الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقلنا ويرحمه الله برياض الصالحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت وفي رواية ليصمت كذلك في حديث ابي شريح الخزاعي رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت او ليسكت هذا هذان الحديثان الشريفان اتفقا في مظمونهما من بيان حال الانسان فيما يصدر عنه من قول وما ينبغي ان يكون عليه في كلامه وفي صمته في حديثه وفي سكوته قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر اي من كمل ايمانه بالله عز وجل وباليوم الاخر الذي هو يوم الجزاء على الاعمال وهو صادق على كل ما بعد الموت فان كل ما بعد موت الانسان داخل في اليوم الاخر الذي يجب الايمان به وهو اصل من اصول الايمان فان الايمان بالله عز وجل واليوم الاخر درجات مراتب فاذا كمل امتثل الانسان كلما امر الله تعالى به ورسوله بقوله وفي عمله في ظاهره وفي باطنه وكلما نقص ايمان الانسان بالله واليوم الاخر حصل منه الاخلال بشعب الايمان وخصاله ولوازمه ومقتضياته فلهذا يجب على المؤمن ان يفتش نفسه عند اوامر الله واوامر رسوله. وعند نواهي الله ونواهي رسوله فان فعلك لامر الله وامر رسوله وتركك لامر لنهي الله ونهي رسوله هو من علامات الايمان وصدقه فالايمان قول وصدق وعمل. قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح ولهذا ينبغي ان يدرك الانسان ان انه ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقته الاعمال ولهذا دعوى الايمان المجردة عن صالح الاعمال هي دعوة يكذبها الحال فينبغي للانسان ان يتقي الله عز وجل وان كمل ايمانه بالتزام امر الله ورسوله وليحذر اولئك الذين يزينون له ان الايمان في القلب ولا يضر ما يكون في العمل من تخلف ومخالفة. بل انه يضر ولذلك نفى الايمان صلى الله عليه وسلم عن من اخل بما يجب عليه من الحقوق من ذلك قوله والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه وفي الحديث هنا يقول من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. قوله صلى الله عليه وسلم فليقل خيرا اي اي فليتكلم بالخير. فالقول هو الكلام الصادر عن الانسان وهو ما كان من مفيد الكلام فالقول يطلق على اللفظ المفيد فهذا هو الكلام الذي يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم فليقل خيرا. والخير في الكلام هو ما كان في ذاته او فيما يؤدي اليه ويفضي اليه. الخير في الكلام ذاته كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير تلاوة القرآن وسائر الاذكار وتعلم العلم وتعليمه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. كل هذا خير في ذاته. داخل في قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا ولكن من الخير ايضا ما الخير في عاقبته وما يؤدي اليه وما ينتج عنه وهو في ذاته كلام عادي اي كلام يوصف بانه في ذاته خير او شر انما هو كلام مباح لكن بالنظر الى ما يؤدي اليه يكون خيرا كالذي يتكلم بقصة ليدخل السرور على اخوانه او الذي يلاطف جاره او صديقه او صاحبه او الذي يتكلم بما يكون من الاصلاح بين الناس ينقل كلاما يؤدي الى تلين القلوب وعطف بعضها على بعض كل هذا من الخير فيما يؤدي اليه من النتائج والعواقب فالكلام خير في ذاته وخير في عواقبه فالذي امر به النبي صلى الله عليه وسلم هو ان يتكلم الانسان بالخير فليقل خيرا وسواء كان الخير واجبا قراءة الفاتحة في الصلاة او ما يتعين على الانسان التكلم به من الخير في ذاته كفروظ الكفايات في الاذان ونحوه فهذا خير في ذاته واجب اما واجب عيني واما واجب كفائي ومن قول الخير الذي يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم فليقل خيرا المستحب من القول الاذكار والتسبيحات غير الواجبة والكلمة الطيبة التي قال فيها النبي الكلمة الطيبة صدقة فكل ذلك يدخل في الخير الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم فليقل خيرا او ليصمت وقوله صلى الله عليه وسلم او ليصمت او ليسكت هذا اشارة الى ما عدا هذا الصنف. فالخير تكلم فيه سواء كان خيرا في ذاته او خيرا في عواقبه. ما يقابل الخير من الكلام نوعان كلام شر في ذاته كالسب واللعن والكذب والغيبة والنميمة هذا هذا شر في ذاته وكذلك من الكلام ما هو شر فيما يفضي اليه من العواقب والنتائج. وان لم يكن شرا في ذاته وهذا ينبغي الامساك عنه فالشر اما ان يكون محرما واما ان يكون مكروها فالمحرم ما جاء تحريمه من الكذب والنميمة والغيبة والسباب والشتائم واللعن وما الى ذلك واما ما يكون في عواقبه فهو ما يفضي الى محرم وان كان في ذاته ليس محرم ومن ذلك كثرة الكلام فان كثرة الكلام مدعاة الى السقط والى الخطأ والزلل في القول القسم الثالث من الكلام ما ليس خيرا ولا شرا وهذا مأمور بالسكوت عنه امر استحباب فان الكلام ينقسم الى ثلاثة اقسام خير امر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله شر امر النبي صلى الله عليه وسلم بالامساك عنه لغو لا فائدة منه وان كان ليس فيه محرم في ذاته فهذا مما امر بالسكوت عنه لقوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت وقوله صلى الله عليه وسلم او هنا للتقسيم كما قال بعض اهل العلم يعني الكلام على قسمين ما يؤمر بقوله وما يؤمر بالامساك عنه. ما يؤمر بقوله هو الخير وما والقسم الثاني ما يسكت عنه من القول وهو ما ليس خير وما فيه شر وقيل ان او هنا بمعنى واو العطف يعني فليقل خيرا وليسكت يعني اذا انتهى من قول الخير فليبادر الى السكوت. والمعنيان متقاربان سواء قيل هذا او هذا دلالتهما واحدة. هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده حرص الانسان على العمل طالح وعلى امتثال امر الله ورسوله ليكمل ايمانه فانه قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. وفي ان الايمان بالله هو اليوم الاخر يحملان الانسان على كل فضيلة ويكفانه عن كل رذيلة وشر وفيه ان من الايمان بالله واليوم الاخر ان يعمل الانسان بالصالحات خلافا لما ذهب اليه المرجئة الذين يقولون لا يظر مع الامام معصية ولا ينفع مع اساءة المساوئ سواء كانت المعصية ترك واجب او فعل محرم و من فوائده ايضا ان امساك اللسان مما يسلم به الانسان ويحقق به كمال الايمان. وهذا ليس بغريب فان النبي صلى الله عليه وسلم لما دل معاذ على ابواب الخير وصنوف البر وما يدخل الجنة وما يباعد عن النار قال له اولا ادلك على ملاك ذلك؟ قال بلى قال كف عليك هذا كف امسك والامساك هنا عما ليس بخير ولذلك ينبغي للانسان ان يتبين في كل ما يصدر عنه. اهو خير او شر. ولذلك قيل اذا اردت ان تتكلم. قال الشافعي اذا اردت ان تتكلم فانظر قبل ان اتكلم فان كان خيرا فبادر اليه وسابق اليه وسارع وان كان شرا فامسك عنه. وان لم يكن خيرا ولا شرا فامسك عنه. طيب احيانا يشتبه على الانسان اهو خير او شاء ام شر فليغلب جانب السلامة وليمسك فان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان ان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يعني ما يفكر فيها ولا يتبينها ان الرجل يتكلم بالكلمة لا يتبينها يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب وفي الحديث الاخر قال ان رجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله يرفعه الله تعالى بها درجات. وفي الحديث وفي الحديث وان العبد ليتكلم بالكلمة. من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم. ولهذا من امسك لسانه سلم ومن اطلق للسانه العنان هوى والكلام ايها الاخوة فيه افات كثيرة وهذه الافات تجلب الانسان نوع من الانشراح والانبساط وقد يحب الناس الجلوس اليه لكن ليحذر لا يكون هذا على حساب ايمانه بالله واليوم الاخر ولا يكون هذا على حساب حسناته يوم القيامة فانه قد يهوي يهوي قوله ولسانه به في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب اللهم اجرنا من سوء القول والعمل واهدنا الى احسن الاقوال والاعمال والاخلاق ظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد