المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الخامس والعشرون بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى باب من جحد شيئا من الاسماء والصفات وقوله تعالى وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا اله الا هو لا اله الا هو عليه توكلت واليه ما تاب. وفي صحيح البخاري قال علي رضي الله عنه حدثوا الناس بما يعرفون اتريدون ان يكذب ان يكذب الله ورسوله. وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن ابيه عن ابن عباس رضي الله عنهما انه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال ما فرق هؤلاء يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه انتهى. ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن انكروا ذلك فانزل الله فيهم وهم يكفرون بالرحمن بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه اما بعد فهذا الباب ترجم له امام هذه الدعوة بقوله باب من جحد شيئا من الاسماء والصفات يعني وما يلحقه من الذنب وان جحد شيء من الاسماء والصفات مناف اصل التوحيد ومن خصال الكفار والمشركين وقد ذكرنا لكم فيما سبق ان توحيد الالهية عليه براهيم ومن براهينه توحيد المعرفة والاثبات وهو توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات فمن ادلة توحيد الالهية توحيد الربوبية كما سبق ان مر معنا في باب قول الله تعالى ايشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون وكذلك توحيد الاسماء والصفات برهان على توحيد الالهية ومن حصل عنده ضلال في توحيد الاسماء والصفات فان ذلك سيتبعه ضلال في توحيد الالهية ولهذا تجد ان المبتدعة الذين الحدوا في اسماء الله وفي صفاته من هذه الامة من الجهمية والمعتزلة والرافضة والاشاعرة والماتوريدية ونحو هؤلاء تجد انهم لما انحرفوا في باب توحيد الاسماء والصفات لم يعلموا حقيقة معنى توحيد الالهية ففسروا الاله بغير انا وفسروا لا اله الا الله غير معناها الذي دلت عليه اللغة ودل عليه الشرف وكذلك لم يعلموا لقد الاسماء والصفات واثار الاسماء والصفات في ملك الله جل وعلا سلطانه. لهذا عقد الشيخ رحمه الله هذا الباب. لاجل ان يبين لك ان تعظيم اسماء والصفات من كمال التوحيد وان جحد الاسماء والصفات مناف لاصل التوحيد الذي يجحد اسما سمى الله به نفسه او سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم. وثبت ذلك عنه وتيقن ابونا فانه يكون كافرا بالله جل وعلا. كما قال سبحانه عن المشركين وهم يكفرون رحمن والواجب على العباد على اهل هذه الملة ان يؤمنوا بتوحيد الله جل وعلا في اسمائه وصفاته ومعنى الايمان بالتوحيد هذا يعني بتوحيد الله في اسمائه وصفاته ان يتيقن ويؤمن بان الله جل وعلا ليس له او مثيل في اسمائه وليس له مثيل في صفاته. كما قال جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فنفى واثبت فنفى ان يماثل الله شيء جل وعلا واثبت له صفتي السمع والبصر. قال العلماء قدم النفي قبل الاثبات على القاعدة عربية المعروفة ان ان التخلية تسبق التحلية حتى يتخلى القلب من كل براثن التمثيل ومن كل ما كان يعتقده المشركون الجاهلون من تشبيه الله بخلقه او تشبيه خلق الله به فاذا خلا القلب من كل ذلك من براثن التشبيه والتمثيل اثبت ما يستحقه الله جل وعلا من الصفات. فاثبت هنا صفتين وهما السمع والبصر وسبب ذكر والبصر هنا في مقام الاثبات دون ذكر غير السمع والبصر من الصفات او دون ذكر غير اسم السميع والبصير من الاسماء لان صفتي السمع والبصر مشتركة بين اكثر المخلوقات الحية وجل المخلوقات الحية التي حياتها بالروح النفس وليست حياتها بالنماء فان السمع والبصر موجود فيها جميعا. فالانسان له سمع وبصر وسائر اصناف الحيوانات كل له سمع وبصر الذباب له سمع وبصر يناسبه والبعير له سمع وبصر يناسبه و ساعر الطيور والسمك في الماء والدواب الصغيرة والحشرات كل له سمع وبصر يناسبه. ومن المتقرر عند كل عاقل ان سمع هذه الحيوانات ليس متماثلا. وان بصرها ليس متماثلة وان سمع الحيوان ليس مماثلا لسمع الانسان. فسمع الانسان ربما كان ابلغ وآآ اعظم من سمع كثير من الحيوانات وكذلك البصر. فاذا كان كذلك كان اشتراك المخلوقات التي لها سمع وبصر في السمع والبصر اشتراك في اصل المعنى. ولكل سمع وبصر بما قدر له وما يناسب ذاته فاذا كان كذلك ولم يكن وجود السمع والبصر في الحيوان وفي الانسان مقتضيا لتشبيه الحيوان بالانسان فكذلك اثبات السمع والبصر للملك الحي القيوم ليس على وجه المماثلة للسمع والبصر في الانسان او في المخلوقات فلله جل وعلا سمع وبصر يليق به كما ان للمخلوق سمع وبصر يليق بذاته الحقيرة الوضيعة فسمع الله كامل مطلق من جميع الوجوه لا يعتريه نقص وبصره كذلك واسم الله السميع هو الذي استغرق كل الكمال في صفة السمع وكذلك اسم الله البصير. هو الذي استغرق كل الكمال في صفة البصر. فدل ذلك على ان النفي مقدم على الاثبات والنفي يكون مجملا. والاثبات يكون مفصلا. فالواجب على ان يعلموا ان الله جل جلاله متصف بالاسماء الحسنى وبالصفات العلى. والا يجحدوا شيئا من اسمائه وصفاته ومن جحد شيئا من اسماء الله وصفاته فهو كافر لان ذلك صنيع الكفار والمشركين والايمان بالاسماء والصفات يقوي اليقين بالله وهو سبب لمعرفة الله والعلم به. بل ان العلم بالله ومعرفة الله جل وعلا تكون بمعرفة باسمائه وصفاته وبمعرفة اثار الاسماء والصفات في ملكوت الله جل وعلا وهذا باب عظيم كما يأتي له زيادة ايضاح عند باب قول الله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها اذا تلخص هنا ان قوله باب من جحد شيئا من الاسماء والصفات صلة ذلك بكتاب التوحيد من جهتين الجهة الاولى ان من براهين توحيد العبادة توحيد الاسماء والصفات والثانية ان جحد شيء من ما هي الصفات شرك وكفر مخرج من الملة اذا ثبت الاسم او ثبتت الصفة وعلم ان الله جل وعلا اثبتها لنفسه واثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم جحدها اصلا. يعني نفاها اصلا فان هذا كفر لانه تكذيب بالكتاب وبالسنة قال وقول الله تعالى وهم يكفرون بالرحمن الاية الرحمن من اسماء الله جل وعلا. والمشركون والكفار في مكة قالوا لا نعلم الرحمن الا انا اليمامة فكفروا بسم الله الرحمن وهذا كفر بنفسه ولهذا قال جل وعلا وهم يكفرون بالرحمن يعني بسم الله الرحمن وهذا وهذا اسم من اسماء الله الحسنى. وهو مشتمل على صفة الرحمة. لان الرحمن مشتق او فيه صفة الرحمة مبني على وجه المبالغة فالرحمن ابلغ في اشتماله على صفة الرحمة من اسم الرحيم لهذا لم يتسمى به على الحقيقة الا الله جل وعلا فهو من اسماء الله العظيمة التي لا يشركه فيها اما الرحيم فقد اطلق الله جل وعلا على بعض عباده بانهم رحماء وان نبيه صلى الله عليه وسلم كما قال بالمؤمنين رؤوف رحيم الاسم والصفة بينهما ارتباط من جهة ان كل اسم لله جل وعلا مشتمل على صفة اسماء الله ليست جامدة ليست مشتملة على معان بل كل اسم من اسماء الله مشتمل على اذا فالاسم من اسماء الله يدل على مجموع شيئين بالمطابقة وهما الذات والصفة التي اشتمل عليها الاسم ويدل على احد هذين الذات او الصفة بالتظمن. ولهذا نقول كل اسم من اسماء الله متظمن لصفة من صفات الله ومطابقة الاسم لمعناه بانه دال على كل من الذات وعلى الصفة. الذات المتصفة صفة بالصفة حتى حتى اسم الله لفظ الجلالة الله الذي هو علم على المعبود بحق جل وعلا مشتق على الصحيح من قولي اهل العلم مشتق لان اصله الاله ولكن اطلق وتخفيفا لكثرة دعائه وندائه بذلك في عصر العربية فهو مأخوذ من الالهة وهي فالله هو المعبود ليس من جامدا بل هو مشتق من ذلك. وهكذا جميع الصفات التي في الاسماء وهذا وهكذا جميع الصفات التي تتضمنها الاسماء كلها دالة على كمال الله جل وعلا وعلى عظمته. فالعبد المؤمن اذا اراد ان يكمل توحيده فليعظم العناية بالاسماء والصفات. لان معرفة الاسم والصفة يجعل العبد يراقب الله جل وعلا وتؤثر هذه الاسماء والصفات في توحيده وقلبه وعلمه بالله ومعرفته كما سيأتي في تقاسيم الاسماء والصفات قال وفي صحيح البخاري قال قال علي حدث الناس بما يعرفون اتريدون ان يكذب الله ورسوله؟ هذا في دليل على ان بعض العلم لا يصلح لكل احد فان من العلم ما هو خاص ولو كان نافعا في نفسه ومن امور التوحيد لكن ربما لم يعرفه كثير من الناس. وهذا من مثل بعض افراد توحيد الاسماء والصفات من مثل بعض مباحث الاسماء والصفات وذكر بعض الصفات لله جل وعلا فانها لا تناسب كل احد. حتى ان بعض المتجهين الى العلم قد لا يطرح عليه بعض المسائل الدقيقة في الاسمى والصفات. ولكن يؤمرون بالايمان بذلك اجمالا. والايمان بالمعروف والمعلوم المشتهر في الكتاب والسنة. اما دقائق البحث في الاسماء والصفات فانما هي للخاصة ولا تناسب العامة او لا تناسب المبتدئين في طلب العلم. لان منها ما يشكل ومنها ما قد يؤول قائله الى ان يكذب الله ورسوله كما قال هنا علي رظي الله عنه حدث الناس بما يعرفون يريدون ان يكذب الله ورسوله. فمناسبة هذا الاثر لهذا الباب ان من اسباب جحد الاسماء والصفات ان يحدث المرء الناس بما لا يعقلونه من الاسماء والصفات عندهم ايمان اجمالي بالاسماء والصفات يصح معه توحيدهم وايمانهم واسلامهم. فالدخول في تفاصيل ذلك غير اخف الا اذا كان المخاطب يعقل ذلك ويعيب. وهذا ليست بحالة اكثر الناس. ولهذا الامام مالك رحمه الله لما حدث عنده بحديث الصورة فقال فنهى المتحدث بذلك لان العامة لا يحسنون فهم مثل هذه المباحث وهكذا في بعض المسائل في الاسماء والصفات لا تناسب العامة. فقد يكون سبب الجحد ان حدثت من لا يعقل البحث فيؤول به ذلك وهو ان البحث فوق عقله وفوق مستواه وفوق ما قدمه من العلم ان يؤدي به ذلك الى ان يجحد شيئا من العلم بالله جل وعلا او ان يجحد شيئا من الاسماء والصفات فالواجب على المسلم وخاصة طالب العلم ان لا يجعل الناس يكذبون شيئا مما قاله الله جل وعلا او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم. ووسيلة ذلك التكذيب ان يحدث الناس بما لا يعرفون حدث الناس بحديث لا تبلغه عقولهم كما جاء في الحديث الاخر ما انت بمحدث قوم حديثا لا عقولهم الا كان لبعضهم فتنة. وقد بوب على ذلك البخاري في الصحيح في كتاب العلم بقوله باب من ترك بعض الاختيار مخافة ان يقصر فهم بعض الناس عنه فيقع في اشد منه وهذا من الامر المهم الذي ينبغي للمعلم وللمتحدث وللواعظ وللخطيب ان يعيه في ان يحدد الناس بما وان يجعل تقوية التوحيد وكمال اكمال توحيدهم والزيادة في ايمانهم بما يعرفون لا بما ينكروني قال وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن عن ابن طاووس عن ابيه عن ابن عباس رضي الله عنهما انه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك فقال ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلك عند متشابهه هذا لما لم يعرف هذه الصفة انتفض لانه فهم من هذه الصفة المماثلة او التشبيه فخاف من تلك الصفة والواجب على المسلم انه اذا سمع صفة من صفات الله في كتاب الله او في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ان يجريها مجرى جميع الصفات. وهو ان اثبات لله جل وعلا اثبات بلا تكييف. اثبات بلا تمثيل. فاثباتنا للصفات على ووجه تنزيه الله جل وعلا عن المثيل والنظير في صفاته واسمائه. فله من كل اسم وصفة اعلى واعظم ما يشتمل عليه من المعنى ولهذا قال ابن عباس هنا ما فرقوا هؤلاء يعني ما سبب خوف هؤلاء؟ لماذا فرقوا؟ خافوا من هذه الصفة ومن اثبات يجدون رفقة عند محكمه. يعني اذا قوطبوا بالمحكم الذي يعرفون المحكم هو ما يعلم والذي يعلمه سامعك هذا هو المحكم. يجدون رقة عند محكمه يعني اذا خوطبوا بما يعلمونه وجدوا في قلوبهم رقة لذلك. ويهلكون عند متشابه. متشابهة. فاذا سمعوا في الكتاب او السنة بان لا تعقله عقولهم هلكوا عنده وخافوا وفرغوا واولوا ونفوا او جحدوا. وهذا من اسباب الضلال وهنا تعمل ابن عباس رحمه الله ورضي عنه استعمل كلمة المحكم وكلمة المتشابكة. ويريد بها هنا المحكم الذي يعلم. يعلمه سامعه. والمتشابه الذي يشتبه علمه على سامعه والقرآن والعلم جميعا والشريعة كلها محكمة وكلها متشابهة ومنها محكم ومنها متشابه. فهذه ثلاثة اقسام فالاول المحكم كما قال جل وعلا الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت. من حكيم خبير الا تعبدوا الا الله. فالقرآن كله محكم بمعنى ان معناه واضح وان الله جل او على احكم فلا اختلاف فيه ولا تباين وانما بعضه يصدق بعضا. كما قال جل وعلا ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. والقرآن والشريعة ايضا متشابه كله بمعنى ان بعضه يشبه بعضه. فهذا الحكم وهذه المسألة تشبه تلك لانها تجري معها في قاعدة واحدة فنصوص الشريعة يصدق بعضها بعضا ويؤول بعضها الى بعضه. وقد قال جل وعلا الله نزل احسن حديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم. قال تابا متشابها بسبب القرآن متشابه يعني بعضه يشبه بعضا هذا خبر في الجنة وهذا خبر في الجنة بعض الاخبار يفصل بعضا وهذه القصة وهذي قصة هذي تصدق هذه وتزيدها تفصيلا وهكذا في كل ما في القرآن. والقرآن ايضا والشريعة والعلم منه محكم ومن متشابه باعتبار ثالث. فالمحكم والمتشابه هنا هو الذي جاء في اية ال عمران هو الذي انزل عليك الكتاب منه محكمات هن ام الكتاب واوخر متشابهات. فمنه محكم وهو الذي اتضح لك علمه. ومنه متشابه وهو الذي اشتبه عليك علما. وبهذا نعلم انه ليس عندنا في في عقيدة اهل السنة الجماعة اتباع السلف الصالح ليس عندهم شيء من المتشابه المطلق الذي لا يعلمه احد بمعنى ان ثمة مسألة من مسائل التوحيد او من مسائل العمل يشتبه علمها على كل الامة. هذا لا يوجد بل ربما اشتبه على بعض الناس وبعضهم يعلم المعنى كما قال جل وعلا وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم على احد وجهي الوقف فهذا المتشابه الموجود الذي هو قسيم للمحكم هذا يشتبه على بعض الناس فاذا اشتبه عليك علم شيء من التوحيد او من الشريعة فان الواجب الا تفرق عنده والا تخاف والا تتهم شرف او يقع في قلبك شيء من الزيغ لان الذين يتبعون المتشابه بمعنى لا يؤمنون به فان هؤلاء هم الذين في قلوبهم زيت وهذا هو الذي عناه ابن عباس رضي الله عنهما حين قال يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه يريد به هذا الوجه من ان الذين يهلكون عند المتشابه هم اهل الزيغ الذين قال الله جل وعلا فيهم فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. فاهل والزيغ يستعملون في المتشابه هاتين الطريقتين. اما ان يبتغوا بالمتشابه الفتنة واما ان يبتغوا بالمتشابه التأويل والواجب ان يرد المتشابه الى المحكم ونعلم ان الشريعة يصدق بعضها بعضا وان اذا بعضه يدل على بعض وتالقاعدة المعروفة في الصفات التي ذكرها عدد من الائمة كالخطابي وكشيخ الاسلام في التدميرية ان القول في بعض الصفات كالقول في بعض وان القول في الصفات كالقول في الذات يحتذى فيه حذوه وينهج فيه على منوال قال ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن انكر ذلك فانزل الله فيهم وهم يكفرون فانكار الصفة او انكار الاسم بمعنى عدم التصديق بذلك هذا جحد. وهذا يختلف عن التعويل فالتأويل والالحاد له مراتب يأتي بيانها ان شاء الله تعالى قول الله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها واكثرهم الكافرون. قال مجاهد ما معناه؟ هو قول الرجل هذا ما لي ورثته عن ابائي. وقال عون ابن عبد الله يقولون لولا فلان لم يكن كذا. وقال ابن قتيبة يقولون هذا بشفاعة الهتنا وقال ابو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه ان الله تعالى قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر الحديث وقد تقدم وهذا كثير في الكتاب والسنة يذم سبحانه من يضيف انعامه الى غيره ويشرك به قال بعض هو كقول هو كقولهم كانت الريح طيبة والملاح حادقا ونحو ذلك مما هو جار على السنة كثير هذا الباب من الابواب العظيمة في هذا الكتاب خاصة في هذا الزمن بشدة الحاجة اليه وترجمه المصنف رفع الله مقامه في الجنة في قوله باب قول الله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها فوصف الكفار في سورة النحل التي تسمى سورة النعم وصفهم بانهم يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وانكار النعمة بان تنسب الى غير الله انكارها باشياء ومن ذلك ان تنسب الى غير الله. وان يجعل المتفضل بالنعمة غير الذي اسداه وهو الله جل جلاله. فالواجب على العبد ان يعلم ان كل النعم من الله جل وعلا. وان كمال التوحيد لا يكون الا باضافة كل نعمة الى الله جل وعلا. وان اظافة النعم الى غير الله نقص في كمال التوحيد ونوع شرك بالله جل وعلا. ولهذا تكون مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ان ثمة الفاظ ان ثمة الفاظا يستعملها. كثير من الناس في مقابلة النعم او في مقابلة اندفاع النقم يكون ذلك القول منهم نوع شرك بالله جل وعلا بل شرك اصغر بالله جل وعلا. فنبه الشيخ رحمه الله بهذا الباب على ما ينافي كمال التوحيد من الالفاظ. وان نسبة النعم الى الله جل وعلا واجبة. قال يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها. اخذ بعض اهل العلم من هذه الاية ان لفظ المعرفة انما يأتي في الذنب وان النافع هو العلم واما المعرفة تستعمل في القرآن وفي السنة غالبا فيما يذم من اخذ المعلومات كقوله جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم. وكقوله في هذه الاية يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها هذا على جهة الاكثرية والا فقد ورد ان المعرفة بمعنى العلم كما جاء في صحيح مسلم في حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا الى اليمن قال له انك تأتي قوما اهل كتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه ان يعرفوا الله فانهم عرفوا الله. فهذا يدل على ان بعض من روى الحديث من التابعين جعل معنى العلم بالمعرفة وهم حجة في هذا المقام فيدل على ان استعمال المعرفة بمعنى العلم لا بأس به هذا الباب معقود لالفاظ. يكون استعمالها من الشرك الاصعب ذلك ان فيها اضافة النعمة الى غير الله. والله جل وعلا قال وما بكم من نعمة فمن واحد وهذا نص صريح في العموم. لان مجيء النكرة في سياق النفي يدل على الظهور في العموم. فان سبقت النكرة بمن حرف جر الذي هو شبيه بالزائد فيكون العموم نصا فيه. والتنصيص في العموم بمعنى انه لا يخرج شيء من افراده فدلت الاية على انه لا يخرج شيء من النعم ايا كان ذلك الشيء صغيرا كان او كبيرا عظيما جليلا او حقيرا وضيعا لا يكون الا من الله جل وعلا. فكل النعم صغرت او عظمت هي من الله جل جلاله وحده. واما العباد فانما هم اسباب. تأتي النعم على ايديهم. يأتي واحد ويكون سببا في ايصال النعمة اليك او يكون سببا في معالجتك او سببا في تعيينك او سببا في نجاحك او نحو ذلك لا يدل على انه هو ولي النعمة وهو الذي انعم. فان ولي النعمة هو الرب جل وعلا. وهذا من كمال التوحيد فان القلب الموحد انه ما ثم شيء في هذا الملكوت الا والله جل وعلا هو الذي يفتحه وهو الذي يغلق ما يشاء كما قال سبحانه ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. وما يمسك فلا مرسل له من بعده. فكل النعم من الله جل وعلا والعباد اسباب لذلك الواجب اذا ان تنسب النعمة الى المسي لا الى السبب لان ما السبب لو اراد الله جل وعلا لابطل كونه سببا وقلب او هذا السبب اذا كان اداميا فقلبه بين اصبعين من اصابع الله جل وعلا لو شاء لصده عنان هنا سببا او ان ينفعك بشيء. فالله جل وعلا هو ولي النعمة. قد قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى ما من احد تعلق بمخلوق الا وخذل ما من احد تعلق بمخلوق في حصول شيء له او اندفاع مكروه عنه الا خذل وهذا في غالب المسلمين وذلك لان الواجب على المسلم ان يعلق قلبه بالله وان يعلم ان النعم انما هي من عند الله. والعباد اسباب يسخرهم الله جل جلاله وهذا هو حقيقة التوحيد ومعرفة تصرف الله جل وعلا في ملكوته قال قال مجاهد ما معناه؟ هو قول الرجل هذا مالي ورثته عن ابائي هذه هذا القول ما لي ورثته عن ابائي مناف لكمال التوحيد. ونوع شرك لانه نسب هذا المال اليك ونسبه الى اباك. وفي الواقع ان هذا المال انعم الله به على اباءه. ثم انعم الله به على هذا المؤمن اذ جعل الله جل وعلا القسمة قسمة الميراث تصل اليه. وهذا كله من بفضل الله جل وعلا ومن نعمته. والوالد سبب في ايصال المال اليك. ولهذا في قسمة الميراث لا يجوز والدي ان يقسم الميراث او لصاحب المال ان يقسم الميراث على ما يريد هو لان المال في الحقيقة ليس مالا له كما قال جل وعلا واتوهم من مال الله الذي اتاكم. فهو مال الله جل وعلا يقسمه كيف ان الله قسم بينكم اخلاقكم كما قسم بينكم ارزاقكم. فالواجب على العبد ان يعلم ان ما وصله من المال او وصله من النعمة عن طريق ابائه هو من فضل الله جل وعلا ونعمته ووالده او والدته او قريبه سبب من الاسباب احمد الله جل وعلا على هذه النعمة ويسأل الله جل وعلا في ذلك السبب يقابل ذلك السبب بجزائه اما بدعاء واما بغيره قال وقال عون ابن عبد الله يقولون لولا فلان لم يكن كذا لولا فلان لم يكن كذا كقول القائل لولا قائد الطيارة لولا الطيار لذهبنا في في هلكة. لولا ان السيارة صاحب السيارة كان ماهرا. السائق كان ماهرا لذهبنا في كذا وكذا او يقول لولا ان الشيخ كان معلما وافهمنا هالمسألة لما فهمناها ابدا. او يقول لولا المدير الفلاني لفصلت ونحو ذلك من الالفاظ التي فيها تعليق حصول الامر بهذه الواسطة والامر انما حصل بقضاء الله وبقدره وبفظل الله وبنعمته. من حصول النعم او اندفاع المكروه والنقم. ولهذا الواجب على العبد ان يوحد فيقول لولا الله ثم فلان فيجعل مرتبة فلان ثانية ولا يجعل مرتبة هي الاولى او الوحيدة لان الله جل وعلا هو المسقي للنعم المتفضل بها. وقال ابن قتيبة يقولون هذا بشفاعة الهتنا لولا فلان لم يكن كذا هنا قال فلان من جهة كثرة الاستعمال. اما في الواقع فقد يأتي لولا في استعمالها بالناس او تعلق بجمادات بيت ونحو ذلك او سيارة او طيارة يعني من جهة صناعتها او التعلق ببقاع او التعلق بشيء من خلق الله مطر ماء سحاب هواء ونحو ذلك نسبة النعمة الى انسان او الى بقعة او الى فعلي فاعل او الى صنعة او الى مخلوق كل ذلك من نسبة النعم الى غير الله وهو نوع من انواع الشرك في اللفظ وهو من الشرك الاصغر بالله جل وعلا كما سيأتي في الباب بعده ان شاء الله. قال وقال ابن قتيبة يقولون هذا بشفاعة الهتنا هذا بشفاعة الهتنا يعني اذا حصلت لهم نعمة جائتهم امطار جاءهم مال نجحوا في تجارتهم اذا حصل لهم ذلك تذكروا انهم توجهوا للاولياء او توجهوا للانبياء او توجهوا للاصنام او للاوثان. تذكروا انهم قد توجهوا لهم تركوا لهم شيئا من العبادة. فقالوا الالهة شفعت لنا فلذلك جاءنا هذا الخير. فيتذكرون الهتهم وينسون وينسون ان المتفضل بذلك هو الله جل وعلا وان الله سبحانه لا يقبل شفاعة شركية من كتلك الشفاعات التي يذكرونها. قال وقال ابو العباس بعد حديث زيد ابن خالد وقد تقدم وهذا كثير في الكتاب والسنة يذم سبحانه من يضيف انعامه الى غيره ويشرك به. قال بعض السلف هو كقولهم كانت الريح طيبة والملاح حابقا ونحو ذلك مما هو جار على السنة كثير وهذا باب ينبغي الاهتمام به وتنبيه الناس عليه بان نعم الله علينا في هذه البلاد. بل نعم الله على اهل الايمان في كل مكان كثيرة لا حصر لها. ولهذا الواجب ان تنسب النعم الى الله جل وعلا وان يذكر بها وان يشكر. لان من درجات شكر النعمة ان تضاف الى من اسداها. هذي اول الدرجات. واما بنعمة ربك فحجج. اول درجات بالنعمة ان تقول هذا من فضل الله. هذه نعمة الله. فاذا التفت القلب الى مخلوق فانه يكون قد اشرك هذا النوع من الشرك المنافي لكمال التوحيد. نعم