وكذلك دليل الجملة الثانية دليل على ان السخط محرم قال ومن سخط فله السخط يعني من الله جل وعلا. وحقيقة السخط على الله جل وعلا ان يقوم في قلبه عدم الكفر المطلق المخرج من الملة بل يدل على ان من قامت به قامت به خصلة من خصال الكفار وشعبة من شعب الكفر. ولهذا قال هنا اثنتان في الناس هما بهم كفر المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد ادت الخامس والثلاثون نعم باب قول الله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم قال من الايمان بالله الصبر على باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله وقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم قال هو الرجل تصيبه المصيبة. في علم انها من عند الله فيرضى ويسلم. وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ولهما عن ابن مسعود مرفوعا ليس منا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا واذا اراد بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. وقال صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء ان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط حسنه الترمذي باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله الصبر من المقامات العظيمة والعبادات الجليلة التي تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح حقيقة العبودية لا تثبت الا بالصبر لان العبادة امر ونهي وابتلاء العبادة امر شرعي او نهي شرعي هذا الدين امر شرعي او نهي شرعي او ان يصيب الله العبد بمصيبة قدرية. فحقيقة العبادة ان يمتثل الامر الشرعي وان يجتنب النهي الشرعي وان يصبر على المصائب القدرية التي ابتلى الله جل وعلا العباد بها ولهذا الابتلاء حاصل بالدين وحاصل بالاقدار فبادين كما قال جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن عياض ابن حمار ومن سخط فله سخط. دل قوله من رضي فله الرضا يعني الرضا من الله عليه على ان الرضا عبادة. لان رضا الله عن العبد اذ رضي عنه دال على ان ذلك الفعل محبوب له وذلك دليل انه من قال قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى انما بعثتك لابتليك وابتلي بك فحقيقة بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الابتلاء. والابتلاء يجب معه الصبر. والابتلاء الحاصل ببعثته اوامر بالاوامر والنوافل. فاذا الواجبات تحتاج الى صبر والمنهيات تحتاج الى صبر والاقدار الكونية تحتاج الى ولهذا قال طائفة من اهل العلم ان الصبر ثلاثة اقسام صبر على الطاعة وصبر عن المعصية وصبر على اقدار المؤلمة ولما كان الصبر على المصائب قليلا ويظهر عدم الصبر اورد الشيخ رحمه الله تعالى هذا الباب لبيان انه من كمال التوحيد ومن الواجب على العبد ان يصبر على اقدار الله. لان التسخط تسخط العباد وعدم صبرهم. كثيرا ما يظهر في حال الابتلاء بالمصايب. فعقد هذا الباب لبيان ان الصبر واجب على اقدار الله المؤلمة. ونبه بذلك على ان الصبر على الطاعة واجب وان الصبر عن المعصية واجب وحقيقة الصبر الحب في اللغة ومنه قولهم قد قتل فلان صبرا. اذا حبس او ربط فقتل من دون مبارزة ولا قتال ويقال الصبر الشرعي انه صبر لان فيه حبل حبس اللسان لان فيه الحبس وهو حبس اللسان عن التشكي وحبس القلب عن السخط وحبس الجوارح عن اظهار السخط من لطم الخدود وشق الجوب ونحو ذلك فحبس هذه الاشياء هو حقيقة الصبر. فالصبر اذا حبس اللسان عن التشكي وحبس القلب عن التسخط. وحبس الجوارح عن اظهار السخط بشق او نحو ذلك قال الامام احمد رحمه الله ذكر الصبر في القرآن في اكثر من تسعين موضعا. والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد لان من لا صبر له على الطاعة ولا صبر له عن المعصية ولا صبر له على القدر على اقدار الله المؤلمة فانه يفوته اكثر الايمان قال باب من الايمان بالله يعني من خصال الايمان بالله. الصبر على اقدار الله. والايمان له شعب كما ان الكفر له شعب تنبه بقوله من الايمان بالله الصبر على ان من شعب الايمان الصبر. ونبه في الحديث الذي ساقه عن صحيح مسلم ان النياحة من شعب الكفر فيقابل كل شعبة من شعب الكفر شعبة من شعب الايمان. فالنياحة على الميت شعبة من شعب الكفر يقابلها في شعب الايمان والصبر على اقدار الله المؤلمة. قال وقول الله تعالى ومن يؤمن بالله يهد قلبه. قال علقمة هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله فيرضى ويسلم هذا تفسير من علقمة احد التابعين عن لهذه الاية وهو تفسير ظاهر الصحة والصواب وذلك ان قوله ومن يؤمن بالله يهد قلبه انما ثقة في سياق ذكر ابتلاء الله بالمصائب. فمن يؤمن بالله يعني يعظم الله جل وعلا ويمتثل امره ويجتنب نهيه يهدي قلبه للصبر. يهدي قلبه لعدم التسخط. يهدي قلبه عبادات ولهذا قال هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله وهذا هو الايمان بالله. فيرضى ويسلم والمصائب من القدر والقدر راجع الى حكمة الله جل وعلا. والحكمة حكمة الله جل وعلا هي وضع الامور في مواضعها الموافقة للغايات المحمودة منها. فالحكمة بعامة مرتبطة بالغايات المحمودة من وضع الامر في موضعه. فمن وضع الامر في غير موضعه فقد ظلم. ومن وضع الامر في موضعه عدن وقد يكون غير حكيم عادل ولكن غير حكيم. فاذا وضع الامر في موضعه الموافق للغاية المحمودة منه فذاك هو الحكيم. والله جل وعلا منفي عنه الظلم ومثبت له كمال العدل سبحانه حيث يضع الامور مواضعها ومثبت له جل وعلا كمال الحكمة حيث ان وضعه الامور في مواضعها موافق للغايات المحمودة منها انعلم بذلك ان المصيبة اذا اصابت العبد فان الخير له فيها اما ان يصبر فيؤجر واما ان يتسخط فيعذر على ذلك. وهذا في حق الخاشع فالله جل وعلا له الحكمة من الابتلاء بالمصائب. لهذا يجب على العبد ان يعلم ان ما جاء من عند الله هو قدر الله جل وعلا وقضاؤه الموافق لحكمته فيجب الصبر على ذلك. قال يعلم انها من عند الله يعني ان الله هو الذي اتى بها والذي اذن اذن بها قدرا وكونا فيرضى ويسلم والرضا بالمصيبة مستحب وليس بواجب. ولهذا يختلط على كثيرين الفرق بين الرضا والصبر وتحرير المقام في ذلك ان الصبر على المصايب واجب من الواجبات لان فيه ترك التسخط على قضاء الله وقدره. والرضا هذا له جهتان. الجهة الاولى الى فعل الله جل وعلا. فيرضى بقدر الله الذي هو فعله. يرضى بفعل الله. يرضى بحكمة الله يرضى بما قسم الله جل وعلا يعني بقسمة الله هذا الرضا بفعل الله جل وعلا واجب من الواجبات وتركه محرم مناف لكمال التوحيد والرضا بالمقضي الرضا بالمصيبة في نفسها هذا مستحب. ليس واجبا على العباد ان يرضوا بالمرض ان يرضوا بفقد الولد ان يرضوا بفقد المال لكن هذا مستحب وهو رتبة الخاصة من عباد الله لكن الرضا بفعل الله وعلا الرضا بقضاء الله من حيث هو هذا واجب. اما الرضا بالمقضي فانه مستحب. ولهذا قال علقمة هنا هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم انها من عند الله فيرضى يعني على قضاء الله ويسلم لعلمه انها من عند الله جل جلاله وهذا من خصال الايمان. قال وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر يعني خصلتان من شعب الكفر قائمتان في الناس ستبقيان في الناس الطعن في النسب من شعب الكفر والنياحة على الميت من شعب الكفر وجه الشاهد من هذا الحديث قوله والنياح على الميت. والنياحة مخالفة للصبر والصبر الواجب فيه حبل الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك وحرص اللسان عن التشكي والعويل وهذا والنياحة. النياحة من شعب الكفر لانها منافية للصبر. وكونها من شعب الكفر لا يدل على ان من قامت به فهو كافر تنكر كلمة كفر. والقاعدة في فهم الفاظ الكفر التي تجري في الكتاب والسنة التي تأتي في الكتاب والسنة ان الكفر اذا اتى معرفا بالالف واللام فان به في الكفر الاكبر واذا اتى الكفر منكر كفر كلمة هكذا بدون الالف واللام فانه يدل على ان الخصلة تلك من شعب الكفر ومن خصال اهل الكفر وان ذلك كفر اصغر كما قال عليه الصلاة والسلام لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم اعناق بعض يعني لان ذلك من خصال الكفار. ونحو ذلك قوله سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. هذا في الكفر العصا. واما الكفر المعرف بالالف واللام فالقاعدة التي حررها الائمة الاسلام وغيره انه اذا اتى فيراد به الكفر الاكبر كقوله عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة قال ولهما عن ابن مسعود مرفوعا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. ذلك يدل على ان من فعل هذه الافعال فهو ليس من اهل الايمان. وقد ذكرت لكم ان كلمة ليس منا تدل على ان الفعل من الكبائر ولهذا نقول ترك الصبر واظهار التسخط كبيرة من الكبائر والمعاصي تنقص الايمان لان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ونقص الايمان قد يمكث كمال التوحيد بل ان ترك الصبر مناف لكمال التوحيد الوجه قال وعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا واذا بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. هذا فيه بيان حكمة الله جل وعلا التي اذا استحضرها هل مصاب فانه يعظم عنده الصبر ويتحلى بهذه العبادة القلبية العظيمة وهي الرضا وهي ترك التسخط والرضا بفعل الله جل وعلا وقضائه. لان العبد اذا اريد به الخير فان العقوبة تعجل له في هذه دنيا لان رفع اثر العقوبة عن العبد يكون بعشرة اشياء ومنها ان تعجل له العقوبة في الدنيا يعني يعاقب في الدنيا بمرض بفقد مال بمصيبة لان مخالفة امر الله في ملكوته لا بد ان تقع لها عقوبة ان لم يغفر الله جل وعلا ويتجاوز. فاذا كانت العقوبة في الدنيا فانها اهون من ان في البرزخ او ان تكون يوم القيامة. ولهذا جاء في الحديث الاخر الذي رواه البخاري وغيره. قال عليه الصلاة والسلام من يرد الله به خيرا يصب منه. ولهذا كان بعض السلف يستهل نفسه اذا رأى انه لم يصب ببلاء او لم يمرض ونحو ذلك وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحمى مثلا لا تسبوا الحمى. فوالذي نفسي بيده انها لتنفي الذنوب عن العبد كما ينفي الكير خبث الحديد. ففي المصائب نعم. في المصائب فيها نعم على العبد والله جل وعلا له الحكمة البالغة فيما يصلح عبده المؤمن قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا احبت ذلك الشيء وكراهة ذلك الشيء وعدم الرضا به اتهام الحكمة فيه. فمن قامت به هذه الاشياء مجتمعة فقد سخط. يظهر اثر السخط على اللسان او على الجوارح. يظهر الصخب في القلب من جهة عدم الرضا بالاوامر. عدم الرضا بالنواحي عدم الرضا الشرع فيتسخط الامر يتسخط النهي يتسخط الشاب فهذا كبيرة من الكبائر ولو امتثل ذلك فان تسخطه وعدم الرضا بذلك قلبا دليل على انتفاء كمال التوحيد في حقه وقد يصل بالبعض الى انتفاع التوحيد من عقله اذا لم يرضى باصل الشرع سخطه بقلبه واتهم الشرع