والان مع الدرس الثامن بعد المئة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد روى الامام ما لك رحمه الله الله عن سميعن ابي صالح عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب وذلك ان المسافر بانتقاله وذهابه من موطن الى موطن يحتاج الى نقل حوائجه ويتغير عليه مسكنه وملبسه ومنامه. فحينئذ كان السفر قطعة من العذاب. وفسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال يمنع احدكم نومه وطعامه وشرابه. ولذلك وصى النبي صلى الله عليه وسلم المسافر دعي الى اهله متى انتهت حاجته من ذلك السفر؟ قال فاذا قضى احدكم نهمته اي حاجته من وجهه فليعجل الى اهله اي فليسرع بالرجوع اليهم. ثم قال صلى الله عليه ثم قال ثم روى المؤلف عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل الا ما يطيق. ففي هذا الامر بالرفق بالمماليك الذين يملكهم الانسان. ويلحق بهؤلاء الاجراء الذين يستأجرهم الانسان. ثم قال بلغني عن عمر انه كان يذهب الى العوالي كل يوم سبت. فاذا عبدا قد كلف في عمل لا يطيقه وضع عنه منه. ثم روى عن من عمه ابي سهيل عن ابيه انه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب ويقول لا تكلف الامة غير ذات صنعت الكسب اي لا تطلب منها ان تعمل وترد لكم بعض المال فانكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها فادى ذلك الى فساد في الناس. ولا تكلف الصغير الكسب وهو عاجز عن آآ ان يؤدي صنعة. فانه اذا الم يجد سرق وعفوا اذا عفكم الله وعليكم من المطاعم بما طاب منها عفوا اي تنزهوا واستغنوا عن تكليف الاماء والصبيان. اذ اعفكم الله اي اغناكم الله عز وجل. وعليكم من مطاعم بما طاب منها اي بما كان طيبا قد احله الله عز وجل. قال باب ما جاء في المملوك وهبته وعن نافع عن ابن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا نصح العبد لسيده واحسن عبادة الله فله اجره مرتين. قال وبلغني ان امة كانت لابن عمر رآها عمر وقد تهيأت بهيئة الحرائر. لبست لباس حرائر فدخل على ابنته حفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال الم ارى جارية اخيك تجوس الناس اي اي تختلف وتزور الاخرين وقد تهيأت بهيئة الحرائر اي تمثلت بذلك وانكر ذلك عمر قال المؤلف كتاب البيعة. المراد بالبيعة العهد والميثاق. الذي يعقده الانسان على نفسه تجاه غيره والاصل ان البيعة لا تكون الا لصاحب الولاية والسلطان ولا تكون لغيرهم ثم روى عن ابن عمر قال كنا اذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة اي السمع والطاعة لولاة وفيما يأمرون به يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما استطعتم مما يدل على ان السمع والطاعة لصاحب الولاية واجب شرعي ثم روى عن اميمة قالت اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الاسلام. فقلنا يا رسول الله نبايعك على الا نشرك بالله شيئا. ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل اولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين ايدينا وارجلنا اي من قبل انفسنا. ولا نعصيك فيما معروف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترطن لانفسكن فيما استطعتن واطقتن لان ما لا طاق قتل العبد فيه فانه ينبغي به ان يستثنيه من العهود التي يعقدها مع غيره. قالت فقلن الله رسوله ارحم بنا من انفسنا. فنحن لم نشترط هذا الشرط ومع ذلك ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. هلم نبايعك يا رسول الله ارادوا ان يصافحوه في المبايعة كما كان الرجال يفعل. فقال صلى الله عليه وسلم اني لا اصافح النساء فاخذ منه ان الرجل الاجنبي لا يجوز له ان يمس امرأة اجنبية لا بمصافحة ولا غيرها. قال اني لا اصافح نساء انما قولي لمئة امرأة كقولي لامرأة واحدة او مثل قولي لامرأة واحدة. ثم روى ان ابن عمر كتب الى عبدالملك بن مروان لما بويع له بالخلافة. كتب اليه يبايعه. فيه ان البيعة قد تكون بالمكاتبة وقد تكون بالمشافهة والمصافحة. قال فكتب ابن عمر الى عبدالملك بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد الى عبد الله عبد الملك امير المؤمنين سلام عليك فاني احمد الله اليك فاني احمد اليك الله الذي لا اله الا هو واقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت ففي هذا بيان الالفاظ الشرعية فيما يتعلق بالبيعة. ثم ذكر المؤلف كتابا يتكلم فيه عن انواع الكلام المذموم ومن اجل ان ينقي الانسان كلامه ليكون على وفق ما جاء عن الله عز وجل فقال باب ما يكره من الكلام. وروى عن ابن عمران ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال لاخيه يا كافر فقد باء بها احدهما فيه تحريم تكفير الاخرين. خصوصا ان بعض الناس قد يكون عنده شبهات على ما هو عليه من الاعمال المخالفة للشرع. وبالتالي فان تكفيرهم من الامور المذمومة شرعا وقوله فقد باء بها احدهما اي ان اثم التكفير يرجع الى احدهما. وان قائل بالتكفير لا يسلم من الاثم وليس المراد به تكفير من يكفر الناس. ثم روى عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال اذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو اهلكهم اي اكثرهم هلاكا. وفي بعض الروايات فهو اهلكهم يعني كان سببا في هلاكهم. وفي هذا دلالة على ان الانسان لا ينبغي به ان يصف المنكرات بالانتشار. او ان يذكر عن الاخرين اقدامهم على المعاصي. بل ينبغي به ان يشيع حديث الخير. وان يشيع في الناس الكلام عن الطاعات من من اجل ان يسهل فعلها على الناس. ثم روى عن ابي هريرة قال لا يقل احدكم يا خيبة الدهر فان الله هو الدار. لما كان الله هو الذي يقلب احوال الناس في الدنيا وهو المتصرف في الكون كان هو جل وعلا مالك الدهر والمتصرف فيه ولذلك منع من القدح في الدهر لان القدح في الشيء قدح في صانعه. ثم روى عن احيانا عيسى ابن مريم لقي خنزيرا بالطريق. فقال للخنزير انفذ بسلام. فقيل له تقول هذا لخنزير كيف تكلم هذا الحيوان؟ فقال عيسى اني اخاف ان اعود لساني النطق بالسوء. ولذلك تكلمت معه بالكلام الحسن وانفذ ايمضي واذهب بسلام اي بسلامة مني فلا اوذيك. قال المؤلف باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام المؤمن يحسن به الا يتكلم الا بالكلام الطيب. كما قال تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن. وقال وقولوا للناس تنام ثم روى عن محمد ابن عمر ابن علقمة عن ابيه عن بلال ابن الحارث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله اي من الكلام الذي يرظى عنه رب العزة والجلال. ففيه اثبات صفة الرضا ضال الله. قال ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن ان تبلغ ما بلغت. يكتب الله له بها رضوانه الى يوم يلقاه. وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه الى يوم القيامة. ولذلك على العبد المؤمن ان يحذر من لسانه فلا يتكلم بالكلمة حتى يراه. هل هي مما يرضي الله او مما يسخطه؟ فان العبد قد يتكلم بالكلمة من سخط الله فتكون من من اسباب جلب المعاصي والسيئات اليه حتى يسخط الله عنه. وروى المؤلف عن ابي هريرة قال ان الرجل بالكلمة ما يلقي لها بالا. اي يظنها سهلة يسيرة لا يتفكر في عواقبها. ان الرجل ليتكلم بالكلمة قيمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم. وان الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة. ثم قال المؤلف باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله. يحسن بالعبد المؤمن ان يكثر من ذكر الله. لا يكتفي بالذكر حتى حتى يكثر منه. ولذا الله عز وجل بالاكثار من ذكره. ومدح من كان كذلك. فقال والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. وروى عن ابن عمر قال قدم رجلان من المشرق فخطبا اي تكلم بخطبة فعجب الناس لبيانهما وقدرتهما على الكلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من البيان او قال ان بعض البيان لسحر. ثم قال بلغني عن عيسى انه كان يقول لا تكثروا الكلام وبغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم. قوله هناك ان ان بعض البيان لسحرا. السحر هو الشيء المؤثر في النفوس بدون ان يعرف ما سببه وكيف تأثيره؟ ولذا سمى الكلام البليغ بهذا اسم قال بلغني عن عيسى انه قال لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فان القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم ارباب. لا تنظر الى المعاصي التي عليها التي يقدم عليها غيركم. وانظروا في ذنوبكم في ذنوب انفسكم كأنكم عبيد. فانما الناس مبتلى ومعافى فارحموا اهل البلاء واحمدوا الله على العافية. في ان العبد لا ينبغي به ان يركز النظر على ما عند الاخرين ان من الذنوب والمعائب والامور غير المستحسنة. وينبغي به ان يشتغل بعيب نفسه عن عيب غيره. ثم مقال بلغني عن عائشة انها كانت ترسل الى بعض اهلها بعد العتمة يعني بعد صلاة العشاء الا تريحون الكتاب يعني الا تسكتون من اجل ان يرتاح منكم الملائكة الذين يكتبون اعمالكم. قال باب ما جاء في الغيبة. المراد بالغيبة ذكر معايب الاخرين التي لا يرضون بها حال غيابهم. فتقول فلان فيه الذنب الفلاني. فلان فيه النقص الفلاني. ثم روى عن الوليد بن صياد ان المطلب اخبره ان ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة؟ الغيبة قد نهى الله عنها في قوله ولا يغتب بعضكم بعضا ومن ثم احتاج الصحابة للسؤال عن حقيقتها من اجل ان يجتنبوها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ان تذكر الغيبة ان تذكر من المرء ما يكره ان يسمع. فقال يا رسول الله وان كان كان يعني ذكرت اذا ذكرت العيوب التي فيه وكانت حقا فيه. فقال صلى الله عليه وسلم هذه هي الغيبة. اما اذا قلت باطل كاذبة فذلك البهتان وهو ذنب اخر اعظم اثمان. ثم قال باب ما جاء فيما يخاف من اللسان هذا اللسان يريد الانسان المهالك ولذلك على الانسان ان يحذر منه. وروى عن عطاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقاه الله شر اثنين ولجى الجنة اي دخلها. فقال رجل يا رسول الله لا تخبرنا فسكت رسول الله صلى الله الله عليه وسلم كان هذا الرجل اراد الا يخبر الناس بالامر العظيم الذي يكون سببا من اسباب دخول جنة ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل مقالته الاولى من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة. فقال الرجل لا تخبرنا يا رسول الله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثالثا فقال الرجل لا تخبرنا ثم قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الاولى فتكلم رجل اخر واسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقاه الله شر اثنين ولجى الجنة ما بين لحييه اللحيان هم العظمان اللذان يكونان في جانبي الفم. والمراد بذلك اللسان لانه يكون بين هذين يومين وما بين رجليه المراد بذلك الفرج ما بين لحييه وما بين رجليه وكررها ثلاثا ثم روى ان عمر دخل على ابي بكر الصديق وهو يجذب لسانه فقال له عمر ما غفر الله لك؟ كيف تفعل هذا الفعل فقال ابو بكر ان هذا يريد لسان نفسه يوردني المهالك. وقوله يجبذ لسانه اي يسحبه وقولهما اي كيف تقدم على هذا الفعل؟ قال المؤلف باب ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد. اي هل يحق لاثنين اي هل يحق لي ثلاثة؟ اي هل يحق لاثنين اذا اجتمعوا وكانوا ثلاثة ان كلم اثنان بحديث سري بينهما دون ان يسمع ذلك الثالث. قال قال ابن دين دينار كنت انا وعبدالله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق. فجاء رجل يريد ان يناجي ابن عمر يكلمه بحديث سري وليس مع ابن عمر احد غيري وغير الرجل الذي يريد ان يناجيه. فدعا عبد الله ابن عمر رجلا رابعا حتى كنا اربعة فقال لي وللرجل الذي دعاه استأخر ابعدا عنا قليلا. فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتناجى اثنان دون واحد وما ذاك الا لمراعاة نفسيات الناس فانه اذا تناجى اثنان بحديث سري دون الثالث فان ذلك سيحزن الثالث وقد تسوء به الظنون فيظن انهم يتكلمون فيه. وروى ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد. ومما جاءت به الشريعة في هذا الباب رغبت في الصدق وهو ان يكون كلام الانسان موافقا للواقع غير مخالف له. ونهت عن الكذب روى عن صفوان ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اكذب امرأتي يا رسول الله اي اتحدث بحديث كذب مع امرأتي من اجل من اجل ان ازيل ما في نفسها وما قد يكون من شقاق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير في الكذب فقال يا رسول الله اعدها واقول لها اي اقدم لها حديثا فيه المواعيد وقد لا اتمكن من الوفاء ذلك الموعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جناح عليك. قال مالك بلغني عن ابن مسعود انه كان عليكم بالصدق فان الصدق يهدي الى البر اي يوصل اليه. والبر آآ الاعمال الصالحة فالصدق سبب من اسباب توفيق الله للعبد ليعمل الاعمال الخيرة. والبر يهدي الى الجنة. واياكم الكذب فان الكذب يهدي الى الفجور. والمراد بالفجور ميل الانسان عن الاستقامة والطاعة والفجور يهدي الى النار. الا ترى انه يقال صدق وبرأ وكذلك يقال كذب وفجر. قال مالك بلغني انه قيل للقمان الحكيم لقمان الحكيم ما بلغ بك ما نرى. اي ما السبب الذي جعلك من اهل الحكمة يريدون الفضل والمكانة فقال لقمان السبب هو صدق الحديث واداء الامانة وترك ما لا يعنيني كان ابن مسعود يقول لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله في كتب عند الله من الكاذبين. وروى عن صفوان قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ايكون المؤمن جبانا؟ اي غير شجاع فقال نعم. فقيل له ايكون المؤمن بخيلا؟ اي غير سخي ولا كريم؟ فقال نعم. فقيل له ايكون المؤمن كذابا فقال لا. اسأل الله جل وعلا ان يعصم السنتنا جميعا من الكذب وسائر المعاصي والذنوب كما اسأله جل وعلا ان يوفقنا للصدق وحسن الحديث هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا