الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد جاء في صحيح الامام مسلم فيما نقله النوي في رياض الصالحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال رب اشعث اغبر لو اقسم على الله لابره رب تستعمل في التقليل والتكثير يعني كم من رجل او امرأة موصوف بهذا الوصف كم من رجل او امرأة موصوف بهذا الوصف رب اشعث اغبر مدفوع بالابواب لو اقسم على الله لابره الاشعث هو الذي بعد عهده عن الماء فتفرق شعره وذاك فيما كان عليه حال كثير من الناس من اتخاذ الشعر وتركه دون مساس رب اشعث اغبر اي علاه الغبار لبعده عن التنعم مدفوع بالابواب نزول هيئته وقلة قدره عند الناس مدفوع بالابواب اي لا يؤذن له بالدخول فاذا استأذن في الدخول على احد او جاء الى احد رد واعتذر منه هذا معنى قوله مدفوع مدفوع بالابواب لو اقسم على الله اي لو حلف على الله عز وجل لابره اي لا انفذ ما اقسم الله تعالى عليه لانفذ وامضى ما اقسم الله تعالى عليه هذا الحديث الشريف فيه بيان ان الصور والاشكال وان المقامات والمنازل عند الناس ليست هي محل ليست هي محل التقدم عند الله عز وجل فكم من جميل المظهر وفي الهيئة رفيع المقام لا يزن عند الله جناح بعوضة وكم من ضعيف الحال في هيئته وفي مقامه عند الناس يكون على هذه المنزلة عند رب العالمين لو اقسم على الله اي لو حلف على الله عز وجل لابره اي لحفظ يمينه من الحنف ولامضى ما حلف عليه وقوله صلى الله عليه وسلم رب اشعث اغبر مدفوع بالابواب ليس مدحا لهذه الصفة فانه قد يكون الانسان على هذه الحال ولا يجاب كما جاء ذلك في حديث الذي يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب لذلك فهذا مطابق لهذا الوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اشعث اغبر واظاف من صفات قبول الدعاء ما اظاف يطيل السفر اشعث اغبار يمد يديه الى السماء يقول يا رب يا رب كل هذه من اسباب الاجابة مع ذلك يقول انى يستجاب له لما وجد المانع مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فليس الشأن في هذه الصورة انما الشأن في ما وراءها من حال قلب الانسان فالتقدم ليس بالصور ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم. ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم فهذا لما كان ظعيفا مستضعفا وحاله قريبة من الله كان على هذه المنزلة من العلو والرفعة انه لو اقسم على الله لابره. والقسم على الله يكون بصيغ. اما ان يقول والله لا يفعل الله كذا. او والله يفعل الله كذا والصورة الثانية ان يقول اقسم على الله ان يفعل كذا اقسم على الله ان يفعل كذا او اقسم على الله الا يفعل كذا. كلاهما في المعنى واحد وقد جرى ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لانس بن النضر فانه قد كسرت اخته الربيع ثنية امرأة فطلبوا القصاص فجاء فجاء فذهبوا اليه مطلوبا عفوا ابوا وطلبوا منهم العرش ابوا وطلبوا القصاص وجاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تكسر ثنية الربيع قال يا انس كتاب الله القصاص. يعني ما في مجال طلب القصاص واختك واختك جانية فليس ثمة الا القصاص. قال والله لا تكسر حلفا انس رضي الله تعالى عنه انها لا تكسر. هذا من القسم على الله فابر الله قسمه فرضوا باسقاط القصاص ولم تقتص فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان من الناس من لو اقسم على الله لابره فكان منهم انس بن النظر رضي الله تعالى عنه فالقسم على الله تعالى بهاتين الصورتين والله يفعل الله كذا او لا يفعل كذا اقسم على الله ان اقسم عليك يا رب ان تفعل كذا او الا تفعل كذا هذا هذه صور القسم على الله عز وجل ولا تكون في مقام القبول والثناء الا اذا كانت صادرة عن قلب عظيم اليقين بالله والايمان به. فالقسم على الله على صورتي على حكمين جائز ومحرم. الجائز ما كان نابعا عن حسن ظن بالله. وثقة بوعده ويقينه كماله وطمع في بره واحسانه وهذا لا يكون الا ممن صلحت قلوبهم وصدقت رغبتهم فيما عند الله عز وجل وامتلأت قلوبهم يقينا ان الله يجيب ما قالوه وهؤلاء هم الذين اثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ان من رب اشعث اغبر مدفوع بالابواب لو اقسم على الله لبره لابره. وايضا في حديث آآ اخبركم باهل الجنة كل ضعيف متضعف او متظعف لو اقسم على الله لابره. اما النوع الثاني من القسم فهو الذي يصدر عن علو وتألي وتحجر لفضل الله ونعمته فهذا عظيم الخطر لانه لا يقسم طمعا في في الله واحسان بل ثقة بنفسه وانه في مقام يمضي الله ما يقوله وهذا خبر اه جند ابن عبد الله الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ان آآ في في رجل اقسم على الله لا يغفر الله لفلان قالوا من ذا الذي يتألى علي الا اغفر لفلان يتألى علي يعني يحلف ويقسم علي الا اغفر لفلان قد غفرت له واحبطت عملك. وقصتها مفصلة في حديث ابي هريرة. قال ابو هريرة قال كلمة اوبقت دنياه واخرته قتله فهذا النوع من القسم محرم وخطورته كبيرة لانه يوجب ان ينزل الله تعالى بالمقسم الخيبة والخسار والهلاك والاباق. ولهذا ينبغي للانسان ان لا يسرف في القسم على الله. وان لا يكون ذلك الا في موقف وموطن عظيم الثقة بالله اهو الذلة والانكسار له والظعف بين يديه والافتقار اليه. فاعظم الابواب التي يدخل بها العبد على ربه باب الافتقار. ولهذا ذكر ان السلف كان اذا كانت له حاجة اظهر الظعف في لباسه وهيئته ليجيب الله تعالى دعاءه فينبغي للمؤمن ان يكون على هذا على هذه الحال من الانكسار لله عز وجل والافتقار لينال منه العطاء وجزيل الاحسان. اسأل الله ان يجعلنا واياكم من عباده المتقين وحزبه المفلحين واوليائه الصالحين. وان يجعلها ممن لو اقسم عليه لابره صلى الله وسلم على نبينا محمد