وان كانت هذه النوازل قد يتفق على حكمها تارة او يختلف على حكمها تارة فهذا من الاختلاف اللواء السعيد بني على الادلة الشرعية والقواعد الكلية. نعم قال رحمه الله وشهد له جل ثناؤه باستمساكه بما امره به والهدى في نفسه وهداية من اتبعه فقال وكذلك اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا انك لتهدي الى صراط مستقيم. وقال ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك وما يضلون الا انفسهم وما يضرونك من شيء وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم من حق الرسول عليه الصلاة والسلام بيان لحقيقة نبوته وعبوديته لانه ابتلي في الانبياء وظل عن منهج الانبياء فريقان. من ضل عن منهجهم بعدم العناية بنبوتهم ومن غلا في نبوتهم حتى نسي عبوديتهم لله سبحانه وتعالى فغلا في مقام الانبياء ولم يدركن النبوة هي عبودية لله وهذا وقع في طوائف من الامم السالفة الذين اخبر الله عنهم في كتابه كما في قول الله جل وعلا يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم فالغلو في الانبياء وقع في بعظ الامم فبين الله ما عليه الانبياء ولهذا كان من هدي نبينا عليه الصلاة والسلام الناهي عن الغلو فيه كما جاء في الصحيح وغيره لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم فانما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله فهو عبدالله ورسوله عليه الصلاة والسلام وحقه اعظم الحقوق بعد حق الله ومحبته اعظم المحبة بعد محبة الله لكن ذلك لا يوجب غلوا في جناب الرسول عليه الصلاة والسلام واذا كان هذا بينه الله ورسوله عن خيرة خلقه وهو رسول الله وغيره من الناس من باب فغيره من الناس من باب اولى قال الله تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب وهو القرآن ولا الايمان ولا الايمان المقصود هنا بالايمان التفاصيل والا اصل الايمان فان النبي كان على اصل الايمان وكان على الفطرة وكان على الحنيفية عليه الصلاة والسلام لكن ولا الايمان المنفي هنا هو التفاصيل التي لم يعلمها عليه الصلاة والسلام الا بنزول القرآن والنبوة عليه. نعم قال رحمه الله فابانا الله ان قد فرض على نبيه اتباع امره وشهد له بالبلاغ عنه وشهد به لنفسه ونحن نشهد هذا الدليل في قول الله ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان هو من الادلة الدالة على قول اهل السنة بان الايمان قول وعمل فان الايمان لو كان جملة المعرفة او جملة التصديق لما نفي عن النبي في هذا المقام. نعم قال رحمه الله فابانا الله ان قد فرض على نبيه اتباع امره وشهد له بالبلاغ عنه وشهد به لنفسه ونحن نشهد له به تقربا قروبا الى الله بالايمان به وتوسلا اليه بتصديق كلماته قال اخبرنا عبد العزيز توسنا اليه الى الله والمقصود بالتوسل هنا التقرب الى الله التوسل هنا الى الله بمعنى التقرب اليه كما قال الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة الوسيلة هو ما يقرب الى الله سبحانه وتعالى نعم قال اخبرنا عبد العزيز عن عمرو بن ابي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن حنطب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما تركت شيء مما امركم الله به الا وقد امرتكم به. ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه الا وقد نهيتكم عنه. نعم وهذا ثابت مستقر ان النبي بلغ البلاغ المبين وان الدين كامل كما قال الله جل وعلا اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وهكذا جميع الانبياء هكذا جميع الانبياء. جميع الانبياء بلغوا ما امرهم الله به وقد جاء في الصحيح في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه ان النبي خطب الصحابة في سفر وكانت خطبة بليغة من جوامع خطب النبي عليه الصلاة والسلام وهي منهج لامته من بعده ولم يكن المخاطب بها في جميع جملها اذ ذاكم هم من بين يديه وحدهم فانها لم تكن في شأن بين يديهم وقد زال وانتهى ولكنها منهج للامة الى قيام الساعة وحصل في هذه الخطبة له عليه الصلاة والسلام من الاحوال التي لم تكن على عادته عليه الصلاة والسلام في خطبه كالاحوال التي حصلت للنبي في صلاة الكسوف وهكذا كان شأن رسول الله انه في بعض الاحوال التي يكتنفها او يحتفها ما يحتفها يقع له من الاحوال المختصة التي تليق بهذا المقام فانه لما كسفت الشمس صار له ما صار وصلى عليه الصلاة والسلام بصلاة الكسوف التي وصفها اصحابه بقولهم صلى باطول قيام واطول ركوع واطول سجود وتقدم وتأخر ولم يكن يفعل ذلك في صلاته تقدم في صلاته شيئا وتأخر شيئا وهذا لم يكن يقع له في صلاته وبين لهم ذلك ما عرض له من الجنة وما عرظ له من النار وما عرظ له من عذاب بعظ المعذبين في النار كعمرو ابن لحي ونحو ذلك كما جاء ذلك في الصحيحين وغيرهما في حديث اسماء بنت ابي بكر واحاديث بموسى الاشعري وحديث ابن عباس وغير هؤلاء وكذلك في بعض الاحوال التي دون ذلك فاولئك الوفد الذين جاءوه من مضر وكانوا حفاة عراة كما في حديث جرير ابن عبد الله البجلي قال كنا عند رسول الله في صدر النهار اذ جاءه قوم حفاة عراة. والعرب اذا قالت عراة لا يقصدون انهم لم يلبسوا شيئا وانما ان حالهم ناقص وفي لباسهم والا قد ستروا عوراتهم قال اذ جاءهم قوم اذ جاءهم قوم حفاة عراة مجسا بني ما روي العباء متقلد السيوف عامتهم من مدربل كلهم من مضر فتبعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة هذا التفصيل يستحث به حتى الفقراء حتى قال ولو بشق تمرة وهذا من كمال الهدي والسياسة الشرعية في معالجة هذه الحالة الطارئة لاولئك الوفد قال فجاء رجل بصرة كانت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس قال جرير حتى رأيت كومين من طعام وثياب وحتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كانه مذهبة فقال من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة فهذا الحديث من سن في الاسلام ليس المقصود به الابتداء فان الدين لابد لا بدعة فيه وانما هو القيام بهذه الاعمال التي يقوم سببها فيكون من ابتدعها عند قيام السبب سن في هذا المقام سنة حسنة والا معلوم ان الصدقة مشروعة قبل ذلك ومعلوم ان وقائع الصدقة كثيرة في الصحابة رضي الله عنهم ولكن المقصود انه في هذه الحال وفي هذا السبب المقصود انه في حديث عبدالله بن عمرو في ذلك السفر عند قول الامام الشافعي وانه بين ذلك لامته آآ على التمام الى اخره المقصود في حديث عبد الله ابن عمر قال كنا مع النبي في السفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتظر ومنا من هو في جسره اذ نادى منادي رسول الله الصلاة جامعة ما الذي وقع على خلاف الحال المعتادة انه قطعهم عليه الصلاة والسلام لامر اهم مما هم عليه ودعاهم لما هو اهم والا كانت عادته صلى الله عليه وسلم ان يدعهم الى ان يستقروا نزولا وينصب خيامهم ويسقوا دوابهم ثم يجمعهم اليه لما يدعوهم اليه لكن في هذا المقام ناداهم وهم في شغلهم وناداهم ليس بالنداء المعتاد وانما بنداء النوازل. وهو النداء الذي ينادى في النوازل الصلاة جامعة فلما اجتمعوا حوله قام عليه الصلاة وبارك الله فيك. قام عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال ايها الناس انه لم يكن نبي قبلي انظروا الى هذه الكلمات من جوامع الكلم وهي لا تخصهم بذلك السفر قام خطيبا فقال ايها الناس انه لم يكن نبي قبلي الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وان ينذرهم شر ما يعلمه لهم فاذا هذا كان منهجا لجميع الانبياء ثم قال وان امتكم هذه جعل عافيتها في اولها وسيصيب اخرها بلاء وامور تنكرونها وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي وتجيء الفتنة اي الثانية فيقول المؤمن هذه مهلكتي فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر هذا حق الله وهو اسم جامع الايمان لكل ما يحبه الله ويرضاه ولكل ما شرع الله ورسوله من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر ثم قال وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه وهذا جامع لحقوق العباد جامع لحقوق العباد كلمة جامعة في حقوق العباد وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه ثم قال ومن بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه. وهذا الذي ينتظم به الامر العام وهذا الذي ينتظم به الامر العام والشأن العام للناس وهو طاعة اولي الامر كما سبق في المجلس السابق. نعم قال الشافعي رحمه الله وما اعلمنا الله مما سبق في علمه وحتم قضائه الذي لا يرد من فضله عليه ونعمته انه منعه من ان يهموا انه منعه من ان يهموا ان يضلوه. واعلمه انهم لا يضرونه من شيء وفي شهادته له بانه يهدي الى صراط مستقيم. صراط الله والشهادة بتأدية رسالته واتباع امره. وفيما وصفت فرضه طاعته وتأكيده اياها في الاية ذكرت؟ ما اقام الله به الحجة على خلقه بالتسليم لحكم رسول الله واتباع امره قال الشافعي نعم الله يبين في القرآن ان ما عليه رسول الله من الدين والهدى هو بهداية الله له وهذا يا جامع في قول الله جل وعلا يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله وهذا هو حقيقة التوحيد انهم فقراء الى ربهم في تكوينهم وتدبيرهم وشأنهم وحتى من امن بالله ووحده من الانبياء والمرسلين الذين اصطفاهم الله ومن اتبعهم باحسان فهم فقراء الى الله حتى فيما هداهم له من الطاعة ولهذا قال الله لنبيه ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا اذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك به علينا وكيلا فالله سبحانه وتعالى هو المثبت لنبيه ويثبت المؤمنين اجمعين يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويظل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء فكل الخلق فقراء الى الله وهم في طاعتهم انما اطاعوا ربهم بهداية الله لهم ولكن الله عصم الانبياء من الزيغ عليه الصلاة والسلام الهم بتلك المعصية وانما عصمه الله سبحانه وتعالى بما قضى الله به في شأنه من النبوة وهذا هو الراجح في تفسير هذه الاية والمعتبر عند التحقيق واما من قال من بعض اهل التفسير او بعض متأخري اهل اللغة بان السياقة في اللغة لا يصحح ذلك فان الامر ليس كذلك وقد ذكر بعض اهل التفسير من التحقيق في هذه الاية وممن ذكر ذلك مع ما يقع في تفسيره من اخطاء في موارد الا انه في هذا المقام ذكر فيها تحقيقا حسنا ابو عبد الله الرازي وذكر ذلك بعظ اهل التفسير بالمأثور وذكر هذا القول الامام ابن جرير رحمه الله عن طائفة وممن حقق فيه من المتأخرين الشيخ العلامة الامير الشنقيطي رحمه الله فالمقصود ان هذا يتجه وهذا هو الموافق للقواعد الكلية لان الانبياء لا يقعون عليهم الصلاة والسلام في هذه المجلات قبل نبوتهم. ولا في الهم بها البتة وهم معصومون محفوظون ولهذا وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم ما وقع في حادثة شق الصدر وهو في صباه عليه الصلاة والسلام نعم قال الشافعي رحمه الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنة كذلك اخبرنا هذا من جوامع الفقه وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنه اي بكونه نبيا امره الله بذلك واذا قال الائمة ما مما ما سنه رسول الله مما ليس في كتاب الله هذا سبق بيانه وانها السنة لا يقع فيها الاختصاص المحض عما ذكر في القرآن بل السنة هي مصدقة بما جاء في كتاب الله في القرآن يصدق ما جاء به هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الحكم الشرعي اما ان يسمى مطابقا واما ان يذكر مجملا في القرآن واما ان يذكر قاعدة ومقصدا مثل ما جاء في الجمع بين المرأة وعمتها فانه وان لم يذكر مطابقا ولا مجملا الا انه من جهة القاعدة والمقاصد مذكور في القرآن. نعم قال رحمه الله وكذلك اخبرنا الله في قوله وانك لتهدي الى صراط مستقيم صراط الله وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب وكل ما سن فقد الزمنا الله اتباعه. وجعل في اتباعه طاعته. وفي العنود عن اتباعها معصيته. التي لم يعذر بها ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجا. لما وصفت وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اخبرنا سفيان عن سالم ابو النضر مولى عمر بن عبيد الله انه سمع عبيد الله بن ابي رافع يحدث عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا الفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه قال سفيان وحدثنيه محمد بن كدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. قال الشافعي رحمه الله الاريكة السرير نعم هذا الحديث جاء في السنن وغيرها وله شواهد جاء من حديث ابي رافع وجاء من حديث المقدام وجاء من رواية غيرهما وهو بمجموعه صالح للاحتجاج ومعناه محكم من محكمات الشريعة معناه محكم من محكمات الشريعة كما قال الله جل وعلا من يطع الرسول فقد اطاع الله. نعم قال رحمه الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله وجهان. احدهما نص كتاب فاتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما انزل الله. والاخر جملة بين رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فيه عن الله معنى اما اراد بالجملة واوضح كيف فرضها عاما او خاصا وكيف اراد ان يأتي به العباد وكلاهما اتبع فيه كتاب الله قال فلم اعلم من اهل العلم مخالفا هذا من فقه الشافعي انه قال لك وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان احدهما نص كتاب الله اتبعه رسول الله ولم يذكر من السنة ما يختص الاختصاص المطلق لانه عند التحقيق اما ان يكون القرآن ذكره مطابقا واما ان يكون القرآن ذكره مجملا وبين قدر من مفصله في السنة وكما سبق انه لا يقع في القرآن المجمل المحض لان البعض من المتأخرين من الاصوليين هو الذين يقولون المجمل الذي لا يفقه منه شيء او لا يفقه منه حكم حتى يأتي ما يبينه فهذا اذا ذكر على هذا المعنى ثم قيل وهذه الايات من المجمل هذا خطأ لانه ليس في القرآن المجمل بهذا المعنى البتة ليس في القرآن المجمل وهذه الاسماء كما ترى اسماء اضافية ولذلك من فقه الامام احمد انه قال تلك الكلمة المليئة بالحكمة من جهة وبالعلم من جهة لما قال اكثر ما يخطئ الناس من جهة المجمل والقياس اي مجمل القول واجمل الدلالات فيتوهم الانسان انتفاع الشيء وهو في الحقيقة انما ينتفي من وجه دون وجه وثبوته اقوى من انتفاءه وهكذا فالمقصود ان الشافعي قال ان سنن النبي مع كتاب الله على هذين الوجهين ما جاء في كتاب الله او جاء في كتاب الله مجملا والمقصود بالاجمال قد يكون اجمالا الحكم او اجمال القواعد او المقاصد نعم قال رحمه الله فلم اعلم من اهل العلم مخالفا في ان سنن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه فاجتمعوا منها على وجهين والوجهان يجتمعان ويتفرعان. احدهما ما انزل الله فيه نص كتاب. فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما نص الكتاب والاخر مما انزل الله فيه جملة كتاب فبين عن الله تعالى معنى ما اراد. وهذان الوجهان اللذان يختلف فيهما. والوجه الثالث ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس فيه نص كتاب. فمنهم من قال جعل الله له بما افترض من طاعته وسبق في علمه من توفيقه لرضاه ان يسن فيما ليس فيه نص كتاب وسبق في علمه من توفيقه لرضاه ان يسن فيما ليس فيه نص كتاب. ومنهم من قال لم يسن سنة قط الا ولها اصل في الكتاب كما كانت سنته لتبيين عدد وهذا هو الصحيح اولا هو لا يسن باجتهاده عليه الصلاة والسلام بل بنبوته وبرسالته وجعله الله لا ينطق عن الهوى كما قال الله جل وعلا وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فالله هداه وبعثه نبيا ورسولا فليس هو الذي يجتهد فيخطئ ويصيب كما يصيب المجتهدون ويخطئ المجتهدون فان الفقيه هو الذي يجتهد فقد يصيب تارة ويخطئ تارة اخرى وان كان اجتهاده محمودا في كل الحالين كما جاء في حديث عمرو بن العاص في الصحيح اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر فهذا في الحاكم والفقيه واما في النبي فالنبي لا يخطئ والنبي معصوم عن الخطأ ولكن ما من حكم قاله رسول الله الا وفي كتاب الله له اصل قد يكون هذا الاصل مطابقا وقد يكون مجملا وقد يكون كليا من جهة القواعد او المقاصد ولهذا جميع السنن التي جاء بها رسول الله وجميع الاقوال والافعال التي فعلها النبي عليه الصلاة والسلام فانها مطابقة لما جاء في كتاب الله جل وعلا ولكن هذا كما قيل في ما سبق لان من فقه علم القواعد معرفة الالحاق على اوجهه الصحيحة الرفيعة من فقه علم القواعد معرفة الالحاق على اوجهه وحين تقول على اوجهه بمعنى انه ليس وجها واحدا الصحيحة اجتنابا للخطأ الرفيعة اجتنابا للحاق الساذج لان بعض وجوه الالحاق اوجه تكون من الاوجه الساذجة التي لا تناسب مقام العلم الالهي الذي بعث به الانبياء. نعم. قال رحمه الله ومنهم من قال لم يسن سنة قط الا ولها اصل في الكتاب كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة وعملها على اصل جملة فرض الصلاة. وكذلك ما سن من البيوع وغيرها من الشرائع لان ان الله سبحانه وتعالى قال لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وقال واحل الله البيع وحرم الربا فما يعني قول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم وجاء في هدي النبي عليه الصلاة والسلام انه نهى كما في الصحيح وغيره نهى عن بيع الحصاة ونهى عن المزابنة ونهى عن المخابرة والمحاقلة وان كان هذه البيوع بعضها نهي عنه ولكنه جاء الاقرار فيه فيكون ما اقر ليس هو الذي نهي عنه فان بيع الحصاة منهي عنه وبيع الملامسة والمنابذة منهي عنه واما المحاقلة والمخابرة فجاءت الرواية فيها من رواية الصحابة منهم من حفظ نهي النبي ومنهم من حفظ اقرار النبي لها فيكون ما حفظ من الاقرار ليس هو الذي حفظ من ايش من النهي وهذا هو التحقيق قال انما كانوا يؤاجرون على الماذيانات واقبال الجداول واشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا فلم يكن للناس كراء الا هذا فلذلك نهى عنه فاما شيء معلوم مظمون فلا بأس به هذا هو التحقيق في مسألة المحاقلة والمخابرة عند هذه البيوع هل يقال بان النبي ذكرها ولم تذكر في كتاب الله او يقال انه ذكرت في كتاب الله قاعدة ذكرت في كتاب الله قاعدة كلية لان الله قال لعباده في كتابه يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم في الباطل فبيع الحصاد الذي كان معروفا في الجاهلية ببيع الحصاة ونهى عنه الرسول هو من اكل اموال الناس بالباطل وبيع الملامسة هو من اكل اموال الناس بالباطل ولم يجعل في الشريعة التعامل في البيوع والعقود موقوفا على الرضا وحده وهذا قد يتوهم فيه بعض الناظرين فيظن ان اهلية المتعاقدين في العقود والتراضي بينهما يكون مصححا للعقد وهذا ليس كافيا صحيح ان الاهلية كما يسميها الاحناف وجماعة من اهل العلم وهي التكليف ان يكون من ذوي التكليف وان كان للاهلية عندهم اختصاص على غير ذلك فيذكرون اهلية الوجوب التي تقع حتى للمجنون بمعنى تجب الزكاة في ماله ويملك فيرث اباه عند وفاته والية الادلة يكون عنها الافعال والتصرفات والاقوال المقصود هنا ان هذه العقود التي يجتمع فيها الاهلية والتراضي لا يكفي وحدها لتصحيح العقد. فان العقد في المعاملات المالية له ثلاث اسس الاساس الاول الاهلية من المتعاقدين الاساس الثاني التراضي بينهما كما قال الله تعالى الا ان تكون تجارة عن تراض منكم الاساس الثالث هيمنة الشريعة على العقد فلا بد ان يكون العقد على وفق قواعد الشريعة ولهذا ترى ان عقد الربا مثلا او عقد الغرر او بعض العقود قد يتفق عليها اصحاب العقود او بعض اصحاب العقود ولكن الشريعة تقضي فيها بقضائها المقصود هنا ان بيع الحصاة هو راجع الى قول الله جل وعلا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل فهو من اكل اموال الناس بالباطل ولهذا المحاقلة والمخابرة كما جاء في الرواية في الصحيح وغيره بعض الاوجه من الرواية فيها اقرار وكلام الرسول لا يضطرب ولا يختلف ولا يتعارض فيكون من حفظ عنه اقرارا انما حفظ عنه في في صورة فاذا فيما ذكر الشافعي رحمه الله في العقود والبيوع يقال بان جميع البيوع التي سماها النبي بالنهي هي داخلة في عموم قول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وان كان ما يقع في احكام البيوع لا يلزم مثله في احكام العبادات فان للعباد ان بين العبادات وبين المعاملات المالية من الفرق فان احكام الشريعة تأتي على اوجه وما يقع في العبادات لا يطابق ما يقع في المعاملات المالية من جهة توصيف الشريعة لان الشريعة لم توصف المعاملات المالية كما وصفت العبادة فالعبادة موصفة في الشريعة او موصوفة في الشريعة بعدد ركوعها وسجودها وصفة المناسك والمبيت بالمزدلفة والمبيت في منى والوقوف في عرفة الى غير ذلك. لكن كل المعاملات المالية هي ليست على هذا القدر وانما يذكر في الشريعة القواعد الحاكمة التي ترجع هذه المعاملات اليها والاصل فيها الاباحة ولكن كلنا بيع نهى عنه النبي فان النبي لم يرد انشاء الاسم وانما هذه الاسماء كانت العرب تعرفها كبيع الحصاد ونحو ذلك وهي موجودة عند القرشيين او عند اهل مكة ولما جاء الى المدينة عليه الصلاة والسلام وكان اهل المدينة اهل نخل وجد عندهم من التعامل في نخلهم ومزارعهم ما لم يكن معروفا عند اهل مكة ولهذا ذكر الفقهاء في كتب الفقه ما يتعلق باحكام المساقات واحكام المزارعة وكانوا يسمون ذلك محاقلة ويسمون ذلك مخابرة فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بحقائق هذه المعاملات من الحكم ولهذا روي عنه الاقرار لذلك وروي عنه النهي عن ذلك والتحقيق انما اقره ليس هو الذي نهى عنه فانه لم يقع في هذه المسائل نسخ وجميع الروايات التي فيها الاقرار والتي فيها النهي هي من حيث السند محفوظة فاذا كانت محفوظة لم يحتمل هذا الا مقام النسخ ولا نسخى في هذا المقام لان الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام فيه جهالة به جهالة وما اقره النبي عليه الصلاة والسلام لا جهالة فيه ولهذا جاء في الرواية قال انما كانوا يؤاجرون قال يؤجرون ويقال يخابرون قال انما كانوا يؤجرون في حديث ابي رافع ومعنى هذا لو ان صاحب زرع او صاحب نخل هاجر شخصا ان يشتغل عنده في هذا وفي هذه المزرعة مئة نخلة فقال لك ربعها فمن ربع لك ثمرة الربع منها ثمرة الربع كم خمس وعشرين نخلة فقال لك الخمس العشرين نخلة القبلية او الجنوبية او الشرقية فعينها له فهذا هو الذي نهي عنه لماذا لانها قد يهلك هذا ويسلم هذا ويقود ايضا الى ترك الامانة في انه قد يعنى به ويدع ما لصاحبه والعكس واما اذا قال لك الربع مما يخرج منها ولكنه جعله مشاعا جعله ايش مشاعا يعني ما ينتج منها في الربع يكون لهذا المزارع او لهذا المكاره او المؤاجر فيها فهذا فيه جهالة او ليس فيه جهالة لا جهالة فيه ويكون فيه العدل لهم جميعا فهذا اقر وهذا نهي عنه وكل ذلك يتصل بهذه الاية التي قال الله فيها يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل لانا نعلم من جهة الفقه ما قرره الفقهاء وعلماء القواعد من ان الاصل في المعاملات المالية ان الاصل فيها الحل والاباحة وهذا مما يشهد له ما جاء في حديث عياض قال الله في كل مال نحلته عبدا حلال فمما يشهد لهذه القاعدة ما جاء في هذا الحديث وعموم ما جاء في القرآن واحل الله البيع. وثمة مناطات جاءت بها السنن وجاءت في كتاب الله تكون موجبة لبطلان المعاملة المالية كالربا مثلا او الجهالة او الغرر الى اخره فهذه مناطات. ثم هذه المناطات على قسمين منها مناطاتنا الشريعة لم تحتمل مادة منها ومنها مناطات خففت الشريعة في يسيرها كيسير الغرر وايش والجهالة تيسير الغرر والجهالة وهذه المناطات منها ما هو متعين من جهة المعنى ومنها ما هو مجمل من جهة المعنى. فالمتعين من جهة المعنى كالغرم والمجمل من جهة المعنى كما جاء في حديث نهى عن سلف وبيع ونهى عن عن بيعتين في بيعة فليس كل ما كان من باب البيعتين في بيعة يكون كذلك ولهذا فصل فيه عند الفقهاء ولكن جميع هذه المناطات نقف على هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد