الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله لما ذكر الامام النووي رحمه الله تعالى بعض الابواب المتعلقة بولي الامر وطاعته اتبع ذلك بباب النهي عن سؤال الامارة واختياري او قال واختيار ترك الولايات اذا لم يتعين عليه او تدعو حاجة اليه فالمسلم الاصل ان يبتعد عن هذا الباب لان النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي معنا في الاحاديث نهى عن طلب الامارة ويدخل في هذا الامارة الكبرى من الحكم والامارة الخاصة الصغرى من ان يكون اه مسؤولا او مديرا او اه قاضيا ابتداء لا يعرض نفسه لهذا او يطلبه الاصل ان يختار ترك ذلك لكن بشرط اذا لم يتعين عليه الاصل ان هذه الوظائف من فروض الكفاية ان قام بها البعض سقط الواجب عن الباقين لكن اذا لم يكن هناك من يصلح عندما يتولى هذه الوظائف فلتعرف مثلا ان هذا المنصب اذا ترك سيتولاه من يفسد في هذه الوظيفة وتعرش من نفسك انك لا تريد الدنيا بذلك ولا تريد ظلما وانما تريد ان تعدل بين الناس وان تعطي كل ذي حق حقه فهنا قد يتعين على الانسان اذا كان مؤهلا لذلك ان اه يدخل في هذه الامارة او في هذه الولاية او تدعو حاجة اليه يعني قد ما يتعين لكن آآ يكون هناك حاجة ماسة يكون هو المتأهل لذلك والافضل اذا آآ تولى هذه الامارة او هذا المنصب فلا بأس ان يطلبه اه اذا كان هناك حاجة او تعين ذلك كما قال النووي رحمه الله تعالى وقد يدل على هذا قصة يوسف عليه الصلاة والسلام عندما اه استطاعوا الملك لنفسه آآ وقال الملك اتوني به استخلصه لنفسي. فلما كلمه قال انك اليوم لدينا مكين امين. يعني اراد الملك ان يمكنه في دولتي ابتداء فيوسف عليه الصلاة والسلام هنا ما قال لا انا لو تسمح لي وانا اريد ان اكون آآ رجلا في خاصة نفسي اعبد الله لا قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم طلب منصبا عظيما وفي ذلك الوقت منصبا حساسا لانه يعلم ان الناس ستصيبهم مجاعة واذا تولى هذا المنصب من لا يعدل بين الناس ومن لا يحسن في توزيع الارزاق فسيجر فسادا على العباد والبلاد وهذا المنصب يحتاج الى امانة وعلم ولهذا قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم فهذا يعني يدخل في هذا الباب والله اعلم. والا فالاصل ترك ذلك والله اعلم قال قال الله تعالى تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا. والعاقبة للمتقين الله تعالى يقول تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ومن ذلك ان يستشرف بالامارة والولاية فهذا من العلو في الارض قال نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض. اذا كان يريدها من قلبه ويطلبها ويسعى وراءها فهذا في الغالب ما يريدها الا لدنيا الخلاف الذي تأتيه الامارة وهو آآ لا يطلبها فقال للذين لا يريدون علوا في الارض. يدخل في العلو في الارض انواعا كثيرة من حب الدنيا والاستعلاء فيها من حب الشهرة والسمعة من الرياء والغرور بالنفس. كل هذا يدخل في العلو في الارض ثم قال ولا فسادا يعني بعض الناس قد لا يهتم بموضوع السمعة والشهرة ما يريد هذا وانما يريد ان يفسد والعياذ بالله بمعصية الله وبالشهوات والملذات ولا هذا سينفعه ولا هذا سينفعه. غدا سيقول ما اغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه عندما تتفكر في مقاصد الناس اليوم في الدنيا ما تخرج عن هذين المقصدين بعض الناس يريد علوا ملكا جائا شهرة سمعة ولا يهم ان يتمتع متعته متعة معنوية بالاستعلاء في الارض ومن الناس من لا يهمه هذا وانما يريد ان يتمتع المتعة الحسية بالحب المال حب النساء حب الشهوات وينغمس في المعاصي والمحرمات الله تعالى يقول الدار الاخرة لمن؟ قال للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا وبهذا يحقق المسلم تقوى الله لهذا قال والعاقبة للمتقين الذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا قال وعن ابي سعيد عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن قال يا عبد الرحمن ابن سمرة لا تسأل الامارة فانك ان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها. وان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فاتي الذي هو خير وكفر عن يمينك. متفق عليه فاذا اه تأمل كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم هنا ينادي عبد الرحمن ابن سمرة باسمه ويعينه يا عبد الرحمن ابن سمرة وهذا فيه تنبيه الى ان هذا امر عظيم انك لا تنادي الانسان باسمه واسم ابيه الا لامر عظيم قال لا تسأل الامارة فنعلم من هذا انه لا يجوز ابتداء ان يستشرف الانسان لطلب الولاية والمسؤولية. لا تسأل الامارة ثم كشف النبي صلى الله عليه وسلم عن السبب في ذلك عن الحقيقة وهذه حقيقة قد لا يدركها الانسان من نفسه يقول فانك ان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها وان اعطيته عن مسألة وكلت اليها ان اعطيت عن غير مسألة الانسان اذا ما كان يريدها ولا يسألها بل يعرض عنها ثم الزم بها فهذا في الغالب ما اعرض عنها الا لانه يخاف الله وما يريد العلو في الارض جاهد في الامارة فاذا حصلت له مع اعراضه عنها هذا يدل على صدقه. وخوفه من الله فالله يعينه. فقال وانت عليها وبالعكس قال وان اعطيتها عن مسألة الذي يسأل الامارة ويجري خلفها ويلهث يعني لطلبها فهذا في الغالب يدل على انه يريد دنيا يريد مصلحة دنيوية والا لماذا يعرض نفسه لهذه المسؤولية الكبرى؟ انت مسؤول عن كل فرد تحتك فيما يتعلق بهذا العمل فاذا قال وان اعطيت عن مسألة وكلت اليها يقيلك الله الى نفسك. من وكل الى نفسه فقد وكل الى ضعف وعجز وفقر ان الانسان فقير وتدخل الاطماح بعد ذلك وربما لا يبالي اقامة حكم الله في الامارة والعدل بين آآ من تحته ربما يتخذها لاجل الملك والجاه والدنيا فيضيع دنياه واخرته وهذا يشبه ما جاء ايضا في طلب المال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما جاءك من هذا المال وانت غير مستشرف ولا سائل فخذه. وماذا فلا تتبعه نفسك سبحان الله هذي قاعدة في اخذ امور الدنيا ان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها كذلك اذا جاءك هذا المال وانت غير مستشرف له ولا سائل فخذه لان في الغالب ان الانسان ما يريد في هذا المتاع بهذا المال بهذه الامارة الدنيا. اذا كان حاله كذلك وهذا من في اثر التوحيد في حياة العبد ان الانسان اذا اخلص لله وما يريد دنيا ولا يريد ان يسأل مالا ولا امارة الله تعالى يبارك له بسبب اخلاصه غير مستشرف ولا طالب والله تعالى يعينه ويبارك له واذا التفت قلبه الى المال قال وماذا فلا تتبعه نفسك يعني اذا ما كان آآ اذا كان في القلب استشراف وحب للمال فلا تتبعه نفسك فلا يبارك الله لك فيه ثم الامير قد يحتاج الى الحلف او من يحلف عنده فناسب ان يذكر هذا الحكم قال واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فاتي الذي هو خير وكفر عن يمينك كما يظن بعض الناس يقول انا حالف اني ما ازور فلانا وحالفني ما اكلم فلانا لا هذا ما يجوز بل تكفر عن يمينك وتزور فلانا وتعطي فلانا ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا وتصلح اه وتتقوا وتصلح بين الناس. والله سميع عليم فاذا لا يجعل انسان اليمين حاجزا ومانعا من اه عمل الخير وسواء كان كفر اولا ثم اتى الذي هو خير او اتى الذي هو خير ثم كفر عن يمينه فهذا جائز وهذا جائز كما في بعض الروايات ثم قال وعن ابي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر اني اراك ضعيفا واني احب لك ما احب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم. رواه مسلم هذا ابو ذر الصحابي الجليل آآ تأمل النبي صلى الله عليه وسلم يعلم احوال اصحابه ومن حكمة النبي صلى الله عليه وسلم انه يضع الانسان المناسب في المكان المناسب كما يقولون فيختار بعض اصحابه للامارة يختار بعضهم الراية في الحرب يختار بعضهم لجمع الصدقات يختار بعضهم الدعوة الى الله وهنا يقول لابي ذر اني اراك ضعيفا يعني يعلم ان ابا ذر آآ ليس من شأنه ان يتحمل المسئوليات بين الناس وفي الاموال لان ابا ذر كان شديد الزهد في الدنيا وكان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من مذهبه ان الذي يجمع مالا فوق حاجته يكون حراما عليه حتى لو كان يؤدي زكاته هذا فهم له وان كان غير صحيح خالفه فيه الصحابة لكن هكذا كان فكان ما يطيق ان يعيش مع الناس يرى ان الناس كلهم يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم. تنطبق عليهم هذه الاية حتى عاش وحيدا في الربذة بالقرب من المدينة واذن له عثمان ان يخرج اليها فالنبي صلى الله عليه وسلم علم شخصيته انه لا يتحمل مثل هذه المسؤوليات هذا معنى الضعف هنا ليس ضعف الايمان قال واني احب لك ما احب لنفسي هذا تمام النصح. لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه ثم نصحه قال لا تأمرن على اثنين حتى لو كان اثنين لا تكن اميرا عليهما قال ولا تولين مال يتيم لن مال اليتيم ينبغي ان يحفظ وينمى حتى اذا كانت المصلحة ان يتاجر فيه ينميه حتى لا تأكله الزكاة لكن ابو ذر ما يفعل مثل هذا وغلب عليه حب الاخرة والزهد في الدنيا زهدا عظيما. حتى لا يبقي شيئا زائدا عن الحاجة. هكذا يرى ان يعيش الناس في الدنيا ما يمكن ان يتولى مال يتيم وهو يعتقد مثل هذا فلذلك نصحه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك نهاه عن ان يكون اميرا حتى على اثنين قال عن ابي ذر رضي الله عنه قلت يا رسول الله الا تستعملني؟ ربما رأى في ذلك خيرا او اجرا الا تستعملني فضرب بيده على منكبيه ثم قال يعني وضع يديه على منكبيه او بيده على منكبي بيد نعم يد واحدة قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف وشوف كيف هذه الحركة لها اثر على نفس المتعلم كلما كان المعلم قريبا من المتعلم بل تحضن ولدك اذا اردت ان تنصحه تضع يدك على بدنه هذا يؤثر جدا في النصيحة قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف. وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة. الا من اخذها بحقها وادى الذي عليه فيها ايه ده حذره النبي صلى الله عليه وسلم من ان يكون اميرا او عاملا على جمع صدقة مثلا او واليا على منطقة قال وانها امانة فتكون مستأمنا على ما تحتك قال وانه يوم القيامة خزي وندامة يعني فضيحة لمن لم يقم بها وهي تجعله يندم الا من اخذها بحقها وادى الذي عليه فيها وهذا يحتاج الى قوة وامانة رأى النبي صلى الله عليه وسلم ان ابا ذر آآ غير مؤهل لهذا وليس هذا بعيب الله تعالى وزع على الناس القدرات والمواهب والطاقات وكل ميسر لما خلق له ويعني والله تعالى يقول وجعلنا او قال وهو الذي جعلكم خلائف الارض يعني يخلف بعضكم بعضا. ورفع بعض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما اتاكم ورفع بعضكم فوق بعض الدرجات ليبلوكم فيما اتاكم. كل مبتلى بما اتاه الله. من علم من قدرة من مواهب كيف تستعمل ما اتاك الله؟ هل تستعمل بطاعة الله في خدمة دينك وينك تستعمله في الدنيا والشهوات؟ ليبلوكم فيما اتاكم جعل هذا طبيبا هذا مهندسا هذا مزارعا هذا تاجرا هذا عالما والاتقى هو الافضل عند الله. ان اكرمكم عند الله اتقاكم ثم قالوا عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة. رواه البخاري وهذا تراه في الواقع الان الناس يتنافسون على الامارة والادارة وكل واحد يقدم سيرته الذاتية ومؤهلاته حتى اه يترقى ويكون مديرا. كل واحد يريد ان يكون مديرا في عمله وان يصل اعلى المراتب في عمله وهذا كما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم انكم ستحرصون على الامارة ان هذا من طبيعة الانسان ويحب العلو في الارض. يحب ان يشار اليه بالبنان قال وستكون ندامة يوم القيامة هذه الامارة التي تحرص عليها ستكون ندامة يوم القيامة. ستندم على ذلك. لماذا لان الانسان الذي يحرص على الامارة في الغالب انما يريد دنيا فاذا تمكن منها استعملها في رغباته في ما يحب من دنياه فلا يقيم فيها امر الله تعالى وما يحب الله فربما يظلم غير لربما لا يوفي حق آآ من تحته من الناس او ما يعاملهم بذلك العدل او بالرحمة. او يقصر في حقوقهم فما تدري سبحان الله يعني هذا يحتاج الى متابعة ورعاية يحتاج الى قوة وامانة. انت الان مسؤول انت وضعت نفسك في هذه المسؤولية مسؤول عن كل من تحتك هذا المدير نسأل الله ان يعينهم. الامر ليس بالسهل يمكن فلان ما حصل حقه وربما آآ يعني ما سألت او ما القيت بالا لهذا وهو يعني حمل في صدره شيئا استحى ان يكلم المدير فتكون مسؤولا عنه في النهاية والا لماذا؟ توليت هذا المنصب حتى ترتاح وتجلس على المكتب ثم تخدم لا بالعكس هذا اشق ما يكون فعلى كل مسؤول او مدير ان يتقي الله في رعيته في من تحته وان يخلص في وظيفته وان يتقنها النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه فتؤدي الامانة التي عليك وتحرص على ان توصل الحق لمن تحتك وان تكون رحيما كريما رفيقا برعيتك حتى يرفق الله تعالى بك والا ستندم يوم القيامة قال وستكون ندامة يوم القيامة. لان اغلب من يتولى هذه المسئولات يقصر فنسأل الله تعالى ان يغفر لنا ويرحمنا وبذلك ختم انه يرحم الله تعالى هذا الباب ونسأل الله تعالى ان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى على اله وصحبه اجمعين