هل لك عليه من نعمة تربها يعني هل لك عليه نعمة وحق ترعاه وتقوم على تحصيله والنظر فيه فقال الرجل لا اجاب هذا الرجل بان ان لا حق له ولا نعمة له على هذا الرجل يربها والمحبة فيه وفيه من الفوائد اكرام الله تعالى لاولياءه وعباده الصالحين فقد اكرم المحب والمحبوب المحب الذي احب فيه والمحبوب الذي من اجله اكرم من يحبه وهذا من عظيم فضل الله تعالى على عباده الصالحين الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد وقد نقل النووي رحمه الله في باب زيارة اهل الخير عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان رجلا زار اخا في قرية اخرى فارصد الله تعالى على مدرجته ملكا فلما اتى عليه قال اين تريد قال اريد اخا لي في هذه القرية قال هل لك عليه من نعمة تربها قال لا غير اني احببته في الله تعالى قال فاني رسول الله اليك بان الله قد احبك كما احببته فيه رواه مسلم هذا الحديث الشريف فيه خبر رجل اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر زمانه ولا شخصه انما اخبر عن واقعة تتعلق بعمله صلى الله عليه وسلم اخبر ان رجلا زار اخا له في قرية اخرى اي في مدينة اخرى فالقرى في القرآن والسنة وفي كلام المتقدمين من العرب تسمى بها المدن فهو اسم من اسماء المدن وليس كالاصطلاح المعاصر ان القرية هي الصغيرة من التجمع السكني دون المدن بل المقصود بالقرية هنا مدينة و ظاهر هذا الخبر انه قد انشأ سفرا لذلك لانه قال في خبره عنه زار اخا له في قرية اخرى فارصد الله تعالى على مدرجته ملكا اي جعل الله تعالى في طريقه ملكا على صورة انسان يرصده ويرقبه ويستقبله وينتظره ينتظر مجيئه في طريقه فلما اتى هذا الرجل على الملك الذي كان مرصدا في طريقه ومدرجته قال له الملك اين تريد يعني الى اي جهة تقصد فقال اريد اخا لي في هذه القرية اي في هذه المدينة التي هذا طريقها فقال له الملك وانما الباعث له على هذا المجيء الى هذه القرية وهذا المسير انه احبه في الله غير اني احببته في الله تعالى اي انه احبه لاجل الله تعالى. هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الخبر غير اني احببته لله تعالى او احببته في الله تعالى فاحبه لاجل الله عز وجل اي احبه لاجل ما له من طاعة الله عز وجل والاستقامة على شرعه والقيام بامره هذا معنى قوله غير اني احببته في الله. يعني احببته لاجل الله عز وجل وهذا لا يكون الا لما يحبه الله تعالى فهو احبه لكونه محبوبا لله عز وجل وذلك لاشتغاله لما يحب الله بما يحب الله عز وجل وتقربه بما يكون من موجبات محبة الله عز وجل فقال الملك فاني رسول الله اليك رسول الله اليك يعني الله عز وجل ارسلني اليك بان بان الله احبك كما احببته فيه اي بان الله تعالى قد احبك لاجل محبتك اولياءه. لاجل محبتك اهل طاعته لاجل محبتك اهل طاعته واهل الاستقامة على شرعه. رواه مسلم. هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده فضل الزيارة في الله عز وجل فضل التزاور ولو كان ذلك بتحمل مشاق السفر فان ذلك من القربات والطاعات التي يتحقق بها للانسان الفضل العظيم والاجر الكبير فان ذلك من موجبات الاكرام واوجه الاكرام في هذا الحديث ظاهرة. الاول ان الله تعالى ارسل ملكا في طريق هذا الرجل ثم انه ارسله يرصده اي يتحراه ويترقبه وينتظره. وهذا تشريف له واكرام ثم لما لقيه حادثه وسأله ثم انه اخبره بانه رسول الله الي وفي غاية الحديث ومنتهى المطاف قال له اني رسول الله اليك ان الله يحب يحبك كما احببته فيه. كما احببت هذا الرجل فيه. كل هذه تدل على فضيلة هذا العمل بمجموعه من زيارة الاخوان في الله فانه يكرم المتحابين فيه. ولهذا يقول اين المتحابين في؟ فاني اظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظله وهذا بيان غاية الكرامة لهؤلاء وعظيم المنزلة التي يتبوأونها لكونهم تحابوا في الله كان بينهم من الحب والود لاجل الله عز وجل تحبهم لا لدنيا ولا لغرض ولا لامر دنيوي انما هو لاجل الله عز وجل فيجمعهم محبة الله ويتفرقون على ذلك وفيه من الفوائد ان الانسان اذا سئل عن امر من الامور لا اشكال ولا ظرر في الاخبار به والافصاح فانه يبينه. ولو كان السائل غريبا فان هذا سأله من هذا الملك سأله سأل الرجل اين تريد؟ فاجاب بكل وضوح على سؤاله في سؤاله الاول وفي سؤاله الثاني. اريد اخا لي في هذه القرية ثم سأله ثانيا فاجاب قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال لا ثم زاد في الجواب ببيان السبب الباعث على الزيارة فقال غير اني احببته في الله تعالى فاذا كان الانسان لا ظرر عليه في ان يبين ويجيب السائل على سؤاله فانه يحوز بذلك الطمأنينة للسائل ويقضي حاجته في سؤاله وقد يترتب على ذلك من الخير ما لا يرد على باله. فان هذا الرجل اجاب السائل وكان من عاقبة هذا هذه المسائلة هذا الخبر وفيه من الفوائد ان الله تعالى يرسل من الملائكة لعباده الصالحين ما يثبتهم على الحق وما يعينهم على المظيفين والزيادة منه فانه ارسل هذا الملك بمدرجة وطريق هذا الرجل السائر لزيارة اخ له في الله لا يبتغي بذلك الا وجه الله وفي هذا من التثبيت له والتبشير له ما هو عون له على المضي في هذا السبيل من محبة اخوانه والسعي في ادخال السرور عليهم والتواصل معهم وهذا نظير قول الله عز وجل او هو من قول الله عز وجل ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن اولياؤكم في الحياة في الدنيا وفي الاخرة هذا من ذاك فان هذا من التبشير والتثبيت الذي حصل به هذا الخير لهذا الرجل وفيه من الفوائد عظيم منزلة المحبة في الله عز وجل فان الله تعالى يحب من يحب اولياءه حيث قال الملك لهذا الرجل فاني رسول الله اليك بان الله احبك كما احببته فيه وفي من الفوائد اثبات صفة المحبة لله عز وجل وهي صفة فعلية اخبر الله تعالى عنه اخبر الله تعالى عنها في كتابه يحبهم ويحبونه و دل عليها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجمعت عليها الامة وهي صفة تليق بالله عز وجل وفيه من الفوائد الوعظ بالقصص والاخبار التي تكون عونا على صالح الاعمال فان النبي صلى الله عليه وسلم وعظ اصحابه في هذا الحديث بهذا الخبر وهذه القصة التي غرضها وغايتها شحذ الهمم الى التزاور في الله والتحاب فيه فان ذلك من موجبات محبة الله عز وجل والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد