الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب عقوق الوالدين وقطيعة الارحام عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكبائر الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس رواه البخاري فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اربعة امور هي من كبائر الاثم وعظائم الذنب فقال صلى الله عليه وسلم الكبائر اي عظيم الذنوب وكبيرها والكبائر هي كل ذنب عظمه الشارع وغلظ فيه وبين شدة عقوبته ووخيم عاقبته مما جاءت فيه عقوبة دنيوية بحد او عقوبة اخروية بلعن او طرد او براءة او منع من دخول الجنة او نحو ذلك وعد النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما عد من الكبائر الاشراك بالله والاشراك بالله هو تسوية غير الله تعالى بالله سواء كان ذلك في ربوبيته او كان ذلك في اسمائه وصفاته او كان ذلك في الهيته وكل هذا من الاشراك به اذ الاشراك حقيقته تسوية غير الله بالله في كل ما هو من خصائصه جل في علاه. ومن ذلك اشراك غيره به في حقه وهو ان يعبد وحده لا شريك له سبحانه وبحمده ولا شك ان الشرك اعظم الذنوب واخطرها وهو اكبر ما يعصى به الله عز وجل ان الشرك لظلم عظيم ولعظمه وخطورته فان الله تعالى لا يغفره لمن لم يتب منه. قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما ودون ذلك لمن يشاء ثم ذكر صلى الله عليه وسلم بعد الشرك قال وعقوق الوالدين. عقوق الوالدين اي قطع برهما وقطع الاحسان اليهما وقطع الحق الواجب لهما والوالدان هما الاب والام المباشران وكذلك اباؤهم وامهاتهم فان الاباء والامهات من الاجداد والجدات يصدق عليهما هذا الوصف وعقوق الوالدين ترك القيام بحقهما سواء كان ذلك بترك ما يجب لهما من الاحسان في القول او من الاحسان في العمل والمعاملة ولا شك ان عقوق الوالدين من اكبر الكبائر كما تقدم في حديث ابي بكرة رضي الله تعالى عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين فذكر ما قدم ذكرهما في هذا الحديث الاشراك بالله وعقوق الوالدين ثم عطف عقوق الوالدين على الاشراك بالله لانه اعظم بخس في حقوق الخلق بخس الوالدين حقهما. ولهذا قال تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه. وبالوالدين احسانا. وهنا قال صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالشرك فيما يتعلق بالكبائر قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين ثم قال وقتل النفس اي قتل النفس المحرمة المعصومة التي لا يجوز الاعتداء عليها من مسلم او كافر ما دام انه معصوم الدم فالواجب صيانة دمه عن الاهدار والله تعالى قد عد قتل النفس المحرمة ذنبا عظيما قال جل وعلا والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتل النفس التي حرم الله الا بالحق فيشمل كل نفس حرمها الله تعالى وهي الانفس المعصومة فلا يجوز شيء من الاعتداء على دم محرم باي وجه كان واعظم ذلك القتل ثم قال صلى الله عليه وسلم واليمين الغموس وهذا رابع الذنوب التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر في هذا الحديث واليمين الغموس هي اليمين الكاذبة وقد ذهب جماعة من اهل العلم الى ان اليمين الغموس هي الحلف كاذبا متعمدا على امر ماض كان يقول والله فعلت ولم يكن قد فعل. والله لم افعل وهو قد فعل فاذا حلف على شيء ماض كاذبا متعمدا فانه قد تورط في اليمين الغموس وقال وهذا مذهب الشافعية والحنابلة وذهب جماعة من اهل العلم الى ان اليمين الغموس تشمل الكذب على الماضي المتعمد الكذب فيه وعلى ما لم يتيقن صدقه فيه مما حلف عليه فانه يدخل في اليمين الغموس على قول هؤلاء و اضاف بعضهم وهذا مذهب الحنفية اظاف المالكية ايظا الحلف كاذبا على امر حاظر على الحال فانه يشمل المعنى ان يشمله تشمله اليمين الغاموس. والاقرب الله تعالى اعلم في اليمين الغموس انها اليمين على امر كاذب في الماظي متعمدا فهذا هو الذي يغمس صاحبه في الاثم وهي من كبائر الذنوب وعظائم الاثم ولهذا ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة الى انه لا كفارة فيها. ليس لانها سهلة او هينة بل ان من الذنوب عظيم كبير ومع هذا لم يرد فيه كفارة فليس فيه كفارة ولذلك بلغ هذا الحد الذي انه لا يكفره شيء الا التوبة الى الله عز وجل والندم على ما مضى. فان كان في اليمين الغموس اقتطاع مال حرام واخذ ما لا يستحق الانسان او اسقاط حق واجب عليه كان ذلك اعظم. فتكون ظلمات بعضها فوق بعض يكون محيط فيكون الاثم محيطا بالانسان من كل جانب من جهة اليمين التي استخف فيها بمن حلف به وهو الله عز وجل حيث حلف به كاذبا ومن جهة اكل المال بغير حق لكن اليمين اوسع من ان تكون محصورة في اقتطاع مال محرم لتشمل كل يمين كاذبة على امر ماض متعمدا. ولعظمها لا كفارة فيها عند جمهور العلماء وخالف في ذلك الشافعي ورواية في مذهب احمد فاثبتوا فيها الكفارة هذه الكبائر التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وذكره لاربع من الكبائر ليس حصرا لانه مما يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم عد غير هذه الامور من الكبائر فقد اخبر صلى الله عليه وسلم فيما اه اخبر به عن قول الزور وشهادة الزور وعدها من اكبر الكبائر ولم تذكر في هذا الحديث. فالحديث ليس غرضه ولا غايته حصر الكبائر عدا وذكرا انما هو ذكر جملة من الكبائر والنبي صلى الله عليه وسلم يختلف بيانه من موقع الى اخر ومن حال الى اخرى ومن مخاطب الى مخاطب مراعاة لامور مختلفة. ويزيد في البيان في ويختصر فيما تقتضيه الحال ويعلم ما يدخل في الكبائر من مجموع ما اخبر به صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اما بالنص او المعنى. ولهذا قال ابن عباس لما سئل الكبائر وسبع استنادا الى حديث ابي هريرة آآ سبع آآ من الموبقات. آآ هل الكبائر سبع؟ قال هي هي الى تابعين اقرب يشير بذلك الى ان اكثر من ان تحصر. فحصل النبي صلى الله عليه وسلم للكبائر بهذه الاربعة امور ليس قصرا انما هو ذكر لجملة من الكبائر التي احتاج الى بيانها في ذلك المقام فكان ما بينه صلى الله عليه وسلم من قوله الاشراك بالله عقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. والواجب على المؤمن ان يحذر الكبائر والصغائر وان يجتنب الاثم صغيره وكبيره ظاهره وباطنا وليستعن بالله عز وجل فان ذلك مما يحفظه من التورط في السيئات وان تحيط به الخطأ خطيئته فيهلك اجارنا الله تعالى واياكم من دقيقة الذنوب وكبيرها وجليلها ومن صغيرها وكبيرها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد