المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدش الثاني والعشرون باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. وقوله ومن يقنط ومن تقنطوا من رحمة ربه الا الضالون. وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من رح الله. رواه عبدالرزاق هذا باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا السلف قال يغلب جانب الخوف على جانب الرجا. وبعض السلف قال يغلب جانب الرجا على جانب الخوف وهي اقوال متباينة ظاهرا لكنها في الحقيقة لان كل قول منها يرجع الى حالة مما ذكرناه. فمن قال ابو علوه باب قول الله تعالى الاية الاولى والاية الثانية جميعا. فالباب منعقد للايتين جميعا لاتصالهما والمراد بهذا الباب بيان ان الجمع بين الخوف والرجاء واجب من واجبات الايمان ولا يتم التوحيد الا بذلك. فانتفاع الجمع بين الامن والرجاء انتفاء الجمع بين الخوف والرجاء هذا مناف لكمال التوحيد فالواجب على العبد ان يجعل خوفه مع الرجاء وان يجعل رجاءه مع الخوف لا يأمن المكر كما لا يقنط من رحمة الله جل وعلا. فالاية الاولى وهي قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون فيها ان المشركين من صفاتهم انهم امنوا عقاب الله فلم يخاف والواجب بالمقابل ان تكون قلوبهم خائفة وجلة من الله جل وعلا. قال سبحانه فامنوا مكر الله يعني ايعلمون تلك المثلات وفعل الله جل وعلا بالامم السالفة التي قصها الله في سورة الاعراف. فامنوا مكر الله فاذا كان كذلك وحصل منهم الامن مع وجود النذر فيما حولهم وان الله قص عليهم القصص والانباء قال فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. والامن من مكر الله هو ناتج عن عدم الخوف. وترك عبادة الخوف وعبادة الخوف قلبية. الخوف خوف العبادة من الله جل جلاله وهذا الخوف اذا كان في القلب فان العبد سيسعى في مرض الله ويبتعد عن مناهي الله وسيعظم الله جل وعلا يتقرب اليه بالخوف لان الخوف عبادة ويكون عبادة بمعاني ومنها ان يتقرب الى الله جل الا بالخوف وان يتقرب الى الله جل وعلا بعدم الامن من مكر الله. وذلك ان الله هو ذو الجبروت عدم الامن من مكر الله راجع الى فهم صفات الله جل وعلا واسمائه التي منها القهار والجبار وهو الذي يجير ولا يجار عليه ونحو ذلك من صفات الربوبية. ومكر الله جل وعلا من صفاته التي تطلق مقيدة فالله جل وعلا يمكر بمن مكر باوليائه وانبيائه وبمن مكر بدينه لانها في الاصل صفة صفة نقص لكن تكون صفة كمال اذا كانت بالمقابلة لانها فيها حين اذ اظهار العزة والقدرة والقهر والجبروت سائر صفات الجلال. فمكر الله جل وعلا من صفاته التي يتصف بها لكن يكون ذلك على وجه التقييم نقول يمكر باعداء رسله يمكر باعدائه يمكر بمن مكر به ونحو ذلك وحقيقة مكر الله جل وعلا ومعنى هذه الصفة انه جل وعلا يستدرج العبد ويملي له حتى اذا اخذه لم يفلته. ييسر له الامور حتى يظن انه في مأمن اية المأمن فيكون ذلك استدراجا في حقه. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام اذا رأيتم الله يعطي العبد وهو مقيم على ما اعصيه فاعلموا ان ذلك استدراج. وهذا ظاهر من معنى المكر بان في معنى المكر والكيد وامثالهما معنى الاستدراج. لا ترادف في اللغة بل هناك فروق بين المكر والاستدراج والكيد والاستدراج ونحو ذلك لكن نقول هذا من جهة التقرير. فالمكر فيه استدراج وفيه ايضا على الاستدراج حتى يكون قلب ذلك المستدرج امنا من كل جهة. قال وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. هذا فيه ان صفة الضالين انهم يقنطون من رحمة الله جل وعلا ومعنى ذلك بالمفهوم ان صفة المتقين وصفة المهتدين انهم لا يقنطون من رحمة الله بل يرجون رحمة الله جل وعلا. والجمع بين الخوف والرجاء واجب شرعا. فان الخوف عبادة والرجاء عبادك اجتماعهما في القلب واجب. فلابد ان يكون هذا وهذا جميع في القلب حتى تصح العبادة. و من هنا اختلف العلماء اي الخوف والرجاء يغلب في القلب. هل يغلب العبد جانب الرجاء او يغلب بالخوف والتحقيق ان الحالة تختلف. فاذا كان العبد في حال الصحة والسلامة فانه اما ان يكون مشددا مسارعا في الخيرات فهذا يتساوى يعني يجب ان يتساوى في قلبه الخوف رجاء يخاف ويرجو لانه من المسارعين في الخيرات واذا كان في حال الصحة والسلامة وعدم دنو الموت من اهل العصيان فالواجب عليه ان يغلب جانب الخوف حتى ينكف عن المعصية واما اذا كان في حال المرض فهي الحالة الثانية فانه مرض المخوء فانه يجب عليه ان يعظم جانب الرجاء على الخوف فيقوم في قلبه الرجا والخوف ولكن يكون رجاؤه اعظم من خوفه وذلك لقول النبي عليه الصلاة كلام لا يمت احدكم الا وهو يحسن الظن بربه تعالى. وذلك من جهة رجائه في الله جل جلاله ومن هنا اختلفت كلمات اهل العلم فتجد ان بعضهم يقول يجب ان يتساوى الخوف والرجاء وبعض يغلب جانب الخوف على الرجاء فهو في حق الصحيح العاصي. ومن قال يجنب يغلب جانب الرجاء على الخوف فهو في حق المريض والذي يخاف الهلاك. او من يخاف الموتى. ومن قال يساوي بين الخوف والرجاء؟ فنظر الى حال المسددين المسارعين في الخيرات وهذا هذه الحالة التي هي حالة المسددين هي التي وصف الله جل وعلا اهلها بقوله انه ان كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين نحوه قوله جل وعلا في سورة الاسراء اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا. وهذا ظاهر من ذلك. فالشيخ رحمه الله عقد هذا الباب لبيان وجوب ان يجتمع الخوف والرجاء في القلب. كما ذكرنا لكم بالامس هذه ابواب متتالية لبيان حالات القلب والعبادات القلبية واحكام ذلك. قال عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر. فقال الشرك بالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله وجه الشاهد من ذلك انه جعل اليأس من روح الله وهو عدم الرجاء ذهابا الرجاء من القلب عدم او ترك الاتيان بعبادة الرجا جعله من الكبائر. وجعل الامن من مكر الله وهو ذهاب الخوف من من الله جل وعلا من القلب جعله من الكبائر. عدم الرجاء في الله من الكبائر. وعدم الخوف من الله جل وعلا من الكبائر وهي كبائر في القلب. كبائر من جهة اعمال القلوب. واجتماعهما جميعا بان لا يكون عند رجع ولا خوف هذه كبيرة اعظم من كبيرة ترك الخوف وحده من الله او ترك الرجاء وحده من الله جل وعلا لهذا جئ قرن بينهما في هذا الحديث حيث قال سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من روح الله الامن من مكر الله. وبهذا يتبين لك الفرق بين اليأس والامن اليأس من روح الله او القنوط من رحمة الله والامن من مكر الله من ان اليأس راجع الى ترك عبادة الرجاء والامن من مكر الله راجع الى ترك عبادة الخوف واجتماعهما واجب من الواجبات ذهابهما او الانتقاص منهما نقص في كمال توحيد من قام ذلك بقلبه قال وعن ابن مسعود قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله فيها ما في الحديث قبله لكن هنا فصل في القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله. فجعل القنوط من رحمة الله شيئا وجعل اليأس من روح الله شيئا اخر. وهذا باعتبار بعض الصفات لا باعتبار اصل المعنى. فان القنوط من الرحمة واليأس من الروح بمعنى واحد لكن يختلفان من حيث ما يتناوله هذا ويتناوله هذا فالقنوط من رحمة الله عادة لان الرحمة اعم من الروح والرحمة تشمل جلب النعم ودفع النقم. وروح الله جل وعلا يطلق في الغالب في الخلاص من المصائب. فقوله القنوط من رحمة الله لاعم. ولهذا قدمه فيكون ما بعده من عطف الخاص على العام او ان يكون هناك ترادف في عصر المعنى واختلاف في الصفات او بعض ما يتعلق لا لهذا نقول هذا الحديث مع الحديث قبله مع الايتين دلالتهما على ما اراد الشيخ من عقد هذا الباب واحدة ودلالة الجميع ان الخوف والرجاء واجب اجتماعهما في القلب وافراد الله جل وعلا بهما والمقصود خوف العبادة ورجاء العبادة نعم. باب قول الله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم. قال من الايمان بالله الصبر على باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله وقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم قال علقمة هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله فيرضى ويسلم. وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت. ولهما عن ابن مسعود مرفوعا ليس منا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله الخير عجل له العقوبة في الدنيا. واذا اراد بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله والرضا ومن سخط فله السخط حسنه الترمذي باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله الصبر من المقامات العظيمة والعبادات الجليلة التي تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح حقيقة العبودية لا تثبتوا الا بالصبر لان العبادة امر ونهي وابتلاء العبادة امر شرعي او نهي شرعي هذا الدين امر شرعي او نهي شرعي او ان يصيب الله العبد بمصيبة قدرية. فحقيقة العبادة ان يمتثل الامر الشرعي. وان يجتنب النهي الشرعية وان يصبر على المصائب القدرية. التي ابتلى الله جل وعلا العباد بها. ولهذا الابتلاء حاصل بالدين وحاصل بالاقدار فبادين كما قال جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن عياض ابن قمار قال قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى انما بعثتك لابتليك وابتلي ابك فحقيقة بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الابتلاء. والابتلاء يجب معه الصبر. والابتلاء الحاصل ببعثته باوامر بالاوامر والنواهي. فاذا الواجبات تحتاج الى صبر والمنهيات تحتاج الى صبر والاقدار كونية تحتاج الى صبر ولهذا قال طائفة من اهل العلم ان الصبر ثلاثة اقسام صبر على الطاعة وصبر عن المعصية وصبر على اقدار الله المؤلمة ولما كان الصبر على المصائب قليلا ويظهر عدم الصبر افرد الشيخ رحمه الله تعالى هذا الباب لبيان انه من كمال التوحيد و من الواجب على العبد ان يصبر على اقدار الله. لان التسخط تسخط العباد وعدم صبرهم كثيرا ما الهروب في حال الابتلاء بالمصايب. فعقد هذا الباب لبيان ان الصبر واجب على اقدار الله مؤلمة ونبه بذلك على ان الصبر على الطاعة واجب وان الصبر عن المعصية واجب وحقيقة الصبر الحبس في اللغة ومنه قولهم قد قتل فلان صبرا. اذا حبس او ربط قتل من دون مبارزة ولا اي كارثة ويقال للصبر الشرعي انه صبر لان فيه حبس. حبس اللسان لان فيه الحبس وهو حبس اللسان عن التشكي وحبس القلب عن السخط وحبس الجوارح عن اظهار السخط من لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك فحبس هذه الاشياء هو حقيقة الصبر. فالصبر اذا حبس اللسان عن التشكي وحبس القلب عن التسخط وحبس الجوارح عن اظهار السخط بشق او نحو ذلك قال الامام احمد رحمه الله ذكر الصبر في القرآن في اكثر من تسعين موضعا والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من جسد لان من لا صبر له على الطاعة ولا صبر له عن المعصية ولا صبر له على القدر على اقدار الله المؤلمة فانه يفوته اكثر الايمان قال باب من الايمان بالله يعني من خصال الايمان بالله. الصبر على اقدار الله. والايمان له شعب كما ان الكفر له شعب تنبه بقوله من الايمان بالله الصبر على ان من شعب الايمان الصبر. ونبه في الحديث الذي ساقه عن صحيح مسلم ان النياحة من شعب الكفر فيقابل كل شعبة من شعب الكفر شعبة من شعب الايمان. فالنياحة على الميت شعبة من شعب الكفر يقابلها في شعب الايمان الصبر على اقدار الله المؤلمة. قال وقول الله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه قال علقمة هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله فيرضى ويسلم هذا تفسير من علقمة احد التابعين عن لهذه الاية وهو تفسير ظاهر الصحة والصواب و ذلك ان قوله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه انما سيق في سياق ذكر ابتلاء الله بالمصائب. فمن يؤمن بالله يعني يعظم الله جل وعلا ويمتثل امره ويجتنب نهيه يهدي قلبه للصبر يهدي قلبه لعدم التسخط يهدي قلبه للعبادات. ولهذا قال هو الرجل تصيبه المصيبة. في علم انها من عند الله وهذا هو الايمان بالله فيرضى ويسلم. والمصائب من القدر. والقدر راجع الى حكمة الله جل وعلا. والحكمة حكمة الله جل وعلا هي وضع الامور في مواضعها الموافقة للغايات المحمودة منها. فالحكمة بعامة مرتبطة بالغايات المحمودة من وضع الامر في موضعه. فمن وضع الامر في غير موضعه فقد ظلم ومن وضع الامر في موضعه عدل وقد يكون غير حكيم عادل ولكن غير حكيم. فاذا وضع الامر في موضعه الموافق للغاية المحمودة منه فذاك هو الحكيم. والله جل وعلا منفي عنه الظلم ومثبت له كمال العدل سبحانه حيث يضع الامور مواضعها ومثبت له جل وعلا كمال الحكمة حيث ان وضعه الغموض في مواضعها موافق للغايات المحمودة منها. فنعلم بذلك ان المصيبة اذا اصابت العبد فان خيرا له فيها اما ان يصبر فيؤجر واما ان يتسخط فيؤزر على ذلك. وهذا في حق الخاسرين فالله جل وعلا له الحكمة من الابتلاء بالمصائب. لهذا يجب على العبد ان يعلم ان ما جاء من عند الله هو قدر الله جل وعلا وقضاؤه الموافق لحكمته فيجب الصبر على ذلك. قال يعلم انها من لله يعني ان الله هو الذي اتى بها وهو الذي اذن اذن بها قدرا وكونا فيرضى ويسلم والرضا بالمصيبة مستحب وليس بواجب. ولهذا يختلط على كثيرين الفرق بين الرضا والصبر وتحرير المقام في ذلك ان الصبر على المصايب واجب من الواجبات لان فيه ترك التسخر على قضاء الله وقدره. والرضا هذا له جهتان. الجهة لا راجعة الى فعل الله جل وعلا. فيرضى بقدر الله الذي هو فعله. يرضى لله يرضى بحكمة الله يرضى بما قسم الله جل وعلا يعني بقسمة الله هذا الرضا بفعل الله جل وعلا من الواجبات وتركه محرم ومناف لكمال التوحيد والرضا بالمقضي الرضا بالمصيبة في نفسها هذا مستحب. ليس واجبا على العباد ان ضوء بالمرض ان يرضوا بفقد الولد ان يرضوا بفقد المال لكن هذا مستحب وهو رتبة الخاصة من عباد الله لكن الرضا بفعل الله جل وعلا الرضا بقضاء الله من حيث هو هذا واجب. اما الرضا بالمقضي فانه ولهذا قال علقمة هنا هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله فيرضى يعني على قضاء الله ويسلم لعلمه انها من عند الله جل جلاله وهذا من خصال الايمان. قال وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه قال اثنتان في الناس هما بهم كفر. يعني خصلتان من شعب الكفر قائمتان في الناس ستبقيان في الناس الطعن في النسب من شعب الكفر والنياحة على الميت من شعب الكفر وجه الشاهد من هذا الحديث قوله والنياحة على الميت. والنياحة مخالفة للصبر والصبر الواجب فيه حبس الجوارح عن لطم الخدود وسفك الجيوب ونحو ذلك وحبس عن التشكي والعويل وهذا هو النياحة. فالنياحة من شعب الكفر لانها منافية للصبر. وكونها من الكفر لا يدل على ان من قامت به فهو كافر الكفر المطلق المخرج من الملة بل يدل على ان من قامت به قامت به خصلة من خصال الكفار وشعبة من شعب الكفر. ولهذا قال هنا اثنتان في الناس هما بهم كفر فنكر كلمة كفر. والقاعدة في فهم الفاظ الكفر التي تجري في الكتاب والسنة التي تأتي في الكتاب والسنة ان الكفر اذا اتى معرفا بالالف واللام فان المراد به الكفر الاكبر. واذا اتى الكفر منكر كفر كلمة هكذا بدون الالف واللام فانه يدل على ان الخصلة تلك من شعب الكفر ومن خصال اهل الكفر وان ذلك كفر اصغر. كما قال عليه الصلاة والسلام لا ترجعوا بعدي كفارا. يضرب بعضهم اعناق بعض يعني لان ذلك من خصال الكفار. ونحو ذلك قوله سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. هذا في الكفر العصا. واما الكفر المعرف بالالف واللام. فالقاعدة التي حررها الائمة كشيخ الاسلام وغيره انه اذا اتى فيراد به الكفر الاكبر كقوله عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة قال ولهما عن ابن مسعود مرفوعا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية يدل على ان من فعل هذه الافعال فهو ليس من اهل الايمان. وقد ذكرت لكم ان كلمة ليس منا تدل على ان الفعل من الكبائر ولهذا نقول ترك الصبر واظهار التفقد كبيرة من الكبائر والمعاصي تنقص الايمان لان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ونقص الايمان قد ينقص كمال التوحيد بل ان ترك الصبر مناف لكمال التوحيد الواجب. قال وعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا واذا اراد بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. هذا فيه بيان حكمة الله جل وعلا التي اذا استحضرها المصاب فانه يعظم وعنده الصبر ويتحلى بهذه العبادة القلبية العظيمة. وهي الرضا وهي ترك التسخط. والرضا فعل الله جل على وقضائه بان العبد اذا اريد به الخير فان العقوبة تعجل له في هذه الدنيا. لان اثر العقوبة عن العبد يكون بعشرة اشياء ومنها ان تعجل له العقوبة في الدنيا يعني يعاقب في الدنيا بمرض بفقد مال بمصيبة لان مخالفة امر الله في ملكوته لابد ان تقع لها عقوبة ان لم يغفر الله جل وعلا ويتجاوز. فاذا كانت العقوبة في الدنيا فانها اهون من ان ان تكون في البرزخ او ان تكون يوم القيامة. ولهذا جاء في الحديث الاخر الذي رواه البخاري وغيره قال عليه الصلاة والسلام من يرد الله به خيرا يصب منه. ولهذا كان بعض السلف يتهم نفسه اذا رأى انه لم يصب او لم يمرض ونحو ذلك وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحمى مثلا لا تسبوا الحمى فوالذي نفسي بيده انها انفي الذنوب عن العبد كما ينفي الكير خبث الحديد. ففي المصائب نعم المصائب فيها نعم على العبد والله جل وعلا له الحكمة البالغة فيما يصلح عبده المؤمن قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. دل قوله من رضي فله الرضا يعني الرضا من الله عليه على ان الرضا عبادة. لان رضا الله عن العبد اذ رضي عنه دال على ان ذلك الفعل محبوب له وذلك دليل انه من العبادات وكذلك دليل الجملة الثانية دليل على ان السخط محرم. قال ومن سخط فله السخط يعني من الله جل وعلا السخط على الله جل وعلا ان يقوم في قلبه عدم محبة ذلك الشيء وكراهة ذلك وعدم الرضا به اتهام الحكمة فيه. فمن قامت به هذه الاشياء مجتمعة فقد سخط. يظهر اثر السخط على اللسان او على الجوارح يظهر السخط في القلب من جهة عدم الرضا بالاوامر. عدم الرضا بالنواحي. عدم الرضا بالشرع. فيتشخط الامر يتسخط ما هي تشخص الشاب؟ فهذا كبيرا من الكبائر ولو امتثل ذلك فان تسخطه وعدم الرضا بذلك قلبا دليل على انتفاء كمال التوحيد في حقه وقد يصل بالبعض الى انتفاء التوحيد من اصله اذا لم يرضى بعصر الشرع سخطه بقلبه واتهم الشرع او اتهم الله جل وعلا في حكمه الشرعي. نعم