بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد اسباب قول الله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يدلي فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا المواد فان المؤلف رحمه الله انتقل من هذا الباب الى الكلام عن اهم العبادات القلبية التي لا يكون التوحيد الا بها وبدأ رحمه الله بالكلام عن عبودية المحبة لله سبحانه وتعالى والمحبة لا تعرف باكثر من لفظها لان المعاني الكلية معلومة بالبداهة ولا يزيدها التعريف الا غموضا محبة الله عز وجل هي نب العبودية وروح الايمان وساق شجرة الاسلام واعلى مراتب الاناء واعلى مراتب الاحسان وهي اساس كل خير وكل نعيم في الدنيا والاخرة فهو من ثمرات هذه المحبة محبة الله جل وعلا حقيقة العبادة فان الاله هو المعبود عن محبة وخضوع وتعظيم انا ها او اله يأله الوهة والهية بمعنى عبد وظل وخضع محبة وتعظيما الدين كله راجع الى هذا الاصل العظيم الا وهو محبة الله سبحانه وتعالى واذا فهمت هذا فهمت السبب الذي لاجله قال خليل الرحمن عليه السلام لما قفل الكوكب قال لا احب الافلين لم يقل لا اعبد او لا اخاف او لا ارجو الاخرين قال لا احب الآفلين لان المحبة هي مد العبودية ولما اقفل الكوكب كان هذا دليلا على انه ليس ربا وبالتالي لا يكون الها ولا معبودا فهو لا يستحق ان يعبد وبالتالي قال لا احب الاخرين وهذا المقام العظيم كان نبينا صلى الله عليه وسلم يسأل الله ربه يسأل الله ربه ان يبلغه اياه فكان من دعائه عليه الصلاة والسلام اللهم اني اسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربني الى حبك والمحبة في الجنة من حيث هي تنقسم الى قسمين ينقسم الى محبة مشتركة والى محبة خاصة اما المحبة المشتركة لا يمكن ان نجعلها في ثلاثة اقسام القسم الاول المحبة الطبيعية وهي محبة ما يميل اليه الانسان بحكم الطبع من مطعون او مشروب او زوج او ما شاكل ذلك وهذا امر لا محظور فيه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل ويحب الشراب الحلو البارد ويحب الدباء ويحب من الثياب ما كان ابيضا وقال عليه الصلاة والسلام حبب الي من دنياكم الطيب والنساء النوع الثاني محبة الاجلال والاشراق محبة الاجمال كمحبة الولد لوالده. ومحبة الاشفاق كمحبة الوالد لولده النوع الثالث محبة الانس والمناسبة وذلك كمحبة الانسان لالف يألفه وزميل يزامله في دار او عمل او سفر او ما شاكل ذلك هذه المحبة المشتركة يعتبرها الاحكام التكليفية الثلاثة الاستحباب والاباحة والتحريم اما كونها مباحة فان ذلك مشروط بثلاثة شروط اولا ان تكون هذه المحبة مأذونا بها شرعا بمعنى ان يكون هذا المحبوب قد اذن الله واباح محبته وبالتالي فان ما حرم الله عز وجل لا تجوز محبته كمحبة الخمر ومحبة الخنزير ومحبة الفاحشة وما الى ذلك الامر الثاني الا تكون هذه المحبة مشغلة عما يحبه الله سبحانه وتعالى يجب ان يكون الله عز وجل وما يحبه الله عز وجل هو المقدم. وبالتالي فهذه المحبوبات والتي يهواها الانسان لا يجوز ان تبلغ الى ان تشغل الانسان عن محبوب الله جل وعلا والامر الثالث الا تبلغ هذه المحبة الى ان تكون مساوية لمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فان الذي يجب كما سيأتي بيانه ان شاء الله ان يكون الله ورسوله احب الى المرء من كل ما سواهما اذا هذه هي المحبة المشتركة وهذا الحكم حين يكون الاباحة اما اذا كانت هذه المحبة والله مأذون فيها او اشغلت ان يحبه الله او بالغ الانسان فيها حتى وصلت الى ان تكون في مصاف محبة الله ورسوله فانها حينئذ تنتقل الى ان تكون محبة محرمة اما اذا استعمل الانسان هذه المحبوبات وطوعها لاجل ان تكون سببا لنيل محبة الله جل وعلا. فاحبها لانها تبلغه الى محبة الله كانت في حقه مستحبة اذا كان يحب الطعام لاجل انه سوف يقوى به جسده. ليقوى على طاعة الله جل وعلا. كانت هذه المحبة في حقه مستحبة وهكذا اذا هذا هو القسم الاول وهو المحبة المشتركة اما القسم الثاني فهو المحبة الخاصة هذه المحبة هي محبة العبودية محبة العبودية هي المحبة التي تقتضي تمام الذل والخضوع وكمان الطاعة والانثار على الغير هذه المحبة اختص الله سبحانه وتعالى بها ولا يجوز ان تصرف لغيره ولا يجوز ان يشركه فيها غيره. واذا قلنا هذه هي المحبة الخاصة. يعني التي يختص الله عز وجل بها وهي التي اراد المؤلف رحمه الله بيانها والكلام عنها حينما عقد هذا الباب وهذا هو مد العبودية كما ذكرت لك واساس الدين وما اسست عليه هذه الملة والدين كله انما هو مراد لتحقيق هذه المحبة لله سبحانه لا شريك له فيها. هذه المحبة ظل فيها اناس اخطأوا فيما يتعلق بمحبة الله جل وعلا ممن اخطأ في هذا الباب اناس نفوها في بعض ظلال المتكلمين الذين نفوا ان يحب العبد ربه جل وعلا وقالوا اننا تكون المحبة للثواب او النعمة التي يمن الله عز وجل بها اما ان يكون هو سبحانه محبوبا لعبد من عبده فان هذا لا يصح وهذا كان منهم بضلال في عقولهم وقسوة في قلوبهم. يا الله العجب! كيف حرم هؤلاء اعظم ما جاء به هذا الدين. واعظم لذة يلتذ بها المؤمن فان القلوب لا تطمئن الا بمحبة الله في الدنيا ولا تقر اعينها الا برؤية الله عز وجل في الاخرة ممن ظل في هذا الباب ايضا اناس اخرجتهم معانتهم وعدم انضباطهم بضوابط الشرع اخرجته الى دعاوى تنافي الادب مع الله عز وجل بل تنافي مقام العبودية فان من ضلال اهل البدع بل كان يزعم انه لانه يحب الله جل وعلا. فالله عز وجل يحبه وبالتالي فانه تنحل عنه التكاليف وبالتالي فانه لا تضره الذنوب لانه يحب الله وكان حبيبا لله وهؤلاء فيهم شبه من اهل الكتاب الذين قالوا نحن ابناء الله واحباؤه اما الصنف الثالث فهم الذين وجاء ذكره في هذه الاية ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونه كحب الله هؤلاء هم الذين اشركوا مع الله عز وجل في هذه المحبة الخاصة هؤلاء الذين احبوا معبوداتهم كحب الله جل وعلا. بل ربما احبوهم بل ربما احبوهم اعظم من محبة الله ولا شك ان هذا حال المشركين اجمعين قديما وحديثا فانهم ما توجهوا بالعبادة لمعبوداتهم الا لان هذه المعدودات ابحث في قلوبهم في مصافي ربنا جل وعلا من حيث المحبة ولذلك فانهم تمسكوا بهذه المعبودات اشد التمسك حتى انهم هان عليهم ان تضرب رقابهم وان تسال دماؤهم في سبيل تمسكهم بعبوديتهم لهذه المعبودات ومن علامات ان هؤلاء اشركوا في هذه المحبة مع الله جل وعلا. بل ربما غلبت هذه المحبة التي صرفوها للمعبودات محبة الله انك تجد احدهم يغار على حرمة من يعبد اعظم منا يغار على حرمة الله جل وعلا بل ربما انتفض واجلب بخيره ورجله اذا تعدى احد على جناب السيد او الولي الذي نعبده بينما تراه لا يحرك ساكنا اذا انتهكت محارم الله جل وعلا من علامات هذه الشركة في المحبة بل ربما تقدم محبة الاولياء والمعبدين عند هؤلاء على محبة الله انك تجد احدهم يسهل عليه ان يحلف بالله كاذبا لكنه لا يجرؤ على ان يحلف بمعبوده كاذبا وهذا دليل على ان هذه المحبة قد بلغت في قلبه مبلغا عظيما حتى وقعوا في صميم الشرك والعياذ بالله بسبب ذلك اذا هؤلاء الذين اريد بيان حالهم في هذا الباب قال جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. من الناس هؤلاء هم المشركون طائفة من النشر ضم الطريق عموا عن الهدى فكان من شأنهم انهم يجعلون لله اندادا يعني مرسلاء ونظراء يحبونهم كحب الله اختلف اهل التفسير في هذه الاية يحبونهم كحب الله فمنهم من قال يحبون يعني هؤلاء المشركون يحبون الهتهم كما يحبون الله محبة الهتهم في نفوسهم تضارع محبة الله والوجه الثاني ان هؤلاء المشركين يحبون الهتهم كحب المؤمنين لله والوجه الاول اي لا ولا شك ثم قال جل وعلا والذين امنوا اشد حبا لله كذلك اختلف العلماء في هذا القدر من الاية واختلافهم ها هنا مبني على اختلافهم في الشكل الاول والصواب ان معنى الاية والذين امنوا اشد حبا لله من محبة المشركين لله وهذا هو الاقرب وقيل والذين امنوا اشد حبا لله من محبة المشركين لالهتهم الصواب كما ذكرت لك الاول اذا هؤلاء المشركون يحبون الله وبالتالي فانهم تصدر منهم عبوديات لله جل وعلا لا يظنن ظال ان المشركين الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وقاتلهم وكفرهم لا يظنن ظانا انهم ما كانوا يعرفون الله او انهم ما كانوا يعبدونه؟ كلا بل كانوا يصلون وكانوا يحجون وكانوا يتصدقون وكانوا يطوفون وكانوا يذبحون كانوا يتقربون والله عز وجل بانواع القرب ولكن كان شركهم من جهة انهم احبوا غير الله في محبة الله ساووا بين الله عز وجل ومعبوداتهم. لا والله ما ساووهم بالخلق والرزق والتدبير اننا ساووهم في المحبة والاجلال والخوف والتعظيم. ولذلك يقومون يوم القيامة تالله ان كنا ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين. هكذا يخاطبون معدوداتهم التي اشركوها مع الله جل وعلا اذا هؤلاء المشركون كانوا يحبون الله جل وعلا لكن هذه المحبة ما نفعته لما؟ لاشراكهم ولذلك الصيام في الحكم الا يحب الانسان الله جل وعلا او ان يحبه ويحب ويحب غيره معه كمحبته كل ذلك لا ينفع الانسان وكل ذلك كفر بالله جل وعلا والذين امنوا اشد حبا لله كيف لا يكون ذلك ومحبة المؤمنين محبة خالصة اما محبة المشركين فانها محبة مدخولة ولذلك فان المعدودات والالهة اخذت حصة من هذه المحبة فكانت ظعيفة اما محبة اهل الايمان فانها محبة كاملة توجهت الى محبوب واحد وهو الله جل وعلا فكانت المحبة الخالصة اقوى من المحبة المشتركة والذين امنوا اشد حبا لله. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله قل قل ان كان اباؤكم الى قوله احب اليكم من الله ورسوله الاية المؤلف رحمه الله اورد في هذا الباب ايتين وحديثين مرفوعين كلاهما من حديث انس رضي الله عنه واورد اثرين عن ابن عباس رضي الله عنهما الاية الاولى اية البقرة سبق الحديث عنها اما الاية الثانية فهي اية التوبة قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وان حصلتم واكتسبتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها ثمانية اشياء ذكرها الله جل وعلا لانها احب ما يكون للانسان احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربصوا حتى يأتي الله بامره. ان الله لا يهدي القوم الفاسقين هذه الاية نزلت في حق اناس من المسلمين اسلموا ولم يهاجروا لاجل تعلقهم بواحد او اكثر من هذه الامور الثمانية المذكورة فانزل الله عز وجل هذه الاية في عتابهم. فتربصوا حتى يأتي الله بامره مما لم يقدموا ما يحبه الله عز وجل على ما تحبه انفسهم وما تهواه قلوبهم اتاهم من هذا الوعيد فتربصوا حتى يأتي الله بامره. يعني انتظروا عقوبة الله عز وجل التي تحل بكم دل هذا على ان المحبة لا تكن صادقة الا اذا كان عليها برهان هذه الاية محنة كما كانت الاية الاخرى التي هي شقيقتها محنة هذه الاية مغلوب الاية الاخرى. قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله اذا هذان برهانان على صدق المحبة لله جل وعلا. من كان مدعيا بمحبة الله فانه مطالب بان يأتي بالدليل عليها والدليل امران الاول تقديم ما يحبه الله جل وعلا على ما تحبه نفسه ويهواه قلبه والدليل الثاني صدق الاتباع من النبي محمد صلى الله عليه وسلم. اما محبة تخلو من هذين فانها دعوة لا ترقى لان تكون محبة صادقة ان كنتم تحبون الله اذا لا بد من موافقة الله عز وجل فيما يحبه. وهذا الذي يدركه العقلاء جميعا. الناس لا تعرف محبة الا يتبعها طاعة للمحبوب. وموافقة له. والا فانها غير مقبولة تعصي الاله وانت تزعم حبه هذا لامري في القياس بديع. لو كان حبك صادقا لاطعته ان المحب لمن يحب نتيجة ومن ومن المهاني من حبه عن الماء عطشانا لم اشرب قالت لطيف خيال زارني ومضى بالله صف ولا تنقص ولا تزدي فقال خلفته لو مات من ظمأ وقلت قف قف عن وريد الماء لم يرد. قالت صدقت فان الحب شيمته وضب ذاك الذي قالت على كبدي الناس لا تعرفه المحبة الا وعليها دليل وبرهان. وهو موافقة وطاعته والا فانها محبة كاذبة او محبة مدخولة ضعيفة اذا علامة الحب الصادق لله جل وعلا طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام وبالتالي لو كان دائما وابدا في كل مقام نقدم ما تهواه نفسه على ما يحبه الله دائما اذا تعارض عنده الامران قدم محبة ما يحب على ما يحب سبحانه وتعالى وهذا لا يكون مسلما هذا يكون مشركا اما الذي يكون تارة وتارة تارة يقدم ما يحبه الله وتارة يقدم ما تحبه نفسه فهذا يكون عاصيا اما المؤمن كامل الايمان الذي اتى بالقدر الواجب الذي لا تبرأ الذمة الا به فهو الذي يقدم دائما ما يحبه الله جل وعلا على ما تحبه نفسه عند التعارض هذا ما بينته هذه الاية هذه الاية ليست تنفي محبة الانسان بهذه الامور محبة طبيعية انما تنهى وتأمر المؤمن بان يملى بنفسه عن ان يكون مقدما لما يحب على ما يحبه سبحانه وتعالى يجب ان يكون المقدم دائما ما يحبه الله وليس لا يحبه الانسان ولذلك المحبة من حيث احكامها تنقسم الى ثلاثة اقسام محبة نافعة ومحبة ضارة ومحبة بين هذين اما المحبة النافعة وتنقسم الى ما يأتي اولا محبة الله وثانيا المحبة في الله وثالثا محبة ما يحبه الله وما يقرب الى محبة الله هذه المحبة النافعة اما المحبة الضارة فانها اولا المحبة مع الله وثانيا محبة ما يبغضه الله وثالثا المحبة التي تشغل عن ما يحبه الله اذا لو تأملت محاب الناس النافعة والضارة ما وجدتها تدور على هذه المحاب ستة اما التي بينها هذين النوعين فهي المحبة الجائزة المباحة وهي التي مضى الحديث وفيها وقلنا انها المحبة المشتركة فهذه الاصل فيها كما ذكرنا الجواز وقد تكون مستحبة وقد تكون محرمة على ما مضى بيانه والله عز وجل اعلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب من ولده ووالده والناس اجمعين مخرجاه هذا حديث انس رضي الله عنه والمخرج في الصحيحين وجاء معناه ايضا عند البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده به هذا الحديث دليل على وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم بل على وجوب ان تعظم محبة النبي صلى الله عليه وسلم حتى تكون اعظم المحاب على الاطلاق ان محبة الله ولا يكون الانسان محققا للايمان الواجب الا بذلك فان نفي الايمان في امر دليل على ان متعلقه من الامر الواجب. وبالتالي فان التقصير في ذلك امر محرم لا يوفى الايمان الا في ترك شيء واجب لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين. ولاحظ انه قال احب اذا محبة ما يحبه الانسان طبعا امر جائز مأذون فيه بشرط ان يكون دون محبة النبي صلى الله عليه وسلم وها هنا سؤال هذا الباب معقود للكلام عن محبة الله فما بال الشيخ قد اتى بحديث يتعلق بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم والجواب ان في هذا نكتتين الاولى للدلالة على ان محبة الله عز وجل تقتضي محبة ما يحب ومن ذلك محبة النبي صلى الله عليه وسلم لان الله يحبه عليه الصلاة والسلام بل ان الله جل وعلا قد اتخذه خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا. والخلة ارفع من اصل المحبة ارفع واعلى درجات المحبة هي الخلة. وهذه التي اختص الله جل وعلا بها الخليلين ابراهيم ومحمد صلى الله عليه عليه عليهما مسلم اذا هذا هو الامر الاول ونكتة ثانية وهي انه اذا كانت محبة النبي صلى الله عليه وسلم يجب ان تعظم في القلب الى هذا القدر ان يكون هو عليه الصلاة والسلام اعظم في القلب محبة من اعظم المحبوبات التي هي محبة الوالد والولد والناس اجمعين فكيف بمحبة الله جل وعلا يجب ان تكون في القلب اعظم من ذلك واعظم اليس كذلك؟ اذا هذا فيه من دلالة التنبيه على ضرورة تعظيم محبة الله سبحانه وتعالى في النفوس اذا النبي صلى الله عليه وسلم واجب على امته ان يكون اعظم محبوب من البشر على الاطلاق حتى ان يكون احب من الوالد الذي هو سبب الحياة ومن الولد الذي هو قطعة من الفؤاد ومن الناس اجمعين بل حتى ان يكون احب اليه من نفسه التي بين جنبيه وهذا ما جاء اه دخوله في قوله والناس اجمعين. فالناس عموم واجمعين عموم ويدخل في ذلك نفسه التي بين جنبيه وهذا ما جاء التنصيص عليه في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن هشام رضي الله عنه انه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اخذ بيد عمر رضي الله عنه. فقال عمر والله يا رسول قال الله لانت احب الي من كل احد الا من نفسه قال والذي نفسي بيده انظر الى هذا القسم من لدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي نفسي بيده حتى اكون احب اليك من نفسك قال فوالله لانت الان احب الي من نفسي. قال الان يا عمر يعني الان بلغت درجة ايمان الواجب اذا هكذا يجب ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب المؤمنين اجمعين والشأن كما ذكرت لك سابقا ان يكون على المحبة دليل وبرهان ومن علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم الشوق الى لقائه ورؤيته ومر بنا ما جاء في صحيح مسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم ان من اشد الناس حبا لي قوم يأتون من بعدي رأوني ودوا لو رأوني باهلهم ومالهم من علامة محبة النبي صلى الله عليه وسلم المسارعة الى طاعته والدقة في اتباعه من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم تقديم سنته وحديثه وامره على كل ذوق وعرف وعادة وعقل وهوى من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم ان تطرح الاراء امام حكمه وقوله عليه الصلاة والسلام من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم الوقوف عند سنته وعدم الزيادة عليها وعدم الاحداث في شريعته من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم الدفاع عنه والسعي في نشر سنته عليه الصلاة والسلام من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الصلاة والسلام عليه عليه الصلاة والسلام فان من احب فان من احب شيئا اكثر من ذكره هذه نبذة تتعلق بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كما علمنا فرع عن محبة ربنا جل وعلا كيف لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم هذه المحبة العظيمة والله جل وعلا يحبه اعظم فينا يحب النبي صلى الله عليه وسلم وقد امرنا الله بمحبته. كما في هذا الحديث كيف لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم ما هو الذي احسن الينا بفضل الله جل وعلا اعظم احسان. لقد من على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويؤلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبلنا في ضلال مبين. كيف لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهو الذي قد جمع الكمال البشري. في خلقه وخلقه عليه الصلاة والسلام فان له الكمال في سجاياه وفي وفي خلاله وفي صفاته عليه الصلاة والسلام والنفوس السوية مجبولة على حب الكمال اذا لهذا وغيره يوجب مجيبا ان يحب النبي صلى الله عليه وسلم اعظم محبة يتصورها الانسان الا محبة الله سبحانه وتعالى فانها يجب ان تكون في قلوب اعظم. نعم سمع اليكم قال رحمه الله ولهما عنها رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. وان يحب المرء لا يحبه الا لله. وان يكره ان يعود وفي الكفر بعد اذا انقضه الله منه كما يكره ان يقذف في النار. لهو يعني للشيخين البخاري ومسلم عنهم يعني عن انس رضي الله عنه هذا حديث عظيم فيه بيان كيف تحقيق المحبة الصادقة قال اهل العلم المحبة الصادقة التي تكون لله جل وعلا لا تتم الا بتكميلها وتفريعها ودفع ضدها. انتبه لا تحصلوا في قلبك هذه المحبة التي امر الله عز وجل بها والتي هي قدر واجب لا يكون الايمان الواجب الا به الا باكتمال هذه الامور الثلاثة وهي التي جاءت تنصيص عليها في الحديث اولا تكميلها بمعنى ان يكون الله ورسوله احب الى المرء مما سواهما. ولاحظ انه قال مما سواهما يفيد التعميم فيجب ان يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم احب اليه من كل شيء على الاطلاق. كما مضى بيانه ثانيا تفريعها بمعنى ان يأتي بما يتفرع ويلزم على محبة الله سبحانه وتعالى ومن ذلك المحبة في الله ولله ولاجل الله. وهذا ما جاء التنصيص عليه في الحديث. وان يحب المرء ما يحب حبه الا لله انتبه كثملة فروق من لم يتنبه اليها فانه سيقع في خطأ عظيم شرط بين المحبة فرق بين محبة الله اصلا والمحبة له فرعا ما المحبة معه شركا كثير من الناس مع الاسف الشديد خلطوا بين هذه الامور. فاخطأوا خطأ عظيما هذه محبة التي جاءت في الامر الثاني في هذا الحديث المحبة لاجل الله عز وجل. وفي الله جل وعلا وهذه المحبة فرع عن محبة الله سبحانه وتعالى. لاننا كما قلنا ان المحبة الصادقة تستلزم موافقة المحبوب والله جل وعلا يحب عباده المؤمنين فمن يحبه عليه ان يحب هؤلاء المؤمنين. الله يحب الانبياء ويحب الملائكة والله عز وجل يحب من كان مستقيما على طاعته يحب التوابين يحب المتطهرين يحب الذين يقاتلون هنا في سبيله صفا الى اخر ما جاء في النصوص. محبتك الصادقة لله تقتضي ان توافق الله فيما يحب والمحبة في الله جل وعلا لها شأن واي شأن في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يوم القيامة اين المتحابين في جلالي؟ اليوم اظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظلي. في الصحيحين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شأن السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله ومنهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه قال الله جل وعلا في الحديث القدسي الصحيح وجبت محبتي للمتحابين في اخين في والمتبادلين في والمتجالسين في المحبة في الله سبحانه وتعالى ان يحب الانسان اخاه لا لامر دنيوي لا لغرض مادي انما يحبه لانه مستقيم على طاعة الله فهو يحب فيه طاعته لله جل وعلا. وهذا دليل على صدق المحبة لله جل وعلا الامر الثالث دفع الضد وهذا ما جاء التنصيص عليه في قوله عليه الصلاة والسلام وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار صيام عند المحب الصادق بين الكفر والوقوع في النار كما انه يكره هذا يكره هذا كما انه يمتنع عن هذا اشد الامتناع يمتنع هاء هذا اشد الامتناع. لم لان المحب الصادق الذي اخلص محبته لله واعظم محبته لله انار الله عز وجل قلبه بالايمان. فانكشفت محاسن الاسلام وانكشفت امامه قبائح ظده وهو الشرك للكفر ولذلك فانه كان اعظم ما يكون بغضا للكفر واذا كان مبغضا للكفر والشرك ابغض من قام به الكفر والشرك فان من ابغض شيئا ابغض من اتصف به اذا ان يبغض الكفر ويبغض الكافرين. وهذا من صميم لوازم محبة الله سبحانه وتعالى لا يمكن ان يكون الانسان محبا لمحبوبه ولعدوه معا لا تتأتى هذه المسألة اذا صاف صديقك من تعادي فقد عاداك وانقطع الكلام اذا الامر كما قال ابن القيم رحمه الله اتحب اعداء الحبيب وتدعي حبا له؟ ما ذاك في الامكان؟ لا يتأتى ذلك ان كنت صادقا في محبة الله سبحانه وتعالى فمن لوازم ذلك ان تكون مبغضا وضد ما يحبه الله جل وعلا. وان تكون موافقا لمحبوبك فيما يبغضه. الله يبغض الكفر والكافرين اذا عليك ان تكون موافقا لربك سبحانه وتعالى فيما يبغض. وهذا من اهم المهمات ان توجه محبتك وبغضك في ضوء ما يحب الله عز وجل ويبغض. بل الله جل وعلا ما اعطاك هذا الشعور. شعور المحبة الذي جعله في قلبك وقذفه في زبلتك الا لاجل ان تحب ما يحب. كذلك الشأن في البغض. ما جعل فيك هذا الشعور الا لاجل ان تبغض ما يبغض. اذا المحبة في الله عز وجل والبغض في الله عز وجل هذا من صميم لوازن محبة الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وفي رواية لا يريد احد حلاوة الايمان حتى الى اخره هذه الرواية عند البخاري فحسب وفيها النفي المذكور لكنه ابلغ من الرواية التي قبله لان النفي في هذه الرواية كان من طريق المنطوق والنفي فيما قبلها كان من طريق المفهوم. والمنطوق لا شك انه اقوى من المفهوم. نعم قال رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال من احب في الله وابغض في الله ووالى في الله وعاد في الله فانما ولاية الله بذلك ولن يجد عبدا طعم الايمان وان كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على امر الدنيا وذلك لا يجدي على اهله شيئا. رواه ابن جرير هذا الاثر حسن الكلام جزم الالفاظ لطيف معنى لكنه ضعيف الاسناد وفي اسناده ليث ابن ابي سليم وهو ضعيف لكن معناه صحيح لا شك فيه وقد جاء عند ابي داوود باسناد حسن ان شاء الله قول النبي صلى الله عليه وسلم من احب لله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان فهذا الاثر في معنى هذا الحديث والمقصود ان من التفريع على محبة الله جل وعلا ان يحب الانسان في الله وان يبغض في اللحم وما الدين الا الحب والبغض والولا هواك البرى من كل غاو ومعتدي. والنصوص التي جاءت في التنصيص على وجوب هذا الامر كثيرة لا تخفى من فقه ابن عباس رضي الله عنهما وهذا ما اشار اليه المؤلف في المسائل فيه معرفة الصحابي بالواقع صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام يعرف واقعه لانه يعيش فيه ولانه ينظر الى احواله نظرا مستبصر ذكر في اخر هذا الاثر انه قد صارت عامة مؤاخاة الناس في امر الدنيا وذلك لا يجدي على اهله شيئا يعني لا ينفع اهله شيئا مع الاسف الشديد هذه المحبة التي تبنى على غيل على غير الرباط الوثيق الذي هو المحبة في الله ولله. لا تجدي على اهلها ولا تنفعهم شيئا بل انها تكون عليهم وبالا عظيما الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين يدل هذا على ان كل محبة لم تبنى على هذا الاصل الاصيل العظيم فانها لا تنفع صاحب شيئا ولاجل هذا على المسلم ان يتبصر وان يتنبه وان يعيد النظر في علاقاته وصداقاته ومزامناته ومرافقاته لكي تبنى على اساس صحيح. ينفع الانسان في الدنيا وينفع الانسان في الاخرة. ما انفع من المحبة في الله ولا اضر من المحبة في غير الله ولاحظ يرعاك الله كيف يصف ابن عباس رضي الله عنهما؟ الحال في وقته وهذا يقارن فيه بين ما كان او ما عاشه في اخر حياته وبينما كان عليه الامر في عهد الخلفاء الراشدين فضلا عما كان عليه الامر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله وقد صارت عامة مؤاخاة الناس في امر الدنيا في ذاك الوقت فكيف لو ادرك زماننا رضي الله عنه ماذا تظنون انه يقول فانا لله وانا اليه راجعون اذا كانت عامة مؤاخاة الناس في ذاك الزمان النير الصالح فان الامر قد ازداد سوءا مع الاسف الشديد في هذا الزمان المتأخر صارت عامة مؤاخاة الناس في امر الدنيا وذلك لا يجدي على اهله شيئا. الله المستعان. نعم قال رحمه الله وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى وتقطعت بهم الاسباب حال المودة. نعم هذه الاية في سورة البقرة للتبرع الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب الاسباب فسرها ابن عباس رضي الله عنهما وكذلك جاء هذا التفسير عن مجاهد وقتادة انها المودات وقيل ان الاسباب ها هنا هي الاعمال او القرابات الاقرب والله تعالى اعلم ان المودة تفسير بالمثال والا في المعنى اعم كما قال ابن قتيبة رحمه الله ان كل ما ذكر في تفسير هذه الاية صحيح والمعنى الجامع انه تقطعت كل اسباب العلاقات فان العلاقات بين الناس لا شك انها لا تبنى الا باسباب قد تكون لمحبة قد تكون بمصالح قد تكون لقرابة قد تكون من زمانة في عمل وما الى ذلك الشاهد ان الله جل وعلا بين في هذه الاية ان المدات والصلات التي كانت بين الناس ولم تبنى على المحبة في الله عز وجل ولاجله سبحانه فانها سوف تتقطع يوم القيامة وتضمحل وتتلاشى بل تنقلب الى عداوة وهذا ما بينه الله جل وعلا في قوله سبحانه وتعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا جميعا حبه وحبنا وحب العمل الذي يقربنا الى حبه ان ربنا دعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان