لهذا كانت دعوتهم واحدة. فما من نبي ما من رسول ارسله الله الى قومه الا وبادئهم بهذه الجملة. يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره فلننتبه لهذا المعنى وشرع في هذا ولقي معارضة في اول الامر الا انه لم يستعلم بهذه الدعوة بقوة وحزم وصرامة الا بعد وفاة ابيه فقام في بلدته وفي البلدات المجاورة بالدعوة الى توحيد الله. وانكر على اهل بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين وصلوات ربي وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين ثم اما بعد ففي هذه العشية المباركة من اليوم الاول من شهر ذي القعدة اول الاشهر الحرم المتتابعة من عام تسع وثلاثين بعد الاربعمائة والالف من الهجرة النبوية الشريفة ينعقد هذا المجلس الاول الذي نستشرح فيه متنا من اجل المتون وانفعها وافيدها اه لطالب العلم الا وهو كتاب التوحيد لشيخ الاسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب وحق شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ان نفرد له محاضرة كاملة في بيان فظله على هذه الامة ولكننا نلمح الماحات يسيرة هي ادنى الكمال في حقه رحمه الله فان في عنق كل مسلم في القرون المتأخرة منة في هذا الامام عليه اذ ان الله تعالى جدد به الدين في القرون الاخيرة هو الامام محمد بن عبدالوهاب ابن سليمان ابن علي من ال مشرف من بني تميم كان مولده رحمه الله سنة الف ومئة وخمسة عشر الهجرة في بلدة يقال لها العيينة وكان والده قاضيا في تلك البلدة وكان جده سليمان ابن علي من كبار الحنابلة في نجد ويعد مرجعا من المراجع الكبرى اه في زمنه وتلقى العلم منذ نعومة اظفاره وحفظ القرآن وطوف في البلدات القريبة من العيينة وسمع من مشايخها من ابيه ومن غيره ثم سمت به همته فطلب العلم في الحرمين وفي الاحساء وفي البصرة وفي اماكن اخرى وحين وجد نفسه في البصرة ورأى ما ال اليه حال الناس من فشو البدع والشركيات اقام في قلبه داع عظيم الى تجديد دعوة التوحيد ورأى ما عليه اهل نجد ايضا في تلك القرون من فشو الجهل والسحر والتعلق بالاشجار والاحجار مما قوى عنده هذه العزيمة ان يدعو الى ما دعا اليه النبي صلى الله عليه وسلم والانبياء من قبله الشرك والبدع ما وقعوا فيه من هذه المنكرات فتعرض رحمه الله تعالى لممانعة كما هو حال اتباع الانبياء فانه كما يتعرض الانبياء عليهم الصلاة والسلام للمجرمين وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين. فكذلك اتباع الانبياء يتعرضون لما تعرضوا منه. وتلك سمة معلومة مرصودة في كل من سار على طريق الانبياء وتقلبت به الاحوال في مواقفها يطول ذكرها الى ان ال به المآل الى بلدة الدرعية حيث التقى بالامام محمد بن سعود رحمه الله وعرض عليه دعوته فوقعت في قلبه وقبلها قبولا حسنا وتعاقد مع الشيخ على نصرة التوحيد فكان ذلك ايذانا آآ بميلاد الدولة السعودية الاولى التي اسست على اساس التوحيد دعا الشيخ اه الى الله تعالى والى توحيد رب العالمين. فاجتمع القرآن والسلطان فما هي الا سنوات حتى طبقت دعوة التوحيد ارجاء الجزيرة العربية بل وتخطتها في زمن الامام محمد بن سعود رحمه الله ثم من بعده في زمن ابنه عبدالعزيز بن محمد وهكذا ابناؤه من بعده وبذل الشيخ رحمه الله تعالى جهدا كبيرا في تعليم التوحيد دعوة ومراسلة وتأليفا وجهادا في مواقف تذكر فتشكر اه وكان من اجل كتبه التي كتبها كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد فانه اودع في هذا الكتاب من امهات المسائل المتعلقة بتوحيد العبادة اه ما كان بحمد الله تعالى بوابة لاصلاح عقائد كثير من المسلمين. فانتفع به الامر اهل نجد والجزيرة العربية ثم لم تزل دعوته بحمد الله آآ تطوح في الافاق ويستقبلها كل صاحب قلب سليم الى يومنا هذا ولا تزال دعوة الشيخ رحمه الله حية نابضة يقظة نافعة يتلقاها المسلمون في كل مكان ويثنون يشكرون على صاحبها ولا يضير دعوة الشيخ رحمه الله ان ينتسب اليها بعض الغلاة فان هذا قد وقع في الاونة الاخيرة فوجد من بعض الغلاف من بعض الغلاة واهل التكفير من ينمي نفسه الى دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ولكن ذلك لا يقدح فيها. فان الخوارج الاولين كانوا يتلقون العلم على ايدي الصحابة في الكوفة وغيرها ولم يكن ذلك قادحا في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ولا في منهج الصحابة الكرام ولذلك عليكم طلبة العلم اه ان تدركوا وان تتنبهوا الى هذه الشنشنة التي تصل تصدر من بعض المغرضين الذين يريدون القدح في اصل الدين يلتقطون بعض المنكورات في تضاعيف الماجريات التي جرت ابان دعوة الشيخ وفي عقود تلتها ويحاولون ان ينضموا منها آآ حزمة من الانتقادات ليقدحوا في الدعوة ان من اراد ان يقيم او يقوم دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب بحق وعدل وانصاف فعليه ان يرجع اليها فيما سطره بنانه وكتبه رحمه الله بيده ونشره في الافاق من مراسلات ومن كتب وغيرها ليعلم انه رحمه الله انما ما اتى دعوة الانبياء والمرسلين لم يزد عليها. هذه كتبه بين ايدينا فمن كان طالبا للحق ناشدا للعدل والانصاف فبيننا وبينه ما الف الشيخ. واما التهم التي تزجى تباعا ويجلب بها ويشغب بها آآ اعداء الملة اه من اليهودي والنصارى واهل الاهواء والبدع فهذه مجرد دعاوى اريد بها آآ رد الحق والطعن في الاسلام انتم معشر طلبة العلم انتم وراث هذه الدعوة وانتم خلفاء اولئك العلماء بل انتم من ال اليكم الارث النبوي ارث محمد صلى الله عليه وسلم فان العلماء فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافر واجل العلم هو العلم بالله تعالى فان الله تعالى ارسل رسوله بالهدى ودين الحق هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله الهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح ولم يزل الشيخ رحمه الله جاهدا مجاهدا الى ان توفي وترك هذا العلم المبارك الذي نتفيأ ظلاله اصلح الله تعالى به القلوب والبلاد والعباد فعضوا عليه معشر طلبة العلم بالنواجذ وصونوا اسماعكم وقلوبكم من اهل الشغب والاغاليط الذين يريدون القدح في هذه الدعوة المباركة وهذا الكتاب كتاب التوحيد. اه كتاب كما اسلفت كتاب مبارك. تربى عليه اجيال من اهل العلم في هذه البلاد وفي غير من البلاد الاسلامية وقد تضمن بعد عنوان الكتاب وترجمته الاولى تضمن اه ستة وستين بابا في اه اغراض متعددة بين الشيخ في في اولها او ساق الشيخ في اولها جملة من الابواب التأسيسية في بياني حقيقة التوحيد وفضله ثم ذكر جملة من الابواب في بيان انواع الشرك ثم ذكر ما يدل على سبب وقوع الشرك في بني ادم فقه الشيخ رحمه الله تعالى في تراجمه وفي مسائله لان كان فقه الامام البخاري كما يقال في تراجمه فان فقه شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب في تراجمه وفي مسائله يذيل بها الابواب والشيخ رحمه الله يضع الابواب او يضع تراجم الابواب تارة بطريقة تقريرية وتارة بطريقة السؤال ليحفز ذهن القارئ والسامع على استنباط العلم وهذا سيتبين لنا ويتبدى ان شاء الله تعالى من خلال قراءتنا لهذا الكتاب اه فنشرع بعون الله تعالى في شرح هذا الكتاب قارئنا تفضل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لي ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين ولجميع المسلمين قال المصنف رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم كتاب التوحيد كتاب التوحيد وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. حسبك وقع في بعض النسخ الجمع بين البسملة والحمدلة في هذا الكتاب. وفي بعضها الاقتصار على البسملة والبسملة قد ما نرث عليكم كثيرا معناها فنقول بسرعة ان الجار والمجرور في بسم الله متعلق بفعل محذوف مؤخر مناسب للمقام والمناسبة هنا ان نقدر هذا الفعل المحذوف بسم الله اكتب بسم الله اؤلف لان هذا هو المناسب للتصنيف والتعليم الله سيأتينا بيان معناه واصله ودلالته. واما الرحمن الرحيم فهما اسمان كريمان من اسماء الله الحسنى. دل على اتصاف الله تعالى بصفة وقيل في الفرق بين الرحمن والرحيم ان الرحمن يدل على اتصاف الله تعالى بالرحمة اتصافا ذاتيا وان الرحيم يدل على اتصاف الله تعالى بالرحمة اتصافا فعليا الرحمن يدل على الرحمة الثابتة والرحيم يدل على الرحمة الواصلة هكذا قيل في الفرق بين آآ هذين الاسمين وان كانت دلالتهما متقاربة لكن تأمل في مثل قول الله تعالى آآ وكان بالمؤمنين رحيما. فهي تدل على الرحمة الثابتة على الرحمة الواصلة التي هي الرحمة الفعلية لكنه هو سبحانه بذاته متصف بصفة الرحمة اتصافا ذاتيا واما الحمدلة الحمد لله فان الحمد يعني اتصاف الله تعالى بصفات الكمال والجمال والجلال وبعض الشراح يفسر الحمدلة بانها الثناء على الله بصفات الكمال الا ان التعبير بالثناء يدل على التكرار فلذلك لم يكن هذا دقيقا لم يكن هذا التعبير دقيقا لانه لا يعبر بالثناء الا في شيء جرى له ذكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في شرح حديث الفاتحة الحديث القدسي او في بيان الفاتحة كما في الحديث القدسي اذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي فاذا قال الرحمن الرحيم قال اثنى علي عبدي فلما كرر الحمد صارت ثناء لهذا نقول ان الحمد هو وصف الله تعالى بصفات الكمال والجمال والجلال. وهو ينبئ عن تعظيم المحمود وهو اعم من الشكر من وجه. واخص منه من وجه فان الحمد يكون لمن له يد ونعمة على الحامد ولمن ليس له ذلك. اما الشكر فانه يكون في مقابل النعمة اه اتبع ذلك بهذه بهذا العنوان كتاب التوحيد ولم يسمع الشيخ رحمه الله مقدمة لكتابه كأنما اكتفى بهذه الترجمة للدلالة على مراده وكلمة كتاب اه عند العلماء تدل على ما يجمع ابوابا ومسائل عدة فهي مأخوذة من الكتم وهو الجمع كما يقال تكتب بنو فلان يعني تجمعوا. وكما يقال عن جماعة الجيش كتيبة الكتب هو الجمع ولما كانت مجموع الاحرف والكلمات والجمل على هذا النسق صارت تسمى كتابا لاجتماعها هذا اصل استمداد كلمة كتاب واما التوحيد فانه مصدر وحد يوحد توحيدا وحده يوحد توحيده التوحيد في اصل وضعه في اللغة الشيء واحدة تقول مثلا كما في دراستكم الجامعية يقال تم توحيد الشعب يعني جمعها او جعلها شعبة واحدة مثلا او اجراء نظام موحد عليها فهذا هو التوحيد وهو جعل الشيء واحدا لكنه في حق الله تعالى اعتقاد الله واحدا لاننا لسنا نحن لسنا نحن الذين نجعل الله واحدا هو سبحانه واحد آآ في في الحقيقة. فلذلك التوحيد انه يجب ان نوحد الله تعالى فيما اثبت لنفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال فنثبتها له اثباتا حقيقيا على الوجه اللائق به الذي لا يشركه معه احد غيره الاشتراك انما يكون في الالفاظ وفي اصل المعنى توحيد الله اعتقاد الله واحدا واعلموا ان التوحيد ثلاثة انواع وان شئت فقل هما قسمان ينسدل منهما ثلاثة انواع القسمان هما توحيد المعرفة والاثبات وتوحيد القصد والطلب فتوحيد المعرفة والاثبات هو التوحيد العلمي. هو التوحيد الخبري وهو الذي دلت عليه سورة الاخلاص ودلت عليه اخر سورة الحشر ودلت عليه جمل ايات آآ في آآ سورة الحج ومواضع متفرقة من القرآن العظيم. يصف الله تعالى بها بصفات الكمال ونعوت الجلال هذا النوع من التوحيد يسمى توحيد المعرفة والاثبات ويشمل نوعين وهما توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات اما توحيد الربوبية وهو افراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير هذا يسمى توحيد الربوبية. فهو احد نوعي توحيد المعرفة والاثبات توحيد الربوبية افراد الله بالخلق فلا خالق سواه وبالملك فلا مالك سواه. وبالتدبير فلا مدبر سواه فهذه الثلاثة الخلق والملك والتدبير عليها مدار الربوبية وبقية صفات الربوبية ترجع اليها الرزق والاحياء والاماتة وانزال المطر وانبات الارظ وادرار الضرع والصحة والمرض وغير ذلك ترجع الى هذه الثلاثة الخلق والملك والتذبيل فيجب توحيد الله في ربوبيته بان تعتقد انه الخالق لا خالق سواه الله خالق كل شيء وخلق كل شيء فليس ثم في الوجود الا خالق او مخلوق. فالله الخالق وما سواه مخلوق فان قلت قد اطلق الله وصف الخلق على بعض المخلوقات فقال فتبارك الله احسن الخالقين يقال ان هذا الخلق الذي اضيف الى غيره ليس هو الخلق بمعنى الانشاء من العدل فان هذا هو الذي يختص به الله وانما المراد به التصوير والتشكيل كقول الله تعالى هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء فهذه الاضافة اضافة مخصوصة لا تعني الايجاد من العدل كما انه سبحانه المالك فما فلا مالك سواه فان قلت قد اثبت الله الملك لغيره. فقال او ما ملكت ايمانكم او ما ملكتم مفاتحه للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون. ولكم نصف ما ترك ازواجكم. وهذه لام التمليك سيقال هذا ملك نسبي اضافي وليس ملكا مطلقا الملك المطلق انما هو لله وحده ايضا هو سبحانه المدبر. لا مدبر سواه قال قائل فان الانسان يدبر ويفعل كما قال تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى وقال واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فاسند الله الافعال الى الناس وقال نساءكم حرقوا نسائكم حرث لكم فاتوا حرثكم. انا شئتم فاثبت للعبد مشيئة فيقال ان هذه المشيئة وهذا التدبير تابع لمشيئة الله المطلقة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وبالتالي الة الامور الى الله عز وجل هذا هو معنى توحيد الربوبية فلتفهمه جيدا وتوحيد الربوبية ان توحد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير فهذا احد نوعي توحيد المعرفة والاثبات واما النوع الثاني فهو توحيد الاسماء والصفات بان تثبت لله تعالى ما اثبت لنفسه في كتابه من صفات الكمال ونعوت الجلال وما اثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من ذلك لا تتجاوز الكتاب والسنة وكل ما اثبته الله تعالى لنفسه من اسم او صفة فهو كمال مطلق لا يعتريه النقص بوجه من الوجوه وكل ما اثبته النبي صلى الله عليه وسلم لربه من الاسماء والصفات فهو كمال مطلق لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه توحيدك لربك باسمائه وصفاته ان تعتقد ان الله تعالى له المثل الاعلى في كل ما سمى ووصف به نفسه ولله المثل الاعلى وله المثل الاعلى اي الوصف الاعلى حتى وان اتفقت الاسماء فان الحقائق تختلف الله سميع والعبد سميع. والله بصير والعبد بصير الم يقل الله تعالى سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله. لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير وقال ايضا انا خلقنا الانسان من نطفة ام شاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ليش؟ لكن ليس سمعك سمع ولا بصر كبصر لله من السمع المثل الاعلى. وله من البصر المثل الاعلى. وللمخلوق من السمع المثل الادنى. وله من البصر المثل الادنى وهو سبحانه وبحمده يسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء. واما ابن ادم فسمعه محدود وبصره محدود. كما قالت عائشة رضي الله عنها الحمدلله الذي وسع سمعه الاصوات لقد جاءت المجادلة تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم واني لفي جانب الدار يخفى علي بعض كلامها وقد سمعها الله من فوق سبعة ارقعة دل ذلك يا كرام ويا ايتها الكريمات ومن بلغ اما في حقيقته وكيفيته وكونه فلا شريك له سبحانه في ذلك بل هو المتوحد به اما القسم الثاني من اقسام التوحيد فهو الذي لاجله الف المؤلف هذا الكتاب وهو توحيد القصد والطلب ويسمى التوحيد العملي ويسمى التوحيد الارادي ويسمى توحيد العبادة ويسمى توحيد الالوهية توحيد الالوهية ومعناه باختصار افراد الله تعالى بالعبادة بمعنى الا يتقرب الانسان لغير الله بعبادة من العبادات بل يصرفها جميعا لله تعالى ولاجل اذا عظم امر هذا التوحيد لان عامة بني ادم مقرون بالقسم الاول وهو تعريف الماء اه وهو توحيد المعرفة والاثبات. عامة بني ادم مقرون بتوحيد الربوبية. ولا من خلق السماوات والارض ليقولن الله. ليقولن خلقهن عزيز عليم. ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله يقرون بان يطعم ولا يطعم يجير ولا يجار عليه لا اشكال عندهم في ذلك فلا يكاد يعرف احد من بني ادم انكر توحيد الربوبية الا ان يكون مكابرا معاندا كفرعون اذ انه اشهر من عرف بانكار الربوبية حين قال وما رب العالمين متابعه ومالأه قومه وملأه لكن ماذا عن ماذا؟ ظلما وعلوا. قال الله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا وقال له موسى لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض بصائر وهم يعلمون في قرارة انفسهم ان الله هو الرب وحتى الملاحدة والشيوعيون وافراد شذاذ على مدار التاريخ تظاهروا بانكار الربوبية هم في قرارة انفسهم مقرون بان الله تعالى هو الرب لكنهم يستكبرون لذلك نقول لم يبعث الله تعالى النبيين لاجل تقرير الربوبية. لان الربوبية امر فطري مركوز في الفطر. لا يحتاج الى كبير جهد لبيانه. نعم قد تشوبه شوائب قد يقع فيه بعض اللغط. لكن الاصل او لكن السبب الرئيس الذي لاجله خلق الله الخلق وارسل الرسل وانزل الكتب هو توحيد العبادة لهذا آآ استدل الشيخ اه بهذه الاية بل انها جزء من الترجمة. فالتقدير كتاب التوحيد وقول الله عز وجل وقول الله تعالى فتكون وقولي معطوفة على التوحيد فتكون بالجر ويصلح ان تكون على الاستئناف يكون وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما هنا نافية والخلق هو الانشاء من العدم والجن امة معلومة اي بمعنى معلوم آآ وجودها وان لم نكن نراها بابصارنا ذلك ان الله تعالى اقتضت حكمته ان ان لا نراهم كما قال تعالى انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم الجن مأخوذ من الاجتنان ولهذا يقال عن كل شيء مغطى انه جن كما نقول عن البستان جنة لانها ملتفة بالاشجار واجنه الظلام ونحو ذلك والانس هم نسل ادم عليه السلام اه قال تعالى الا فهذا الاستثناء جاء بعد النفي وهذا النمط من الاسلوب يسمى استثناء مفرغ من اعم الاحوال يكون مسبوقا بنهي تام ثم يعقبه استثناء. فيدل على الافراد والتوحيد قال الا ليعبدون. ومعنى يعبدون اه اي يوحدون كما قال ذلك ابن عباس والعبادة معشر الكرام والكلمات ومن بلغ آآ اصله معناها في في اللغة الذل والخضوع تقول العرب بعير مذلل يقولون لا زالوا الى يومنا هذا يقولون ذلول دلول خد البعير الموقات نعم يقولون بعير مذلل ويقولون طريق يقولون بعير معبد وطريق معبد يعني انه مذلل هو مهيأ للسير والوطأ عليه فاصل معنى العبادة في اللغة مأخوذ من الذل والخضوع واما العبادة في الشرع فهو اجتماع امرين جمال الذل مع كمال المحبة ما له الذل والخضوع مع كمال المحبة هذه العبادة هي التي لاجلها خلق الله الخلق بان يجمع العابد بين هذين الوصفين فيكون الذل والانقياد والخضوع لله تعالى. تامة المحبة له سبحانه والناس اما عابد معبد اما عبد معبد او عبد عابد فالناس جميعا خاضعون للعبودية الكونية لانهم لا يخرجون عن سلطان الله تعالى ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا الناس جميعا خاضعون لامر الله وحكمه لا يخرجون عن ذلك انملة ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا. فهم بهذا الاعتبار عباد معبدون لكن من استجاب منهم لامر الله الطوعي الاختياري عباد عابدون فجمعوا بين تحقيق العبادة الكونية وتحقيق العبادة الشرعية اذا قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. اراد بالعبادة ها هنا العبادة الشرعية اي الا ليوحدون اه الخلق اولا هو امر كوني والعبادة ثانيا هي امر شرعي فدلت هذه الاية على وجوب توحيد الله سبحانه وتعالى وافراده بالعبادة. وهو ما قصده المصنف بهذا الامر بهذا الكتاب الامر الثاني ان العبادة شاملة للانس والجن ولا يخرج عنها عنها احد من هاتين الامتين وفي الاية ايضا بيان الحكمة من خلق الجن والانس وانها العبادة وفي هذه الاية من الفوائد ان الله سبحانه وتعالى حكيم وان افعاله معللة خلافا لمن زعم من اهل الكلام نفي الحكمة والتعليم وهم الاشاعرة فان الاشاعرة ومن وافقهم من اهل الكلام ينفون الحكمة والتعذيب عن افعال الله ويقولون انه يفعل لمحض المشيئة لا لحكمة ولا لتعليل والحق ان الله سبحانه وتعالى لا يفعل الا لحكمة ولعلة لحكمة بالغة افعاله سبحانه منزهة عن العبث والسفه فهذا امر آآ يجب التفطن له والاية دليل عليه. اذ انه اتى بلام باللام الدالة على التعليل. وما خلقته والانس الا ليعبدون وفي الاية دليل على ان توحيد الربوبية اصل لتوحيد الالوهية لان الخالق يستحق ان يعبد ومن لا يخلق لا يستحق ان يعبد ولهذا قال ربنا عز وجل افمن يخلق كمن لا يخلق! افلا تذكرون وقال مبطلا الوهية الهة المشركين واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ولا ضرا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا. اذا من كان مسلوبا من هذه الاوساط فليس حقيقة وليس اهلا ان يعبد فهذا يدل على ان آآ توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الالوهية وهذا من اقوى ادلة القرآن التي يشهرها في وجوه المشركين وفي تتمة الاية اعني الاية التي بعدها ما يدل على كمال غناه سبحانه وتعالى. فقد قال الله تعالى ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين فدل ذلك على ان ربنا سبحانه وبحمده لم يخلق الخلق ليستكثر بهم من قلة ولا ليستعز بهم من ذلة وانما خلقهم لعبادته الله يحب ان يعبد. والله يحب ان يحمد. والله يحب ان يشكر هكذا فعلى العبد الموفق ان يظهر عبوديته لله تعالى وان يتعرض لمحاب الله ومراضيه فيري ربه من نفسه كمال العبودية الحمد والشكر والذكر وغير ذلك اه ثم قال بعد هذا قال وقوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا وقوله قل تعالى واتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا. الى قوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبع السبل عن معاذ بن جبل هذه الايات الكريمات تدور حول معنى حول معنى واحد وهو ما قصده آآ المصنف بهذا الكتاب وهو الامر بعبادة الله وحده. فاولها قوله ولقد بعثنا اي ارسلنا البعث هنا المراد به الارسال وليس المقصود به الاحياء بعد الموت اه ولقد بعثنا في كل امة والامة هم الجماعة من الناس ولقد بعثنا في كل امة رسولا الرسول هو من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه وان ارد مزيد التدقيق نقول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه لقوم مخالفين لانه قد جرى خلاف في الفرق بين النبي والرسول قال بعض العلماء الرسول هو من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه والنبي من اوحي اليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه لكن هذا التفريق انتقد من جهة ان كيف يوحى اليه بشرع ولا يؤمر بتبليغه واذا كان العلماء وهم في رتبة دون الانبياء اخذ الله عليهم العهد والميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه. فكيف للانبياء وقد جاء في حديث ان النبي يأتي ومعه الرجل والنبي يأتي ومعه الرجلان والى اخره فدل ذلك على ان الانبياء يدعون الحقيقة ان الانبياء والمرسلين كلهم يجمعهم مفهوم الارسال ولهذا قال الله تعالى في سورة الحج وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي يجمعهم وظيفة الارسال والقول الثاني في التفريق بين النبي والرسول ان ان ان الرسول من اوحي اليه بشرع جديد وامر بتبليغه وان النبي من اوحي اليه بشرع رسول قبله وامر بتجديده وامر بتجديده. كانبياء بني اسرائيل المذكورين في كتبهم وهم كثر تجدون مثلا في بعض كتبهم ذكر دانيال الحزقية الارنيا اشعياء صموئيل الاول صموئيل الثاني الى اخره. فهؤلاء انبياء وبنين اسرائيل اه يبعثهم الله بين الفينة والفينة ليجددوا من درس من علم التوراة. ويحكموا ويقضوا بين بني اسرائيل واما الرسل فهم الذين يبعثون بشرائع جديدة موسى عليه السلام بالتوراة وعيسى بالانجيل ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. بالقرآن وهكذا لكنه يشكل على هذا التفريق وان كان يعني احب من حيث النظر مما قبله ان الله سبحانه وتعالى سمى بعض من لم يبعث بشرع جديد سماهم رسلا. كما قال عن يوسف عليه السلام في قصة مؤمن ال فرعون ولقد جاءكم يوسف من قبل فما زلتم في شك مما جاءكم به. حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده مع ان يوسف عليه السلام قال واتبعت ملة ابائي. وقال ما كان يأخذ اخاه في دين الملك اذ انه احالهم على شريعة يعقوب. قال فما جزاؤه ان كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه فسمي رسولا مع انه لم يبعث بشريعة جديدة لهذا كان اسعد الاقوال بالصواب ما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب النبوات ان الرسول هو من ارسل الى قوم مخالفين لدعوتهم وان النبي من بعث في قوم موافقين لتعليمهم بصرف النظر عن الشرع الذي اتى به وهذا مضطرد في الحقيقة عند التتبع فانه لا تكاد تجد ذكرى رسول الا وقد بعث في قوم مخالفين يدعوهم الى توحيد الله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله. يعني كأن هذا ينسبك من ان وما دخلت عليه مصدر. يعني بعبادة الله ان اعبدوا الله يعني بعثهم بعبادة الله وقد تقدم معنى العبادة. ان اعبدوا الله يعني افردوه بالعبادة. لانها لا تسمى عبادة الا اذا كانت مختصة بالله فان لم تكن فليست بعبادة وقد جاء في الحديث انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه واجتنبوا ما معنى اجتنبوا يعني كونوا في جانب والطاغوت في جانب هذا اصل معنى كلمة الاجتناب. فمعنى الاجتناب يعني اتركوا وفارقوا وجانبوا الطاغوت الطاغوت هذه اه صيغة مبالغة من الطغيان والطغيان هو مجاوزة الحد قال تعالى انا لما طغى الماء حملناكم في الجارية. ما معنى الطغى الماء؟ يعني تجاوز حده ومنسوبه المعتاد الطغيان مجاوزة الحد وقد عرفه ابن القيم عرف الطاغوت بتعريف جامع وقال كل ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع كل ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع وهذا لا يتعارض مع تفسير عمر رضي الله عنه اه للطاغوت بانه السحر او تفسير آآ عمران بن حصين للطاغوت بانهم الكهان. فان هذا نوع من انواعه وفرد من افراده فيستفاد من هذه الاية العظيمة بيان الحكمة من ارسال الرسل وهي الدعوة الى توحيد الله. ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت مدار دعوة الرسل على هاتين القضيتين الامر بعبادة الله والنهي عن الشرك ثم تم فائدة اخرى مهمة وهي ان دين الانبياء واحد دين الله واحد ايها الكرام. قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام فلا يظنن ظان ان لله عدة اديان الدين واحد وهو الاسلام شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ماذا ان اقيموا الدين دين واحد ولا تتفرقوا فيه وانما يقع الاختلاف في الشرائع كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال الانبياء اخوة لعلات يعني الاخوة في علات للضرائر ابوهم واحد وامهاتهم شتى الانبياء دينهم واحد وشرائعهم متنوعة وبهذا يتبين بطلان من يدعي او من يدعو الى توحيد الاديان وتقارب الاديان ونحو ذلك فيقال دين الله واحد ليس له عدة طبعا وعدة نسخ هو دين واحد هو الاسلام لكنه الاسلام بالمعنى العام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك. بهذا بعث الله جميع انبيائه قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون ونستفيد ايضا من الاية السابقة ان الله تعالى اقام الحجة الرسالية على جميع الخلق كما قال ولقد بعثنا في كل امة رسولا الله تعالى قد عم جميع الامم بالدعوة الى توحيده كان الناس امة واحدة يعني على التوحيد. فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. يعني فاختلفوا احاد عن التوحيد فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين فلم يزل الله يتعاهد الامم بانبيائه ليردوهم الى الجادة ودلت الاية على عظم شأن التوحيد وانه هو الواجب الاول والاعظم ثم في قوله ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت القرن بين هاتين القضيتين هو فحوى لا اله الا الله فان لا اله الا الله فيها نفي واثبات فيها نفيو كل الوهية سوى الوهية الله واثباتها لله وحده لا يتم التوحيد ولا يقوم الا على ساقين هلا نفي الانداد واثبات وتوحيد الله عز وجل ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. هذان معنيان لا ينفكان عن بعضهما وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه