وعليه جمهور العلماء وان المرأة خلقت من ضلع ادم اي من احد عظام قفص صدري عليه السلام ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم وجه تأثر النساء بما خلقنا منه فقال وان اعوج ما في الضلع اعلاه الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقل النووي في رياض الصالحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا استوصوا بالنساء خيرا فان المرأة خلقت من ضلع وان اعوج ما في الضلع اعلاه فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج ثم قال صلى الله عليه وسلم فاستوصوا بالنساء متفق عليه هذا الحديث الشريف افتتحه النبي صلى الله عليه وسلم بالوصية بالنساء واختتمه بذلك فقال صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا. استوصوا اي اوصوا بعضكم بالنساء خيرا. تواصوا بالنساء في حقوقهن وشأنهن خيرا قيل استوصوا اي اطلبوا وصية بالنساء خيرا اطلبوها من غيركم لتعينكم على اداء حقوقهن وحسن التعامل والعشرة لهن و قيل استوصوا بالنساء خيرا اي اقبلوا وصيتي في النساء بخير وهذا رجحه جماعة من اهل العلم والمعنى واضح ان النبي صلى الله عليه وسلم نبه الى وجوب العناية حقوق نساء وشؤونهن والنساء جنس يقابل الرجال وهو شامل لكل النساء من الزوجات والامهات والاخوات وذوات القرابة وغيرهن وقوله صلى الله عليه وسلم خيرا اي في معاملتهن بايصال كل احسان اليهن وكف كل شر عنهن عنهن فان الخير يدور على ايصال احسان و كف اذى فان كف الاذى من الخير فالنبي صلى الله عليه وسلم اتى بهذه الوصية الجامعة التي تنتظم كل خير لكل هذا الجنس بلا استثناء وذلك ان النساء فيهن من الضعف ما يوجب مراعاة حقهن والصبر على ما يكون منهن وهذا الظعف خلقي ولذلك نبه اليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فان المرأة خلقت من ضلع وهذا ليس ذما كما قد يتصوره بعض الناس او يفهمه. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليوصي بالخير ثم يعقب ذلك ذما للنساء انما هو بيان تفسير لما يمكن ان يكون من قصور او تقصير في جنس النساء وان ذلك يعود منه ما لا يدا فيه لهن بمعنى انه شيء جيبي لي خلقي اثر على سلوكهن فقوله صلى الله عليه وسلم فان المرأة خلقت من ضلع بيان ان المرأة تأثرت بما خلقت منه وهو الضلع والضلع هو عظم القفص الصدري وقوله صلى الله عليه وسلم خلقت من ضلع اما ان يكون على الحقيقة واما ان يكون على التشبيه والتوصيف والعلماء لهم في ذلك قولان فمن قال الحقيقة استند الى ما جاء عن ابن عن ابن اسحاق او ما رواه ابن اسحاق عن ابن عباس ان حواء خلقت من ضلع ادم واستدلوا لذلك بقوله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وقد ضعف هذا الاثر جماعة من المحدثين وقالوا ان المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم فان المرأة خلقت من ضلع هو التشبيه سلوكها خلقها وانه يشبه الضلع في الاعوجاج والميل وعدم الاستقامة والذي يظهر هو المعنى الاول وهذا معروف فان الضلع يميل واعوج ويزداد ذلك في اعلى طرفه و معالجة هذا العوج في الضلع غير ممكنة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فان ذهبت تقيمه كسرته ان ذهبت لاجل ان تعدد هذا المال لن تدرك ذلك الا بالكسر لانه بالجبلة والخلق مائل وان تركته اي لم لم تتعرض اقامته وتعديله لم يزل اعوج اي لم يزل فيه ميل وعوج وهذا تنبيه الى ان النساء فيهن من الخلقة والجبلة ما لا يمكن معالجته الا بالتعايش معه وذلك ان ما يعرض على الانسان مما لا يشتهيه ويكرهه نوعان ما يمكن علاجه وازالته وما لا يمكن فلا بد له من التعايش معه اذا كان محتاجا الى ذلك فقوله صلى الله عليه وسلم فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج بيان لكون التعامل مع ما يمكن ان يكون من قصور او تقصير من جنس النساء يكون التعايش مع ما لا يمكن تقويمه ولا يعني هذا عدم التناصح وعدم التقويم للاخطاء فان هذا ليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم انما مراده حسن التعامل في معالجة ما يمكن ان يكون من خطأ وما لا يمكن علاجه من الاخطاء او القصور او التقصير فانه يترفق به يتعايش معه ما دام انه لم يوقعه في اثم اما المحرم فالله تعالى يقول والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر الائتمار التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر من حق الرجال عن النساء ومن حق النساء على الرجال وانما قوله صلى الله عليه وسلم فان ذهبت تقيمه فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج ليس المقصود الاقرار على الخطأ وعدم انكار ما يمكن ان يكون من الامور التي يمكن تعديلها انما الوصية بالرفق وبان يكون ان تكون المعالجة بما يمكن معالجته وفيما يمكن تصويبه لين رحمة واما ما لا يمكن معالجته مما تقتضيه الجبلة والطبيعة النسوية فانه يجب بذل الوسع في عدم التعرظ له والتغافل عنه ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الوصية بالنساء فقال فاستوصوا بالنساء الفاء مرتبة على ما تقدم وهي التنبيه الى ان وجود هذا العوج هذا الميل الفطري لا يمنع من بذل الوسع في قبول وصيته صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا هذا الحديث في جملة من الفوائد من فوائده عظيم عناية النبي صلى الله عليه وسلم بشأن المرأة وقد ظهر هذا في احاديث كثيرة ومن ذلك وصيته بالنساء في اعظم خطبة واعظم مجمع شهده صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفة وفيه ان الوصية بالنساء شامل لكل النساء صغير وكبير وقريب وبعيد وفيها الوصية بالنساء والوصية للنساء بالخير في كل ما يكون من الخير دون تخصيص وفيه الاعتذار عن قصور الذي يمكن ان يكون في سلوك بعض الناس اذا كان له اسباب يفسر بها فان فان النبي صلى الله عليه وسلم اعتذر عن النساء وبين الموجب لهذه الوصية وهو ما جبلنا عليه وفيه انه من الغلط ان ينزل كلام النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضعه وهذا امر ينبغي ان يفهم وقد ازال النبي صلى الله عليه وسلم اللبس باعادة الوصية في نهاية الحديث فقوله في قوله فاستوصوا بالنساء وفيه من الفوائد ايضا تأكيد الوصية بالنساء وان الامر يتكرر لعظيم الحاجة الى التنبيه الى ذلك وفي التنبيه الى الوصية بالخير لكل ذي ضعف من ذكر او انثى و بالتأكيد ان النساء في القرب والبعد على درجات ومراتب كلما قربت المرأة كانت الوصية في حقها اعظم اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا واعنا على القيام بالحقوق وصلى الله وسلم على نبينا محمد