ولا يوالي الا من والاه الله ولا يعادي الا من عاداه الله ولا يحب الا الله ولا يبغض شيئا الا الله ولا يبغض شيئا الا لله ولا يعطي الا لله ولا يمنع الا لله الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع هداه اما بعد ففي هذا اليوم التاسع من شهر صفر لعام تسعة وثلاثين واربعمائة والف ينعقد هذا المجلس في شرح رسالة العبودية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من كبر مثقال ذرة من كبر وهذا يبين لك وجوب حاسبت النفس ومراجعة قال حتى يستبين الانسان نفسه اهو بريء من مادة هذا خاصة ان النبي لما عرف الكبر قوله في اخر الحديث الكبر بطر الحق لمعالي شيخنا الشيخ الدكتور يوسف ابن محمد الغفيص عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء سابقا في جامع عثمان بن عفان رضي الله عنه بحي الوادي بالرياض قال رحمه الله تعالى والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصي طرقها الا الله فاكمل الخلق وافضلهم واعلاهم واقربهم الى الله واقواهم واهداهم اتمهم عبودية لله من هذا الوجه وهذا هو حقيقة دين الاسلام الذي ارسل به رسله وانزل به كتبه وهو ان يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن الاستسلام له مستكبر وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الجنة لا يدخلها من كان في من في قلبه مثقال ذرة من كبر كما ان النار لا يدخلها من في قلبه مثقال ذرة من ايمان فجعل الكبر مقابلا للايمان فان الكبر ينافي حقيقة العبودية فما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله العظمة ازاري والكبرياء ردائي. فمن نازعني واحدا منهما عذبته نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. يقول شيخ الاسلام رحمه الله والناس في هذا اي في مقام العبودية والاستعانة المذكور في قول الله تعالى اياك نعبد واياك نستعين وسبق في كلام الشيخ رحمه الله التفصيل لذلك فيقول هنا والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصي طرقها الا الله اي ان الدرجات من جهة التفاضل علم واسع وهذه الاشارة من رحمه الله لقوله لا يحصي طرقها الا الله يحقق لك ما سبق الاشارة اليه في المجلس المتقدم من ان هذا العلم علم اه منيف وان الفقه فيه درجات واسعة وان كان من لم يكن عالما بهذا العلم وحقائقه ايمانية او عقائقه العلمية لا يتوهم او او لا يعرف ذلك ويتوهم انه من بسيط المعارف يتوهم انه من بسيط المعارف فهذا ابواب من الجهل وابواب الجهل واسعة نعم قال فالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء اعلى من العظم. ولهذا كبر جاء فيه من التغليظ في الشريعة ما لم يأتي في كثير من الكبائر ولذلك جاء في حديث ابن مسعود الذي اخرجه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قول النبي عليه الصلاة والسلام لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر وهذا لا شك انه من باب الوعيد واهل الكبائر كما نعلم تحت مشيئة الله المذكورة في قول الله تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ولكن اذا جئت الى الوعيد من جهة الصيغة التي ورد فيها اما الذي ورد فيه وجدت في بعض الكبائر ان هذا الوعيد انما يقع على جملة الفعل او على كثرة الفعل اه هنا جاء الوعيد ليس على جملة الفعل ولا على كثرته وانما على ادناه فهذا هو التغليظ في شأن الكبر مثلا النميمة من الكبائر. اليس كذلك واذا نظرت بالنص فيها كحديث حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه الذي اخرجه مسلم وغيره قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدخل الجنة قتات وقتاتنا فيها من من اثره ما يسمى بصيغة المبالغة طيلة الابلاغ والمبالغة فهي من كثر منه ذلك. وهذا لا يعني ان احد النميمة ليست من المحرمات لا ولكن هذا قدر من الوعيد جاء على هذه الصيغة لكنك اذا نظرت في الكبر وجدت الحديث فيه يقول لا يدخل الجنة لم يقل عليه الصلاة والسلام متكبر ويكون اسم فاعل وانما قال من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فهذا يدل على تغمي هذا الذنب وسوءه اه تغليظ الشريعة في شأنه لان هذا الذنب من الذنوب الموبقة للعبد المفسدة لامره واعلى درجات هذا الذنب كفر بالله الكبر الذي صار من ابليس لعنة الله ان الله سبحانه وتعالى وصفه بانه من المستكبرين ومن استكبر عن عبادة الله هذا باب الكفر الاعظم الذي بدأه ابليس عليه لعنة الله فكفر بالله واستكبر عن امر ربه وفسق عن امر ربه اي خرج عن امر ربه استكبارا وعلوا وقال كما ذكر الله في كتابه قال انا خير منه خلقتني من نار خلقته من طين فهذه مادة الكبر التي كفر ابليس بسببها وكفر بالله باستكباره على امر ربه سبحانه وتعالى ولذلك الشريعة في الكبر وحذر منه النبي عليه الصلاة والسلام وقوله هذا من ابلغ التحذير لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة وغمط الناس اي احتكارهم وهذا قد يبتلى به من يبتلى على وجه من الجهل الذي لا يظنه كبرا اه محرما ويتوهم ان هذا من الطباع او العادات او ما الى ذلك والامر بالشريعة ليس كذلك فان الشريعة ميزانها على ما قضى الله ليس على ما قضى الناس نعم قال فالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء اعلى من العظمة ولهذا جعلها بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الازار ولهذا كان شعار الصلوات والاذان والاعياد هو التكبير كان مستحبا في الامكنة العالية كالصفا والمروة. مع الاسف ان هذا المعصية كثيرة اه كثير دقائقها ويخفى كثير من امرها على كثير من الناس يخفى كثير من امرها على كثير من الناس وقد يبتلى بها بعض الناس ولا يفهم ان هذا من الكبر لكن الغيبة واضحة ذكرك اخاك بما يكره النميمة واضحة اما الكبر فيلتبس على بعض الناس جهلا منهم او تجاهلا احيانا بما في نفوسهم من الاثرة بشأنه ومراعاة حظ النفس وما الى ذلك فيقع الانسان في قدر من الكبر وهو لا يعلم على المؤمن ان يضع لنفسه مقاما من المحاسبة اجتناب ما نهى الله عنه نعم قال وكان مستحبا في الامكنة العالية كالصفا والمروة واذا على اللسان شرفا او ركب دابة ونحو ذلك وبه يطفئ الحريق وان عظم وعند الاذان يهرب الشيطان قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. نعم سمى الله الكفار المستكبرين تكبرين عن عبادة الله فمن استكبر عن عبادة الله فهو من اهل هذا هذه الاية نعم وكل من استكبر عن عبادة الله لابد ان يعبد غيره فان الانسان حساس يتحرك بالارادة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اصدق الاسماء حارث وهمام. فالحارث الكاسب الفاعل والهمام فعال من الهم. هذا اصدق الاسماء من جهة ملائمتها لطبيعة الانسان المعتدلة واما من جهة الفضل فاحب الاسماء الى الله كما جاء في الصحيح من حديث ابن عمر احب الاسماء الى الله عبدالله وعبدالرحمن الانسان له ارادة دائما وكل ارادة لابد فلابد لها من مراد تنتهي اليه. فلا بد لكل عبد من مراد محبوب هو منتهى حبه وارادته فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وارادته بل استكبر عن ذلك فلابد ان يكون له مراد محبوب يستعبده غير الله فيكون عبدا لذلك المراد المحبوب اما المال واما الجاه واما الصور واما ان واما ما يتخذه الها من دون الله كالشمس والقمر والكواكب والاوثان امور الانبياء والصالحين او من الملائكة والانبياء الذين يتخذهم اربابا او غير ذلك مما عبد من دون الله واذا كان عبدا لغير الله يكون مشركا وكل مستكبر فهو مشرك ولهذا كان فرعون من اعظم الخلق استكبارا عن عبادة الله وكان مشركا. قال تعالى ولقد ارسلنا موسى باياتنا وسلطان مبين الى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب. الى قوله وقال موسى اني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب الى قوله كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وهذه الاية من ودلالتها ان بعض الكبائر بعض الكبائر اذا اقام الانسان عليها يخشى عليه من عقوبة اه من هذه المادة وهي التي ذكرها الله في حق اولئك القوم وهو ان يطبع على قلب الانسان هؤلاء الذين كفروا بالله طبع الله على قلوبهم. فعلى المسلم ان يحذر من اسباب ذلك نعم وقال تعالى وقارون وانفقوا فرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الارض. وما كانوا سابقين قال تعالى ان فرعون على في الارض وجعل اهلها شيعا يستطعم يستضعف طائفة منهم تذبح ابناءهم ويستحيي نسائهم انه كان من المفسدين. ومثل هذا في القرآن كثير وقد وصف فرعون بالشرك في قوله وقال الملأ من قوم فرعون اتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض واذراك والهتك بل استقراء يدل على انه كلما كان الرجل اعظم اعظم استكبارا عن عبادة الله كان اعظم اشراكا بالله انه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقره وحاجته الى المراد المحبوب الذي هو المقصود. مقصود القلب بالقصد الاول فيكون مشركا بما استعبده من ذلك ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات الا بان يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد الا اياه ولا يستعين الا به ولا يتوكل الا عليه ولا يفرح الا بما يحبه ويرضاه. ولا يكره الا ما يبغضه الرب ويكرهه فكلما قوي اخلاص دينه لله كملت عبوديته واستغناؤه عن المخلوقات وبكمال عبوديته لله يبرأه من الشرك من الكبر والشرك والشرك غالب على النصارى والكبر غالب على اليهود قال تعالى في النصارى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون وقال في اليهود افكلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم الستر فكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون وقال تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وان يروا كل اية لا يؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ولما كان الكبر مستلزما للشرك والشرك ضد الاسلام؟ نعم وهذا بين في القرآن وهو ان الكبر يعاقب الله اهله في الدنيا بان يصرفوا عن الحق ان يزيد ريهم في الباطل كما قال الله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق كما في قوله كذلك في قصة فرعون كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار. ولذلك هذه المادة هي من اسوأ المواد التي يجب على المسلم ان يتقي شرها وهو الكبر بطر الحق وغمط الناس. نعم ولما كان الكبر مستلزما للشرك والشرك ضد الاسلام وهو الذنب الذي لا يغفره الله. قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به. ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيمة وقال ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك. في هذه الاية ترى مطابقة القرآن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه من عند الله في بيانه عليه الصلاة والسلام الكبر قال عليه الصلاة والسلام الكبر وطر الحق وغمط الناس هنا تجد في الاية ان الله يقول ان يروا كل اية لا يؤمنوا بها وهي يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا. فقوله وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي اتخذوه سبيلا هذا هو على معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم او على معناه قول النبي صلى الله عليه وسلم بطر الحق فهذا قطر الحق والاعراض عنه قال ولما كان الكبر مستلزما للشرك والشرك ضد الاسلام وهو الذنب الذي لا يغفره الله. قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن من يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما. وقال ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا كان الانبياء جميعهم مبعوثين بدين الاسلام. وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره لا لا من الاولين ولا من الاخرين قال نوح فان توليت فما سألتكم من اجر ان اجري الا على الله. وامرت ان اكون من المسلمين. وقال في حق ابراهيم ومن يرغب وملة ابراهيم الا من سفه نفسه. ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين الى قوله فلا تموتن الا وانتم مسلمون. وقال يوسف توفني مسلما الحقني بالصالحين. نعم في الكبر كما ترى مما ينافي هذا المقام من التوحيد وتحقيقه وقال موسى يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين. فقالوا على الله توكلنا. وقال تعالى منا انزلنا التوراة فيها ونوره يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا وقالت بلقيس ربي اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين وقال واذ اوحيت الى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد بانا مسلمون. وقال ان الدين عند الله الاسلام. وقال ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه. وقال تعالى افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها فذكر اسلام الكائنات طوعا وكرها لان المخلوقات جميعا متعبدة متعبدة له التعبد التام سواء اقر المقر بذلك او انكره. وهم مدينون مدبرون فهم مسلمون له طوعا وكرها ليس لاحد من المخلوقات خروج عما جاءه وقدره وقضاه. ولا حول ولا قوة الا به هذه الربوبية التي لا يستطيع احد من الخلق ومن العالمين ان ينفك عنها فحتى من كفر بالله فهم عباد الله بمعنى انهم اه تحت ملكه وتحت سلطانه تحت تدبيره ولا يخرج شيء عن ارادته ومشيئته وافعالهم وتصرفاتهم بقضاء الله وقدره. وان كانوا ليسوا عباد الله الذين امنوا به المرسلين نعم وهو رب العالمين ومليكهم يصرفهم كيف يشاء وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل ما سواه فهو مرغوب. فهو مربوب مصنوع مفتون. فقير محتاج معبد مقهور وهو الواحد القهار الخالق البارئ المصور وهو وان كان قد خلق ما خلقه باسباب فهو خالق السبب والمقدر له وهو مفتقر اليه كافتقار هذا وليس في المخلوقات سبب مستقل بفعل ولا دفع بفعل خير ولا فعل بفعل خير بفعل خير ولا دفع ضرر بل كل ما هو سبب فهو محتاج الى سبب اخر يعاونه والى ما يدفع عنه الضد الذي يعارضه ويمانعه. نعم فالاسباب هي من خلق الله فوالذي قدر السبب والمسبب السبب ليس فاعلا بذاته ولذلك من امارات نقص السبب بروجي عن اختصاصه بالمسبب انه لا يوجد سبب يوجب المسبب وحده. وللاسباب مركبة للاسباب مرتبة وهذا مطرد نعم قال بل كل ما هو سبب فهو محتاج الى سبب اخر والى ما يدفع عنه الضد الذي يعارضه ويمانعه. نعم صلى الله وسلم على نبينا