ان النبي صلى الله عليه وسلم عاد شابا من الانصار وهو في سياق الموت فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيف تجدك فقال والله يا رسول الله اني لارجو الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين شيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فلا يزال الشيخ رحمه الله بوالي في الابواب التي عقدها ببيان بعض العبادات القلبية التي هي من عماد الايمان ومن صميم العلم بالله سبحانه وتعالى مضى الكلام عن عبادة المحبة وعطف الشيخ رحمه الله عليها بعبادة الخوف من الله سبحانه وتعالى الخوف من الله سبحانه عبادة عظيمة وركن من اركان الايمان القلبي وركيزة في سير العبد الى الله سبحانه وتعالى وقد امر الله جل وعلا بخوفه جل وعلا ان يخافه عباده كما قال سبحانه فلا تخافوهم وخافوني فاياي فارهبون واثنى الله جل وعلا على القائمين بهذه العبادة ولمن خاف مقام ربه جنتان وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون و الخوف من الله سبحانه شأنه عظيم عند اهل الايمان والخوف ينقسم الى ثلاثة اقسام مشروع وممنوع هو مباح اما الخوف المشروع فهو الخوف من الله سبحانه وتعالى هذا الخوف صوف اجلال وتعظيم فالله سبحانه وتعالى متصف بصفات يقتضي العلم بها الخوف العظيم منه جل وعلا فالله متصف بالعزة والقدرة والقوة والجبروت والغضب والبغض والانتقام وامثال هذه من الصفات وكلها اذا تأملت وجدت انها تورث في القلب خوفا عظيما من العظيم جل وعلا و اعظم سبب للخوف من الله سبحانه هو العلم به والقاعدة في هذا الباب انه كلما عظم العلم بالله سبحانه فانه يعظم الخوف منه كلما كان الانسان اكثر علما بالله سبحانه باسمائه وصفاته ونعوت جلاله فانه سيكون اكثر خوفا من الله جل وعلا ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه كفى بخشية الله علما ونادى احد السائلين الشعبية رحمه الله فقال افتني ايها العالم فقال ان العالم من يخاف الله وشاهدوا هذا في كتاب الله قول الله جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء ولذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم جامعا بين كمال العلم بالله عز وجل وشدة الخوف منه سبحانه ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم فوالله لانا اعلمهم بالله واشدهم له خشية وفي السنة لابن ابي عاصم والطبراني وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مررت ليلة اسري بي بجبريل كالحلس البالي من خشية الله جبريل الملك المعظم الذي اتاه الله عز وجل من عظم الخلقة الشيء العظيم ومع ذلك كان بسبب خشيته من الله جل وعلا المبنية على علمه بالله سبحانه قال كالحلس البالي من خشية الله الحلس هذا الكساء الرقيق الذي يوضع على ظهر الدابة ويوضع عليه السرج فكلما كان الانسان اعلم بالله سبحانه كلما كان اعظم خشية له جل وعلا ومن اسباب الخوف ايضا من الجليل العظيم سبحانه علم الانسان بل يقينه بوعيد الله جل وعلا فان الله سبحانه قد ذكر في كتابه وهكذا نبيه صلى الله عليه وسلم قد ذكروا انواعا من الوعيد الذي يطير له فؤاد المؤمن به لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون كيف لا يخاف المؤمن وهذا الوعيد ماثل بين عينيه في كتاب الله ان لدينا انكارا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما ومن اسباب الخوف ايضا علم الانسان بتقصيره في جنب الله جل وعلا فان العبد مهما ظن في ان مهما ظن في نفسه الظنون وانه قد فعل وفعل فانه في جانب حق الله عليه لا شك انه مقصر تقصيرا عظيما بل لو ان الله جل وعلا حاسبنا على الواجبات التي قمنا بها لكنا جديرين بالعقاب لاننا ما وفيناها حقها من كمال الاخلاص وصدق المراقبة وتحسينها وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المطلوب فكيف اذا انضاف الى هذا ذنوب واثام عظم فكيف اذا انضاف الى هذا تقصير عظيم في اداء شكر الله جل وعلا على نعمه اذا لا معول الا على رحمة الله سبحانه وتعالى ومن اسباب الخوف من الله سبحانه الايات التي يخوف الله جل وعلا بها عباده ايات حسية يراها الناس يخوف الله بها من اراد به او من اراد بهم خيرا وما نرسل بالايات الا تخويفا وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده اذا هذه نبذة من اسباب الخوف من الله جل وعلا ويتبع هذا الخوف تفاصيل راجعة الى هذا الاصل من تلك التفاصيل التي هي من انواع الخوف المتفرعة عن الخوف من الله جل وعلا الخوف من اثم السيئة فان الانسان يخشى تبعات ما اجترحته يداه يخاف من هذا الاثم الذي تحمله فوق ظهره وفي الترمذي واحمد وغيرهما واخاف ذنوبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما اجتمعا في قلب المؤمن في هذا الموطن الا اتاه الله ما يرجو وامنه مما يخاف ثانيا الخوف من الوقوع في السيئة اما حالا والمرء جاهل او مستقبلا ولذا فان النبي صلى الله عليه وسلم علم صديق الامة دعاء جليلا علمه ان يدعو الله سبحانه بهذا الدعاء اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم قال ابن ابي مليكة التابعي الجليل كما علقه الامام البخاري رحمه الله في صحيحه قال ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى النفاق على نفسه ثالثا الخوف من عدم قبول الحسنة اهل الايمان الصادق يعملون ويجتهدون ويبذلون قصارى ما يستطيعون ومع ذلك فان قلوبهم ترجف خوفا من الله جل وعلا الا تقبل حسناتهم وان ترد في وجوههم هذا الخوف ليس ناشئا من سوء ظن بالله حاشا انما ذلك لخوف التقصير في اداء الحسنة وهذا ما جاء في قول الله سبحانه والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة فسر هذا النبي صلى الله عليه وسلم بالرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخشى الا يقبل منه رابعا الخوف من سوء الخاتمة وهذا الخوف قصم ظهور الصالحين فلا شيء كان يعظم في نفوس المؤمنين من امور مستقبلة مثل سوء الخاتمة و ان يحور الانسان بعد كونه وان ينقلب على عقبيه والعياذ بالله في اخر لحظات حياته هذا موضع جليل يخشى الانسان ان يخذل بتلك اللحظات الحاسمة التي يختم له بها ومثل هذا الخوف يا ايها الاخوان انما هو منزلة مصاحبة للمؤمن ليس هو منزلة مؤقتة تكون في برهة وفي وقت من الاوقات ثم تنقضي كلا الخوف من الله وما يتبع هذا الخوف يجب ان يكون منزلة مصاحبة للمؤمن من اول حياته الى اخرها هذا اذا اراد ان يسلم عند الله سبحانه وتعالى هذا هو الخوف المشروع هذا هو العبادة التي يحبها الله جل وعلا واعلم يا عبد الله ان هذا الخوف منضبط عند اهل العلم بضابط فلا يكون الخوف مشروعا الا به الا وهو ان ينضم اليه الرجاء في الله والا فان الخوف المجرد ليس عبادة بل هذا ولوج الى دهليز مظلم الا وهو القنوط من رحمة الله جل وعلا انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون انما يكون الخوف عبادة صحيحة مثابا عليها متى ما اجتمع اليها الرجاء اما خوف مجرد انه لا ينفع صاحبه واما رجاء مجرد فانه لا ينفع صاحبه انما ينتفع الانسان بخوف مشوب برجاء ورجاء مشهوب بخوف وهذا ما دلت عليه ادلة كثيرة من ذلك ما اثنى الله عز وجل به على عباده المؤمنين ويرجون رحمته ويخافون عذابه بل هذا ما اخبرنا الله عز وجل او هذا مقتضى ما اخبرنا به الله جل وعلا عن نفسه في ايات كتابه نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الاليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول اذا لو تأملت في جملة من النصوص وجدت ان الله سبحانه وتعالى يجمع في وصف نفسه بينما يقتضي اقتران العبادتين اذا لابد ان يكون خوف الانسان خوفا مشروبا ومقترنا برجاء من الله سبحانه وتعالى بحيث لو قدر انه قيل ان كل الناس سيدخلون الجنة الا واحدا نخاف ان يكون هو ولو قدر ان يقال ان كل الناس سيدخلون النار الا واحدا لرجى ان يكون هو اذا لابد من خوف مع رجاء ولابد من رجاء مع خوف و هذا الموضوع موضوع طويل ويحتاج الى تفصيل لكن بما اننا وصلنا اليه فلابد من اثارة مسألة يذكرها اهل العلم في اهل العلم في هذا المقام الا وهي مسألة تغليب احد العبادتين على الاخرى او ان يكون الامران متساويان هذا موضع هذا موضع بحث طويل عند اهل العلم فمن اهل العلم من رجح ان يكون الخوف اغلب في القلب من الرجاء مطلقا ومنهم من رجح ان يكون الرجاء في القلب هو الاغلب مطلقا ومنهم من فصل ترجح ان يكون الخوف هو الغالب في حال الصحة والسعة واما في حال المرض او الشعور بدنو الموت ويغلب الرجاء على الخوف ومنهم من قال المشروع ان يتساوى الامران دائما وفي كل وقت وهذا هو الاقرب المشروع ان يكون الخوف والرجاء سواء وفي هذا يقول مطرف ابن عبد الله رحمه الله لو وزن خوف المؤمن ورجائه لكانا سواء لا يزيد احدهما على الاخر ويشهد لهذا ما سبق من الادلة لا سيما ما جاء في حديث اه الشاب الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في سياق الموت قال والله اني لارجو الله واخاف ذنوبي فدل هذا على ان هذا الرجل جمع في ذلك الموضع الذي هو عند دنو الاجل جمع بين الخوف والرجاء وكان سواء واقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بل انه ذكر الوعد الذي سمعت لا يجتمعان في قلب مؤمن في هذا الموضع الا اتاه الله ما يرجو وامنه مما يخاف لا سيما وان غلبة احد الامرين على الاخر لا يؤمن معه الوقوع في احد محظورين اما الامن من مكر الله وهذا اذا غلب الرجاء واما القنوط من رحمة الله وهذا اذا غلب الخوف لكن لاحظ يا رعاك الله امرا الا وهو ان المشروعة للمؤمن انه اذا علم من نفسه تساهلا و عدم انضباط بحدود الشريعة عدم حرص وجد على اداء ما فرض الله جل وعلا فانه ينبغي حينئذ ان يضرب نياط قلبه بسياط الخوف واذا علم منها قنوتا ويأسا فينبغي ان يدمن النظر بالادلة التي تدل على سعة رحمة ارحم الراحمين اذا هذا علاج مؤقت الى ان يستقيم الحال ويستقيم السير الى الله جل وعلا بجناحي الخوف والرجاء والله اعلم هذا هو النوع الاول الا وهو الخوف المحمود اما النوع الثاني فانه الخوف الممنوع والخوف الممنوع على درجتين الاولى هو او الاولى هي الخوف الشركي والثانية الخوف الذي هو معصية اذا تارة يكون الخوف الممنوع شركا اكبر وتارة يكون معصية لله سبحانه اما ضابط الشرك الاكبر المتعلق بالخوف فانه خوف السر من غير الله سبحانه وتعالى انتبه خوف السر متى ما تعلق بغير الله سبحانه فان هذا ولا شك شرك اكبر خوف السر هو ان يخاف الانسان من غير الله ان يصيبه بسوء من غير مباشرة يعني ان يخشى من غير الله ان يصيبه بضرر بدون سبب ظاهر وهذا لا شك انه اشراك مع الله سبحانه وتعالى في الالوهية وفي الربوبية اشراك مع الله عز وجل في الالوهية لانه صرف عبادة واجبة لله جل وعلا لغيره اما كونه شركا في الربوبية فان الذي وقع في نفسه هذا الاعتقاد لا شك انه صرف ما اختص الله عز وجل به لغيره الله جل وعلا هو الذي يفعل ما يشاء وهو ما لك الملك وهو مدبر كل شيء متى ما اعتقد الانسان ان غير الله سبحانه يمكن ان يوقع ما يشاء ب امر خفي وسلطان غيبي دون سبب ظاهر معروف بين الناس وما هو معهود من المخلوقين انما عن طريق هذا الامر الخفي السري ولاجله سمي خوف السر فانه يستطيع ان يفعل ما يشاء حتى انه يستطيع ان يطلع على ما في القلب فيضل صاحب هذا القلب او انه يمنع عنه الولد او انه يقطع عنه المطر او انه ينزل عليه صاعقة من السماء كل ذلك لا شك انه بدون سبب معهود وبالتالي كان شيئا لا يقدر عليه الا الله فمن اعتقده في غيره لقد اشرك مع الله سبحانه وهذا النوع من الشرك واقع قديما وحديثا اما في القديم فمن ذلك ما اخبر الله عز وجل عن طوائف من المشركين الذين كانوا يعتقدون هذا في الهتهم ومن ذلك قول الله جل وعلا ان نقول الا اعتراك بعض الهتنا بسوء قالوه ليهود عليه السلام هؤلاء اعتقدوا في معبوداتهم انها تنزل المكروه مع البعد ومن غير مباشرة وبغير سبب ظاهر كذلك الحال في المشركين المعاصرين في هذه الازمنة المتأخرة حيث انهم يعتقدون في معبوداتهم التي اتخذوها مع الله جل وعلا مما صالحين وسادات واولياء وانبياء يتوجهون اليهم في قبورهم ومقاماتهم يخافونهم خوفا عظيما وتوجل قلوبهم منهم وجلا كبيرا مع انه في قبورهم وبينهم وبين هذا الخائف قدر كبير من التراب مرهونون في بمحبسهم هذا ومع ذلك فانه يخاف منهم حتى انه حريص على ان يحافظ على خلجات قلبه يخشى ان يلتفت القلب يمينا او شمالا فيطلع السيد والولي عليه فيسلبه الايمان هكذا يعتقدون مع الاسف الشديد وذكر الشارح الحفيد الشيخ سليمان بالتيسير قصة عن هؤلاء القبوريين وهي ان شخصا استدان مبالغ ضخمة من التجار وهو وهم كلهم على هذا الاعتقاد ثم انه ماطلهم ولم يعطهم حقهم فلما ارادوا ان يهموا به ما كان منه الا ان لجأ الى قبر معروف في مدينة ذكرها فلما استعاذ بالقبر وصاحبه توقفوا وما استطاع منهم احد ان يخطو خطوة واحدة تجاهه. لماذا بخوفهم من صاحب القبر ان ينزل بهم سوءا اذا هذا لا شك انه شرك اكبر والشرك كما قد تعلمنا يا ايها الاخوة هو اعتقاد مشارك لله سبحانه وتعالى فيما اختص به جل وعلا وهؤلاء قد وقعوا في هذا بل ربما زاد خوفهم من غير الله على خوفهم من الله ربما تجد احدهم لو ذكر بعذاب الله واخذه الشديد ربما تساهل ولم يرعوه واكمل طريقه في الغي والظلم لكن اذا ذكر بأس الشيخ وشدة السيد الولي انه يخاف ويرتعد كما تكلمنا عن هذا في درس امس لو قيل له احلف بالله شديد العقاب سبحانه فانه يمكن ان يحذف كاذبا لكن لو قيل له احلف بالشيخ فان الله تخر ولا يستطيع ان يكمل الحلف لعظيم خوفه من هذا الولي فلا شك ان هذا شرك ما وصل اليه كفار قريش كفار قريش كانت اقصى ايمانهم ان يحلفوا بالله اما هؤلاء فلا يثق الناس بايمانهم الا اذا الا اذا كانت بغير الله مما يعظمون من هذه المعبودات مع الاسف الشديد لانهم لا يجرؤون خوفا من اصحابها على ان يحلفوا كاذبين اما النوع الذي يندرج تحت هذا القسم وهو الخوف الممنوع فهو الخوف الذي هو معصية الخوف الذي هو معصية هو كل خوف منع مما اوجب الله سبحانه وتعالى اذا كان الخوف من غير الله جل وعلا ادى الى تركي واجب او فعل محرم فان هذا لا شك انه معصية كأن يترك الانسان الجهاد خوفا من اعداء الله اذا وجب عليه او يترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا وجب عليه خوفا من الناس او انه يشارك غيره في معصية الله خوفا منهم لا شك ان هذا من الخوف الممنوع الذي يوقع الذي يوقع صاحبه في معصية الله سبحانه وتعالى بل ربما كان هذا نوعا من الشرك الخفي حيث انه قدم ما يرضى غير الله قدم ما يرضاه غير الله على ما يرضاه الله جل وعلا وهذا من جنسي الشرك الخفي هذا امر قد عمت به البلوى مع الاسف الشديد ونسأل الله عز وجل ان يعفو وان يغفر وخذ هذه قاعدة يا رعاك الله كلما عظم خوفك من الله جل وعلا قل خوفك من غيره كما انك كلما عظمت محبتك لله قلت المحبوبات عندك كما انك كلما عظم رجاؤك في الله عز وجل قل رجاؤك في غيره قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما في المجلد الثامن والعشرين من مجموع الفتاوى قال ان الخوف من غير الله لا يكون الا من مرض في القلب تأمل هذا الخوف من غير الله لا يكون الا من مرض في القلب ثم نقل عن الامام احمد رحمه الله انه شكى اليه رجل خوفه من احد الولاة فقال له كلمة عظيمة قال له لو صححت لم تخف احدا لو صححته لم تخف احدا يعني لو صح قلبك وقل ايمانك لم تخف من احد دون الله سبحانه وتعالى لكن هذا الخوف الذي وقع في قلبك انما هو ثمرة لضعف الايمان وقد جرت عادة الله جل وعلا في خلقه انه لا يخاف احد احدا خوفا غير شرعي الا سلط عليه ولا يحب احد احدا حبا غير شرعي الا عذب به ولا يرجو احد احدا رجاء غير شرعي الا خذل من قبله هذه عادة جارية الواقع المشاهد فيها اكبر دليل على صحتها المسلم واجب عليه ان يعظم خوفه من الله سبحانه وتعالى واذا كان كذلك لا شك انه لم يقدم على خوفه من الله عز وجل خوف احد وما احسن ما قال الفضيل بن عياض الامام الجليل عليه رحمة الله قال كلمة عظيمة تكتب بماء العين قال رحمه الله من عرف الناس استراح من عرف الناس استراح من عرف الناس فعلم انهم لا ينفعون ولا يضرون استراح فلم يحمل لهم هما ولا كان في قلبه من خوفهم كقدر قلامة ظفر لانهم لا يضرون الامر كله لله كذلك اذا علم انهم لا ينفعون لم يتزين لهم ولم يرائيهم ولم يسمع لاجلهم ولم يتذلل لهم لانهم لا ينفعون الامر كله لله جل وعلا وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك القضية انتهت محسومة رفعت الاوراق وجفت الصحف اذا لاي شيء يحمل الانسان هما لهذه المخلوقات المؤمن الصادق لسان حاله كما قال الشاعر الا ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خرابا اذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب هذا عن الخوف الممنوع اما عن الخوف المباح وهو القسم الثالث فانه الخوف الطبيعي الذي تقتضيه الجبلة الانسانية كخوف الانسان من سبع عليه او خوف الانسان من عدو صائل او خوف الانسان من حية او عقرب او ما شاكل ذلك فان هذا القدر قدر معفو عنه وليس داخلا لا في الخوف المشروع ولا في الخوف الممنوع ولا تبعة على الانسان فيه ولا يغض ذلك من قدره الم يقل الله جل وعلا في حق الكليم موسى عليه السلام فخرج منها خائفا يترقب مع ان انبياء الله جل وعلا وصفهم الله عز وجل بقوله الذين يبلغون رسالات الله وماذا ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله فكيف بموسى عليه السلام الذي هو من اولي العزم من الرسل فدل هذا على ان هذا الخوف ليس داخلا فيما تكلمنا عنه من الخوف الممنوع وان هذا القدر لا حرج فيه ولا رائمة على الانسان فيه نعود الى الاية التي افتتح المؤلف رحمه الله او بوب المؤلف رحمه الله هذا الباب عليها قال باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه تتمة الاية فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين يلاحظ يرعاك الله ان الله جل وعلا علق ثبوت الايمان على الخوف من الله جل وعلا وهذا عند اهل العلم محمول على حالتين ان يكون الايمان هذا الاول ان يكون الايمان هو اصله يعني ان كنتم مؤمنين اصلا وهذا المنهي عنه هو الخوف الشركي الذي هو خوف السر فلا تخافوهم خوف السر وخافوني ان كنتم مؤمنين. يعني ان كنتم مسلمين. ولستم كفارا فيشترط في صحة الايمان التخلي عن خوف السر والحال الثانية ان يكون الايمان في قوله ان كنتم مؤمنين هو الايمان الواجب وان شئت فقل ان يكون كمال الايمان الواجب وهذا يكون اذا قلنا به فان المنهي عنه في قوله فلا تخافوهم يعني الخوف هاه الذي هو معصية وليس الخوف الذي هو وليس الخوف الذي هو شرك اذا هكذا يفهم قوله تعالى ان كنتم مؤمنين وقد اختلف المفسرون رحمهم الله لقوله تعالى انما ذلك انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه اختلف المفسرون في هذه الاية الى قولين الاول ان معنى الاية انما ذلكم الشيطان يخوفكم اولياءه انما ذلكم الشيطان يخوفكم اولياءه يعني يخوفكم من اوليائه ومعلوم ان الشيطان جعل الله عز وجل له قدرة على ان يوسوس في صدور الناس وكل ابن ادم معه قرين من الجن وبالتالي فان من شأن هؤلاء الشياطين انهم يوسوسون في قلوب المؤمنين وصدورهم ان يخافوا اوليائهم ولا شك ان هذه الوسوسة لا تؤثر ان في من كان ضعيف الايمان اما من كان قوي الايمان فان هذه الوسوسة لا تؤثر فيهم شيئا ولا يبالي اهل الايمان القوي بهذا التخويف شيئا ولذلك انظر يا رعاك الله الى حال انبياء الله ورسله لما كان اولياء الشياطين الذين هم شياطين الانس كانوا يخوفون الانبياء من معبوداتهم والهتهم ماذا كان ردهم هذا ابراهيم عليه السلام يقول ولا اخاف ما تشركون به لما خوفوه بالياتهم صارحهم والمهم بانه لا يبالي ولا يخاف بهذه ولا يخاف من هذه المعبودات كذلك الحال مع المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال الله عز وجل في شأنهم ويخوفونك بالذين من دونه ومع ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبالي بهم لعظيم خوفه من الله سبحانه وتعالى اما القول الثاني فان معنى الاية القول الاول هو قول جماهير اهل العلم وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وكثير من اهل العلم اما التفسير الثاني فهو انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه يعني يوقع الاخافة في قلوب من يقول وليا له وبالتالي فان مفهوم هذه الاية انه لا سلطان له في اخافة اقوياء الايمان انما ذلكم الشيطان موقع الخوف في ماذا في قلوب من يذعن للشيطان ويسلس قياده له وينصاع له فيكون وليا له اما اهل الايمان فانه لا سلطان عليهم وبالتالي فانه لا يخوف يعني الشيطان لا يخوف اهل الايمان لان الله حكم انه لا سلطان له على الذين امنوا لكن القول الاول كما ذكرت لك هو الاقرب وهو الذي عليه جماهير اهل العلم والمقصود يا ايها الاخوة ان هذه الاية قد دلت على وجوب الخوف من الله سبحانه فان الله تعالى نهى عن خوف او الخوف من غيره وامر بالخوف به او الخوف منه وحده لا شريك له الا تخافوهم وخافون؟ ان كنتم مؤمنين كما ان الاية قد دلت على ان الخوف من غير الله جل وعلا انما يصاحب القلوب المريضة التي تستجيب للشيطان اما اهل الايمان الصادق فانهم لا يبالون بهذا التخويف من الشياطين واوليائهم لعلنا نقف عند هذا القدر ونكمل ما تبقى من هذا الباب ان شاء الله تعالى يوم غد والله جل وعلا اعلم واسأله تبارك وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا ونعوذ به من قول بلا عمل وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان