الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب الوصية بالنساء في رياض الصالحين حديث عمر ابن الاحوص الجشمي رضي الله تعالى عنه فيه وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء حيث قال الا واستوصوا بالنساء خيرا وقد ختم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوصية ببيان الحق الذي للرجل والحق الذي للمرأة فقال صلى الله عليه وسلم الاوان لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فاثبت النبي صلى الله عليه وسلم حقا للرجال على النساء وحقا للنساء على الرجال والله تعالى قد بين ذلك في قوله تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة فاخبر الله تعالى بحق النساء وبحق الرجال وانه للمرأة من الحقوق مثل ما للرجل من الحقوق وللرجال على النساء درجة وقد بين صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذه الحقوق من حيث الاصل فقال الا ان لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن حق الرجال على النساء حق الازواج على زوجاتهن الا طئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وهذا جامع لحقوق الرجل على المرأة فيما يتعلق بهذا الجانب وهو ان المرأة لا تدخل بيت زوجها احدا يكرهه ولا تجلسه على فرشه سواء كان فراشا خاصا او فراشا في غير الاماكن الخاصة احدا الا باذنه. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فحقكم عليهن فحقكم عليهن الا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن يعني بالدخول في بيوتكم لمن تكرهون ولا فرق في ذلك بين رجل وامرأة قريب او بعيد محرم او اجنبي فان الحديث عام فكل من كره الرجل دخوله الى بيته وكل من داخ كره الرجل ان يجلس على فرشه فانه ليس للمرأة ان تأذن له بل يجب عليها ان تمتنع من ذلك فان في الاذن له في ذلك اعتداء فان في الاذن بذلك اعتداء على حق الرجل ولهذا ينبغي للمرأة ان تلاحظ هذا المعنى الابن نوعان اذن عرفي واذن اللفظ فالاذن اللفظي ان تقولي سيأتينا اليوم كذا وكذا فيقول حياهم الله والاذن العرفي هو كل من جرى العرف بالاذن له في الدخول فانها لا تمنعه الا ان تعلم انه يكره دخوله او ان يتلفظ بذلك فيقول لا اسمح بان يدخل فلان او لا اسمح بان تدعو بان اه تأذني لفلان او تدعي فلانا او فلانا او ما اشبه ذلك ولكن ينبغي للرجل ان يعاشر المرأة بالمعروف فيما يأذن وفيما يمنع حتى لا يقع الشقاق والنفرة بين الرجل والمرأة ثم بعد ان بين ذلك صلى الله عليه وسلم انتقل الى بيان حق المرأة حق المرأة على الرجل فقال صلى الله عليه وسلم لم الا وحقهن عليكم ان تحسنوا اليهن في طعامهن وكسوتهن. وهذا بيان لحق المرأة على الرجل وهو ان يحسن اليها في مطعمها وكسوتها ان تحسنوا اليهن بكسوتهن يعني فيما يكون من كسائهن سواء كان الكساء البيت او الكساء للزينة او ما الى ذلك فهو شامل لكل ما تلبسه المرأة وطعامهن. فامر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالاحسان الى المرأة في ما ينفق عليها ولا خلاف بين اهل العلم في ان من حقوق المرأة على الرجل ان ينفق عليها في مطعمها وفي مشربها وفي مسكنها وفي كسوتها وقد جاء بيان هذا في ما رواه ابو داوود وقد نقله المصنف رحمه الله من حديث معاوية ابن حيدة رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله احق زوجة احدنا عليه وهذا تفصيل للحق السابق وتأكيد له الذي تظمنه حديث عمرو بن الاحوص الجشمي رظي الله تعالى عنه قال ما حق زوجة احدنا عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم ان تطعمها اذا طعمت ان تطعمها اذا طعمت وهذا بيان للاحسان المأمور به في قوله صلى الله عليه وسلم الا وحقهن عليكم ان تحسنوا اليهن في كسوتهن طعامهن فمن الاحسان في الطعام ان تستوي معها في الطعام فتطعمها مما طعمت و ان تكسوها اذا اكتسيت يعني ان تلبسها اذا لبست فتلبسها على نفس المستوى الذي تلبسه ثم قال صلى الله عليه وسلم ولا تظرب الوجه وهذا منع من ضرب الوجه لما في ذلك من الاذية وسوء عشرة حتى فيما رخص فيه من الضرب لا يجوز ضرب الوجه قال ولا تقبح يعني ولا يقل لها قولا قبيحا سواء قبحك الله او ما اقبحك سواء تقبيح خلقة او خلق وسواء كان ذلك آآ في آآ جد او هزل فان الله تعالى قال وقل يا عبادي الذين قل لعبادي يقولوا التي هي احسن وقال تعالى وقل للناس حسنا فينبغي ان يجافي الانسان وان يبعد عن كل قول قبيح قال ولا تهجر الا في البيت وهذا بيان ان الهجر الذي اذن به ليس مطلقا بل بما يحصل به الاصلاح. قال ولا تهجر الا في البيت. يعني ولا تفارقها بترك مساكنتها فان الهجر الذي امر به قيده الله تعالى في قوله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع والنبي صلى الله عليه وسلم قال فان فعلنا فاهجروهن في المضاجع فالهجر في المضجع ولا يستلزم ذلك ان يترك البيت لكن هل يؤذن فيما اذا كان ترك البيت يحصل به الاصلاح ان يهجر بترك البيت هذا مقيد بتحقيق المصلحة ولذلك هجر النبي صلى الله عليه وسلم ازواجه شهرا لما غلظنا عليه في طلب ما لا يملك صلى الله عليه وسلم مما يكون من النفقة واراد صلى الله عليه وسلم تقويمهن فهجرهن شهرا وكان في مشربه وقد اخذ منه جماعة من اهل العلم جواز الهجر في غير البيت لكن هذا لا هذا من غير اضاعة الحقوق. فالنفقة وسائر ما يكون من الحقوق التي للمرأة ينبغي ان تراعى والاصل ان لا يكون الهجر الا في البيت الا اذا اقتضته مصلحة فقد يكون الهجر في المضجع فقط وقد يكون في بان ينتقل الى فراش اخر او الى غرفة اخرى وقد تستلزم الحال ان يهجر حتى البيت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقوله ولا تهجر الا في البيت بيان ان الاصل في الهجر ان لا يكون الا في البيت وقد ورد الاذن بالهجر خارج البيت اذا اقتضت ذلك مصلحة. والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم بين في هذا الحديث ما يكون من حق المرأة على الرجل في طعامها وفي كسوتها وانه في سياق التأديب ينبغي الا يفرط وان يكون على نحو من الرفق والرحمة يتحقق بها المقصود. فلا يضرب الوجه ولا يقبح وهذا منع للاذى الحسي اذى اللفظ والاذى المعنوي في قوله صلى الله عليه وسلم ولا تهجر الا في البيت و الحديثان فيهما فوائد عديدة من ابرزها وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء وقد كثر هذا على وجه بين واضح وفيه ان المرأة بطبيعتها وجبلاتها تستدعي الرحمة واللطف والاحسان. وفيه انه ليس للانسان ان يخرج عن هذا الاصل في النساء الا بما دل عليه الدليل وذلك مقيد بقيود وليس وفق هوى ورغبة وما يشتهي الانسان وفيه بيان حق الرجل على المرأة واحق المرأة على الرجل وفيه ان المرأة لا يجوز لها ان تتصرف في بيت زوجها وملكه بما لا يرضى. وفيه ان الرجل ينبغي له ان يوفي المرأة حقها في في طعامها وشرابها على وجه الاحسان دون منة. ولا آآ اذى بل يجب على عليه ان يكون اذى في ذلك على وجه كريم محسن بعيد عن المن والاذى. وفيه ايضا بيان حرص الصحابة على معرفة الحقوق. وان معرفة الحقوق مما يعين على ادائها. وفيه ايضا انه في مقام التأديب يجب ان يراعي الانسان الظوابط الشرعية والا يطلق لنفسه الهوى. هذي جملة من الفوائد في هذين الحديثين والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد