ولم يكن القصاص والدية الا فيما تثبت فيه البينة. لقتل الناس بعضهم بعضا خفية. ولو عمل فيها كما يعمل في الحقوق لهلكت الدماء واجترى الناس عليها اذا عرفوا القضاء فيها ولكن ان والان مع الدرس الثالث والتسعين. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد فلا يزال الحديث متصلا في شرح كتاب الموطأ للامام مالك. ولقاؤنا هذا هو اخر لقاء نتحدث فيه عن القسامة. والمراد بالقسامة ان يوجد شخص قتيلا. ولا يعرف من هو قاتله فيكون بينه وبين غيره لوث او عداوة ظاهرة او يتهمه بقتله. ففي هذه الحالة نثبت القسامة. ولو لم يوجد شهود يشهدون بكون ذلك الشخص قاتلا لذلك المقتول. فنطالب اولياء الدم بان يحلفوا خمسين يمينا ان ذلك الشخص هو القاتل لقريبهم. ففي هذه في الحال نثبت القسامة. فنشاهد بهذا ان القسامة اخذنا فيها بايمان المدعين. بخلاف قاعدة العامة في الشريعة وهي ان الايمان انما تكون من المدعى عليه. قال الامام مالك في بيان السبب في هذا انما فرق بين القسامة في الدم والايمان في الحقوق ان الرجل اذا داين الرجل استثبت عليه في حقه يمكنه ان يقيم البينة عليه. وان يأتي بالشهود وبالكتابة ليشهدوا ليثبت حقه على على من عليه الحق. اما الرجل اذا اراد قتل رجل اخر فانه لا يمكن اثبات ذلك. ولم يقتله في جماعة من الناس وانما يلتمس خلوته ووجوده وحده. قال فلو لم تكن القسامة الا لو ما جعلت القسامة انما جعلت الايمان في القسامة الى اولياء المقتول فيبدأون بها ليكف الناس عن الدم واللي يحذر القاتل ان يؤخذ اه في مثل ذلك بقول المقتول. هنا مسألة قال مالك القوم يكون لهم العدد. يتهمون بالدم فيرد ولاة الايمان عليهم لم يحلفوهم وهم نفر لهم عدد. حينئذ يقول يحلف كل انسان منهم على نفسه خمسين يمينا بانه ليس بقاتل ولا تقطع الايمان عليهم بقدر عددهم. يعني لا نوزع الايمان. في اولياء الدم نوزع الخمسين على اولياء الدم. لكن في المتهمين بالقتل كل واحد منهم يطالبه بخمسين يمينا مستقلا عن غيره. قال ما لك وهذا احسن ما سمعت في ذلك. قال والقسامة تصير الى عصبة المقتول. وهم حمولات الدم الذين يقسمون عليه. يعني من هم اولياء الدم؟ قال العصبة الذين وهي خاصة بالرجال بالغين الذين يمكن ان يرثوا على جهة التعصيب. قال الامام ما لك الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا انه لا يحلف في القسامة في العمد احد من النساء. ولو قدر ان المقتول ليس له اولياء الا النساء فحينئذ نقول النساء لا مدخل لهن في قتل العمد قسامة ولا عفو. قد تقدم معنا ذكر الخلاف في بعفو المرأة من من ورثة القتيل. وتقدم ان الجمهور يرون جواز عفو المرأة خلافا للامام قال مالك في الرجل يقتل عمدا انه اذا قام عصبة المقتول او مواليه فقالوا نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فانه فانهم يمكنون من ذلك. اما اذا اراد النساء ان يعفون عن القاتل فليس ذلك لهن. انما الامر للعصبة والموالي. العصبة والموالي اولى من بذلك لان العصبة والموالي هم الذين يستحقون الدم ويحلفون عليه. قال مالك ان عفت العصبة او الموالي بعد ان استحقوا الدم. يعني عندنا قاتل قامت البينة عليه فحينئذ العصبة يستحق قوة دم فقال العصبة نريد القصاص منه وقال النساء لا ندع آآ قال نعفو عن القاتل. وقال النساء لا نعفو عنه ونريد القصاص منه. فحين اذ قال ما لك فهن احق اولى بذلك لان من اخذ القوداء احق لان اخذ القود احق من تركه سواء من او العصبة اذا ثبت الدم ووجب القتل. وتقدم معنا ان الجمهور يرون انه اذا عفا احد اولياء الدم سقط القصاص بذلك. قال مالك لا يقسم في قتل العمد في القسامة من المدعين الا اثنان فصاعدا. لو قدر انه وليس هناك الا ولي واحد للدم فحينئذ لا نثبت القسامة. لابد ان يكون اولياء القسامة من اثنين فاكثر. فان كان اثنين فاننا نقسم الايمان عليهما يقسم كل واحد منهما خمسا وعشرين يمينا. قال مالك اذا ضرب جماعة نفر رجلا حتى مات تحت ايديهم فانه فانهم يقتلون به جميعا. فان هو ومات بعد ظربهم كان قسامة وان كانت قسامة لم تكن الا على رجل واحد. ان مات في اثناء الظرب قال مالك ويقتلون به جميعا. وان ماتوا في اه ان مات بعد الضرب قال لا يكون القتل الا قسامة ولا لا يكون الا على رجل واحد لا يقتل غيره. والجمهور على اثبات القصاص اه في الحالة على مجموعهم لان القتلى نتج من ذلك الظرب وسرى حتى سرى الظرب الى نفسه فاوجبنا القصاص على جميعهم. قال الامام مالك رحمه الله تعالى باب القسامة في قتل الخطأ القسامة قد تكون في قتل العمد فتوجب القصاص عند مالك وطائفة من اهل العلم تكون القسامة في قتل الخطأ فيثبت بها الدية. ومن الفوارق ان القسامة في العمد لا يحلف فيها الا الرجال القسامة في قتل الخطأ عند مالك يحلف فيها النساء. قال الامام ما لك القسامة في قتل الخطأ الذين يدعون الدم ويستحقونه بقسامتهم يحلفون خمسين يمينا يكون بحسب ميراثهم فاذا كان عند الميت مثلا آآ ابن وآآ ابن واب. فان الاب احلفوا بمقدار ميراثه وهو السدس ويحلف الابن بقية اه الايمان. قال فان كان في الايمان سور قسمت بينهم ونظرا في الذي يكون عليه اكثر تلك الايمان فنجبر العدد عليه قال مالك فان لم يكن للمقتول ورثة الا النساء فانهن يحلفن ويأخذن الدية. اما لو قدر ان ان الميت الذي آآ قتل خطأ ليس له الا ليس له وارث الا رجل واحد فان هذا الرجل الواحد يقسم خمسين يمينا لاستحقاق الدية. وهذا من الفروق بين قسامة الخطأ وقسامة العمد قسامة الخطأ لابد ان يحلف فيها اكثر من اثنين اكثر من واحد بخلاف قسامة الخطأ فقد يحلف فيها الواحد خمسين يمينا ويأخذ الدية. وانما يكون ذلك في قاتل الخطأ في قتل الخطأ ولا يكون في قتل العمد قال الامام مالك باب الميراث في القسامة. ثم قال اذا قبل ولاة الدم الدية. فهي موروثة على كتاب الله يرثها بنات الميت واخواته ومن يرثه من النساء اي ومن الرجال. فان كان النساء اه هن يستكملن جميع ميراثه. كمن مات عن بنت واخت. وعم. فالعم ليس له شيء من الميراث والميراث بين البنت والاخت. فحينئذ يكون الميراث لهما. وليس للعام شيء. واما اذا بقي شيء من تركته فانه يكون حينئذ لاولياء لاقرب رجل ذكر منه. كما قال فان لم يحرز النساء ميراثه كان ما بقي من من ديته لاولى الناس بميراثه من النساء من مات عن بنت وعم البنت لها النصف من ديته والعم له الباقي وهو النصف الاخر. قال مالك اذا قام بعظ ورثة المقتول الذي قتل خطأ يريد ان يأخذ من الدية بقدر حقه بقية اولياء الدم غائبون فحينئذ نقول لا تستحق لا تأخذ جميع الدية وانما يحق اه ولا تستحق من الدية شيئا قل او كثر. حتى تستكمل القسامة. فاحلف خمسين يمينا ثم ثم بعد ذلك لا تأخذ الا بمقدار ارثك منه. مات عن اربعة اولاد قتل آآ خطأ عن اربعة في اولاد وكان هناك لوث. فحينئذ حلفوا بايمان القسامة. فاحد ثلاثة من الابناء غائبون لا اعلم اين هم. والرابع قال اريد نصيبي من الدية. فنقول له لا تستحق نصيبك من الدية الا اذا حلفت خمسين امينا وذلك لان الدم لا يثبت الا بخمسين يمينا. فاذا حلف خمسين يمينا فاننا نعطيه ربع آآ اه ادي فاذا جاء بقية الابناء بعد ذلك فاذا جاء ابن ثان طلبنا منه ان يحلف آآ ثلاثة ارباع الخمسين يمينا. ثلاثة ارباع الخمسين يمينا. فاستحق نصيبه. فاذا جاء الثالث فاننا نطالبه ان يحلف نصف الخمسين بان يحلف خمسين يمينا فيستحق ربع الدية. فاذا جاء الرابع لم نطالبه الا بخمسة وعشرين يمينا. قال فان جاء بعد ذلك من الورث احد حلف من الخمسين يمينا بقدر ميراثه واخذ حقه. والقول الاخر بان الاول يحلف خمسين والثاني اذا جاء وحده لا يحلف الا ربع الايمان وهو بمقدار ثلاثة عشر يمينا. قال ان جاء اخ لام فله السدس وعليه من الخمسين يمينا السدس. فمن حلف استحق حقه من الدية. ومن نكل ورفض ان يحلف في القسامة فانه يبطل حقه. لو قدر ان بعض الورثة كان غائبا فحين اذ لا نعطي بقية الورثة نصيبه فاذا حظر طالبناه بقية الايمان او لو قدر ان بعظ الورثة كان صغيرا صبيا فحين اذ قل ننتظر بنصيبه وبايمانه حتى يبلغ. فنطالب الحاضرين بخمسين يمينا فيستحقون نصيبهم من ميراث فاذا بلغ الصبي طالبناه ايمان تقابل نصيبه من التركة ويحلف على قدر يحلف بعدد مقدار حقه من الدية. وبالتالي يستحق نصيبه من الدية. قال امام مالك هذا احسن ما سمعت. قال المؤلف باب القسامة في العبيد. المراد بالعبيد المماليك. والمماليك يباعون ويشترون في الزمان الاول. وبالتالي لا اذا جنى جان على المملوك فاننا لا بتودية وانما نثبت قيمة والقيمة آآ ليست دية وبالتالي لا يدخلها القسامة وانما صاحب الملك كما يثبت بقية الحقوق التي الحقوق المالية التي له. فنطالبه اما بان يأتي شاهدين او بشاهد وامرأتين او بشاهد ويمينه او بنكور المدعى عليه عند من يقول يقضى بالنكول ولا ترد اليمين. قال الامام ما لك الامر عندنا في العبيد انه اذا اصيب العبد او خطأ ثم جاء سيده بشاهد فحلف مع شاهده يمينا واحدة فحينئذ نثبت القيمة على الجاني ونطالب الجاني بان يدفع قيمة هذا المملوك المقتول كاملة. وحينئذ ليس في العبيد قسامة لا في العمد ولا في خطأ لان المملوك بمثابة السلعة المالية والبضاعة المالية والحق المالي فنثبت فيها الحقوق آآ ما نثبت به بقية الحقوق. قال ولم اسمع احدا من اهل العلم. قال ذلك. يعني اثبت القسامة في في المماليك. اما لو قدر ان العبد هو القاتل قتل حرا عمدا او خطأ. فحينئذ ليس على اذ العبد المقتول قسامة ولا يمين ولا يستحق ذلك سيده الا ببينة عادلة فان قتل العبد العبد هو المقتول الان عمدا او خطأ لم يكن على سيد العبد المقتول قسامة ولا يمين ولا يحق السيد قيمة هذا العبد الا ببينة عادلة او شاهد مع يمين السيد فيحلف مع شاهده. قال المؤلف رحمه الله في اواخر كتاب الموطأ كتاب الجامع. اراد ان اجمع المؤلف فيه موضوعات شتى يحتاج اليها المسلم ويستفيد منها في سائر حياته وذلك ان المسائل الماضية والابواب الماضية كانت اه احكاما تكليفية يحتاج الناس اليها من امر ونهي وعبادة ومعاملة واحكام جنايات لكن نحتاج الى بعض الاداب لتستقيموا بها احوال اه الناس وتنتظم بها امورهم وتصلح اه علاقاتهم فيما بينهم ولذلك عقد المؤلف هذا الكتاب كتاب الجامع ليجمع فيه شتات هذه المسائل من ميزة هذه الشريعة ان الاحكام فيها ليست متعلقة ليست خاصة بالقضاء بين الناس بل اداب آآ يتقرب الانسان بمراعاتها ويرجو فيها رضا رب العزة والجلال عنه. ومن امثلة في ذلك ما يتعلق باحسان الخلق ما يتعلق بالاحسان الى الاخرين فهذه امور قد جاءت بها الشريعة ورغبت فيها وتصلح بها احوال الناس فليست شريعة الله مماثلة للانظمة القانونية التي انما تحكم في قضايا الخلاف لا يكون لظمائر الناس تأثير في مثل هذه القظايا. ولذلك يحسن بالناس ان يعنوا بهذا الجانب المتعلق بربط الناس بالله عز وجل واصلاح احوالهم لتكون احوالهم على الامور واتمها. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين كما اسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يردهم الى دينه ردا حميدا. اللهم يا حي يا قيوم الف ذات بيننا واصلح شأننا كله هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين