بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه ما تيسر من التعليق على كتاب ورقات امام الحرمين للامام امام الحرمين ابي المعالي عبدالملك بن عبدالله الجويني المتوفى سنة ثمان وسبعين واربعمائة للهجرة رحمه الله تعالى قال رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم بدأ كتابه ببسم الله الرحمن الرحيم اقتداء بكتاب الله تعالى وعملا بحديث كل امر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو ابتر وهذا الحديث وان كان ضعيفا الا انه حسنه بعض اهل العلم لتعدد طرقه كلمة من النووي وابن الصلاح رحمهما الله تعالى ولو سلمنا بقاء ضعفه فان العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال سائغ عند جمهور اهل العلم قال هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من اصول الفقه هذه ورقات جمع ورقة وجمعها جمع سلامة لمؤنث لانها قليلة وجمع السلامة ملحق بابنية القلة. فلم يقل اوراقا بل قال ورقات لانها مختصر يراد به ان يمهد للمبتدئين من طلبة العلم وان يبين لهم القدر الذي ينبغي ان يبدأوا فيه قبل الرجوع الى المطولات بهذا الفن تشتمل على معرفة فصول من اصول الفقه اي من هذا العلم المسمى اصول الفقه وذلك اي اصول الفقه مؤلف من جزئين مفردين يعني ان لقب هذا العلم مؤلف من مفردين هما كلمة اصول وكلمة فقه واذا كان اسم العلم مؤلفا من مفردين فهو مركب اضافي يعرف باعتبارين يعرف باعتباره مركبا اضافيا من كلمتين فتعرف كلمة الاصول لغة واصطلاحا وتعرف كلمة الفقه لغة واصطلاحا ويعرف باعتبار اخر وهو كونه لقبا على فن من الفنون. كون الكلمتين معا اصبحتا في حكم الكلمة الواحدة علما على فن من الفنون فيعرف اصول الفقه بهذا الاعتبار قال فالاصل ما بني عليه غيره يعني ايه ان الاصل في اللغة هو ما بني عليه غيره وهذا تعريف لاصول الفقه باعتباره مركبا اضافيا فسنعرف الاصول لغة واصطلاحا ثم نعرف الفقه ايضا لغة واصطلاحا ثم بعد ذلك نذهب الى التعريف الثاني وهو تعريف اصول الفقه بالمعنى اللقبي فلنبدأ بتعريف كلمة اصول الاصول جمع اصل والاصل لغة ما يبنى عليه غيره ومنه اصل الشجرة واصل الدار اي اساسها ومنه قول الله تعالى كمثل شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء والاصل اصطلاحا يطلق عندهم اطلاقات فيطلق على الدليل فيقال اصل هذه المسألة اية كذا او حديث كذا او اصلها الاجماع اي دليلها وما ذكر ويطلق الاصل ايضا اصطلاحا على الرجحان اي على الراجح على غير على الوجه الراجح على غيره فيقال الاصل الحقيقة لا المجاز اي الراجح الصورة الراجحة في الاستعمال هي الحقيقة ويترك الاصل اصطلاحا ايضا على القاعدة المستمرة كقولهم الاصل براءة ذمة ويطلق ايضا على الصورة المقيس عليها. فالاصل سيأتي انه ركن من اركان القياس وهو الصورة المقيس عليها تا الخامري في قياس النبيذ عليه بجامع الاسكار فالصورة المقيس عليها هنا هي الاصل فهذا تعريف الاصل لغة واصطلاح واما الفرع فقال والفرع ما يبنى عليه غيره. الفرع لغة ما يبنى عليه غيره قال تعالى اصلها ثابت وفرعها في السماء باساسها الذي تقوم عليه ثابت في الارض وفارعوها من بنى على ذلك من فروعها وغصونها عال صاعد الفرع ما يبنى على غيره فهو ضد الاصل ويمكن ان يتعرف بذلك لان الاشياء تتميز باضضادها وقديما قال ابو الطيب ونيمهم وبهم عرفنا فضله وبضدها تتميز الاشياء واما الفرع اصطلاحا فهو حكم الشرع المتعلق بصفة الفعل قال الشيخ سيدي عبد الله رحمه الله تعالى في المراقي والفرع حكم الشرع قد تعلق بصفة الفعل مطلقا واما تعريف اصول الفقه بالمعنى اللقبي اي تعريف اصول الفقه باعتباره علما على فن من الفنون فسيذكر عند قول المؤلف واصول الفقه طرقه على سبيل الاجمال سيأتي ذلك ان شاء الله ونخلص الى الجزء الثاني من التعريف وهو جزء الفقه فقد ذكرنا عرفنا الاصل لغة واصطلاحا وبقي ان نعرف الفقه لغة واصطلاح الفقه في اللغة الفهم ومنه قول الله تعالى قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول اي ما نفهمه واما الفقه في الاصطلاح فعرفه المؤلف بقوله معرفة الاحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد فالفقه في الاصطلاح هو معرفة الاحكام جمع حكم شرعيته المنسوبة للشرع التي طريقها لاجتهاد وعرفه السبكي في جمع جوامع بانه العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من ادلتها التفصيلية فالفقه هو العلم بالاحكام والحكم جمع حكم جمع الاحكام جمع حكم والحكم في اللغة المنع ومنه قول جرير بن عطية بن الخطفاء ابني حنيفة احكموا سفهاءكم اني اخاف عليكم ان اغضب ابني حنيفة انني ان اهجكم ادع اليمامة لا تواري ارنبا والحكم في الاصطلاح هو اثبات امر لامر او نفيه عنه قال بعضهم اثبات امر لامر او نفيه عنه حكم فليس زيد بجاء وجاءنا اليوم شهم الحكم في الاصطلاح هو اثبات امر لامر او نفيه عنه وهذا الاثبات او النفي اما ان يكون مستفادا من العقل فيكون الحكم عقليا واما ان يكون مستفادا من العادة اي من تكررها واضطرادها وعدم تخلفها فيكون الحكم حينئذ عاديا واما ان يكون مستفادا من وضع واضع ومنه الحكم الشرعي بانه بوضع الشارع يسمى حينئذ حكما وضعيا ويسمى الشرعي منه شرعيا وقولنا الاحكام الشرعية مخرج للاحكام العقلية والعادية وقولنا المكتسب مخرج علم الانبياء والملائكة ونحو ذلك فانه لا يوصف بالاكتساب لان علمهم ليس بالتسبب والاكتساب وانما هو وحي من الله سبحانه وتعالى واصطفاء واختيار وقولنا من ادلتها التفصيلية مخرج لما هو مستفاد من الادلة لاجمالية وذلك كعمل المقلد على مقتضى فتوى المجتهد الذي افتاه فانه مستفاد من دليل كلي وهو ان حكم الله في حقه هو ما افتاه به المجتهد ثم قال والاحكام السبعة الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والفاسد ينبغي ان يعلم ان الاحكام الشرعية تنقسم الى قسم الى احكام تكليفية واحكام وضعية فالتكليفية هي المتوجهة الى المكلف بالطلب او التخيير ما توجه الى المكلف فيه طلب او اذن هو الأحكام التكليفية وهي الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والوضعية غيرها والوضع هو جعل الشارع الشيء امارة على حكم وقد ذكر قسمين من الحكم الوضعي وهما الصحيح والفاسد وبقيت اقسام اخرى وهي الشرط والسبب والمانع وتذكر ايضا الرخصة والعزيمة وكذلك ايضا يذكرون الاداء والقضاء والاعادة وسنعرف كل حكم من هذه الاحكام ان شاء الله سواء منها ما عرفه المؤلف او ما سكت عنه ثم قال فالواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه الواجب في اللغة مشتق من الوجوب وهو السقوط سقوط الشيء لازما محله ومنه قوله تعالى فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها ومنه قول قيس بن الخطيم اطاعت بنو عوف اميرا نهاهم عن السلم حتى كان اول واجبي واصطلاحا ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه ما يثاب المكلف على فعله ان فعله ويعاقب على تركه ان تركه فالواجب يحصل الثواب في امتثاله ويحصل الاثم في تركه ولكن التعريف بالثواب والعقاب تعريف بامر خفي الاحسن ان يقال في تعريف الواجب انه ما امر الشارع به امرا جازما ويرادفه الحتم واللازم والمكتوب والفرض فهذه كلها بمعنى حتم واللازم والمكتوب والفرط وفرق الحنفية بين الفرض والواجب فقالوا ما كان دليله قطعيا فانه يكون فرضا وذلك كوجوب الصلوات والزكاة ونحو ذلك وما كان دليله ظنيا جعلوه واجبا والكل لازم عندهم الا انه متفاوت في الطلب فبعضه اكد من بعض تغايروا لاجل ذلك في المصطلح بين منزلتي اللزوم عندهم وقسموا ذلك الى فرض وواجب وهذا اصطلاح لهم والاصل ان الخلاف الراجع الى العبارة لا فائدة فيه ولذلك يقولون لا مشاحة في الاصطلاح والجمهور لا يفرقون بين الواجب و الفرض قال السيوطي رحمه الله تعالى في الكوكب والفرض والواجب يتراد فيه وما لا نعمان الى التخالف والمندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه المندوب في كلام العرب هو المدعو من ندبه الى الشيء دعاه اليه. يندبه اليه ومنه قول الشاعر الحماسي لا يسألون اخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا وفي الاصطلاح عرفه بانه ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه اي من فعله هو الشيء الذي اذا فعلته حصل لك الاجر واذا تركته لم تأثم ويقال في مثل هذا ما قلنا في الواجب قبله من ان التعريف بالثواب والعقاب تعريف بامر خفي فلو قيل ما امر الشارع به امرا غير جازم لكان اوضح واسلم وهو منوع الى مراتب بحسب تأكده فبعضه اكد من بعض فالوتر مثلا اكد من ركعتي الضحى وبحسب هذه المراتب نوعه العلماء تنويعا فقهيا يرجع فيه الى اصطلاحات كل مذهب قال والمباح ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه المباح في كلام العرب هو الشيء المتاح الذي ليس دونه حاجز ومنه قول جرير بن عطية بن الخطفة ابحت حمى تهامة بعد نجد وما شيئا حميت بمستباح وفي الاصطلاح عرفه بانه ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه ولو قيل هو المأذون فيه او هو ما استوى فعله وتركه كان اوضح فهو ما استوى فعله وتركه ويرادفه الجواز والمحظور وهو الحرام ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله فهو ضد الواجب والمحظور اسم مفعول من حضره اي منعه. والحظر المنع والحرام وصف من حرم الشيء تنع منه قول امرئ القيس جالت لتصرعني فقلت لها اقصري. اني امرؤ صرعي عليك حرام وعرفه بانه ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله ولو قال ما نهى الشارع عنه نهيا جازما لكان اوضح قال والمكروه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله المكروه ما يثاب على فعله ما يثاب على تركه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله المكروه في اللغة اسم مفعول من كره يكرهه اذا ابغضه ومنه قول الله تعالى كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها او كان سيئه عند ربك مكروها كما في القراءة الاخرى وفي الاصطلاح عرفه بانه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله وهذا التعريف كما قلنا يقال فيه مثل ما قيل في التعريفات السابقة فلو قال هو ما نهى الشارع عنه نهيا غير جازم لكان ذلك اوضح ومن العلماء من يقسم المكروه الى قسمين يجعل المكروهة قسما وخلاف الاولى قسما اخر فما نهى الشارع عنه نهيا غير جازم من العلماء من يقسمه الى مكروه وخلاف الأولى فالمكروه هو ما نهى الشارع عنه بالنص. ما كان النهي منه مستفادا بنص الشارع كقوله صلى الله عليه وسلم اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فالجلوس دون التحية منهي عنه نهيا غير جازم فهو مكروه وخلاف الاولاد هو ان يكون النهي مفهوما من الامر بالضد فالشارع مثلا امرنا ركعتي الضحى ولكنه لم ينهنا عن تركها فتركها منهي عنه ولكن هذا النهي ليس لكن هذا النهي ليس مستفادا من نص الشارع وانما هو مستفاد من الامر بالضد لان الامر بالشيء نهي عن ضده فهذا هذه منزلة نازلة عن الكراهة يسميها الفقهاء خلاف الاولى وادخلها بعض الاصوليين في اصطلاحاتهم ونقتصر على هذا القدر ان شاء الله. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك