المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الرابع والثلاثون بقول الله تعالى افأنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. وقوله ومن يقنط ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال الشرك وبالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله. رواه عبدالرزاق هذا باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون باب قول الله تعالى الاية الاولى والاية الثانية جميعا. فالباب منعقد للايتين جميعا لاتصال والمراد بهذا الباب بيان ان الجمع بين الخوف والرجاء واجب من واجبات الايمان ولا يتم التوحيد الا بذلك. امتثال الجمع بين الامن انتفاع الجمع بين الخوف والرجاء هذا مناف لكمال التوحيد فالواجب على العبد ان يجعل خوفه مع الرجاء وان يجعل رجاءه مع الخوف والا يأمن كما لا يقنط من رحمة الله جل وعلا. فالاية الاولى وهي قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون فيها ان المشركين من صفاتهم انهم امنوا عقاب الله فلم يخافوا والواجب بالمقابل ان تكون قلوبهم خائفة وجلة من الله جل وعلا. قال سبحانه افأمنوا مكر الله يعني ايعلمون تلك المثلات وفعل الله جل وعلا بالامم السالفة التي قصها الله في سورة الاعراف. فامنوا مكر الله فاذا كان كذلك وحصل منهم الامن مع وجود النذر فيما حولهم وان الله قص عليهم القصص والانباء قال فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. والامن من مكر الله هو ناتج عن عدم الخوف وترك عبادة الخوف وعبادة الخوف قلبية الخوف خوف العبادة من الله جل جلاله وهذا الخوف اذا كان في القلب فان العبد سيسعى في مرض الله ويبتعد عن مناهي الله وسيعظم الله جل وعلا ويتقرب اليه بالخوف لان الخوف عبادة ويكون عبادة لمعاني ومنها ان يتقرب الى الله جل وعلا بالخوف وان ان يتقرب الى الله جل وعلا بعدم الامن من مكر الله. وذلك ان الله هو ذو الجبروت. فعدم الامن من مكر الله راجع الى فهم صفات الله جل وعلا واسمائه التي منها القهار والجبار وهو الذي يجير ولا يجار عليه ونحو ذلك من صفات الربوبية. ومكر الله جل وعلا من صفاته التي تطلق مقيدة الله جل وعلا يمكر بمن مكر باوليائه وانبيائه وبمن مكر بدينه. لانها في الاصل صفة صفة نقص لكن تكون صفة كمال اذا كانت بالمقابلة لانها فيها حين اذ اظهار العزة والقدرة والقهر والجبروت وسائر صفات الجلال. فمكر الله جل وعلا من صفاته التي يتصف بها. لكن ذلك على وجه التقييد نقول يمكر باعداء رسله يمكر باعدائه يمكر بمن مكر به ونحو ذلك. وحقيقة مكر الله جل على ومعنى هذه الصفة انه جل وعلا يستدرج العبد ويملي له حتى اذا اخذه لم يفلته. ييسر له الامور حتى يظن انه في مأمن غاية المأمن سيكون ذلك استدراجا في حقه. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام اذا رأيتم الله يعطي العبد وهو مقيم على ما فلنعلم ان ذلك استدراك. وهذا ظاهر من معنى المكر بان في معنى المكر والكيد وامثالهما معنى الاستدراج. لا ترادف في اللغة بل هناك فروق بين المكر والاستدراج والكيد والاستدراج ونحو ذلك لكن نقول هذا من جهة التقريب. فالمكر فيه استدراج وفيه زيادة ايضا على استدراج حتى يكون قلب ذلك المستدرج امنا من كل جهة. قال وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. هذا فيه ان صفة الظالين انهم يقنطون من رحمة الله جل وعلا ومعنى ذلك المفهوم ان صفة المتقين وصفة المهتدين انهم لا يقنطون من رحمة الله بل يرجون رحمة الله جل وعلا والجمع بين الخوف والرجاء واجب شرعا. فان الخوف عبادة والرجاء عبادة اجتماعهما في القلب واجب. فلا بد ان يكون هذا وهذا جميعا في القلب حتى تصح العبادة ومن هنا اختلف العلماء اي الخوف والرجاء يغلب في القلب. هل يغلب العبد جانب الرجاء او يغلب جانب خوف والتحقيق ان الحالة تختلف. فاذا كان العبد في حال الصحة والسلامة فانه اما ان يكون مشددا مسارعا في الخيرات فهذا يتساوى يعني يجب ان يتساوى في قلبه الخوف والرجاء. يخاف ويرجو لانه من المسارعين في الخيرات واذا كان في حال الصحة والسلامة وعدم دنو الموت من اهل العصيان فالواجب عليه ان يغلب جانب الخوف حتى ينكف عن المعصية واما اذا كان في حال المرض فهي الحالة الثانية فانه مرض المخوف فانه يجب عليه ان يعظم جانب الرجاء على الخوف ويقوم في قلبه الرجاء والخوف ولكن يكون رجاؤه اعظم من خوفه وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام لا يمت احد احدكم الا وهو يحسن الظن بربه تعالى. وذلك من جهة رجائه في الله جل جلاله. ومن هنا كلمات اهل العلم فتجد ان بعضهم يقول يجب ان يتساوى الخوف والرجاء. وبعض السلف قال يغلب جانب الخوف على جانب الرجاء وبعض السلف قال يغلب جانب الردى على جانب الخوف وهي اقوال متباينة ظاهرا لكنها متفقة في حقيقة لان كل قول منها يرجع الى حالة مما ذكرنا. فمن قال يغلب جانب الخوف على الرجاء فهو في حق الصحيح العاصي. ومن قال يغلب جانب الرجاء على الخوف فهو في حق المريض الذي يخاف الهلاك او من يخاف الموتى ومن قال يساوي بين الخوف والرجاء فنظر الى حال المسددين المسارعين في الخيرات وهذا هذه الحالة التي هي حال المسددين هي التي وصف الله جل وعلا اهلها بقوله انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين نحوه قوله جل وعلا في سورة الاسراء اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته خافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا. وهذا ظاهر من ذلك. فالشيخ رحمه الله عقد هذا الباب لبيان وجوب ان يجتمع الخوف والرجاء في القلب كما ذكرنا لكم بالامس هذه ابواب متتالية لبيان حالات القلب والعبادات القلبية واحكام ذلك قال عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من رح الله الامن من مكر الله وجه الشاهد من ذلك انه جعل اليأس من رح الله وهو عدم الرجاء ذهاب الرجاء من القلب عدم او ترك الاتيان بعبادة الرجا جعله من الكبائر. وجعل الامن من مكر الله وهو ذهاب الخوف من الله جل على من القلب جعله من الكبائر. فعدم الرجاء في الله من الكبائر. وعدم الخوف من الله جل وعلا من الكبائر وهي كبائر في القلب كبائر من جهة اعمال القلوب. واجتماعهما جميعا بان لا يكون عنده رجا ولا خوف. هذه كبيرة اعظم من كبيرة ترك الخوف وحده من الله او ترك الرجاء وحده من الله جل وعلا. ولهذا قرن بينهما هذا الحديث حيث قال سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من رح الله والامن من مكر الله. وبهذا يتبين لك بين اليأس والامن اليأس من روح الله او القنوط من رحمة الله والامن من مكر الله من ان اليأس راجع الى ترك عبادة الرجاء والامن من مكر الله راجع الى ترك عبادة الخوف واجتماعهما واجب من الواجبات و ذهابهما او الانتقاص منهما نقص في كمال توحيد من قام ذلك بقلبه قال وعن ابن مسعود قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من رح الله فيها ما في الحديث قبله لكن هنا فصل في القنوط من رحمة الله واليأس من رح الله. فجعل القنوط من رحمة الله شيئا وجعل اليأس من روح الله شيئا اخر وهذا باعتبار بعض الصفات لا باعتبار اصل المعنى فان القنوط من الرحمة واليأس من الروح بمعنى واحد لكن يختلفان من حيث ما يتناوله هذا ويتناوله هذا. فالقنوط من رحمة الله عام. لان الرحمة اعم من الروح والرحمة تشمل جلب النعم ودفع النقم. وروح الله جل وعلا يطلق في الغالب في الخلاص من مصائب فقوله القنوط من رحمة الله لاعم ولهذا قدمه سيكون ما بعده من عطف الخاص على العام او ان يكون هناك ترادف في اصل المعنى واختلاف في الصفات او بعض ما يتعلق باللفظ. لهذا نقول هذا الحديث مع الحديث قبله مع ايتين دلالتهما على ما اراد الشيخ من عقد هذا الباب واحدة ودلالة الجميع ان الخوف والرجاء واجب استماعه وما في القلب وافراد الله جل وعلا بهما والمقصود خوف