بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فقد سبق معنا في الدرس الماضي ما يتعلق بمبحث الحظر والاباحة وعرفنا ان الاصل في الاشياء الاباحة الاصل في الاشياء التي ليس فيها ضرر على الانسان الاصل فيها الاباحة وعرفنا علاقة هذا بالاستصحاب وبداية درس اليوم هو ما يتعلق بالاستصحاب قال المؤلف رحمه الله تعالى ومعنى استصحاب الحال ان يستصحب الاصل عند عدم الدليل الشرعي المسائل ايها الاخوة الكرام على نوعين مسائل ورد فيها نص من الكتاب او من السنة او ثبت فيها دليل من الادلة الشرعية كالقياس وقول الصحابي فهذه المسائل يعمل فيها بهذا الدليل فاذا جاء في القرآن اباحة شيء او جاء في القرآن تحريم شيء او جاء في السنة نحو من ذلك او جاء ذلك في اقوال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم عند من يحتج بقول الصحابي او ثبت ذلك بالقياس وجب العمل به فان لم يوجد في النص الشرعي ما يدل على حكم هذه المسألة على وجه التحديد فنقول يستدل فيها بدليل الاستصحاب. وما معنى دليل الاستصحاب قال معنى دليل الاستصحاب ان يستصحب الاصل عند عدم الدليل الشرعي وما هو الاصل؟ الاصل في الاشياء الاباحة والاصل في الاشياء براءة الذمة على ما بيناه في الدرس الماظي فمن يقول ان الاصل في الاشياء الاباحة يقول اننا اذا جاءتنا مسألة لم يرد فيها دليل شرعي فنحكم فيها بالاباحة بناء على ان الله سبحانه وتعالى قال خلق لكم ما في الارض ودلت الادلة الكثيرة على ان الاصل في الاشياء الاباحة ومن ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم اه قال وما سكت عنه فهو عفو فدل ذلك على ان الاصل في الاشياء الاباحة. اذا هذا هو معنى الاستصحاب باختصار وقد عرفنا في الدرس الماظي ما هو الاصل في الاشياء قيل الاصل فيها الاباحة الا ما حظره الشرع وهذا هو المعتمد عند جماهير اهل العلم وهو الذي جرى عليه العمل والفتوى وبناء الفروع الفقهية عند جماهير العلماء والقول الثاني ان الاصل في الاشياء الحظر الا ما اباحته الشريعة وقد عرفنا امثلة ذلك في الدرس الماضي. ننتقل الان الى مبحث اخر وهو ترتيب الادلة سبق معنا اه ما العمل اذا تعارض نصان او اذا تعارض دليلان فما العمل سبق معنا ان الاصل انه يجمع بينهما. ومن طرائق الجمع اذا كان احدهما خاصا والاخر عاما فان العام يخص دليل الخاص واذا تعارض وكانا خاصين او كانا عامين ولم يمكن الجمع بينهما فاننا ننتقل الى النظر في التاريخ فان علم التاريخ فالمتقدم منسوخ والمتأخر ناسخ مثل حديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروه ومثل التعارض الحاصل في قول الله عز وجل والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج مع قوله تعالى والذين يتوفون منكم وان ازواجهن يتربصن بانفسهن اربعة اشهر فالمقصود علم التاريخ بين هاتين الايتين فقلنا ان اية العدة حولا كاملا منسوخا باية العدة اربعة اشهر وعشرة ايام. طيب اذا لم نعلم التاريخ نقول اذا لم نعلم التاريخ فاننا ننظر في ترتيب الادلة الذي ذكره المؤلف في هذا الباب قال رحمه الله واما الادلة فيقدم الجلي منها على الخفي اذا من جهة الوضوح والخفاء نقدم الدليل الجلي على الدليل الخفي ونقدم النص على الظاهر ونقدم الظاهر على ما دونه في الظهور ونقدم الحقيقة على المجاز نعم فالاصل تقديم الدليل الجلي الواضح على الدليل الذي فيه خفاء وهناك نوع اخر من الترتيب وهو من جهة القطع والظن. فما المقدم؟ قال ويقدم وقال والموجب للعلم على الموجب للظن يعني يقدم الدليل القطعي على الدليل الظني لو كان عندنا حديث متواتر عرض بحديث حسن فاننا نقدم القطع على الظن واضح نعم طبعا هذا الكلام كله متى اذا اذا لم يمكن الجمع اما اذا امكن الجمع بين النصين او بين الدليلين فلا يلجأ الى النظر في ترتيب الادلة ايضا من طرائق ترتيب الادلة من جهة قوة القياس نعم من جهة قوة القياس قال ويقدم قال والقياس الجلي على القياس الخفي. القياس الجلي الذي يقطع فيه بالحاق الفرع بالاصل هذا مقدم على القياس الخفي الذي يحتمل الحاق الفرع بالاصل ويحتمل عدم الالحاق ومن جهة النطق فاننا نقدم النطق على القياس قال المؤلف النطق على القياس فنقدم النص من الكتاب والسنة على دليل القياس. واذا جاء القياس معارضا للنطق اي لدليل نصي من والسنة فانه قياس فاسد. يسمى فاسد الاعتبار وكذلك نقدم النطق على الاستصحاب يعني الدليل المنقول هل ياتي احد يقول والله هذي لا جاء تحريمه في الكتاب والسنة يقول لا ولكنني انا استدل على جوازه بالاستصحاب نقول لا الاستصحاب لا يعمل به عند وجود الدليل لانه سبق معنى الدليل الاستصحاب هو ان يستصحب الاصل عند عدم الدليل الشرعي. اما اذا وجد الدليل الشرعي فلا معنى للقول بالاستصحاب ولهذا قال فان وجد في النطق ما يغير الاصل والا فيستصحب الحال يعني اننا نقدم النطق على الاستصحاب فان لم يوجد في النطق ما يغير الاصل كالاصل في الاشياء الاباحة فاننا نستصحب الحال ويكون حينئذ الاستصحاب هو اخر الاذن بالله لا يصار الى الاستصحاب مع امكان غيره من الادلة. اذا هذا ما يتعلق بمبحث ترتيب الادلة. ننتقل الان الى الكلام عن شروط المكلف ايها الاخوة الكرام اما ان يكون مجتهدا ملك الة الاجتهاد وتمكن من فهم الايات والاستنباط منها وكذلك الاحاديث واعمال القياس بشروطه الى اخر الادلة. واما ان يكون مقلدا المجتهد اما ان يكون مجتهدا مطلقا او مجتهدا جزئيا فالمجتهد المطلق لابد ان يكون كامل الالة في الاجتهاد عنده ملكة وهذا معنى قول المؤلف رحمه الله كما سيأتي قال ومن شرط المفتي وهذه الشروط التي سيذكرها المؤلف رحمه الله ترجع الى احد امرين اما الى الملكة والقدرة او الى المعرفة هناك شروط تتعلق بالملكة وهناك شروط تتعلق بالقدرة اما الملكة فهو ما ذكره رحمه الله بقوله ان يكون كامل الالة في الاجتهاد وان النوع الثاني من الشروط وهي الشروط المعرفية التي ترجع الى العلم قال المؤلف رحمه الله من شرط مفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا فرعا اذا الامر الاول ان يكون عالما بالفقه اصلا. يعني عالما باصول الفقه يميز العام من الخاص والمطلق من المقيد ويعرف كلام العلماء في اصول الفقه ويعرف كيف تستنبط الاحكام من الجهة النظرية ومن الجهة التطبيقية باكتساب الملكة. وكذلك ان يكون عارفا بفروع الفقه قال رحمه الله عالما بالفقه اصلا يعني اصول الفقه وفرعا يعني فروع الفقه ومعرفته بفروع الفقه وباصول الفقه هل يكفي ان يكون عارفا بقول واحد نحن نتكلم الان عن رتبة الاجتهاد والفتوى لا يكفي ان يكون عارفا بقول واحد مقلدا له. بل لا بد ان يكون عارفا بالخلاف مذهب قال قال رحمه الله اصلا وفرعا خلافا ومذهبا نعم هذا الكلام عن المجتهد المطلق. ليش لا بد يكون عارف بفروع الفقه؟ لانه لا يمكن ان تكتسب الملكة ولا يمكن ان يتكلم في المسائل الفقهية اه هكذا ابتداء وجزافا دون النظر في كلام الفقهاء ممن قبله الشرط الثالث ان يكون كامل الالة في الاجتهاد وهذا عرفنا انه يرجع الى الملكة كما سبق وبالمناسبة فان معرفة فروع الفقه بعض العلماء يرى ان معرفة فروع الفقه ليست شرطا في الاجتهاد يقول لان فروع الفقه هي نتيجة وثمرة للاجتهاد. فكيف نشترطها في كون الانسان مجتهدا وهذا وان كان صحيحا من جهة التنظير الا انه من جهة التطبيق لا يمكن ان يحصل الانسان الملكة الفقهية دون نظر ومعرفة بفروع الفقهاء ولا يمكن ان يتم فهمه في الكتاب والسنة وفهمه في الفروع الفقهية ونظره الصحيح فيها الا بمعرفة جملة من كلام الفقهاء وفروعهم وان كان لا يشترط ان يكون عارفا بكل الفروع الشرط الثالث الذي يتعلق بالجانب المعرفي قال رحمه الله عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو واللغة. اذا الشرط والثالث من الجوانب المعرفية ان يكون عارفا بالنحو واللغة. فلابد ان يكون متمكنا في علم النحو ومتمكنا في لغة العرب والا فلا يجوز له ان يجتهد لان القرآن والسنة اه نزلت وجاءت باللغة العربية وبلسان العرب فمن لم يكن عارفا بلسان العرب لا يمكن ان يفهم القرآن والسنة فضلا عن ان يجتهد ويستنبط دقائق الاحكام منهما قال من النحو واللغة ايضا لا بد ان يكون عارفا بعلم الرجال حتى يستطيع ان يحكم على الحديث بالصحة والضعف فلابد ان يكون عالما بالجرح والتعديل وما يتعلق برجال الحديث من التوثيق والتظعيف وهذا بحر واسع وهذا يدلنا على ان رتبة الاجتهاد المطلق رتبة بعيدة المنال ورتبة عظيمة في الشريعة لا يصح الناس ان يدعوا ذلك حتى يحققوا الشروط واذا لم يكن عارفا بالرجال وبالجرح والتعديل وبالحديث فانه سيدخل عليه التقليد في ابواب الحديث. وحينئذ لا يكون الاجتهاد عنده اجتهادا بمعنى الاجتهاد المطلق باطلاق نعم ومن الجوانب المعرفية التي لا بد من معرفتها تفسير الايات الواردة في الاحكام. اذا لابد ان يكون عارفا اولا بايات الاحكام لابد يكون عارف الايات الواردة في هذا الباب الذي يتكلم فيه ولابد ان يكون عارفا بتفسيرها وبكلام المفسرين فيها وبخلافهم ووفاقهم في هذا الباب. وهذا هو دأب الائمة رحمهم الله الامام احمد الشافعي برمالك حينما يتكلمون في مسائل الشرع كانوا يتكلمون وهم يستحظرون ايات الاحكام واحاديث الاحكام وما قيل فيها من التفسير وما ورد فيها من الاحاديث مع فمعرفة رجال ذلك الحديث وحفظ اسناده ومعرفة الثقة منهم من الضعيف وهذه الرتب التي بلغها هؤلاء الائمة رتب رفيعة عالية ينبغي للانسان ان يعرف قدر نفسه حينما يتحدث عن اولئك الائمة ويعرف انه آآ يعني بينه وبين انهم مفاوز وبينه وبينهم بول شاسع فينبغي للانسان اولا ان يعرف قدر نفسه ثانيا ان يعرف اقدار اولئك الائمة وان يجلهم ويعظمهم ويعرف قدر كلامهم وانهم ما يتكلمون في دين الله الا بالنظر الدقيق والمعرفة الدقيقة الواسعة بالكتاب والسنة بعد استفراغ وسع وايضا دين متين وحرص عظيم على تلمس احكام الشريعة. ولهذا بعض الناس يتصور ان آآ عنده من الحرص اكثر من حرص الائمة او عنده من العلم والمعرفة لان عنده المكتبة الشاملة او عنده اه وسائل البحث المعاصرة ان عنده معرفة واستطاعة للوصول الى المعلومة اكثر من الائمة وهذا غلط كبير نعم اه ايضا من الشروط المعرفية ان يكون عارفا باحاديث الاحكام. قال والاخبار وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها وقول المؤلف رحمه الله اخبار يعني احاديث الاحكام وليس فقط احاديث الاحكام بل لابد ان يكون عارف بحديث الاحكام وفاهما لها وايضا لابد ان يستطيع ان يميز الصحيح منها من الضعيف والظاهر منها من المجمل. وايضا اه لابد ان يكون عارفا بفهم السلف لهذه الاحاديث وهذا كما قلت لكم هو دأب الائمة الامام احمد الامام مالك الامام الشافعي ائمة الاسلام كانوا يتكلمون في اه احاديث الاحكام لا يتكلمون في الشريعة ليس فقط بالنظر في احاديث الاحكام. بعض الناس يتصور انه اذا حفظ متنا في حديث الاحكام فقد حصل اكثر ادلة الشريعة وحصل جميع الادلة الشرعية. هذا غلط كبير ادلة الشريعة لا تنحصر في حديث الاحكام بل لا بد من معرفة ايات الاحكام مع تفاسير السلف فيها. لابد ان اعمل معرفة احاديث الاحكام مع كلام الصحابة والتابعين فيها. الائمة كانوا يتكلمون في الاحكام وهم يعرفون القرآن وتفسيره بالاسناد يعرفون التفسير بالاسناد. ويعرفون احاديث الاحكام بالاسناد ويعرفون فهم السلف لها بالاسناد. ويعرفون كلام الصحابة فيها بالاسناد. اما ان يأتي واحد يحفظ بضعة احاديث او يحفظ مئتين ثلاث مئة اربع مئة الف حديث. ثم يعد نفسه في مصاف في الائمة فلا شك ان هذا من الاغترار بالعلم يكون الانسان احيانا كما قال بعضهم يكون جاهلا وجاهل بكون به جاهلا والله المستعان طيب هذا ما يتعلق بدرس اليوم ويبقى معنا ان شاء الله الدرس الاخير. والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين