والان مع الدرس الرابع والتسعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد في لقائنا هذا اليوم نبتدئ بشرح كتاب الجامع الذي اورده الامام ما لك في اواخر كتابه الموطأ. ابتدأ بباب الدعاء للمدينة واهلها. المراد بالمدينة المدينة النبوية التي بقرب مكة التي هاجر اليها النبي صلى الله عليه وسلم مويل الاسلام البلد الذي نصر اهله نبي الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت منه اشعة النور واشعة الهداية الى الناس اجمعين. فقلب الله به احوال الناس من ظلالة الى هدى ومن فقر الى غنى ومن احوال بئيسة الى احوال طيبة هنيئة. اورد فيه اسحاق بن عبدالله بن ابي طلحة عن انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لهم في وبارك لهم في صاعهم ومدهم. دعا النبي صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة ان يبارك لهم. والبركة توء في الشيء ان تحصل به الخير. ان تحصل به الخيرات. وان ينتفع به. وان يكون من اسباب سعادة الناس وهنائتهم واكتفائهم بامورهم. وقوله في مكيالهم ليس المراد به الالة التي يكال بها. وان ما المراد به الاطعمة والاصناف التي تكال في هذه المكاييل. ومثل هذا في قوله وبارك لهم في صاعهم ومدهم. واخذ طائفة من اهل العلم من هذا الحديث انه ينبغي ان يحرص الناس على معرفة مكاييل الاطعمة عند البيع والشراء. ليكون ذلك من اسباب البركة. وقوله يعني اهل هكذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة كما دعا ابراهيم عليه السلام لاهل مكة حينما قال وارزقهم من الثمرات. ثم روى المؤلف عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة انه قال كان الناس اذا رأوا او ولا الثمر جاؤوا به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الاستبشار باوائل النعم التي يقدرها الله عز وجل للعباد ومن ذلك ما يتعلق باول الثمرة. وفيه الاتيان بهذه الثمار لمن يرجى بركته ويرجى بدعائه حصول الخيرات. قال فاذا اخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في ثمرنا في استحباب ان يدعو لانسان بالبركة والخير لمن اهداه شيئا من امور الدنيا. قال اللهم بارك لنا في مارينا اللهم بمعنى يا الله بارك اي اجعل هذه الثمرة مباركة فيها الخير ويحصل بها سعادة الناس ويحصل بها هنائتهم في اغذيتهم. قال بارك لنا في في ثمرنا. الثمر الناتج الحاصل من الاشجار ومن ذلك ثمر التمر. قال وبارك لنا في مدينتنا. دعا بحصول البركة في المدينة قال وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا. ثم قال صلى الله عليه وسلم اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك يعني كما ان ابراهيم عليه السلام دعا لمكة فاني ادعو للمدينة قال اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك. واني عبدك ونبيك وانه دعاك لمكة واني ادعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه. ثم في هذا دلالة على استحباب ان ادعو لانسان للبلد الذي يكون فيه بالخير والنماء والدعاء لاهله بالسعادة وتوفر حوائجهم ونحو ذلك مما يقوم يقيم حياة الناس ويسعدهم. قال ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر. فيه اللطف بالاولاد الصغار. والاهتمام بهم ورعاية خواطرهم واعطاؤهم ما يتحفون به من الاشياء التي قد لا يجدونها في زمانهم واوقاتهم تهم. قال المؤلف باب ما جاء في سكن المدينة والخروج منها. النبي صلى الله عليه وسلم سكن المدينة ولما فتح البلدان ووزع الغنائم واعترظ بعظ اهل المدينة وبقي في نفوسهم شيء من ذهبوا وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اما ترظون ان يرجع الناس بالشاي والبعير وترجعون رسول الله صلى الله عليه وسلم تأوونه الى رحالكم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في تكنى المدينة. ولكن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ينتقلون من المدينة ليس من اجل الدنيا وانما من اجل الجهاد في سبيل الله. ومن اجل نشر العلم ومن اجل تربية الخلق واعادتهم لدين الله عز وجل ولذلك فالاولى بالانسان ان يسكن المدينة متى رأى ان ذلك يكون اقرب له الى الله واعون له على طاعة ربه جل وعلا. ثم روى المؤلف عن قطن ابن وهب ابن عمير ابن الاجدع ان نسى مولى الزبير بن العوام اخبره انه كان جالسا عند عبد الله ابن عمر في الفتنة. الفتنة الوقت الذي لا ايعلم فيه الحق المحق من المصيب هذا هو وقت الفتنة الذي يؤمر فيه بالاعتزال وينهى الناس عن الدخول فيها. قال لفاتته مولاة له تسلم عليه. فقالت اني اردت الخروج يا ابا عبدالرحمن. اي ان هذه المولات هي طاعة معتقة اعتقها ال عمر فجاءت الى ابن عمر تسلم عليه وليس في هذا السلام انها تتكشف وانما من عادة الاوائل ان يسلم ان يسلم من له بغيره علاقة حتى النساء يسلم لكن من وراء الحجاب. فقالت اني اردت الخروج يا ابا عبد الرحمن. اي ارادت السفر من المدينة؟ اشتد علينا كمان اي اصبحنا في فقر وحاجة وسنخرج من المدينة من اجل طلب الرزق والعيش. فقال لها عبدالله بن عمر اقعدي لوكاعك يعني اجلسي في المدينة ولا تسافري منها اقعدي لكاع فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما يقول لا يصبر على لأوايها وشدتها احد الا كنت له شفيعا او شهيدا يوم القيامة اللأواء هو اشد الشدة وحال احتياج الانسان لما به قوام نفسه. قوله لكنت له شفيعا اي اشفع له عند الله عز وجل يوم القيامة. او شهيدا اي اشهد له بالعمل الصالح انه صبر واحتسب وانه بقي في المدينة. ثم روى المؤلف عن محمد ابن المنكدر عن جابر ان اعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسلام فيه مشروعية المبايعة للائمة والولاة ولم يأتي في الشرع ان تكون لغير الامام وتكون لغير صاحب الولاية. واما اقامة البيعة لغير صاحب بالولاية فلم يرد هذا في شيء من النصوص الشرعية وليس له اصل فيها. قال بايع ان اعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام فاصاب الاعرابي وعك المدينة اي الامراظ التي تجتوي الناس في المدينة وذلك ان المدينة كانت موبوءة وفيها بعض الامراض التي تنتقل فيها بالعدوى فجاء الاعرابي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اقلني بيعتي. اي اريد ان ارجع في هذه البيعة واريد ان تقبل مني تنصل من اثار هذه البيعة. فابى رسول الله صلى الله عليه وسلم انها بيعة على الاسلام والاصل لزوم احكام الاسلام لمن التزم بها. ثم جاء الاعرابي مرة اخرى فقال بيعتي فابى النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال اقمني بيعتي فابى فخرج الاعرابي يعني من ولم يبق فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما المدينة كالكير. الكير هو هي او هو ما يخلص به الحديد من غيره من انواع الشوائب. قال انما المدينة كالكير تنفي خبثها اي تزيل يبعد الله منها الخبث. وينصع طيبها اي يكون ظاهرا واضحا بينا للناس وليس معنى هذا ان المدينة لا يوجد فيها اه اهل نفاق او اهل كفر او اهل فسوق فان المنافقين كانوا في المدينة ومع ذلك بقوا فيها. وانما المراد ان كثيرا ممن يرد الى ممن لا ممن لا يمتلئ قلبه بالايمان يرغب الانتقال عنها ولا يرغب البقاء في ثم روى عن يحيى بن سعيد انه قال سمعت ابا الحباب سعيد ابن يسار يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يقول امرت بقرية تأكل القرى اي انه تعظم تلك القرية حتى تدخل القرى الاخرى فيها يقولون يسرب هذا اسم المدينة في الجاهلية. فعدلها لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال وهي المدينة تنفي الناس كما كما ينفي الكير خبث الحديد. المراد بالناس هنا اهل الخبث واهل اه واهل الاعتقادات الفاسدة. ثم روى عن هشام ابن عروة عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج من المدينة رغبة عنها اي زهدا فيها وعدم محبة لها الا ابدلها الله خيرا منه وهذا حديث مرسل عروة ابن الزبير ليس من الصحابة. ثم روى عن هشام عن ابيه عن ابن الزبير عن سفيان ابن ابي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تفتح اليمن وقد وقع ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من علامات النبوة. قال تفتح اليمن فيأتي قوم يبثون فيتحملون باهليهم ومن اطاعهم. يعني ينتقلون الى اليمن من اجل طلب رغد العيش والرزق. قال والمدينة خير لهم لو كانوا خير لهم فان المدينة مباركة والمدينة فيها اسباب الايمان والطاعة. ثم قال وتفتح الشام فيأتي قوم يبوسون فيتحملون باهليهم ومن اطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا تعلمون ثم قال وتفتح العراق وهذا ايضا من علامات النبوة. فيأتي قوم يبثون فيتحملون ومن اطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. ثم روى المؤلف عن ابن حماس عن عمه عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتركن المدينة على احسن ما كانت عليه حتى يدخل الكلب فيغذي على بعظ آآ سواري المسجد او على المنبر. فقالوا يا رسول الله فلمن تكون ثمار ذلك الزمان. فقال للعوافي ما هي العوافي؟ قال الطير والسباع. ثم روى مالك قال بلغني ان عمر ابن عبد العزيز حين خرج من المدينة خرج عمر من المدينة سنة ثلاث وتسعين قال لان عمر حين خرج من المدينة التفت اليها فبكى ثم قال يا مزاحم وهو مرافقه اتخشى ان نكون ممن نفت المدينة لان المدينة تنفي لان المدينة تنفي خبثها كما قال صلى الله عليه وسلم والظاهر ان الامر ليس كذلك لان من خرجوا اخبار النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا برغبة منه وطلب منهم للعيش في البلدان الاخرى. واما عمر فكان هاويا لها راغبا في سكناها انه اخرج بغير ارادته. ثم قال باب ما جاء في تحريم المدينة. فالمدينة يحرم الصيد فيها. ولا يجوز للانسان ان يصيد فيها باتفاق اهل العلم. روى مالك عن عمرو مولى المطلب عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طلع له جبل احد فقال هذا جبل يحبنا ونحبه. اما محبة النبي صلى الله عليه وسلم لجبل احد فهو جبل بجوار ديار اهل الاسلام يحتمي به اهل الاسلام ويفعلون عليه بعض حوائجهم فاحبه صلى الله عليه وسلم وفي هذا دلالة على ان مواطن الطاعات ينبغي باهل الايمان ان يحبوها. وان محبتها قربة يتقرب بها الى الله عز وجل وقوله يحبنا اي ان جبل احد يحب النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولا يمتنع مثل هذا فان الله عز وجل قد اخبر ان كل شيء يسبح بحمد الله. فاذا اثبتنا التسبيح وذكرنا انه هو حقيقة فهكذا المحبة لا يمتنع ان نصف هذا الجبل بمثل ذلك. ثم قال صلى الله عليه وسلم اللهم ان ابراهيم حرم مكة اي منع من الصيد فيها وجعل الناس يبتعدون عن صيد انواع الحيوانات المصيدة فيها. ثم قال صلى الله عليه وسلم وانا احرم ما بين لابتيها. اي امنع الناس من الصيد في المدينة نعم ولابت المدينة مكانان عظيمان حول المدينة فيهما حجارة عظيمة سود قد قدر وقد قدر موطن حرم المدينة بانه بريد في بريد اي عشرين كيلا في عشرين كيلا ثم روى المؤلف عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب عن ابي هريرة انه كان يقول لو رأيت الظبى بالمدينة ترتع اي ترعى وتنتقل ما ذعرتها اي ما اخفتها. وذلك لانه يحرم الصيد في المدينة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام. وجمهور اهل العلم على ان من صاد في المدينة لم يجب عليه ان صاد في المدينة لم يجب عليه جزاء بخلاف مكة وورد عن بعض الصحابة وهو رواية عن احمد ان من صيدا في المدينة فاننا نأخذ متاعه ولكننا فاننا نأخذ متاعه ولكننا لا نغرمه مثل جزاء صيده ثم روى عن يونس بن يوسف عن عطاء ابن يسار عن ابي ايوب الانصاري انه وجد ايمانا قد الجأوا ثعلبا الى زاوية فطردهم عنها. وذلك احتراما لحرم المدينة. قال ما قال ما لك لا اعلم الا انه قال افي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا ثم روى مالك عن رجل قال دخل علي زيد ابن ثابت وانا بالاسواف مكان بمكان في المدينة قد اصطدت نهساء اي نوعا من انواع الطيور فاخذه من يدي فارسله. وما ذاك الا لان المدينة يحرم صيدها. ثم روى عن هشام ابن عن ابيه في باب ما جاء في وباء المدينة. المدينة في الزمان الاول كان فيها وباء وفيها مرض ينتقل الى الناس يسبب لهم الحمى اول ما يردون اليها. فترتفع حرارتهم. قال ما لك روى ومالك عن هشام ابن عروة عن ابيه عن عائشة ام المؤمنين انها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك ابو بكر وبلال. اي جاءهم المرض. قالت فدخلت عليهما. فقلت يا ابتي كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك فيه مشروعية زيارة الانسان لمواليه ولمن هم اقل منه. قال فكان ابو بكر اذا اخذته الحمى اي الحرارة يقول كل امرئ مصبح في اهله والموت ادنى من شراك نعله. وكان بلال اذا اقلع عنه يرفع عقيرته اي طرف شعره فيقول الا ليت شعري هل ابيتن ليلة بوادي بي ادخر وجليل نوعان من انواع النبات. وهل اردن يوما مياه مجنة؟ وهل يبدون يبدون لي شامة وطفيل جبلان من جبال مكة. قالت عائشة فاخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها واجعلها بالجحفة. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخيرات وان يجعلنا واياكم من الهداة هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه به واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين