الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد وقد نقل النووي رحمه الله في باب حق الجار والوصية به من حديث عبدالله بن عمران النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الاصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجيرانه او لجاره رواه الترمذي وغيره هذا الحديث الشريف حديث بين فيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم معيار الخيرية في الصحبة وفي الجيرة حيث ذكر صلى الله عليه وسلم ان افضل الاصحاب واعظمهم اجرا من كان خيرا لصاحبه فخير الاصحاب خيرهم لصاحبه يعني افضلهم في جلب الخير لصاحبه وخير الجيران خيرهم لجاره اي اعظمهم جلبا للخير لجاره وذكر الجيرة والصحبة لانهما نوع صلة فهما قرينان من حيث ان سبب الصلة هو الصحبة هو الصحبة والجيرة وهما ليس من النسب او الرحم بل السبب فيهما خارج عن ما جرت به العادة من ايصال الخير الى الغير من ولادة او نسب او رحم او صهر او نحو ذلك من العلاقات التي تتعلق بالدم انما هي رفقة وعلاقة تقوم على سبب عارض قد يدوم وقد يزول فالصحبة قد تدوم وقد تزول والجيرة قد تدوم وقد تزول فليست مستمرة ثابتة كما انها ليست اصيلة مرافقة للانسان منذ ولادة بل قد تكون حادثة بعد ان لم تكن وتتجدد وقد ذكرهم الله تعالى في سياق واحد في قوله جل وعلا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب ثم قال والصاحب بالجار وابن السبيل فذكر الله تعالى الجيرة والصحبة في سياق واحد وهكذا في هذا الحديث فانه ذكرهما في سياق واحد والشريعة جاءت لاصلاح الصلات والعلاقات سواء كانت علاقات ثابتة دائمة لا اختيار للانسان فيها كعلاقته والديه وذي رحمه او علاقات عارضة اختيارية كالصحبة الجيرة فان الانسان يختار صاحبه وقد يختار جاره فلذلك ذكر ذكرت الشريعة الحقوق والاحسان في الجانبين ما كان من العلاقات اصيلا لا اختيار فيه للانسان وما كان من العلاقات قارئا للانسان فيه اختيار والجامع في كل الصلات ينبغي ان يكون المعاملة بالاحسان واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب وصحب الجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا فينبغي للانسان ان يحرص على اقامة العلاقات مع كل من له به صلة. دائمة او عارظة. سابقة لا اختيار له فيها او طارئة له فيها اختيار ان يحرص على الاحسان فيها وان يبذل كل ما يستطيعه من اوجه الاحسان فالخيرية تتحقق في الصلات بامور ثلاثة بايصال الاحسان وبذله بقدر المستطاع في القول والعمل الحال والظاهر والباطن كل وجه من اوجه الاحسان تستطيعه فافعل هذا واحد الثاني كف الاذى كف اذاك عن غيرك بكل وجه في قولك وقلبك وعملك. قلبك وقولك وعملك فاذا تحقق ذلك فابشر فانها صدقة منك على نفسك. وتكون قد بلغت ادنى درجات الاحسان ان تكف الاذى. الثالث مما يتحقق به الخيرية في العلاقات احتمال الاذى وذلك ان الانسان قد يبذل الاحسان ويكف الاذى لكن لا يسلم من اذى غيره. فكيف يقابله بالاحتمال فيما اذا كان الاذى مما ممن له حق من ذوي القرابات او الجيران او الاصحاب ممن لا تستطيع ان تنفك منهم فاحتمل اذاهم فانه لا يمكن ان تطيب لك صلة دون ان تحتمل الاذى. لا يمكن ان تطيب لك صلة مع احد دون ان تحتمل الاذى منه وقد جاء في الصحيح ان رجلا شكى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان لي قرابات اصلهم ويقطعون واحسن اليهم ويسيئون واحلم عنهم ويجهلون علي فكل احسان يوصله اليهم يقابلونه باساءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان كان كما تقول فكأنما تسفهم المال. يعني الرماد الحار تطعمهم الرماد الحار لانك توصل اليهم خير ويقابلونك بضده ولا ولا يزال معك من الله ظهير عليهم وهذه بشارة ما دمت على ذلك يعني ما استمررت امتد استعمالك لهذه الصفة معهم وهي ان تقابل اساءتهم بالاحسان ولهذا الخيرية لا يمكن ان تتحقق الانسان دون ان يحتمل الاذى. فالناس مجبولون على ما ذكره الله من وصف الانسان انه كان ظلوما جهولا وكل اساءة تصدر عن احد فهي انما صادرة عن ظلم او جهل اما ظلم وهو اعتداء تجاوز او جهل عدم علم ومعرفة ولا يقابل هذا الا بالاحسان ليبلغ الا بالصبر والاحتمال ليبلغ الانسان درجة الخيرية. فقوله صلى الله عليه وسلم خير الاصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه من بذل الاحسان وكف الاذى واحتمل ما يكون من اذى اصحابه وكذلك فيما يتعلق بالجيران لا يتحقق الخيرية في الجيرة الا لمن احسن وكف اذاه واحتمل اذى جاره فانه قد يكون من من الجار تقصير او قصور في قول او عمل او سر او علن فقابله بالاحتمال واحتسب الاجر عند الله. ولا يمكن ان يفوز الانسان بهذه الخصلة وهي وهي الخيرية التي تجمع هذه الخصال الثلاثة الا بان يعامل الله عز وجل ويرجو منه العطاء لانه من انتظر المقابل من الناس تعب ولم يجد ما يؤمل. لكن من راقب الاجر من الله فاز. واحتمل الاذى وبذل الندى والاحسان. وكفى فاذاه عن الخلق وكان من الفائزين. الحديث في جملة من الفوائد من فوائده بيان حرص الشريعة على اصلاح العلاقات والصلات بين الناس العارض والممتد المستمر والمنقطع. الاختياري وغير دياري وفيه من الفوائد ان الصاحب السابق في الخيرية هو من كان خيرا لصاحبه ومن الخيرية للاصحاب هو بذل كل احسان اليهم ومن ذلك امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والخوف عليهم من الظلال والردى فان ذلك غاية الاحسان قد تحسن الانسان بالمال لكن اعظم منه ان تحسن اليه بالهداية الى الصراط المستقيم وكذلك خير الجيران من بذل الخير لجاره وهذا فيه حث ان يكون الانسان خيرا لجاره وان يسابق في الخيرية وفيه من الفوائد حرص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على ان يكون الانسان سالما في معاملاته من كل سوء وشر وان يكون مذكورا بالخير مع اصحابه وجيرانه وذوي العلاقات معه. فانه حث على الخيرية بالصحبة وعلى الخيرية في الجيرة وبهما يتحقق للانسان خير عظيم من الاجر والمثوبة العاجلة وطيب بالذكر في الحال والمآل اعاننا الله واياكم على السبق الى كل خير والانصراف عن كل شر ان يزينا بزينة الايمان ويهدينا صراطه المستقيم وان يعيذنا من نزغات الشياطين وصلى الله وسلم على نبينا محمد