الشر انما يضاف الى مفعول الله لا الى فعله فعل الله الذي يقوم به سبحانه وتعالى هذا لا لا شر فيه البتة بل كله خير قال النبي صلى الله عليه وسلم والشر ليس اليك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في باب من الايمان. في باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا واذا اراد لعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والاخلاص في القول والعمل لا يزال الحديث متصلا ب الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله للدلالة على ان من الايمان بالله الصبر على اقدار الله المؤلمة وصلنا الى الحديث الذي سمعت وهو حديث انس رضي الله عنه وقد خرجه الترمذي وحسنه وصححه الطحاوي وغيره من اهل العلم وهذا الحديث به بيان ان الله سبحانه وتعالى جعل هذه الدنيا محلا لتكفير سيئات المسلم ذلكم ان الله جل وعلا من رحمته ولطفه بعباده جعل الاسباب التي تكفر بها السيئات واقعة في الدور الثلاثة في الدنيا وفي البرزخ ويوم القيامة الاسباب التي تكفر بها الذنوب والسيئات في الدنيا عدة اعظمها توحيد الله سبحانه وتعالى ثم التوبة الى الله وكذلك الاستغفار وكذلك الاعمال الصالحة فان الحسنات يذهبن السيئات كذلك الحدود المقدرة شرعا فانها كفارة للاسباب التي اوجبتها ومنها ايضا المصائب الدنيوية وهذا هو محل الحديث في هذا الباب الله سبحانه وتعالى اذا اراد بعبده خيرا الله جل وعلا من صفاته الارادة وقد علمنا سابقا ان الارادة في صفات الله عز وجل نوعان ارادة شرعية وهذه تقتضي المحبة وارادة كونية وهي في معنى المشيئة والارادة في هذا الحديث هي من النوع الثاني اراد جل وعلا ارادة كونية اذا اراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا ذلكم ان الناس لا يخلون من ذنوب والذنوب مؤثرة ولابد ولو لم يكن من تأثيرها الا اسوداد القلب والا ضياع العمر وكان الذي ينبغي ان يستغل هذا العمر والوقت في طاعة الله سبحانه وتعالى اذا الذنوب والسيئات مؤثرة ولابد هذه الذنوب والسيئات تسجل على ابن ادم وتكتب وتكتب عليه سيئات وذنوبا فاذا اراد الله جل وعلا بعبده الخير فانه يصب عليه البلاء ويذيقه من المصائب حتى تكون هذه المصائب سببا لتكفير السيئات كالثوب الذي يصاب بالاوساخ فيغسل تارة بعد تارة حتى يبقى نظيفا كذلك المسلم من رحمة الله جل وعلا انه جعل هذه السيئات جعل هذه المصائب التي تصيبه مكفرات للسيئات التي يجترحها لا شك ولا ريب ان هذه المصائب ان تأمل الانسان فيها وجد انها تشتمل على فوائد وحكم ومنافع لابن ادم لو عقل لشكر الله جل وعلا عليها وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله ويجعل الله ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا هذه النعمة التي تنال الانسان بسبب المصائب في الدنيا ترجع الى امور عدة اولا ان هذه المصائب سبب لتكفير السيئات وذلكم ان الادلة قد تواترت وتكاثرت واجمع العلماء على ان المصائب الدنيوية سبب لتكفير السيئات من الادلة على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا نصب ولا وصب ولا غم ولا اذى الا كفر الله عز وجل عنه من خطاياه قال حتى الشوكة يشاكها الى هذه الدرجة هذا الالم اليسير الذي يصاحب آآ هذا الامر وهو ان يشاكى الانسان بشوكة فان الله جل وعلا يجعل ذلك سببا لتكفير السيئات ولما نزل قول الله جل وعلا من يعمل سوءا يجزى به بلغ ذلك من المسلمين مبلغا عظيما شق عليهم الامر كثيرا كما ذكر ابو هريرة رضي الله عنه والحديث مخرج في صحيح مسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم سددوا وقاربوا واعلموا ان لا انه لا يصيب المسلم نصب ولا مصيبة حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله عنه بها من خطاياه اذا هذا امر قطعي دلت عليه الادلة الشرعية الكثيرة ان المصائب الدنيوية مهما دقت فانها سبب لتكفير السيئات وهذه السيئات على قول جمهور اهل العلم هي الصغائر يعني ان ما تكفره المصائب الدنيوية انما هو الصغائر لا الكبائر اما الكبائر فانها تحتاج في تكفيرها الى التوبة ثم ان تكفير هذه المصائب للسيئات يتفاوت ويختلف بحسب عظمها او خفتها كلما عظمت المصيبة كانت اكثر تكفيرا للسيئات وكلما خفت كانت دون ذلك المقصود ان كل مؤلم يصيب الانسان في الدنيا سواء تعلق بامر حسي او امر معنوي فانه سبب لتكفير السيئات قطعا كما دلت على ذلك الادلة الكثيرة وبالتالي لا ينبغي للانسان ان يغفل التفاته الى هذا الامر العظيم الذي يجعل هذه المحنة منحة فالله جل وعلا قدر المصائب ليطهر بها من المعائب وهذه نعمة واي نعمة ولذلك كان الصالحون يتفقدون انفسهم ويعودون باللائمة عليها اذا طال عليهم وقت لم يصبهم فيه اذى يعني لم ينالهم شيء من المرض لم ينزل بهم شيء مؤذ فانهم يبدأون يتفقدون انفسهم يخشون انهم ل بغض الله سبحانه وتعالى اخر عنهم هذه الاسباب التي يكفر بها عن الخطايا فاذا نزل بهم شيء من ذلك اطمئنوا وسكنوا اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا حتى اذا لقي الله سبحانه وتعالى واذا بسيئاته قد كفرت هذا هو الامر الاول فكيف اذا اضفت اليه امرا ثانيا من فوائد هذه المصائب الدنيوية وهو ان المصيبة الدنيوية سبب للصبر والصبر اجره عند الله عظيم قال سبحانه وتعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب قال بعض السلف كالماء المنهمر ثواب عظيم لا يقدر قدره الا الله سبحانه وتعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب فاذا صبر المسلم على هذه المصيبة كانت هذه فائدة كبرى له وهي تحصيل هذا الاجر العظيم قال سبحانه وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون ثلاث فوائد وجوائز ينالها الصابرون كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها اذا كم في اعطاف المصائب من نعم جزيلة من المولى سبحانه وتعالى فكيف اذا اضفت الى ذلك امرا ثالثا وهي او وهو ان السيئات او عفوا ان المصائب التي تصيب الانسان ويعلم الانسان انها مسببة عن الذنوب والمعاصي لان المسلم في نظره الى هذه المصائب يرى انها مسببة عن الذنوب والمعاصي وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم هذا الدليل دليل عام كما ذكرت لكم قال ابن القيم رحمه الله هذا دليل عام يشمل كل المصائب دقيقها وجليلها اي مصيبة تقع فليعلم الانسان انه انما اوتي من سيئاته فاذا ادرك ذلك وايقنه بادر الى التوبة الى الله سبحانه وتعالى والتوبة امر محبوب الى الله جل وعلا واهلها اهل محبته ايضا سبحانه وتعالى ان الله يحب التوابين فصارت المصيبة سببا لحصول هذا الامر العظيم وهو التوبة الى الله عز وجل قال سبحانه ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون يؤوبون يعودون الى الله سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح فكان في اعقاب المصيبة هذه الفائدة الكبيرة فكيف اذا اضفت الى هذا فائدة رابعة وهي حصول الاستكانة لله جل وعلا والذل والخضوع وهذا امر محبوب لله جل وعلا وهو من حكم تقدير المصائب قال جل وعلا ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون الله جل وعلا يحب من عبده اذا نزلت به النازلة ان يرجع الى الله سبحانه وتعالى بالخضوع والتذلل له تبارك وتعالى يترك الكبر والغرور ومشاهدة النفس ومطالعة احسانه يترك كل ذلك ليعود عبدا ذليلا لمولاه سبحانه وتعالى فكيف اذا اضفت الى هذا امرا خامسا محبوبا الى الله جل وعلا وهو الدعاء والتضرع والانين والابتهال الى الله جل وعلا وكل ذلك ولا شك عبادات جليلة لها من الثواب الشيء العظيم ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ذم الله هؤلاء على هذا بخلاف حال اهل الايمان فانهم يرجعون الى الله جل وعلا بالتضرع والدعاء والسؤال والاثبات وهذا كله من الله عز وجل بالمحل العظيم الله سبحانه يحب من عبده ان يدعوه وان يسأله وان يتضرع اليه وان ينطرح بين يديه وكل ذلك كان من اسبابه هذه المصائب الدنيوية اذا انت اذا تجولت بذهنك وعقلك في هذه الامور وغيرها من النعم التي يقدرها الله سبحانه وتعالى مصاحبة لنزول المصائب علمت ان تقدير الله عز وجل خير وانه اذا قدر على عبده شيئا منها فانه اراد به خيرا وذلك امر يختص بالمؤمن الذي هو قائم بحق الايمان والعبودية لله سبحانه وتعالى اما غيره فان المصيبة قد تكون سببا يخسف به في شأنه كما قلنا هذا في درس البارحة في درس امس وهو ان المصيبة كالنار النار التي توقد تحت المعدن فيخرج اما التبر الخالص واما الزغل والغبش الذي يطرح ويرمى المصيبة اما ان ترفع صاحبها واما ان تنزل بصاحبها ذلك ان من الناس من اذا اصابته المصيبة وقع في الامر الذي يبغضه الله سبحانه وتعالى ربما وقع في صغيرة وربما وقع في كبيرة وربما وقع في كفر بالله سبحانه والعياذ به ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة نسأل الله السلامة والعافية المصيبة قد تنزل بالانسان فتكون سببا لان يعاقر المعصية من الناس من يد ابتلي بهموم وغموم دعاه شيطانه وسولت له نفسه ان يخرج عن ذلك بان يعاقر الشراب المحرم او يتناول المخدرات ويقول انا اهرب من هذه الغموم وهذه الهموم اذا صارت المصيبة عليه ماذا صارت في حقه شرا عياذا بالله وبعض الناس اذا نزلت به المصيبة ربما وقع في امر عظيم من اعتراض على قدر الله جل وعلا وسوء ادب في معاملته وهذا مما يؤسف له يقول يا رب ماذا صنعت حتى تفعل بي هذا او تجد بعض الناس اذا رأوا مصابا يقولون فلان ما يستأهل فلان ما يستاهل هذه كلمة قبيحة ومنكرة اتق الله يا عبد الله اين هذه الكلمة لازمها ان الله عز وجل اصابه بشيء لا يستحقه فكان ظالما تعالى الله عن ذلك الله جل وعلا لا يظلم احدا الله جل وعلا حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما من الناس من اذا نزلت به المصيبة وقع في فتنة اعظم من كل ذلك وهي انه والعياذ بالله قد يلجأ بالدعاء والتضرع لغير الله سبحانه فيدعو الاموات واصحاب القبور يزعم انه يفر من المصيبة بذلك وهو لا يدري انه وقع في اعظم مصيبة على الاطلاق تجده يفزع الى الاموات يا سيدي ينادي صاحب القبر المدد المدد انا في ورطة لا ينقذني الا انت وهذا من اعظم ما اه تنتجه هذه المصائب في حق من لم يرد الله عز وجل به خيرا زده يشرك بالله سبحانه وتعالى فيكون حاله اسوأ من حال مشركي قريش الذين كانوا في الشدائد وعند الملمات والمهمات يخلصون الدعاء لله جل وعلا. اليس كذلك فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين لكن متى ما انتهى ذلك رجعوا الى شركهم فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون اما هؤلاء المتأخرون الذين فحش شركهم والعياذ بالله حتى زاد على حال الاولين تجده لا يعرف الله عز وجل عند الشدة تجده اعظم ما يكون شركا عند المصيبة ما مسني الدهر ربما وجدته ينشد ما مسني الدهر ظيما واستجرت به يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت عليه الصلاة والسلام ما مسني الدهر ظيما واستجرت به الا الا ونلت جوارا منه لم يضن ما عرف دعاء الله ولا اللجوء الى الله انما لجأ لغيره هذه مصيبة كبرى ربما تكون من مسببات ربما تكون من اسباب هذا الامر وهو وقوع المصائب اذا تلك الثمرات انما هي مما يختص به المسلم واما من عداه فان فان المصائب في حقه ربما لا تزيده الا ارتكاسا وخذلانا والعياذ بالله اما الكافر الاصلي فان المصائب التي تنزل به فانه لا ينتفع بها في تكفير السيئات انما هذا الامر مختص بالمسلم ولذلك لو رجعت الى كل الاحاديث التي تتعلق بهذا الموضوع وفي الصحيحين منها جملة وفي آآ غير الصحيحين من الكتب بقيتها كلها تجدها معلقة بالمسلم او المؤمن اما الكافر فانها عقوبة يعجلها الله عز وجل في الدنيا ولذلك اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الله جل وعلا اذا اراد بعبده شرا امسك عليه بذنبه لم يعطه هذه النعم ولم يكفر عنه من خطاياه بسبب ذنبه يعني بسبب ما اجترحته يداه من الذنوب والسيئات والكفر والاعراض حتى يوافي بذلك يوم القيامة هو يوافي بهذه الذنوب يوم القيامة تجدها كاملة فيعاقب عليها كاملة عياذا بالله والكافر في الاخرة يجازى على ثلاثة اصناف الكافر في الاخرة يجازى على ثلاثة اصناف اولا على كفره بالله سبحانه وتعالى وثانيا يجازى على سيئاته التي هي دون الكفر سواء كانت تركا لواجب او فعلا لمحرم السيئات من حيث هي تنقسم الى هذين القسمين قد تكون تركا لواجب بلا عذر وقد تكون فعلا لمحرم والكافر اذا لقي الله جل وعلا جازاه وعاقبه على كل واجب اوجبه لم يأت به هذا الكافر كل صلاة يمضي وقتها ولم يصلها سيحاسب عليه كل يوم من رمضان مر ولم يصم فانه سيجازى عليه وكذلك كل شربة خمر او كذبة او غيبة او نظرة او سرقة او زنا والعياذ بالله كل ذلك سيجازى عليه بين الله سبحانه وتعالى في ذلك وهو ان الانسان الكافر عياذا بالله يجازى يوم القيامة على كفره وعلى ما دونه قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين. اذا هو يجازى على الكفر ويجازى على ما دونه ايضا اما الصنف الثالث فهو انه يعاقب على عدم شكر الله عز وجل على النعم هذه النعم الدنيوية الماء والطعام والهواء والامن والرخاء والولد والمال والى اخر ذلك هذه النعم الدنيوية انما اباحها الله عز وجل لاهل الاسلام لانهم بتوحيدهم لله عز وجل يقومون بشكرها اما الكافر فانها لم تبح له ولذلك تأمل في قول الله عز وجل قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا للذين امنوا حلال للذين امنوا اما غير الذين امنوا ليست حلالا له وان كانوا يشتركون الكل يتناولها في الدنيا لكن في الاخرة خالصة يوم القيامة ستكون لاهل الايمان فقط. كافر لن ينعم في الاخرة اذا هذه النعم سوف يجازى عليها هذا الكافر ايضا لانه لم يقم بشكرها واعظم شكر لها توحيد الله عز وجل والايمان به وبرسوله عليه الصلاة والسلام اذا من اراد الله عز وجل به شرا امسك عنه ولم ينزل به هذه المصائب وبالتالي لا تحصل له تلك الفوائد ومنها تكفير السيئات حتى يلقى الله عز وجل يجازيه على هذه السيئات كاملة موفورة وهنا مسألة وهي قوله صلى الله عليه وسلم واذا اراد الله بعبده شرا الله عز وجل قد يريد بعبده الشر كما جاء في هذا الحديث ولكن تنبه يا رعاك الله الشر لا ينسب الى ذاته ولا ينسب الى صفاته ولا ينسب الى افعاله سبحانه وتعالى انما يكون الشر في المفعول في المقدر في المخلوق وهو شر اراده الله عز وجل لغيره لا لذاته الله لا يريد الشر لذاته. يعني لكونه شرا قدره لا لكن قدر هذا الامر الذي هو شر لانه يترتب عليه خير يحبه الله سبحانه وتعالى اذا هو مراد ها لغيره لا لذاته الشر الذي يقدره الله عز وجل كله ليس شرا محضا انما هو شر من وجه وخير من وجه والله عز وجل انما قدره لاجل هذا الخير الذي فيه فيكون تقديره سبحانه وتعالى له يريد به هذا الخير اذا هو مراد لغيره لا لذاته. وهذا مبحث يرجع الى اه باب الصفات والقدر وتفصيله في ذلك المحل اه كما تعلمون نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء من عظم البلاء. وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم. فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط حسنه الترمذي لك ان تقول فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ولك ان تقول ومن سخط فله السخط هذا الحديث خرجه ايضا الترمذي. وحسنه ايضا الترمذي ورواه ايضا عن انس رضي الله عنه لكنه حديث مستقل ليس تابعا للحديث السابق هذا الحديث فيه اخبار النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء ولك ان تقول عظم ولك ان تقول عظم ان عظم الجزاء او ان عظم الجزاء مع عظم البلاء هذه القطعة من الحديث تجرنا الى الحديث عن موضوع يتعلق بالمصائب وثمراتها ونتائجها هل هذا الحديث يفيد ان الانسان يثاب على المصيبة اضافة الى كونها سببا لتكفير السيئة هل يثاب الانسان على المصيبة ام لا هذا الموضوع التحقيق فيه ان المصائب تنقسم الى قسمين الامور المؤذية المؤلمة او النوازل التي تنزل بالانسان تنقسم الى قسمين اولا امور مؤذية او مصائب هي نتيجة لعمل صالح يعني ان تكون مسببة عن عمل صالح وهذه يثاب عليها الانسان دون شك ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو ميلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين اذا بين الله سبحانه وتعالى ان ما ينشأ عن الاعمال الصالحة من امور مؤذية فان الانسان يثاب على ذلك ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون. ها وترجون من الله ما لا يرجون وهو الثواب اذا ما ينال الانسان من تعب او مشقة بسبب صيامه او بسبب وضوئه في الليلة الباردة او بسبب ذهابه في شدة الحر الى بيوت الله او ما يلقاه المجاهد في سبيل الله الى غير ذلك من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك من الاعمال الصالحة هذه يثاب عليها الانسان قطعا اذا كان مخلصا لله القسم الثاني المصائب والمؤذيات التي ليس للانسان يدوم فيها هذا هو محل البحث الذي نريد ان نبحث فيه الان كأن يصاب الانسان لفقد ولد او حبيب او يصاب بمرض او عين او يصاب حريق بيت او فقد مال او خسارة تجارة الى اخي ذلك نحن اتفقنا قبل قليل على ان هذه المصائب سبب لماذا للتكفير لكن نريد الان هل هي مع ذلك ترفع الدرجات وتنيل الانسان المثوبات ام لا هذا الموضوع محل اختلاف بين اهل العلم واختلف العلماء فيه الى قولين القول الاول ان المصائب الدنيوية ليست سببا للثواب انما فكونوا من حيث هي يعني المصائب من حيث هي سببا لتكفير السيئات لكن ان يكون ذلك ايضا سببا للثواب هذا لا يكون انما لو صبر الانسان يثاب على الصبر لا على المصيبة يثاب على الصبر لا على المصيبة قالوا قاعدة الشرع قد دلت على ان الثواب لا يكون الا على امر وجودي بمعنى لا يكون الا عن عمل صالح فعله الانسان او تولد من فعله او كان هو السبب له اما امر لا يد للانسان فيه لا سبب للاثابة لاجله وهذا القول اختاره جماعة من اهل العلم ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم وروي معنى ذلك عن ابي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه وقال الحافظ رحمه الله فيما روي عنه اسناده جيد كما في الفتح وروي ايضا عن غيره من الصحابة اذا هذا هو القول الاول وهو انه لا ثواب على المصيبة القول الثاني وهو ان المصائب سبب للثواب اذا اذا نزلت المصيبة فانه يكون عليها الاتي او يكون بسببها الاتي اولا سبب لماذا للتكفير. ثانيا للثواب ان صبر اثيب ثوابا ثانيا واضح اذا من حيث نزول المصيبة من حيث هو هذا سبب مقتض للثواب وهذا القول نسبه النووي رحمه الله في شرحه على مسلم الى جماهير ها رضا هناك درجة ارفع كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله هي درجة الشكر ان ينتج عن المصيبة ماذا شكر الله عز وجل والفرح بها وهذه ليه عباد الله عز وجل العلماء وجاء عن ابي هريرة رضي الله عنه ان المريض يثاب على مرضه فكأنه يميل الى هذا الرأي رضي الله عنه وارضاه واستدل هؤلاء بهذا الحديث الذي بين ايدينا. الحديث ماذا يقول ها ان عظم الجزاء مع عظم البلاء استدلوا ايضا بما خرج الامام مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يصيب المسلم مصيبة حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله عنه بها خطيئة ورفعه بها درجة تلاحظ ان العطف بالواو ها هنا يقتضي ان المصيبة ترتب عليها الامران التكفير والثواب لكن يكدر على هذا ما جاء في رواية اخرى عند مسلم فيها العطف باو كفر الله عنه بها خطيئة او رفعه بها درجة وهذا محل بحث طويل عند اهل العلم هل هذا شك من الراوي يعني حصل عنده شك. اقال النبي صلى الله عليه وسلم الاول او قال الثاني او كان من النبي صلى الله عليه وسلم يعني كان من قوله واراد به التنويع بمعنى ان تكون المصيبة سببا لتكفير الخطايا لمن عنده ذنوب فان لم تصادف هذه المصيبة ذنبا كانت سببا لرفع الدرجة على كل حال آآ الذي يظهر لي والله تعالى اعلم ان المصيبة اذا نزلت بالانسان يكون حال صاحبها واحدا من اثنين اما ان يكون صابرا واما ان يكون جازعا ساخطا اما ان يكون صابرا واما ان يكون جازعا ساخطا فان كان صابرا فهذا محل اتفاق انه ماذا صار مثابا لانه صابر فيكون الثواب حاصلا له لكن بسبب الامر الوجودي الذي بدر منه وهو الصبر وهذا لا خلاف فيه اما اذا كان جازعا ساخطا فانه لا يمكن ان يقال انه مع هذه الحال يكونوا مثابا بل الدليل قد دل على انه يكون اثما سمعت قبل قليل قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن سخط اقال عليه الصلاة والسلام فله الثواب او قال فله السخط هذا هو السخط اذا لا يمكن ان يكون ساخطا ومثابا في نفس الوقت وبالتالي يمكن ان تقرر المسألة في هذه الصورة وهي ان الثواب انما يتعلق على الامر الوجودي المصاحب للمصيبة وهو الصبر والخلاف انما يظهر ويتحقق اذا تصورنا حالة هي وسط بين الصبر والجزاء وهذا مما يصعب بالحقيقة تصوره ان يكون هناك حالة فيها الانسان ماذا لا صابر ولا جازع وهذا في الحقيقة ان تصور فانه يكون محل الخلاف من اهل العلم من قال يثاب ومن اهل العلم من قال انه لا يثاب وان كان الذي يبدو لي والله اعلم ان تصور ذلك فيه ما فيه وان المصيبة في الغالب لا تخلو من هاتين الحالتين والله تعالى اعلم اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ان عظم الجزاء مع عظم البلاء والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر كما في الصحيح من يرد الله به خيرا يصب منه ولذلك كان اعظم الناس مصيبة وابتلاء الانبياء عليهم الصلاة والسلام سئل النبي صلى الله عليه وسلم كما عند احمد وغيره باسناد صحيح من اعظم الناس بلاء قال الانبياء ثم الامثل فالامثل يبتلى المرء على قدر ايمانه فمن كان في ايمانه صلبا شدد عليه ومن كان في ايمانه ضعيفا خفف عليه او كما قال عليه الصلاة والسلام اذا عظم الجزاء مع عظم البلاء وكلما ارتفعت درجة الانسان كلما كانت المصيبة في حقه اعظم حتى ان المصطفى عليه الصلاة والسلام كان يوعك كما يوعك الرجلان تقول عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح ما رأيت احدا اشتد به الوجع كما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لانه اعظم الخلق منزلة ومكانة عند ربه فلذلك عظم بلاؤه عليه الصلاة والسلام ليعظم اجره عند ربه سبحانه وتعالى والله جل وعلا اذا اراد بعباده خيرا ابتلاهم ثم تكون النتيجة بعد ذلك ان من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط وجزاؤه يكون وفاقا اهل الرضا الذين رضوا عن الله سبحانه وتعالى في تقديره فان الله جل وعلا يرضى عنهم والذي يسخط ربه جل وعلا في تقديره فان الله عز وجل يسخط عليه والرضا والسخط من الله جل وعلا صفتان فعليتان والله جل وعلا يرضى اذا شاء ويسخط اذا شاء سبحانه وتعالى وهذا الموضع من الحديث يجرنا ايضا للكلام عن مسألة الرضا بالقدر وهذه مسألة مهمة هل الرضا واجب او ليس بواجب عندنا درجتان صبر الاخيار المتقين كما قال عمر ابن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه اصبحت ومالي سرور الا في مواضع القضاء والقدر دعونا الان نتحدث عن الدرجة الثانية قلنا الصبر واجب. الدرجة الثانية هي درجة الرضا ارفع من الصبر اهي واجبة ام لا انتبه الى ان الرضا له طرفان الطرف الاول الرضا عن قدر الله عز وجل القائم به سبحانه وتعالى. يعني تقديره الذي هو فعله. وهذا واجب بالاتفاق يجب على كل انسان ان يرضى عن فعل الله عن تقدير الله ولا يسخط فعله جل وعلا ولا يعترض على فعله جل وعلا بل يعتقد ان في تقدير الله عز وجل الخير كل الخير وان فيه الحكمة كل الحكمة اما الطرف الثاني فهو محل البحث وهو الرضا بالمقدور الرضا بالمصيبة يعني نزلت به مصيبة فقد ماله سرق بيته هل رضاه بهذا الذي نزل به امر واجب ام لا قبل ان نسترسل ما الفرق بين الصبر والرضا قال العلماء كعمر بن عبدالعزيز وابن المبارك وغيرهما من اهل العلم الفرق بينهما ان الراضي لا يتمنى تغيير الحال التي هو عليها واما الصابر فانه بخلاف ذلك الصابر حبس نفسه قلنا الصبر هو الحبس حبس قلبه عن اعتقاد ما لا يحل وحبس لسانه عن قول ما لا يحل وحبس جوارحه عن فعل ما لا يحل لكنه يتمنى ان هذه المصيبة ماذا ازول اما الراضي فانه لا يتمنى زوال الامر الذي قدره الله سبحانه وتعالى له طيب قد يقول قائل هل في هذا منافاة للامر الجبلي وهو الشعور بالالم الجواب لا لا يعني هذا ان الراضي لا يشعر بالالم لانه بشر وانسان ولكن كما قال العلماء كم من اجساد محشورة بالالم وقلوب محشورة بالرضا ممكن ان يجتمع الامران يكون في جسده متألما ولكن قلبه ماذا راض وساكن ومطمئن هذا القدر الذي هو رضا الرضا بالمقدور. هل هو واجب؟ واجب ام لا ذهب بعض اهل العلم الى انه واجب تبني عقيل الحنبلي وغيره من اهل العلم واستدلوا بهذا الحديث فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط وذهبت طائفة من اهل العلم الى انه مستحب وليس بواجب. الواجب الصبر يحبس نفسه عما لا يحل اما ان يرضى بالمصيبة فهذه الدرجة اعلى وارفع فهي مستحبة لا واجبة لانه لم يأت في الادلة دليل على ايجابها انما جاء الثناء والمدح لمن قام بها وهذا ما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من اهل العلم وهذا هو فيما يظهر الاقرب والا لو قيل بايجابي الرضا لكان في هذا تكليفا لامر عظيم يشق على اكثر الناس وبالتالي فيكون الاظهر والله تعالى اعلم ان الرضا بالمقدور امر مستحب ومن جاهد نفسه فوصل اليه فليبشر بالخير الجزيل ونيل رضا الله سبحانه وتعالى وبالتالي فان هذا الحديث بناء على هذا القول يوجه الى ان الرضا والسخط الذي تعلق بتقدير الله لا بالمقدور يعني من رضي بتقدير الله وفعله فله الرضا ومن سخط ذلك فله السخط لعلنا نكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان