الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقل النووي رحمه الله في باب بر الوالدين وصلة الارحام من كتاب رياض الصالحين عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي اذا قطع اذا قطعت رحمه وصلها رواه البخاري هذا الحديث الشريف يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن اعلى درجات الوصل والاحسان. الوصل من الاعمال الصالحة فالمقصود بالواصل هنا الواصل لرحمه يقول النبي وسلم ليس الواصل اي لرحمه بالمكافئ يعني الذي يقابل احسان رحمه بالاحسان يقابل صلة رحمه بالصلة لان هذا يقابل ويكافئ من وصله بمثل ما عمل فليس هذا بالواصل والنفي هنا ليس نفيا الوصل بالكلية انما الوصل الذي يبلغ به الانسان الذروة واعلى درجات الوصل فمثل هذا ليس نفيا للوصل ولا الغاء للفضل بل هو بيان اعلى مراتب الفضل فهو نفي لبلوغ الغاية واعلى المنازل في الصلة وقوله صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ اي ليس من بلغ غاية الوصل ومنتهاه وذروته واعلاه. من يقتصر في الوصل على المكافأة فاذا احسن واحسن واذا وصلوا وصل وان كان هذا قد ادى ما عليه وخرج عن الذم و الملامة لكنه لم يبلغ درجة الفضل والاحسان ودرجة العلو والسمو في في صلة الارحام ولهذا قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل وهذا استدراك لبيان الوصل في اعلى درجاته الذي اذا قطعت رحمه وصلها الواصل هو من يقابل القطيعة بالصلة من يقابل الاساءة بالاحسان من يقابل جهل بالحلم فهذا هو الذي يبلغ الغاية في صلة الرحم لماذا لان النفس مجبولة على مقابلة الاحسان بمثله ومقابلة الخير بنظيره فاذا كان الواصل اليه من رحمه الاساءة فان ذلك في الغالب يفضي الى التقاصر عن الاحسان والقعود عن الصلة ما تقتضيه النفس من كراهية ايصال الخير للمؤذي الساعي في ايصال الشر اليك النبي صلى الله عليه وسلم بين ان اعلى الوصل هو ان تقابل الاساءة بالاحسان ان تقابل القطيعة في الوصل ولذلك قال ولكن الواصل الذي بلغ الذروة والغاية في الصلة الذي اذا قطعت رحمه اي لم يصله وقصر في حقه وصلها اي بادرها بالاحسان سواء وصلها بكلام وسلام او زيار او زيارة واحسان او بمال او بجاه او باي نوع من انواع الصلة فالصلة مفهوم واسع يشمل كل اوجه ايصال الخير لذوي الرحم والقرابات فقوله صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ يشمل كل هذه الصور في قوله ولكن الواصل الذي اذا قطعت رحمه وصلها وصلها بكل اوجه الوصل التي يترتب بها العلاء تترتب بها العلاقة ويدوم به الود بينه وبين ذوي قراباته و نظير هذا في تقرير معنى غاية الوصل واعلى درجاته ما جاء في حديث ابي هريرة في الرجل الذي شكى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان لي قرابة اصلهم ويقطعون واحسن اليهم ويسيئون الي واحلم عنهم ويجهلون علي فهؤلاء على هذا النحو الذي ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان كان الامر كما قلت او ان كنت كما قلت فكأنما تسفهم المال يعني قد سبقتهم سبقا عظيما او انك باحسانك وصبرك على اساءتهم التي يأثمون بها ويتألمون الما عظيما كما يتألم من يأكل الرماد الحار لتقصيرهم واساءتهم في حقك ومقابلتهم احسانك بالاساءة ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك وهذا وعد بي النصرة والتأييد والتمكين والاظهار من الله عز وجل لمن كانت هذه حاله فهذا ثواب الواصل الذي اذا قطعت رحمه او اساءت وصلها واحسن اليها الا ان هذا الحديث يفيد ان ذلك على وجه الاحسان وليس على وجه الوجوب حديث ابي هريرة يفيد ان صلة القاطع والاحسان اليه ومقابلة اساءته الاحسان هو من مما ندب اليه الشرع وليس من الواجبات التي يأثم بها لان النبي صلى الله عليه وسلم بين سبقه وفضل الله له بالاظهار والاعانة ولم يلزمه بذلك او يوجب عليه ذلك والمقصود ان هذا الحديث يبين ان ذروة الصلة واعلى ما يكون من درجات الوصل هو مقابلة اساءة هؤلاء الارحام بالاحسان اليهم المشاهد لحال الناس يكون في ارحامهم من يقصر يكون في ارحامه من يسيء يكون في ارحامه من يغفل فينبغي ان يتحمل ذلك وان يحتسب الاجر عند الله عز وجل ولا شك ان هذه المرتبة لا يبلغها الا من يبتغي الاجر من الله عز وجل لانه لا يطلب المكافأة على وصله من الناس انما يطلبه من الله عز وجل. وبذلك تهون عليه كل المشاق التي يلقاها هذا الحديث فيه من الفوائد نفي الامر لانتفاء كماله فان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الواصل فنفى الوصل وهذا الوصف لانتفاء الكمال فيه ترغيبا وحثا و سموا بالهمم ان تبلغ هذه الدرجة وفي ان المكافئ اتى ما يجب عليه لكنه مقصر فاحوال مقصر عن الكمال فاحوال فاحوال الناس في الوصل ثلاثة. واصل ومكافئ وقاطع. هذا ما يفيده الحديث اعلى الدرجات درجة الواصل الذي يقابل الاساءة بالاحسان ويليه من يقابل الاحسان بالاحسان وادناه من يقطع ما يجب وصله في حق رحمه وقطيعة الرحم من عظائم الاثم وكبائر الذنوب كما سيأتي لكن القطيعة تكون ترك الاحسان و ايصال الاذى في جمع بين الامرين اما ترك الاحسان دون ايصال الاذى فهذا تقصير لكنه ليس كايصال الاذى والحاق الضرر بالرحم سواء كان الضرر قوليا او عمليا هذا بعض ما في هذا الحديث من الفوائد ونسأل الله تعالى ان يبلغ بنا الذروة في كل بر وخير وان يسر لنا يسرا وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد