والان مع الدرس الخامس والتسعين الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد فقد ذكرنا في لقائنا السابق ان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتقلوا الى المدينة جاءهم وباء في المدينة فاصابت ابا بكر وبلالا الحمى حتى انهم تأثروا بذلك واصبحوا يرددون بعض الابيات الشعرية بسبب هذه الحمى وبسبب تأثيرها عليهم. ذهبت عائشة الى النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرته بذلك فيه مشرعية ان يخبر الناس بعضهم بعض قضى بامراض بعضهم من اجل ان يكون ذلك من اسباب استجلاب الدواء باذن الله عز وجل الا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حبب الينا المدينة اي اجعل المدينة محبوبة لنا مشروعية ان يحب الانسان مواطن الطاعة. قال اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اي اجعل حبنا للمدينة اشد من حبنا لمكة. ثم قال وصححها اي اجعلها بلدا صحيحا ليس فيه شيء من الامراض. قال وبارك لنا في صاعها ومدها. اي اجعل الطعام الذي يوضع في هذه الصاع المدني والمد مباركة فيه خير كثير نستكفي فيه نستكفي به في حوائجنا قال وانقل حماها الحمى الحرارة التي تصيب الانسان. قال وانقل حماها واجعلها بالجحفة الجحفة مكان بقرب رابغ. دعا النبي صلى الله عليه وسلم بانتقال الحمى لذلك الموطن لانه موطن غير مسكون فلا يتأثر احد بوجود الحمى فيه. ثمان الجحفة على ساحل البحر. والماء قريب منها يتمكن الناس من الذهاب الى البحر فيكون ذلك من اسباب زوال الحمى التي تكون في ابدانهم ثم روى مالك عن يحيى ابن سعيد ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت وكان عامر بن فهيرة يقول قد رأيت الموت قبل زوقه ان الجبان حتفه من فوقه. ثم روى عن نعيم بن عبدالله المجمر عن ابي هريرة انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على انقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال الطاعون نوع من انواع الامراض الفتاكة. ينتقل بالعدوى بين الناس سريعا. فيكون من اسباب ثنائهم ضمن الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم عدم دخول الطاعون الى المدينة الدجال فهو رجل يأتي في اخر الزمان. سمي بهذا الاسم لما عنده من الكذب الكثير. حيث يدعي ان انه رب العزة والجلال ويظل الناس بسبب ما اتاه الله عز وجل من امور ونعم يفتتن الناس بها والدجال قد حذره قد حذر الانبياء ممهم منه. وما ذاك الا لعظم الفتنة التي يأتي بها وفي التحذير من الدجال تحذير من ما ممن يماثله او يكون عنده شيء من صفاته من اولئك كالذين يكون عندهم بعض الامكانات في الدنيا فيفتنون الناس ويظلونهم ويجعلونهم يقدمون دنياهم على اخرتهم. في هذه الاحاديث السابقة فضل المدينة النبوية وانها مكان فاضل. مبارك فيه الصاع دعا النبي صلى الله عليه وسلم لاهله ودعا بابعاد الامراض والحمى والامراض المعدية عنه لكن اختلف اهل العلم في التفضيل بين مكة والمدينة. فقال الامام ما لك المدينة افضل لانها البلد الذي اختاره الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم. ولانها البلد الذي انتشر منه دين الله جل وعلا ولان ولفظائل كثيرة وردت في الاحاديث. وجمهور اهل العلم على ان مكة افضل استدلوا على ذلك بان الصلاة في مكة بان الصلاة في حرم مكة بمئة الف صلاة. بينما الصلاة في النبوي بالف صلاة. ولا شك ان كلا من المدينة ومكة مكانان فاضلان يشرع للانسان ان يشد الرحل من اجل الصلاة في مسجدهما وافيهما اجر عظيم مضاعف ليس في غيرهما من البلدان يأرز اليهما. قال المؤلف باب ما جاء في اجلاء اليهود من المدينة. لما قدم النبي صلى الله الله عليه وسلم وجد اليهود في المدينة. واليهود اهل ملة موسى عليه السلام. فصالح اهم وكتب الصلح بينه وبينهم. وكانوا قبائل مختلفة لكن قبائل اليهود بعد ذلك غدروا به كل قبيلة تغدر في وقت يخالف وقت غدر القبيلة الاخرى. فبعضهم اجلاه النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم حكموا في انفسهم بعض الصحابة فحكم ان يقتلوا ففعل بهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثم ان بعض اليهود خرجوا الى خيبر. قال ما لك روى مالك عن اسماعيل ابن ابي حكيم انه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من اخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قال قاتل الله اليهود والنصارى هذا على جهة الدعاء لهن والسبب في هذا الدعاء ما يأتي. قال اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. فجعلوا الانبياء موطنا للصلاة. يصلى فيها. وما ذاك الا ان النبي صلى الله عليه وسلم حذر من الا وما ذاك الا ان النبي صلى الله عليه وسلم يريد تحذير امته من اتخاذ القبور مساجد. واعظم قبور الانبياء عليهم السلام. مما يدل على المنع من بناء المساجد على القبور والمقابر. ومن ما يدل على حرمة اداء الصلوات الفرائض والنوافل في القبور في المقابر. وفيه دلالة على ان المسجد الذي يبنى على قبر ليس بمسجد بحسب الاصطلاح الشرعي. قال ثم قال لا يبقين دينان بارض العرب اي دينان ظاهران بحيث يكون كل واحد من الدينين باقيا بقاء مستقرا مستمرا. اما دخول الانسان على جهة الامان او بشكل مؤقت فهذا قد اجازه النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمل الصحابة بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسارت عليه الامة فلا زال التجار ولا زال ولا زال الرسل والموفدون يفدون الى للعرب وجزيرة العرب والمراد بارض العرب الجزيرة العربية التي تحدها البحار من جهاتها الثلاث. ثم روى عن عن ابن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب. بعض اهل العلم قال المراد بجزيرة العرب وبهنا الحجاز وبعضهم قال ما يحده البحر الاحمر من جهة الغرب ومن الخليج من جهة اه من جهة الشرق والبحر من جهة الجنوب. قال مالك؟ قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر اي وفتشه ونظر في صحة نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم حتى اتاه الثلج واليقين اي ما يبرد به ويستقر به القلب ويطمئن اليه. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في العرب فاجلى يهود خيبر. لما اجلى عمر يهود خيبر جاءوا اليه بعض اليهود فقالوا ان النبي صلى الله فقالوا ان صاحبك محمدا قد ابقانا في خيبر واقرنا فيها. فكيف منها فقال الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم كاني بقلوصك تعدو بك ليلة بعد فقال اليهودي انما كانت تلك هزيلة اي مزحة اي مزحة من النبي صلى الله عليه وسلم قال فاجلاهم عمر قال مالك وقد اجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فاما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الارض شيء. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يملكهم شيئا منها انما جعلهم يعملون فيها بالشطر منها. واما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الارض. لان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الارض. فقام لهم عمر نصف الثمر. يعني قومه هو نظر في قيمته وقوم لهم نصف الارض قيمة من ذهب او ورق وابل وحبال واقتاب ثم اعطاهم القيمة واجلاهم. قال الامام مالك باب جامع ما جاء في امر المدينة. وروى عن هشام ابن عروة عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له احد فقال هذا جبل يحبنا ونحبه وظاهره والاصل ان يفسر بحسب ظاهره باثبات محبة الجبل لان النبي صلى الله عليه وسلم لان النبي صلى الله عليه وسلم يحب مواطن الطاعات وما اعان عليها والاصل ان نثبت المحبة للجبل. كما ان الله عز وجل قد بين ان المخلوقات تسبح له فاذا كانت تسبح فلا يمنع ذلك ان يكون الجبل محبا لاهل الخير والطاعة. ثم روى المؤلف عن يحيى بن سعيد عن عبدالرحمن بن القاسم ان اسلم مولى عمر اخبره انه زار عبدالله بن عياش المخزومي من قبيلة قريش فرأى عنده نبي ونبيذ الماء يطرح فيه شيء من الفواكه وهو في اول وقته يجوز شربه لانه لا حرج فيه وليس مؤثرا على وليس مؤثرا على الانسان. قال فرأى عنده نبيذا وهو بطريق مكة. فقال له اسلم ان هذا يحبه عمر فحمل عبد الله ابن عياش قدحا عظيما يريد ان يهديه اليه فجاب والقدح نوع من الاواني الكبيرة. فجاء به الى عمر ابن الخطاب فوضعه في يديه فقربه عمر الى فيه من من اجل ان يشرب ما فيه ثم رفع رأسه فقال عمر ان هذا الشراب طيب فشرب منه ثم ناوله رجلا عن يمينه فيه انه اذا اتي بالمشروب الى من في المجلس يناول لكبيره ثم بعد ذلك يقوم الكبير بمناولته لمن عن يمينه قال فلما ادبر عبد الله يعني ابن عياش المخزومي ناداه عمر فقال اانت القائل لمكة خير من المدينة اي انت الذي تفضل مكة على المدينة؟ فقال عبد الله نعم هي حرم الله اي حرم الله وامنه وفيها بيته. وهذا الذي جعلني افضل مكة على المدينة. فقال عمر لا في بيت الله شيئا ولا اقول في حرمه شيئا. ثم قال عمر اانت القائل لمكة خير من المدينة؟ قال فقلت هي حرم الله وامنه وفيها بيته. فقال عمر لا اقول في حرم الله ولا في بيته شيئا ثم انصرف وقد تقدم معنا ان الامام مالكا رحمه الله يرى ان المدينة افضل من مكة لانها مويل الاسلام ومهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ومنطلق الدعوة ولان فيها المسجد النبوي وقبر النبي صلى الله عليه وسلم وجثمانه ولان المدينة كان فيها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيها احاديث كثيرة متعددة في بيان فظلها وان المدينة مأرز اهل الاسلام جمهور اهل العلم على ان مكة افضل من المدينة. واستدلوا على ذلك بعدد من الادلة منها ان الصلاة في مكة بمائة الف صلاة فيما سواه من المساجد بخلاف مسجد المدينة فلا يفظل الا بالف صلاة. واستدلوا على ذلك بان مكة فيها حج بيت الله الحرام وفيها الكعبة العظيمة التي يصلى اليها وقبلة المسلمين اليها وغير ذلك من الفضائل العظيمة التي توجد في مكة ولا توجد في المدينة. ولعل قول الجمهور في هذه المسألة اقوى ولما سبق ثم قال المؤلف رحمه الله باب ما جاء في الطاعون. الطاعون من الامراض التي تنتشر بالعدوى وهي من الامراض التي تفتك بالناس ولها شيء من الاحكام وذلك ان الامراض على ثلاثة انواع. النوع الاول مرض لا يعدي. فمثل هذا لا فمثل وهذا يشرع للانسان ان يتداوى منه ويشرع ولا بأس ان ينتقل صاحبه من مكان الى اخر ولا يلزم بالبقاء في بيته. ولا يتحرز الناس في التعامل منه. والنوع الثاني من الامراظ الاوبئة العامة التي تفتك في الناس وتنتشر فيهم انتشارا سريعا من مثل الطاعون. فهذا النوع من اذا وجد في بلد لم يجوز للانسان ان يسافر اليه. ومن كان في ذلك البلد لم يجوز له ان ينتقل الى ولو كان سليما لم يصب بذلك المرض لانه قد يكون حاملا للمرض فينقله الى اهل البلد الاخر النوع الثالث الامراض المعدية لكنها ليست من الاوبئة. والتي آآ والتي ينقسم الناس تجاهها الى الى قسمين مريض ويحمل المرض ومعافا لا يحمله. فمثل هذا النوع من الامراض يجوز لصاحبه ان يسافر به ويشرع للناس ان يبتد ان يبتعدوا عنه. وكما قال صلى الله عليه وسلم فر من المجذور فرارك من الاسد والجذام نوع من الامراض المعدية لكنه ليس من الاوبئة العامة التي تنتشر في الناس. ثم روى الامام مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن ابن زيد ابن الخطاب عن عبد الله ابن عبد الله ابن الحارث ابن نوفل عن ابن عباس ان عمر بن الخطاب خرج الى الشام بعد فتحها حتى اذا كان بسرى مكان بالشام لقيه امراء الاجناد ابو عبيدة ابن الجراح واصحابه. فقد كان هناك اربعة امراء للجيش فقال فاخبروا ان الوباء قد وقع بارض الشام. قال ابن عباس فقال عمر ادع لي المهاجرين الاولين وهم صحابة الذين هاجروا الى آآ المدينة. فدعاهم فاستشارهم فاختلفوا فاختلفوا. فبعضهم قم قال اقدمي الى الشام وبعضهم قال لا تقدم اليها. هذه قصة عظيمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عند قدومه الشام لعلنا نذكرها بتفاصيلها في لقائنا القادم باذن الله عز وجل. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقكم للخيرات وان يسبغ عليكم النعم والمضرات. كما اسأله جل وعلا ان يبعد عنكم الامراض بانواعها وان يلبسكم الصحة والسلامة وان يمكنكم من طاعته هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين