بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف يخوف اولياءه وقوله انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش الا الله الاية ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد كتتمة ل الباب الذي ابتدعنا الحديث عنه في درس امس اورد المؤلف رحمه الله اية التوبة ويقول تعالى انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخشى الا الله والشاهد الذي لاجله اورد المؤلف رحمه الله هذه الاية هي قوله ولم يخشى الا الله وهذا الاسلوب ابلغوا اساليب القصر اعني ما جاء في هذا الشطر من الاية وهو النفي والاثبات قال ولم يخشى الا الله والمعنى انه جعل خشيته لله عز وجل خالصة يخشى احدا البتة الا الله سبحانه وتعالى وقد علمنا في اخر الدرس امس الفرق بين الخوف والخشية وقلنا ان الاقرب ان الخشية اخص من الخوف فبينهما عموم وخصوص ومن اشهر ما ذكر في الفرق ان الخشية خوف مقرون بعلم وتعظيم بعلم بالمخوف وتعظيم له اما متى كان خوفا مع جهل بالمخوف او مع عدم تعظيمه وانما مع باحتقاره مثلا ان هذا لا يعد خشية وقال بعض اهل العلم ان الخشية ابلغوا الخوف فهي اخص من هذه الجهة يعني اعلى درجات الخوف يسمى خشية مهما يكن من شيء الخشية ترجع في الجملة الى معنى الخوف فالله سبحانه وتعالى اثنى في هذه الاية على الذين حققوا الخشية لله تبارك وتعالى بل انهم اخلصوا هذه الخشية له جل وعلا ولاحظ كيف كان الاقتران في هذه الاية بين الخشية والعمل وهذا يدلك على ان الاعمال الصالحة يؤثر بعضها في بعض بين الاعمال الصالحة تصادق وتلازم لا سيما اذا تعلق الامر بالعبادات بالعبادات القلبية وعلى الاخص ما يتعلق بعبادة الخوف فان ذلك يقترن ان كان خوفا شرعيا مع العمل الصالح فالله جل وعلا قرن في صفات هؤلاء المؤمنين الذين هم اهل لان يعمروا مساجد الله بين عملهم الصالح وخشيتهم لله تبارك وتعالى وهم امنوا بالله واليوم الاخر واقاموا الصلاة واتوا الزكاة كذلك الامر في اقتران الخوف بالعلم الخوف يقترن بالعمل كما قد علمت كما انه يقترن بالعلم كما قال جل وعلا ولما سكت عن موسى الغضب اخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون وعلمنا في اخر درس امس الفرق بين الخوف والرهبة فالرهبة خوف مقرون بتحرز وهرب وكل احد يخاف او كل ما يخاف فانه يهرب منه الا الله سبحانه فانه اذا خافه العبد هرب اليه جل وعلا قال سبحانه ففروا الى الله كذلك قول الله جل وعلا سيذكر من يخشى اذا الخوف مقرون بالعمل كما ان الخوف مقرون بالعلم ومر بنا ما يدل على هذا صريحا لقوله جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء و هذه الاية اية عظيمة وفيها مباحث شتى قال جل وعلا انما يعمر مساجد الله انما اداة من ادوات الحصر والمعنى ان الذين هم اهل لعمارة مساجد الله سبحانه وتعالى هم هؤلاء ليس المقصود انه لا يعمر مساجد الله الا هؤلاء انما المقصود ان الذين هم اهل لعمارة المساجد هؤلاء لان عمارتهم تنفعهم واما الذين لم يتصفوا بالصفات الخمس الواردة في الاية فانهم ليسوا اهلا لعمارة المساجد وان عمروها فهي ليست عمارة حقيقية لانهم لا ينتفعون بها وعمارة المساجد وبيوت الله سبحانه قال بعض اهل التفسير انها عمارة حسية وقال بعضهم انها العمارة المعنوية وقالت طائفة ثالثة انها تشمل الامرين وهذا اقرب العمارة الحسية بابتنائها واصلاحها وتشييدها كذلك العمارة المعنوية التي هي بالجلوس فيها وذكر الله سبحانه والصلاة وتلاوة القرآن فان هذه هي العمارة المعنوية للمساجد ولا شك ان العمارة المعنوية اولى من العمارة الحسية والاية الاقرب والله اعلم انها تشمل الامرين من هؤلاء الذين هم اهل لعمارة المساجد هؤلاء هم الذين حصلوا هذه الصفات الخمس امنوا بالله واليوم الاخر لاحظ انه لم يذكر الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم. كذلك لم يذكر الايمان بالملائكة والكتب والرسل. وذلك لما قد بنا في دروس سالفة من ان اركان الايمان بل جميع ما يندرج في هذا الدين فانه متضمن في الايمان بالله ولذلك اذا افرد فانه يشمل في المعنى جميع ما يدخل في هذا الدين اصولا وفروعا اركانا وعبادات وقد يفرد بعض ذلك لاجل فائدة او تحقيق مصلحة او لحكمة يعلمها الله جل وعلا ها هنا ضم الى الايمان بالله الايمان باليوم الاخر وهذا كثير في القرآن كثير ما ما يقرن بين الايمان بالله واليوم الاخر وذلك ان الايمان باليوم الاخر باعث عظيم على العمل الصالح فان تذكر الانسان يوم الجزاء والحساب تذكره الدار الاخرة التي فيها المأوى نعيما او عذابا تذكره ذلك دافع وحاث له على ان يستقيم على شرع الله والايمان بالله سبحانه وتعالى وذكر بعد ذلك الصلاة والزكاة قال واقاموا الصلاة واتى الزكاة وذلك لان هاتين العبادتين اعظم العبادات والغالب ان من سمحت نفسه بادائهما الغالب انه لغيرهما اطوع يؤدي غيرهما انما من قصر في هذين الغالب انه يقصر فيما سواهما ثم ذكر الخشية وهذا هو موضع الشاهد في هذه الاية التي اوردها المؤلف رحمه الله. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله الاية هذه اية العنكبوت يذكر الله الله سبحانه وتعالى فيها طائفة من الناس حتى نكون على بينة من حالهم وان نحذر ان نكون مثلهم ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله في الله الفاء هذا الحرف في يفيد معنى السببية يعني بسبب الايمان بالله لاجل الايمان بالله فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله والمؤلف رحمه الله قال الاية يعني يعني اكمل الاية ولئن جاء نصر من ربك ليقولن انا كنا معكم اوليس الله باعلم بما في صدور العالمين؟ وليعلمن الله الذين امنوا وليعلمن المنافقين هذه الاية في حق اناس كان فيهم نفاق وذلك انهم كانوا بمكة فاسلموا لكن فتنوا بالكفار مسهم شيء من الاذى والابتلاء بسبب هؤلاء الكفار ها هنا وقعوا في امتحان اضحى عندهم شيء من المعارضة والمقارنة بين اذية هؤلاء يفتن من قبل هؤلاء المشركين اوذي في الله ما له شيء من الاذى يزيد او ينقص ثم قارن هذا بعذاب الله عز وجل. الذي ينتظره ان اعرض عن الله سبحانه وتعالى فكان من هؤلاء انهم قدموا خشيتهم من الناس على خشيته من الله سبحانه وتعالى فخسروا خسارة لا ربح بعدها اذوا بسبب ايمانهم بالله فقدموا خوفهم وخشيتهم من المخلوقين على خشيتهم من الخالق فكان ان دفعوا عذاب ساعة بعذاب الابد. نسأل الله السلامة والعافية لكن هؤلاء ما اظهروا كفرهم وردتهم للمؤمنين كانوا يداهنون اهل الايمان لكن حقيقة الحال انهم ركنوا الى الكافرين ولذلك اذا قضى الله سبحانه وتعالى بنصر المؤمنين فانهم يأتون الى المؤمنين ويقولون انا معكم نريد ان نصيب مما تصيبون من نتائج هذا الظفر كالغنيمة ونحوها فبين الله سبحانه وتعالى ان هؤلاء وان وان خفي حالهم على المخلوقين فانه لا يخفى على الله سبحانه وتعالى اوليس الله باعلم بما في صدور العالمين ثم حكم الله جل وعلا بانه قدر هذا الامر حتى يعلم علم الظهور علم اهل الايمان الذين اذا ابتلوا ثبتوا وعلم ظهور حال المنافقين. الذين لما ابتلوا ما ثبتوا نقصوا على اعقابهم وليعلمن الله الذين امنوا وليعلمن المنافقين هذا العلم يا رعاك الله الذي جاء في هذه الاية وهو الذي يأتي في نظائر لها في القرآن المراد به ليس العلم القديم انما هو علم الظهور وذلك ان الله عز وجل علم الاشياء بعلمه القديم الذي هو صفة ذاتية لا تنفك عن الذات علم الله كل شيء ازلا وابدا وهناك علم اخر وهو علم الله عز وجل بالشيء وقت حصوله اذا الله عز وجل يعلم الشيء قبل حصوله ويعلم الشيء اذا حصل والثواب والعقاب يتعلق باي العلمين بالثاني الله جل وعلا لا يعاقب احدا على العلم القديم. انما يعاقب على ماذا على علم الظهور هذا العلم الذي يتجدد المقصود ان الله سبحانه وتعالى بين في هذه الاية حال هؤلاء وحالهم يشبه ما جاء في الاية الاخرى ومن الناس من يعبد الله على حرف على حرف يعني على طرف مثل الطرف هذا فان اصابه خير اطمأن به. وان اصابته فتنة انقلب على وجهه. والنتيجة خسر الدنيا والاخرة. نسأل الله السلامة والعافية الله جل وعلا من حكمته انه يبتلي اهل الايمان في هذه السورة التي نحن فيها في العنكبوت قدم الله سبحانه وتعالى بمقدمة عظيمة ينبغي للمسلم ان يقف امامها متأملة قال سبحانه الف لام ميم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فلا يعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين حكمة من الله سبحانه وتعالى انه يبتلي اهل الايمان حتى يميز الله الخبيث من الطيبين والناس يختلفون في هذا الابتلاء بحسب ما يشاء الله تبارك وتعالى من الناس لما تكون فتنتهم فتنة عظيمة. ومن الناس من تكون فتنتهم دون ذلك ربما اذا اسلم انسان بعد كفر فتن واوذي وابتلي باهله باصدقائه ب اناس من ذوي الجاه والمنصب لازم ان يردونه يرحبون او يرغبونه ربما ابتلي بشيء من الاذى في جسده او الاذى في عرضه تشاع عنه قالت السوء ربما ابتلي باقل من ذلك كسخرية واستهزاء وها هنا يمتاز اهل الايمان الصادق من الكاذبين اهل الايمان الصادق كما مر معنا غير مرة وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذا انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار لا يمكن ان يرجع الى الظلام وقد نور الله سبحانه وتعالى قلبه هنيئا اهل الصدق هنيئا لاهل الايمان الصادق واما اولئك الذين في قلوبهم مرض وغش ودغل فانهم لا يثبتون عند الانتحار وهكذا الشأن فيمن استقام على طاعة الله عز وجل ربما يكون الانسان سادرا في غيه واقعا في معاصي الله سبحانه وتعالى فيمن الله عز وجل عليه بان يسلك طريق الاستقامة وها هنا قد قد يبتلى وقد يفتن وقد يؤذى من اهله من زوجه من اولاده من اصدقائه حينئذ يكون في وسط هذا الامتحان اما ان ينجح فيفوز برضا الله سبحانه وتعالى واما ان يعود الى ما كان عليه عياذا بالله من معصية الله وحينئذ يكون قد فشل في هذا الامتحان اذا المؤمن الصادق هو الذي خشية الله عز وجل في قلبه اعظم من كل خشية قد مر بنا في درس امس ان تجريد التوحيد يقتضي ان تقل المخوفات في قلب العبد وان يوحد الله سبحانه وتعالى بالخوف كلما عظم ايمانك وتوحيدك كلما قلت المخوفات في قلبك الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله هكذا ينبغي ان يكون اهل الايمان فانا لهم مس من اذى او شيء من العذاب بسبب ايمانهم فالواجب حينئذ الثبات هذه حقيقة الايمان وهذا هو حقيقة التوحيد. قال جل وعلا اتخشونه فالله احق ان تخشوه اين توحيدك اين ايمانك؟ اذا كنت تخشى المخلوق اكثر من الخالق ومن حكمة الله سبحانه وتعالى ان هذا الابتلاء غالبا ابتلاء مؤقت يزول بعد حين. لكنه يحتاج الى شيء من الصبر ثم يأتي الفرج الله جل وعلا قرن الفرج بالصبر امتحان يصبر عليه الانسان ما شاء الله عز وجل ان يصبر ثم تكون العاقبة خيرا كثيرا اذا الامر كما قال الامام احمد رحمه الله لو صححت لم تخف احدا لو كان ايمانك وتوحيدك صحيحا وقلبك سليما فانك لا تلتفت الى احد من المخلوقات من المخلوقين ولا تبالي بهم انما حصول الخوف من غير الله جل وعلا علامة وامارة على مرض في القلب. ولاحظ اننا عن الخوف الممنوع بكل ما سبق وما سيأتي كلامنا عن ماذا؟ الخوف الممنوع اما الخوف المباح الذي تقتضيه الجبلة وهو ما اسميناه بالخوف الطبيعي فان هذا غير داخل فيما نتحدث فيه كلامنا عن الخوف الممنوع الذي لا تقتضيه الجبلة انما يخاف الانسان خوفا يؤدي به الى الوقوع في الشرك او الى الوقوع في المعصية على ما مضى تفصيله. والله المستعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن ابي سعيد رضي الله عنه مرفوعا ان من ضعف اليقين ان ترضي الناس بسخط الله وان تحمدهم على رزق وان تذمهم على ما لم يأتك الله. ان رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كارهه هذا الحديث حديث صحيح المعنى لكنه ضعيف الاسناد وفيه لطيفة قال ان من ضعف اليقين ويصح ان تقول ضعف اليقين ان من ضعف اليقين على لغة تميم اليقين اعلى درجات الايمان اعلى درجات الايمان اليقين وهذا اليقين واجب على المسلم ومر بنا حينما تكلمنا في دروس قديمة بما يتعلق بشروط لا اله الا الله واليقين الواجب على المسلم اليقين المتعلق بامر الله واليقين المتعلق بوعد الله. واليقين المتعلق بقدر الله اليقين المتعلق بامر الله ان يكون يقين بان امر الله عز وجل حق واليقين المتعلق بوعد الله يقين يقتضي اعتقاد ان وعد الله صدق ويقيم متعلق بقدر الله عز وجل يقتضي اعتقاد ان قدر الله عز وجل عدل اذا من علامات وامارات ضعف هذا اليقين ما جاء في هذا الحديث من ذلك ان يرضي الانسان الناس بسخط الله وهذا سنتحدث عنه بعد قليل ان شاء الله في الدليل القادم اما الثاني فهو ان يحمد العبد المخلوق على رزق الله والثالثة ان يذم المخلوق على ما لم يؤته الله سبحانه وتعالى وهذه لطيفة مهمة ينبغي ان يلحظها الراغب في تحقيق التوحيد كيف الا يحمد الانسان من وصله الخير والرزق من قبله الجواب ان المقصود بهذا الكلام هو ان يكون التفات القلب ومشاهدة النعمة وملاحظة الفضل كل ذلك متعلق بالله سبحانه وتعالى وذلك ان النعمة حقيقة انما هي من الله سبحانه وتعالى قال جل وعلا وما بكم من نعمة فمن الله كلا نمد هؤلاء وهؤلاء بماذا من عطاء ربك اذا الذي خلق هذا الرزق هو الله والذي من بهذا الرزق هو الله والذي حرك قلب هذا المخلوق فاوصل لك هذا الرزق هو الله عز وجل. اذا الامر في الحقيقة من والله والى الله اذا ماذا عن المخلوق الذي جاءني الرزق من طريقه هو في الحقيقة سبب ووسيلة لا غير حقه عليك المكافأة والشكر اما المكافأة لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من صنع اليكم معروفا فكافئوه فان لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تظنوا انه قد كافأتموه والشكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لا يشكر الناس اذا المخلوق حظه وحقه ونصيبه لا يتجاوز هذا الامر اما ان يكون هناك التفات من القلب الى المخلوق واعتقاد ان المنة له وان الانعام من قبله وانه هو الذي طوقه بالفضل هذا لا شك انه من ضعف اليقين والايمان والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين انما انا قاسم والله يعطي وفي رواية عند البخاري الله المعطي وانا قاسم النبي صلى الله عليه وسلم يقسم يعطي بامر الله عز وجل ما من الله به واعطاه لا اقل ولا اكثر اذا الحمد الحقيقي المطلق والمنة المطلقة والفضل المطلق ممن كان امن المخلوق ام من الخالق ارأيت لو جاءك هدية من قبل رجل غني او امير وارسله مع سائقه او خادمه ماذا تصنع اتقول لهذا الخادم يا ايها الخادم ان احسانك قد اغرقني واني لا استطيع مكافئتك على هذه المنة العظيمة التي قدمتها الي اهكذا يقال يا جماعة لا راية الامر ان يقال له جزاك الله خير اشكرك على ما فعلت ولكن اعتقاد هذا الانسان ان الذي اوصل اليه الخير انما هو ماذا صاحب هذه الهدية هذا مثال يبين لك ان المخلوق لا يتجاوز حال هذه الخادمة وان المنعم الحقيقي انما هو الله سبحانه وتعالى فهو الذي اعطى ولذلك الحمد التام والشكر الكامل واعتقاد المنة والتفضل يجب ان يتوجه به العبد الى الله سبحانه وتعالى واذا كان ذلك كذلك حصل الامر الاخر وهو انه لا يغضب اذا منعه مخلوق شيئا من الرزق لماذا لان المانع في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى عدم وصول الرزق كان قدرا من الله سبحانه وتعالى. اذا ما الفائدة؟ ان يغضب الانسان على مخلوق. يعني انا اطلبك شيئا من الرزق شيئا من ما له فتمتنع او تعتذر تصب كما يقولون جام غضبي عليك واسب واشتم واغضب وازمجر على ماذا هو في الحقيقة ليس منه شيء الامر انما كان ماذا من الله سبحانه وتعالى. اذا من كان يعتقد حقيقة وصدقا اعتقادا كاملا. ان الله عز وجل هو الرزاق وان الله عز وجل هو الذي يقدر الاقوات فانه حينئذ لا يغضب من مخلوق لم يناله خير من قبله. لانه لا يتجاوز ان يكون ماذا مجرد وسيلة او سبب او واسطة والامر كله راجع الى ماذا راجع الى الله سبحانه وتعالى ولذلك رزق الله عز وجل لن يوصله اليك او يسرع به اليك. حرصك والعكس صحيح الامر كله الى الله سبحانه وتعالى لا يعني هذا الا يبذل الانسان السبب في الرزق او في طلب الرزق لكن الذي ينبغي ان يكون اثناء طلبه لهذا الرزق وبذله هذا السبب قد تعلق قلبه بالمنعم الاول الله عز وجل هو الاول والاخر. فالامر كله منه واليه سبحانه وتعالى. ولذلك سيأتي معنا الله في الباب القادم ان التوكل قد عرف بانه حركة بلا سكون وسكون بلا حركة ليبذل الانسان حركة وجهدا يبذله بلا تقاعس ولا تكاسل ولكن مع هذا فان قلبه ساكن مطمئن معلق بالله سبحانه وتعالى لا يضطرب يعلم ان الامر كله لله جل وعلا على ان الانسان قد يرزق ببذل كثير وقد يرزق ببذل قليل وقد يرزق بلا سبب منه. اليس كذلك ربما يموت قريب فيرث هذا الانسان هل بدل سببا ما بذل سبب ما كان منه شيء ومع ذلك ساق الله عز وجل اليه هذا الرزق اذا الذي يجب والذي يتعين على كل مسلم ان يكون قلبه معلقا بالله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من التمس رضا الله وسخط الناس رضي الله عنه وارضاه وارضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه هذا الحديث حديث عائشة رضي الله عنها حديث حسن لا بأس به ان شاء الله و خرجه ابن حبان في صحيحه وهو عند غيره في الترمذي غيره ولكن الفاظ مقاربة المقصود ان هذا الحديث فيه بيان قاعدة جعلها الله سبحانه وتعالى في قدره وهي المعاملة بنقيض المقصود الفاسد بمعنى ان من التمس رضا الله سبحانه وتعالى بسخط الناس فان الله سبحانه وتعالى يجازيه على ذلك بان يرضى عنه وان يرضي عنه الناس وهذا جزاء على عمله الصالح اما المعاملة بنقيض المقصود الفاسد ففي حال العكس وهو ان يرضي الناس بسخط الله الباءة هنا باء معاوضة يعني انه كأنه يشتري رضا الله عز وجل برضا الناس او العكس يشتري رضا الناس بسخط الله سبحانه وتعالى وبئست الصفقة حينئذ من فعل هذا من قدم ما يتعلق بسخط المخلوق على سخط الخالق جل وعلا فانه سيبوء بي خسران واثم ويكون واقعا في عظيمة من العظائم ثم انه لن يحصل على ما كان يلتمس ويطلب التمس يعني طلب هو كان يطلب وجوه الناس ورظاهم لا يسخطوا عليه لكن النتيجة ان الله عز وجل اجعلوا قلوبهم ساخطة عليه وذلك عقوبة منه سبحانه وتعالى على ما صدر منه من تقديم محاب المخلوقين على محاب الله ورضا المخلوقين على رضا الخالق سبحانه وتعالى المسلم الصادق الذي كمل توحيده وايمانه هو الذي لا تأخذه في الله لومة لائم هو الذي الله عز وجل في قلبه اعظم من كل شيء واكبر من كل شيء ورضاه عنده اهم من رضا كل احد يعتقد ان الله جل وعلا هو الذي مدحه زين وذمه شين ولذلك فانه لا يبالي بالمخلوقين. اذا تعارض ما يحبه الله مع ما يحبه المخلوق او ما يسخطه الله مع ما يسخطه المخلوق دائما عنده ولا تردد عنده في ذلك عنده تقديم ما يحبه الله على ما يحبه المخلوق لا يمانئ ولا يداهن بشيء يبغضه الله سبحانه وتعالى ضعيف الايمان من قل حظه من خوف الله سبحانه وتعالى هو الذي يداهن في هذا الامر ربما وافق من يقع في معصية الله سبحانه وتعالى لاجل ان يدفع سخطه عنه بل ربما شاركه فيما هو عليه من المعصية لاجل ذلك وهذا ليبشر بان الله سبحانه وتعالى سيقلب قلوب الخلق عليه شاء ام ابى سيعاقب بنقيض قصده فلا هو بالذي استفاد ما يتعلق برضا المخلوقين ولا هو الذي فاز برضا الله سبحانه وتعالى وان من المؤسف ان حال كثير من الناس لا سيما في هذه الاعصار المتأخرة انهم مع الاسف الشديد يداهنون في دين الله جل وعلا ولا يبالون الوقوع في مساخط ربنا جل وعلا في سبيل ان يدفعوا عن انفسهم سخط المخلوقين ولاجل ان يقبل المخلوقون عليهم ربما تجد من يسكت عن الامر بالمعروف او النهي عن المنكر وهو يعتقده معروفا او منكرا وذلك لاجل الا يحرك ساكن الناس ربما يذهب الى المسجد ويرى الناس او يرى من الناس من هو جالس لا يصلي في المسجد وقد اقيمت الصلاة لا يتكلم بحرف واحد فيذكر ويأمر وينهى لم يا ترى هذا الامر الجواب انه التمس رضا الناس لكن مع الاسف الشديد بماذا بسخط الله جل وعلا مع انه لو قدر انه ناله شيء من الاذى فان الواجب عليه ان يصبر كما مر بنا انفة والغالب ان من يقوم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسلك في هذا المسلك الصحيح بمعنى ان يكون امره بالمعروف بمعروف ونهيه عن المنكر بمعروف الغالب ان من يفعل ذلك لا يناله شيء وانا له شيء في الغالب انه لا يتجاوز كلمة ربما يسمع كلمة لكنه يربأ بنفسه في ظنه عن ان يؤذى في الله سبحانه وتعالى ولو بكلمة وربما مع هذا باء بسخط الله عز وجل فهذا من الامر المشكل والمحزن في الحقيقة يا ايها الاخوان ما انتشرت كثير من المنكرات بعالم المسلمين ولا حصل تقصير في اداء الواجبات الا باسباب ومن اعظمها عدم مراعاة عدم مراعاة هذا الامر وهو تقديم رضا الله سبحانه وتعالى على رضا المخلوقين واذا كان هذا مما يخاطب به كل مسلم فالدعاة الى الله وطلبة العلم مطلوب منهم هذا الامر اكثر من غيرهم عليهم ان يجردوا التوحيد لله سبحانه وتعالى وان يقدموا رضا الله عز وجل على رضا المخلوقين والا يداهنوا في دين الله سبحانه والا يمالئوا من كان واقعا في معصية الله سبحانه وتعالى دون امر ونهي وبيان وتبليغ هذا من المهمات يا طلاب العلم بل اننا مع الاسف الشديد ربما رأينا من يخالط ويداهم وربما يشارك فيما يعتقد انه باطل وانه ظلم لعباد الله عز وجل لاجل ان يكسب وجوه الناس ولاجل ان لا يذمه فلان وفلان وهذا في الحقيقة مرجعه الى ضعف التوحيد القاعدة التي قلناها يا ايها الاخوان ان كل من عظم خوف الله عز وجل في قلبه فانه تقل المخوفات في قلبه بل انه لا يخشى الا الله سبحانه وتعالى ولو غضب اهل الارض جميعا فانه لا يبالي فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والانام غضابه هكذا لسان حال المؤمن الموحد الذي كمل خوفه وخشيته من الله سبحانه وتعالى اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقني واياكم الايمان الصادق وان يرزقنا تحقيق التوحيد ثم نسأله تبارك وتعالى ان يملأ قلوبنا بحبه والسنتنا بذكره وان يوفقنا لطاعته وان يستعملنا في مراضيه ان ربنا لسميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان