الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو الدرس الثاني من دروس شرح الفتوى الحموية الكبرى كان الشيخ رحمه الله تطرق الى القاعدة التي اصلها. بعض بقولهم طريقة السلف اسلم وطريقة الخلف احكم واعلم وبين ان هذه القاعدة قاعدة فاسدة. ومخالفة لحقيقة الامر بل هي متناقضة في نفسها. فانما كان اسلم فانه اعلم واحكم وبين ان منشأ الخطأ في هذه القاعدة وانهم لم يعرفوا مذهب السلف. وظنوا ان مذهب السلف الايمان بالاسماء والصفات على انها الفاظ مجردة ليس فيها شيء من المعاني. وظنوا ان مذهب السلف هو وتفويض المعنى بالايمان بها بالفاظ بدون معاني. وبين الشيخ ان هذه الطريقة ليست طريقة السلف. بل طريقة السلف الايمان بها من جهة لفظها ومن جهة معنى ها على ما تقتضيه لغة العرب. والناظر في مذهب السلف سواء في هذا الباب او في غيره من ابواب المعتقد يجد انه يتميز بعدد من الامور اول مميزات مذهب السلف تحكيم الكتاب والسنة في جميع القضايا التي يتكلمون فيها. فلا عندهم نبذا للكتاب والسنة. سواء بمعارضة هذين فصلين بما يسمى عقل او ما يسمى الكشف او الالهام او نحو ذلك من الاسماء. بل الكتاب والسنة مقدمة على غيرهما. فهذه الخاصية اولى من خواص مذهب السلف رحمهم الله تعالى واما الخاصية الثانية فهي فهم النصوص الشرعية ولغة العرب بمقتضى لغة العرب. فان القرآن والسنة نزل بهذه اللغة بلسان عربي مبين. من ثم فاية لفظ ترد في الكتاب والسنة يعيد دونها الى لغة العرب. ويفهمونها بطريقة العرب في فهم الالفاظ. والعرب لهم من طرائق في فهم الالفاظ وانواع دلالات يفهمها العربي فطرته او بسليقته العربية. والخاصية الثالثة من خاصية سلف فيما يتعلق بمعتقداتهم انهم يحرصون على استعمال الالفاظ الشرعية بالتالي ما ورد في الكتاب والسنة يثبتونه بلفظه. وما ورد نسيه في الكتاب والسنة ينفونه بلفظه. وترتب على ذلك خاصية رابعة وهي انهم يتجنبون الالفاظ المجملة. التي تحتمل معنيين احدهما والاخر باطل. لانهم اذا اثبتوا هذا اللفظ اثبتوا الباطل. واذا نفوه الحق الذي فيه. وبالتالي فكل لفظ يرد عليهم فانه اذا لم يكن له في الكتاب والسنة معنى استفصلوا عن معناه. قالوا ما المراد بهذا اللفظ؟ فاذا لهم المراد نظروا في ذلك المعنى. فان كان موافقا لما في الكتاب والسنة اثبت والمعنى وتوقفوا في اللفظ بعدم وروده في الكتاب والسنة. لاحتمال ان يكون ذلك اللفظ لاحتمال ان يكون ذلك اللفظ له معان اخرى. مشتملة على امور باطلة ومن ثم وهم يدورون مع الكتاب والسنة اثباتا ونفيا. ومن مميزات ذات طريقة السلف ان انهم قليلة الفاظهم فيجتنبون الالفاظ والكلام الكثيف عندهم الفاظ قليلة دالة على معان كثيرة. وهذا اخذا من الكتاب والسنة. فان القرآن سنة النبي صلى الله عليه وسلم اشتملت على الفاظ قليلة تشتمل على المعاني الكثيرة. ومن ثم كان كلامهم قليلا لكنه يشتمل على امور عظيمة ومعان كثيرة. ومن مميزات طريقة السلف فيما يتعلق بالمسائل التي يبحثونها وخصوصا في مسائل الاعتقاد انه هم يجتنبون المباحث الكلامية التي لا ثمرة لها في اعتقاد او في عمل وكل مسألة لا يترتب عليها اعتقاد او يترتب عليها عمل فانهم يجتنبونها ولا يبحثون فيها. كذلك من طريقة السلف انهم يكتفون بظواهر النصوص. فلا يقومون بتأويل الالفاظ القرآنية والنبوية عن معانيها الظاهرة. بل يقولون الكتاب والسنة خوطب بها العرب فتفهم بحسب ظواهرها ولا نحتاج الى ان نفسرها بمعان تخالف هكذا من طريقة السلف انهم يجمعون بين النصوص في المسألة الواحدة. لان نصوص القرآن والسنة قد ترد مرة مطلق ثم تقيد في نص اخر. وترد مرة عامة وتخصص في محل اخر ومن امثلة ذلك ان النصوص جاءت بالحكم على بعض والفاعلين لبعض الافعال باحكام. ثم جاء نص اخر ببيان ان الجاهل لا يؤاخذ فحينئذ اللفظ العام الاول يخصص بالجاهل لانه قد ورد حكم وفي الدليل الاخر فخاصية اهل السنة وخاصية اهل من يتبع منهج السلف انهم يجمعون بين هذه النصوص. ولا يكتفون بالنظر في نص دون نص اخر هكذا من طريقة السلف انهم يحرصون على الالفاظ السهلة اليسيرة المفهومة التي يعرفها ويتقنها كل احد. ويجتنبون الالفاظ المعقدة التي يكون الكلام بها من انواع التكلف. وترتب على هذا المنهج العظيم منهج السلف انهم حصلوا على مميزات في الدنيا والاخرة فاول ذلك موافقتهم للكتاب والسنة. ولا شك ان هذه النتيجة نتيجة الشأن وثانيها الحصول على رضا رب العزة والجلال. ان من سار على الكتاب والسنة وحكم الكتاب والسنة في كل امره فانه يحصل على رضا رب العزة والجلال قال هكذا من اثار السير على منهج السلف اجتماع الكلمة وتآلف الناس لان من حكم الكتاب والسنة فانه حينئذ يؤدي الى ان يكون كلام واحدة وترجيحهم واحدة ويكون قولهم واحدة اما اذا حكم الناس عقولهم او حكموا امورا اخرى فانهم يختلفون ويتنازعون فان ما تراه بعقلك غير ما اراه بعقلي فالناس يتفاوتون في عقولهم في مداركهم وفي جميع وبالتالي من قال بان البحث في مسائل الاعتقاد يؤدي الى الاختلاف والتنازع نقول اخطأت بهذا كانت المسألة مما ورد في الكتاب والسنة فالبحث فيها على في الكتاب والسنة يؤدي الى الاجتماع والتآلف. يؤدي الى احقاق الحق. وموافقة الشرع ولا يقال بانه يؤدي الى التنازع والاختلاف. هكذا من اثار اتباع منهج السلف استقرار النفوس. وطمأنينتها وعدم وجود الاضطراب فيها والناظر في احوال الناس يجد ان الناس على اربعة اصناف الصنف الاول علماء اهل الكلام علماء اهل الكلام الذين يتكلمون في مسائل الاعتقاد بناء على ما تراه عقولهم او بناء على ما يأخذونه من شرط فهؤلاء عندهم من الاضطراب والاختلاف وعدم الاستقرار النفسي ما لا يوجد عند احد وثاني هذه الاصناف عوام اهل الكلام. فعندهم من الاختلاف ما هو اقل من الصنف الاول لكنهم يضطربون تبعا لاضطراب ائمتهم الذين يرجعون اليهم والصنف الثالث عامة اهل السنة فعندهم من الاستقرار و راحة نفوسهم ما لا يوجد عندهم الطوائف السابقة والصنف الرابع علماء اهل السنة. فهؤلاء عندهم من راحة النفوس واستقرارها وطمأنينتها ما لا يوجد عند غيرهم. وهكذا من اثار اتباع منهج السلف استقرار المجتمعات. وتآلف الناس فيما بينهم. ان من سار على طريقة كان عنده من الرحمة وكان عنده من الرغبة في الخير والاحسان والعفو الا يوجد عند غيره تبعا لمقتضى النصوص الواردة في الكتاب والسنة. وهم يرحمون الخلق ويتقربون بذلك لرب العزة والجلال. وهكذا من اثار اتباع هذا المنهج عدم مناقضة النصوص ومخالفتها. فانهم لا يخالفون النص الشرعي. ويترتب عليه انهم يقولون ان النصوص متوافقة لا تنازع فيها ولا تناقض ولا تضال. خلاف من سار على غير بهذه الطريقة انك تجده يأخذ بنص ويترك نصا اخر. وان كانت فوائد الدنيا ليست مقصودة لذاتها. وانما تحصل تبعا. وفي الغالب ولذلك ذلك لا تظن ان الفوز في الدنيا والحصول على النصر ومعيار سلامة منهج الانسان. بل معيار سلامة المنهج هو موافقة الكتاب والسنة ولذلك كان بعض انبياء الله لم يستجب له احد. وبعض انبياء استجاب له القلة. وما امن معه الا قليل. فلا يدل هذا على فساد منهجهم او على فشلهم في دعوتهم. فان المعيار في النجاح والفشل ليس بكثرة الاتباع ولا بوجود الانتصار في الدنيا. لان الدنيا ليست هي الدار النهائية. وليست هي الدار الدائمة بل المؤمن يسعى لنجاته في الاخرة. وفي الغالب يحصل له في الدنيا لكنه تبع لكنه تبع. ولذلك فان الصحابة الذين ماتوا في اول الاسلام لا يقال فشلوا او لم ينجحوا في دعوتهم ولكنهم نجحوا لانهم باذن الله يحصلون امر الاخرة يحصلون النجاح في الاخرة. وهذا هو النجاح الحقيقي. ولذلك لا يعول الانسان على ما يشاهده من انتصار اعدائه في الدنيا. كما قال تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس الميت في نصوص كثيرة. ولذلك قد يحصل مع سلامة المنهج اكرام في الدنيا وقد فيها ابتلاء وايذاء. فليست فليس حصول الاكرام او الكرامات في الدنيا هو معيار صحة منهج الانسان. وانما صحة المنهج تتبين موافقة الكتاب والسنة. ولذلك ينبغي ان نعرف ان هذا وهو ان المؤمن يسعى لصلاح اخرته. وبالتالي فان المؤمن اذا نظر الى هذه النظرة علم فساد كثير من المناهج الموجودة اليوم. وان كانوا للاسلام وان كانوا يظنون انفسهم يوافقون الكتاب والسنة. لان بعض الناس يريد تطبيق احكام الكتاب والسنة لفائدة الدنيا. فحينئذ ليس له اجر في الاخرة لان اجر الاخرة والمنزلة الرفيعة في الجنة لا تحصل الا لمن نواها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وانما لكل امرئ ما نوى. وبمعرفة منهج السلف هذه الابواب ايضا نعرف خطأ بعض المناهج الفلسفية التي ترد على المسلمين من غير اهل الاسلام. فان بعض المسلمين يعجب ببعض هذه المناهج. ويظن انها قد وصلت رفيعة في العقل. وصلت منهج او منزلة رفيعة في البحث العلمي. وهذا الظن ظن خاطئ اولا لان هذه النظرات الفلسفية التي توجد عند هؤلاء المتفلسفة هي قد قاصرة تنظر للقضايا التي ترد عليها من جهات خاصة. ولا تنظروا اليها من جميع جهاتها بخلاف ما يأتينا من رب العزة والجلال. فانه ينظر الى هذه القضايا من جميع اشتالها والامر الاخر ان هذه النظرات الفلسفية وهذه النظريات التي تبناها بعض من يسمون اهل الفكر. تجد ان لها اصولا في الازمنة الاولى وتجد مثلا من يتكلم عن سارتر او ديكارتر او غيرهم من اصحاب النظريات الغربية تجد ان لها اصولا في الزمان الاول. وان علماء الشريعة قد تكلموا في نقل هذه النظريات بناء على النصوص الشرعية. واريد لكم نموذجا مما يعجب به كثير من المعاصرين. ما تكلم به شخص يقال له يقول الاصل والمنهج الصحيح في النظر الى الاشياء هو ان تشك فيها من اجل ان توجد البرهان على صحتها. حتى قال قائلهم ان اشك اذا انا موجود. فهذه النظرة ليست نظرة حادثة. قد تكلم بها المعتزل الى من الزمان الاول. وقالوا بان اول واجب على المكلف هو الشك ورد عليهم علماء الاسلام من ذلك الزمان وبينوا لهم ان ما يتيقنه الانسان لا يحتاج ان يشك فيه متى كان ما تيقنه موافقا الادلة الصحيحة سواء المعقولة او المشروعة. وبالتالي لا نحتاج الى تقديم مرحلة الشك على مرحلة اليقين. ولذلك قالوا بان اول واجب على المكلف هو الشهادتان ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة لجعل الناس يقرون هاتين الشهادتين وقد جاءت النصوص ببيان الادلة العقلية المقنعة التي تدل على على صحة هذا صحة هذا المطلوب والاقرار بالشهادتين وطريقة السلف ليست خاصة بباب الاسماء والصفات. بل هي تشمل ايضا ابواب وبالزهد ابواب العبادة وغير ذلك من مناحي الحياة. واذا عرفنا ان هذه طريقها السلفية يقابلها طريقة خلفية ليست باعلم ولا باحكم ولا باسرم فحينئذ على الانسان ان يختار المعلم الذي يتعلم منه المسائل خصوصا العقدية ليسلم من وقوع بعض الزلل عنده. وكما تقدم قد يأتون لك المسألة المزخرفة بالفاظ جميلة وتشتمل على معان باطلة. وقد يأتون لك بالمسائل فيوردون لك فيها اقوالا كلها باطلة. ويهملون القول الحق وبالتالي تتحير في هذه المسائل وتتردد فيها لعدم وجود قول الحق ولذلك نحن بحاجة شديدة الى من يعرف الناس مذهبية المذهب الصحيح والقول الصواب في المسائل التي ترد عليهم. وخصوصا فيما تعلق بالعلوم الانسانية التي عند الناس لانها تحتاج الى عالم صحيح ما النهاية؟ عارف بالكتاب والسنة ليقرر الحق في هذه المسائل كثير من الناس يظن اننا عندما نقول عقيدة السلف او طريقة السلف انها خاصة باهل الزمان الاول وهذا فهم خاطئ. بل من فضل الله عز وجل على الامة ان يوجد في كل زمان من يسير على طريقة السلف ومذهبهم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق منصورين لا يضرهم من خذلهم الى قيام الساعة كما ورد ذلك في احاديث حديث جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الله في كل قرن من يجدد لهذه الامة دينها تجديد الدين باعادة الناس في دين الله الى ما في الكتاب والسنة. واتباع السلف لا تعني عدم القبول بالمخترعات الجديدة في مسائل الحياة ما ورد على النبي صلى الله عليه وسلم مخترعات جديدة في زمانه قبلها واستعملها وهكذا رضوان الله عليهم. لا يعني السير على طريقة السلف. في ما يعتقدونه وما يسيرون عليه في دين الله عدم القبول للمستجدات والمخترعات التي تكون عند الناس. ولذلك فان السير على طريقة السلف لا يعنيه الاختلاف بل تعني التآلف والاجتماع السير على طريقة السلف لا تعني ترك الدنيا بل تعني استعمال الدنيا فيما ينفع في الاخرة. واتباع طريقة السلف لا تعني منافرة المخترعات الحديثة. بل تعني القبول بها متى كانت نافعة اتباع طريقة السلف لا تعني رد كل ما يقال وانما تعني تعنى بتحكيم الكتاب والسنة في كل ما يقال. هذا شيء مما تقرر انا فيما يتعلق بالمقارنة بين مذهب السلف ومذهب الخلف. والشيخ الله بدأ يبين عور هذه المقدمة التي اصلوها حيث قالوا طريق السلف اسلم وطريقة الخلف اعلم واحكم. فبين انها قاعدة اذا باطلة متناقضة لا يقبل بها من يعرف حقيقة الامر ولا من يعرف مذهب السلف وان القول بهذه القاعدة انما نشأ من الجهل بمذهب السلف ولعلنا نقرأ شيئا من التناقض الموجود عند بعض من يسمون بعلماء او خلف ويظن ان عندهم العقل الكبير والعلم الواسع حيث بين الشيخ انهم لم اما خالفوا ما في الكتاب والسنة وقعوا في الشك والحيرة والتردد ولم يكن عندهم يقين بل يقول الواحد منهم بالقول اليوم ويقطع به ويجزم بخطأ مخالفه ويقول ضده في الغد يبين خطأ ما قاله سابقا. بل تجد ان الواحد منهم يتناقض حيث يثبت كلاما في مسألة ثم يثبت لوازم هذه المسألة في بعض مواطن دون بعضها الاخر. وقد يقول في كتاب ويعيب على في اول كتابه وتجده في اخر نفس ذلك الكتاب يعيب على قوله السابق و يتكلم عليه بكلام سيء