الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقل النووي في باب بر الوالدين وصلة الارحام عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله فقال السائل ان لي قرابة اصلهم ويقطعون واحسن اليهم ويسيئون الي واحلم عنهم ويجهلون علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك هذا الحديث الشريف تضمن الخبر عن رجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم بشأن ما يلقاه من ذوي رحمه ويشمل الرحم القريب والبعيد وهم قراباته اخبر من حاله معهم انه يصلهم بالاحسان ويقابلون ذلك بالقطيعة وانه يحسن اليهم ويسيئون اليه بالقول والعمل ويحلم عنهم ان يتحمل ما يكون من خطأهم وزللهم ويجهلون عليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم في تعليقه وبيانه لهذا الرجل وجوابه على ما ذكر قال ان كنت كما قلت يعني ان كانت حالك على هذا النحو الذي وصفت من مقابلة رحمك الذين يسيئون اليك باوجه الاحسان التي ذكرت فكأنما تسفهم المال كأنما تزفه المال يعني حالك كحال الذي يسف غيره المال والمل هو الرماد الحار وقيل الرماد المختلط بالتراب الحار والمقصود من هذا التمثيل النبوي في قوله كأنما تسفهم المل واحد من امرين اما انه يوصف صلوات الله وسلامه عليه ما يلحقهم من الاثم بسبب ما كانوا عليه من السوء والاساءة والاذى لرحمهم فقال كانما تسفهم المال يعني يلحقهم من الم الاثم كالم من يأكل الرماد الحار ومعلوم ان الذي يأكل الرمد الحار يلحقه من الالم شيء شيء عظيم هذا المعنى الاول والمعنى الثاني في معنى التشبيه صلى الله عليه وسلم بقوله كانما تسفهم المال يعني انك قد سبقت تهم حتى غبرت وجوههم بالتراب والرماد وذلك ان السابق يتقدم على غيره فاذا كان سبقا بخيل او نحوه كان المتأخر يصيبه من الرماد والرمل ما يصيبه فهو اشارة الى انه سبقهم سبقا عظيما بهذا الذي قابلهم به من الاحسان ازاء ما كانوا عليه من اساءة واذى وتقصير هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فكأنما تسفهم المال اما تمثيل لما يلحقهم من الم الاثم واما بيان لتأخرهم وتخلفهم وسبق هذا الرجل عليهم سبقا عظيما ثم قال صلى الله عليه وسلم ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك لا يزال اي يستمر معك من الله عون اظهار عليهم وعز وتمكين ما استمررت على هذه الحال ما دمت على هذه الحال فالله تعالى يجعل لك عليهم سلطانا وظهورا وتمكينا وعزا خلاف ما يظنونه من الاساءة ان اساءتهم ستنزل بك وتضعك فيعاقبهم الله تعالى بنقيض مقصودهم فيرفعه عليهم ويظهره عليهم وتكون العاقبة الحميدة له في الدنيا والاخرة هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده سؤال الانسان عما يشكل عليه من من شأن حياته فان الرجل جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يتعلق بهذا الامر فاجابه صلى الله عليه وسلم وفيه بناء الجواب على السؤال. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان كنت كما قلت فالجواب يقابل السؤال بغض النظر عن حقيقة الحال ولهذا ينبغي للانسان ان يكون دقيقا في سؤاله حتى يصل الى الجواب المطابق لحاله ان كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل وهذا يفيد فيه عظيم فضل الصابر على اذى رحمه والمقابل لاساءتهم بالاحسان وهذا ليس خاصا بهؤلاء بل هو في كل علاقة بين الانسان وغيره لكن الرحم لهم حق اكثر من غيرهم. قال الله تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك بينه عداوة كانه ولي حميم فندعو الله تعالى الى مقابلة الاساءة بالاحسان والصبر على ذلك فان ذلك جميل جميل العواقب وقوله صلى الله عليه وسلم لا يزال معك من الله ظهير عليهم فيه من الفوائد ان الصابر المحتسب المحسن منصور. ان الله مع ان الله مع ان الله مع الصابرين. والله يحب الصابرين يحبوا المحسنين ويجعل العاقبة لهم على من عاداهم واذاهم وتسلط عليهم فينبغي للانسان ان يستعمل مع كل من عاداه الصبر والاحسان. ما حكم مقابلة اساءة اساءة اساءة الاقارب او غيرهم بالاحسان هل هذا على وجه الوجوب؟ الجواب لا انما ذلك على وجه الفضل والسبق لان الله تعالى يقول وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فاجره على الله والاجر عظيم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي اذا قطعت رحمه رحمه وصلها. هذا بيان اعلى درجات ولما سئل صلى الله عليه وسلم في حديث ابي ايوب اي الصدقات افضل؟ قال الصدقة على ذي الرحم الكاشح. الكاشح يعني معادي المبغض كونه يعاديك وتتصدق عليه هذا دليل على انك لا تبتغي الا من الله الاجر والثواب نسأل الله ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد