الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اما بعد فنقل النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب بر الوالدين وصلة الارحام عن ابي الدرداء رضي الله تعالى عنه ان رجلا اتاه فقال ان لي امرأة وان امي تأمرني بطلاقها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوالد اوسط ابواب الجنة فان شئت فاطع ذلك الباب او احفظه رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. هذا الحديث في قصة هذا الرجل الذي سأل ابا الدرداء عن ما جرى من امه انها كانت تأمره ان يطلق امرأته ولم يبين سبب ذلك فاجابه ابو الدرداء رضي الله تعالى عنه بجواب عام ولم يجبه على مسألته بالخصوص انما اجابه بجواب يفهم منه ما ينبغي ان يفعل دون ان ينص على ما يطابق السؤال في جوابه فقال الوالد اوسط ابواب الجنة فاضع ذلك الباب فان شئت فاضع ذلك الباب او احفظه قولها الوالد الوالد يشمل من كان اصلا للانسان من اب او ام فالوالد يصدق على الام ويصدق على الاب فكلاهما والد يشمل ايضا من هم اعلى من ذلك من الاباء والامهات من جهة الاب ومن جهة الام لكن المباشر لذلك هم من تفرع عنه الانسان وكان من صلبهم فالوالد هنا هو الام والاب وقول اوسط ابواب الجنة للعلماء في معنى اوسط ابواب الجنة قولان القول الاول ان قوله صلى الله عليه وسلم اوسط ابواب الجنة بيان ان من حفظ حق والده بالبر والاحسان فانه يدخل الجنة من اوسط ابوابها والوسط هنا هو الاعلى الاوفى والاكرم فان الوسط يطلق على اعلى الشيء واكرمه واوفاه واحسنه واحسنه قال الله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا. خيارا عدولا فالوسط ليس المقصود المتوسط بين الابواب في المكان انما المتوسط بين الابواب في المكانة والمنزلة والرفعة وقال جماعة من اهل العلم قوله صلى الله عليه وسلم الوالد اوسط ابواب الجنة يعني من اعلى الاعمال الصالحة سيكون المعنى بر الوالد والاحسان اليه من اعلى الاعمال التي يدخل بها الانسان الى الجنة فهو باب من ابواب الجنة اي انه طريق يوصل الى الجنة ويفضي اليها وهو من اعلى الطرق والسبل الموصلة الى الجنة في اعمال البر والصالح ثم قال فاضع ذلك الباب او احفظه اي ان حفظ ذلك الباب و الحرص على الانتفاع بها وعلى دخوله والعمل به او والعمل بما يجعله من اهله هو راجع الى ما يكون من الانسان وعمله واختياره لنفسه واذا قال فان شئت فاضع ذلك الباب بعدم حفظ حق الوالد او احفظه بصيانة حق الوالد وبره والاحسان اليه الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده ان من اشكل عليه شيء من امر دينه فليراجع اهل العلم. وليسألهم فقد قال الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وفيه من الفوائد ان المفتي والمجيب قد يجيب بجواب عام يفهم السائل منه ما يناسب حاله. فان ابا الدرداء لم يأمره باجابة امه ولم ينهوا عن ذلك بل اجاب اجابة عامة وهي بيان حق الام وهذا يفيد فائدتين يفيد ان يطيعها فيما اذا كان امرها بحق ويفيد ايضا انه اذا لم يطعها لانها لم تكن على حق في امره ان يحفظ مكانتها وان يصونها حقها اه فان فسق الوالد لا يسقط حقه كما قال الله تعالى في اعظم اساءة من الوالد لولده وهي امره بالشرك قال الله تعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وصاحبهما في الدنيا معروفا فامر بالصحبة بالمعروف. فقول ابي الدرداء الوالد اوسط ابواب الجنة جواب مسدد حيث اجابه بما يصلح لكلتا حالة حالتي لكلتا حاليه حال ان تكون امه محقة بامره ان يطلق امرأته فيكون فتكون طاعته لها في هذا هذه الحال من من العمل الصالح الذي يرجو ثوابه عند الله وان كانت غير محقة فانه لا يسقط هذا حقها بل حقها محفوظ وينبغي ان يحسن اليها هذا ما افاده الحديث و يفيد ايضا جواز سؤال الوالد ولده ان ان يفارق زوجته لكن هذا منوط او هذا مقيد بما اذا كان في ذلك مصلحة للولد في دينه او دنياه وكما ان للوالد ان يسعى في فراق ولده الذكر من زوجته من امرأته اذا كان في ذلك مضرة اذا كان في ذلك عليه فكذلك له ان يسعى في فكاك ابنته من زوجها اذا كان في فكاك في فكاكها مصلحة لها في دينها ودنياها فالحكم واحد لكن معلوم ان المرأة انما تملك فكاك نفسها بالخلع او بطلب الطلاق اذا استجاب لها الرجل ولكن فيما يتعلق بالولد الامر بيده فانه يملك العصمة وله ان يفارق فالطلاق اليه ولذلك جاءت هذه الاخبار في شأن الولد من الذكور والحكم واحد لان النساء شقائق الرجال فاذا امر الوالد ابنته وتمكنت ان تطيعه فيما يتعلق بفراق زوجها فانها تطيعه وهنا ايضا تنبيه الى فائدة وهي انه اذا امر الوالد ولده ذكرا او انثى ابنا او بنتا بان لا يصاحب احدا فانه ينبغي له ان يطيعه ما دام ان امره لا ظلم فيه ولا اعتداء ولا تفويت لمصلحة الولد في دينه او دنياه فاذا امر الوالد ولده بان لا يساير او لا يصاحب احدا وليس في صحبته مصلحة دينية ولا دنيوية فانها من حق والده عليه ان يطيعه في ذلك والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد