التصديق الذي في الصلاة يسمى ايمانا والحركة الظاهرة لا تسمى ايمانا قيل هذا فرض يفرضه الذهن لا وجود له في الخارج. فانه اذا تجرد هذا العمل عن تصديق ما سمي ما سمي ما سمي صلاة وما سمي ركوعا وما سمي اذا قالوا ان التصديق الذي في الصلاة يسمى ايمانا واما حركتها فليست ايمانا. قيل هذا فرض يفرضه لا وجود له في الخارج. فلا يوجد في الخارج الا حركة يقصد بها التعبد او حركة لا يقصد بها التعبد اما حركة يقال ان تصديقها ايمان وانها هي من حيث هي كما يقول هؤلاء ليست ايمانا فهذا مما لا وجود له في الخارج فان منحنى ظهره اما ان يكون راكعا لله سبحانه وتعالى في صلاة من الصلوات واما ان يكون فعل ذلك لغرض وموجب يحتاج له من اجله. ومعلوم انه في الاول يسمى عمله ايمانا وفي الثاني لا يسمى ايمانا. واما فك هذا عن هذا مع في حال واحدة فهذا من فروضات الذهن التي لا وجود لها في الخارج. وهنا ترى ان قول السلف رحمهم الله ان معنى قول وعمل هو الذي توجبه اللغة. حتى ولو فسر الايمان بما بالتصديق. حتى ولو فسر الامام بالتصديق فان اللغة توجب ذلك من هذا الوجه. وكذلك هو الذي يوجبها العقل فانما صح تسميته ايمانا صح تسميته او عفوا فانما صح تسميته اسلاما من الاعمال صح تسميته ايمانا وقد غلط بعض المرجأ فظنوا ان السلف انما سموا الاعمال اسلاما لكون المنافق يأتي بها. بخلاف الايمان ولا شك ان المنافق يسمى مسلما ولا يسمى مؤمنا. ولكن ليس هذا هو الموجب من جهة الاطلاق وانما ذلك من جهة ان الايمان اصله في القلب وانه اخص بالاعمال الباطنة الاسلام اخص بالاعمال الظاهرة. فهذا هو محصل ما ذهب اليه ائمة السلف رحمهم الله وتبينوا من هذا ان قولهم هو الموافق للشرع والموافق للعقل والموافق للغة. ومقالات المرجئة المتقدمة والتي تبين ان اشدها ضلالا هو قول جهم بن صفوان ان الايمان هو التصديق والمعرفة يأتي عليهم مسألة اعمال القلوب. والجماهير من المرجئة يجعلون ما هو من اعمال القلوب داخلا في مسمى الايمان. ولهذا لما فسر الاشعري مقالة جهل بن صفوان ومقالة بالحسين الصالحي في مقصودهم بالمعرفة فسر ذلك بما هو من اعمال القلوب مع المعرفة القلبية واذا تحقق هذا فان اكثر طوائف المرجاة يجعلون ما هو من اعمال القلوب داخلا في مسمى الايمان واذا كان داخلا في مسمى الايمان لزم من هذا ان يكون العمل الظاهر داخلا في مسمى الايمان فانما كان جوابا عن الاعمال الظاهرة فانه يمكن ان يجاب فانما كان جوابا عن الاعمال الباطنة عندهم يمكن ان به عن الاعمال الظاهرة. فان عمل القلب ليس هو التصديق. واذا قالوا الايمان هو التصديق وجعلوا ما هو من اعمال القلوب داخلا في مسمى الايمان؟ لزم من ذلك ان يجعل ما هو من اعمال الجوارح داخلا في مسمى الايمان بل لزم من ذلك ان تكون اعمال الجوارح كلها داخلة في مسمى الايمان. من مسائل هذا الباب واصوله ان القول الذي قاله حمادنا بن سليمان وابو حنيفة تكلم كثير من اهل العلم في ماهية هذا الخلاف بينه وبين القول الذي عليه عامة السلف وترى ان الشارح رحمه الله عن ابن ابي العز يقول ان الخلاف صوري بين ابي حنيفة والجمهور من السلف. اما اذا اعتبرت ان ابا حنيفة رحمه الله ان حماد بن ابي سليمان يقولون بان مرتكب الكبيرة ليس مخلدا في النار. ويجعلونه تحت مشيئة ويقرون بعذاب من يعذب من اهل الكبائر. بمعنى انه من حيث الجملة نعم فيقال ان الخلاف بين حماد بن ابي سليمان والجمهور من السلف قال من قال من الحنفية انه خلاف عنصري وقال من قال منهم انه خلاف لفظي. وتعلم ان هذا الاستعمال وهو ان يقال عن خلاف ما لانه خلاف لفظي يراد به في الغالب في كلام الاصوليين خلاص يراد به في الغالب في كلام الاصوليين الخلاف الذي لا ثمرة له. ولهذا ترى ان الاصوليين يذكرون في كتبهم بعض مسائل النظر الخلافية فيقولون والخلاف لا ثمرة له. والخلاف خلاف لفظي. اي انه ليس له ثمرة اريد من هذا ان يتبين للناظر والباحث في هذه المسألة ان القول بان الخلاف لفظي قبل ان يطلق هذا اثباتا ونفيا يقال ماذا يقصد بكون الخلاف لفظيا؟ فان قصد انه لا ثمرة له كما يقول ذلك كمن يقول من الاصوليين في خلافاتهم النظرية فان الامر ليس كذلك. ولهذا عبر شيخ الاسلام رحمه الله بان الخلاف جمهور لفظي وقال تارة ان اكثر الخلاف بين حماد والجمهور خلاف لفظي. ومراده بان اكثره لفظي اي ان يقر بوجوب الواجبات ووصول الشرائع ويعطيها من الاحكام في الدنيا من جهة الحدود وفي المآل في الاخرة على ما قرره ائمة السلف اجمعين وانما لا يسمي هذه الاعمال الظاهرة ايمانا. ومن هنا كان الخلاف لفظيا واما او عفوا كان اكثر الخلاف لفظيا واما جهة الفرق فهي من وجوه من اخصها ان عدم تسمية العمل الظاهر ايمانا مخالف للكتاب والسنة. فان الله سماها ايمانا. ولما سميت في كلام الله ورسوله ايمانا فان منع تسميتها ايمانا يكون احد اوجه المخالفة. فهذا مخالفة الكتاب والسنة من حيث التسمية. فان قيل فما ثمرة هذا الخلاف؟ قيل ثمرته انه مخالفة للكتاب والسنة فان الله اذا سمى هذا العمل ايمانا فاجتهد من اجتهد وقال انه يمتنع ان يسمى ايمانا قيل هذه مخالفة او ليست مخالفة؟ قيل هذه مخالفة. ولا يلزم بالضرورة ان تكون الثمرة هي مسألة عملية. من هذا الوجه الوجه الثاني ان حمادا وامثاله يقولون ان الايمان واحد. فلا يجعلون العمل مما يحصل به الزيادة والنقصان. وحين نقول فلا يجعلون العمل مما يحصل به زيادة الايمان ونقصان لان هذا هو القول المقطوع به. في قول حماد بن ابي سليمان وابي حنيفة. وبعض اهل العلم يعبرون فيقولون ان حمادا وابا حنيفة لا يقولون بان الايمان يتفاضل. وهذا مما يكرره شيخ الاسلام رحمه الله انما المقطوع به ان حمادا لا يجعل العمل مما يقع به زيادة الايمان او نقصانه فهذه مسألة محكمة في مذهبه. ولا شك انها مخالفة للاجماع ولظاهر الكتاب والسنة ثم هل معنى هذا ان حمادا يقول ان الايمان واحد مطلقا لا يزيد ولا ينقص كما هو اصل المرجئة هذه مسألة دون الاولى في التحقق في كونها مذهبا لحماد ابن ابي سليمان. وان كان شيخ الاسلام رحمه الله يجزم بذلك ويقول ومن الفرق بين قول حماد وقول الجمهور ان حمادا وامثاله لا يجعلون الايمان فاضلا ويجعلون اهل الايمان في ايمانهم على حال واحدة. وهذا ينبني على صحة النقل في المذهب. والا فان قول حماد لازمه هذا القول. فانه يلزمه على قوله ان الايمان فيكون واحدا ليس متفاضلا. لكن تعلم ان لوازم المذاهب ليس بالضرورة ان تكون مذاهب تضاف الى اعيان القائلين باصل المذهب. ولهذا يتردد فيما احسب في هذا الاطلاق. وان كان بكونه لا يجعل العمل موجبا لزيادة الايمان. فهذه مسألة دون الاطلاق. ومن الفرق كذلك وهو فرق اصل في هذا الباب انه على طريقة حماد وابي حنيفة لا يكفر العبد بتركه للاعمال الظاهرة. سواء كان تركه لجنس الاعمال ظاهرة او كان تركه لبعض اعيانها. فان قيل فما جاءت المخالفة في هذا الفرق قيل اما من جهة جنس الاعمال الظاهرة المأمور بها واخصها الصلاة ثم الزكاة والصوم والحج الى غير ذلك من الاعمال الظاهرة. قيل اما جنسها فان الاجماع منعقد على ان من هجر جنس العمل الظاهر فان هجره له كفر. وهذا مذهب مستقر عند متقدمي ائمة السلف المخالفين لحماد ابن ابي سليمان وقرره من متأخري المحققين الامام ابن تيمية رحمه الله في مواضع من كلامه وان كان بعض من تكلم في هذه المسألة يذكر عن شيخ الاسلام ما هو مخالف لذلك وليس الامر كذلك بل لا شك انه يرى ان من قامت عنده القدرة والارادة الموجبة لحصول المقدور والمراد ومع هذا كله هجر جنس العمل فما ركع لله ركعة ولا سجد له سجدة ولا صام يوما ولا اتى البيت الحرام ولا ادى زكاة فان هذا لا يكون الا كافرا. وقد قال اسحاق ابن ابراهيم كما رواه وغيره بسند صحيح وهو من اعيان المتقدمين. قال غلت المرجئة. حتى كان من قولهم ان من ترك الصلاة والصيام والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره. اذ هو مقر قال فهؤلاء الذين لا شك عندي انهم مرجعة وكلمة اسحاق هذه هي اصلح كلمة اثرت عن المتقدمين في هذه المسألة التي تكلم فيها كثير من المتأخرين والمعاصرين قريب يقول اسحاق ابن ابراهيم رحمه الله وهو من اعيان ائمة الحديث المعروفين يقول غلت المرجئة حتى كان من قولهم ان من ترك الصلاة والصيام والزكاة والحج الفرائض من غير جحود لها لا نكفره. اذ هو مقر اي لا يكفر لكونه مقرا عندهم. قال فهؤلاء الذين لا شك عندي انهم مرجئة. وجنس هذا وهو يقارب هذه الكلمة. جاء عن سفيان ابن قنا وقد حكى الاجري وابو عبدالله بن بطة الاجماع على هذه المسألة واجماع السلف على هذه المسألة يعرف من اوجه. الوجه الاول ان العمل عندهم اصل في الايمان ولما كان اصلا فان عدمه كفر. والوجه الثاني ان هجر العمل لا يكون الا مع نوع من الكفر الباطن. واذا كان كذلك فهذا ليس معناه انه لا يكفر بالاعمال الظاهرة. لانه باجماع المسلمين بل وبصريح العقل لا يمكن ان تقول ان هذا كافر في نفس الامر بعمل ظاهر ويكون في نفس الامر مؤمنا ايش مؤمن في الباطن فان من ثبت كفره في نفس الامر اي في الحكم الشرعي ووافى ربه بالكفر الظاهر لابد ان يكون في الباطن ايش؟ كافرا. وما يبقى معه من العلم والمعرفة الباطنة فهي من جنس العلم والمعرفة التي تقع لكثير من الكفار. لبعض المعرفة بمسائل الربوبية او كحالهم اذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين الى غير ذلك. هو الاسئلة نعم. فاذا هذا هو المستقر عند عامة السلف ان جنس العمل تركه على الاطباق والاطلاق يكون كفرا. ونقول ان هذا المذهب يعرف من اوجه يتقدم بعضها انه جاء عن الجماهير من اهل الحديث انهم يكفرون تارك الصلاة فلما تحقق ان الجمهور من ائمة الحديث كانوا يذهبون الى كفر تارك الصلاة دل ذلك على ان هؤلاء من باب اولى يذهبون الى كفر تارك جنس العمل. وهذا الوجه وان لم يلزم به تحقق الاجماع الا انه يعلم به معلم مهم في هذه المسألة وهو ان من قال ان عدم اي ترك جنس العمل ليس كفرا باجماع السلف فان قوله غلط ولابد. لانه قد جاء عن كثير من اعيان المتقدمين ولا سيما من اهل الحديث التكفير بترك الصلاة. فكيف يقال مع هذا؟ ان اجماع السلف منعقد على ان ترك العمل مطلقا ليس كفرا مع انهم كفروا تارك الصلاة. واذ نما يتحقق هذا المعنى ولا يتحقق الاجماع به لان هذا مبني على ان ترك الصلاة هل هو من معاقد الاجماع ان تركها كفر او ليس كذلك هنا المحقق ان بين جنس العمل وبين احاده فرق. فاما جنس العمل واصوله الاركان الصلاة والزكاة والصيام والحج فان من عدم جنس العمل باصوله الاربعة واصول الفرائض فان هذا لا يكون الا كفرا. واما من ترك ما دون الفرائض الاربع. من الواجبات الظاهرة فان هذا ليس كفرا. وانما تنازع السلف رحمهم الله في الاركان الاربعة واذا قيل هل الاركان الاربعة من جهة احادها؟ ثبت فيها اجماع قيل لم يحكى الاجماع منضبطا او عدم منضبط الا في مسألة الصلاة وحدها. فان اسحاق ابن ابراهيم كما ذكر ذلك محمد بن نصر عنه باسناد متصل اليه وذكره عن ايوب السختياني انهم كانوا يحكون الاجماع على ان ترك الصلاة كفر وكان اسحاق يقول مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعده الى هذا ان من ادركته فريضة فما اداها الى ان خرج وقتها فانه يكون كافرا. وكذلك كايوب السختياني يقول ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه. وعن هذا قال طائفة من اصحاب الامام احمد وبعض اهل العلم ان ترك الصلاة كفر بالاجماع. وزعموا انه لم يخالف في ذلك الا بعض اخرين ولكن الصحيح ان ترك الصلاة ليس من معاقد الاجماع البين وهذا يقود الى مسألة وهي ماذا يراد بالاجماع؟ فان الاجماع اذا استعمل في مسائل اصول الدين اريد الاجماع التام الذي تكون مخالفته بدعة وضلالة. لقولك ان السلف اجمعوا على ان الايمان قول وعمل واجمعوا على اثبات الصفات واجمعوا على خلق افعال العباد الى غير ذلك. فمن قال ان ترك الصلاة كفر بالاجماع على هذا الوجه من الاجماع وهو الاجماع اللازم القطعي فان الامر ليس كذلك. لانه جاء عن طائفة من المتقدمين كمكحول والزهري ومالك والشافعي انهم ما كانوا يرون ترك الصلاة كفرا. واما قول عبد الله ابن شقيق كان اصحاب محمد لا يرون شيئا من العمل تركه كفر الا الصلاة فهذا صحيح عنه عبد الله ابن شقيق. ولكن لا شك ان الزهري بل ومالك رحمه الله اعلم بالسنن والاثار من عبد الله ابن شقيق وان كان متقدما عليهم فهذا اجتهاد وتحصيل حصله عبدالله ابن شقيق. وهذا الاجماع الذي يذكره عبدالله ابن شقيق ويذكره غيره اذا سمي اجماعا سكوتيا كان ممكنا. ومعلوم ان الاجماع السكوتي الصحيح من مذاهب الاصوليين لانه حجة ولكنه ليس حجة قطعية. وعليه فاذا قيل هل ترك الصلاة كفر؟ قيل ان ظاهر والسنة وظاهر مذهب الصحابة ان ترك الصلاة كفر. وصار القول الراجح هو وهذا القول وهو ان ترك الصلاة كفر. واذا سئل عن دليل هذا القول اذا رجح قيل دليله ظاهر الكتاب. وظاهر السنة كانت دلالة السنة اخص من دلالة الكتاب. ولكن يقال ايضا من دلائل كون ترك الصلاة كفرا انه هو ظاهر الصحابة فلم يصح عن صحابي من الصحابة انه صرح ان ترك الصلاة ليس ايش؟ ليس كفر ولكن تحقق بالظبط ان جماعة من الصحابة صرحوا بكون ترك الصلاة كفرا. وابن شقيق يقول انه لم يخالف فيه احد فيكون هذا استدلالا حسنا. ويسمى اجماعا على معنى انه اجماع سكوتي ولكنه ليس اجماعا قطعيا لان الاجماع القطعي يكون حجة لازمة من اجتهد بخلافه فقد قال بدعة. واذا اجتهد شهد بخلافه سمي اجتهاده غلطا وبدعة ولا يجوز لاحد من بعده ان يقلده فيه. وعلى هذا يلزم ان قول من يقول بان ترك الصلاة ليس كفرا يلزم ان يكون هذا القول بدعة ويلزم انه قول مخالف لصريح الكتاب السنة ويلزم ان يكون هذا القول لا تجوز متابعته ولا يجوز اعتباره كسائر البدع. وما كان قدر الصلاة وما كان قدر هذه المسألة عند جماهير السلف كذلك. صحيح ان اسحاق قال ذلك لكنه شهد في تحصيل الاجماع ولا سيما انه قال من زمان رسول الله الى زماننا هذا. مع انه يعلم ان مالكا زهري ومكحول قد خالفوا ولا يصح قصر المخالفة على المتأخرين. صحيح ان بعض المالكية والشافعية غلطوا على الشافعي ومالك في هذه في بعض مواردها لكنهم لم يغلطوا في اصلها. فان الاصل في مذهب الشافعي ومالك وان شئت عند التحقيق فقل هو اصح قوله الشافعي ان ترك الصلاة ليس كفرا. وان قيل هذا فان الجماهير من اهل الحديث على انه كفر وهو الراجح من جهة الاختيار. وعليه ظاهر الكتاب والسنة وظاهر مذهب الصحابة. ومن اخص دلائله من السنة قوله صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة وهي دلائل مشهورة عند الباحثين والناظرين. فليس المقصود في هذا المقام ان نصل الى ان ترك الصلاة ليس كفرا. ان ترك الصلاة ليس كفرا بل هو كفر. ولكنه يقال انه كفر بالادلة وليس بالاجماع القطعي. ومن التزم انه اجماع قطعي كاجماع السلف على ان الايمان قول وعمل وان افعال العباد مخلوقة وامثال تلك الاجماعات فقد لزمه ان يجعل القول بذلك بدعة. وان يجعل هذا القول مما الا تجوز متابعته وان يجعله مخالفا لصريح الكتاب والسنة الى غير ذلك. ثم هنا سؤال ما الموجب لكونه اجماعا نقل ابن شقيق وايوب واسحاق الاجماع. وصرح بعض اعيان السلف الذين هم اجل من هؤلاء كالزهري وامثاله بان المسألة فيها خلاف. واظهر المخالفة. والجماهير من اهل في الحديث يسكتون عن ذكر الاجماع. والجماهير من اهل الحديث يسكتون عن ذكر الاجماع بل كانوا يستدلون بمفصل ولو كانت المسألة من معاقل الاجماع لشاع ذلك في كلام ائمة السنة كالامام احمد وغيره. فمع كثرة كلامه في المسألة فانه بالاجماع ابدا. بل ان الرواية عنه رحمه الله مختلفة الى خمس روايات في الاركان الاربعة وان كان الصحيح في مذهبه والذي عليه عامة واصحابه ان ترك الصلاة كفر. وهذا هو الراجح من جهة الادلة. اما مسألة الزكاة فما ذكر واحد من السلف ان فيها اجماعا. ودعوى الاجماع فيها غلط. وقد دخل على بعض المتأخرين من اهل العلم من اصحاب احمد وغيرهم فقالوا ان فيها اجماعا. ومأخذهم في هذا الاجماع قتال ابي بكر رضي الله تعالى عنه لمانع الزكاة. وما ذكره ابو عبيد وامثاله من المتقدمين ان الصحابة اجمعوا على قتال هؤلاء انهم كانوا يرونهم مرتدين. وهذا عدم تفريق في المسألة. فان ترك الزكاة الذي يراد بكونه ليس كفرا عند السلف او بعبارة ندق ليس مما اجمع على كونه كفر انما هو الترك المجرد لترك احد الناس ان يؤدي زكاة ما له. فهل تركه يسمى كفرا؟ يقال هذه مسألة نزاع بين الائمة. وما فيها اجماع ولا ذكر احد من المتقدمين ان فيها اجماعا. وان كان ابو عبيد وطائفة من المتقدمين والمتأخرين الاجماع على ان مانع الزكاة الذين قاتلوا على منعها انهم كفار. فهذه مسألة اخرى تختلف وجه اختلافها هو ان ثمة فرقا بين من ترك الزكاة وبين من تركها وقاتل على تركها. ولهذا كان ائمة ائمة المدينة النبوية كالامام مالك والزهري وامثالهم ائمة العراق كالثوري والامام احمد وامثالهم وائمة الشام كالاوزاعي وامثاله يذهبون الى ان ترك الزكاة ليس كفر ولكنهم قرروا ان المقاتلين على منعها انهم كفار. قد حكى ابو عبيدة وجماعة الاجماع على ذلك وهذا الاجماع ليس فيهما او ليس في المأثور عن السلف ما يشكل عليه. وهو انتهى مع المقاتلة فهو كافر. فان قيل كما يستعمله بعض المتأخرين هل كفر بالترك ام ام كفر قتل وهذا يستعمل احيانا في باب المناظرة. فان قلت انه كفر بالمقاتلة لزم ان تكفر كل من قاتل من البغاة وان قيل كفر بالترك قيل المقاتلة لم تؤثر. قيل هذا فرض يفرضه الدهن. انما بهما اي باجتماعهما. والا فان المقاتلة لا تستلزم الكفر. والترك وحده كترك اعيان للزكاة الذين لم يقاتلوا بل لم يحتسب عليهم بل ربما لم يعلم الكثير بكونهم من التاركين للزكاة. فمثل هذا ذهب طائفة من السلف الى كونه كفرا. وهو احد الروايتين عن الامام احمد. وذهب الجماهير من الى انه ليس كفرا. والامام احمد رحمه الله في بعض رواياته يقول ليس شيء من العمل تركه كفر الا الصلاة. والمقصود من هذا انه لم يقل احد من اهل العلم ان ترك الزكاة تركا مجردا عن المقاتلة وهو ترك الاحاد من المسلمين انه انه ايش؟ انه كفر بالاجماع. ولا ينتقد تسميته كفرا فان القول بكونه كفرا قول قاله طائفة من السلف وهو احد الروايتين عن الامام احمد رضي الله تعالى عنه. ولكن دعوى الاجماع في مسألة الزكاة التي ليس معها مقاتلة اي في ترك الزكاة. الذي ليس معه مقاتلة. دعوى الاجماع في هذا لا شك انها غلط. وما قالها احد من السلف بل ما قال احد لا من المتقدمين ولا من المتأخرين. واما الصوم والحج فقد ذهب طائفة من السلف الى ان ترك الصوم كفر. وذهبت طائفة من السلف الى ان ترك الحج كفر. والجماهير من السلف والخلل على ان ترك الصوم وحده او ترك الحج وحده ليس كفرا. وعلى هذا اكثر ائمة السلف وبه تعلم ان ترك الصوم وحده او ترك الحج وحده او ترك الزكاة يمتنع ان يقال انه كفر بالاجماع. فما هناك اجماع في كتب اهل العلم على هذه المسائل الثلاث دعك من الاجماع الذي ذكره ابو عبيد وامثاله وهو اجماع صحيح في من ترك الزكاة وقاتل عليها فان هؤلاء كفار. ومن فقه ائمة السلف كمالك والاوزاعي واحمد والثوري انهم ما كانوا يكفرون تارك الزكاة ولكنهم لم ينازعوا في كفر هؤلاء. ولهذا قال شيخ الاسلام رحمه الله والذي عليه ائمة المدينة النبوية وائمة الشام وائمة العراق ان المقاتلين لابي بكر على منع الزكاة كفار. وانهم مرتدون عن الاسلام وهذا الذي حكاه ابو عبيد كما اسلفت اجماعا او مذهبا لسائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم. فلابد من التفريق بين المسألتين اعني مسألتي الزكاة من تركها وحدها ومن تركها وقاتل على تركها. واما من قال ان في مسألة الصلاة اجماعا فهذا قول واسع. ولا ينكر دعوى الاجماع في هذا. واذا قيل ان انه لا تنكر دعوى الاجماع فلكون بعض المتقدمين من الائمة المجمع على امامتهم كايوب واسحاق قد ذكروا الاجماع. ومن هنا لا يغلط من ادعى الاجماع وذكره. فضلا عن كونه استدل به. واذا قيل لا يغلط بمعنى انه لا ينكر عليه. وان كان ذكره للاجماع ان اراد به الاجماع السكوت اي اجماع الصحابة من جهة او على معنى انه لم يصح عن صحابي من الصحابة ان ترك الصلاة ليس كفرا فهذا ممكن. فانه ما صح عن احد من الصحابة التصريح بكون ترك الصلاة ليس كفرا. وان اراد به اجماع القطعي الذي لا يخالفه الا مبتدع او صاحب بدعة فان هذا ليس كذلك. واسحاق يكون قوله في الاجماع مما اجتهد فيه وكثيرا ما ذكر الفقهاء من المتقدمين وغيرهم بعض الاجماعات التي لم تتحقق فهذا هو ما يحصل في هذه المسائل الاربع وهي المسائل العملية. ولا شك ان هذه المسألة اعني مسألة مسمى الايمان قد حصل فيها عند كثير من المتأخرين خفض ورفع فصار بعضهم يجعلون العمل وان سموه ايمانا لا يجعلونه اصلا في الايمان فلا يكفرون بترك جنس العمل بمعنى ان من ترك الصلاة والصيام والزكاة والحج مجتمعة لا يجعلونه كافرا. وفوق ذلك يقع من بعضهم انهم يجعلون هذا مذهبا لسائر السلف. ولا شك ان هذا من بين الغلط. كيف يقال ان هذا مذهب لسائل السلف مع شهرة النزاع بين السلف في هذه المباني الاربعة على حدة. بمعنى اي ان الخلافة المأثور انما هو في ترك الواحد منها. واما من جمع تركها فلم ينقل عن احد من السلف انه لم يرى كفره فاذا كان السلف قد قال طوائف منهم بكفر من ترك واحدا منها فكيف يقال ان من تركها جملة اي مجتمعة لا يكون كافرا بمذهب السلف. ولو ان اصحاب هذا القول قالوا ان هذا هو احد القولين لاهل السنة او هو احد القولين لائمة السلف لكان هذا لا اقول مما يصح لكان هذا مما يمكن ان يقع فيه بعض التأويل. لكن ان يقال ان تركها مجتمعة ليس كفرا عند السلف مع ان السلف صرح طوائف منهم بان الواحد تركه يكون كفرا كقول جماهيرهم بان ترك الصلاة كفر وقول طائفة منهم بان ترك الزكاة كفر الى غير ذلك. فهذا قول لا شك ان فيه من الزيادة وقابل هذا القول قول من يقول بان ترك الصلاة كفر بالاجماع وقول من يقول بان ترك الزكاة كفر بالاجماع. او من يقول ان ترك الصوم والحج كفر بالاجماع ولا شك ان الصلاة كما اسلفت من ادعى الاجماع فيها فانه لا ينكر عليه لكون هذا مأثورا عن السلف وان كان الاجماع عند التحقيق ليس متحققا على القطع. وانما على الظن. ومن هنا رجح القول بكفر تارك الصلاة واما للدعاء او من ادعى بان ترك الزكاة كفر بالاجماع فان هذا لا شك انه من بين الغلط. ومن باب اولى من قال ان ترك الصوم وحده كفر بالاجماع او ترك الحج وحده كفر بالاجماع. فان هذه الاحاد الثلاثة الزكاة والصوم والحج اي من تركها وحدها. بمعنى انه من صلى وادى الزكاة ولكنه لم ثم فهل هذا يقال انه كافر؟ يقال طائفة من السلف يذهبون الى كفره والجماهير لا يرون كفره فمن قال ان السلف مجمعون على كفره فقد غلبت. وما ذكر هذا الاجماع في شيء من كتبهم. البتة. بل ولا في كتب المتأخرين فهذه المسألة اعني مسألة العمل وما يلتحق به وما يتفرع عن ذلك من مسائل التكفير مسألة حصل فيها في الوقت المعاصر خفض ورفع. وتعلم ان هذا المجلس مما لا يسع الاستتباع بعض اشكالات في هذه المسألة لكني اذكر مسألة هي بمنزلة المنهج في هذه المسألة وغيرها. وهي تحصيل مذهب السلف فانه اذا ورد هذا السؤال بما يحصل مذهب السلف قيل الطريقة المعتبرة عند المحققين من ارباب السنة والجماعة ان مذهب السلف يعرف باحد وجهين واستعمل بعض من متكلمة الصفاتية المعظمين للسنة والجماعة وبعض الفقهاء طريقا ثالثا هو الذي يستعمله بعض المعاصرين اما الطريق المحقق او نذكر كلام شيخ الاسلام ادق يقول شيخ الاسلام رحمه الله فان قيل بما يعرف مذهب السلف؟ قال في علم ان مذهب السلف الذي يضاف اليهم يكون لازم الاتباع. واذا قيل في مسألة انها مذهب للسلف فان معنى هذا انها من معاقل اجماعهم وان هذا من الدين اللازم الذي لا تجوز مخالفته او الاجتهاد بخلافه. ويكون ما خالفه بدعة. قال ومذهبهم على هذا الوجه يعرف باحد طريقين قال اما بالنقل المتواتر عن اعيانهم ولا يعلم عن احد من الاعيان ما يخالف هذا النقل. بمعنى ايش؟ ان يستفيض عن اعيان السلف التعبير بجملة. كقولهم مثلا قول وعمل كقولهم افعال العباد مخلوقة كقولهم القرآن ليس مخلوقا ترى ان هذه جمل مستفيضة اثارا عن السلف وما نقل عن السلف في ذلك خلاف هذا الوجه الاول ان مذهبهم يعرف بالنقل المتواتر المستفيض الذي ليس معه مخالفة لمن هم في طبقتهم الوجه الثاني قال بذكر علماء الاسلام الكبار وهذه هي عبارته رحمه الله عن شيخ الاسلام. قال علماء الاسلام الكبار اي المعتبرين والمحققين. عن شيء من هذه المسائل انه مذهب للسلف فاذا صرح الاكابر بان هذا او هذه المسألة هي مذهب للسلف فان هذا ينتظم ولا شك ان الوجه الثاني انما ينتظم اذا لم يعرف عن احد من السلف او لم طرف في مذهب السلف مخالفة لما ذكره بعض الكبار والا صار هذا من التحصيل المظنون. كقول اسحاق اجمع الناس من زمان رسول الله الى زماننا هذا. ومعلوم ان اسحاق من الاكابر لكن لم يقل ان اجماعه قطعي. لكون المخالفة قد ظهر ممن هم اجل ملك الزهري وامثاله. فهذان الوجهان بهما يعرف مذهب السلف. قال رحمه الله شيخ الاسلام ابن تيمية قال واستعمل كثير من المنتسبين الى السنة والجماعة من اصحاب الكلام وبعض الفقهاء من اصحاب الائمة طريقا ثالثا لتحصيل هذا المذهب. وهو انهم يعتبرون دلائل الكتاب والسنة سنة فاذا استقام عندهم مقام الاستدلال او قال انتظم عندهم مقام الاستدلال على قول ولزم. جعلوا ما انتظم عليه مقام الاستدلال ولزم مذهبا للسلف. لكون السلف لا يخرجون عما لزم من دلائل الكتاب والسنة. وهذا ما يمكن ان نعبر عنه بطريقة ملخصة وهي تحصيل مذهب السلف بالفهم وكتلخيص لهذه المسألة نقول اما ان يكون مذهب السلف محصلا بالنقل واما ان يكون محصلا بايش بالفهم. اما تحصيله بالنقل فمن وجهين. اما النقل المتواتر المستفيض عن اعيانهم ان يصرحوا جمل كالسفارة مسألة القرآن ومسألة الرؤية او غيرها. واما بتنصيص العلماء المحققين من الكبار ان هذه المسألة اجماع للسلف او انها مذهب للسلف. وهذا الوجه وهذا الوجه كما ترى انه نقل الوجه الثالث المحدث الذي يقول شيخ الاسلام انه دخل على كثير من المتأخرين حتى من الفقهاء وهو من اخص موجبات غلط على السلف هو تحصيل مذهب السلف بما بالفهم. معنى هذه الطريقة اي ان انه يجتهد في نصوص الكتاب والسنة فيرى ان النصوص تحصل مذهبا واحدا لا ثاني له. فيرى ان هذا المذهب الذي تحصل طلب اجتهاده انه هو وحده الممكن في المسألة لا يمكن غيره يجعله ايش؟ او يجعله يجعله مذهبا للسلف لم؟ قال لان الادلة من الكتاب والسنة لا تدل الا على هذا القول. والسلف لا يخرجون عن الكتاب والسنة هذا التحصيل على هذا الوجه لا شك انه غلط. ومعلوم ان القول اذا قيل انه مذهب فمعناه ان ما خالفه يكون بدعة. ومن فروع الوجه الثالث وهو وجه الفهم او تحصيل مذهب السلف بطريقة الفهم وهي طريقة غير مناسبة كما حرر شيخ الاسلام من فروعه ان بعض في بعض مسائل فقه الشريعة اذا رجح عندهم قول بما استعملوه من الادلة النبوية. المفصلة قالوا ان من هدي السلف كذلك. ان من هدي السلف ذلك. وجعلوا هذه المسألة من المسائل التي يحصل بها التمييز للسلفي من غيره. كمسألة وضع على الصدر بعد القيام من الركوع. فيجتهد بعض اهل العلم من السلفيين فيجعلون السنة في طردا لحديث سهل ابن سعد. ويجتهد اخر فيرى ان السنة في عدم وضعها فلا شك ان هذا الاجتهاد وهذا الاجتهاد كلاهما اجتهاد صحيح. ومعنى كونه صحيحا مع ان الحق في نفس الامر لابد ان يكون المقصود ان كلا القولين من الاقوال الفقهية الممكنة المعروفة عند الفقهاء. لكن الاشكال ان تجعل السنة اللازمة السلفية هي احد الوجهين. فمعناه ان من ترك وظعهما يكون عند طائفة مخالفا لهدي سلفي او بالعكس من وضعهما يكون عند طائفة مخالفا لهدي سلفي ولا شك ان هذا المنهج منهج غلط لانه يلزم على ذلك ماذا؟ ان كل من اجتهد في مسألة فقهية قولا هو الظاهر عنده من دلائل الكتاب والسنة ان يجعله هو ايش؟ هو مذهب السلف. ولا ان اماما واحدا من ائمة السلف في مسائل النزاع التي كانوا يتنازعون فيها كانوا يطرون هذا الباب اي يطرون ان ما خالف اقوالهم يكون ايش؟ بدعة. لانك ان قلت ان هذا العمل او هذا القول هو قول السلف او هو المذهب السلفي لزم ان ما خالفه ايش؟ يكون بدعة. ولا ترى ان احمد كان يعد من خالفه من الفقهاء على بدعة ولا الشافعي ولا مالكا ولا ابا حنيفة الى غير ذلك. وانما يستعملون مذهب السلف والذي عليه ائمتنا والاجماع الى غير ذلك في مسائل الاصول. واما مسائل الفقه المفصلة التي تنازع فيها المتقدمون من السلف فلا يصح لواحد من الاعيان اذا اختار قولا من اقوالهم ان يجعله مذهبا للسلف كيف يجعله مذهبا للسلف وهو يعلم ان ائمة من ائمة السلف يخالفونه في هذا وانما يقول هو احد قولين السلف بل لكون هذا الباب اعني مسائل الفقه المختلف فيها بعيدا عن هذه الاظافة السلفية ترى ان جمهور تعبيرهم يعبرون باسم الفقه وامثاله. فيقولون اختلف الفقهاء عليه الفقهاء واحد قوله الفقهاء الى غير ذلك. ولا شك ان القول الذي يظهر للمجتهد او الناظر انه هو القول الذي دلت عليه الادلة النبوية او القرآنية او الشرعية بوجه عام لا شك انه من استعمله يرى انه هو القول الراجح لكن لا يلزم من ذلك ان يكون هو القول الذي عليه السلف فان هذا ممتنع. ممتنع ببداهة العقل لماذا؟ لان السلف مختلفون. اذا قلت عن قول انه مذهب للسلف فان هذا كانه يعنى به ان السلف اتفقوا. والامر ليس كذلك الا على فرض انه كان يلزم سائر ائمة السلف ان يقولوا بهذا القول وانهم خالفوا الحق في المسألة ولا شك ان الجزم في موارد الاجتهاد على هذا الوجه لا شك انه غلط بالاجماع. فاذا من اخص ما فهو طالب العلم وفيما احسب انها من اخص موجبات اختلاف كثير من اهل العلم والباحثين في هذه المسألة في هذا الوقت وقبلها الوقت هو تحصيل مذهب السلف بالفهم. وهذه كما قرر شيخ الاسلام طريقة محدثة استعملها بعض المعظمين وفي اول كلامه يقول ولم يكن من شأن متقدمي اهل البدع كالجهمية والمعتزلة انتحال مذهب السلف قال فلما جاء الاشعري وامثاله من المعظمين للائمة والسنة والجماعة ووافقهم على هذا من وافقهم من الفقهاء من الماء لاصول الائمة وطريقتهم صاروا يحصلون هذا المذهب الذي عظموه بهذه الطريقة. قال لان علمهم بالنقل المتواتر عن اعيان السلف علم مجمل قال وعلمهم بموارد الاجماع عند السلف علم مجمل فاستعملوا هذه الطريقة في تحصيلهم لمذهب السلف ولهذا ترى ان الاشعري كنتيجة لهذه الطريقة يقول مثلا في المقالات وهو يذكر مقالة اهل السنة والحديث واجمع على ان الله ليس بجسم. هل السلف نطقوا بهذا؟ هل تواتر عن اعيانهم ان الله ليس بجسم؟ هل قال احد من اعيانهم اجمع السلف انه او اجمع الائمة او اجمع اصحابنا ان الله ليس بجسم؟ الجواب لا من اين الاشعري اعمل طريقة الفهم لما رأى ائمة السلف ينكرون التشبيه والتجسيم ظن انهم يقولون ايش يطلقون نفي اللفظ. مع ان السلف ما كانوا يطلقون الاثبات وما كانوا يطلقون النفي. هو لا شك ان اثبات لفظ الجسم من المتعذر ان يكون قولا لاحد من السلف. بمعنى ان القول بنفيه اقرب الى الاظافة فتوهم الاشعري وامثاله لهذه المناسبة انه مذهب للسلف. وتعلم ان مذهب السلف في مثل هذا اللفظ ليس كذلك. هذه مسألة اعني مسألة الايمان لها فروع كثيرة. لعله ان شاء الله في الدرس الاتي باذن الله غدا نستكمل بعض مسائل هذه او هذا الباب ونعلق على بعض كلام الامام الطحاوي رحمه الله ومعنا بعد غد ان شاء الله ثلاثة دروس لعلها تكون كافية ان شاء الله في اجمال التعليق على ما تبقى من مسائل الرسالة نعم. جزى الله شيخنا جزى الله شيخنا خير جزاء يقول السائل هل قالوا ان الاختلاف في كفر تارك الصلاة خلاف فقهي. هل يقال ان الاختلاف في كفر ترك الصلاة خلاف فقهي اما اذا اريد بكونه خلافا فقهيا اي انه ليس من الخلاف في اصول الدين فنعم. وليس من الخلاف اصول الدين وكما اسلفت ان الذين غلظوا في مسألة الصلاة ليس من جهة ان تاركها كافر وانما من جهة انها اجماع هم اعيان قليلون ولا يمكن ان يكون ما كرره اسحاق وايوب قاضيا في هذه المسألة بالقطع فهو خلاف فقهي وان كان الراجح فيه ما تقدم ان تارك الصلاة يكون كافرا. وتارك الصلاة الذي يكفر هو من هجر الصلاة وتركها تركا مطلقا. واما من يصلي تارة ويدع تارة فان هذا ليس بكافر. وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله وكثير من المسلمين في اكثر الامصار حالهم كذلك يصلون تارة ويدعون تارة قال فهؤلاء ليسوا كفارا وانما اذا ترك الصلاة فانه من تركها تركا مطلقا. ومما يشكل في هذه المسألة ان اخص فمن قرر الاجماع هو اسحاق ابن ابراهيم. واسحاق ابن ابراهيم يقول في صريح كلامه ان من ادركته فريضة تركها وان من ادركته فريضة واحدة فتركها حتى خرج وقتها انه يكون كافرا فهل من يقول بصحة الاجماع الذي قاله اسحاق؟ يلتزم ان الاجماع منعقد على هذا الوجه؟ اي ان ترك صلاة واحدة كفر باجماع السلف او حتى باجماع الصحابة واختلف من بعدهم كل هذا لا شك انه فيه تكلف من الصعب ومن غير الظاهر في الدلائل الشرعية ان ترك صلاة واحدة يخرج به العبد من الملة دعك ممن دعي الى الصلاة فابى ان يصلي فقتل فانه اذا قتل يقتل كافرا بالاجماع. واما اذا ترك صلاة واحدة فقد اتى بابا من اعظم ابواب الكبائر لكنه ليس كافرا بهذا. فلا شك ان الاجماع الذي ذكره اسحاق عليه اسئلة من وعليه اشكالات كثيرة حتى في حروفه. نعم. يقول السائل لكن من ما يبين ان غير الصلاة ما كان مستقرا عند الصحابة فيها اجماع ان عبد الله ابن شفيق قال ما كان اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من العمل تركه كفر الا الصلاة فدل على ان الزكاة عند الصحابة ليس فيها اجماع وان الصوم عند الصحابة ليس فيه اجماع ان الحج عند الصحابة ليس فيه اجماع. نعم. فضيلة الشيخ معلوم ان الاحناف مرجئة في في باب الايمان حيث اخرجوا الاعمال من مسمى الايمان الا انه في التشبه بالكفار شددوا فجعل كثير من علماء الحنفية التشبه بالكفار ردة على الاسلام وحتى قالوا ان من وضع قلنسوة على رأسه لغير ضرورة فقد كفر ولو شدت امرأة على على وسطها حبلا وقالت هذا زنا كفرت كما في كتاب البحر الرايق. نرجو توضيح ذلك. نعم اولا قد يتعقب السؤال بعض الشيء في قوله ان الاحناف مرجعة والاحناف ليسوا على وجه واحد وفيهم من ليس كذلك ففيهم من يزيد عن ارجاع الفقهاء ومنهم من عنده مبالغة في الارجاء فهم ليسوا على وجه واحد. ثم من جهة اخرى فان المرجئة انما اه يكون التفريغ على مذهبهم في مسائل العمل المأمور به. فهذا هو الباب الذي ترى ان اقوالهم تكون مقصرة فيه واما ما يضاد اصل التوحيد والايمان من اعمال الكفر وهي المنهيات فانه في هذا الباب لا يتأثرون باصلهم فانه في هذا الباب لا يتأثرون باصلهم فهذا الاصل في الغالب ان جمهور نتائجه تقع على مسائل اه الامر واما المسائل المنهيات كما ذكر السائل وامثالها فانها لا تقع على هذا لانهم يجعلونها من كفر الاعتقاد فيردون ذلك الى عدم تصديق او يردون ذلك الى الاستهزاء والنفاق الاعتقادي او غير ذلك من الاوجه. ولهذا ترى ان الرازي مثلا مع ان انه من المرجى على طريقة الاشعري وهم اشد رجاء من الفقهاء كحماد ترى ان الرازي مثلا وان ابا المعالي مثلا يحكون في كتبهم المسلمين على ان من سب الله فانه كافر وعلى ان من سب النبي فانه كافر ويحكون اجماع المسلمين على ان من داس المصحف فانه كافر هذي امور لا تتعلق بهذا المولد. نعم. يقول السائل ذكرتم في الدرس ان ترك المباني الاربع او جنس العمل يمكن ان يكون احد قولي السلف ويحتمل فيه التأويل والتوجيه مع ان هذا القول اصله ان العمل ليس من الايمان نرجو توضيح ذلك. نعم. والسائل كانه اسقط كلمة لو قيل ان بعض المعاصرين من اهل العلم والفضل يقول بعضهم بان هذا بان العمل اصل بان العمل داخل في مسمى الايمان لكنه ليس اصلا فيه. واذا قالوا انه ليس اصلا فيه فهل هذا مذهب؟ مقرر عند سائر السلف يقال ان ترك جنس العمل ليس كفرا عند سائر السلف. يقال من قال ذلك فغلطه بين من جهة انه جاء عن اعيان من ائمة السلف انهم كفروا تارك الصلاة وكفروا تارك الزكاة وكفر بعضهم حتى تارك الصوم والحج فهذا النقل في هذه المسائل الاربع مع ان الترك هنا ليس تركا مجتمعا انما تركا احاديا اي يصلي ولا انه لا يصلي ولكنه يزكي او بالعكس. اذا كان كذلك امتنع ان يقال ان مذهب سائر الائمة او ان مذهب السلف عدم التكفير بجنس العمل. لماذا؟ لان بعض اعيانهم كفروا بواحد من العمل كالصلاة وبعضهم كفر بالزكاة وبعضهم كفر بالصوم. وان كان بعض الباحثين في هذه المسألة يمنع انه ثبت عن السلف التكفير بالصوم وبالحج فلو فرض ان الامر كذلك فان التكفير بمسألة الصلاة في كلام ائمة الحديث ولهذا قلت ان من يقول هذا القول ولا شك انه غلط لو كان يقول ان هذا احد قولي السلف اي ان العمل ليس اصلا في الايمان لكان اقرب الى التأويل من كونه يجعل مذهبا لسائر السلف يمتنع ان يكون مذهب لسائر السلف والنقل مشهور عنه في تكفير تارك الصلاة. او عن كثير منهم فمعنى هذا انه لما عرف ان بعض السلف لا يكفرون تارك الصلاة الخلاف مشهور في الزكاة والجماهير منهم على عدم تكفير تارك الصوم والحج امكن ان يقال ان طائفة من السلف لا تارك الصلاة ولا تكفر تارك ايش؟ الزكاة ولا تكفر تارك الصوم ولا تكفر تارك الحج فقد يتأول متأول فيقول ان السلف لا يكفرون تارك العمل. نحن نقول قد متأول فتكون قضية لا يستغرب ان يتأول فيها متأول وحينما يستغرب لا ليس معناه انه انه يسوغ والا فلا شك ان هذا الاستعمال غلط. لماذا؟ لان اختلاف السلف حتى اذا قرر ان بينهم خلاف حتى في مسألة الصلاة نقول الواحد ليس يعطى حكم وبعبارة ادق المجموع ليس يعطى حكم ايش؟ الواحد هل ثبت عن امام من ائمة السلف انه قال ان ترك الصوم ليس كفرا؟ تقول ايش؟ الجواب نعم ثبت ان احدا منهم لا يكفر تارك الزكاة تقول نعم. حتى الصلاة ثبت ان بعضهم لا يكفر تارك الصلاة تقول نعم لكن اذا جاءك السؤال هل ثبت عن امام من ائمة السلف انه قال من جمع ترك الصوم والصلاة والزكاة والحج والفرائض ليس كافرا؟ لا اذا قال قائل اذا لم يكفر بعض السلف تارك الصلاة فغيرها من باب اولى. نقول ان اردت بغيرها اي غيرها من الاعمال على الاحاد فان الامر ايش؟ كذلك. اي من لا يكفر تارك الصلاة من باب اولى الا يكفر تارك زكاة وان اردت ان من لم يكفر تارك الصلاة من باب اولى انه لا يكفر تارك الصلاة مع الزكاة والصوم والحج فهذا من قال انه مقياس الاولى؟ ببداعة العقل ان ترك الصلاة وحدها دون ترك الصلاة مع الصوم مع الحج مع الزكاة. ومن هنا قيل ان هذا القول قد يتأول فيه من تأول وليس معنى هذا انا نقول ان هذا قول لطائف من السلف بل لا شك ان من قال ان جنس العمل تركه ليس كفرا هذا قول ليس مأثورا عن احد من السلف وانما قول قاله بعض المتأخرين من اهل السنة والجماعة. وهو مخالف للاجماع المتقدم على ما ذكره اسحاق لما قال غلت المرجع الى اخره. فلم يذكر في الكلام ان هذا هو احد قول اهل السنة وانما قيل لو قيل اي لو ان القائلين بهذا قالوا هذا احد القولين لكان اقرب الى العقل من قولهم انه مذهب لسائر السلف فان هذا بدهي الامتناع. نعم. يقول السائل هل العمل شرط صحة او شرط كمال او شرط في الايمان وما الفرق بين ذلك؟ لا شك ان العمل جنسه شرط لصحة الايمان فمن ترك جنس العمل المأمور به فما صلى صلاة ولا سجد لله سجدة ولا ركع له ركعة ولا صام يوما ولا اتى البيت ولا ادى زكاة ولا اتى بفريضة مع وجود الارادة والقدرة فلا شك ان هذا يمتنع ان هنا مؤمنا بل كما قال شيخ الاسلام هذا لا يقع الا عن زندقة والحاد. والا فان الارادة التي هي فرع عن الايمان الباطن مع وجود القدرة توجب حصول المراد او ما هو منه. فاذا لم يحصل من المراد شيء لم يكن هذا التخلف مع وجود القدرة والارادة الا عن كفر وزندقة. نعم. يقول السائل ما الجواب عن حديث الجهنمي وحديث صاحب البطاقة والتي ظاهرها ان من ترك العمل كليا لا يكفر. اما حديث الذي جاء في حديث ابي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيخرج الله من النار اقواما لم يعملوا خيرا قط. فجوابه ان يقال ان هؤلاء الاقوام الذين يخرجهم الله من النار لم يعملوا خيرا قط. انهم باجماع المسلمين حتى الخوارج وحتى كل المرجئة انهم انهم من اهل الاسلام. مع ان الخوارج كما تعرف لا تثبت حديث الشفاعة لكن المقصود انه المسلمين لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة. هذا ما نزع فيه احد. فاذا تحققت هذه المقدمة الظرورية من جهة العقل والشرع ان هؤلاء من اهل الاسلام اي انهم مسلمون. رجع السؤال بما يثبت اصل والايمان. فان قلت ان ظاهر الحديث يدل على ان العمل ليس داخلا في مسمى الايمان او بعبارة ادق ان العمل ليس اصلا في الايمان وعن هذا قال عليه الصلاة والسلام لم يعملوا خيرا قطعي انهم مؤمنون بقلوبهم ولم يعملوا ايش؟ شيئا في الظاهر. قيل من اين تحصيل ذلك؟ فسيكون الجواب من لفظ العمل. قيل العمل ظاهر وباطن. فهل يلتزم من يقول ذلك بان عدم الاعمال الباطنة يصح معها الاسلام او الايمان؟ النبي عليه الصلاة والسلام قال لم يعملوا خيرا قط فقوله لم يعملوا. هل يدخل في ذلك اعمال القلوب؟ لا. بماذا اخرجها اخرجها بدلائل شرعية تدل على انها اصل ايش؟ في الايمان. فاذا يخرج جنس العمل بدلائل شرعية تدل على انه اصل في الايمان. ويكون قوله لم يعملوا خيرا قط ليس متعطلا. فلم يعملوا خيرا زائدا عن اصل الايمان. سواء كان هذا العمل ظاهرا او ايش؟ باطنا ولهذا ترى ان اعمال القلوب هل كلها اصول؟ ام منها ما هو واجبات؟ يكون تركه من الكبائر؟ يقع ما هو من هذا وما هو من هذا. بل يقع منها ما هو مستحب. فان الرضا بعض مقاماته ركن في الايمان. وبعض واجب وبعض مقاماته كما قرر شيخ الاسلام رحمه الله وقال المختار عند اصحابنا ان بعض مقاماته يكون مستحبا فاذا قال عليه لما قال صلى الله عليه وسلم لم يعملوا خيرا قط. هل في ذلك الرضا المستحب او لا يدخل؟ هل يدخل في ذلك الرضا الذي هو واجب وليس تركه كفر او لا يدخل؟ يدخل. هل يدخل في ذلك الرضا او المحبة التي تركها كفر؟ يدخل او لا يدخل لا يدخل المحبة منها ما هي ركن في الايمان ومنها ما هي واجبة ومنها ما هي مستحبة. وهي عمل قلبي. فاذا قلت ناظر في الحديث قوله لم يعملوا خيرا قط. المحبة عمل ومنها مقام واجب ومستحب ركن. فهل دخل تقول ايش؟ تقول نعم لم يعملوا المحبة المستحبة ولم يعملوا الواجبة التي لا تبطل اصلا. طيب والركن يقول لم؟ قال لان الدليل دل على انها اصل في الايمان. الا تسمى عملا؟ يقول الجواب تسمى عملا لكنها لا تدخل لكونها اصلا. فاذا نقول في العمل الظاهر كذلك ما كان منه ركنا فانه لا يدخل وما كان منه واجبا فانه يدخل. اي لا يدخل في التعبير. فقوله لم يعملوا خيرا قط لا يلزم من ذلك ان جنس الاعمال الظاهرة ايش؟ ان جنس الاعمال الظاهرة تكون منتفية بل المقصود من هذا ان ما زاد عن ما زاد عن اصل الايمان والاسلام لم يعملوه سواء كان عملا ظاهرا او عملا باطن وبعبارة مختصرة نقول كل طريقة يستعملها مستدل على هذا في مسألة الاعمال الظاهرة فانها تلزمه في العمل الباطن ولا فرق. فان العمل الظاهر منه ما هو ركن ومنه ما هو واجب. ومنه ما هو مستحب والاعمال الباطنة كذلك. وهذا يسمى عمل وهذا يسمى عمل بل اجماع المرجى على مسألة الاعمال الباطنة اظهر من اجماع على مسألة الاعمال الظاهرة نعم يقول السائل هل كان هل كان قتال ابي بكر لمانعي الزكاة؟ ابتداء منه او ولما او لما قاتلوه ان كان الجواب الاول فما فما وجه التفريق بين من قاتل ومن لم يقاتل وان كان الجواب فما وجه التفريق بين مانعي الزكاة والمرتدين؟ وايش؟ والمرتدين. نعم. لا هو ما هناك فرق كما تقدم ان الطوائف في زمن ابي بكر ثلاث من ارتد عن اصل الاسلام فهؤلاء لا اشكال فيهم بين المتقدمين والمتأخرين ومن جاحد وجوب الزكاة فهؤلاء ايضا لا اشكال فيهم. انهم مرتدون وانهم كفار. الطائفة الثالثة وهم من لم يظهروا جحد وجوب الزكاة ولم يظهروا الكفر وانما منعوا اداء الزكاة وقاتلوا على منعها. فهذه الطائفة جمهور الفقهاء المتأخرين يقولون انهم بغاة. وانهم ليسوا كفارا. وابو عبيد يقول ان مذهب الصحابة فيهم انهم مرتدون. وشيخ الاسلام رحمه الله يقول والذي عليه ائمة المدينة وائمة العراق والشام انهم مرتدون. ولكن اذا نظرت كلام الخطاب مثلا وبعض الفقهاء وبعض الشراح من المتأخرين وجدت انهم يقررون ان هؤلاء من الذين ليسوا كفارا. ويجعلونهم من اهل البغي. فعليه السؤال ليس له مورد فيما يحسب. لان الصحيح ان مانع الزكاة الذين قاتلوا على منعها كفار. لان الصحيح ان مانع الزكاة الذين قاتلوا على منعها كفار بسنة الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وهو ظاهر حديث ابي هريرة لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب فعبر ابو هريرة وقال وكفر من كفر من العرب فهذا هو الظاهر من هدي السلف والصحابة وبمعنى اخر لم يصح عن امام من ائمة السلف انه جعل هؤلاء ليسوا كفارا ومن هنا قيل ان هذا الاجماع الذي ذكره ابو عبيد اجماع معتبر وان كان الجمهور من الفقهاء من اصحاب الائمة الثلاثة وحتى من اصحاب احمد يخالفونه في هذا. نعم. خلاص يا شيخ والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله واصحابه اجمعين. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبعهم باحسان الى يوم الدين فهذا هو المجلس الثامن من مجالس شرح العقيدة الطحاوية والمنعقد في عشرين من الشهر الرابع لعام الف واربع مئة وثلاث وعشرين. قال المؤلف علي رحمة الله تبارك وتعالى الايمان هو الاقرار باللسان والتصديق بالجنان وان جميع ما انزل الله في القرآن وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق والايمان واحد واهله في اصله سواء والتفاضل وبينهم بالخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الاولاد. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله واصحابه اجمعين. في المجلس المتقدم وقفنا مع بعض مسائل هذه الجمل التي ذكرها ابو جعفر الطحاوي رحمه الله. ويعد هذا الموضع في رسالة الطحاوي رحمه الله واشكل المواضع والا فان في هذه الرسالة بضعة عشر موضعا في كلام الطحاوي نظر واذا قيل ان في الرسالة بضعة عشر موضعا اظنه سبق الاشارة الى جملة منها ويأتي بعضها فليس بالضرورة ان تكون هذه المواضع يؤخذ على الطحاوي رحمه الله من جهة مقاصده. فانه في جمهور هذه المواضع يكون مقصوده مقصودا صحيحا. وان كانت عبارته لا تكون عبارة مناسبة. الا في هذا وله موضع او موضع اخر يطالبه فانه في مسألة الايمان يعرف انه على طريقة في مرجعة الفقهاء. كترتيب لهذه المسائل ولما يحدث فيها من الاشكال بين المتأخرين ولكون هذه المسائل تعد من مواضع النزاع في بعض مواردها حتى بين اصحاب السنة والجماعة وان كان عامة ما يتنازع فيه المتأخرون من اصحاب السنة والجماعة من هذه المسائل او غيرها فان في الجملة تكون محكمة عند السلف. واذا قيل انها تكون في الجملة محكمة عند السلف لم يلزم من معنى الاحكام وهذي مسألة احب كثيرا ان اؤكدها على الاخوة اذا قلنا ان شائعا ان المسائل التي يتنازع فيها المتأخرون والمعاصرون من مسائل هذا الباب وافراده هي في الجملة من المحكم عند السلف. واذا قلنا انها في الجملة من المحكم عند السلف لم يلزم من ذلك ان السلف رحمهم الله قد او على سائر هذه المسائل. وانما عرفوا قدر المسألة واحكموا قدر المسألة اما من الاجماع اما من الخلاف. ومعنى هذا انه قد يقول بعض المتأخرين من اصحاب السنة والجماعة عن مسألة ليست هي من موارد الاجماع في كلام السلف. فيجعلها من مسائل الاجماع. فيجعلها من مسائل الاجماع وقد يكون العمر على خلاف ذلك او بظده كان تكون المسألة هي من محال الاجماع عند السلف يتكلم بعض المتأخرين بما يقرر به ان هذه المسألة من مسائل النزاع. وهذا كله يرجع الى حقيقة واحدة وهي لزوم احكام مذهب السلف في ذكر هذه المسائل وغيرها وهذا يأتي له تنبيه وقد سبق ايضا احب ان اجمل بعض المسائل التي تقدمت بالامس ونواصل بعض المسائل الاخرى في هذا الباب. فالمسألة الاولى هي محصل قول السلف. في مسمى الايمان تقدم ان الجمهور من السلف عبروا بان الايمان قول وعمل وعبر من عبر منهم بانه قول وعمل ونية وعبر من عبر منهم بانه قول وعمل واعتقاد وسائر هذه التعبيرات خلافها لفظي. او الخلاف بينها خلاف لفظي. والجموعة منهم عبروا بانه قول وعمل وهذا هو اجود التعبيرات. ولهذا استعمله الجمهور من المتقدمين من ائمة السنة والجماعة ومرادهم بالقول قول اللسان وقول القلب وعمل القلب وعمل الجوارح. وتقدم ان المراد بقول اللسان وان قول القلب هو تصديقه وان عمل القلب هو حركته بهذا التصديق باعماله المناسبة له. واما اعمال الجوارح فبينة ويقولون مع هذا انه يزيد وينقص. وزيادته في موارده الاربعة. يزيد كبار التصديق ويزيد باعتبار القول ويزيد باعتبار العمل الظاهر والباطن. اذا ما فسر القول بالقول المطلق واما اذا قيل ان القول يراد به الشهادة فان هذا ما يثبت به اصل الاسلام والايمان قدم ان الخوارج والمعتزلة يتفقون على ان الايمان قول وعمل ولكن لا يجعلونه يزيد وينقص وتقدم ان المرجئة اتفقوا على ان الاعمال الظاهرة ليست داخلة في مسمى الايمان. وهذا هو الجامع الذي يجمع سائر مقالات الارجاء. وتقدم ان الارجاء ليس على وجه واحد. بل هو على مقالات متعددة اشدها واظلها مقالة جهم بن صفوان وقد ذكر غير واحد من السلف كاحمد وابن مهدي وغيرهم بانها كفر وهي قولهم ان الايمان هو العلم او قولهم ان الايمان هو المعرفة. وان كان جمهور من يعبروا بكون الايمان هو المعرفة او العلم او التصديق فانهم اذا ذكروا ذلك فسروه بما هو مقارن لاعمال القلوب او مستلزم لها كما ذكر ذلك الاشعري في مقالاته اه تفسح في تفسيره لقول جهم والصالحين وامثالهم واما اعمال القلوب فان غلاة المرجئة لا يدخلونها في مسمى الايمان. واما مقتصدوهم فانهم يدخلونها في مسمى الايمان وهذه مسائل ليس هناك سعة في تفصيلها. فهذا هو محصل قول السلف وقول مخالفيهم. واما ادلة السلف على ان الايمان قول وعمل فتقدم انها الادلة الاصول الثلاثة الكتاب والسنة والاجماع. وتقدم ان المخالفين من الفقهاء واولهم حماد بن ابي سليمان ومن وافقه يعدون في اصحاب بالسنة والجماعة وان كان قولهم بدعة وارجاء باجماع السلف فانه اذا قيل ذلك فانما يعتبر في هذا الاجماع المتقدم على حماد ابن ابي سليمان. فمن لم يسعه تحصيل الاجماع الا بتبديع حماد ابن ابي سليمان واخراجه عن اهل والجماعة فقد غلط. ومن جعل هذه المسألة من مسائل النزاع ولم يصح عنده دليل الاجماع لكون حماد وامثال وامثاله قد خالفوا فيها فهذا ايضا وجه من الغلط. بل يقال ان المسألة باعتبار دليلها يستدل عليها بالاجماع ان الايمان قول وعمل بالاجماع. واذا قيل الاجماع عني بالاجماع هنا الاجماع المتقدم على حماد وهو الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن بعدهم الى ان خالف حماد. ومعلوم ان المخالفة بعد انعقاد الاجماع الموافق للكتاب والسنة لا تكون مخالفة معتبرة ولا يصح بها باجماع اهل العلم نقض الاجماع. ومع هذا فان حمادا وامثاله لا يجوز ان يقال انهم من اهل البدع والضلال بل هم من ائمة السنة والجماعة وان كان قولهم بدعة وضلالا وهذا يحصل مسألة وهي انه ليس من لازم البدعة ان يكون صاحبها يبدع على الاطلاق فاذا قال بدعة من وجه لم يلزم بهذا ان يكون مبتدعا على الاطلاق فان الابتداع المطلق انما يضاف لمن استعمل موجبات من المخالفة لاصول السنة والجماعة في مقام الدلائل او في مقام المسائل. في مقام الدلائل كما من استعمل علم الكلام دليلا له في تقرير مسائل اصول الدين فان هذا لا يكون الا مبتدعا مفارقا للسنة وامثال ذلك من الاوجه. وتقدم ان المخالفين للسلف في هذه المسائل تارة بما هو من دلائل الشرع اي بما هو من دلائل الكتاب والسنة على مقالاتهم. اما استدلال الخوارج المعتزلة فانه يعلم انه غلط فانه مبني على مسألة اهل الكبائر. وعن مسألة اهل الكبائر حصلوا مسألة مسمى الايمان ولا شك ان هذا الترتيب غلط حتى من جهة النظم والعقل. فان هذه المسائل هي فرع عن مسمى الايمان وليس العكس. واما المرجئة فان ولاتهم يستدلون باوجه من الاستدلال ليس من آآ المنكر ان ينظر فيها في مثل هذا المجلس لكن يكفي ان يقال انها ادلة مبتدعة من اصلها. كبعض الدلائل الكلامية التي يستعملونها وتقدم ان اخص ما يشكل عند وهو الذي اشكل على كثير من الفقهاء من المرجئة وغيرهم ان اكثر ما يشكل في هذه المسألة هو ما جاء في كتاب الله في بعض السياقات من ذكر العمل الصالح مضافا الى الايمان. وهو المذكور وفي مثل قوله ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا الى غير ذلك من الايات. ووجه الاستدلال على ما يذكره من المرجئة ان الله فرق بين الايمان والعمل. وهذا يتقدم ان له جوابين. الجواب الاول ان يقال ان هذا من باب عطف الخاص على العام. والخاص هنا هو العمل. والعام هو الايمان. والعاظ عطف الخاص على العام في لسان العرب فهذا جواب والجواب الاخر وشيخ الاسلام يميل الى انه اجود من الاول هو ان يقال ان العمل هنا ذكر لازما للايمان وان لم يكن في داخلا في مهيته في هذا السياق. وعدم دخوله في ماهية الايمان او بمسمى الايمان في هذا السياق لا يلزم منه الا يكون داخلا في سائر الموارد. فان الايمان هنا يراد به الاصل الذي هو التصديق ولا شك ان الايمان في كتاب الله يستعمل ويراد به الاصل كقوله تعالى فتحرير رقبة مؤمنة فلا شك انه يراد بهذا اصل الايمان والا لو قيل انه يراد بذلك الايمان الذي يصاحبه القيام بالوالد والانتهاء عن الكبائر والمحرمات لما صح عتق الفاسق. وهذا خلاف او خلاف اجماع الفقهاء بل حتى من يتكلم بالارجاع فانهم يصححون عتق الفاسق. واذا تحقق ذلك علم ان الايمان يستعمل في كلام الله ورسوله ويراد به التصديق والاصل ويراد به التصديق والاصل عليه فان قوله ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يراد بالايمان في مثل هذه السياقات اصله. يراد بالايمان في مثل هذه السياقات اصله ويراد بالعمل ما كان من الواجبات زائدا عن هذا الاصل. ما كان من الواجبات زائدا عن هذا الاصل فانه باجماع السلف من ترك ما هو من العمل الصالح لم يلزم ان يكون بذلك مفارقا للايمان. فتحقق باجماع السلف ان العمل الظاهر تركه ليس ليس كفرا ان جمهور الاعمال الظاهرة لا يقال ان تركها يكون كفرا مضادا فعليه يكون قوله تعالى ان الذين امنوا المراد بالايمان في هذا السياق وامثاله الاصل عمل يكون هنا الواجب والمستحب وعليه لا يكون في الاية اشكال. ويكون العمل على هذا الوجه لازما للايمان وما كان لازما في المقام فانه لا يمنع ان يكون داخلا بالتظمن او المطابقة في مقام اخر وهلم جرة فان الله ذكر الايمان ادخل فيه بل في بعض الموارد من القرآن وفي بعض الموارد من السنة كقول النبي كقول سبحانه وتعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا والى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة الى اخر السياق. وكقوله صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيحين من حديث ابن عباس في حديث وفد عبد القيس وهو من اشرف الاحاديث ومن اخص ما يستدل به السلف على كون العمل داخل مسمى الايمان بل ان قلت انه اشرف حديث استدل به السلف على هذه المسألة من السنة فان الامر كذلك. فان صلى الله عليه وسلم قال امركم بالايمان بالله وحده. وهل تدرون ما الايمان بالله وحده؟ قالوا الله ورسوله اعلم. قال شهادة ان لا اله الا الله ان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وان تؤدوا خمسا من المغنم الى اخر الحديث. وقد روى رواه مسلم من حديث ابي سعيد الخدري مفردا واتفق عليه الشيخان من حديث ابن عباس. وهذا الحديث المعروف عند اهل العلم بحديث عبد القيس صريح في لان العمل داخل في مسمى الايمان. بل صريح في ان العمل اصل في الايمان كما جعله النبي صلى الله عليه وسلم اصلا ايش؟ كما جعله النبي صلى الله عليه وسلم اصلا في الاسلام. فانه لما ذكر ذكر الشهادتين كما في حديث ابن عمر المتفق عليه وذكر المباني الاربعة. وكذلك لما ذكر الاسلام في حديث جبريل المتفق عليه كذلك لما ذكر الايمان ذكر الشهادتين وذكر بعد ذلك العمل. ففسر الايمان في حديث عبد القيس بما به الاسلام في حديث ابن عمر وامثاله. ومعلوم انه علم من حديث ابن عمر وهو قوله صلى الله عليه واله وسلم بني الاسلام على خمس علم بحديث ابن عمر وامثاله ان العمل اصل ايش؟ في الاسلام ان العمل في الاسلام. فاذا كان كذلك فان الحديث نفسه ورد في مسمى او فان القول النبوي نفسه ورد في مسمى الايمان به يعلم اعني بحديث عبد القيس ان العمل اصل في الايمان كما علم بحديث ابن عمر ان العمل اصل في الاسلام فهذا هو الجواب عن هذا الوجه من الاستدلال بالقرآن. وتعلم بهذا ان ذكر اسم الايمان في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متنوعا. فانه يذكر في مقام ويراد به اصله ويذكر في مقام ويراد به الايمان المطلق الذي هو فعل الطاعات والانتهاء عن الكبائر والمحرمات. وهذا بين في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجارية عين الله قالت في السماء قال من انا؟ قالت انت رسول الله. قال اعتقها فانها مؤمنة. والحديث رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم وقال لسعد كما في الصحيحين لما قال اعطي فلانا فانه مؤمن قال او او مسلم مع ان الرجل في حديث سعد يعلم ان الله في السماء وان محمدا رسول الله. فلما قال صلى الله عليه وسلم عن الجارية انها مؤمنة ومنع سعدا من هذا الاطلاق. قيل ذلك لان المقام مختلف. فان المقام في حديث معاوية ابن الحكم مقام اعتاق وفي مقام العتق يسمى حتى الفاسق ايش مؤمنا فان المراد بالايمان هنا الاصل المباين للكفر. واما في حديث سعد فان المقام مقام ثناء وتزكية وفي مثل هذا المورد لا يسمى مؤمنا بمحض الاصل