او لابد منها للانسان في هذه الاحوال العبد فيها فقير الى الله جل وعلا وفقره الى الله متحقق باعتبار ان الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه وخلق له هذه القدرة وكان معه ابو بكر الصديق رضي الله عنه فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام ما حزب ابا بكر رضي الله تعالى عنه قال له كما في كتاب الله لا تحزن ان الله معنا للحسين ابن عبد الله ابن سينا وهو كتاب واسع في الفلسفة ولا سيما في فلسفة النفس ورياضتها واحوالها ما المقصود ان من فقه شيخ الاسلام رحمه الله انه قال لك هنا الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اما بعد ففي هذا اليوم والثاني من شهر صفر عام تسعة وثلاثين واربعمائة والف ينعقد هذا المجلس في شرح رسالة العبودية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بمعالي شيخنا الشيخ الدكتور يوسف بن محمد الغفيص عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء سابقا بجامع عثمان بن عفان رضي الله عنه بحي الوادي بالرياض قال رحمه الله تعالى والقلب فقير بالذات الى الله من وجهين من جهة العبادة وهي العلة القاهية ومن جهة الاستعانة ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن الا بعبادة ربه. وحبه والانابة اليه. ولو حصل له ولو حصل له كل ما يلتذ من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن اذ فيه فقر ذاتي الى ربه. ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه. وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة وهذا لا يحصل له الا باعانة الله له. لا يقدر على تحصيل ذلك له الا الله. وهو دائما مفتقر الى حقيقة بلا حقيقة اياك نعبد واياك نستعين فانه لو عين على حصول ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده. ولم يحصل له عبادته لله بحيث يكون هو غاية مراده ونهاية مقصوده وهو المحبوب له بالقصد الاول وكل ما سواه انما يحبه لاجله لا يحب شيئا لذاته لا يحب شيء لا يحب شيئا لذاته الا الله. فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقق حقيقة لا اله الا الله ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة وكان فيه من النقص والعيب بل من الالم والحسرة والعذاب بحسب ذلك ولو سعى في هذا المطلوب لم يكن مستعينا بالله ولم ولم يكن ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعينا ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعينا بالله متوكلا عليه مفتقرا اليه في حصونه لم يحصل له فانه ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن. فهو مفتقر الى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود ومن حيث هو المسئول المستعان به المتوكل عليه فهو الهه لا اله غيره. وهو ربه لا رب له سواه الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله واصحابه اجمعين بهذه الرسالة من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مسائل العبادة وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى بين الشيخ رحمه الله اصليني من اصول العبودية وهذان الاصلان هما جماع تحقيق العبودية لله وهما الاصلان المذكوران في قول الله جل وعلا اياك نعبد واياك نستعين وهو معنى توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية فان العبد لابد له من مقام الاستعانة بالله وحده لا شريك له ولا يستعين الا بالله الذي خلقه ورزقه خلق نفسه وسواها وقدر جل وعلا وهدى لما يشاء ويختار لامره وقضائه وتدبيره سبحانه وتعالى فجميع الافعال التي يفعلها المكلف من حيث هي افعال شرعية او من حيث هي افعال عادية من اصناف الافعال العادية الحسنة او المباحة فانه فقير في فعلها الى الله سبحانه وتعالى ويستعين بربه سبحانه وتعالى على امره الديني كالصلاة والصيام ونحو ذلك ويستعين بربه سبحانه وتعالى على امره العادي كحركته ابتغائه الرزق وما الى ذلك من الاحوال العادية التي لا بد فيها ومتحقق باعتبار ان الله سبحانه وتعالى هو الذي يحفظ له هذه القدرة وهو الذي بيده النفع والضر سبحانه وتعالى ومتحقق باعتبار المآل. وانه لا يعلم ما هو النافع له من الضار في كثير من امره العادي وعن هذا قال الله جل وعلا في حق نبيه صلى الله عليه وسلم قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله العبد فقير الى الله وهذه ضرورة معلومة بالشرع والعقل والفطرة لان العباد واصناف العالمين هم مخلوقون لله سبحانه وتعالى فلما كانوا مخلوقين له لزم ان يكونوا مفتقرين اليه وان يكونوا فقراء الى ربهم جل وعلا فان العبد اذا عرف هذا المعنى وهو معنى معروف من جهة اصله ولكن اذا عرفه على قدر من الفقه الذي يتميز به المؤمن من غير المؤمن والا فان الامم المشركة جمهورها وعمتها تقر بهذه المعاني ولذلك ذكر الله في كتابه عن مشرك العرب ونحوهم ما جاء في كتاب الله كثيرا كقوله جل وعلا ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله وهم يعرفون ان الله هو الخالق لهم ويعرفون ان تصرف الاحوال التي تقع لهم انما تقع بمشيئة الله انما تقع بمشيئة الله سبحانه وتعالى هذا امر تعرفه العرب في جاهليتها فلا ينبغي ان يكون هذا القدر هو الغاية التي يصل اليها المسلم ان يعلم ان الله قادر على ذلك فان هذا العلم مع شرفه الا انه ليس الرتبة العالية وحده بل لا بد من جمع معاني العلم وتحقيق هذا العلم والا يكون من علم الادراك بمجرد بل يكون من علم الاستجابة فان علم الادراك المجرد قد يقع لغير المسلم كما قال الله جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وكما قال الله عنه كفرة ال فرعون وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم فهذا العلم هو العلم المتعلق بالمدارك وهذا ليس هو علم الاستجابة الذي وصف الله به عباده المؤمنين والذي هو ملازم للايمان وهو المذكور في قول الله جل وعلا يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات فهذا العلم هو العلم الشريف وهو ابصر من جهة المدارك لانه معتبر بالعلم الالهي المفصل فيكون بائنا عن علم المشركين ومعرفتهم باعتبار تفصيله وتحقيقه مداركه ومعرفته وباعتبار اقتضائه وحقيقته في النفوس وفي القلوب وما يستلزم ذلك او يصاحبه ويجامعه من الاعمال فان الاعمال هي باعتبار مستلزمة للعلم وهي باعتبار مصاحبة له وهي باعتبار مركبة منه وعن هذا كان الايمان قولا وعملا عند اهل السنة كما هو معروف فهذه الحقيقة الكلية من حقائق الشريعة يعلم بها ان العبد فقير الى الله وان يعلم ان امره بيد الله سبحانه وتعالى وان ما فعله العبد من الاعمال الصالحة او من الاعمال العادية فان ذلك بامر الله وبعون الله له فيعرف هذه الحقيقة على رتبتها وكما ذكرت اذا قيل ان المؤمنين والمسلمين متفاضلون في هذا العلم فان هذا يبين لك اكثر اذا علمت ان اصل هذا العلم يقع لغير المسلم وهو المذكور في مثل قول الله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فكان الجاهليون يعرفون ذلك ويعرفون ان امور التدبير عند الله سبحانه وتعالى وان كان يعرض لهم من الشرك في الربوبية ما يعرض. فهم ليسوا محققين لذلك وان كانوا مقرين بجملته انما المقصود في هذا المقام ان لا تكون حال المسلم على هذه الدرجة الادنى وانما يجب ان يترقى الى مراتب الايمان والى مراتب التحقيق باستعانته بالله المذكور في قول الله جل وعلا اياك نعبد واياك نستعين وهذا لا يجمعه حرف من الحروف العلمية او صيغة من صيغ الجمع والكلمات حتى يقال ما حده او ما تعريفه او ما اقسام مراتبه وانما هذا حقيقة من حقائق الايمان تقوم في نفس المؤمن بحسب ما اتاه الله من العلم والتوفيق والاخلاص والفقه في الدين ولذلك كان ائمة الانبياء عليهم الصلاة والسلام على هذه الدرجة وعلى هذه الرتبة فان النبي عليه الصلاة والسلام لما حزبه او لما سار مهاجرا من مكة الى المدينة وتبعه من تبعه من القرشيين ورصدت قريش لمن يأتي بخبرهما رصدت من المال وغير ذلك فهذه الدرجة من العلم التي اخبر الله بها عن عبده ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام هي مقام التحقيق فانه مع قيام الاسباب المقتضية بحزن ابي بكر الا ان النبي عليه الصلاة والسلام لعلمه ولمعرفته بربه حق معرفته قال لصاحبه كما اخبر الله بذلك في كتابه اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا وهي الحال التي كانت لابراهيم عليه الصلاة والسلام بمثل قول الله جل وعلا فانهم عدو لي الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهديه والذي هو يطعمني ويسقين. واذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحييه فهذه المقامات هي مقامات من مقامات الربوبية وان كانت متضمنة لمقام العبودية لانه قد يتوهم من يتوهم وهذا من عدم تحقيق العلم وفقه اصوله ان الربوبية امر مستقر لا تحتاج الى تفصيل في العلم اما انها من المستقر فلا شك في ذلك وان ربوبية الله هي من العلم الضروري انه رب العالمين ومن العلم الفطري لكن هذا الاصل الشريف وهو ان الله جل وعلا هو رب العالمين له فقه وله علم وله تفصيل عرفه وحققه المرسلون ومن اتبعهم باحسان ومن اخص اصول تحقيقه الاستجابة لله وحده لا شريك له بالعبادة ولهذا من اخذ من الربوبية مقام الادراك وقطعه عن مقام الاستجابة كان علمه بالربوبية علما ناقصا بل منقوص في اصله وليس في فرع من فروعه فان الايمان بالربوبية يستلزم التحقيق والاستجابة لله وحده لا شريك له بل ويتضمنه تارة على مقام التحقيق الاعلى وان كانت هذه الحال لم تقع للمشركين فانهم مشركون عبدوا مع الله سبحانه وتعالى غيره انما المقصود ان هذا العلم والمعنى اصل شريف وفقه لا تجمعه الكلمات المعرفة كما قد تجمع بعض الاحكام من احكام الفروع الفقهية فيقال هذا واجب وذاك مستحب وهذا صيام صحيح وهذا صيام يجب قضاؤه فان هذا تجمعه الحروف والكلمات والاصطلاحات واما ما يتعلق بالعلم الالهي والعبودية واصولها وتحقيقها فهذا نور يجعله الله سبحانه وتعالى ويهدي اليه من يشاء من عباده جملة المقصود في كلام الشيخ رحمه الله ان مقام الاستعانة بافعال العبد الشرعية والعادية التي اباحها الله او هي مصلحة للمكلف فانه يجب ان يجعل ذلك كله على مقام الاستعاذة بالله والفقر اليه واذا تأملت في خطاب القرآن وفي بيان الله لعباده في كتابه وجدت التحقيق التام لهذا الاصل الشريف من اصول التوحيد واصول العبودية التي كثر فيها جهل الناس حتى عرظ مقامات من هذا الجهل لبعض البصراء من اصحاب العبادة ولبعض الناظرين في العلوم والمعارف من علماء النظر والكلام فليعرضوا قدر من هذا القصور في تحقيق فقه هذا الاصل الشريف لبعض من له علم ونظر في الشريعة فيأخذه على مرتبة دون مرتبة التحقيق الاعلى وهذه مسألة من جهة ادراكها الكلي مسألة خاض فيها ارباب السلوك واصحاب الاحوال والبصراء من اهل المعارف والسلوك والتصوف وما الى ذلك وجعلوا فيها مشارع توصل الى تحقيق العبودية كما سبق الاشارة الى شيء من ذلك في كلام للشيخ رحمه الله علي شيخ الاسلام برسالتي هذه وفي غيرها من كتبه ولكن هذه الطرائق التي استعملها من استعملها من متصوف او مكاشف او بعض اصحاب النظر الذين تكلموا في تراتيب التكليف لم يقع جمهور ما ذكروه على مقام التحقيق ولذلك كما انه يقع لك الادراك بان العلماء والفقهاء متفاضلون في معرفتهم بفروع الشريعة حتى يقال بان هذا من اهل الاجتهاد المطلق وهذا ليس من اهل الاجتهاد المطلق فان كل من نظر في علم الشريعة عرف ان ثمة درجات في ادراك علم الشريعة من جهة فروعها بين كبار المجتهدين والائمة ومن دونهم من اصحابهم الذين اختفوا طريقتهم فانه لا يخفى على احد ان الامام احمد مثلا او ان مالكا مثلا او ان الشافعي او ابا حنيفة او غير هؤلاء انهم اعلى رتبة في الاجتهاد والفقه والعلم بالادلة او بالدلالات من احاد اصحابهم فان هذا من العلم البين حتى صار يقال وقال غيره من شعراء العرب ما قالوا فذكروا مقام المشيئة لرب العالمين لكنك اذا قرأت في كتاب الله ما قاله الامام الحنيف خليل الله عليه الصلاة والسلام وهو نبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام بان الاجتهاد على مقامات الاجتهاد المطلق والاجتهاد الذي دونه كالاجتهاد في المذهب والاجتهاد للمذهب الى غير ذلك فاذا كان هذا من المتحقق البين وهو ان العلماء درجات وطبقات بادراكهم لمفصل فروع الشريعة فانك تقول بان ابا حنيفة رحمه الله على فقهه. حتى قال الامام الشافعي الناس في الفقه عيال على ابي حنيفة فهذا من الحقائق البينة بفقه اهل الرأي وائمة الكوفة وترى للشافعي من الاختصاص بالعلم بقواعد الاستدلال وترتيبها ما هو معروف حتى قال الامام احمد ادبا مع الشافعي حتى قال الامام احمد ادبا مع الشافعي وانما يقال ادبا مع الشافعي لان الكلمة ليست على وجهها المطلق لما قال الامام احمد ما عرفنا الناسخ والمنسوخ الا لما جالسنا الشافعي فهذه كلمة فيها قصد صحيح ولكنها في جملتها كلمة ادب اراد بها بيان امتياز الشافعي رحمه الله في هذه الابواب والا فان احمد قبل ان يجالس الشافعي كان على علم بهذه المادة ومن جنسها ما قال الشافعي رحمه الله عن احمد في الحديث لان احمد رحمه الله اعلى منه رتبة في معرفة الصحيح من غيره وهذا مجمع عليه بين الناس ان الامام احمد هو اجل الائمة الاربعة من جهة سعة علمه بالرواية مع ان مالكا امام قد اجمع عليه ولكن دار اسناده في الجملة على رواية اهل المدينة بخلاف احمد فانه رحمه الله عرف من حديث اهل العراق واهل الشام واهل المدينة واهل مكة وصار اماما جامعا حافظا مع ما اتاه الله سبحانه وتعالى من علو الرتبة في فقه الشريعة ومعرفة قواعدها ومقاصدها الى غير ذلك فالمقصود ان هذا التفاضل الذي لا يخفى على احد في طبقات العلماء او طبقات اتباعهم من جهة تفاضلهم بمعرفة الادلة وعلل الاحكام وقواعد الاحكام وغير ذلك من اوجه الادلة او الاستدلال فانك ينبغي ان تعلم ان ثمة تفاضلا من جنس هذا التفاضل واذا قيل انه من جنس هذا التفاظل فان الاعتبار هنا بالجنس وليس بالنوع فضلا عما دونه لان طريقة الترتيب مختلفة فلا يصح ان يقع التفاضل في اصل العبودية على نفس الترتيب الذي يقال في مسألة مفصل فروع الشريعة ولت الاكتساب فيها اظهر من ما يقع من الاكتساب في مسألة تحقيق العبودية فان هذا وهذا فيه توفيق من الله سبحانه وتعالى ولكن مقام التحقيق للعبودية مقام الاصطفاء فيه من الله سبحانه وتعالى اخص فان الله سبحانه وتعالى يصطفي من عباده من يصطفي بما يجعل في قلوبهم ونفوسهم من التحقيق لعبوديته واخلاص الدين له الى غير ذلك. فمثل هذه المعارف ليست من مجرد المعارف المكتسبة وان كان لا يخفى على ناظر ان المقام الاول وهو مقام الفروع كذلك فيه توفيق وفقه وليس هو من الاكتساب المحض والمقصود ان المؤمن عليه ان يلتمس التحقيق وان يتبين التحقيق بما بينه الله جل وعلا وبينه الرسول في هديه لتحقيق مقام الاستعانة بالله وحده لا شريك له ولكن وهذا ليس من تكرار القول لكنه من بيان حقيقة هذه المسألة هذا لا تجمعه الحروف والكلمات وانما هو فقه ونور في دين الله وفي كتاب الله وعن هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في دعائه له قال النبي في دعائه لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فهذا علم يؤتيه الله سبحانه وتعالى من يشاء من عباده بما يقع في نفس العبد او بما يخلقه الله سبحانه وتعالى له من مقامات المدارك من وجهه ومن التوفيق من وجه اخر. فان المدارك العالية التي اوتيها من اوتيها من الناس من جهة قوة المدارك بقوة الفقه وقوة النظر هذا نعمة من الله سبحانه وتعالى ولا يتوهم الانسان انه امتاز بهذا الطبع او بهذه الحال او بهذه المدارك وراثة من ابيه وجده او اكتسابا بقدراته وتعلمه او بانتظام تربيته فان هذه اسباب عارظة تقلبها الاحوال وتصرفها الايام ولكن الذي اتى ذلك كله هو الله جل وعلا كما قال ربنا سبحانه ليبلوكم فيما اتاكم ولذلك لما صار يقال بان مسألة الربوبية مسألة قد اقر بها المشركون صار بعض الناظرين في هذه المسائل لا يحقق البحث في تحقيق ربوبية رب العالمين من جهة التعبد بهذا المقام الشريف فيكون علم كثير من المسلمين بذلك من العلم المجمل والعلم المجمل ليس هو حال اهل الايمان. وانما حال اهل الايمان هو التحقيق للعلم بان الله سبحانه وتعالى هو رب العالمين. كما قال في كتابه الحمد لله رب العالمين. فالله سبحانه وتعالى يعرف ما له من مقامات الربوبية من الخلق والتدبير والملك والتصرف والعلم بكل شيء وانه على كل شيء قدير. وانه الخالق وتعلم ان اصول الايمان بالقدر مبني على هذه القواعد الكلية وامثالها من الاقرار والايمان بعلم الله بافعال العباد وخلقها ومشيئة الرب لافعال عباده الى غير ذلك واما الادراك العام فهذا وان كان من المقام الواجب وهو مقام شريف من حيث هو الا انه ليس هو الذي يبين به تحقيق الايمان وانما تحقيق الايمان بتحقيقه والا هو من حيث هو مجمل كما سبق كان المشركون في جاهليتهم يعرفون ذلك كما اخبر الله بذلك في كتابه وكانوا يعرفون ان ما ينتابهم من مفصل الاحوال هو بمشيئة الله سبحانه وتعالى وانت ترى في شعرهم كما في شعر طرفة ابن العبد لما ذكر حاله وما هو عليه وكان قليل المال وفي قومه حوله رجال ظهرت اموالهم وظهر بنوهم وظهر سؤددهم وهو في جاهليته يعرف ان الله سبحانه وتعالى وان ربه سبحانه وتعالى هو الذي بيده المشيئة وان ما هو عليه من حال قد شاءها الله وان الله سبحانه لو شاء ان يكون ذا مال لكان ذا مال فتراه في شعره يقول فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد ولو شاء ربي كنت امر بمرثدي فاصبحت ذا مال يقول فلو شاء ربي كنت قيس بن خالده ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرشدي فاصبحت ذا مال كثير وزارني بنون كرام سادة لمسود. هذا رجل جاهلي ويقول في جاهليته قبل الاسلام بان ما انا عليه من قلة المال او قلة السؤدد والجاه في قبيلته ان هذا قد شاءه ربه وهو رب العالمين ويعني الايمان بربوبية الله او الاقرار بربوبية الله لكنه ليس من اهل الايمان ومن اهل الاشراك ولكنه يقر بالربوبية فهذه الدرجة ليست هي الدرجة التي يكتفى بها وان كان يجب الاقرار بهذا المعنى وهذا المعنى يشترك في الاقرار به من كان مسلما ومن كان مشركا لكن لا يقف عند هذا القدر من الاقرار بل يجعله ايمانا وتحقيقا ويتبعه بالاصول اللازمة والمتضمنة فيه من تحقيق العبادة وتحقيق الربوبية واخلاص الدين لله الى غير ذلك هذا هو معنى قول الله جل وعلا واياك نستعين وقبله جاء قوله في اية الفاتحة اياك نعبد فهذه كما سماها المصنف العلة الغائية اي ان غاية العبد ان يدعو وان يعبد وان يستجيب وان يخلص الدين لله سبحانه وتعالى الله هو الخالق لكل شيء والله سبحانه وتعالى هو المعبود وحده لا شريك له فجماع الدين وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى لذلك اجتماع الدين وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى بذلك اي بتحقيق الاستعانة بالله وحده وهو رب العالمين وبتحقيق عبادته وحده لا شريك له وان هذه العبادة من لم يعلم ولم يحقق ان عبادته لربه بعون الله له فهذا لم يحقق العبودية كما حققها وكما جاء بها الرسل عليهم الصلاة والسلام والاوهاب التي تعرض للنفوس والجهل الذي يعرض للنفوس في هذه المسائل اعظم من الاوهام والجهل الذي يعرض للنفوس في مسائل الفروع التي يختلف فيها المجتهدون وان كان هذا من قل علمه وفقهه ومعرفته بحقائق العلم الالهي لا يتوهم فيه هذه او لا يعرف فيه هذه المسألة ويظن ان هذا مما لا يدخله وهم او لا يدخله تقصير ومن موجبات الوهم في ذلك ان اصله محكم وهو كذلك ما سبق ولا شك بل من درجة احكام اصله صار حتى المشركون يعرفونه صار المشركون يعرفونه يعرفونه كما ذكر الله في كتابه واخبر عنه وهذا ايضا معروف في احوالهم وشعرهم لكنهم لم يكونوا على تحقيق. فالشأن ليس في معرفة المجمل وانما الشأن في تحقيق وانما الشأن في تحقيق الدين بربوبية الله وعبادته وحده لا شريك له فانت ترى هذا الجاهلي يعني طرفه ابن العبد وقد قتل او مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ليس كثير ليس بكثير ولكنه قال هذا القول الذي سمعتم لما قال فانهم عدو لي الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين. والذي هو يميتني ثم يحيين هذه التي يقولها ابراهيم عليه الصلاة والسلام ليست مطابقة لذلك الدرجة من الاقرار المجمل الذي يقوله طرفه ابن العبد وامثاله من الجاهليين وحاشى مقام الانبياء عن هذا. وان كان ذلك الاقرار الذي قاله طرف في مشيئة الله هو حق لانه من الفطرة التي فطر الله الناس عليها لكن ابراهيم عليه الصلاة والسلام بما اتاه الله من النبوة والاصطفاء هو على مقام تحقيق العبودية ولذلك تبرأ من عبادته لتلك الاصنام والاوثان وقال عليه الصلاة والسلام فانهم عدو لي الا رب العالمين. فذكر ربوبية الله وذكر خلق الله وهداية الله سبحانه وتعالى له ثم ذكر في تمام حمده وثنائه على ربه سبحانه وتعالى قال والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين فهذه المقامات من الاستجابة وتفصيلها وجمعها على سائر درجاتها ولعلكم تفقهون المقصود بهذه الكلمة في سياق ذكر ابراهيم وجمعها حين يقال وجمعها على سائر درجاتها كيف جمعها على سائر درجاتها تدبر في الايات تجد ان ابراهيم فيما ذكر الله يقول فانهم عدو لي الا رب العالمين هذا مقام كلي اليس كذلك وهو ايمانه عليه الصلاة والسلام برب العالمين الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهديه هذا ايمان بانه مخلوق وهذا ايضا قدر كلي الذي خلقني فهو يهدين ثم جاء عليه الصلاة والسلام الى مفصل الحال فقال والذي هو يطعمني ويسقين هذا من مفصل الحال اليس كذلك ولم يذكر الرزق هنا وانما قال يطعمني ويسقيه بمعنى انه ما من شربة شربها الا والله سبحانه وتعالى هو المنعم والمتفظل به عليها والمتوظل جل وعلا بها عليه ثم ذكر ان ما هو عليه من استقامة البدن فان ذلك بامر الله قال واذا مرضت فهو يشفين واظاف المرظ الى نفسه مع ان كل شيء بقدر الله وامره ولكنه ذكر ما يتفضل الله عليه به من الفضل والنعمة فهذه حقائق دين الانبياء عليهم الصلاة والسلام. ولو تدبرت في كتاب الله فيما ذكر الله عن الانبياء والمرسلين لبان لك ان قصص الرسل في القرآن وقصص الانبياء في القرآن انما كثر ذكرها حتى توهم من توهم من المتأخرين بوقوع تكرار في ذلك وان هذا التكرار كان له مصلحة من جهة ان العرب تفت على النبي عليه الصلاة والسلام فمنهم من يسمع هذه السورة ومنهم من يسمع هذه السورة وجعلوا ذلك هو الوجه الذي تعددت به قصص الانبياء في القرآن وهذا لا شك انه قول بعيد عن الفقه ولو قاله من قاله واذا قيل بانه بعيد عن الفقه فهذه كلمة مقتصدة والا فقد قال الشيخ رحمه الله فيه كلمة شديدة اعني شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قال عن هذا القول كلمة متينة وهي شديدة من جهة التعزير اي ان ان هذا القول لا ينبغي ان يقال به ولكنه عرظ لبعض الفضلاء من المتأخرين رحمهم الله وهذا يبين لك التفاضل في مدارك العلم والمقصود ان قصص الرسل في تعددها في كتاب الله جوامع من الحكم الالهية التي لا يجمعها ناظر او فقيه او مفسر ولهذا من اول درجات الجهل ان يقول قائل او ان يبحث باحث فيقول ان هذه القصص تعددت والحكمة في ذلك على ثلاثة اقوال او على ثلاث تقديرات او لثلاثة اسباب او لاربعة اسباب فهذا اول درجات الجهل ومن الذي يسمي حكمة الله سبحانه وتعالى بالواحد والاثنين والثلاثة وانما تظاف هذه المعاني الى بعظ مقام الحكمة والا لا يحاط بحكمة الرب سبحانه وتعالى. ولكن من الفقه البين في هذه القصص انها قصص في تقرير وتحقيق وبيان حقيقة العبودية لله سبحانه وتعالى فمن اراد ان يعرف المنهج لينفك عن الطريقة المجملة التي كان عليها من كان من الجاهلين من الجاهليين في الربوبية من اراد ان يعرف التحقيق في الربوبية فلينظر ذلك في قصص الرسل عليهم الصلاة والسلام كتلك الايات التي ذكرناها من كتاب الله عن ابراهيم عليه الصلاة والسلام وتراها في عيسى وتراها في يوسف عليه الصلاة والسلام وفي يعقوب. وفي اسماعيل وفي اسحاق وفي زكريا وفي يحيى الى غير ذلك وهذا شأن واسع هذا شأن واسع في كتاب الله. فمن اخص المقامات في قصص الرسل عليهم الصلاة والسلام هو تحقيق وتقرير التوحيد توحيد الربوبية وتوحيد العبادة والعلم والاخلاص لله سبحانه وتعالى ولذلكم لما ذكر الله هذه القصص بين سبحانه وتعالى ان اولئك الانبياء هم المصطفون والمجتبون من عباد الله وهم المنعم عليهم حقا وكذلك من اتى سبيلهم وسلك منهجهم ولا يسلك سالك سبيلهم على التحقيق الا ان يكون عالما فسبيلهم ليس العمل وحده بل سبيلهم العلم والعمل وكيف يتوهم ان سبيلهم العمل وحده وانت تعلم ان الايمان قول وعمل ولذلك قال الله جل وعلا اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وقال جل وعلا اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدر. فاولئك هم القدوة كما قال الله جل وعلا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فهو قدوة بافعاله هته عليه الصلاة والسلام ولكن من نقص الفقه ان يقف مقام الاقتداء في البحث عن مفصل افعاله. وهذا لا شك انه مقام من الاقتداء كالاقتداء به في مناسكه ولكنك اذا جئت المناسك فانه يقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في مناسكه كما قال خذوا عني مناسككم ولكن تفقه المناسك كما سنها الله ورسوله ولئن كان ما ذكر في كتاب الله من احكامها مما يقف عنده الباحثون والناظرون في ترتيب الاحكام الفقهية هي فيقال هذا واجب او مستحب او ركن في الحج الى غير ذلك فانه يجب على من كان من اولي العلم الراسخين ان يقف عند مثل قول الله جل وعلا لم لن ينال الله لحومها لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وما تتضمنه هذه الاية من تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى في هذه المناسك نعم احسن الله اليكم قال ولا تتم عبوديته لله الا بهذين. فمتى كان يحب غير الله لذاته او يلتفت الى غير الله انه يعينه كان عبدا لما احبه وعبدا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه اياه واذا لم يحب لذاته الا الله وكلما احب قال ولا تتم عبوديته لله الا بهذين وهذا التعبير من الشيخ رحمه الله يبين لك ان المحبة او ان العبادة لله مراتب فقال هنا ولا تتم وهذا العلم بالتفاضل والعلم بالدرجات والعلم بالمراتب اصله في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فان الله بين ان اهل الايمان وان اهل العلم درجات قال الله جل وعلا يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وبين الله فضل الصحابة وسبقهم والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان الى غير ذلك من الايات والادلة وكذلك بين الله ان الدين قد اكمله الله واتم النعمة فالناس في معرفتهم بهذه النعمة وبهذا الدين على درجات اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي النعمة تمت من الله سبحانه والدين اكمله الله لكن الناس في ادراكهم للدين ولهذه النعمة وقدرها وشكرها هم متفاضلون ودرجات الى غير ذلك من الاوجه الى غير ذلك من الاوجه النار قال واذا لم يحب لذاته الا الله وكلما احب سواه فانما احبه له ولم يرجو ولم يرجو قط شيئا الا الله واذا فعل ما فعل من الاسباب او حصل ما حصل منها كان مشاهدا ان الله هو الذي خلقها وقدرها وان كل ما في السماوات والارض فالله ربه ومليكه وخالقه. وهو مفتقر اليه كان قد حصل قد حصل لهم من تمام عبودية الله بحسب ما قسم له من ذلك. نعم بحسب ما قسم له من ذلك. نعم والناس والناس في هذا على درجات متفاوتة الناس في هذا على درجات متفاوتة وهذا المعنى معلوم من حيث الجملة لكن يقع لبعض الناس او بعض الناظرين فيه التوهم من جهة انه قد يظن انه على درجة رفيعة وهو في درجة دون ذلك كثيرا فالعلم بذلك لا يجمعه وصف واحد كما سبق ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى لابي بكر الصديق من الصفة كما قال الحسن البصري رحمه الله ما سبقهم ابو بكر بكثرة صيام ولا صلاة وهذا ليس تقليلا او تهويلا من شأن الصيام والصلاة فانها من اعظم القربات ولكن لم يكن ذا اكثار من العمل وقلبه ليس عالما بحق الله وانما كان يجمع مع العمل العلم بحق الله سبحانه وتعالى اجماع مع العمل العلم بحق الله سبحانه وتعالى. فاما اذا اقبلت الجوارح الى العمل واما القلب فانه لا يلاقي هذا الاقبال صار هذا الاقبال وان كان محمودا من وجه الا انه قاصر من وجه اخر. وهذا يقع لكثير من العامة ولبعض الخاصة نعم قال والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصي طرفيها الا الله. فاكمل الخلق وافضلهم واعلاهم من فقه المصنف لانه عالم بالسلوك وقرأ في ذلك ما كتبه او قبل ذلك تدبر في كتاب الله وهدي رسول الله وهدي المرسلين هذا من وجه وقرأ ما عرض للناس من اصناف الامم في هذا المقام فان هذه المباحث في تزكية النفوس وبالاتصال بالخالق وما الى ذلك خاضت فيها فلسفات كثيرة ومشاريع كثيرة ثم بعد ذلك دخلت اوجه مما سمي بالتصوف ودخلت فيه انواع من هذه المعارف وبعضها نشأ منفكا عن هذا فالشيخ رحمه الله عن ابن تيمية هو من اوسع الناس معرفة بطرائق الناس في ذلك من اهل الارادة والاحوال من النظار ومن الوسطاء ومن المكاشفين ومن اصناف العارفين مع انه رحمه الله من المقتصدين في الحكم وذوي العدل والانصاف فيما يذكره عمن يخالفه في كثير من مقامات الترتيب لاحكام العبودية او المعرفة او ما الى ذلك. ولهذا تجد انه يذكر للجنيد بن محمد من المقامات ما الحسنة ما يذكر مع انه يعرض للجنيد ابن محمد رحمه الله ما يعرض ولكن هؤلاء على درجات وراموا فيها مقام العبودية لله سبحانه وتعالى وكذلك ما عرظ لبعظهم كالحارث ابن اسد المحاسبي رحمه الله فهو كذلك ايضا من العباد ومن العارفين مع انه اختلطت عليه طائفة من هذه المسائل فضلا عما اختلط عليه في مسائل علم النظر فانه كان على طريقة عبدالله بن سعيد بن كلاب وامثاله ولكن الامام احمد رحمه الله قد قال في الحارث ابن اسد المحاسب من الاحرف التي فيها انصاف لمقام هذا الرجل من جهة ما هو عليه من الديانة وكذلك وقع في المتأخرين من كثر بحثه في هذه المسائل وان كان اصل هذا الاقبال يعتبر من درجات الفقه العليا لانهم عرفوا مقصود العبودية من جهة رتبته في العلم واما من جهة التفصيل وما انتهوا اليه من النتائج فهذا يوزن بميزان السنة والشريعة لكن ما تراه في حال ابي حامد الغزالي رحمه الله من الاقبال على علم هذا الباب حتى ترك بعض العلوم التي لم يشتغل بها كثيرا ويكون تركه لبعض العلوم مما فاته فيه خير كثير فانه لم ينظر في علم الحديث كثيرا ولو بانت الامور على وجهها للشيخ ابي حامد رحمه الله لعرف ان هذا العلم الذي صار الى النظر فيه والى تحقيقه مستودعه في هدي النبي صلى الله عليه واله وسلم وسنته عليه الصلاة والسلام. وهو يدرد يعرف ذلك في الجملة لكنه لم يكن عارفا بمفصل كثير من السنن في ذلك وفي احاديث الاحكام وان كان فقيها ذا فقها رفيع في مذهب الامام الشافعي رحمه الله لكن المقصود ان ابا حامد اقبل على مسألة العبادة ومعرفة وجهها وطرائقها وخاض في كلام انواع الصوفية في ذلك وصنف في ذلك ما صنف من الكتب وتقلبت فيه الاحوال وان كان يرجى له عند الله سبحانه وتعالى من الفضل فان رحمة الله قريب من المحسنين ويرجى انه من عباد الله المحسنين بما هو عليه من التدين والعلم وغير ذلك لكنه وقع في جملة واسعة من الاغلاق في مسائل السلوك والتصوف خرج فيها عما جاء به النص والاجماع ومع ذلك فله في ذلك من التحقيق شيء كثير ولذلك قال الشيخ رحمه الله عن ابن تيمية لما سئل عن كتاب احياء علوم الدين لابي حامد الغزالي قال ابن تيمية رحمه الله اما الاحياء فغالبه جيد لكن فيه ثلاث مواد فاسدة مادة من ترهات الصوفية ومادة من الاحاديث الموضوعة ومادة فلسفية لان ابا حامد توسع في البحث واقبل على هذا العلم اقبالا شائعا ومستطيلا في حياته واختصر له كثيرا من عمله واشغاله فقصر نفسه عنها ليشتغل بهذا العلم وقرأ حتى فيما كتبه الفلاسفة في هذه المسائل في مسائل النفس ورياضتها وتصحيحها وتهذيبها فتأثر ببعض ما قرأ في ذلك حتى صار بعض اصحابه يقول ان ابا حامد مرضه الشفاء النعبة حامد مرضه الشفاء يعنون كتاب الشفاء والناس في هذا على درجات متفاوتة ولتعرف دقة هذه الدرجات وتنوع هذه المراتب قال لا يحصي طرقها الا الله ولكن العابد حقا والعارف حقا هو من اقبل على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيها جماع العلم الالهي وتحقيق العبودية وتزكية النفوس والمعرفة بالله حق معرفته. واذا صار الى مقام الاتباع اتبع ما انزل الله سبحانه وتعالى واذا صار الى مقام الاقتداء اقتدى بعباد الله المرسلين الذين شرع الله لعباده المؤمنين اجمعين ان يقتدوا بهم وبهديهم وبخاصتهم وهو محمد عليه الصلاة والسلام الذي قال الله فيه لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم وقال الله فيه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة نسأل الله باسمائه وصفاته ان يرزقنا الايمان وان يرزقنا العلم به حق العلم ومعرفته سبحانه وتعالى حق معرفته. وان يجعلنا ممن عبد الله على بصيرة مخلصين الدين لله وحده لا شريك له. كما نسأله جل وعلا باسمائه وصفاته ان يوفقنا لما يرضيه وان يجنبنا اسباب سخطه ومعاصيه كما نسأله لجميع عباده المسلمين ان يرحم المسلمين برحمته وان يصلح ذات بين وان يصلح ذات بينهما كما نسأله جل وعلا ان يجعل بلدنا هذا بلدا مباركا امنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير وان يجعلهم هداة مهتدين وان يدلهم على طاعته وان يهديهم الى رضوانه وان يوفقنا واياكم لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد