واحمرهم بل ان رسالته عامة للثقلين الانس والجن. واخذنا هذا من قوله امرت ان اقاتل الناس ولم يقل العرب. فلو كانت رسالته مقصورة على العرب كما يقوله من يقوله لما كانت مقاتلته احسن الله اليك. الحديث الثامن عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى. نعم. الكلام على هذا الحديث في جمل من سائل الاولى ان فيه دليلا على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة. ابيضهم واسودهم غير العرب من سائر طوائف الناس على حق وعدل. فقوله امرت ان اقاتل الناس اي جميع الناس. فهذا دليل على ان رسالته عامة كما قال الله عز وجل وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. وقول النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة. واما قوله وانذر عشيرتك الاقربين فهذا كان في ايات الدعوة. الفائدة الثانية دل هذا الحديث على ان لا يبدأون بالقتال قبل دعوتهم الى الاسلام. وقد كانت عادته صلى الله عليه وسلم قبل ان يغزو قوما يدعوهم الى الاسلام بل وكان يوصي امراء الجند اذا نزلوا بساحة قوم ان يدعوهم اولا الى اسلام فان اسلموا وجب الكف عنهم. فان لم يسلموا فانهم يدعونهم لبذل الجزية. فان بذلوها كفوا عنهم والا فيقاتلون. فالاسلام ليس متعطشا للدماء ولا لتقطيع الاشلاء ولا لتمزيق الاجساد وانما متعطش لهداية الناس واستقامتهم. فمتى ما اعلن الكفار ممن قصدنا غزوهم انهم قد امنوا واسلموا فيجب الكف حينئذ عنهم. واخذنا هذا من قوله حتى يشهدوا ان لا اله الا فمن بدأ بالشهادة قبل القتال فلا يجوز قتاله. بل يقول العلماء حتى لو اسلم الكافر في نفس بركة فيجب الكف عنه ولا يجوز قتله. كما حصل في قصة اسامة رضي الله تعالى عنه فانه وانصار اتبعوا رجلا من الكفار فلما رأى شعاع السيف قال اسلمت لله. فكف الانصاري عنه علاه اسامة بالسيف حتى حتى قتله. فجاء الخبر الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له يا اسامة اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله قال يا رسول الله انما قالها تعوذا قال افلا شققت عن قلبه حتى تعلم اقالها ام لا؟ كيف تصنع بلا اله الا الله اذا جاءت يوم القيامة وحديث المقداد معروف ارأيت ان لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب احدى يدي بالسيف فقطعها كافر وقاتل لليد ثم لاذ مني بشجرة فقال اسلمت لله افاقتله بعد ان قالها؟ قال لا تقتله. الى اخر الحديث فمتى ما اعلن الكافر اسلامه فلا شأن لنا بالقرائن المحيطة لهذا الاعلان اكان متعوذا ام يريد الاستخفاء ام يريد للتخلص كل هذه الاحتمالات وان كان لها قرائن تدل عليها الا اننا نلغي جميع القرائن ونعمل بما يظهر لنا وهو ان انه صار مسلما فيجب الكف عنه. ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على انه لا للدم ولا للمال الا بالاسلام. فمن اراد ان يعصم دمه وماله فليسلم فلا عصمة للدم ولا للمال الا بكلمة التوحيد والنطق بها. ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على ان مجرد الاقرار بالربوبية لا يعصم الدم ولا المال بل لا بد من الالوهية والاقرار بان الله واحد في الوهيته. لقوله حتى حتى يشهدوا ان لا اله الا الله فلو كان الدم يعصم بالاقرار بالربوبية فان جميع الناس مقرون بتوحيد الربوبية ومع ذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقاتلهم. ويضع السيف على رقابهم. فافاد ذلك ان مجرد الاقرار بتوحيد الربوبية لا يكفي في عصمة الدم والمال حتى يقرنه الانسان بالتوحيد الافخم الاعظم وهو توحيد الالوهية ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على وجوب قتال كل طائفة ممتنعة عن اداء الشرعي فكل من امتنع ان اداء الواجب الشرعي فان الواجب قتاله. فالمشركون اذا امتنعوا عن اداء الواجب الشرعي من النطق بالشهادتين فالواجب قتالهم. ولو تحزب الخوارج في طائفة من الى البلد وصاروا يعلنون الخروج على الامام فيجب قتالهم. واي بلدة او قرية تمتنع من اعلاء اذان فيقولون نحن لن نترك الصلاة لكن سنصلي بلا اذان ولا اقامة؟ فيجب قتالهم. ولذلك قال ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا نزل بساحة قوم ينتظر فان سمع اذانا امسك والا اغار وامرنا بقتال الخوارج. فاخذ العلماء قاعدة تقول يجب قتال كل طائفة ممتنعة عن اداء الواجب شرعي ومن الفوائد ايضا ان سألنا سائل وما اكثر من يسألنا لما شرع قتال الكفار؟ لما شرع قتال الكفار؟ هل لانهم كفار فقط؟ ام لعلة اخرى الجواب في ذلك خلاف بين اهل العلم. والقول الصحيح ان الاصل في تشريع الجهاد تذليل طريق الدعوة ووصولها لكل احد. فالجهاد لم يشرع ليه؟ علة الكفر لا ولذلك لا يشرع قتل الذمي مع انه كافر. ولا المستأمن المعاهد مع انه كافر. بل لا يجوز ان نقاتل بلادا بيننا وبينها عهد ذمة وامان. فاذا ليست العلة في اقامة الجهاد مجرد الكفر انما العلة الصحيحة في تشريع الجهاد هي تذليل طريق الدعوة الى الاسلام. لان من الكفار من يأبى ان يسلم ويصد عن سبيل الله. فلا يرضى بوصول الدعوة الى بلاده. ويحارب الاسلام فهو حجر كثرة في طريق الاسلام وطريق الدعوة. فهذا كيف نبعده؟ بالجهاد. نجاهده. ولذلك القول الحق عندنا والله اعلم ان من لم يبدأنا بقتال ولم يكن عائقا في طريق الدعوة فلا يجاهد ولا يقاتل لكن بهذين الشرطين اللي هم ما هما؟ انه لم يبدأنا بقتال ولم يقف حجر عثرة في طريق الاسلام. فاننا لا نقاتله. لكن متى ما بودينا بالقتال فنقاتل ودفعا ومتى ما علمنا ان هذه البلاد الكافرة تؤذي المسلمين فيها وتمنع دخول الكتب والدعاة الى الله عز وجل وتظل من فيها من الجاليات الاسلامية. وتشن الغارات عليهم وتعذبهم وتسجنهم ولا بوصول بصيص النور والدعوة الى افرادها فهؤلاء وقفوا حجر عثرة في طريق الدعوة. فحينئذ لابد من ازاحتهم عن طريق الدعوة ونشر الاسلام بماذا؟ بالقتال. فاذا ليس القتال شرع لمجرد الكفر. بل ها لصدهم عن سبيل الله. ولكونهم حجر عثرة في طريق الدعوة الى الله عز وجل. ولذلك في الجهاد اداب عظيمة. فليس في جهادنا قتل امرأة. لاننا لا نتعطش للدماء وليس قتالنا للكفر اذ المرأة لا شأن لها في القتال. ولا في الصد عن سبيل الله. ولا نقتل وليدا صغيرا. لانه لم قاتلنا ولم يصد عن سبيل الله. ولا نقاتل راهبا ولا نقتل راهبا في صومعته. حتى وان كان كافرا لم يقاتل ولم يصد ولا نقتل شيخا كبيرا عجوزا فانيا في الاسلام فحتى في الجهاد ادم ليس مثل هؤلاء الحمير الكفرة الذين يتقصدون ضرب المستشفيات ويتقصدون ظرب المدارس ويتقصدون قتل الاطفال. هؤلاء وحوش في الارض. اما الاسلام فقد جاء حتى في امر القتل والقتال والجهاد بتلك الاداب عظيم. قال صلى الله عليه كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا امر اميرا على سرية او جيش قال اغزوا بسم الله قاتلوا في سبيل الله. جاهدوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا. ولا تغدروا. ولا اقتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا فانيا. ولا راهبا في صومعته. ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة في بعض مغازيه قال ما كان لهذه ان تقتل. الا ان المرأة والشيخ الفاني والراغب اذا كان لهم رأي ومشورة في القتال او شاركوا في القتال فان حقه ان يقتل. ومن الفوائد ايضا لقد اجمع اهل السنة على ان عقد راية الجهاد من خصائص ولي الامر. فقتال الكفار من صلاحيات الامام الشرعي. ومن خصائصه وليس لاحد من العامة ان يفتات على حقه كما قال ابن قدامة قال وامر الجهاد موكول الى الامام واجتهاده الزموا الرعية طاعته عفوا ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك. فلا ينبغي الافتاءات على الامام واعلاء راية الجهاد الا بامره واذنه. لانه اعرف بالمصالح. ويجب على الامام ان يجتهد ويقدر المسلمين وحفظ بيضتهم على حسب قوة المسلمين وضعفهم واستعدادهم الايماني في امر الجهاد واتفاق كلمتهم على اقامته. فاذا رأى اقامة القتال فيقاتل من وراءه. واذا رأى الهدنة والصلح وان ذلك انفع واصلح للمسلمين في الحالة الراهنة فان الرأي ما يرى. ولكن لابد ان يكون نظره منبثقا من تحقيق المصالح العامة واندفاع المفاسد العامة ليس من باب التشهي والبقاء على كرسيه ومن الفوائد ايضا في هذا الحديث دليل على رد ما قاله الفلاسفة من قولهم بان اول واجب على العبد هو النظر والتفكر وهذا خطأ باجماع اهل السنة الاول واجب على العبد هو النطق بالشهادتين كما في هذا الحديث. اول واجب على العباد هو النطق بالشهادتين فليس اول واجب لا التفكر ولا الشك ولا الاعتبار والنظر وانما اول واجب هو اطق بالشهادتين. ومن الفوائد ايضا قوله الا بحق الاسلام الا بحق الاسلام. هذا فيه دليل على ان النفس قد يوجب هدرها سبب اخر غير الكفر. كأن يقتل الانسان غيره فان من حق الاسلام ان تقتل. او يزني وهو محصن فمن حق الاسلام ان يرجم. او يرتد عن الاسلام فان من حق الاسلام ان يقتله. فالاصل عصمة الدم والمال بالنطق بالشهادتين الا اذا اقترف الانسان شيئا ها يوجب قتله كما قال صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث. فاذا النطق بالشهادتين عاصم للدم والمال. الا اذا ارتكب الانسان امرا يوجب حينئذ اهدار دمه. فاذا لا يظنن الانسان انه بمجرد اسلامه قد عصم دمه العصمة المطلقة فيتخبط خبطة عشواء في اي فعل لا انتبه. التزم الادب. هناك اشياء اذا ارتكبتها سنقتلك مرة اخرى. حتى وان كنت مسلما ومن فوائد ايضا ان فيه دليلا على تعظيم حرمة دم المسلم وعلى تحريم قتله الا المسوغ الشرعي فلا يجوز لنا ان نتخبط في الدماء. فامر الدماء عند الله عز وجل عظيم فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. ومن الفوائد ايضا ان لنا الظاهر والله يتولى السرائر. ان فيه دليلا على ان لنا الظاهر والله يتولى السرائر. فمن اظهر لنا النطق بالشهادتين فالواجب علينا ظاهرا ان نحكم له بالاسلام ثم نكل امره وحسابه بعد ذلك الى الى الله عز وجل. يعني ان من نطق بالشهادتين واقام الصلاة واتى الزكاة فاننا نعصم دمه وماله ونحكم له بالاسلام ظاهرا وهو قد قد يكون من المنافقين لكن حسابه بعد ذلك هو ما يسره على الله عز وجل ليس علينا