بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب ما جاء في الاستسقاء بالانواع الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد قال المؤلف رحمه الله بعض ما جاء في الاستسقاء بالانواء وهذا الباب الخاتم للابواب المتتالية المتقاربة في موضوعها والتي تناول فيها المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالسحر والكهانة وما يشبه ذلك في تأثيره على ما مضى بيانه قال الاستسقاء بالانواء تذكرون ان المؤلف رحمه الله ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانت فيه اشارة الى هذا الموضوع وقلنا انا سنؤجل الكلام ان شاء الله الى الموضع المناسب طب من يذكر هذا الحديث ها نعم ارفع الصوت ها طيب ايضا مر بنا ليس ببعيد. نعم. حديث لا طيرة لا عدوى ولا طيرة. قال وزاد مسلم ولا نوء ولا غول. وقلنا ان هذا يؤجل فيه كلام الى الباب المختص بهذا الموضوع وهذا اوان وفاء الدين الاستسقاء المراد به هنا نسبة السقيا يعني نسبة انزال المطر الى الانواء والانواء جمع نوء مصدر للفعل ناء ينوء ومن ذلك قول الله جل وعلا اعني في هذا الفعل لتنوء لتنوء بالعصبة ومن ذلك ما جاء في الصحيح من قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كلما اراد ان ينوء يعني ينهض ثناء ينهض ويقوم ماء ينوء يعني ينهض ويقوم وقيل ان هذه كلمة من العباد فتقال على جهة النهوض وتقال على عكسها المراد بالانواء هو سقوط النجم وغروبه وتوضيح ذلك ان الانجم او النجوم التي تكون في السماء اذا غاب نجم منها وغيابه يكون في الفجر اذا غاب من جهة المغرب فانه يظهر في تلك الساعة نجم اخر عند الفجر من جهة المشرق يسمى رقيبه كانه يراقبه حتى اذا غرب فانه ماذا فانه يظهر ويشرق ويصعد فكانت العرب تنسب نزول المطر الى هذا الامر وهو غروب النجم من جهة المغرب وظهور النجم الاخر الذي هو رقيبه من جهة المشرق. يقولون ان هذا ينسب اليه انزال المطر. ينسب اليه انزال المطر. وهذا الامر يتكرر كل ثلاثة عشر يوما. تذكرون منازل القمر التي تكلمنا عنها في درس امس هذه المنازل للقمر تنزلها الشمس ايضا ولكن الشمس تمكث في المنزلة الواحدة ثلاثة عشر يوما تقريبا. بعكس القمر الذي يمر بهذه المنزلة في اليوم. اما الشمس فتنزل هذا المنزل ثلاثة عشر يوما. كل في كل ثلاثة اه عشر يوما فانه يغيب نجم ويظهر اخر. فمثلا يقولون اذا غرب النثرة او النسرة ظهر رقيبه وهو سعد الذابح. يعرفون هذا من خلال المطالعة ومن خلال المشاهدة المقصود ان اهل الجاهلية كانوا ينسبون السقيا التي تكون لهم الى هذه الانواع. فاذا نزل المطر قالوا سقينا بنوء كذا وكذا او صدق نوء كذا وكذا فهذا الذي اراد المؤلف رحمه الله عقد هذا الباب لبيان ذمه وفساده. قال ما جاء في الاستسقاء بالانواء يعني من الذم والنهي عن هذا الامر. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقول الله تعالى وتجعلون رزقكم انكم تكذبون. هذه الاية سيأتي ذكرها ضمن آآ حديث قادم واؤجل كلام الى ذلك الموضع ان شاء الله وهذا شيء نادر في كتاب التوحيد ايه ده؟ ان يكرر المؤلف دليلا في الباب نفسه هذا شيء نادر ومن ذلك هذا الموضع في هذا الباب نعم قال رحمه الله وعن ابي مالك الاشعري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اربع في امتي من امر الجاهلية لا الفخر بالاحساب والطعن في الانساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة. وقال النائحة اذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران وذرع من جرب. رواه مسلم. هذا حديث ابي ما لك الاشعري وفي الصحابة ثلاثة يكنون بهذه الكنية وهذا احدهم وهو الحارث ابن الحارث الاشعري. وعلامته انه تفرد بالرواية عنه ابو سلامة الحبشي هذا الصحابي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان ثمة اربع خصال لا تدعها هذه الامة التي هي امة النبي صلى الله عليه وسلم والمراد امة الاجابة بكل تأكيد. هذه الخصال وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بانها من امر الجاهلية والجاهلية امران او نوعان جاهلية مطلقة وجاهلية نسبية. اما الجاهلية المطلقة فانها الحال التي كان عليها الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وانتهت تته وسميت تلك الفترة بالجاهلية لان السائد في ذلك الوقت في الناس هو الجهل واعظم الجهل الذي كانوا فيه جهلهم بالله عز وجل وبحقوقهم وبحقوقه على عباده اما الجاهلية النسبية فانها تكون بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في مكان دون مكان وزمان دون زمان واشخاص دون اشخاص والمراد بذلك بقاء شيء من خلال الجاهلية وخصالها فاذا كانت الجاهلية المطلقة قد انتهت فانه قد بقيت بقية من اخلاقها وخلالها وخصالها اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الخصال باقية في الامة والمراد انها باقية في مجموعها لا في جميعها. ليس المراد ان هذه الخصال واقعة من من كل فرد فرد من هذه الامة بحيث يكون ذلك واقعا من جميعها. المراد ان هذه الخصال واقعة في مجموع الامة يعني موجودة في الامة في الجملة يوجد في الامة من فيه هذه الخصال. وقد يقل هذا في وقت او مكان وقد يكثر هذه الخصال وصفها النبي صلى الله عليه وسلم كما ترى بانها من امر الجاهلية ولا شك ان هذا الوصف وصف ذم وعيب. كل من كل ما كان منسوبا ومنصوفا بالجاهلية لا شك انه مذموم ومعيب. ومن ذلك قول الله جل وعلا ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى اذا هذا منه صلى الله عليه وسلم تنفير عن الوقوع في هذه الخصال الخصلة الاولى الفخر بالاحساب والاحساب جمع حسب والحسب هو الشرف الثابت للاباء والمراد ان يتشرف الانسان ويفخر على غيره بتعداد ما كان عليه اباؤه واجداده من المفاخر والشرف والسؤدد فيفخر على الناس ويتعالى عليهم بهذا الامر. ولا شك ان هذا امر مذموم. اذا كان الانسان مذموم بفخره بعمله فكيف بفخره بعمل غيره؟ لا شك انه اولى بالذنب وهذا امر قد نهت عنه الشريعة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما خرجه ابو داوود والترمذي واحمد بسند حسن قال عليه الصلاة والسلام ان الله قد اذهب عنكم عدية الجاهلية وفخرها بالاحساب مؤمن تقي او فاجر شقي. الناس لادم وادم من تراب لينتهين اقوامهن عن لينتهين اقوام عن فخرهم بالانساب او ليكونن اهون الله من الجعلان الجعلان جمع جعل وهو حشرة قذرة تشبه الخنفساء هؤلاء الذين يفخرون على الناس باحسابهم وانسابهم ويغفلون عن ان الناس مشتركون في اصلهم كلهم لادم وادم من تراب. الناس من جهة التمثيل اكفاء. ابوهم ادم والام حواء. فان يكن نسب يفاخر به من بعد ذا فالطين والماء لينتهين هؤلاء او ليكونن اهون على الله عز وجل يعني يكونون بهذه المنزلة وهذا القدر الحضيض النازل السافل الذي هو يكونون فيه الذي يكونون فيه مشبهين بهؤلاء الجعلان كذلك اخرج الامام مسلم رحمه الله من حديث عياض ابن حمار المجاشعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله قد اوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغي احد على احد هكذا حال المسلم ان يكون متواضعا لينا هينا بل ان يكون ذليلا لاخوانه المسلمين كما قال جل وعلا ادلة على المؤمنين لا ان يكون شامخا بانفه متعاليا بنسبه وحسبه واصله وفصله فان هذا من سخف العقل ناهيك عن ما فيه من ضعف الايمان اما الامر الثاني فهو الطعن في الانساب والطعن في الانساب فسر بامرين الاول انه القدح فيها من جهة ثبوتها يعني ان يشكك في انساب الناس بان يقال فلان ليس بصحيح انه ينتسب للقبيلة الفلانية. او ان الاسرة الفلانية ليس بصحيح او في نسبتها الى القبيلة شك فهذا طعن في انساب الناس والامر الثاني هو القدح والعيب والذم انساب الناس وقبائلهم واسرهم وعوائلهم بان يقال ال فلان فيهم كذا وكذا والقبيلة الفلانية معيبة بكذا وكذا من الصفات الذميمة. كل ذلك داخل في الطعن في الانساب. ولا شك ان هذا الامر فيه ما فيه من البغي وفيه ما فيه من الغيبة وفيه ما فيه ايضا من اثارة الاحقاد. والواجب ان يكون المسلمون متعاونين متحابين متآلفين. الامر الثالث هذا الموضوع الذي بين ايدينا وهو الاستسقاء بالنجوم والمراد بذلك كما ذكرت لك نسبة نزول المطر الى الانواء هذا الامر تعني نسبة نزول المطر الى الانواء له حالتان الحالة الاولى يكون الحكم فيها الكفر الاكبر وذلك اذا نصب نزول المطر الى الانواء على جهة الايجاد والفعل. بمعنى ان يعتقد حينما يقول القائل مطرنا بنوء كذا يعتقد ان الذي انزل هذا المطر انما هو هذا النوع او هذا النجم لا ربنا سبحانه وتعالى. ولا شك ان هذا شرك اكبر. وهذا ما وقع فيه طوائف من المشركين وقد ذكرنا هذا في درس البارحة وقلنا ان الصابئة كانت تعتقد ان الكواكب والنجوم مدبرة لهذا العالم وان ما يكون منها انما هو انفعال لفعل هذه الكواكب يعني ما يكون من الكائنات التي تكون في هذا الكون انما هو انفعال لفعلها لا شك ان هذا شرك اكبر في الربوبية النسبة الثانية ان ينسب هذا الفعل اعني نزول المطر الى الانواع لا على انها الموجدة ولا على انها الخالقة ولا على انها الفاعلة. انما يكون ذلك على جهة السببية وهذا هو الذي كان عليه اهل الجاهلية الذين بقيت هذه الخصلة من خصالهم في هذه الامة. وذلك ان الغالب على المشركين مشركي العرب قريش وغيرها الغالب على هؤلاء انهم كانوا يعتقدون ان الله عز وجل هو المنزل للمطر ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فاحيا به الارض من بعد موتها ليقولن الله. فدل هذا على ان وهم كانوا يعتقدون ان الله هو الذي ينزل المطر جل وعلا بقوته وحوله. فدل هذا على ان هذه الخصلة التي تبقى هي هذه النسبة التي فيها ما فيها من الشرك الخفي وهو نسبة النعم الى غير الله عز وجل على ما سيأتي بيانه ان شاء الله في حديث آآ حديث ان شاء الله اما الامر الرابع فهو النياحة. والنياحة رفع الصوت بالميت رفع الصوت بندب الميت. والغالب ان يتبع ذلك قول ما لا يحل وفعل ما لا يحل توعد النبي صلى الله عليه وسلم النائحة التي تنوح بهذا الوعيد. وان كانت النياحة مذمومة ومنهيا عنها في حق المرأة وفي حق الرجل. لكن لما كانت النياحة في الغالب انما تكون من نساء اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بهذا اللفظ قال النائحة التي ماتت آآ قبل ان تتوب وهذا الحديث فيه ان الكبائر تكفر بالتوبة وهذا موضع اجماع من اهل العلم ان من وقع في كبيرة فتاب الى الله عز وجل منها فان الله يغفر له ذلك. كذلك اذا وقع في صغيرة من باب اول بل كذلك اذا وقع في كفر اكبر فتاب الى الله عز وجل منه فان الله عز وجل يكفر عنه ذلك قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه؟ والله غفور رحيم فدل هذا على ان كل الذنوب صغيرها وكبيرها تكفر بالتوبة الى الله سبحانه وتعالى. اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوعيد الاكيد الذي يدلك على ان النياحة ذنب عظيم. وهو ان الله جل وعلا يجعل سربانا لها القطران. القطران مادة تستخلص من بعض الاشجار. ثم تغلى ثم يطلى تهنئ بها الابل والسربان هو القميص او الثوب كما اخبر الله جل وعلا سرابيل تقيكم حركوا وسرابيل تقيكم بأسكم وكذلك نعم هذه المادة مادة شديدة الاشتعال يعني اذا اشعل فيها النار فانها تكون شديدة التوهج والعياذ بالله. وظاهر الحديث والله اعلم ان هذا العذاب الذي تعذب النائحة به هو انها تطلى بالقطران حتى يكون كالثوب لها انما هو ما كان كفرا اصغر فقط. ولا يدخل في هذا الحديث ما اذا كان آآ اذا كانت النسبة نسبة زاد نعم لا شك انه كفر اكبر لكنه ليس المراد في الحديث. وهذا الاقرب والله تعالى اعلم. وذلك والله عز وجل اعلم كيف يكون الامر. كذلك يجعل لها درع من جرب الجرب مرض يصيب الانسان يصيب الانسان بحكة شديدة والدرع نوع من الثياب هو من قمص النساء فهذا لا شك انه وعيد يدل على ان النياحة من الذنوب العظيمة عافاني الله واياكم من ذلك. المقصود ان الشاهد من الحديث اخبار النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الخصلة وهي الاستسقاء بالنجوم خصلة كانت في الجاهلية وباقية في هذه الامة وستبقى في هذه الامة والله المستعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولهما عن زيد ابن خالد رضي الله عنه انه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على اثر سماء كانت من الليل. فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله اعلم قال قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب هذا الحديث حديث زيد ابن خالد الجهني المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وارضاه حديث جليل وهو اصل في هذا الباب اخبر فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى لهم صلاة الفجر المقصود صلى بهم واتى بقوله لهم لان المصلي اذا كان اماما فانه يصلي لنفسه ويصلي لمن خلفه ايضا قال على اثر السماء والمراد بالسماء ها هنا المطر وسميت اه وسمي المطر سماء على عادة العرب في تسمية الشيء باسم ما يكون مجاورا له او سببا له وذلك ان المطر ينزل من السماء يعني من العلو كان هذا المطر في الليل فلما اصبح النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بهم انصرف فقابلهم بوجهه عليه الصلاة والسلام وقال لهم اتدرون ماذا قال ربكم لا شك انهم لا يعلمون لانهم لا يوحى اليهم. لكن هذا فيه اسلوب حسن في التعليم وهو طرح السؤال على المتعلم لاجل تشويقه واستثارة انتباهه قالوا الله ورسوله اعلم. وهكذا المسلم لا ينبغي له ان يتكلف ما لا علم له به. فوضوا العلم الى من ليعلموا قالوا الله ورسوله اعلم فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قاله الله جل وعلا. قال اصبح من عبادي لاحظ معي ان هذا الحديث فيه اثبات ان صفة الكلام لله جل وعلا صفة فعلية اختيارية وذلك ان ظاهر والحديث ان الله تكلم بهذا الكلام بعد نزول المطر وحصول كلام العباد. الذي به انقسموا الى مؤمن وكافر بخلاف قول اهل البدع الذين قالوا ان صفة الكلام صفة ذاتية قائمة بالذات قديمة بالذات لا شك ان هذا قول باطل بل الله جل وعلا يتكلم اذا شاء بما شاء كيف شاء جل وعلا قال الله جل وعلا وهذا القدر او هذه القطعة من الحديث حديث قدسي من كلام الله جل وعلا تكلم الله به حقيقة واخبرنا بهذا الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام. اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر الناس على اثر هذا المطر انقسموا الى فريقين عباد الله وكل الناس عباد الله اصبحوا على اثر هذا المطر قسمين. قسم المؤمن هو الذي نسب النعمة الى الله جل وعلا وقسم كافر. وهو الذي جحد نعمة الله جل وعلا. ونسبها الى غيره قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب اذا هذا الحديث فيه ان من الايمان نسبة النعم الى الله سبحانه وتعالى وشكره عليها. والنعم كلها صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها انما هي من فضل الله عز وجل على العباد. وما بكم من نعمة فمن الله. وان تعدوا نعمة الله لا نعمة غيرك وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها اما الذي كان من الموصوفين بالكفر فهو انهم نسبوا هذا الفضل ونسبوا هذه النعمة الى غير جل وعلا نسبوها الى هذه الانواء والى هذه النجوم والكواكب فاستحقوا ان يوصفوا بوصف الكفر. والسؤال هنا هل الكفر في الحديث كفر اكبر او هو كفر اصغر قال بعض اهل العلم انه يشمل الاكبر والاصغر فمن قال هذا القول على ان النوء هو الذي انزل المطر فذلك في حقه كفر اكبر واما من كان يعتقد ان الله عز وجل هو المنزل للمطر. ولكنه في قوله فقط نسب ذلك الى فهذا كفر اصغر وقال بعض اهل العلم بل هذا الحديث انما تناول او انما تعلق بالكفر الاصغر. فالوارد في الحديث لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان هذا القول كما في الحديث الذي مر بنا قريبا اخبر ان هذا سيكون قيم في الامة ولا شك ان امة محمد صلى الله عليه وسلم انما يقع فيها غالبا ما هو من هذا الجنس اما ما كان من الشرك الاكبر والكفر الاكبر فان هذا ان وقع فانما يكون شاذا اعني في نسبة المطر الى النجوم واما الذي يقع كثيرا فهو ما كان من هذا الجنس الذي هو شرك وكفر اصغر. ناهيك عن ان لفظ الحديث ايساعد على ان المراد هو الكفر الاكبر. وذلك ان الحديث مساقه مساق نسبة النعمة لا الايجاد بدليل ان الاولين ماذا قالوا هل قالوا امطرنا الله انزل الله علينا انما قالوا ماذا؟ مطرنا بفضل الله ورحمته والاخرون هل قالوا امطرنا النوء انزل علينا النوء؟ لا انما قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا. فدل هذا على ان المقام مقام نسبة للنعمة وليس مقام ذكر الموجد. فدل هذا على ان الحديث انما تعلق بهذه الصورة. ولا شك ان نسبة النعم الى غير الله عز وجل ان هذا من الكفر الاصغر والشرك الخفي في الالفاظ وهذا ما سنفصله ان شاء الله عند الكلام عن باب قول الله جل وعلا يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها لا شك ان من جنسي جحد نعمة الله سبحانه الا تنسب النعم الى الله عز وجل وانما تنسب الى غيره ولو بمجرد القول ولو بمجرد القول كما قال بعض السلف في تفسير الاية السالفة كان كان البحر هادئا وكان الملاح حاذقا وما شاكل ذلك من هذه الالفاظ التي التي تكثر في كلام الناس مع للاسف الشديد الواجب ان تنسب النعم الى الله سبحانه وتعالى بالقلب وباللسان وبالجوارح. اما فتوى الى غير الله عز وجل فان هذا لا شك انه من جحود نعمة الله سبحانه وتعالى. فاذا انضاف الى هذا ان ما نسب اليه ليس بسبب اصلا كان هذا سببا اظافيا لكونه ماذا؟ شركا اصغر. لانه اعتقد سببا ما لم يجعله الله سببا لا شرعا ولا قدرا وهذا الحديث فيه تنبيه على امر مهم ينبغي ان نستفيده الا وهو ان قول الانسان مجرد قول مطرنا بنوء كذا وكذا مع اعتقاده ان الله عز وجل هو المنزل للمطر بقوته ومشيئته جل وعلا ومع ذلك جاء وصف هذا القائل بانه كافر فكيف يكون الحال في شأن من استغاث بغير الله وصرف لب العبادة لغيره؟ ارأيتم لو ان هذا الانسان قال يا ايتها الانواء اغيثيني ما رأيكم ايكون كافرا؟ اذا كان مجرد قوله مطرنا بنوء كذا كفرا. طيب اذا قال يا ايتها الانواع فيني المدد المدد ما رأيكم اليس هذا اولى بالكفر طيب وماذا لو قال يا سيدي فلان يا صاحب القبر اغثني اليس هذا كفرا ما الفرق لا فرق بين الصيغة الاولى والصيغة الثانية فاين عقول القبوريين؟ اين هم عن هذا الوحي؟ والنور المحمدي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه مجرد قول فيه نسبة نعمة الى غير الله لم يقم فيها الانسان بواجب الادب مع الله عز وجل كان واجب الادب يقتضي منه ان ينسب النعمة الى الله عز وجل فلم يفعل. ونسبها الى غيره بلفظه فقط. فوصفه الله عز وجل بانه كافر ونقل هذا الينا النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بالذي صرف العبادة لغير الله اصلا لا شك انه اولى بهذا الوصف بل ان كفره كفر اكبر وليس كفرا اصغر. هناك وجه اخر ايضا يؤيد ان المقام يتعلق بنسبة النعم وشكرها وليس ايجادها وهو ما سيأتي في سبب آآ نزول قول الله جل وعلا وتجعلون رزقكم انكم تكذبون والذي سيأتي ان شاء الله معنا في اثر ابن عباس رضي الله عنهما فان فيه ان الناس بعد ان نزل مطر قال الله عز وجل اصبح عبادي شاكر وكافر فلاحظ انه هنا ذكر ماذا الشكر فدل هذا على ان المقام مقامه مقام الشكر دل هذا على ان المقام مقام الشكر وليس مقام نسبة الايجاب والله عز وجل اعلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما معناه وفيه قال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا فانزل الله وهذه الاية فلا اقسم بمواقع النجوم الى قوله تكذبون اه هذا الاثر نسبه المؤلف رحمه الله الى الشيخين والصحيح انه ليس في البخاري وانما هو في مسلم فقط وفيه بيان سبب نزول هذه الايات من سورة الواقعة وذلك ان الله عز وجل لما نزل مطر فانقسم الناس قال بعضهم مطرنا بفضل الله وقال اخرون صدق نوء كذا قال الله عز وجل اصبح اصبح عبادي شاكر وكافر فنزلت هذه الايات تفسير هذه الايات يطول به المقام وقد جرت عادتنا على اننا نعلق على ما يتعلق بالباب فقط ويهمنا هنا ان نعرف تفسير ايتين من هذه الايات. الاولى قول الله جل وعلا فلا بمواقع النجوم اختلف العلماء اختلافا طويلا في هذه الصلة لا لا اقسم وهذا قد تكرر كثيرا في القرآن والاقرب والله اعلم ان لا ها هنا صفة تفيد التوكيد والتوكيد ها هنا هو بالتكرار فان هذه اللفظة لا تقوم مقام تكرار الكلام كانه قال في غير القرآن اقسم بمواقع النجوم اقسم بمواقع النجوم. ولا شك ان التكرار يفيد التوكيد لا شك ان التكرار يفيد التوكيد. لعل هذا اقرب ما يقال في ذلك. لا اقسم فلا بمواقع النجوم اختلف المفسرون في مواقع النجوم الى اقوال. فمنهم من قال ان مواقع النجوم امتثارها يوم القيامة وقيل ان مواقع النجوم منازلها على ما مضى شرحه وبيانه. وقيل ان ان مواقع النجوم يعني مطالعها ومغاربها عن الله بذلك مطالعها ومغاربها. الشاهد ان الله سبحانه وتعالى اقسم بمواقع النجوم. وهذا هو التفسير الاقرب ان النجوم هي نجوم السماء. وهذا الذي عليه اكثر المفسرين. بل هذا هو القول الصحيح الذي لا شك فيه لدلالة سبب النزول وقال بعض اهل العلم ان النجوم ها هنا نجوم القرآن والمراد بنجوم القرآن اجال نزوله. تعلمون ان القرآن ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة انما نزل ماذا؟ منجما فرقه الله عز وجل لحكمة بالغة وقرآنا سرقناه اقسم الله عز وجل بنجوم القرآن يعني اجال نزوله فانه نزل شيئا بعد شيء وهذا له حكمة بالغة اه ارادها الله سبحانه وتعالى واحبها المقصود ان القول الاول هو الاقرب وبالتالي فمواقع النجوم اما ان يقال انها منازلها واما ان يقال انها مطالعها وهذا هو الاقرب وقيل ان ذلك انتثارها ان ذلك انتثارها يوم القيامة والله عز وجل له ان يقسم بما يشاء من خلقه واقسامه بشيء من خلقه فيه من تفخيم وتعظيم هذا المخلوق اما المخلوق فانه ليس له ان يقسم الا بالله جل وعلا وهذا اعني القسم والحلف بغير الله جل وعلا منكر. يجب على المسلم ان يتوب الى الله منه وان ينكره من غيره لانه من الشرك. اذا قال وحياتك اذا قال والكعبة اذا قال والنبي لا شك ان هذا من المنكر الذي يجب ان يتقي الله المسلم في نفسه وان يتوب الى الله عز وجل منه. قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت. قال عليه والصلاة والسلام من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك. اما الاية الثانية التي تهمنا هنا فهي اخر السياق الذي اراد المؤلف رحمه الله الاستدلال به وهو ما مر بنا في اول الباب وتجعلون رزقكم انكم تكذبون. اختلف المفسرون في تفسير قوله جل وعلا رزقكم فقيل ان الرزق ها هنا هو القرآن لانه فضل من الله ونعمة وهذا اذا فسرنا النجوم اولا بماذا بنجوم القرآن القول الثاني هو ان النجوم هي عفوا القول بان الرزق هو ما يتفضل الله عز وجل به ومن ذلك المطر. وهذا ما يشهد له سبب نزول الاية. ومعنى قوله جل وعلا انكم تكذبون وتجعلون رزقكم انكم تكذبون اختلف العلماء في هذه الكلمة هل المراد بالرزق ها هنا الشكر او انها هنا حذفا قال بعض اهل العلم انها هنا حذفا وهو المضاف وتجعلون شكر رزقكم انكم تكذبون وتجعلون شكر رزقكم انكم تكذبون واكثر المفسرين على هذا. وقيل ان الرزق ها هنا لا حاجة لاضمار شيء قبله انما آآ هو تجعلون رزقكم يعني تجعلون الرزق الذي رزقتموه منسوبا الى غير الله جل وعلا وهذا المراد بقوله ها انكم تكذبون. فدل هذا على ان نسبة المطر الى الانواء نسبة كاذبة وافتراء ليس بصادق انما الصدق والحق والايمان ان ينسب الرزق تنسب الامطار الى الله سبحانه وتعالى. وقيل ان الرزق ها هنا هو الحظ والنصيب وهذا الذي اه قاله الحسن رحمه الله تجعلون حظكم ونصيبكم من نعمة الله عز وجل ورزقه انكم تكذبون بها فتنسبونها الى غيره والخلاصة هي ايها الكرام ان الواجب في شأن الامطار كما هو الواجب في غيرها من نعم الله جل وعلى ان تنسب الى الله سبحانه وان يشكر هو وحده عليها. وهذا مع الاسف الشديد قد آآ وقع في خلافه كثير من الناس اليوم تسمع على السن كثير من الناس نسبة المطر الى المرتفعات الجوية والمنخفضات الجوية والكتل الباردة وما شاكل ذلك ولا تسمع نسبة ذلك الى الله سبحانه وتعالى. وهذا لا شك انه داخل في هذا المعنى الذي نتحدث عنه لا تجوز هذه النسبة الواجب ان تنسب النعم الى الله سبحانه وتعالى ولا اشكال في ان يقال ان ذلك راجع الى سبب. فالشريعة كما ذكرنا لا تعارض امرا واقعا. والله عز وجل قد يخلق الاشياء باسبابها لكن المهم والمقدم هو انه يجب ان تنسب هذه النعم اولا الى الله سبحانه وتعالى. بقية مسألة اخيرة وهي ما حكم من قال مطرنا بنوء كذا ومراده في نوء كذا. بمعنى انه يريد ان كرة الظرفية ان يذكر الظرف الذي كان فيه نزول المطر. هل يجوز ان يقول هذا ام لا الباء قد تأتي ظرفية كما قال جل وعلا وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل يعني وفي الليل فالباء قد تأتي ماذا؟ ظرفية منها هنا قال بعض اهل العلم وهذا نص الشافعي رحمه الله في كتابه الام ان القائل لو قال مطرنا بنوء كذا واراد في نوء كذا قال ان هذا ليس بكفر وغيره من الكلام احب الي يرى رحمه الله ان هذا اللفظ ليس داخلا في ما جاء في الادلة من الذم والتحذير ووصف هذا بانه كفر لكنه يرى ان استعمال غير استعمال ان استعمال غير ذلك من الالفاظ اولى واحرى والتحقيق في هذه المسألة والله تعالى اعلم ان يقال ان اللفظ بقرائن الاحوال اذا دل على احتمال هذا اللفظ لهذا المعنى فانه لا شك انه لا يكون كفرا. اذا دل اللفظ مع قرائن الاحوال على ان هذه النسبة نسبة ظرفية يعني الباء للظرفية فان هذا لا شك انه لا يكون كفرا ولكن مع ذلك ينبغي ان يوجه القائل الى ترك استعمال اللفظ الذي فيه نقول له اذا قال مطرنا بنوء كذا ماذا تريد؟ قال اريد اننا مطرنا في نوء كذا يعني في الوقت الذي ناء فيه هذا النجم او ظهر فيه ذلك النجم. انا فقط اقول ان هذا هو الوقت الذي متنا فيه. فنقول لا بأس. المعنى الذي اردته صحيح لكن الاولى بك ان تتلاف ان تتكلم بلفظ ليس فيه ادنى التباس فقل مطرنا في نوء كذا وينتهي الاشكال. وهذه قاعدة يا ايها الاخوة ان الالفاظ التي تستعمل استعمالا باطلا. وقد اعملوا استعمالا صحيحا ينبغي النصيحة والتوجيه بترك استعمالها. اخذا بالثقة وعملا بالاحتياط. قال صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك. الخلاصة التي نريد ان نصل اليها ان نسبة الامطار الى الانوار والكواكب النجوم وما الى ذلك تنقسم الى ثلاثة اقسام. القسم الاول ان تكون النسبة نسبة ايجاد تكون النسبة نسبة ايجاد فهذا لا شك انه ماذا؟ كفر اكبر. ثانيا ان تكون النسبة نسبة نعمة الى غير الله سبحانه وتعالى. والباء باء السببية. فهذا كفر اصغر وشرك خفي على ما جاء في الادلة طبعا اذا اعتقد ماذا ان الله عز وجل هو الذي انزل. الحال الثالثة ان يكون مراده الظرف يعني ان تكون الباء ها هنا ظرفية فنقول ان هذا ليس بكفر اكبر ولا اصغر لكن الاولى استعمال اللفظ الذي لا لبس فيه فقل مطرنا فينا واي كذا وكذا والله عز وجل اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان