الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد ففي هذا اليوم التاسع والعشرين من شهر محرم لعام ثمانية وثلاثين واربع مئة والف ينعقد هذا المجلس بشرح رسالة العبودية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لمعالي شيخنا الشيخ الدكتور يوسف بن محمد الغفيص. عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء سابقا في جامع عثمان بن عفان رضي الله عنه بحي الوادي بالرياض قال رحمه الله تعالى فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الاجناس المختلفة التي فرق الله بينها غاية التفريق حتى يؤول به الامر الى ان يسوي الله بالاصنام. كما قال تعالى عنهم تالله ان كنا لفي ضلال مبين. اذ نسويكم برب العالمين بل قد آل الامر بهؤلاء لان سووا الله بكل موجود وجعلوا ما يستحقه من العبادة والطاعة حقا لكل موجود اذ جعلوه هو هو وجود المخلوقات. وهذا من اعظم الكفر والالحاد برب العباد كان يفرق تارة بين الحلولية والاتحادية لكنهم يقولون بان الخالق هو الموجود المطلق لا بشرط والقائلون بانه بان الله سبحانه هو الموجود المطلق له بشرط هم اصحاب نظرية وحدة الوجود وهؤلاء يصل بهم الكفر الى انهم لا يشهدون انهم عباد لا بمعنى انهم معبدون ولا بمعنى انهم عابدون اذ يشهدون اذ اذ يشهدون انفسهم اذ يشهدون انفسهم الى الحق كما صرح بذلك طواغيتهم كابن عربي صاحب الفصوص وامثاله من الملحدين المفترين كابن سبعين وامثاله ويشهدون انهم هم العابدون والمعبودون. وهذا ليس بشهود لحقيقة لا كونية ولا دينية بل هو ضلال وعمل عن شهود الحقيقة الكونية. حيث جعلوا وجود الخالق هو وجود المخلوق. وجعلوا كل وصف مذموم نوح نعتا للخالق والمخلوق اذ وجود هذا هو وجود وجود هذا عندهم. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله واصحابه اجمعين بين المصنف رحمه الله تعالى في سياق هذه الرسالة ان الحقيقة الكونية شهودها على ما جاءت به الرسل من جهة الايمان بربوبية الله وبتدبيره وبملكه وبسلطانه وبقدر الله وقضائه وجعله وامره الكوني الى غير ذلك من الاصول الشرعية التي جاء بها الرسل واقتضتها الفطرة ودليل العقل وفصلتها الكتب التي انزلها الله على الرسل الصلاة والسلام وكل هذا من قواعد التوحيد واصوله لكنه لا يكون متمما او موجبا او محققا ما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام وحده حتى يكون الدين لله وحده لا شريك له فان الله بعث رسله وانبيائه عبادة الله واخلاص الدين له. وانزل الله جل وعلا الرسل مبشرين ومنذرين يدعون الى عبادة الله. مبينين هذه العبادة باوصافها واوقاتها وشعائرها وغير ذلك مما جاءت الشريعة به. وعن هذا كتب الفقهاء رحمهم الله احكام فصلوها وبينوا ما كان منها مجمعا عليه محكما وما دخله مادة من الاختلاف في فهم ادلة الشريعة على هذا واما الطرق التي سلكت غير هذا السبيل ومنها طرق بالغة الضلال ومن ذلك ما اشار اليه المصنف من طريقة لوحدة الوجود القائلين بان الوجود واحد. وهؤلاء يجعلون الوجود وجودا مطلقا بشرط الاطلاق ويجعلونه مطلقا اي ان الله سبحانه وتعالى آآ يجعلون وجوده هو وجود العبد ولا يفرقون بين هذا الوجود وهذا الوجود. وهذه النظرية التي تكلم عنها هؤلاء ذكر المصنف عنها اجوبة ودفوعا وردودا وبين انها ليست المقالات اهل الملل وانما هي فلسفة قديمة نقلها من نقلها من هؤلاء المتفلسفة الى المسلمين وسموا بها بعض الاوجه من السلوك والتصوف وفي الحق ان السلوك العبادي بل والتصوف مليء من مثل هذه الطرق التي هي بالغة في الضلال والزيغ والانفكاك عما بعث الله به الرسل وما اقتضته العقول ودلائل العقول ومقتضة الفطر من هذه الفلسفة الضالة التي سماها من سماها بالقول بوحدة الوجود وهي نظرية بالغة الشر بالغة الانفكاك عن دليل العقل والنقل واصلها من مقالات قدماء المتفلسفة المتصوفة وقد ذكر بعض متقدم الفلاسفة كانيسو طاليس حدودا وجوابا عن هذه النظرية الفلسفية المائلة عن دلائل العقول وبراهين العقل والنقل بل وبراهين الفطرة كذلك لهذا كان مخالفوها اعني نظرية القول بوحدة الوجود ليسوا هم اتباع الرسل فقط بل حتى الفلاسفة الذين لا يقولون بما جاءت به ولكنهم يقولون بجمل من دلائل العقل ومقاصد الفطرة فانك تجد ان هؤلاء يخالفون ذلك وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه وقع له النظر في كلام لاريسطو طاليس يدفع به ويرد به على تلك النظرية مما يعلم به انها نظرية لم ينشئها بالعربي او امثاله وان كان حاول ان ابن عربي او امثاله ممن تكلم نظرية وحدة الوجود حاول ان يخففها او ان يقربها لكن هذا التخفيف لم يأتي بشيء يقتضي منها وجها صحيحا او وجها معقولا او وجها يلاقي ما جاءت به الرسل بل هي مادة مستحكمة في الضلال هي مادة مستحكمة في الظلال والترك وهي مخالفة لما بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام باحرفها ومراميزها وقد شرحها في كتابه نصوص الحكم وهذا الكتاب هو ابن عربي صاحب النصوص وله كتب اخرى ومنها الفتوحات المكية وان كان كلامه في الفتوحات المكية دون كلامه في الفصوص وكلامه في الفتوحات اقرب الى مادة الشريعة من كلامه في نصوص الحكم الذي كرر فيه هذه النظرية وهي ليست لعامة الصوفية بل ولا لاكثرهم بل ولا لكثير منهم وانما نزع اليها اعيان ممن انتسبوا التصوف وهم في حقيقة الحال متفلسفة نقلة لهذه الفلسفة التي حاولوا يقربونها لكنها لا تقرب لان مادتها مستحكمة في الخطأ ومستحكمة في الضلالة. كما حاول الفلاسفة النظريون من اصحاب وارباب بالدليل العقلي ان يقربوا الفلسفة العقلية الى دين المسلمين ولم يحكموا ذلك ولم يستطيعوه. لان هذه مبنى الحق لدين الاسلام هو مبنى الحق وتلك فلسفات باطلة ليست على اصول دين الرسل عليهم الصلاة والسلام فضلا عن ان تكون متصلة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم والا فان هذا المسلك حاوله من حاوله. ولهذا كتب ابو الوليد ابن رشد رسالة في ذلك فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال وان كان ما يشير اليه ابو الوليد بن رشد هو اقرب من العقل والنقل للموافقة مما يذكره بالعربي وامثاله. لان في تلك الفلسفة العقلية بعض المواد العقلية المشتركة بين عقل والنقل مما جاء به النقل باعتباره وتصحيحه. ولهذا لم يكن عند التحقيق دليل العقل ملاقيا لدليل النقل او مقابله له وانما تضمن في كتاب الله تضمنت الادلة الشرعية في القرآن كثيرا من الادلة العقلية ولذلك لما وانا لست هو الذي بنى علم المنطق اعترض عليهم باعتراض مشهور بان المنطق الصحيح هو جملة منه يذكرها السطو ومن عرب منطقه هذا مما هو مدرك عند ارباب العلم بالادلة العقلية اه تحقيقها في نفوس المخاطبين وان كان قدر منه قد يكون من تحصيلهم فما يختصون به من المعاني لا يكون من الصحيح وما يختصون به من الالفاظ هذا من باب الاصطلاح والاصطلاح ليس حاكما على المعاني او منشئا لها. انما ما يتعلق بطريقة ابن عربي وابن سبعين وامثال هؤلاء فهي طريقة غالية وسمها تصوفا وهي طريقة غالية بعيدة عن شأن جماهير الصوفية وان كان ينتسب لهذا القول او ينسب هذا القول لكثير من الصوفية فهذا نسبته اليهم ليست محققة انما اصحابها هم اعيان معروفون وهم فلاسفة في نفس الامر ومن اخصهم صاحب الفصوص في خصوصه. ولو انه اقتصد على ذكره في الفتوحات لكان عليه اغلاط بينة وبدع ظاهرة لكنها دون تلك الظلالة التي وقع بها في نصوص الحكم نعم واما المؤمنون بالله ورسوله عوامهم وخواصهم الذين هم اهل الكتاب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم اهل القرآن او عندك الكتاب؟ ماشي الذين هم اهل الكتاب نعم نعم واما المؤمنون بالله ورسوله معي اهل القرآن. ايه. الذين هم اهل القرآن عندنا اهل الكتاب المعنى الصحيح. نعم. واما المؤمنون بالله ورسوله اعوامهم وخواصهم الذين هم اهل الكتاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان لله اهلين من الناس قيل من هم يا رسول الله؟ قال هم اهل القرآن. قال اهل القرآن هم اهل الله وخاصته فهؤلاء يعلمون ان الله رب كل شيء ومليكه وخالقه. وان الخالق سبحانه باين للمخلوق ليس هو حالا فيه ولا متحدا به ولا وجوده وجوده والنصارى كفرهم الله بان قالوا بالحلول والاتحاد بالمسيح خاصة فكيف بمن فكيف من جعل ذلك عاما في كل مخلوق ويعلمون مع ذلك ان الله امر بطاعته وطاعة رسوله ونهى عن معصيته ومعصية رسوله وانه لا يحب فساد ولا يرضى لعباده الكفر. وان على الخلق ان يعبدوه فيطيعوا امره ويستعينوا به على ذلك. كما قال اياك نعبد واياك نستعين. نعم المصنف ولا يبين ان هذه النظرية الفلسفية وهي نظرية وحدة الوجود. نظرية مناقضة ومخالفة بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام وبما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى. ولذلك تكلم المصنف في كتب المطولة عن نظريتين قيلتا في مسائل التوحيد واصول الدين وهما القول بان الله هو الموجود المطلق بشرط الاطلاق وعن القول بان الله هو الموجود المطلق لا بشرط. وهذان نظريتان فلسفيتان الاولى هي من فلسفة ارباب الفلسفة العقلية ورائدها في ذلك ومن نحل عنه هذه الطريقة وولدت الى فلسفة الفلاسفة الاسلاميين تبن سينا وامثاله هو ارسطو طاليس. وتكلم بها في تاريخ المسلمين جماعة ومن اخصهم الحسين ابن عبد الله. ابن لما قال بان الخالق هو الموجود المطلق بشرط الاطلاق اي بشرط الاطلاق عن الاوصاف الثبوتية. ويقابل ذلك تلك الفلسفة او اه يقابلها من حيث ذكر المصنف لها تلك الفلسفة التي اتخذت منزعا مختلفا عن المنزع الذي نزع في فلسفته وهي التي سماها المصنف يعني شيخ الاسلام رحمه الله او سمى اربابها باهل الحلول والاتحاد وصار بين الجملتين فرق بين. الذين يقولون بانه الموجود المطلق بشرط الاطلاق فهذه طريقة ابن سينا وامثاله والذين يقولون الموجود المطلق لا بشرط فهذه طريقة ابن عربي وابن سبعين التلمساني ويقاربها ابن في كثير من كلامه نعم ومن عبادته وطاعته الامر بالمعروف الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الامكان والجهاد في سبيله لاهل الكفر والنفاق في اقامة دينهم واستعينين به دافعين مزيلين بذلك ما قدر من السيئات دافعين بذلك ما قد يخاف من ذلك كما يزيل الانسان الجوع الحاضر بالاكل ويدفع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من اصول الشريعة التي بعث الله الرسل ولهذا لما ذكر الله جل وعلا ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم قال يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن عن المنكر وان كان هذا الاسم في الشريعة يعني قول الله يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وكما جاء في قوله كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر هذا اسم عام. يدخل فيه التعليم ويدخل فيه البيان ويدخل فيه نشر العلم. ويدخل في تعليمه وبيانه والدعوة اليه الى غير ذلك كل ذلك داخل في الامر بالمعروف. وخلافه هو ما يقابل والمنكر والمعروف اسم شرعي هو معروف بالشريعة ومعروف بالفطرة وجمهوره معروف بمقتضى دلائل العقول المجملة تارة او المفصلة تارة اخرى. واذا ذكرت المجمل تعلق به كل معروف وصار كل معروف يقتضيه دليل العقل من حيث الاجمال. نعم كما يزيل الانسان الجوع الحاضر بالاكل ويدفع به الجوع المستقبل. وكذلك اذا ان اوان البرد دفعه باللباس وكذلك كل مطلوب به مكروه كما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ارأيت ادوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاتل ان نتقي بها هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال هي من قدر الله. وفي الحديث ان الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والارض فهذا حال المؤمنين بالله ورسوله. الحديث ان اللذين او اللذان ذكرهم المصنف تكلم فيهما لكن الثاني اعلان انه ظاهر ولا يثبت بهذا اللفظ واما ما جاء في الحديث الذي قبله هي من قدر الله فهذا متكلم فيه وحسنه طائفة وقووه لكن المعنى الذي فيه في ادلة الشريعة بمعنى ان الدعاء من قدر الله وان الله سبحانه وتعالى كتب في قضائه وقدره وقضاء الله وقدره وما كتبه الله من مقادير العباد متعلق بالحال والمآل وليس المآل دون الحال. وعليه فاذا قلت الحال اريد بالحال جميع افعال العباد ولذلك صار لهذه المسألة اعني افعال العباد قدر كبير عند السلف وعن هذا صنف الامام البخاري رحمه الله كتابه افعال العباد باعتبار ان هذا كله يعني افعال العباد ومن ذلك دعاء العباد وصلاتهم وصيامهم وحجهم وبرهم ومعروفهم وما يقابل ذلك مما هو من ظد ذلك ككفرهم بالله او شركهم او ظلمهم او عدوانهم على انفسهم او على غيرهم او ظلمهم انفسهم بترك ما اوجب الله عليهم فان كل افعال العباد هي من قدر الله سبحانه وتعالى وقضائه. نعم فهذا حال المؤمنين بالله ورسوله العابدين لله وكل ذلك من العباد واذا قلت ان افعال العباد هي من قضاء الله وقدره فانك لا تريد بذلك وهذا لا يلزم منه باتفاق اهل العلم لا يلزم منه ان تكون مما يحبه الله ويرضاه. فقد يفعل العبد فعل قد يفعل العبد الفعل ويكون مما يحبه الله كالصلاة والصيام ونحو ذلك مما شرع الله. فيقال هو مما شرع الله بامره وهو مما قدره الله بفعل العبد له وقد يفعل العبد الفعل ولا يكون ذلك مما شرع الله. فيكون مما قدره الله وقضاه وقوعا كسرقة العبد او ظلم او عدوانه او قتله او ما الى ذلك للنفس بغير حق او نحو ذلك من اسباب المعصية والشر الخاصة والعام يكون ذلك بالاجماع مما شرع الله او يحبه الله بل يكون ذلك قدرا قضاه الله سبحانه وتعالى بمعنى انه علمه وقدره وشاءه ولو شاء الله سبحانه وتعالى لم يكن. لو شاء الله سبحانه وتعالى لم يكن فان الله جل لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء. نعم وهؤلاء الذين يشهدون الحقيقة الكونية وهي ربوبيته تعالى لكل شيء ويجعلون ذلك مانعا من اتباع امره الديني الشرعي من اتباع امره الديني الشرعي على مراتب في الضلال الذين يغلبون مقام شهود مقام الربوبية ويقصرون او مقصرون في تحقيق مقام الالوهية والعبادة. هذا من اه اوجه الجهل العامة والمطبقة التي دخلت على كثير من المتكلمين تارة او على ارباب الاحوال والسلوك والتصوف تارة اخرى. فترى في المتكلمين من يقول بالجبر من يقول يقول الجبر واصلها نظرية باطلة. ايضا هي ليست من نظريات المسلمين بل هي نظرية في جوهرها الفلسفي نظرية منقولة وليست مما تولد في نظر ناظر من نظار المسلمين ومتكلمتهم ولهذا اول من تكلم بها لم يكن ممن له علم معروف وانما ممن له نزعة معروفة في الميل الى الفلسفات المنقولة المترجمة والمولدة الى تاريخ المسلم وهي ما يسمى بنظرية الجبر التي قال بها جاه بن صفوان وجماعة من قدماء النظار ثم تخففت هذه النظرية باستعمال بعض المتكلمين المنتسبين والسنة للسنة والجماعة لكثير من مادتها وان كانوا تحاشوا الفاظها ولكنهم وضعوا في كثير من مادتها وان كانوا فرقوا بينها وبين ما هم عليه بجملة اوجه من الفروقات في المعاني كما فرقوا بجملة ذلك من جهة الالفاظ ولكن ليبقى ان جوهر هذه المادة لم ينفكوا عنه. لم ينفكوا عنه والا اصلها من الفلسفات القديمة كما ذكر ذلك الرازي وجماعة من النظار والمتكلمين. ويقع في ذلك بعظ من يعظم مقام الربوبية من الصوفية لكنه لا يحقق مقام العبودية ومقام الامر والنهي. فهذا الغلو يشترك فيه اهل الكلام مع اهل التصوف وان كانوا لا يتصانعون على منهج واحد ونتيجة واحدة. لكن بينهم اشتراك من هذا الوجه. ويقابلهم في المتكلمين يغلو في باب الامر والنهي من يغلو في باب الامر والنهي ويقصر في مقام تحقيق الربوبية كطريقة المعتزلة الذين قالوا ان الله لم يرد ولم يشأ افعال العباد وان كانوا يقولون بانه جل وعلا علم مكانه وما سيكون. وعلم افعال العباد فهذا مما تقر به المعتزلة وجميع اهل القبلة انما نازعوا في خلق افعال العباد ومشيئة الله لها وارادته لها ورأوا بذلك انهم محققون لعدل الله سبحانه ولهذا سموا كلامهم في هذا الباب بالعدل كما سموه في اصولهم الخمسة جعلوا منها العدل. ولما دخل القاضي عبد الجبار ابن احمد الهمداني في مجلس بعض السلاطين ووزراء السلاطين قال بعد ان سلم على المجلس وفيه رجل من متكلمة المثبتة الذين يقولون بالكسب وهو الاستاذ ابو اسحاق للشرايين قال القاضي عبد الجبار المعتزلي قال من تنزه عن الفحشاء فاجاب عليه الاستاذ ابو اسحاق بقوله سبحان من لا يكون في ملكه الا الا ما يشاء فانك اذا قلت بان الله لم يرد افعال العباد صار في ملك الله ما لا يريده. والله جل وعلا بالعقل والفطرة وادلة المستفيضة لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء. ولو ان هؤلاء وهؤلاء ممن غلا في باب الامر والنهي او غلا في مقام القدر انفك عن مادة الغلو. لان مادة الغلو في الحقائق الشرعية هي سبب كثير من الفساد. بل مادة الانحراف عن دين المرسلين هي هذه المادة. ولهذا قال الله جل وعلا لاهل الكتاب يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. وما دخل الغلو في هذا الا افسده. ولذلك قال النبي صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيح وغيره هلك المتنطعون. جاء في حديث عبدالله بن مسعود قالها ثلاثا والا فان مقام الامر والنهي موافق لمقام القدر. ولهذا كان الانبياء عليهم الصلاة والسلام بعثوا بتحقيق هذين المقامين. مقام الجمع بين الشرع والقدر اي الايمان بقضاء الرب سبحانه وتعالى وتقديره. مع الايمان بامره ونهيه سبحانه وتعالى ووعده ووعيده. والايمان بحكمته في قضائه وقدره فان الله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة التي لا يحيط العباد بها. ولذلك جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله والشر اليك ولما قال الصالحون من الجن المؤمنين وانا لا ندر وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام بهم ربهم رشدا. فاولئك الصالحون قالوا وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض. فهذا لم يضيفوا الشر الى الله سبحانه وتعالى. وانما قالوا وانا لا ندري اشر اريد ولم يقولوا اراد الله. كما ذكر الله وذلك عنهم في القرآن وانما قصر ذلك عن الله سبحانه لانه جل وعلا الشر ليس اليه كما هو من اصول دين الرسل وان الشر هو فعل العبد وسوءه وظلمه وعدوانه. واما الله سبحانه وتعالى فان الشر لا يضاف اليه. نعم عقله او اه عته او جن جنونا آآ تخبط به من ما تخبطه من خلل او من جن لكن يبقى عنده ايش؟ يبقى يعني حتى الحيوان يبقى فيه بقية ولهذا لقبوا الشاعر فولاتهم يجعلون ذلك مطلقا عاما فيحتجون بالقدر في كل ما يخالفون فيه الشريعة. وقول هؤلاء شر من قول اليهود والنصارى وهو من جنس قول المشركين الذين قالوا سيقول الذين اشركوا لو اكساء الله ما اشركنا ولا اباؤنا. هذه العبارة يستعملها المصنف في بعض او في كثير من آآ تراتيبه لاحكام المقالات فربما قال عن مقالة ما بانها شر من قول اليهود والنصارى هذا لا يلزم منه في موارد كلام المصنف وتنوع مواضع بمعنى ليس الحكم على هذا السياق وحده وانما مثل هذا السياق اذا ورد عند المصنف في موارد من المعاني مختلفة ومتنوعة فهذا لا يراد به تسوية او التفضيل المطلق وانما هو يريد من وجه من الوجوه لان في دين اهل الكتاب من البقية التي تلك الفلسفات قد خالف واصل تلك المعاني التي يشير الى فسادها هي كما سبق هي من الفلسفات الضالة التي دخلت على تاريخ المسلمين والا ليست من مادة نظر علمائهم او حتى نظارهم او حتى متكلميهم. ولهذا كان عامة متكلمة المسلمين ينكرون كما ذكر ذلك الغزالي وغيره ممن بين فساد الفلسفة ورد عليها كما في كتابه تهافت الفلاسفة قاله فيما هو دون تلك من الحقائق العقلية فضلا عما يذكره المصنف هنا من الامور المتعلقة بضلالات قوم فوق ذلك نعم وهو من جنس قول المشركين الذين قالوا سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء. وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم وهؤلاء من اعظم اهل الارض تناقضا بل كل من احتج بالقدر فانه متناقض فانه لا يمكن ان يقر ان يقر كل ادمي على نعم يعني لا يحتج احد بالقدر لا يوجد احد من عقلاء بني ادم بل ولا حتى مجانين بني ادم يحتج بالقدر على حقيقة الاحتجاج بالقدر. ما معنى على الاحتجاج بالقدر ما معنى على حقيقة الاحتجاج بالقدر؟ حينما تقول بان قدر الله متعلق بجميع ما يكون. واذا نظرت الى العبد قلت الله متعلق بجميع افعال العبد. فما من فعل يفعله ولا كون يكون له اي للعبد. ولا مسبب يكون له ولا سبب يقوم به الا وهو من قدر الله. فاذا كان كذلك فان من ترك ما هو من الشرع محتجا على تركه بالقدر او وقع في ظلم او معصية او فساد فاحتج على معصيته بان الله قدرها وبان الله كتبها. قيل هذا لا عنده ولا عند غيره من العقلاء. لانك اذا جئته في بقية امره لم تجد انه يستعمل مقام القدر فلو ان شخصا قتل ابنا له فان القتل هنا وان كان محرما ومجرما لكنه ماذا لكنه وقع بقدر الله ولو شاء الله سبحانه وتعالى لم يقع. فهل ترى ان احدا من بني ادم يقبل من المسلمين او غير المسلمين يقبل عدوانا عليه او على اهله او على ماله او على عرظه بحجة ان المعتدي عدوانه وقع بقضاء الله ومشيئة هل سمعت ان احدا يقبل مثل هذا؟ لا يتصور في العقل ان احدا يقبله. ولا حتى المجانين من بني ادم سواء كان الناس من المسلمين او غيره المسلمين فهذا يدلك على ان الاحتجاج بالقدر مقام ساقط مقام ساقط وطرده يكشف سقطه وطرده يكشف سقطه. ما معنى وطرده يكشف سقطه يعني من يحتج بالقدر على معصية الله او على ترك شيء من امر الله سيقال له اذا لا تذهب لعملك لانه ان كان قد كتب لك الرزق فسيأتيك. ولا تدرس ان كان هل احد يقبل هذا؟ لا. اذا الخلل من اين جاء؟ من توهمه ان القدر هو المآل دون الحال. والحق الذي تقتضيه الفطرة الى العقل فضلا عن المستفيض المتواتر المجمع عليه في دليل الشرع ان القدر هو متعلق بكل شيء ان كل شيء خلقناه بقدر لا يعزب عن الله مثقال ذرة في الارض ولا في السماء كل شيء فهو بمشيئة الله ما شاء العباد شيئا في احوالهم الخاصة والعامة في البر او في غيره الا والله سبحانه تعالى مهيمن على خلقه بمشيئته العامة وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام. ومن يرد ان يضله يجعل صدره ظيقا حرجا كانما يصعد في السماء. ولهذا لم يحتج بالقدر على الاطلاق والاطباق احد من بني ادم لا من المسلمين ولا من غير المسلمين لا من عقلاء ولا حتى من مجانينهم لان هذا فرط مناقضته للعقل هذا المعنى وهو الاضطرار وهو الاحتجاج بالقدر على الاطلاق فرطوا للعقل لم يستعمله حتى المجنون لانه ولابد عنده بقية من بقية العقل وانما ذهل عقله او لقبوه بالمتلمس ببيت قاله قال فهذا او ان العرظ جن ذبابه العرظ هذا وادي ان اوان الارض جن دبى الارض العرض جن ذبابه زنابيره والازرق المتلمس فصار شاعر بعدها غلب عليه عند اهل الشعر بانه الشاعر المتلمس صاحب او خال كما يقال في كتب الادب ابخال طرفه ابن العبد خال طرفه ابن العبد الذي قرأ الكتاب وطرفه لم يقرأ الكتاب كما في قصة يوم ما ذكر في قصتهما. الشاهد ان اسقاط الاحتجاج بالقدر على معصية الله يكفي في اسقاطه ايش طرده فاذا طردته بل انه لا يستقيم على اي وجه ولذلك حقيقته ليس حجة عقلية بل هو تزيين محض من الشيطان تزيين محض من الشيطان مثل ما زين لبعض الناس ذلك الامر الفاسد في المادة وهو قتل الاولاد لكن لما كان قتل الاولاد فساده ماديا ظاهرا اعرظت عنه النفوس الا من شد. وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركاؤهم فهذا التزيين النفوس تأباه لكن لما كان موضوع القدر من الموضوعات العلمية في النفوس والعقول صار الشيطان يستعمل فيه مع بعض من ضعفت نفسه ودخله او داخله وسواس من فربما ابتلاه بهذه القضية. حتى اشتبهت عليه مع انها في الحقيقة ليست من المشتبهات التي تحتاج الى اوجه لدفع الشبهة فيها هذا ليس مما يحتاج الى دفع الشبهات فيه لانه اصلا لا شبهة فيه تقوى الى درجة الاشكال الذي يحتاج الى ايش؟ دفع وانما هي قضية وهمية شيطانية. ويكفي في اسقاطها ان تطردها فهو مما تبتلى به بعض النفوس ليس لقوة الاشكال فيها. ولهذا لم يكن مذهبا لاحد من اهل العلم والنظر. لا في هذه الامة ولا في غيرها. انهم يجعلون ذلك شأنا مطردا في جميع باب القضاء والقدر حتى المشركون الذين قالوه ما قالوه على جهة الترتيب العلمي الذي يدعونه او انهم اخذوه من اهل كتاب او غير ذلك وانما قالوه مكابرة ولذلك سماه الله تكذيبا كذلك كذب الذين من قبلهم فهو من اوجه الصدود والاعراض والتكذيب والا هو لا حجة فيه ولذلك لم تقبل العرب ظلم احد ظلمها او عدوان احد اعتدى عليها بحجة ان هذا من باب ايش؟ القدر مع انه يعرفون ان ما يقع من الحوادث الخاصة والعامة هو بمشيئة الله وقدره لكن لم يكونوا يصححون الظلم او العدوان عليه بحجة ان هذا من باب القدر. نعم فانه لا بل كل من احتج بالقدر فانه متناقض فانه لا يمكن ان يقر كل ادمي على ما فعل. نعم هذا طرده هذا الذي نقول اذا طرد انكشف انه ايش ماذا؟ نقول انكشف انه وهم من الشيطان وليس انه قضية نظرية تحتاج الى ايش؟ اجوبة مفصلة ومحاورة مطولة ولذلك الاتيان عليه من اساسه كما قال الله سبحانه وتعالى اللي في بيان الحق دائما يأتي يأتي لازالة اصول الباطل ليس انك لتأخذ من الحق شيئا ومن الباطل ايش؟ شيئا. دائما الباطل لا يلاقي الحق بوجه من الوجوه نعم فلا بد اذا ظلمه ظالم او او ظلم الناس الناس ظالم وسعى في الارض بالفساد واخذ يسفك دماء الناس. ويستحل الخروج ويهلك الحرث والنسل ونحو ذلك ونحو ذلك من انواع الضرر التي لا قوام للناس بها ان يدفع ان يدفع هذا القدر وان ان يعاقب الظالم بما يكف بما يكف عدوان امثاله. فيقال له اذا ان كان القدر حجة فدع كل احد يفعل ما يشاء بك لغيرك وان لم يكن حجة بطل اصل قولك ان القدر فيقال له ان كان القدر حجة فدع كل احد يفعل ما يشاء بك وبغيرك. وهذا لا يقوله احد من بني ادم لا من المسلمين ولا من غير المسلمين لا من العقلاء ولا حتى من المجانين بل مبدأ المدافعة التمييز العدل من الظلم وتمييز الصحيح من الخطأ كامل في نفوس الناس وفيطرهم فيما يحتاجون اليه في الخاصة نعم وان لم يكن حجة بطل اصل قولك حجة واصحاب هذا القول الذين يحتجون بالحقيقة الكونية لا يضطردون اصحاب قد وقائل فاذا لماذا ذكر اصحاب تلك المقالة؟ نقول انما ذكروا لانهم متناقضون ولهذا قال المصنف واصحاب هذا القول الذين يحتجون بالحقيقة الكونية اي يحتجون بالقدر. قال لا يطردون هذا القول ولا لا يلتزمونه لانه لم يطرده احد من بني ادم فلما صار طرده ممتنعا علم ان اصله لما صار طرده ممتنعا علم ان اصله ان اصله ممتنع لان الحكم على الكل يرجع بالحكم على ايش؟ الجوز. فلما بان ان اصل ان طرده ممتنع بان اصله ان اصله واذا طبق في محل من المحال هو كذلك مبتنع. نعم وانما هم بحسب ارائهم واهوائهم كما قال فيهم بعض العلماء انت عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري الجملة قالها عدد يسمى المصنف وذكرها ابن الجوزي وجماعة من اهل الاحوال والسلوك نعم اي مذهب الموافقة وهكذا ما ذهبت به. ومنهم صنف يدعون التحقيق والمعرفة فيزعمون ان الامر والنهي لازم لمن شهد لمن شهد لنفسه فعلا واثبت له صنعا. اما من شهد ان افعاله مخلوقة او انه مجبور على ذلك. وان الله هو المتصور المتصرف فيه كما تحرك سائر المرء المتحرك كما تحرك سائر المتحركات فانه يرتفع عنه الامر والنهي والوعد والوعيد ان الله هو المتصرف فيه كما يحرك سائر المتحركات وان الله هو المتصرف به كما يحرك سائر المتحركات فانه يرتفع عنه الامر الامر والنهي والوعد. هؤلاء غلاة انتسبوا للتصوف وهم شذاذون في هذه المادة التي ظلوا فيها الذين اسقطوا بعض مقامات الشريعة عن انفسهم بانهم من خاصة الخاصة وان لهم عبادة سرا بينهم وبين الله ليست كعبادات المسلمين كصلاة المسلمين او قيام المسلمين من الليل او الصيام الذي شرع وانما لهم من العبادات السر الذي لم تحدث به الانبياء او لم يحدث به الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يذكرهم قرآن او قد يدعون ان القرآن ذكره فيأخذون ذلك في جمل من سياق الايات كقول الله سبحانه وتعالى اخلع نعليك فيقولون خلع النعلين هي سر من العبادة ثم يجعلون لها اوصافا مخترعة من عند انفسهم فهذا خطأ في تفسير الاية من اصله وخطأ في ترتيب العبادات من اصله لان العبادات لا يرتبها الا الشارع. شرع لكم من الدين ما به نوحا والذي اوحينا اليه كالاية لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها. الانبياء هم يتبعون ما امرهم الله به والتشريع هو حق لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له. نعم وقد يقولون من شهد الارادة سقط عنه التكليف ويزعم احدهم ان الخضر سقط عنه التكليف نعم قد يوهمون العامة بشبهات بها من احوالهم وضلالهم وبطلانهم. ويدعون ان طريقتهم هي التي كان عليها الخضر. وهذه طريقة باطلة الخبر كان متبعا لما انزل الله سبحانه وتعالى ولم يكن نبيا وموسى عليه الصلاة والسلام رسول الله الذي صاحب الخبر تلك المصاحبة المذكورة في كتاب الله في سورة الكهف هو افضل عند الله وفي حكم الله سبحانه وتعالى وهم من ائمة الرسل واولي العزم من الرسل هو افضل من الخضر. ولهذا لما ذكر في الشفاعة مقامها الاعظم جاء الناس يوم القيامة الى ادم لانه ابوهم ثم جاءوا بعده الى نوح وقالوا له انت اول الرسل الى الارض. ثم جاءوا الى ابراهيم عليه الصلاة والسلام وهو وخليل الله ثم جاءوا الى موسى عليه الصلاة والسلام وهو رسول الله وهو الذي كلمه الله سبحانه وتعالى وكلم الله موسى تكليما ثم جاءوا الى عيسى ابن مريم كليم الله وهو عبد الله الذي اصطفاه الله بما اصطفاه به وجعله وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين. ثم جاءوا الى محمد عليه الصلاة والسلام الذي غفر الله له ما تقدم من به ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما اخبر الله بذلك بسورة الفتح. الشاهد ان الخضر لم يذكر في هذه اقامات بل هو رجل من عموم المسلمين المتبعين للانبياء لكن جعل الله له فضلا في العلم وفضلا في الرحمة. وهذا غاية لانه رجل من الصالحين اتاه الله رحمة واتاه الله علما اتاه الله علما ورحمة فقه به دين الله الذي اتبع فيه من اتبعه من الانبياء. ولذلك قال الله جل وعلا فوجد عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا علمناهم من لدنا علما لكن مقام موسى عليه الصلاة والسلام في العلم والفضل ابلغ من مقام الخضر عليه اه وعلى موسى عليهما السلام والخضر ليس من انبياء الله. واذا قيل عليه السلام على سبيل ذكر الصالحين وهذا يصح اذا لكن هو ليس من الرسل والانبياء وموسى افضل منه باجماع العلماء. نعم ويزعم احدهم ان الخضر سقط عنه التكليف لشهوده الارادة. فهؤلاء لا يفرقون بين العامة والخاصة الذين شهدوا خبر ما فعل ذلك لانه عنه التكليف ولا فعل ذلك بامر ما فعله مع الغلام ومع السفينة او مع اهل السفينة ما فعله عن اجتهاد على وفق قواعد الاجتهاد او على تصوف او على سلوك او على نحو في الاحوال او ما الى ذلك من هذه الطرق وانما اخبر الله بامره في تلك السورة من كتاب الله قوله جل وعلا في قصة الخضر قال وما فعلته عن امري فهو ما فعله وعن امره. ولهذا قال النبي كما في حديث ابي ابن كعب ان الغلام الذي قتله الخضر كما في الصحيح ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لارهق ابويه طغيانا وكفرا. نعم فهؤلاء لا يفرقون بين العامة والخاصة الذين شهدوا الحقيقة الكونية فشهدوا ان الله خالق افعال العباد وانه يدبر جميع الكائنات وقد يفرقون بين من يعلم ذلك علما وبين من يراهم شهودا فلا يسقطون التكليف قوله لان في معاني مهمة يبين فيها انه اذا ابطلت هذه الطرق المبتدعة في الاسلام من طرق هؤلاء المتصوفة فهذا لا يعني ان تحقيق الولاية علم بالله يكون مما لا يتفاضل العباد فيه. بل العباد متفاضلون في تحقيق العلم بالله. وفي تحقيق وبالاستجابة لامره ولهذا كان ائمتهم وهم الصحابة رضي الله عنهم بعد الانبياء وكذلك الحواريون اتباع عيسى ابن مريم وامثال هؤلاء من الصالحين الذين لم يؤتهم الله جل وعلا رتبة النبوة ولكن اتاهم الله الفقه في الدين واتاهم الله صدق العبادة واتاهم الله تحقيق العلم به سبحانه وتعالى والعلم بربوبيته. وبالهيته وباسمائه وصفاته. فهذه مقامات تفاضلوا فيها العباد تفاظلا بالغا لا يحيط به الا الله سبحانه وتعالى. ولهذا ما كان عليه الصديق رضي الله تعالى عنه يعني ابا بكر كان رظي الله عنه على مقاما من العلم بالله ومعرفة حق الله وخظوع قلبه وخشوعه لله. فهذه الاعمال يحيط بها الناس. ولهذا قالت طائفة من السلف وجاءت عن الحسن البصري رحمه الله قوله ما سبقهم ابو بكر بكثرة صيامه ولا صلاة اي ان التفضيل ليس بالامر العبادي الظاهر. وان كان هذا مما يفضل به لانه ليس في الشريعة الامر الظاهر المجرد ان كان له مقام من احوال النفوس والقلب قد خضع واخبت قلبه لله كما قال الله جل وعلا الم يأن الذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. فالصديق هو اعظم هذه الامة بعد نبيها خشوعا وخضوعا لله سبحانه وتعالى. فالمقصود ان ابطال هذه الطرق المبتدعة المتكلفة التي اوجدت تمانعا بين حقائق الشريعة من حقائق الربوبية وحقائق الالوهية حتى نقصت احد المقامين بوجه من النقص اما باسم دليل العقل تارة او باسم التصوف والاحوال تارة اخرى فهذه الطرق الباطلة لا تغلق مقام الحقيقة الشرعية. والفضل الذي فظل الله به على غيرهم فان الله اصطفى من عباده من اصطفى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء سبحانه وتعالى بما يؤتيه العبد من العلم والايمان واليقين والصدق والبر الى غير ذلك من المقامات التي لا يحيط بها احد. وانما يحيط بها الله سبحانه وتعالى ولا يحيط العباد بما في نفوس العباد. لكن الشريعة جاءت بان هذه الامة متفاضلة وان عباد الله بينهم تفاضل بل ان الانبياء والرسل بينهم تفاضل وان كنا نهينا عن الاشتغال بالتفظيل لكن قد اخبر الله بتفاضله تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. فالله فضل الرسل بمقامات. ونبينا وهو خيرهم وافضلهم. يقول عليه الصلاة والسلام في مقام الشفاعة كما في الصحيحين وغيرهما. ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لاحد قبلي فهذا احد مقامات العبودية. وهو تحقيق الثناء على الله سبحانه وتعالى بما هو اهله وهذا مقام يفتح فيه ويفتح فيه مقام الصلاة ويفتح في مقام الاستغفار ويفتح في مقام المحبة لله ويفتح في مقام الخوف من الله ويفتح في مقام الرجاء ويفتح في مقام التذلل لله سبحانه وتعالى. الى غير ذلك من المقامات التي سماها القرآن والحديث وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد