بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتابه توحيد الذي هو حق الله على العبيد باب من الشرك ارادة الانسان بعمله الدنيا. ان الحمد لله اه نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد يقول المؤلف رحمه الله باب من الشرك ارادة الانسان بعمله من الشرك يعني من ابعاضه ومن انواعه و الشرك والعمل ها هنا يراد بهما شيء خاص شرك خاص وعمل خاص. اما الشرك فانه الاصغر هذا هو لب ما يتعلق بالموضوع من الشرك الذي يرد على المسلم من هذا الموضوع وهو ارادة الانسان بعمله الدنيا انما هو متعلق باحد نوعي الشرك وهو الشرك الاصغر ذلك العمل هنا هو العمل الاخروي يعني العمل الصالح الذي الذي يراد به وجه الله عز وجل والدار الاخرة فهذا هو المقصود اما العمل الدنيوي الذي ليس من اعمال البر ليس من الحسنات ليس من الصالحات فانه لا حرج على الانسان ان يقصد به الدنيا. كان يتاجر او يزرع او يصنع او يفعل ما شاكل ذلك فان هذا لا حرج بان يكون قصد الانسان فيه دنيا اذا بحثنا هو في العمل الاخروي العمل الصالح. من الشرك ارادة الانسان بعمله الدنيا. والفرق بين هذا الباب وما قبله. تذكرون ان الباب السابق كان في الرياء. الفرق بين الموضوعين. هو ان هذا الذي بين ايدينا الان يريد صاحب هذه الارادة ارادة الدنيا يريد نيل شيء من حطامها بالعمل الصالح اما المرائي فانه لا يريد شيئا من الدنيا انما قصده معلق ثناء الناس ومدحهم وان يعظم في اعينهم سواء جاءه شيء من نعيم الدنيا او لم يأته هو لا يلتفت الى هذا هو يريد ان يراه الناس. تكون له في قلوبهم مكانة ومنزلة. وينالوا المدح والثناء اما الذي نتحدث عنه الان فهو لا يهتم بكلام الناس لا يريد منهم ثناء ولا مدحا ولا تقدما في قلوبهم انما يريد شيئا من الدنيا ان يحصل مالا ان وظيفة او ان يترقى في المراتب الدنيوية وما شاكل ذلك وان كان الامران يشتركان في انهما من موارد الشرك الاصغر ومن اسباب الحبوط والخسران عافاني الله واياكم من ذلك ارادة الانسان بعمله الصالح الدنيا. هذه المسألة تتفرع الى حالتين الحالة الاولى تمحض الارادة الدنيوية بمعنى ان يعمل الانسان العمل الصالح ولا ولا قصد ولا التفات في قلبه البتة. الى نيل ثواب الله ورضاه او نيل شيء من الثواب الاخروي انما يريد فقط نيل شيء من الدنيا. يصلي او يصوم او يحج ولا التفات عنده ولا ارادة له الى نيل شيء من الدنيا. وهذا لا شك انه عمل حابط وان هذا القصد لا يكاد يصدر من مسلم بالتالي من كان لا يريد بالعمل الصالح الا الدنيا فعمله حابة مردود عليه ولا شك دل على هذا ما بين ايدينا الاية الاولى التي ستأتي معنا ان شاء الله وهي اية هود من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون كذلك اية الشورى من كان يريد حرف الاخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الاخرة من نصيب وكذلك اية الاسراء من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا هذه الثلاثة هذه ثلاث ايات يؤيد بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا تدل على ان من كان قصده الدنيا ولها يعمل فانه ليس له في الاخرة من نصيبه ومن كان يريد الاخرة ولها يعلم ولها يعمل فان عمله مقبول وهو مثاب من الله سبحانه وتعالى بقيت اية رابعة والشيء بالشيء يذكر وهي اية النساء من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة هل هذه الاية على نسق الايات الثلاث السابقة ام لا اختلف المفسرون رحمهم الله في ذلك فذهب بعضهم الى انها تدل على ما دلت عليه الايات السابقة من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة والقول الثاني انها لا تدل على ما دلت عليه الايات السابقة وانما هذه الاية فيها تنبيه وتحذير لقاصر الهمة الذي همته الدنيا ولا يطمح الى ما فوقها نبهته هذه الاية الى انه ينبغي ان يكون عالي الهمة فيطلب خيري الدنيا والاخرة وذلك ان الدنيا والاخرة بيد الله سبحانه وتعالى وهو قادر على ان يعطيهما معا فينبغي للانسان ان تكون عنده همة لنيل الدنيا وعنده ايضا همة لليل الاخرة حتى يكون من الرابحين لا من الخاسرين وهذا القول اختاره ابن كثير رحمه الله ولعله الاقرب في تفسير الاية عودا على بدء اتضح لنا ان من كان مراده الخالص في العمل الصالح انما هو الدنيا فلا شك في ان عمله حابط مردود وهذا مما لا ينبغي ان يختلف فيه اما الحال الثانية فهي حالة تشريك الننيتين النية الدنيوية والنية الاخروية فما حكم ذلك؟ قبل ان استرسل انبه الى اننا نتحدث عن نية دينية ونية دنيوية وبالتالي فليس داخلا في هذا نيتي فليس داخلا في هذا نيتين او نيتان صالحتان بمعنى من عمل عملا من الاعمال الصالحة يريد به اكثر من نية صالحة فهذا ليس من موضوعنا الذي نبحث فيه وهذا باب عزيز شريف لا يقصده الا صادق الطلب عالي الهمة غزير العلم وهو ان يدخل الى عمل صالح فينوي فيه نيتين فاكثر وبالتالي يخرجوا بعبادتين فاكثر كأن يذهب مثلا الى المسجد ونيته ان يصلي صلاة الجماعة ونيته ايضا انه اذا جلس استغفرت له الملائكة ونيته ايضا انه يغض طرفه عن النظر في الحرام ويكف اذاه عن الناس ويحفظ لسانه عن الوقوع في الغيبة لاحظ ان هذه ثلاث نيات وربما ينوي الانسان اكثر من ذلك فيكون هذا الذكي في عمل الاخرة قد خرج بعبادة فقد خرج من عبادة واحدة بعبادات شتى كذلك ان ينوي الصوم فرضا كان او نفلا وينوي مع ذلك حصول العفاف وكبح جماحي شهوته وهي التي ارشد اليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء المقصود ان هذا ليس داخلا في موضوعنا نحن نتحدث عن انسان يريد عبادة فينوي فيها نيتين نية بارادة وجه الله سبحانه وتعالى والدار الاخرة ونية يريد بها نيل شيء من حطام الدنيا اختلف العلماء رحمهم الله في هذه الحال فمنهم من قال ان ورود ادنى نية او طرف من ارادة دنيوية في عمل صالح يبطل العمل الصالح بالكلية وابن حزم رحمه الله ما لا او انتصر الى هذا في كتابه المحلى حتى انه ذكر ان من توضأ ونوى بوضوئه العبادة والتبرد فانه لا يجوز له ان يصلي بهذا الوضوء لانه وضوء باطل واستدل على هذا بقول الله عز وجل وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء فلما كان هذا الانسان نيته غير خالصة فان عبادته حابطة طيب قال وماذا لو انه توضأ فاراد العبادة واراد تعليم غيره ايصح ان يصلي بهذا الوضوء ام لا قال نعم يصح لان قصد تعليم الناس امر آآ امر به شرعا وبالتالي فانه لا حرج عليه في ذلك اذا هذا هو القول الاول القول الثاني ان تشريك نية دنيوية معنية اخروية لا يؤثر في العمل اثابة او نقاصا او احباطا وانتصر لهذا القرافي رحمه الله في جماعة من اهل العلم واستدل اصحاب هذا القول بان الشريعة قد رخصت بنية نية دنيوية في عمل صالح ولا فرق بين ان تكون هذه النية الدنيوية تابعة او متبوعة غالبة او قاصرة ومن تلك الادلة قوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم هذه الاية في شأن التجارة في الحج يعني ان يحج الانسان ونيته تحصيل العبادة وايضا ان يتاجر اثناء الحج. الله جل وعلا قال ليس عليكم جنح قال ايضا من تلك الادلة قول النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم قال وهذه نية غير نية العبادة وهذا الاستدلال في هذا الدليل الثاني فيه نظر فان نية الاعفاف نية مأمور بها وليست نية دنيوية على كل حال هذا هو القول الثاني في هذه المسألة القول الثالث وهو الذي ذهب اليه اكثر اهل العلم. وهو النظر في النية فان كانت النية الدنيوية هي الغالبة الباعثة ان كانت النية الدينية هي الباعثة الغالبة فان العمل صحيح مقبول انتبه لابد ان تكون النية الدنيوية متبوعة تابعة لا متبوعة وان تكون غير غالبة ويجب ان تكون النية الدينية هي الباعثة. يعني هي التي تدفع للعمل الصالح. وهي ايضا الغالبة هي القصد الاكبر لا القصد الاصغر. متى ما كانت النية الدينية هي الباعثة. الغالبة المتبوعة لا التابعة فبالتالي فان هذا لا يؤثر لان العبرة كما تقول القاعدة بالغالب والنادر لا حكم له التحقيق في المسألة هو ان يقال ان الاحوال في هذا الباب ليست على نمط واحد بل فيها تفصيل وذلك يظهر في الاحوال الاتية ولعل هذا هو الصواب في هذه المسألة والله سبحانه وتعالى اعلم لكن قبل ان نسترسل لابد ان نستصحب في هذا الباب اصلا محكما في الشريعة. دلت عليه ادلة كثيرة وهي ان الاخلاص اساس قبول العمل الصالح وان القبول وعدمه مرتبط بوجود هذه النية الخالصة وجودا وعدما. فالله عز وجل تقول وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات. وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه ومر بنا تلك القاعدة النبوية العظيمة وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا يقبل من العمل الا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه اذا استحضر هذا قبل ان نتكلم عن هذه الاحوال الاتية. اولا الحال في تشريك النيتين ترجع الى ما يأتي اولا قصد ما هو من ضرورات العمل بمعنى انه حاصل قصد او لم يقصد مثال ذلك ان يتوضأ وهو يريد العبادة والتنظف او التبرد التنظف او التبرد حاصل شئت ام ابيت. اليس كذلك فمثل هذا لا يضر. ولا يؤثر في الثواب لا احباطا ولا انقاصا فان لا ضرر في ان تقصد العبادة بما هي عليه ان تقصد بضروراتها مثل هذا لا ضرر فيه ولا حرج فيه كذلك مثلا ان ينوي الانسان الصوم وحصول الحمية يريد ماذا ان يحتمي او ان يخفف وزنه هذا حاصل اذا صمت شئت او لم تشاء وبالتالي فان هذا لا يؤثر ان شاء الله هذه هي الحال الاولى وبها يظهر ضعف قول آآ ابن حزم ومن معه ان قصد التبرد مع الوضوء مبطل للعمل الصالح. لكن هنا مسألة ما الافضل ان ينوي الانسان بالعمل الصالح هاتين النيتين او ان ينوي النية التعبدية فقط لا شك ان قصد النية قصد النية التعبدية وحدها افضل لكن بحثنا يتعلق بالرد والحبوط. اما الرد والحبوط فان قصد ما هو من ضرورات العمل وما هو كائن حاصل ولا بد لا يؤثر الحالة الثانية قصد ما اذن الشرع في قصده تصريحا او تلميحا بمعنى اذا كانت الشريعة اذنت في قصد شيء دنيوي في العمل الصالح فان هذا لا يؤثر في الثواب من جهة الرد او الحبوط مثال ذلك قول الله سبحانه وتعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم كون الانسان يحج وهو يريد في سيره الى الحج نيلة رضى الله سبحانه وتعالى ومع ذلك يريد التجارة اخذ معه بضاعة ويريد اثناء تنقله بين المشاعر وفي تلك العرصات المباركة يريد ان يتاجر الشريعة ها هنا ماذا اباحت له ذلك وبالتالي فمن ضرورة اباحة ذلك الا يكون هذا مؤثرا على العمل من جهة الحبوط او الرد خذ مثلا اخر قال النبي صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه بمعنى انه في الجهاد في سبيل الله في الجهاد الشرعي اذا قتل انسان قتيلا من اعداء الله فانه يجوز له ان يأخذ سلبه وهو ما عليه سلاحه وما هو عليه فانه يجوز له اخذه. لاحظ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث يوم حنين فمن ضرورة ذلك ان الصحابة سوف يقصدون هذا الامر. اليس كذلك؟ بل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول الا لاجل ان يقصد الصحابة ذلك. فيكون دافعا وآآ باعثا لهم على مزيد من والاجتهاد في في قتال اعداء الله. ولذلك لما سمع ابو طلحة الانصاري رضي الله عنه لذلك قتل عشرين من الكفار فاخذ اسلابهم. اذا قصد ما هو مأذون به شرعا؟ هذا لا يؤثر ردا او احباطا للعمل الصالح بالتالي يتضح لنا ان ما استدل به القرافي ومن معه الذين قالوا بالقول الثاني انه امر مخصوص استدلوا بشيء جاءت جاءت الادلة الشرعية على جواز قصده لكن البحث في ماذا فيما لم يأت دليل على قصده فتعميم الحكم على جميع الاحوال فيه نظر الحالة الثالثة قصد امر دنيوي لم يأت في الشريعة الاذن به قصد امر دنيوي لم يأت في الشريعة الاذن به. وهذه الحال هي الحال التي عمت بها البلوى ويحتاج الى التذكير والمذاكرة في شأنها وهي ان يقصد الانسان في عمله الصالح نيل شيء من حطام الدنيا والشريعة لم لم تأتي بالاذن في شأنه مثال ذلك ان يحج ويريد ويريد التكسب بحجه وليس في حجه عندنا فرق بين مسألتين ان تحج وتريد التكسب في الحج يعني اثناءه بان تتاجر مع مع كونك حاجة. هذا قلنا اذن الشرع فيه. انما بحثنا الان ان يتكسب بالحج كأن يحج عن غيره والقصد مع القصد الاخروي القصد ان يأخذ ماذا دراهم على هذا الحج او ان يتعلم العلم الشرعي والقصد نيل الشهادة او نيل المكافأة التي تعطى في الجامعة او ان يؤم والقصد نيل المكافأة التي تدفع للامام او نيل المسكن الذي يعطاه وهكذا الشأن في الاذان الى غير ذلك من هذه الصور الكثيرة فما حكم ذلك الذي يظهر والله تعالى اعلم ان الادلة الشرعية المحكمة قد دلت دلالة صريحة على ان الاخلاص شرط قبول العمل الصالح وارادة الدنيا قادح او قادحة في هذا الاخلاص فهي مؤثرة في هذا العمل اما باحباط الثواب واما بانقاصه بحسب دخول هذه النية الدنيوية في العمل و نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد السادس والعشرين من مجموع الفتاوى عن الامام احمد رحمه الله انه قال لا اعلم احدا كان يحج عن غيره بشيء وليس الارتزاق باعمال البر من شأن الصالحين ليس الارتزاق باعمال البر من شأن الصالحين وآآ ذلك ان العمل الصالح يجب ان يكون القصد فيه ارادة وجه الله سبحانه وتعالى لا غير وبارادة الدنيا مع العمل يكون الانسان قد اخلى بهذا الشرط فهذا من الامور التي تحتاج ان يتنبه لها المسلم واسترسل شيخ الاسلام رحمه الله بعد هذه الكلمة الى الكلام عن مسألة الحج وقال وعليه فان الذي ينبغي للانسان ان يحج عن غيره بقصدين الاول انه يستعين بهذا المال على الوصول الى تلك البقاع المشرفة يحج عن غيره ومراده ان يصل الى مكة وان آآ يشبع نهمة نفسه من رؤية الكعبة والطواف بها والدعاء يوم عرفة الى غير ذلك او وهذا القصد الثاني انه يريد ان يبرئ ذمة اخيه المسلم الذي يكون عليه اه حج واجب باصل الشرع او بالنذر فهو يريد ان يبرئ ذمة اخيه المسلم. قال هكذا ينبغي للانسان ان يحج عن غيره. اقول ان الادلة الشرعية قد جاء فيها جملة تشهد لهذا القول من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند احمد واتخذ مؤذنا لا يأخذ على اذانه اجرا كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تتكاثروا به كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من تقلد قوسا على تعليم القرآن قلده الله به قوسا من النار يوم القيامة كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من لم يرح رائحة لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة الى غير ذلك من هذه الادلة التي تشهد لهذا القول وان الاعمال الصالحة يجب ان يكون القصد فيها فيها خالصا لله سبحانه وتعالى الحال الرابعة وهي قصد نيل شيء من الدنيا ليكون وسيلة لاداء العمل الصالح وهذا مخرج في شأن الحال الحالة السابقة ولا يحتاج المسلم معه الا ان يصحح نيته بمعنى انه ينوي ويأخذ شيئا من الدنيا لتكون الدنيا وسيلة لتحصيل العمل الصالح فرق شاسع بين من كانت الدنيا قصده والدين وسيلته بين ان يكون تكون الدنيا قصده. والدين وسيلته وبين من يكون الدين قصده والدنيا وسيلته الحال السابقة التي هي الحال الثالثة ما الذي كان مقصودا ها الدنيا وما الوسيلة الدين توظف اماما او مؤذنا لاجل المال اراد تحصيل المال. اما هنا فهو اراد الدين. اراد العمل الصالح واخذ الدنيا لتكون وسيلة له لاداء هذا العمل الصالح فهو توظف اماما واخذ المسكن لاجل ان يكون المسكن معينا له على اداء الامامة على اكمل وجه بحيث يكون قريبا من المسجد اخذ المكافأة ليتفرغ لان يؤدي هذه الامامة اخذ مكافأة طلب العلم او الارزاق التي تفرض لطلاب العلم لاجل ان يستعين بهذا المال على الطلب فيتفرغ له. لانه لو ذهب الى السوق كي يعمل فانه لن يطلب العلم او لن يتفرغ تفرغا كاملا. اذا كانت الدنيا وسيلة لتحصيل الدين ومثل هذا لا حرج فيه وهنا قاعدة لطيفة ذكرها شيخ الاسلام رحمه الله كما في الاختيارات قال والمشروع ان يأخذ الانسان ليحج. لا ان يحج ليأخذ المشروع ماذا ان يأخذ ليحج لا ان يحج ليأخذ. وعمم هذا في جميع المسائل ان يأخذ ليؤم وليس ان يؤم ليأخذ ان يطلب العلم يأخذ ليطلب العلم وليس انه يطلب العلم ليأخذ فان من اخذ ليطلب فان هذا لا حرج عليه فيه اما من طلب ليأخذ قال شيخ الاسلام فان هذا الاشبه انه ليس له في الاخرة من نصيب اذا هذه خلاصة لموضوع ارادة الانسان بعمله الصالح الدنيا وبها ارجو ان يكون الموضوع قد تحرر في نظرك والله سبحانه وتعالى اعلم نعم قال المصنف رحمه الله وقوله تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها الايتين الايتين نعم يعني اكمل الايتين من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار. وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون. هذه الاية مضت ما يتعلق بها وبقي فيها مسألتان الاولى ان اهل العلم اختلفوا في هذه الاية نازلة في من فقال بعض اهل العلم انها نازلة في الكفار من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها اولئك هم ها الكفار وقالت طائفة من اهل العلم انهم اهل القبلة والقول الثالث وعليه الاكثر انها عامة في جميع الناس. الكفار واهل القبلة اذا قلنا انها عامة او في اهل القبلة فالاستدلال بها في شأن ارادة الانسان الدنيا بعمله الصالح ظاهرة هذا لا اشكال فيه. اما على القول بانها في شأن الكفار فان ذلك ايضا ظاهر وذلك ان الكفار زين في اعينهم شأن الحياة الدنيا. قال سبحانه وتعالى زين للذين كفروا الحياة الدنيا اه ان قلنا بهذا فان الاستدلال بها في شأن المسلم ايضا مستقيم وذلك ان من شابه الكفار في خصلة من خصالهم ناله شيء من الذم الوارد في حقهم وبالتالي فتكون الاية دليلا على على ما يتعلق بالمسلم ايضا والله تعالى اعلم. اما المسألة الثانية فهي ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ان هذه الاية نسختها اية الاسراء من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد؟ قال اية الاسراء هذه ناسخة لاية هود التي معنا ومراد ابن عباس رضي الله عنهما بالنسخ ها هنا ليس النسخ الاصطلاحي المعروف عند المتأخرين لعلكم تذكرون في دروس اصول الفقه اننا اخذنا ان مصطلح النسخ عند المتقدمين اعم من النسخ عند المتأخرين فانهم يريدون بالنسخ يعني اعني المتقدمين يريدون النسخ الاصطلاحي ويريدون كل ما يرد على الدليل من مخصص او مقيد سواء يعني كان النسخ عندهم للاية يعني لحكمها بالكلية او كان لبعض حكمها الذي هو تقييد او تخصيص او تخصيص هذا كله عنده داخل في معنى النسخ. ومراد ابن عباس رضي الله عنهما هذا يعني ان اية الاسراء مخصصة لاية هود تأمل معي في اية هود الله جل وعلا اخبر انه يعطي الدنيا من قصدها اية هود فيها ان الله تعالى اخبر انه يعطي الدنيا من طلبها من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ماذا؟ نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. تريد الدنيا الله سيعطيك الدنيا ولكن ليس ثمة اجر اخروي لكن في اية الاسراء تخصيص لهذا وذلك ان الله سبحانه وتعالى ارجع ذلك الاعطاء الى مشيئته قال من كان يريد العاجلة يعني الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء ماذا لمن نريد. اذا ليس هذا حاصلا لكل احد. بل هذا راجع ايضا الى مشيئة الله. قد قد يعطي الله وعز وجل مريد الدنيا وقد لا يعطيه انتبهتم لهذا؟ من كان يريد العاجلة ها عجلنا له فيها وانتهى لا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد؟ اذا المسألة راجعة الى مشيئة الله فقد يعطي الله سبحانه وتعالى مريد الدنيا وقد وقد لا يعطيه وبالتالي فانه لا الدنيا استفاد. ولا الاخرة استفاد نسأل الله السلامة والعافية. فالامر اذا راجع الى مشيئة الله سبحانه وتعالى ومشيئته مقترنة بحكمته جل وعلا نعم قال المصنف رحمه الله في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعيس عبد تعس عبد الخميلة ان اعطي رظي وان لم يعط سخط تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله اشعث رأسه مغبرة قدماه ان كان في الحراسة كان في الحراسة وان كان في الساقة كان في الساقة ان استأذن لم يؤذن له وان شفع لم يشفع هذا الحديث اخرجه الامام البخاري رحمه الله في صحيحه في هذا الحديث فوائد منها ان الانسان قد يكون عبدا للدنيا وهذه العبودية قد تصل الى حد الشرك الاكبر وقد تكون شركا اصغر اما كونها شركا اصغر ففي حق المسلم الذي معه اصل التوحيد ولكن دخلت عليه شعبة من شعب الشرك وذلك يرجع الى ما جاء في الحديث يعني الضابط الى حصول هذا الشرك الاصغر ما جاء في الحديث ان اعطي منها يعني من الدنيا رضي وان لم يعطى سخط اذا من كانت الدنيا ترضيه او تسخطه فان فيه شعبة فان فيه شعبة من شعب التعبد او العبودية للدنيا قد يكون عبدا اثمانها وقد يكون عبدا لاثاثها وهذا من عجيب الاشياء ان يكون الانسان عبدا لثوبه وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم هذه اثمان وقد تكون من تخاف تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة. الخميصة كساء عند العرب لونه احمر او اسود مخطط له اعلام معروف عنده والخميصة اه والخميلة هي القطيفة سواء كانت ثوبا او كانت آآ فراشا يجلس عليه وذلك انه اذا كانت الدنيا ان جاءته رضي وان لم تأته سخط على ربه وقدره فهذا والعياذ بالله صار عبدا للدنيا واما كونها شركا اكبر فانها تكون كذلك في حق الكفار وذلك اننا قد علمنا كما سبق ان الله سبحانه وتعالى قد شاء ان تكون الدنيا مزينة في نظرهم وفي قلوبهم زين للذين كفروا الحياة الدنيا قال الله سبحانه وتعالى في شأن المنافقين آآ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات نعم قال سبحانه وتعالى فان اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون. فهذا هو حال هؤلاء الكفار الذين شركهم بالدنيا شرك اكبر تعلق قلوبهم بها تعلق عظيم. حتى انها اصبحت مزاحمة آآ محبة الله سبحانه وتعالى وارادة طاعته فمثل هؤلاء لا شك ان هذه العبودية في حقهم شرك اكبر اما المسلم فقد يكون واقعا في شرك اصغر وربما كان كثير من الناس كذلك نسأل الله السلامة والعافية قال النبي صلى الله عليه وسلم تعس ويجوز لك ان تقول تعس تعس يعني ناله التعاسة والتعاسة الشقاء والهلاك والنبي صلى الله عليه وسلم يدعو على من كانت هذه حاله من كان من اهل هذه الاصناف الذين تعبدت قلوبهم للدنيا دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كان كذلك دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالتعاسة والشقاء دعا عليه بعد ذلك دعوة اشتملت على ثلاثة اشياء تعس وانتكس واذا شيك فلن تقش تعيسة نالته التعاسة وانتكس الانتكاس الرجوع بعد الخير الى الشر وبعد الهدى الى الضلال ويتضمن ذلك اضطراب الامور عليه قال واذا شيك فلن تقش والمعنى انه اذا نزلت عليه البلايا والمصائب لم تزل تستمر معه وتتفاقم في حقه ومثل لهذا عليه الصلاة والسلام بانه اذا شيك يعني اذا اصابته شوكة فلن تقش يعني فلا خرجت هذه الشوكة لان الانسان اذا اصيب بشوكة فانه ينتقش. يعني يسعى في ازالة هذه الشوكة بالمنقاش. المنقاش الالة التي يستعملها الانسان في ازالة الشوكة اذا دخلت في الجسم اذا شيك فلا انتقش يستمر عليه البلاء والاضطراب والالم نسأل الله السلامة والعافية هذه حال من كانت الدنيا هي المقصود والغاية والتي يسعى لها لا غير وعلامة ذلك انه يرضيه عن ربه وجودها ويسخطه على ربه وقدره فقدها ثم ابانا النبي صلى الله عليه وسلم الصورة المقابلة لذلك وهي سورة المخلص لله سبحانه وتعالى طوبى طوبى قيل هي الجنة وقيل هي شجرة في الجنة والاقرب والله اعلم انها اعم من ذلك. ذلك ان طوبا مؤنث اطيب اذا هو اخبار او دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم ان من كانت حاله كما اخبر ان يناله او ان تناله اطيب الاحوال واطيب الاشياء طوبى لعبد هذا العبد مخلص لله سبحانه وتعالى لا يريد الا وجهه ولذلك فانه يخرج في سبيل الله سبحانه وتعالى مجاهدا الجهاد الشرعي الذي فيه نصرة للدين وفيه قمع لاعدائه وليس الجهاد البدعي الذي قصده ورايته اه غير شرعية والذي فيه سل السيف على امة محمد صلى الله عليه وسلم. والذي ينتفع به اعداء الله. لا اولياء الله بل هؤلاء قد يكونون عذابا على المسلمين. المقصود هو الجهاد الشرعي الذي تتحقق فيه الشروط الشرعية ويحصل به المقصد الشرعي وهذا الانسان يريد وجه الله عز وجل حتى انه لا التفات له الى نفسه وحاله ورفعة مكانته حاله انه ساع في رضا الله عز وجل ولذلك لا يهتم بنفسه رأسه وشعره اشعث غير مهذب وغير مرتب وقدمه مغبرة دليل على انه مجتهد في طاعة الله سبحانه وتعالى والاجتهاد في نيل مرضاته جل وعلا ولا يبالي في اي مكان كان ان طلب منه ان يكون في الحراسة استجاب لانه يريد طاعة الله عز وجل وطاعته في طاعة الامير الشرعي. وان كان في الساقة الساقة يعني في اخر الجيش مؤخرة الجيش تسمى الساقة. كان في الساقة ولا يبالي ان يكون في المتصدرين. وفي امرة اه الكتائب او مشاكل ذلك هو مع ذلك غير معروف خفي من الاتقياء الاخفياء. حتى انه لا يعرفه احد لو طلب الاذن من الكبراء والامراء لم يأذنوا له لانه لا لا يلتفت اليه ولو شفع في شأن احد فانه لا يشفع ايضا لانه غير معروف وهذا كله من علامات تحقيق الاخلاص هذه صورة مقابلة للصورة السابقة التي فقد اهلها الاخلاص لله سبحانه وتعالى وقصده والسعي الى مرضاته جل وعلا وحده لا شريك له اسأل الله جل وعلا باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرزقنا الاخلاص في اقوالنا واعمالنا اللهم اجعل اعمالنا كلها صالحة واجعلها لوجهك خالص ولا تجعل لاحد فيها شيئا انك يا ربنا ومولانا سميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان