قال والصواب ان هذا الموطن ليس من انساك الحج وانما جلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم لانه ايسر له. ولذلك فانه لا حب للانسان ان يتقرب لله ببقائه في هذا الموطن والان مع الدرس الثالث والثلاثين. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد قال الامام مالك رحمه الله تعالى باب افراد الحج ثم روى عن ابي الاسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة ابن الزبير عن خالته عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع وهذا في السنة العاشرة سمي حجة الوداع لان النبي صلى الله عليه وسلم ودع اصحابه وودع الحجاج وقال لعلي القاكم بعد عامي هذا قال فمنا من اهل بعمرة اي انه متمتع فلبى بعمرة من اجل ان يحج من اجل ان يعتمر اذا فرغ من عمرته تحلل. قال ومنا من اهل بحجة وعمرة اي كان قارنا. ومنا من اهل بالحج وحده اي كان مفردا. وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج؟ فاستدل الامام ما لك بهذه على ان على ان النبي صلى الله عليه وسلم قد حج مفردا. والجمهور يرون ان النبي صلى الله عليه وسلم حج قال ارنا ويستدلون على ذلك بما ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انه اتاني ات فقال صلي في هذا الوادي المبارك وقل حج وقل عمرة في حجة قال فاما من اهل بعمرة وهو المتمتع فحل يعني بعد ان طاف وسعى فانه يتحلل. واما من اهل وهو المفرد او جمع الحج والعمرة وهو القارن. فلم يحلوا حتى كان يوم النحر. اي بقوا على احرامهم حتى جاء يوم النحر فرموا اه وحلقوا ثم طافوا فتحللوا بذلك التحلل الاكبر. ثم روى عن عبدالرحمن بن القاسم عن ابيه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج. وهذا من الامام ما لك على ان النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا ثم روى عن ابي الاسود محمد بن عبدالرحمن عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه سلم افرد الحج قال مالك سمعت اهل العلم يقولون من اهل بحج مفرد ثم بدا له ان يهل بعده بعمرة فليس له وذلك يرى الامام مالك ان من لبى بحج مفرد فانه لا يجوز له ان يقلب نسكه من الافراد الى القران. لان الافراد عنده اعلى وارفع من القران. ولذلك يمنعه من القران وعلى ذلك ايضا فان الامام مالكا رحمه الله لا يجيز للمفرد ان يقلب نسكه من الافراد الى التمتع وبذلك قال الجمهور وفي مذهب الامام احمد انه يجوز ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه الذين حجوا قارنين او مفردين ولم يكونوا قد ساقوا الهدي ان يقلبوا نسكهم من الافراد والقران الى التمتع في احاديث كثيرة اه متعددة تثبت هذا الامر. وقد ذهب ابن عباس وطائفة من الظاهرية الى الى وجوب ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قد امر اصحابه بهذا والاظهر ان الوجوب خاص بالصحابة لانهم في الجاهلية كانوا يعتقدون المنع منه. فلما جاء الاسلام اجاز فامر الصحابة لنفي ذلك الاعتقاد الباطل. ولذا جاء في صحيح مسلم من حديث ابي ذر كان اذا كانت تلك خاصة بنا اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف باب القران في الحج المراد به الجمع بين العمرة والحج في نسك واحد. ثم روى عن جعفر بن محمد عن ابيه جعفر ابن محمد الصادق عن ابيه محمد الباقر ان المقداد ابن الاسود دخل على علي ابن ابي طالب رضي الله عنه بالسقيا وهي في طريق مكة وهو ينجح كرات له دقيقا وخبطا. اي انه يسقي بكرات له نوع من انواع الابل دقيقا وخبطا. الدقيق اه الطحين المعروف والخبط نوع من انواع اوراق الاشجار يوضع مع الدقيق فيكون له مطعم حسن تستطعمه هو الدواب فقال المقداد هذا عثمان بن عفان ينهى ان يقرن بين الحج والعمرة. كان يأمر بالافراد من اجل ان يؤتى بالحج في سفره والعمرة في سفرة فخرج علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعلى يديه اثر الدقيق والخبط فلما انسي اثر الدقيق والخبط على ذراعيه دخل على عثمان فقال انت تنهى ان يقرن بين الحج والعمرة؟ فقال عثمان ذلك رأيي. فخرج علي رضي الله عنه مغضبا وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم اجاز للناس التمتع بان يأتوا بعمرة ثم يتحلل ثم يأتوا بالحج في نفس السفرة فلذلك لبى علي رضي الله عنه فيقول لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا. يريد بذلك ان يبتدي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم قال الامام مالك الامر عندنا ان من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئا. يعني يبقى على احرامه. فعندما يقدم الى مكة يطوف طوافا القدوم ثم يسعى سعي الحج ويبقى على احرامه حتى اذا جاء يوم التروية ذهب الى منى وهو على احرامه. قال ولم يحلل من شيء يعني من محظورات الاحرام حتى ينحر هديا ان كان معه ويحل بمنى يوم النحر. ثم روى عن محمد بن عبدالرحمن عن سليمان ابن يسار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج الى الحج قال فمن اصحابه من اهل بحج يعني مفردا. ومنهم من جمع الحج والعمرة يعني انه قارن. ومنهم من اهل بعمرة فقط هذا هو المتمتع. فاما من اهل بحج او جمع من اهل بحج وهو المفرد او جمع الحج والعمرة وهو القارن فلم يحلل اي بقي على احرامه. حتى اه ابي الى عرفة. واما من كان هل بعمرة وهم المتمتعون فحلوا بعد طوافهم وسعيهم. فالقارن والمفرد عندما يقدمون يطوفون طواف القدوم المستحب عند الجمهور. وبعض اهل العلم يقول بوجوبه ثم يطوفون طواف الحج الواجه ثم يسعون سعي الحج الواجب ثم بعد ذلك يبقون على احرامهم حتى يذهبوا الى عرفة. واما المتمتع فانه يطوف ويسعى للعمرة ثم يتحلل ويبقى حلالا حتى يأتي يوم التروية فيحرم ويذهب الى منى قال مالك سمعت بعض اهل العلم يقولون من اهل بعمرة وهذا هو المتمتع ثم بدا له ان يهل بالحج معها اي ان يقلب نسكه من الافراد الى القران فذلك له ما لم يطوف بالبيت والامام مالك يخالفهم لانه يرى ان الافراد افضل. قال ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة. وقد صنع ذلك ابن عمر حين قال ان صددت عن البيت اي لم نمكن من الطواف بعد ان اهلينا النسك. صنعنا كما صنع الله صلى الله عليه وسلم ويقصد بذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية عندما آآ اهل بعمرة فمنع منه فنحر هديه وتحلل صلى الله عليه وسلم. ثم التفت الى اصحابه فقال ما امرهما؟ اي الحج والعمرة الا واحد فاذا كانت العمرة يجوز التحلل منها عندما يصد الانسان عن البيت بعد ذبح النسك فهكذا الحج يكون مماثلا له قال اشهدكم اني اوجبت الحج مع العمرة اي انه ظاهر هذا انه قرن بينهما فكان كان معتمرا في اول امره ثم بعد ذلك نوى القران. قال مالك وقد اهل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع بالعمرة اي كانوا متمتعين ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم ان يكون قارنا ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا ولا اظهر ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان منهم المفرد وكان منهم القارن وقد امرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقلب النسك من الافراد والقران الى التمتع اذا لم يكن معهم هدي. اما من كان معه الهدي فانه يبقى على احرامه حتى يكون يوم النحر قال المؤلف باب قطع التلبية اذا دخل الانسان في النسك في الميقات شرع له ان يكثر من التلبية في خصوصا عند تغير احواله. ويستمر على التلبية ما دام محرما. ما هو الامد الذي يقطع المحرم به تلبيته؟ هذا المراد بهذا الباب ثم روى المؤلف عن محمد ابن ابي بكر الثقفي انه سأل انس بن مالك وهما غاديان من منى الى عرفة هذا في اي يوم في اليوم التاسع في يوم عرفة قال كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم؟ يعني في يوم عرفة حين انتقالكم من منى الى عرفة. كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع الله صلى الله عليه وسلم فقال انس كان يهل المهل منا ان يلبي فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه. لان هذه الايام من ايام العشر عشر ذي الحجة. وعشر ذي الحجة يستحب للناس ان يكثروا فيها التكبير. اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يلبي ولم ينتقل الى التكبير الا بعد ان رمى جمرة العقبة في يوم العيد ثم روى عن جعفر بن محمد عن ابيه ان علي ابن ابي طالب كان يلبي بالحج حتى اذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية هذا الاثر منقطع الاسناد لان محمد بن علي لم يدرك جده اه علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قال فيحيى قال مالك وذلك الامر الذي لم يزل عليه اهل العلم عندنا او قال ببلدنا فكأنه يرى ان انتقال من التلبية الى التكبير يكون في يوم عرفة وبالنسبة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم انه استمر بالتلبية حتى رمى جمرة العقبة. ثم روى الامام ما لك عن ابن القاسم عن ابيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه انها كانت تترك التلبية اذا رجعت الى الموقف لعله يريد بذلك موقف عرفة ثم روى عن نافع ان ابن عمر كان يقطع التلبية في الحج اذا انتهى الى الحرم اي اذا ابتدأ بطواف القدوم فانه يتوقف ابن عمر عن التلبية. حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة. ثم يعود الى التلبية مرة اخرى ويستمر حتى يغدو من منى الى عرفة. فاذا غدا ترك التلبية وكان يترك التلبية في العمرة اذا دخل اذا دخل الحرم وطائفة تقول بانه في العمرة لا يترك التلبية الا اذا شرع في الطواف. ولعله اظهر القولين في هذا ثم قال مالك عن ابن شهاب انه كان يقول كان ابن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت ثم روى عن علقمة ابن ابي علقمة عن امه عن عائشة انها كانت تنزل من عرفة بنمرة ثم تحولت الى الاراك نمرة قبل عرفة اقرب الى مزدلفة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حجته لما ذهب من منى في صباح يوم عرفة جلس في نمرة حتى زالت الشمس قالت وكان يعني ام علقمة وكانت عائشة تهل ما كانت في منزلها اي تكثر من التلبية ومن كان معها كذلك فاذا ركبت فتوجهت الى الموقف تركت الاهلال قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة اي انها تأتي بعمرة من مكة واكثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم معه وبعده كانوا لا يأتون بالعمرة المكية. ويقولون بان الطواف وبالبيت اكثر اجرا وثوابا من العمرة المكية. فكانوا يقتصرون على الطواف. قال ثمان عائشة تركت ذلك فلم تعد تأتي بالعمرة المكية فكانت تخرج قبل هلال المحرم قبل بداية شهر محرم حتى تأتي الى الميقات الى الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فاذا رأت هلال جاءت بعمرة لتكون عمرتها من الميقات. ثم روى المؤلف عن يحيى ابن سعيد ان عمر ابن عبد العزيز غدا يوم وعرفة من منى فسمع التكبير عاليا فبعث الحرس يصيح يصيحون في الناس ايها الناس انها التلبية اي ان فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو التلبية. وقد قدم معنا ان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم كان منهم الملبي ومنهم المكبر فلم ينكر بعضهم على بعض وان فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو التلبية قال المؤلف باب اهلال اهل مكة ومن بها من غيرهم اذا اراد اهل مكة الحج والعمرة من اين يهلون؟ ومن اين يحرمون اما بالنسبة للحج فانهم يحرمون من مكة. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى اهل مكة يهلوا هنا منها ولان لان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم التروية اهلوا من مكة. ولم يخرجوا الى ادنى الحل واما بالنسبة للعمرة فان جمهور اهل العلم قالوا بان اهل مكة اذا ارادوا العمرة فانهم يخرجون الى ادنى الحل لان النبي صلى الله عليه وسلم امر عائشة لما رغبت في العمرة وهي في مكة ان تهل من ادنى الحل وخلافا لبعض الظاهرية. ثم روى المؤلف عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه ان عمر قال يا اهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وانتم مدهنون. اي ان الناس لا يكون عليهم شيء من اه اثار الترفه انما يكون عليهم اثر الشعث في شعورهم. وانتم مدهنون اي تجعلون الدهن على رؤوسكم. وتسرحون رؤوسكم قبل ان تحرموا اهلوا اذا رأيتم الهلال. فعمر كان يرى اه ويرغب الصحابة في ان يهلوا بالحج من بداية شهر ذي الحجة اما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وامره فانه انما امر اصحابه ان يهلوا بالحج في يوم التروية. والسنة مقدمة في بهذا ثم روى عن هشام ابن عروة ان عبد الله ابن الزبير اقام بمكة تسع سنين وهو يهل بالحج لهلال ذي الحجة يعني يهل بالحج ويحرم بالحج من بداية شهر ذي الحجة. وقد تقدم معنا ان ابن عمر رضي الله عنهما كان يهل لا يهل الا في يوم التروية. وينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكان عروة ابن الزبير يفعل مثل اخيه عبد الله لا يهل بالحج لهلال ذي الحجة قال مالك وانما يهل اهل مكة وغيرهم بالحج اذا كانوا بها ومن كان مقيما بمكة من غير اهلها من جوف فانه يحرم من جوف مكة. ولا يحتاج ان يخرج من الحرم قال مالك ومن اهل من مكة بالحج فحينئذ لا يجوز له ان يطوف قبل يوم عرفة لا طواف قدوم ولا طواف افاضة وانما يؤخره بعد قدومه من عرفة قال من اهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى. وكذلك صنع ابن عمر وسئل ما لك عمن اهل بالحج من اهل المدينة او غيرهم من مكة. لهلال ذي الحجة. يعني لبداية الشهر. ماذا يفعل بالطواف؟ كيف يصنع بالطواف. قال اما الطواف الواجب وهو طواف الافاضة الذي يكون في يوم العيد فليؤخره وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة اما اذا طاف قبل ذلك فهذا الطواف يكون طوافا مستحبا. وليس نسكا من انساك الحج. ومن ثم لا يسعى معه بين الصفا والمروة قال اما الطواف الواجب فليؤخره وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة. وليطف ما بدا له. اي اذا اراد ان يتطوع وليصلي ركعتين كلما طاف سبعا. وقد فعل ذلك اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اهلوا بالحج فانهم اخروا الطواف بالبيت واخروا السعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى ولم يسعوا ولم يطوفوا قبل يوم التروية وفعل ذلك ابن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى وسئل ما لك عن رجل من اهل مكة اذا اراد العمرة هل يهل من جوف مكة بعمرة؟ فقال بل يخرج الى الحل فيحرم منه كما امر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة ان تحرم من الحل. والاصل في الاوامر ان تكون للوجوب قال المؤلف باب ما لا يوجب الاحرام من تقليد الهدي اي ما هو انواع انواع النسك التي يجب فيها الهدي؟ وما هي انواع النسك التي لا يجب معها الهدي مفرد لا يجب عليه هدي. والقارن والمتمتع يجب عليهما الهدي واما بالنسبة لتقليد الهدي فالمراد به ان يضع على هديه من بقر او ابل او غنم ايضا يربط فيه نعلين ليعرف من شاهدهما ان هذه البهيمة قد اهديت فلا يتعرض لها. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين