بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه ولجميع المسلمين. امين الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اول ما دخل النقص على بني اسرائيل انه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فانه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله ولا يمنعه ذلك ان يكون اكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ما كانوا يفعلون. ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا. لبئس ما قدمت لهم انفسهم. الى قوله فاسقون. ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر. ولتأخذن على يد الظالم لتأطرنه على الحق اطرا. لتقصرنه على الحق قصرا ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم. رواه ابو داوود والترمذي وقال حديث حسن. هذا لفظ ابو ابي داوود الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقعت بنو اسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم اكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داوود وعيسى ابن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. فجلس رسول الله الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال لا والذي نفسي بيده حتى تأطنوهم على الحق اطرا عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه قال يا ايها الناس انكم تقرأون هذه الاية. يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم. واني سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول ان الناس اذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه على يديه اوشك ان يعمهم الله بعقاب منه. رواه ابو داوود والترمذي والنسائي باسانيد صحيحة. بسم الله الرحمن الرحيم. تقدم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان اول ما دخل النقص على بني اسرائيل هو تركهم للامر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم ساق النبي صلى الله عليه وسلم الايات التي فيها لعن بني اسرائيل. لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ثم قال عليه الصلاة والسلام كلا وهذه كلمة ردع وزجر بمعنى حقا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن ولتأخذن على يد الظالم والاخذ على يد الظالم هو منعه من ظلمه. سواء كان هذا الظلم يتعلق بنفسه من المعاصي التي تكون قاصرة عليه او كان ظلمه يتعلق بغيره باعتداء على دم او مال او عرض ولتأطرنه على الحق اطرا. والاطر هو منعه. وجعله يذعن للحق. ولتقصرنه على الحق قصرا والقصر بمعنى الحبس. ومنه قول الله عز وجل حور مقصورات في الخيام اي تمنعوه من ظلمه ومن غشمه ومن معصيته. والا فان الله عز وجل او ليظربن الله الله قلوب بعضكم ببعض اي اما ان يحصل منكم ما امرتم به او ان يقع عليكم ما حذرتم منه. فاو هنا مانعة خلو يعني اما ان يحصل منكم الامتثال بما امرتم به او ان يقع عليكم ما حذرتم منه من العقوبة. ولهذا قال او ليظربن الله الله قلوب بعضكم ببعض وذلك بتشابه القلوب. فتشابه فتشابه قلوب العصاة في القسوة والغفلة ففي هذا الحديث ثم قال ويلعنكم كما لعنهم. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها اولا وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفيه ايضا دليل على ان تركه من التشبه ببني اسرائيل. وان تركه سبب لقسوة القلب وان تركه سبب للعن اما الحديث الثاني حديث ابي بكر الصديق رضي الله عنه انه قال يا ايها الناس انكم تقرؤون هذه الاية يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم اي تقرؤنها وتجرونها على ظاهرها. وانكم تفهمون منها ان الانسان اذا استقام في نفسه واهتدى فانه فانه لا يجب عليه ان يأمر وينهى غيره بحيث يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر. واني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس اذا رأوا ظالما فلم خذوا على يديه او شك ان يعمهم الله بعقاب من عنده ابو بكر رضي الله عنه حذر الناس وقال انكم تقرأون هذه الاية يعني اية سورة المائدة. وتفهمون منها ان الانسان اذا استقام واهتدى فلا يجب عليه ان يأمر وينهى. بل عليه بخاصة نفسه وهذا خطأ. ولهذا لما تلا الاية ذكر وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم وقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اي امنوا بما يجب الايمان به والايمان يجب بالله عز وجل. وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وبالقدر خيره وشره وتصدير الخطاب بالنداء يدل على العناية والاهتمام. وان امتثال ما خوطبوا به من مقتضيات الايمان وان مخالفته نقص في الايمان. يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم. اي الزموا باصلاح انفسكم استقامتي على امر الله لا يضركم من ضل اذا اهتديتم. اي اذا استقمتم على دين الله وعلى شريعة الله فلا يضركم ضلال من ضل فانما يضل على نفسه. وقوله اذا اهتديتم الاهتداء هو لزوم الصراط المستقيم. والمنهج بحيث ان الانسان يعلم الحق ويعمل به. هذا هو معنى الاهتداء ان يلزم الانسان الصراط المستقيم مستقيم والمنهج القويم ويعمل ويعلم بالحق ثم يعمل به. لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله تشجيعكم جميعا يعني ان جميع الخلائق ترجع الى الله عز وجل ثم يجازيهم على اعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر. ثم قال رضي الله عنه اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس اذا رأوا الظالم هنا يشمل الظالم لنفسه والظالم لغيره. ومن الظلم المعاصي والذنوب فلم يأخذوا على يديه يعني لم يمنعوه من ظلمه اما باليد واما باللسان او شك ان يعمهم الله عز وجل بعقاب من عنده. وحينئذ تكون هذه العقوبة شاملة للظالم لظلمه. ولغيره لاقراره على فدل هذا الحديث على مسائل منها اولا انه يجب على الانسان ان يصلح نفسه وان يقومها على شريعة الله عز وجل. ومنها ايضا ان الانسان اذا استقام على امر الله واصلح نفسه فانه لا يضره ضلال من ضل فانما فان من ظل فظلاله على نفسه. ومنها ايضا ان من الاهتداء من اهتداء النفس والاستقامة على شريعة الله ان يقوم الانسان بما امره الله تعالى من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فانت اذا اصلحت نفسك فاصلح غيرك. ولا تقل ولا تقل علي بخاصة نفسي ولا دخل لي في غيري. بل ان من الاهتداء ومن ومن الصلاح ان تقوم اولا باصلاح نفسك ثم ثم ثانيا باصلاح غيرك. ومنها ايضا ان ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب بحلول العقوبات والمصائب ولهذا قال عليه الصلاة والسلام او ليوشكن الله ان يعمكم بعقاب من عنده. وهذا العقاب حينئذ يشمل الصالح والطالح. يعني الظالم وغيره. اما الظالم الذي وقع منه الظلم والمعصية فالارتكاب في هذه المعصية واما غيره فلسكوته او اقراره لهذه المعصية. اسأل الله عز وجل ان يرزقنا واياكم الاخلاص في القول والعمل وان يهب لنا منه رحمة انه هو الوهاب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين