المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدهش التاسع والخمسون. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظنوا الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء؟ قل ان الامر كله لله. الاية وقوله تعالى الظانين بالله ظن عليهم دائرة الثوب. قال ابن القيم في الاية فسر هذا الظن بانه سبحانه لا ينصر رسوله. وان امره سيظمحل وفسر لان ما اصابه لم يكن بقدر الله وحكمته. ففسر بانكار الحكمة وانكار القدر وانكار ان يتم امر رسوله صلى الله عليه وسلم وان يظهره ان يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح. وانما كان هذا ظن ولانه ظن بانه ظن غير ما يليق به سبحانه. وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق. فمن ظن انه يدير الباطل على الحق ادارة مستقرة يظمحل معها الحق ابادة. ادالته مستقرة يظمحل معها الحظ او انكر ان يكون ما جرى بقظاء وقدره او انكر ان يكون قدره قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد. بل زعم ان ذلك لمشيئة مجردة فذلك ظنوا الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. واكثر الناس يظنون لله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم ولا يسلم من ذلك الا من عرف الله واسماعه وصفاته. وموجب حكمته وحمده. فليعتني اللبيب الناصح لنفسه بهذا. وليتب الى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له وانه كان ينبغي ان يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر وفتش نفسك هل انت سالم؟ فان تنجو منها تنجو من ذي عظيمة والا فاني لا يخالك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي له الحمد كله في ربوبيته والهيته وفي اسمائه وصفاته له الحمد على افعاله افعال الحكمة والاحسان وافعال العدل فهو ولي ذو الفضل وولي النعمة وله الحمد على ما انزل على رسوله صلى الله عليه وسلم. فله الحمد كله واليه الامر كله تبارك ربنا وتعالى وتقدم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فهذا باب قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. يقولون هل لنا من الامر كي قل ان الامر كله لله. الاية وقوله الظانين بالله ظن الثوب عليهم دائرة السوء. الاية هذا الباب ذكر فيه الامام المصنف هاتين الايتين. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ان الله جل وعلا موصوف بصفات الكمال وله جل وعلا افعال الحكمة وافعال العدل وافعال الرحمة والبر جل وعلا. فهو سبحانه كامل في اسمائه كامل في صفاته. كامل في ربوبيته ومن كماله في ربوبيته وفي اسمائه وصفاته انه لا يفعل الشيء الا لحكمة بالغة والحكمة في ذلك هي انه جل وعلا يضع الامور مواضعها التي اثقوا الغايات المحمودة منها. وهذا دليل الكمال. فالله جل وعلا له صفات الكمال وله نعوث الجلال والجمال فلهذا وجب لكماله جل وعلا ان يظن به ظن الحق. والا يظن به ظن السوء ان يعتقد فيه ما يجب لجلاله جل وعلا من تمام الحكمة وكمال العدل وكمال الرحمة جل وعلا وكمال اسمائه وصفاته سبحانه وتعالى. فالذي يظن به جل وعلا انه يفعل الاشياء لا عن حكمة فان انه قد ظن به ظن النقص وهو ظن السوء الذي ظنه اهل الجاهلية. فاذا يكون ظن الظن بالله غير الحق مناف للتوحيد. وقد يكون منافيا لكمال التوحيد. فمنه ما يكون صاحبه خارج عن ملة الاسلام اصلا كالذي يظن بالله غير الحق في بعض مسائل القدر كما سيأتي. ومنه ما هو مناف لكمال التوحيد بان يكون غير مؤمن بالحكمة او بافعال الله جل وعلا المنوطة بالعلل التي هي منوطة بحكمته سبحانه البالغة. ولهذا قال جل وعلا قل فلله الحجة البالغة. فلو شاء لهداكم اجمعين في الرد على الحذرية المشركية. وقد قال ايضا جل وعلا حكمة بالغة. فما تغني النذر جل وعلا موصوف بكمال الحكمة وكمال الحمد على افعاله لان افعال الله جل وعلا قسمان افعال الى الحكمة والعدل. وافعال ترجع الى الفضل والنعمة والرحمة والبر بالخلق. الله جل وعلا يفعل هذا وهذا وحتى افعاله التي هي افعال بر واحسان هي منوطة بالحكم العظيمة. وكذلك الافعال التي قد يظهر للبشر انها ليست في صالحهم او ليست موافقة للحكمة فان ظن الحق بالله جل وعلا ايظن به وان يعتبر قد انه ليس ثم شيء من افعاله الا وهو موافق لحكمته جل وعلا العظيمة اذ هو العزيز القهار الفعال بما يريد. اذا فالواجب تحقيقا للتوحيد ان يظن العبد بالله جل وعلا ظن الحق. واما ظن السوء فهو ظن الجاهل الذي هو مناف لاصل التوحيد في بعظ احواله او مناف لكمال التوحيد. فترجم المؤلف رحمه الله في هذا الباب ليبين لك ان ظن الثوب بالله جل وعلا من خصال اهل الجاهلية وهو مناف لاصل التوحيد او مناف لكماله بحسب قال هنا باب قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية الظن يطلق ويراد به الاعتقاد. او يراد به ما يسبق الى الوهم يعني ما يسبق الى الذهن فهم يعتقدون او يسبقوا الى اذهانهم لما معهم من ان الله جل وعلا ليست افعاله افعال حق. والله سبحانه هو الحق وافعاله كلها افعال الحق. وذلك الظن ظن الجاهلية فكل من ظن بالله غير الحق فقد ظن ظن بمعنى ظن بالله جل وعلا غير الكمال فهذا هو ظن الجاهلية. وظنوا اهل التوحيد والاسلام ان يظنون يعني يعتقدون ويعلمون ويسبقوا الى اذهانهم في اي فعل يحصل لهم ان الله جل وعلا موصوف بالكمال وبالحكمة البالغة. فسر ذلك جل وعلا بقوله يقولون هل لنا من الامر من شيء؟ وهذا فيه للحكمة او انكار للقدر. قل ان الامر كله لله. وهذا في حال الرد على هؤلاء المنافقين او المشركين. قال وقوله الظانين بالله ظن الثوب عليهم دائرة السوء. مر معنا في كلام ابن القيم من كلام المصنف ان السلف تسأروا هذا الظن السوء باحد ثلاثة اشياء وكلها رحيم فظن السوء الذي يظنه الجاهليون يشمل هذه الاشياء الثلاثة جميعا. اما الاول فهو انكار القدر واما الثاني فهو انكار الحكمة. واما الثالث فهو انكار نصر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم او لدينه او لعباده الصالحين. فهذه ثلاثة اشياء ووجه كون انكار القدر ظنا بالله ظن الثوب ان تقدير الامور قبل وقوعها هذا من اثار عزة الله جل وعلا وقدرته. فان العاجز هو الذي تقع معه الامور استئنافا عن غير تقدير سابق. واما الذي لا يحصل معه امر حتى يقدره وقبل ان يوقعه فيقع على وفق ما قدر فهو ذو الكمال. وهو ذو العزة وهو الذي لا يغالب في ملكوته ولهذا قال الشاعر في وصف رجل ناقص على لانت في وصف رجل كامل قال لانت تثري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفرد. الخلق هنا بمعنى التقدير يعني لانت تقطع ما قدرت. وبعض القوم وهم الناقصون اما لعدم قدرتهم او لعدم عزتهم او لجهلهم. وبعض القوم يخلق يعني يقدر الاشياء ثم لا ثم لا يستطيع ان يقطعها على وفق ما يريد. اذا فانكار القدر هو ظن بالله جل وعلا. ظن الثوب ظن بالله جل وعلا ظن الثوب. لما؟ لان فيه نسبة النقص لله جل وعلا. والله جل وعلا هو الكامل في اسمائه الكامل في صفاته جل وعلا الذي يجير ولا يجار عليه والذي اليه الامر كله. والذي اليه الامر كله كما قال هنا قل ان الامر كله لله. ولهذا كان كل ما يحصل من الرب جل وعلا في بريته هو موافق لقدره السابق الذي هو دليل كمال حكمته وعلمه وخلقه وعموم مشيئته اما التفسير الثاني فهو انكار الحكمة. وحكمة الله جل وعلا ثابتة بالكتاب والسنة وباجماع السلف. واسم الله الحكيم مشتمل على صفة الحكمة. فانه جل وعلا حكيم بمعنى حاكم وحكيم بمعنى محكم للامور وحكيم بمعنى انه ذو الحكمة البالغة هذه ثلاثة تفسيرات باسم الله الحكيم. وكلها صحيحة وكلها يستحقها الله جل وعلا. فانه جل وعلا حكيم بمعنى حكم وحاكم وحكيم بمعنى محكم. كما قال كتاب احكمت اياته وقال ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت لاجل احكامه وقال سبحانه وتعالى ايضا قل انظروا ماذا في السماوات والارض ونحو ذلك من دليل احكامه جل وعلا لما خلق. والثالث انه ذو الحكمة. والحكمة في صفة الله جل وعلا تفسر كما لكم بانها وضع الامور في مواضعها الموافقة للغايات المحمودة منها. ولهذا نقول ان اهل السنة والجماعة اهل الاثر الفقهاء بالكتاب والسنة قالوا ان افعال الله جل وعلا معللة. وكل فعل يفعله الله جل وعلا لعلة من اجلها فعلت العلة هي حكمته سبحانه وتعالى. فان فان افعال الله جل وعلا منوطة بالعلل. وهذا انكره المعتزلة لانهم قدريا وانكره الاشاعرة لانهم جبرية فقالوا ان افعال الله جل وعلا ليس مرتبطة بالحكم وهو يفعل لا عن حكمة وهذا سوء ظن بالله جل وعلا. ولهذا اورد الشيخ رحمه الله هذا الباب ليبين لك ان تحقيق التوحيد وتحقيق كمال التوحيد ان توقن بالحكمة البالغة لله جل وعلا. ومن الحكمة في افعال الله فهو مبتدع توحيده قد انتفى عنه كماله لان بدعته شنيعة وكل البدع تنفي كمال التوحيد ومنها ما ينفي اصل التوحيد. هذا الثاني والتفسير الثالث في ظن اهل الجاهلية واهل النفاق ظن الثوب بالله جل وعلا ان الله جل وعلا لا ينصر رسوله سبحانه وتعالى وان الله جل وعلا لا ينصر كتابه او انه جل وعلا يجعل رسوله او دينه في اضمحلال حتى يذهب ذلك الدين. هذا ظن سوء بالله جل وعلا. ولهذا كان من براهين النبوات ان كل نبي ادعى النبوة اضمحل امره. لم يأتي نبي يقول انا نبي يوحى الي من السماء وهو كاذب في دعواه الا ويخذل الا ويظمحل امره فكان من براهين النبوات عند اهل السنة ان كل نبي قال انه مرسل من عند الله جل وعلا ايد بالبراهين والايات والبينات ونصر على عدوه. جعل دينه واهل دينه في عزة على من كما قال جل وعلا انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. وقال جل وعلا ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون. فظنوا الجاهلية ان الخير او الدين فيضمحل وانهم اذا بذلوا اطفاء ذلك الامر ضربوه بكل ما اوتوا من وسيلة وقاوموه فانه سينتهي. وهذا مع كونه عملا محرما لما على الظلم فانه ايضا سوء ظن بالله جل وعلا وغرور بالقوة وبالنفس. والله جل وعلا ناصر رسله والله جل وعلا ناصر رسله والله جل وعلا ناصر عباده المؤمنين ولكن قد يبتلي الله جل وعلا المؤمنين ان يكونوا في غير نصر زمنا طويلا. قد يبلغ مئات السنين كما حصل في قصة نوح عليه السلام. فلبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما ثم بعد ذلك نصره الله جل وعلا. وهذا يحصل كما ذكر ابن القيم من كثير من اهل للصلاح بل من كثير من الناس بل قد يحصل من بعض المنتسبين الى العلم في انواع شتى من سوء الظن بالله جل وعلا وسبب حدوث ذلك الظن السيء في القلوب عدم العلم بما يستحقه الله جل وعلا وما اوجبه جل وعلا من الصبر والعناد ونحو ذلك من الواجبات. فاذا المسألة متصل بعضها ببعض. فالذي يخالف ما امر الله جل وعلا به طبعا فيما يتصل بنصرة الدين فانه قد يقع في سوء ظن بالله جل جلاله. وهذا من مما ينادي كمال التوحيد الواجب ولهذا يجب عليك ان تتحرز كثيرا وان تحترس من سوء الظن بالله جل وعلا فيما ذكر في اخر الكلام ابن القيم رحمه الله من ان بعض الناس قد يحصل له شيء فيرى انه يستحق اكثر منه. وقد يحصل له الشيء بقضاء الله وبقدره فيظن انه لا يستحق ذلك او ان ذلك المفروض ان يصاب به غيره وانه لا يصاب بذلك فينظر الى فعل الله جل وعلا وقضائه وقدره على وجه الاتهام وقل ان يسلم باطنا وظاهرا من ذلك. فكثيرون قد يسلمون ظاهره. ولكن في الباطن يقوم بقلوبهم ظن الجاهلية واعتقاد الثوب. ولهذا قال جل وعلا في الاية التي في صدر الباب يظنون بالله غير الحق والظن محله القلب. ولهذا يجب على المؤمن ان يخلص قلبه من كل ظن بالله غير الحق وان يتعلم اسماء الله جل وعلا وان يتعلم الصفات وان يتعلم اثار ذلك في ملكوت الله حتى لا يقوم بقلبه الا وان الله جل جلاله هو الحق وان فعله حق حتى ولو كان في اعظم شأن واصيب باعظم مصيبة او اهين باعظم اهانة فانه يعلم ان ما اصابه بتمام ملك الله جل وعلا وانه يتصرف في خلقه كيف يشاء وان العبادة مهما بلغوا فانهم يظلمون انفسهم والله جل وعلا يستحق الاجلال والتعظيم. فخلص قلبك ايها المسلم وخاصة طالب العلم خلص قلبك من كل ظن سوء بالله جل وعلا بان قلت هذا لا يصلح وهذا الفعل عليه وكذا ولا يصلح ان يعطى هذا المال او ان تحسد فلانا او فلانا فان كل ذلك سوء ظن بالله جل وعلا. ولهذا قال العلماء في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والحسد فانه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب قالوا سبب ذلك ان الحاسد ظن ان هذا الذي اعطاه الله جل وعلا ما اعطاه لا يستحق هذه النعمة فحسده وتمنى قالها عنه فصار في ظن سوء بالله جل وعلا فلهذا اكل الحسنات ظنه كما اكلت النار ما اكلت النار الحطب نسأل الله جل وعلا السلامة والعافية من كل ظن بغير الحق فيه جل وعلا ونسأله ان يجعلنا من له ومن