سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا هنا من رأى منكم منكرا الفعل رأى له دلالتان وهو بمعنى شاهد او علم. فمن شاهد او علم منكرا فعليه ان يعمل على تغييره بيده بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال النووي علينا وعليه رحمة الله باب في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بوب على هذا الباب العظيم. ونحن نعلم ان هذا الاصل هو اصل جليل من اصول الدين. وهو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة الى الخير والتحذير من الشر وان الانسان مطالب بتغيير المنكر وانكاره وانكار المنكر بالقلب لا يسقط عن احد ابدا حتى لا يقر الانسان محرما في نفسه قال الله تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم وهذه الاية الرابع بعد المئة من سورة ال عمران اية جليلة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس فامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وهذه الاية الكريمة ايضا في سورة ال عمران برقم مئة وعشرة وفيها بيان ان خيرية هذه الامة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك هذه الامة لا نبي يأتي بعد نبيها لان الامة تقوم بهذا المقام فينبغي على الجميع ان يكون امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وقال تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين وقال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وتأمل هذه الصفة للمؤمنين فهذه صفة لازمة لابد منها بل جاء التحرير عن الامم التي لم تؤدي هذا الواجب. فقال تعالى لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه فبئس ما كانوا يفعلون. فتأمل خطورة هذا الامر وانه يؤدي الى الطرد من رحمة الله تعالى وقال تعالى وقل الحق من ربكم فالانسان عليه ان يقود الحق وان يبلغ امر الدين فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر اذا ادينا حق الله فلا نبالي حين ذاك في من لم يؤمن لان ادينا حق الله لكن المشكلة اذا لم نؤدي حق الله في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال تعالى فاصدع بما تؤمر كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في بادئ الامر سرية ثم امره الله تعالى بالدعوة الحمد لله امره الله تعالى بالدعوة العلنية فاصدع بما تؤمر وقال تعالى انجينا الذين ينهون عن السوء واخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون وتأمل هذا الامر الجليل ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان الانسان يؤدي حق الله هو سبب للنجاة واذا كان سبب للنجاة فهو سبب للظفر فعليك بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر تنال النجاة والظفر قال والايات في الباب كثيرة معلومة. قال واما الاحاديث فالاول عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال وبلسانه وان لا يكون قلبه نابضا بالرضا من رأى منكم منكرا هنا منكرا نكرا يعني دلالة على الشيوع وعدم تحديد اي منكر من المنكرات فليغيره بيده من استطاع ان يغير بيده فيجب عليه ان يغير بيده فان لم يستطع فبلسانه. اي بالموعظة والتوعية وكل ما يقدر عليه من جميل الكلام وقوة الاغماء ولذلك الانسان عليه ان يتعلم كيفية الاقناع والموعظة حتى يؤدي هذا الامر الواجب فان لم يستطع فبقلبك ان يرفض المنكر رفظا نفسيا وشعوريا حتى لا يضطر الانسان الباطل ولذلك ذلك الذي يتصفح بالمواقع المحرمة والصور المحرمة وقع فيما وقع فيه في اقراره للمنكر وعدم انكاره للمنكر والرضا بالمنكر. فتأمل ان انكار المنكر بالقلب لا يسقط عن احد ابدا وابن رجب الحنبلي في شرحه للحديث في جامع الامة الحجم تكلم عن هذه المسألة وذلك اظعف الايمان يعني اظعف الشيء ان الانسان ينكر بقلبه. ولذلك الانكار بالقلب لا يسقط عن احد وهذا الحديث يعني ابو سعيد الخضري يرويه واصل الحديث يعني فيه قصة فهنا الحديث في صحيح مسلم كما ذكر النووي علينا وعليه رحمة الله واصله يقول طارق بن شهاب قال اول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان فقام اليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة فقال قد ترك ما هنالك. فقال ابو سعيد اما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اظعف الايمان اذا هذا الحديث من الاحاديث الجليلة. وقد حدث به ابو سعيد الخضري وابو سعيد من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ان لا تأخذه في الله لومة لائم وتأمل يقول اول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ايوب. وهو مروان ابن الحكم ابن ابي العاص ابن امية ابو عبدالملك الاموي المدني ولي الخلافة في اخر سنة اربعة وستين وليس له صحبة ومات سنة خمسة وستين في رمضان ومعناه انه اول من جعل خطبة العيد قبل الصلاة على خلاف ما كان عليه العمل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو كون الصلاة قبل الخطبة في يوم العيد وقد ذكر القاضي عياض بانه قد ورد اختلاف في ذكر اول من بدأ بذلك فمنه من قال غير هذا الشيء لكن هذا الحديث صريح في انها اول من بدأ هو مروان فقام اليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة وذلك انكارا عليه لمخالفته سنة النبي صلى الله عليه وسلم قال القرطبي قوله فقام لي رجل مقتضى هذا السياق ان المنكر على مروان رجل غير ابي سعيد وان ابا سعيد مصوب مستدل على صحته ماذا اجيب لهم هذا الرجل؟ فقال قد ترجى ما هنالك. القائد مروان اي قد ترك ما استقر من الامر الاول وهو كون الصلاة قبل الخطبة وهذه حقيقة يعني كلمة خطيرة وكبيرة. فقال ابو سعيد وهو سعد ابن مالك ابن سنان الخزجي الانصاري الصحابي الجليل المتوفى عام اربع وسبعين وكان من فقهاء الصحابة قال اما هذا فقد قضى ما عليه. اي ادى ما يجب عليه وهو انه قد انكر بلسانه لانه لا يسعه ان ينكر على مروان بيده ثم ذكر الحديث الذي يؤكد صحة ما قاله من ان هذا الرجل قد ادى ما عليه قال ابو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده اي اذا كان هذا المنكر مما يغير باليد فوجد الاستطاعة على ذلك يغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه بان يقول قولا يرد به على صاحب المنكر ويزجره عنه ويبين للناس في خطأه فان لم يستطع فبقلبه يعني اذا لم يستطع ان يغير المنكر بيده ولم يستطع الانكار بلسانه فانه لا بد له من ان يغيره ولو بقلبه وذلك ان يكون هذا المنكر يعني هذا المنكر في المكروه في قلب الناظر وان يعزم على انه لو قدر على انكاره بيده او لسانه لفعل. شف هنا النية مطلوبة قالوا ذلك اضعف الايمان اي الانكار بالقلب دون اليد او اللسان هو اضعف خصال الايمان معناه ان الانشارة باللسان هو اخر خصلة من الخصال المتعين على المؤمن في تغيير المنكر فان لم يستطع باللسان لا بد من الانكار بالقلب وهذا الحديث فيه فوائد اولا فيه دليل على ان انكار المنكر من الامام وان الايمان يزيد وينقص. فكلما استزاد العبد من طاعته وتقربه الى ربه تبارك وتعالى ازداد ايمانه وكلما ابتعد وقل عمله ضعف ايمانه ثانيا دل الامر في قول النبي صلى الله عليه وسلم فليغيرهم على ان انكار المنكر من الواجبات وان العبد اذا رأى منكرا ولم ينكره ما استطاع الى ذلك سبيلا فانه قد عصى الله ويلحق ذلك من الفساد في المجتمعات على قدر ما كان المنكر مع عدم الانكار على فاعله ثالثا دل الحديث على سعة رحمة الله بعباده. المؤمنين اذ ان الله سبحانه وتعالى لن يخلفه من الاعمال ما لا يطيقون رابعا ان النبي صلى الله عليه وسلم قد امر باداء الامانة وان من اعظم الامانات التي ينبغي التي ينبغي الحذر من تضييعها امانة العلم واداء هذه الامانة يكون بتبليغ الناس شرع رب العالمين وكذلك على الانسان ان يؤدي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خامسا فيه الحث على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والتحذير من التبديل او الاختلاف فيها هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله